أما بعد:
فهذه الحلقة -بمشيئة الله عز وجل- هي الحلقة الحادية والعشرون في سلسلة حديثنا عن السيرة العطرة على صاحبها أفضل الصلوات وأزكى التسليمات من رب الأرض والسماوات.
إن كثيراً منا يعتقدون أن حادثة الإسراء والمعراج كانت في السابع والعشرين من رجب، ولعل المحققين في التاريخ يقولون بخلاف ذلك، ولكن لا نريد الدخول في الخلافات التاريخية، سواء أكانت حادثة الإسراء والمعراج في أول رجب من السنة العاشرة من البعثة، أم كانت في ذي القعدة، أم كانت في السابع والعشرين من رجب، فالقضية هنا لا تهم، والإسلام لا يهتم بقضية الزمان أو قضية المكان ما لم تتعلق بهما عبرة، وما يهم المسلم هو العظة والعبرة التي يتخذها من كل حادثة في التاريخ.
إن الله عز وجل اطلع على قلوب عباده، فوجد أن أنقى القلوب وأصفى القلوب وأشوق القلوب إلى لقائه عز وجل هو قلب الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم.
فعلم سبحانه وتعالى في سابق علمه أن قلب الحبيب متشوق إلى رؤية مولاه عز وجل، فاستزاره في ليلة المعراج، ثم اطلع الله على قلوب العباد، فوجد أصفى القلوب وأنقى القلوب بعد قلب سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام قلوب صحابته الطاهرة، فقد نصروا الإسلام، ووقفوا بجوار الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقرأنا في التاريخ وعلمنا في السيرة ما هو الهول الذي لاقوه من الكفار ومن المشركين، وكيف تحملوا التبعات وهاجر بعضهم الهجرتين: الهجرة الأولى إلى الحبشة، ثم الهجرة الثانية إلى المدينة المنورة.
فقد جاء أبو طالب إليه وقال: يا ابن أخي! لقد جئت قومك بما لم يأت به أحد غيرك. فارفق بي وبنفسك. وذلك أنهم يعبدون أصناماً من دون الله، ويعبدون الملائكة ليقربوهم إلى الله زلفى، ويقولون عن الملائكة: إنهم بنات الله، ويطوفون بالبيت عرايا، وجاء هو ليقول غير ذلك!
فكان يريد أن يقول له: يا ابن أخي! أنا لا أريد إهانة عند أهل مكة.
وفي هذا الوقت لم يكن حول الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين شخصاً في مكة كلها، حيث صناديد مكة والعتاة الكبار والمجرمون والطغاة، فقال له قولته الشهيرة التي نحفظها قولاً ولا يطبقها واحد منا عملاً: (والله -يا عم- لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه).
يعني أنه لن يتراجع عما أمره الله به، فإما أن يظهر الله هذا الأمر، وإما أن يهلك دونه ويستشهد في سبيل الله عز وجل.
وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم صدقاً ما بعده صدق، وفي ليلة الهجرة جعل علياً يبيت مكانه؛ حتى إذا أصبح أعاد أمانات قريش إلى أهلها، فانظر كيف يعملون به وكيف يعاملهم!
فرسول الله عليه الصلاة والسلام إنسان رباه الله عز وجل، فما ظنك بمن رباه المولى عز وجل؟!
إنك حين ترى ولداً مؤدباً تقول: الله يجزي من علمك الخير، ونسأل الله أن يبارك في والديك، فما بالك بمن كان مربيه هو هاديه وبارئه وخالقه؟!
فلما بلغه صلى الله عليه وسلم هذا الكلام، صعد إلى المنبر، فقال: (بلغني عن أقوام كذا وكذا، أما إني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني).
فيضرب الرسول لنا أحسن مثل، فيقول للصحابة: (إنما مثلي ومثل هذا الرجل كمثل رجل له ناقة شردت فاتبعها الناس، فما زادوها إلا نفوراً، فقال صاحب الناقة: يا قوم! خلوا السبيل بيني وبين ناقتي؛ فأنا أعلم بها، فجمع لها من قمام الأرض في حجره إلى أن جاءت فناخت واستناخت، فلو قتلتموه لدخل النار).
يقول: قصتي مع هذا الرجل تماماً مثل رجل عنده ناقة شردت، فجرى الناس وراءها وهم غرباء عنها، فولت، فقال لهم صاحبها: إن الناقة لي، وأنا أدرى بها، وأنا أعرف الذي يجذبها، فجمع لها من حشائش الأرض فجاءت فأناخت، فيقول: إن هذا الرجل الأعرابي مثل الناقة تماماً، فلو أنكم وقت أن قال: إنه ليس براض قتلتموه لذهب إلى جهنم؛ لأنه شتم الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الرسول صبر حتى رضي الرجل.
فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك له مجموعة من النعاج، ولكن الخير الذي وراءه كان كثيراً.
وقد وقعت صفية بنت حيي في السبي بعد خيبر، فأعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها.
وكانت السيدة عائشة والسيدة حفصة تقولان لها: يا ابنة اليهودية. لأن أمها ماتت على اليهودية، فشكت ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم، فكان يقول لها: (قولي لهما: إن كانت أمي يهودية فأبي هارون وعمي موسى وزوجي محمد، فأين لكما من هؤلاء؟!) فهل أحد يجتمع له أب وعم وزوج مثل هؤلاء الثلاثة؟! فأبوها في السلالة سيدنا هارون، وعمها سيدنا موسى أخوه، وزوجها محمد صلى الله عليه وسلم، فمن التي يجتمع لها مثل هذا؟!
فكيف بهذا من فعل سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم حين ذكر إسبال الثياب، فقالت أم سلمة : ما تصنع إحدانا بثوبها؟ فقال: (ترخيه شبراً) ثم رخص في إرخائه ذراعاً، وبعد ذلك سألنه عن مرورهن بالثياب المرخاة على النجاسة وهن ذاهبات إلى الصلاة، فقال: (ألا تمشين على أرض جافة؟ فقلن: نعم، فقال: هذا يطهر هذا).
وفي ذات مرة كان يمشي مع سيدنا عمر والصحابة، فحضرت صلاة العصر، فوجدوا رجلاً عنده بئر وعنده مجموعة من الغنم، فتقدم عمر وكان مقداماً رضي الله عنه، فقال: يا صاحب البئر! أترد السباع عليه؟ أي: هل السباع تشرب من هذا البئر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (يا صاحب البئر! لا تخبرنا، إنا نرد على السباع وترد علينا).
وما وقعت ذبابة على جسده الشريف قط، كأن يده أخرجت من جؤنة عطار، أي كأنه غمسها في إناء العطور وأخرجها، وكان يمسح على وجه الصحابي فتظل الرائحة على وجهه من الجمعة إلى الجمعة.
وقد جاء قتادة، وكان دميم الوجه، فكلما أراد أن يخطب امرأة قالت: لا أريده، فجاء بمسكنة وبأدب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: هل أتزوج من الحور العين يا رسول الله في الجنة؟ يعني: إذا كنت غير مقبول في الدنيا، فهل لي في الآخرة من أمل؟! فقال صلى الله عليه وسلم: (بل تتزوج في الدنيا والآخرة)، ومسح بيده على وجه قتادة، فأصبح جميلاً، فيده كلها فيها الخير صلى الله عليه وسلم.
وإنما تظهر هذه الرحمة بمعرفة أحوال الأمم السابقة فإن الله كان إذا أراد عذاب أمة يعذب الأمة كلها، فطوفان نوح، والصيحة، والريح العقيم عذاب أمم بأسرها، وكذلك عذاب قوم لوط، فعندما مرت الملائكة على سيدنا إبراهيم قدم لهم عجلاً، كما قال تعالى: فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ [هود:69]، ففوجئ سيدنا الخليل بأنهم لا يأكلون، وكان من حياء الخليل أنه إذا أكل مع ضيفه طأطأ رأسه، وأما في الشريعة الإسلامية المحمدية فمن أدب النبوة أنك تتكلم مع الذي يأكل إذا كنت صاحب البيت، ففي الحديث: (تحدثوا على طعامكم ولو في ثمن الطعام).
وقد كان المدرسون يعلمون الخطأ في المدارس في هذا الأمر أيضاً، حيث يقولون: من آداب المائدة ألا تتحدث وأنت تأكل. وهذا تعليم مخالف للسنة، فالسنة أن يكلم بعضنا بعضاً على الأكل، ولكن المهم ألا يكون في نيتك أن تتكلم مع الرجل من أجل أن يتكلم لتأكل طعامه، بل تكون نيتك أنك تغمر صاحبك بكلمة طيبة، ولا تتكلم بالسوء، كأن تقول له: انظر إلى صاحب الفرن الحرامي، انظر إلى صاحب الخضار المجرم، فإنك بهذا الشيء تدخل نفسك في متاهة، وتقوم مأزوراً غير مأجور.
ومن الآداب في الضيافة ألا تتكلف لأخيك المسلم، فالموجود يكفي، أما الضيافة على أرقى مستوى، وتكليف الناس فوق الطاقة فليس من الشرع في شيء.
ولو يعلم المسلم ما للضيف عنده لاستكثر من الضيافة، قال ابن مسعود : إن أحب إنسان إلى قلبي هو الضيف، فقالوا له: لماذا؟ قال: رزقه على الله، وثوابه لي، ويأخذ ذنوب أهل البيت وهو خارج.
والضيف إذا دخل البيت يسمى أسيراً، فلا يتحرك إلا بإذن صاحب البيت، فإن قال لك: اجلس، فاجلس في المكان الذي أمرك.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرد موجوداً ولا يتكلف مفقوداً، فالأكل الذي وجد أمامه لا يرفضه، ولا يتكلف أشياء غير موجودة.
وكان إذا وضع اللقمة في فمه يمضغها، ولا يتناول لقمة أخرى حتى يبتلع ما في فمه، ولم يكن نهماً، ولذلك يروى أن كافراً استضافه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحلب له حلاب سبع شياه فشربه، ثم أسلم، فقرب إليه حلاب شاة فما استطاع شربه كله، فقال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء).
فسيدنا إبراهيم عندما دخل عليه الضيوف الملائكة أوجس منهم خيفة عندما وجدهم لا يأكلون، فقالوا: لا توجل، إنا رسل ربك ذاهبون إلى قوم لوط.
وحين دخل الملائكة على سيدنا لوط نقلت امرأته خبرهم إلى قومها، فجاءه قومه يهرعون إليه، فقال: يا قوم! لا تؤذوني في ضيفي هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ [هود:78]، فقالوا: لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ [هود:79]، فقال: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ [هود:80]، فطمس الله أعينهم، ثم اقتلع جبريل عليه الصلاة والسلام قراهم وجعل عاليها سافلها حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم والعياذ بالله يا رب العالمين.
وأما أمة محمد صلى الله عليه وسلم فلم تصب بعذاب عام.
فمن مكروهات الصلاة: أن يعبث الإنسان بجسده أو بثوبه، كمن ينظر إلى الساعة ويصلح الكوت، وثلاث حركات في الركعة الواحدة تبطل الصلاة، فعندما تعمل ثلاث حركات في الركعة تكون الصلاة باطلة؛ لأنك خرجت عن المألوف.
إنك تقف أمام مديرك أو الوزير أو المسئول بأدب وباحترام، وتطأطئ رأسك أمام مخلوق لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، ولكنك في الصلاة تقف أمام الله عز وجل.
وقد كان علي رضي الله عنه إذا حضرت الصلاة يرتعد ويصفر وجهه ويقول: جاء وقت الأمانة، وأريد ألا أكون من المضيعين لها، يعني الوقوف بين يدي الله عز وجل، ورأى رجلاً يعبث بلحيته في الصلاة، فقال: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه.
فالعبث بالثوب ونحوه بمقدار ثلاث مرات في الركعة يبطل الصلاة، وأما الحركة والحركتان فمن مكروهات الصلاة.
ومن مكروهاتها التبسم، فلو تبسمت في الصلاة فقد أتيت مكروهاً، ولكن لو استمرت البسمة في الركعات كلها، أو في قراءة الفاتحة بطلت صلاتك عند بعض الفقهاء.
وإن من قلة الحياء أن يقف الإنسان بين يدي مولاه ثم يتبسم.
ولا تصل وأنت تدافع الأخبثين البول أو الغائط؛ فلا صلاة لحابس ولا صلاة لحاقن، ولا لصافد، أو صافن، فالصافد هو الذي يضم إحدى رجليه إلى الأخرى، والصافن هو الذي يقف على رجل ويرفع الأخرى، قال تعالى: إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ [ص:31]، فالصافنات هي الخيل التي ترفع قدمها الأمامية، فهذا دليل على أنها خيل أصيلة.
ودليل ذلك أنه عندما كان يصلي الحبيب بالليل حتى تتورم قدماه كان من شدة الألم يقف على رجل ويرفع الرجل الأخرى من كثرة إطالته في صلاته، فقال له ربه: طه [طه:1] أي: طأ الأرض بكلتي قدميك مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى [طه:2]، فنحن لم ننزل عليك القرآن لتشقى، وإنما أنزلناه رحمة وتذكرة لمن يخشى.
فكره لنا أن نصلي ونحن في حالة الصفن، وفي حالة الصفد، أو ونحن ندافع الأخبثين.
والأصل أن المسلم يأكل كما جاء في الحديث: (بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان ولابد فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه).
وقد سأل أناس الحسن البصري فقالوا: ما حال من يأكل في اليوم أكلة واحدة؟ فقال: هذا طعام الصديقين، فقالوا: وما حال من يأكل في اليوم أكلتين؟ فقال: هذا طعام المؤمنين، فقالوا: وما حال من يأكل ثلاث مرات؟ فقال: مروا أهله ليبنوا له معلفاً! فكيف إذا كان يأكل عشر مرات؟! خاصة إذا كان في الأكل شبهة.
فهناك أناس يجعلون الأكل غاية، فيقولون وهم يأكلون في الصباح: ماذا ستعملون لنا في الغداء؟! وإن سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم دخل على سيدنا علي ، فوجد عنده طبقين: طبق فيه قليل من الخل، وطبق فيه قليل من الزيت، فكان يأخذ لقمة الرغيف من الشعير ويضعها في الزيت، وبعد ذلك يضعها في الخل، فقال صلى الله عليه وسلم: (يا
وسيدنا الحسن البصري تلميذ علي بن أبي طالب وتلميذ ابن مسعود وإمام التابعين، دخل على أصحابه وهم يأكلون، فقالوا: أين الإدام يا إمامنا؟ فقال: أذكر العافية فأجعلها إدامي، يذكر أن الله عز وجل أعطاه العافية وجعلها له نعمة، وانظر إلى الرضا، فنعمة الرضا نعمة لا تساويها نعمة، فاللهم اجعلنا من الراضين.
وقد ذهب جماعة إلى إمامهم الفضيل بن عياض ، فقال لهم: أتريدون طعاماً؟! عندي طعام أنعم الله عز وجل به علينا اليوم، وكانوا يريدون أن يأكلوا؛ لأن الأكل عند الصالحين نعمة وشفاء، فالطعام الحلال شفاء من كل داء.
فلما دخلوا على الفضيل قال لهم: إن الله عز وجل وسع علي هذا اليوم بطعام، أأحضره لكم لتأكلوه؟ قالوا له: نعم على الرحب والسعة. فأحضر لهم رغيفين وقليلاً من ملح، فأكلوا، ثم قال لهم: قوموا لنصلي لله ركعتي شكر. فقالوا: فما بالكم لو أطعمنا لحماً؟!
وجمهور الفقهاء على أن من مكروهات الصلاة أن تغمض عينيك، ولكن قال الإمام أبو يوسف تلميذ أبي حنيفة : إذا رأيت أنه من مدعاة الخشوع أن تغمض عينيك فلتغمض عينيك.
فمن مبطلات الصلاة: القهقهة، وقد قال الإمام أبو حنيفة : إن قهقهت في الصلاة، -أي: ضحكت بصوت عالٍ- بطلت صلاتك ووضوءك تأدباً مع الله.
والذي يغيظني في بعض المسلمين أن أحدهم عندما يضحكه ابنه في الصلاة، يقول: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. فلماذا تسلم؟! أتظن أن هذه صلاة؟ إنها بطلت بضحكك.
وقد ذكر الفقهاء أن من مكروهات الصلاة التثاؤب، فالتثاؤب مكروه في الصلاة فإن خرج معه حرفان بطلت الصلاة، ولابد من أن تكتمه في خارج الصلاة، فإذا جاءني التثاؤب فإما أن أضع بطن كف يدي اليمنى أو ظهر كف يدي اليسرى، لأن يدي اليمين آكل بها وأشرب وأتصدق، أما يدي الشمال فأستنجي بها، فلذلك عندما أضعها على فمي أضع ظهرها.
وهناك شخص كندي مسلم سألني سؤالاً لطيفاً فقال: عندما كان الرسول يتثاءب هل كان يضع بطن كفه اليمين على فمه وظهر كفه الشمال؟ فقلت له: بل إنه قال لنا أن نعمل هكذا، ولكنه لم يكن يتثاءب؛ لأن التثاؤب من الشيطان، والشيطان لا يأتي لرسول الله، فقد أخبر صلى الله عليه وسلم بأن لكل امرئ شيطاناً، فقالوا: حتى أنت يا رسول الله؟ فقال: (حتى أنا، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم) وليس المراد أن الشيطان أسلم، بل المعنى: فأسلم من شره، فلا يزين لي إلا كل خير.
ولكن الإمام أبا حنيفة قال: لو أن بابك طرق طرقاً عنيفاً، وكنت تظن أن الذي جاء قد جاء من سفر؛ فإنه يجوز لك أن ترجع إلى الوراء خطوات ووجهك إلى القبلة، فتفتح الباب له وتكمل صلاتك، وصلاتك صحيحة، وهذه مسألة شذ فيها أبو حنيفة ، والجمهور على أنه لا يفعل إلى ينتهي من الصلاة.
ويجوز لي أن أبطل الصلاة إذا رأيت خطراً يحيط بابن أو بزوجة أو بإنسي أو بحيوان محترم.
والمراد بالحيوان المحترم كل الحيوانات النافعة، المأكول منها وغير المأكول، أما الحيوانات الضارة أو المحرمة مثل الخنزير فغير محترمة.
فلا يصح هذا، بل يحرم.
ومثل شخص اسمه يحيى يأتي إلى صاحبه يريد منه كتاباً، فيقول له: يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ [مريم:12] لا لا، وهذا -مع الأسف- من ضمن الآيات التي تقطع، فتذهب إلى محل العصير فتجد لافتة مكتوباً عليها: وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا [الإنسان:21]، وتذهب إلى الطبيب، فتجده يكتب في عيادته: فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ق:22]! وهذا -والله- رأيته بعيني رأسي في عيادة أحد الأطباء.
فالناس يتجرءون في تفسير الآيات، فيفتحون دار الأوبرا -مثلاً- أو السينما أو وزارة الثقافة ويكتبون على الباب: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا [الفتح:1]! وهذه الآية قيلت لرسول الله، فما علاقة فتح السينما بفتح مكة؟!
وكذلك أيام الحرب: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]، وفي المعاهدات: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا [الأنفال:61]، فنحن في التقطيع والتفصيل جاهزون، والقرآن لا يباع ولا يشترى ولا يفصل ولا يقطع ولا يمزق، إنما القرآن دستور نزل ليعمل به، فاللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه يا رب العالمين.
وكذلك عندما يخطئ الإمام، فنذكره بقولنا: (سبحان الله) أو: (سبحان الله وبحمده)، ولو كان هناك نساء فإنهن يصفقن، فإنما جعل التصفيق للنساء.
كما أن الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها، ودليل ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بالمسلمين العصر، فصلى ركعتين ثم تشهد وسلم.
فقال ذو اليدين : يا رسول الله! أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال: (ما قصرت وما نسيت. فقال: بل نسيت، فقال: أحقاً ما يقول
فأخذ بعض أهل العلم من ذلك جواز الكلام لمصلحة الصلاة، وقالوا: إن الكلام لإصلاح الصلاة لا يبطل الصلاة.
الجواب: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يلقن الميت بعد الموت، وقوله: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) يراد به قبل خروج الروح.
الجواب: الغيبة ذكرك أخاك بما يكره، والريبة الشك في الناس، والنميمة أن تنقل كلام الناس للإيقاع بينهم.
الجواب: مكروه أن تنفخ في الطبق أو تنفخ في الكأس، وفي الحديث: (إن الله أطعمنا حلالاً ولم يطعمنا ناراً)، فانتظر قليلاً حتى يبرد الطعام، ولا تستعجل رزقك، وقد تأكل أنت وصاحبك من طبق واحد فتنفخ فيستقذر الطعام.
الجواب: يبيحها بعض العلماء، وأنا لا أطمئن إليها.
الجواب: لا يجوز.
الجواب: تطعم عن كل يوم مسكيناً.
الجواب: هذا حجاب ناقص، والحجاب الأساسي هو الخمار.
الجواب: لا يستخير أحد لأحد.
الجواب: قال الحسن البصري لمن ظلمه: يا هذا! إن عصيت الله فينا فإننا لا نملك إلا أن نطيع الله فيك. فهو عاص لله في معاملتها، فلا تعصي هي الله في معاملته، ونسأل الله أن يصبرها ويهديه.
الجواب: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
الجواب: انصحه، فإن لم يقبل النصح فتجنبه.
الجواب: قال عنه الصحابة: (كان يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم).
الجواب: رآه.
الجواب: هناك فرق بينهما كبير، فالشيعة فرقة من الفرق الإسلامية، والشيوعيون أناس منكرون لوجود الله عز وجل، وقد انهدت الشيوعية في هذا العصر.
الجواب: تقول: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين. أو: اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الصعب إذا شئت سهلاً.
الجواب: حرام.
الجواب: هو تغطية وجهها وجميع جسدها، والجمهور على جواز كشف الوجه والكفين.
الجواب: إن أمكن -أيها الأخ الكريم- أن تصلح هذا الوضع بقدر الاستطاعة فذلك خير؛ لأن المسلم لا يدفن في تابوت، وإنما يدفن في الأرض.
الجواب: كل ذلك جائز.
الجواب: الواجب أن تصومي، فإن لم تستطيعي فعليك الفدية.
الجواب: يجوز لها ذلك إذا كانت الضرورة بهذه الصفة، ولكن لا تسافر إلا مع ذي محرم، مع أن المعتدة لا تخرج من بيتها، ولكن أجاز بعض الفقهاء أن تخرج لضرورة قصوى تخص أمر المعاش.
الجواب: يسأل فيها طبيب أمراض نساء أو طبيبة.
الجواب: لم يرد هذا في الكتب الصحيحة.
الجواب: لا.
الجواب: ذلك حرام، ونعوذ بالله من السلب بعد العطاء.
الجواب: هذا رضا ونعمة، وتعلم بقدر الاستطاعة.
الجواب: استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك.
الجواب: هذا صواب وهذا صواب، وهذا خلاف علماء الأمة المسلمة، واعمل ما يستريح إليه قلبك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر