إسلام ويب

تفسير سورة الأنعام (2)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الله عز وجل هو وحده المستحق للحمد والثناء، فهو سبحانه خالق السماوات والأرض، وهو موجد الظلمات والنور، وهو خالق الإنسان من سلالة من طين، وهو الذي يعلم السر وأخفى، لا تعزب عنه مثقال حبة في السماوات أو في الأرض، وذلك يستلزم الرغبة فيما عنده من خير، والرهبة مما عنده من عذاب.

    1.   

    تابع تفسير قوله تعالى: (الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور...)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نفوز بذلكم الموعود، على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    وها نحن مع فاتحة سورة الأنعام، وبالأمس تدارسنا منها ثلاث آيات، وما أكملنا دراستها، فهيا بنا نعيد دراستها بعد تلاوتها المرة والمرتين والثلاث.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ * وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ [الأنعام:1-3].

    المبادئ العقدية الثلاثة التي قررتها السورة

    أُعيد إلى أذهانكم أن هذه السورة المكية المباركة الميمونة، والتي زفها سبعون ألف ملك وهم يسبحون الله عز وجل في زجل عجيب، هذه السورة من أولها إلى آخرها تقرر المبادئ الثلاثة الآتية:

    أولاً: توحيد الله عز وجل، بأن يُعبد وحده ولا يُعبد معه سواه؛ لأن هذه العبادة هي مفتاح دار السعادة، فو الله لا نجاة ولا كمال ولا سعادة إلا بواسطتها، فمن عرف الله معرفة حقيقية أثمرت له حبه في قلبه، فأصبح يحب الله أكثر من نفسه، فضلاً عن ماله وولده والناس أجمعين، ثم تثمر له الرهبة من الله، والخوف منه، هذا الإيمان الذي يثمر الحب والخشية هو العامل الأول الذي يقوي صاحبه على أن يستقيم على منهج الله طوال حياته، فلا يميل يميناً ولا شمالاً، ولا يتأخر القهقرى، بل يواصل سيره إلى باب الجنة دار السلام، وذلك بوفاته ولفظ أنفاسه الأخيرة.

    ثانياً: الإيمان بهذا القرآن كتاب الله عز وجل، ومن أنزله عليه، ألا وهو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ثالثاً: الإيمان بالبعث والجزاء، البعث من الأرض من جديد، ثم الوقوف في ساحة فصل القضاء، ثم الحساب، ثم الجزاء، إما بالنزول في دار السلام، وإما بالهبوط إلى دار البوار.

    هذه السورة من أولها إلى آخرها تعمل على تقرير هذه المبادئ الثلاثة.

    حقيقة حمد الله تعالى وبيان علته وسببه

    فقوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ [الأنعام:1]، وما الحمد إن لم يكن عبادة الله عز وجل، بإجلاله وإكباره وتعظيمه، وطاعته والإذعان لأمره ونهيه، فالوصف بالجمال والحمد والثناء من يستحقهما غير الله؟ وسر ذلك أو علته أنه خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور.

    عهدنا فيما بيننا: أن من صنع باب خشب وأحسن صنعه يمدح ويثنى عليه، من خاط ثوباً فقط وأحسن خياطته يمدحونه ويثنون عليه، طاهية تطهو طعاماً فيلذ ويطيب للآكلين تمدح ويثنى عليها.

    والله هو الذي خلق السماوات والأرض، ونحن نقول: السماوات والأرض، فما السماوات وما الأرض؟ هذه الطباق السبع، سماء فوق سماء، وما فيها من المخلوقات، كيف يتم خلقها، من يقدر على خلقها وقد خلقت؟ هو الله جل جلاله، فهذا الذي استحق الحمد بمعنى كلمة الحمد.

    ثم من أوجد الظلمات والأنوار، والظلمات جمع ظلمة، والنور واحد، وهذا التعبير القرآني، الظلمات تجمع لأنها متعددة، ظلمة كل معصية بظلام، وأما النور فواحد، النور واحد، وهو نور الحياة الذي به يشاهد بعضنا بعضا، والنور المعنوي الذي هو نور القلوب، الذي بواسطته تنظر القلوب إلى ربها وتعرفه، فهذا الذي يستحق أن يعبد بكامل العبادة، وهو الذي يستحق الحمد والثناء، والوصف بالجميل، أما من عداه ممن عُبدوا دونه وعظموا وأكبروا، وتمدح بهم، وأثني عليهم؛ فهل هم أهل لذلك؟! ولهذا استحق العبادة وحده، ولا يستحقها معه سواه.

    العجب من حال الكفار في شركهم بربهم عز وجل

    الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام:1]، وهنا حال المتعجب مع هذا، والكفار يعدلون بربهم غيره، الكفار أصحاب ظلمة النفس، الذين كفروا بالله وجحدوا آياته، كفروا بالله وجحدوا آلاءه وإنعامه فعموا فضلوا، فهم في متاهاتهم، هؤلاء يعدلون بالخالق الجبار خالق السماوات والأرض، يعدلون به ويسوون به مخلوقاً من مخلوقات الله، لو سووا به جميع المخلوقات لكانوا قد يعذرون، يسوون به مخلوقا واحدا، لو تجتمع الخليقة كلها فلن تساوي خالقها، مستحيل، فكيف يُعدل بالله عز وجل عبد من عباده أو خلق من مخلوقاته؛ إذ منهم من عبد الظلام، المانوية عبدوا الظلام والضوء، النور والظلمة، ألَّهوهما، قالوا: لفوائدهما ومصالحهما!

    إن من أوجد الظلام والنور هو الذي يعبد، لا نفس الظلام والضياء، وكذلك الذين عبدوا الشمس والقمر وبعض الكواكب، من خلق هذه الكواكب؟ لم لا نسأل؟ وكذلك الذين هبطوا وعبدوا عيسى ووالدته، من خلق عيسى، من أوجده، من رفعه؟ أمه من خلقها، من صانها وحفظها، من أكرمها؟ كيف يعبدان مع الله؟ وعبدوا غير عيسى وأمه، وعبدنا نحن أيام ظلمتنا الأولياء، عبادة كما يعبد الله، بالعكوف على الأضرحة، بالتمرغ على التربة، بالإقسام والحلف، بالاستغاثة والدعاء، بالذبح والنذر وما إلى ذلك، كيف يجوز تسوية مخلوق بخالق، كالذي يريد أن يسوي النعل بصانعه، هل يعقل هذا؟ نعلك في رجلك تسويه بمن صنعه وهو ذو عقل وكرامة آدمية، كيف يمكن هذا؟! تدعو صانعه فيسمعك ويجيبك، وتدعو النعل فهل يجيبك؟! يسمع صوتك؟! يعطيك حاجتك؟! ولهذا تعجَّب الجبار عز وجل فقال: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام:1] بربهم: أي بخالقهم ورازقهم، ومدبر حياتهم، وهو الذي يملك حياتهم وموتهم، وغناهم وفقرهم، يسوون به غيره، أين العقول؟! أين الفهوم؟! أين المدارك؟! أين.. أين؟! والجواب: الكفر موت، من كفر مات، والميت هل يلام إذا لم يسمع؟! يلام إذا لم يجب؟! لا يلام. فالكافرون أموات غير أحياء وما يشعرون.

    فمن نفخت فيه روح الإيمان فحيي، فأصبح يسمع ويبصر، ويقول ويفهم، ويعطي ويأخذ، نعم هذا حي، أما من فقد روحه فقد مات، والإيمان بمثابة الروح، من فقده مات وهو ميت.

    اختصاص الله تعالى بخلق الإنسان وإيجاده

    الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام:1]، هُوَ [الأنعام:2] لا غيره، لا سواه، هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ [الأنعام:2]، هل هناك من يقول: لا؟! ألا تعترف بأن الله الذي خلقنا من طين؟! فقل لنا إذاً: تعترف بمن؟! تقول: ما خلقنا أحد؟! أنت مجنون. أنت مخلوق، تقول: غير الله! أشر إليه. من هو؟! فلم يبق إلا أن تطأطئ رأسك وتقول: آمنت بالله، خلقكم من طين، فلم ترفعون أنفسكم وتتكبرون؟ أصل مادتكم من الطين، وفيه أيضاً عبرة كبيرة لمن ينكرون البعث الآخر، فإذا أعلمتهم أنهم خلقوا من طين؛ إذاً تموتون وتصبحون طيناً من جديد وتخلقون، لو كنتم لا تموتون نعم تقولون: لا نبعث، ولا حياة أخرى، لكن ما دمتم تقولون: أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [المؤمنون:82]، نعم هذه هي الحجة عليكم، لما تموتون تتحللون وتصبحون ترابا، ويخلقكم الذي خلقكم أولاً من تراب، هذا أقرب إلى العقل والفهم.

    لو كان الكافر يقول: لا نموت نعم لا يبعث، لكن ما دام يموت ويتحلل ويصبح تراباً؛ إذاً لا يملك أن لا يبعث، فالذي خلقه أولاً من طين يخلقه مرة ثانية.

    هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا [الأنعام:2]، أية قدرة أعظم من هذه؟ قضى آجالنا، هذا يعيش خمسين، وهذا عشرا، وهذا سنة، ولا يتخلف أبداً ولو على لحظة واحدة، ولا يستطيع إنسان تحت السماء أن يقول: أنا أملك ألا أموت، أو لا يموت ولدي أو أبي، أو أنا أستطيع أن أؤخر هذا سبعين سنة أخرى.

    تقدير الله تعالى أجل الإنسان وأجل الحياة الدنيا

    ثُمَّ قَضَى أَجَلًا [الأنعام:2] وحكم به، هل هناك من يستطيع أن يقول: لا نسلم بهذا القضاء ولا بهذا الحكم الإلهي؟ ولن نموت إلا إذا اشتهينا الموت؟ هل هناك من يتكلم بهذا؟ قضى أجلاً.

    وأجل آخر للبشرية كلها، مسمى عنده ومعروف يومه وساعته ولحظته، هذا الذي يستحق أن يعبد أم عيسى؟ هذا الذي يستحق أن يعبد أم الملائكة؟ هذا الذي يستحق أن يعبد أم الأولياء، فضلاً عن الأحجار والأصنام والتماثيل؟ إذ تلك ما عبدوها لذاتها، وإنما عبدوها يستشفعون بها عند الله عز وجل.

    العرب أذكياء بالفعل، ومع هذا عبدوا اللات والعزى، ولكن ما قالوا: تخلق ولا ترزق، ولا تميت ولا تحيي، أبداً، قالوا: إنما نتقرب بها إلى الله.

    تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ [الزمر:1-3] ماذا يقولون: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3].

    لأنك إذا سألت عربياً في البادية، في الحضر: من خلق السماوات ؟ ما يقول: اللات، وهو إذا استطاع أن يبول عليها بال عليها، فكيف يقول: اللات؟ من خلقك أنت؟ ما يقول: العزى ولا اللات، يقول: الله. وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ [الزخرف:87]، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السماوات وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لقمان:25] قل فأنى تؤفكون.

    الجهل في حياة المشركين المعاصرين

    والغريب أن الخلاف بين مشركينا ومشركيهم أن مشركينا أجهل كما بينا أمس، ومشركونا ما يسمون الولي إلهاً، ما يقولون: إله أبداً، يقولون: ولي، أما المشركون الكفار فيقولون: إله، إلا أن أولياءنا نعبدهم لجهلنا وذهاب نور القرآن من قلوبنا أكثر مما يعبد المشركون اللات والعزى، أنذبح لهم أم لا؟! هذا عجل السيد البدوي ، هذه شاتي لـعبد القادر ، هذه نخلة مولاي فلان! ذبائح ونذور، أما الحلف فلا تسأل، ممكن أن يحلف بالله مرة ويحلف بالولي سبعين مرة، والمشركون قل ما يحلفون بغير الله، يحلفون بالله عز وجل.

    المؤامرة على المسلمين بإبعادهم عن الاستهداء بالقرآن الكريم

    وهنا ما يجدينا البكاء ولا ينفعنا، ولكن نقول: الذي أوقعنا في هذه الفتنة هو العدو المكون من المجوس واليهود والنصارى، فهيا نبغضهم لله، فهيا لا نذعن لهم، ولا ننقاد لحالهم، ونحاول أن نتفصى عنهم تمام التفصي، ما استطعنا مخالفتهم في شيء إلا خالفناهم فيه لنستقل، لأنهم مكروا بنا، تعرفون ماذا فعلوا بنا؟ درسوا كيف ارتقت هذه الأمة التي كانت لاصقة بالأرض، كيف عزت وسادت وكانت مستعمرة للفرس من جهة، وللأحباش من جهة، والرومان من جهة، كيف علت؟! كيف سمت؟! كيف حكمت وسادت؟! بحثوا عن سر ذلك، فعثروا -والله- عليه، ألا وهو القرآن والنور المحمدي، الكتاب والسنة، هذا سر ارتفاعهم وعزهم وكمالهم، إي والله الذي لا إله غيره، القرآن روح، ولا حياة بدونه، السنة النبوية نور ولا هداية بدونها، فماذا يفعلون، اجتمعوا مرة القسس والرهبان، وقالوا: هل في الإمكان أن نسقط من القرآن كلمة (قل)، حرفان القاف واللام فقط، إذا استطعنا أن نسقط كلمة (قل) فيتخلى عنها المسلمون نستطيع أن نذهب القرآن بالمرة، اجتمعوا أكثر من عشرين يوماً، ما استطاعوا، قالوا: لأن القرآن يحفظه النساء والرجال، البدو والحاضرة، مكتوب في السطور، كيف نحذف كلمة قل هذه، وسر (قل) إذا أسقطوها أنهم يقولون للمسلمين: القرآن ليس بكلام الله أبداً، هذا من كلام محمد صلى الله عليه وسلم، فاضت به روحه لذكائه وصفائه، لأنه في أرض حارة صحراوية، هذه تنتج له هذه المعاني والمعارف، أما مع قل: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ [الأعراف:158]، من الذي يقول له: قل؟ إذًا: محمد مربوب والخالق يأمر، قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، هذا ما هو بمحمد، واحد يقول له: (قل) من هو؟ هذا هو الله، قُلْ هُوَ اللَّهُ [الإخلاص:1] ، وهكذا.

    فاقتنعوا بأن هذا القرآن كلام الله، ما هو من عند محمد صلى الله عليه وسلم، بل يوحى إليه ويملى عليه ويؤمر بأن يقول. واستطاعوا أن يضعوا لنا قاعدة، وهي موجودة في هوامش كتب الفقه المالكي وخاصة الحطاب على خليل، يقولون: تفسير القرآن صوابه خطأ، من فسر القرآن كتفسيرنا هذا إن أصاب فهو مخطئ آثم، وأنتم أيها المستمعون آثمون، فاحذروا من الحلقة.

    وخطؤه كفر، وإذا فسر وأخطأ فقد كفر، فأصبح لا يجتمع الناس على تفسير كتاب الله، في القرى والمدن والحواضر حتى في مكة، ما يجتمعون عليه، إذاً ماذا يصنعون بالقرآن؟ يقرءونه على الموتى، إذا مات السيد فلان الغني الرئيس الفقيه العالم؛ فإنهم يقرءون عليه ثلاث ليال، وبعضهم سبع ليال، وبعضهم أربعين ليلة، وقد ذكرت لكم ما بلغني أنهم جعلوا نقابة، النقيب فلان في التلفون، إذا توفي لك قريب فدق عليه التلفون: نريد طلبة قرآن الليلة عندنا ميت، يقول: من فئة المائة ريال أم المائتين، يعني: إذا كان غنيا فمن فئة مائتي ريال لليلة الواحدة، وإذا كان فقيرا فمش الحال بالمائة ريال.

    هكذا فعلوا بكتاب الله من إندونيسيا إلى موريتانيا، لا يقرأ القرآن إلا على الموتى، وإلى الآن ما زالوا يتشدقون بعض التشدق، يسمونه عشاء القبر.

    والشاهد عندنا في أن النور الإلهي ما استطاعوا أن يطفئوه، كلام الله ما استطاعوا أن يمحوه، فاحتالوا فصرفوا القلوب عنه؛ لتعيش الأمة في الظلام والموت لا في الحياة.

    دليل نجاح اليهود والنصارى في تنحية القرآن والسنة عن الحياة العملية لدى المسلمين

    ومن قال كبرياء: ما الدليل على هذا؟ نقول: هل ذلت أمة الإسلام ودانت للكفار وحكموها وساسوها وأذلوها من إندونيسيا إلى موريتانيا أم لا؟ حكموا وسادوا أم لا؟ كيف حصل مثل هذا والله يقول: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [النساء:141]؟ فلو كنا -والله- مؤمنين بحق ما حكمنا النصارى ولا الغرب ولا الشرق، لكن كنا مؤمنين، أما المؤمنون بصدق وحق فهيهات هيهات أن يسودهم الكافر ويحكمهم، وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النساء:141]، المؤمنون بصدق وحق، المؤمنون حق الإيمان، الذين عرفوا ربهم وآمنوا به، عرفوه أولاً بجلاله وكماله، وعظمته وسلطانه، ورحمته وعدله، فذلوا وهانوا له وعبدوه، أولئك هم المؤمنون.

    والسنة تقرأ للبركة، في الجوامع الكبيرة حين يدخل رمضان يجتمع أعيان البلاد والأغنياء وأهل الفراغ، ويقرءون فيه البخاري للبركة، هذا رأيناه في الديار الجزائرية ووجدناه في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وموجود في غيرهما، السنة تقرأ للبركة، كيف للبركة! نتبرك بالحديث، والحديث يقول: ( من أحدث فليتوضأ )، تعاليم، كيف نتبرك به؟ ماذا نصنع به ما دمنا لا يجوز لنا أن نعمل به، ولا نقرأه للهداية؛ لأن فيه الناسخ والمنسوخ، والعام والخاص، وغير ذلك، ونحن استغنينا بكتب فقهائنا نصلي ونصوم ونحج ونعتمر، فماذا نصنع إذاً بهذه السنة؟ أنهجرها؟ دعنا نجتمع عليها للبركة، فهمتم ما فعل العدو أم لا! هذا ما هو بعدو جاهل مثلنا، هؤلاء كبار المفكرين في النصارى واليهود والمجوس، كيف وصلوا إلى هذا؟ واستطاعوا أن يربطونا إلى الأرض ويلصقونا بها، وإلى الآن نحن لاصقون بالأرض.

    والله لو كنا أحياء ما رضينا ليلة واحدة أن تنقسم أمتنا إلى ثلاثين أو أربعين دولة، لتبقى مهانة فقيرة ، وقد كان في أربع وعشرين ساعة إمام المسلمين فلان والأمة كلها أمة واحدة، ويطبق كتاب الله وهدي رسول صلى الله عليه وسلم.

    وأوضح من هذا حفنة من اليهود أذلتنا وأهانتنا، وداست كرامتنا، وحطمت هكذا شرفنا، ونحن في حياء نتخبط ليل نهار، ماذا نصنع مع اليهود؟ أين يذهب بعقولنا؟ إننا متنا. اللهم أحينا! اللهم أحينا!

    إذاً: من خلق الظلمات والنور؟ الله جل جلاله وعظم سلطانه هو الذي خلقنا من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده، ما الأجل المسمى عند الله؟ قلنا: الأجل أجل يوم القيامة، والأجل الذي قضاه لنا ما هو؟ أجلنا. الذين نصلي عليهم كل صلاة انتهت آجالهم أم استعجلت؟ انتهت. محددة باللحظة والثانية، هذا هو الله خالق السماوات والأرض والظلمات والنور.

    حال الكفار بعد تقرير الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى

    ثُمَّ أَنْتُمْ [الأنعام:2] يا بني آدم ثُمَّ أَنْتُمْ [الأنعام:2] يا بني الناس، يا معشر الكفار على اختلاف مذاهبكم تَمْتَرُونَ [الأنعام:2]، مع هذه الآيات، خلق السماوات والأرض، والظلمات والنور، والآجال والموت والحياة، مع هذا تشكون في ربكم، وما تصرحون بأن لا إله إلا الله، ثُمَّ أَنْتُمْ [الأنعام:2]يا للعجب تَمْتَرُونَ [الأنعام:2]، والامتراء نوع من الشك والاضطراب وعدم اليقين، فلو كانوا ينظرون إلى هذه الأكوان نظرة حقيقية لذهبوا يبحثون عن الله، من هذا الذي رفع هذا الكوكب في السماء فأنار به الدنيا، من هذا الذي أوجد هذا الليل المظلم، من أوجد كذا وكذا، سيجدون من يقول: هذا الله، من هو الله؟ الذي خلقك، وخلق أمك وأباك، إذًا: ماذا نصنع؟ إن أمرك أطعه، واطلب محبته وطاعته حتى تذوب في ذلك، لكن لا يسأل ولا يفكر ولا يبحث، أما إذا كان الطعام أمامه يأكل ويشرب؛ فإنه ما يفكر من أين هذا النعيم، من أين حصل، كيف كان، كيف تم، كالبهيمة، ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ [الأنعام:2].

    استحقاق الله تعالى وحده العبادة في السموات والأرض

    وَهُوَ اللَّهُ [الأنعام:3] كلمة (الله) عرفنا أنها علم على ذات الرب جل جلاله وعظم سلطانه، (الله) علم، كما نقول للمخلوق: خالد، فهذا علم على هذه الذات، فالذوات البشرية متساوية، فكيف نميز بعضها عن بعض؟ بالأسماء.

    إذاً: فـ(الله) علم، خالقنا اسمه الله، الذي خلق السماوات والأرض والظلمات والنور، وخلقنا، وخلق لنا الآجال والدنيا والآخرة، اسمه الله، هذا هو الاسم وهو الاسم الأعظم، هذا الاسم الذي ينادى به الجبار عز وجل، هذا الذي تتناول طعامك باسمه: باسم الله، هذا الذي تحمده وتقول: الحمد لله، هذا الذي يملأ قلبك حبه والخوف منه، هذا هو الله.

    وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ [الأنعام:3]، وهو الله في السماوات وفي الأرض إله معبود، لطيفة: وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ [الأنعام:3]، والمعنى: وهو المعبود في السماوات وفي الأرض، أي نعم، هو المعبود بحق، ولا يستحق العبادة غيره من العوالم العلوية أو السفلية، كقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ [الزخرف:84]، أي: المعبود في السماء، والمعبود في الأرض، الخلق خلقه، والنعمة نعمته، وهو الذي يستحق أن يعبد في السماوات وفي الأرض.

    اختصاص الله تعالى بعلم السر والجهر ودلالة ذلك على عظمته ووحدانيته

    وأخرى: يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ [الأنعام:3]، اجتمعوا في الظلام في السراديب، اختفوا وتساروا بالكلام بينكم، والله ليعلمنه، ولو شاء لقال: قلتم كذا وكذا، فلهذا هذا الذي يستحق أن يعبد، هذا الذي يستحق أن يخاف منه ويرهب، هذا الذي ينبغي أن نتقرب إليه ونتزلف، هذا الذي معنا، يعلم سرنا ونجوانا، وهو بائن من خلقه، فوق سماواته، فوق عرشه، ونحن بين يديه وفي قبضته، لا يخفى عليه من أمرنا شيء، آه لم لا نأخذ بهذه؟! ندخل في الصلاة ونصلي وكأننا لسنا مع الله، نمشي ونتكلم ونجلس ونأكل ونشرب وما نذكر أننا مع الله، من صرف قلوبنا؟ العدو إبليس؛ لأن نسيان الله هو الهلاك، فلا تُرتكب كبيرة، ولا تغشى معصية ولا يسيل دم إلا بعد نسيان الله عز وجل. إياك أن تفهم أن عبداً قلبه مع الله يذكره، ويمد يده ليقتل فلانا وفلانا، القلب مع الله يذكره ويمد يده ليتناول مالاً حراماً، قلبه مع الله وينظر إليك بنظرة كذا، أو يسبك أو يشتمك وأنت ولي الله معه، العلة هي نسيان الله، وإن شئت فقل: الغفلة.

    علم الله تعالى المحيط بما تكسبه جوارح عباده

    وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ [الأنعام:3]، نكسب بماذا؟ بالآلات الأمريكانية، الكسب يتم بماذا؟ بالجوارح، كم جارحة عندنا؟ الجوارح عندنا ما يلي: السمع نجترح به الحسنة والسيئة، تصغي تسمع العلم والمعرفة والذكر هذه حسنة، وتصغي تسمع الباطل والمنكر والأغاني هذه سيئة.

    الجارحة الثانية: البصر، العينان نبصر بهما، نكسب بهما أم لا؟ انظر إلى السماوات، إلى الكواكب، إلى المخلوقات؛ يزيد إيمانك وتعظم مودتك ومحبتك لله، انظر نظرة حسد تتحطم، انظر نظرة محرمة إلى مؤمنة، إلى أمرد تتلذذ به تهلك، وتكون قد اجترحت سيئة عظيمة.

    واللسان وهو أعظمها، المصريون يقولون: لسانك حصانك، إن صنته صانك وإن خنته خانك، هذا مثل مصري، يقولون: لسانك حصانك، إن صنته صانك، وإن خنته خانك، وحسبنا أن يقول الحبيب هكذا بيده: ( كف عليك هذا ) أي: لسانك، ( قال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! قال: ثكلتك أمك يا معاذ ! وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ).

    الشاهد عندنا أن هذه الجارحة أكبر مصيبة، هذه جارحة اللسان.

    رابعاً: اليدان، بهما تأخذ وتعطي، الذي يتناول سيجارة بيده اليمنى ويدخلها في فمه اجترح سيئة أم لا؟ اجترح سيئة. والحلاق في صالون الحلاقة وبيده الموسى تلمع، فيحلق لحى الرجال فلا يبقى لهم شعر، ولا ما يدل على فحولتهم، هذا ماذا صنع؟ اجترح سيئة أم لا؟ أكبر سيئة تخنث رجالنا، على الأقل اترك بعض اللحية -لحية سعودية- لنعرف أنه ذكر، أما أن تحلق الشارب واللحية فأنت تخنثه أم لا؟ كيف يجوز هذا مقابل عشرين ريال، والله لو تعطى مليون ريال ما تقبل هذا، فكيف تخنث فحلاً من فحول الإسلام، إلا أنك تقول: هو الذي طلب، انصح له، بين له، لا تسمح له أبداً أن يفعل هذا، حسن له اللحية وزينها لا بأس، أما أن تحلق اللحية والشارب فلا.

    واليد بها السرقة والدم والدمار، وبها العطاء والزيادة، فهي جارحة.

    والرجل أيضاً تمشي بها أم لا؟ يمشي في ليال سوداء أربعين كيلو متر ليحضر عرسا، وخمس خطوات عند المسجد ما يخطوها، أربعين كيلو متر يمشيها ليحضر حفل فلان والزوجة الفلانية، والمسجد عند الباب لا يستطيع الذهاب إليه! يصلي في البيت، إذاً: الرجل جارحة أم لا؟

    وأعظم الجوارح الفرج، الفرج الذي ينتج البنين والبنات.

    هذه هي الجوارح أم وإلا لا؟ بها الكسب، فقول ربنا: وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ [الأنعام:3]، ما معنى: نكسب؟ ما نجترحه بجوارحنا من خير وشر، هذه الجوارح، وحتى الفرج أيضاً فيه حسنة، أي نعم: ( وفي بضع أحدكم صدقة ).

    وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ [الأنعام:3]، ولازم علمه ما نكسب الجزاء، وليس المراد أنه يعلم فقط، معناه أنه سوف يحاسبنا بدقة على كسبنا الخير والشر على حد سواء، فعجب هذه الآيات، نسمعكم شرحها مرة ثانية لتتأكدوا، وأنا أطلب منكم أن تحفظوا هذه الآيات، ثلاث آيات تصلون بها النافلة، لو عزمتم عليها أمس والله لحفظتموها.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    معنى الآيات

    يقول الشارح غفر الله لنا وله وإياكم والمؤمنين: [ يخبر تعالى بأنه المستحق للحمد كله] ما الحمد؟ قال: [ وهو الوصف بالجلال والجمال، والثناء بهما عليه، وضمن ذلك يأمر عباده أن يحمدوه، كأنما قال: قولوا: الحمد لله ]، ولهذا في الفاتحة: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، كأنه قال: قولوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:2-4] ثم تملقوه وقولوا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[الفاتحة:5]، ثم اطلبوا منه حاجتكم: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ[الفاتحة:6].

    فهمتم هذه أم لا؟ احمدوه وأثنوا عليه، ومجدوه وتملقوه واطلبوه، أما من أول وهلة تقول: ربنا اهدنا فما ينفع، والعوام يعرفون هذا، إذا أراد أن يطلب من شيخ أو من غني مسألة لا يقول له: أعطني، يقول: يا عم، يا سيد، عرفناك بكذا، سمعنا أنك كذا وكذا وكذا، بعد ذلك يقول: أعطنا كذا، فالله أولى بهذا أم لا؟

    فكأنه تعالى يقول: قولوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:1-5]، تملق هذا أم لا؟! لا نعبد إلا أنت، ولا نستعين إلا بك، إذاً: اهدنا الصراط المستقيم.

    فلهذا قال: [كأنما قال: قولوا الحمد لله، ثم ذكر تعالى موجبات حمده دون غيره].

    موجبات الحمد له ما هي؟

    أولاً: [الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ [الأنعام:1] فالذي أوجد السماوات والأرض وما فيهما، وما بينهما من سائر المخلوقات، وجعل الظلمات والنور وهما من أقوى عناصر الحياة؛ هو المستحق للحمد والثناء لا غيره، ومع هذا فالذين كفروا من الناس يعدلون به أصناماً وأوثاناً ومخلوقات، فيعبدونها معه، يا للعجب! هذا ما دلت عليه الآية الأولى.

    أما الثانية: فإنه تعالى يخاطب المشركين موبخاً لهم على جهلهم، مندداً بباطلهم فيقول: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ [الأنعام:2]، لأن آدم أباهم خلقه من طين، ثم تناسلوا منه، فباعتبار أصلهم فهم مخلوقون من طين، ثم الغذاء الذي هو عنصر حياتهم من طين، ثم قضى لكلٍ أجلاً وهو عمره المحدد له، وقضى أجل الحياة كلها الذي تنتهي فيه، وهو مسمى عنده معروف له، لا يعرفه غيره، ولا يطلع عليه سواه، ولحكم عالية أخفاه، ولم يُطلع عليه سواه، ثم أنتم أيها المشركون الجهلة تشكون في وجوب توحيده وقدرته على إحيائكم بعد موتكم لحسابكم ومجازاتكم على كسبكم خيره وشره، حسنه وسيئه.

    وفي الآية الثالثة: يخبر تعالى أنه هو الله المعبود بحق في السماوات وفي الأرض، لا إله غيره ولا رب سواه، يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ [الأنعام:3] من خير وشر، فهو تعالى فوق عرشه، بائن من خلقه، ويعلم سر عباده وجهرهم، ويعلم أعمالهم وما يكسبونه بجوارحهم، يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19].

    لذا وجبت الرغبة فيما عنده من خير، والرهبة مما لديه من عذاب، ويحصل ذلك لهم بالإنابة إليه وعبادته والتوكل عليه].

    اللهم ارزقنا ذلك، وأعنا عليه، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718712

    عدد مرات الحفظ

    765796988