إسلام ويب

هذا الحبيب يا محب 85للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن جمعاً من المشركين تجمعوا في بقعة من غطفان فأرسل إليهم سرية بقيادة بشير بن سعد الأنصاري فكان النصر حليفه، وفي غطفان -أيضاً- حاول يهودي جمع عدد من المشركين لغزو النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل رسول الله سرية بقيادة عبد الله بن رواحة فقضى على الفتنة، ثم تلتها سرية عبد الله بن حذافة السهمي والتي كانت لمهمة قتالية وحدثت فيها حوادث مهمة.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    ها نحن مع أحداث السنة السابعة من هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم، ومع سبع سرايا درسنا منها أربع وبقي ثلاث، والسرايا: جمع سرية وهي جماعة من المؤمنين يبعث بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لمهمة جهادية، ويكثر عدد السرية ويقل، وخامس السرايا كانت [سرية بشير بن سعد الأنصاري ] وهذا بشير هو أبو النعمان بن بشير ، وأنصاري أي: من سكان المدينة، والمدينة التي كانت تعرف في الجاهلية بيثرب كما جاء ذلك في سورة الأحزاب: يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا [الأحزاب:13]، ما إن حلها النبي صلى الله عليه وسلم حتى أصبحت تعرف بالمدينة النبوية، والعوام يقولون: المدينة المنورة، وقد غلب أمرهم على أمر العلماء؛ لقلة العلماء وكثرة الجهال، وإلا هي من قرون تسمى: المدينة النبوية؛ إذ حل بها النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، وبنى مسجده وإلى جنبه حجراته الطاهرات التي عاش بها مجاهداً عشر سنين، وقد عايشنا السنين الست، وها نحن مع السنة السابعة.

    قال: [وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد الأنصاري في ثلاثمائة رجل إلى اليُمن من أرض غطفان] اليُمن: موضع أو مكان من أرض غطفان شمال شرق المدينة.

    لم بعث بهذه السرية وعلى رأسها بشير بن سعد الأنصاري وعدد أفرادها ثلاثمائة؟ لابد من حكمة اقتضتها، والقائد صلى الله عليه وسلم حكيم -وكثيراً ما نقول ليس هو بحكيم فقط- بل أستاذ الحكمة ومعلمها، أما قال تعالى: وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [البقرة:129]؟!

    قال: [من أجل جمعٍ من المشركين تجمعوا] لم تجمعوا؟ [للإغارة على المدينة النبوية] بلغه صلى الله عليه وسلم سواء بالإخبار الإلهي والوحي الرباني، أو بواسطة عيونه ورجاله أن جمعاً بمكان يقال له اليُمن من أرض غطفان قد تجمعوا للإغارة على المدينة؛ ليسلبوا ما وجدوا فيها من إبل وغنم وأموال.

    وقد كان هذا [بإغراء وإمداد عيينة بن حصن الطاغية الظالم] عيينة بن حصن هو الذي أغرى هذه القبيلة وقال: تجمعوا واضربوا مدينة النبي، وخذوا ما فيها [فساروا إليهم يمشون الليل ويكمنون النهار] يمشون الليل وفي النهار يكمنون؛ حتى لا يُروا من مكان ما، وهذا هو التدبير الحكيم [وبلغ ذلك الجمع مسير بشير بن سعد الأنصاري فهربوا، فأصاب بشير وأصحابه نعماً كثيرة] النَعم ليس جمع نعمة، فالنعم والأنعام: الإبل والبقر والغنم، وهي أموال هذه الديار [وأسروا منهم رجلين] ألقوا القبض عليهما وأخذوهما، وهنيئاً لهما [قدموا بهما على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلما وحسن إسلامهما] هذا تدبير الله، وفضل الله وعطاؤه!

    والأنصار كانوا يسكنون المدينة -وهما قبيلتان: الأوس والخزرج، وأصلهما من اليمن- نزحوا إليها بعد انهيار سد مأرب؛ لأنه لما كفر النعمة أصحاب اليمن أغرقها الله بسد مأرب، فمنهم من التحق بالشام، ومنهم من التحق بالمدينة، وهما هاتان القبيلتان، وحديث سبأ مبين مفصل في سورة سبأ، قال تعالى: فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَي أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا [سبأ:16-17].

    فلما أقبل الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى ديارهم وتهيئوا للإسلام؛ قامت الحروب -حروب الجهاد- فنصروه فسماهم الله الأنصار، واقرءوا قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ [التوبة:100].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3087782676

    عدد مرات الحفظ

    773997097