أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد:
فإن آلام المسلمين كثيرة في المشارق والمغارب، وفي الشمال والجنوب، دماء تسفك، وأعراض تنتهك، وخوف ورعب، وبيوت تهدم، وأموال تغتصب، وأرض تسلب من المسلمين، وبلاد تؤخذ منهم، وقد كان يعلو فيها الحق بإذن الله سبحانه وتعالى، فإذا بها يعلو فيها صوت الباطل والشرك والكفر والعياذ بالله!
هذه الآلام الكثيرة كما سمعنا كانت -ولا تزال- عبر التاريخ موجودة، وإنما نذكر بعضها ونستحضر باقيها حتى نؤدي شيئاً من النصح للمسلمين، فإن من لم يشعر بآلام المسلمين، ولم يستحضر ما هم فيه من الهم والكرب والحزن والبلاء؛ يحكم على نفسه بالانفصال عن ذلك الجسد، أو أن هذا الجزء قد مات من ذلك الجسد، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) ومن النصيحة للمسلمين أن تتألم لآلامهم، وأن تفرح لأفراحهم، وأن تهتم لهمومهم، لا أن تجلس في بيتك مع أهلك وأولادك مطمئناً وتنسى آلام المبعدين الغرباء، وتنسى آلام المحرومين الجائعين العراة، وتنسى آلام المشردين الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق أو أسروا بعيداً عن أهليهم وأحبتهم، وتنسى أولئك الخائفين الذين يأتيهم من أنواع الخوف والهلع ما الله عز وجل أعلم به.
إن ذلك ليقتضي منا بلا شك -على الأقل إذا عجزنا- أن نمد لهم يداً بالمساعدة، وألا تكون قلوبنا جامدة قاسية عن الشعور بآلامهم، علها تتحرك في صدق بالدعاء وطلب النجاة لهم من الله المؤمن المهيمن سبحانه وتعالى.
إن الله عز وجل ما قدر هذه الآلام على المسلمين إلا للخير الذي يريده ويحبه لهم سبحانه وتعالى، وهكذا سنته عز وجل في كل ما يقدر من الأمور المكروهة التي لا يحبها ولا يرضاها، فالله عز وجل لا يحب الظالمين، ولا يحب الفساد، ويكره مساءة المؤمن، قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: (وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته)، فالله يكره مساءة المؤمنين، ومع ذلك قدر عليهم ما يكرهون ليجعل في ذلك خيراً كثيراً، كما قال تعالى:
فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا
[النساء:19]، وقال تعالى:
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ
[البقرة:216]، فنحمد الله أولاً رغم الآلام، بل نحمده على الآلام سبحانه وتعالى، فله الحمد على كل حال، وهو سبحانه وتعالى الحميد الذي له الحمد في الأولى والآخرة، وشهودنا لهذه الحكم شهود لاسمه الحكيم سبحانه وتعالى، ولاسمه العليم عز وجل.
والإيمان -كما نعلم- قول وعمل، فقدر الله عز وجل سنة المدافعة بين الناس صلاحاً للأرض وأهلها، كما قال عز وجل:
وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ
[البقرة:251]، وذلك أن الإيمان بدون مواجهة مع الكفر والطغيان والظلم والباطل يضعف في نفوس الناس تدريجياً، وهذا -والله- أمر ملحوظ تجده عند المترفين، وتجده عند من لا قضية لهم، وعند من لا يستشعرون أنهم في معركة من أجل الإسلام، فتجد إيمانهم يضمحل تدريجياً ويضعف، ولا يجد الواحد منهم نفسه متأثراً حين يقرأ تلك المعاني العظيمة في القرآن، وتلك الآيات التي وقعت في قلوب الصحابة رضي الله تعالى عنهم يوم نزلت، ولا يستشعر العبادات القلبية الواجبة التي لابد من تحصيلها حتى تزول الآلام والمحن.
فالله عز وجل يحب منا الصدق، والصدق ليس فقط في الكلام، بل قد قال الله تعالى:
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا
[الأحزاب:23]، وقد نزلت هذه الآية في مثل أنس بن النضر رضي الله تعالى عنه، وفي إخوانه الذين صدقوا في العمل بعد أن صدقوا في القول رضي الله تعالى عنهم.
والله عز وجل يحب أن يوجد من المؤمنين من يبذل نفسه وماله وكل شيء عنده في سبيله عز وجل، ويحب كذلك هذه الدماء التي تراق في سبيله؛ لأنها أريقت حباً من أصحابها له عز وجل، ونصرة لدينه، وهو سبحانه وتعالى يتقبلها منهم، (ويبعثهم يوم القيامة وجراحهم لونها لون الدم، وريحها ريح المسك)، كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لذلك قدر الله أن يتسلط الكفار على المسلمين، ليستشهد من يستشهد، وليظهر المنافقون والبخلاء والجبناء، كما قال تعالى:
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ
[آل عمران:167].
والله سبحانه وتعالى قدر أن يُبتلى المؤمنون بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وليس ذلك جارياً عليهم بكيد أعدائهم، وإنما يجري عليهم بتقدير الله عز وجل، فالله تعالى قال:
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
، ولم يقل: وليصيبنكم، وإنما قال:
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ
[البقرة:155-157] فكيف تحصل الصلوات؟! وكيف تحصل الرحمة؟! وكيف يحصل الصبر؟! وكيف يشهد المؤمنون أنهم ملك لله عز وجل يفعل بهم ما يشاء وأنهم إليه راجعون فيحققون الإيمان باليوم الآخر؟! وكيف يحدث ذلك بغير آلام؟! إن ولادة المولود لابد من أن تسبقها آلام المخاض، وهكذا ولادة التمكين لأمة الإسلام لابد من أن تسبقها تلك الآلام وهذه الدماء إلى أن يولد ذلك الذي كتب الله حياته، فالمجتمع المسلم لا يموت بإذن الله تبارك وتعالى إلى يوم القيامة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى تقوم الساعة).
فإن ماتت طائفة وسفكت دماؤها وانتهكت حرماتها ولدت من بعدها طائفة أخرى، ولكن مع آلام الأولى والثانية، إلى أن يأذن الله عز وجل بالنصر والتمكين.
يقول علي رضي الله تعالى عنه: ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي ذلك أنزل الله:
إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ
[الأنفال:9]، فالله يحب أن نستغيث به، فعزته وجلاله لن يغيثنا سواه سبحانه وتعالى، ولا ملجأ لنا إلا إليه، وتضرعنا بين يديه من أعظم أسباب كشف الكرب والهم، فهو سبحانه وتعالى الذي وعدنا الإجابة، بل وأخبر سبحانه وتعالى أنه يجيب دعاء عباده فقال:
أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ
[النمل:62]، وإذا تأملت هذا الترتيب العجيب وجدته وسيلة المسلمين بإذن الله، فالعبد إذا شعر بالاضطرار والخوف الشديد شعر بالاضطرار والتضرع إلى الله، فيكشف الله السوء، وبعد كشف السوء وزواله يستخلفنا الله سبحانه وتعالى، كما قال تعالى:
وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ
.
فهو سبحانه وتعالى يحب أن يسمع التضرع والدعاء، وينزل السكينة على ذلك، كما قال تعالى:
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ
[الفتح:4]، فهو الذي قدر المواجهة مع الكفر لكي يلجأ إليه المؤمنون فينزل السكينة في قلوبهم ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم، وهو تعالى يحب ذلك، ومن أجل ذلك قدر المحن، وقدر الآلام، وله الحمد سبحانه وتعالى على ذلك كله.
وعندما يزداد الكرب والخوف والألم، وعندما يكون هناك رد فعل طبيعي منا إن كنا صادقين، فنتشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى في ليلة الأحزاب، ليلة الريح الشاتية الباردة المطيرة، الليلة المظلمة التي لم يبق معه عليه الصلاة والسلام فيها حول الخندق إلا قلة من أصحابه الكرام، فقد رحل كثيرون وقالوا: إن بيوتنا عورة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في سكينة عجيبة، يصلي من الليل ثم يقول لأصحابه: (من يأتيني بخبر القوم ويكون رفيقي في الجنة؟) فمن شدة الجوع، ومن شدة الجهد والتعب والإرهاق، وشدة الخوف والظلمة والريح الباردة لم يتحرك أحد، وفي القوم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وباقي أولئك الأفذاذ رضي الله تعالى عنهم، فلا يلتفت إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معاتباً لأحد، بل يلجأ إلى الله، ويصلي كثيراً، فصلى من الليل يتضرع إلى الله عز وجل في هذه الزلزلة التي قال عز وجل عنها:
هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا
[الأحزاب:11].
وعندما نرى أحزاب الدنيا قد اجتمعت علينا من يهود ونصارى وملاحدة ومشركين ومنافقين من جميع أرجاء الأرض فإننا نتذكر يوم اجتمعت أحزاب العرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمقاييس في ذلك الوقت لا يمكن أن تكون بميزان الناس في صالح أهل الإسلام أبداً، فعشرة آلاف في مواجهة قلة بقوا وثبتوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فماذا يفعل النبي عليه الصلاة والسلام؟
ولم يستجب أحد من صحابته لترغيبه حين انتدب من يأتيه بخبر القوم قبل الأمر؛ لأنهم لم يكونوا يخالفون طلبه، فصلى مزيداً من الصلاة، وكرر الترغيب مرة ثانية فقال: (من يأتيني بخبر القوم ويكون رفيقي في الجنة؟) فلم يقم منهم أحد، فيتركهم عليه الصلاة والسلام ويصلي من الليل، ثم يقول في الثالثة: (من يأتيني بخبر القوم ويكون رفيقي في الجنة؟) فلم يقم أحد، فيقول: (قم يا
ويعود حذيفة رضي الله تعالى عنه، وقد ذهب وكأنه في حمام وعاد وكأنه في حمام إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فوجده يصلي عليه الصلاة والسلام.
وهكذا كان عليه الصلاة والسلام على الدوام متضرعاً إلى الله عز وجل مسبحاً ذاكراً، فالتضرع إلى الله من الحكم البالغة التي من أجلها قدر الله عز وجل وجود البلايا والمحن.
وقال عز وجل:
الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
[آل عمران:173-175]، فالمطلوب إفراد الله عز وجل بالخوف والرجاء، وأن تنتظر من الله الفرج لا من سواه، فـ(حسبنا الله ونعم الوكيل) قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لهم الناس: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم.
ومن ذلك: إظهار أنه سبحانه وتعالى المولى والنصير، وأنه سبحانه وتعالى العزيز، قال عز وجل:
بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ
[آل عمران:150]، وقال سبحانه وتعالى:
نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ
[الأنفال:40] سبحانه وتعالى، فكيف يحدث ذلك إذا انتصر المسلمون بقوتهم أو إذا انتصروا بعدتهم؟! فهم إنما ينتصرون بنصر الله وتوفيقه عز وجل، فالله مولى الذين آمنوا والكافرون لا مولى لهم.
فيظهر ذلك عندما تحدث هذه الآلام والبلايا والمحن ثم ينصر الله عباده المؤمنين رغم ذلك كله ليظهر أنه سبحانه وتعالى مع المؤمنين، وتظهر آثار معيته عز وجل التي يستحضرها أهل الإيمان الذين يظنون أنهم ملاقوا الله، قال سبحانه وتعالى:
فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
[البقرة:249-251].
والأمر أمره سبحانه، فهو تعالى يقلب القلوب كيف يشاء، ولولا أنه عز وجل أزاغ قلوب من شاء ثم هداهم لما علمنا ذلك، أما دعا الرسول عليه الصلاة والسلام على أقوام فقال: (اللهم العن فلاناً وفلاناً، اللهم العن رعل وذكوان وعصية عصت الله ورسوله)، ثم أنزل الله عز وجل عليه:
لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ
[آل عمران:128]؟! ولقد كان عكرمة وسهيل بن عمرو وأمثالهما ممن سماهم عليه الصلاة والسلام في دعائه، فتاب الله عز وجل عليهم لنعلم أنه عز وجل وحده الذي له الأمر، وأنه وحده مقلب القلوب، ولنلتجئ إليه سبحانه وتعالى في تثبيت قلوبنا ودوام الهداية علينا، فالله سبحانه وتعالى هو الذي هدى وهو الذي يمن سبحانه وتعالى باستمرار الهداية، ولذا كان يقول الصحابة:
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول معهم:
إن الألى قد بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا
ويمد صوته بها كما يمدون؛ لأنهم يلجئون إلى الله ويعلمون تقليبه للقلوب وللأقدام، فهو الذي يثبت من يشاء سبحانه وتعالى، ليرينا سبحانه وتعالى أنه الغالب على أمره، فلولا بيع إخوة يوسف له لما كان له من السلطان عليهم بعد ذلك، ولولا دخوله السجن لما كان له الملك بعد ذلك
وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ
[يوسف:21]، فهو سبحانه وتعالى ما شاءه كان وما لم يشأ لم يكن،
وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ
[المائدة:56]، قال عز وجل:
كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي
[المجادلة:21].
كل هذه أسماء وصفات وأفعال لله عز وجل يرينا آثارها بوجود تلك الآلام، ولا يمكن أن تظهر لنا إلا من خلال هذه الآلام والمحن، ليرينا سبحانه وتعالى أنه يمهل ويحلم، فيمد للظالم مدة من عمره يمهله فيها ويأتيه من نذر الله ما يأتيه، فإذا تاب إلى الله عز وجل غفر الله له، كما قال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بعباد يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم)، ألم تسمع لقوله تعالى بعد أن ذكر إجرام المجرمين في قصة أصحاب الأخدود وقتلهم أولياءه سبحانه وتعالى:
إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ
[البروج:10]؟ قال الحسن : انظروا إلى هذا الكرم! قتلوا أولياءه ثم يدعوهم إلى التوبة. فهو سبحانه يتوب على من يشاء، وربما نرى في أعدائنا من يتوب الله عز وجل عليه بعد ذلك.
وكذلك يرينا ربنا قدرته عز وجل وإملاءه لمن لم يتب منهم، قال سبحانه:
وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ
[الأعراف:183]، ليظهر لنا متانة كيده عز وجل، وقال تعالى:
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا
[الطارق:15-17]، وقد نزلت هذه الآيات ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة محاصر مستضعف، ونفذ ما أراد الله عز وجل في سنوات معدودة كما وعد عز وجل، فهو سبحانه وتعالى الذي يكيد، ويستدرجهم من حيث لا يعلمون، ولا تظن أنه سبحانه وتعالى غافل، بل هو على كل شيء شهيد، وهو عز وجل لا يغيب عن خلقه ولا يغيبون عنه سبحانه وتعالى، فهو على كل شيء شهيد عز وجل، أي: لا يغيب عن تدبيره وملكه، وإلا فهو سبحانه وتعالى حجابه النور كما قال عليه الصلاة والسلام.
فكل أسمائه وصفاته لها آثارها في هذا الوجود، ولابد من أن تظهر، وهو يحب أن يتعرف إلى عباده من خلال أفعاله ومقاديره عز وجل، فمن أجل ذلك قدر الآلام التي هي كثيرة ومؤلمة لنا.
ألم يجد عبد الله بن حذافة رضي الله عنه حلاوة البذل وحلاوة الإيذاء؟! عجب -والله- أن يقال: حلاوة الإيذاء، لكنها القلوب المؤمنة التي بعين البصيرة رأت ما وعدها الله عز وجل.
فـعبد الله بن حذافة حين رفع ليلقى في قدر من نحاس كان يغلي فيه الماء رأى عظام بعض أصحابه تلوح فبكى فظنه ملك الروم قد فزع من الموت، فلما سأله قال: أبكي لأن لي نفساً واحدة تلقى في هذه القدر ساعة في الله عز وجل، ولقد وددت لو أن لي بعدد شعر رأسي أنفساً يفعل بها ذلك في الله عز وجل، فالحمد لله على هذه المحبة التي قذفها في قلوب أوليائه وجعلهم بها سبحانه وتعالى لا يرون تلك الآلام، بل يستعذبونها في الله سبحانه وتعالى، ويود أهل العافية في الآخرة حين يرون أجور البلاء أن لو قرضت جنوبهم بالمقاريض في الله عز وجل سبحانه وتعالى، ونسأل الله العافية، ونسأله سبحانه وتعالى الإعانة وحسن عبادته عز وجل.
كل ذلك نقوله مقدمة لكي لا نيأس من الآلام الكثيرة، وإن كان غرضنا في الحقيقة أن نبحث في تقصير الأبناء بعد أن سمعنا كيد الأعداء، ونريد أن نتعلم ما يلزمنا، ونريد أن نعرف واجبنا من تقصير أبناء هذه الأمة الذي أدى إلى وجود الآلام؛ لكي ندعو كل المقصرين -ونحن من أولهم- إلى التوبة من التقصير والعودة إلى الله سبحانه وتعالى، فإن أبناء الأمة في التقصير على درجات متفاوتة، والحقيقة أن التقصير هو المؤلم لصاحبه قبل أن يكون جالباً للآلام إلى غيره، والبعد عن الله هو الجالب لألم الخوف والرعب، فإن الأمن والإيمان قرينان كما أن الظلم والخوف قرينان.
فنسأل الله المؤمن المهيمن أن يؤمننا في بلادنا وأوطاننا، وأن يؤمن المسلمين في المشارق والمغارب، فالله سبحانه وتعالى هو وحده الذي بيده الأمر كله، فاللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا.
هذا الصنف من الناس هو -والعياذ بالله- في أسفل الدركات إن لم يتب إلى الله عز وجل، وقد دعاه الله إلى التوبة، بل إن هذا الصنف يكون مع أعداء الإسلام في الدركات السفلى؛ لأن المنافقين في الدرك الأسفل من النار، وقد قال الله عز وجل:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
[المائدة:51]، لذلك نقول لهؤلاء: دعاكم ربكم عز وجل إلى التوبة فلا تحاربوا دينه أبداً؛ فإنكم لستم تطيقون حرب الله عز وجل، فالله ناصر دينه مهما حدث، كما أخبر عز وجل بقوله:
يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
[الصف:8-9].
وهناك صنف من هذا النوع أيضاً ليس على تلك البينة، لكنه متابع لأهل الباطل، متابع لأعداء الإسلام ينفذ مخططاتهم وينفذ ما يريدون، وهذا الصنف نوجه له قول الله سبحانه وتعالى:
وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا
[الإنسان:24] لأننا ما زلنا نعده من أبناء الأمة وإن كان مخدوعاً، لكن تيقن -أيها المخدوع- المنفذ لمخططات أعداء الله المعين لهم على ما يريدون من أذية المسلمين وآلامهم وذبحهم وانتهاك حرماتهم وإذهاب دعوة الحق من بينهم أنك إن استمريت على ذلك فمصيرك مصيرهم، وإن كنت لا تريد أن تفتح عينيك على هذا المصير فإنا نوجه لك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها)، وتعلم من ذلك أن أهل هذا الشر نوعان:
النوع الأول: الدعاة، والنوع الثاني: المستجيبون لهؤلاء الدعاة على أبواب جهنم. والحال أن من أجاب الدعاة إلى جهنم قذفوه فيها.
فاحذر على نفسك أن تكون جندياً لأعداء الله، فإن الله لا يرضى إلا بأن يجعل مصير الأتباع كمصير السادة والكبراء، كما قال تعالى:
وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا
[الأحزاب:67-68]، وقال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ
[الأحزاب:1]، وهذا هو الخطر العظيم، وهذا هو أعظم التقصير، وهؤلاء يتحملون أوزار الدماء المسفوكة من الأرواح التي أزهقت بغير حق، والأعراض المنتهكة في المشارق والمغارب، في البوسنة، وفي كوسوفا، وفي كشمير، وفي فلسطين، فكل هذه الحرمات المنتهكة إنما يكون على هذا الصنف من المقصرين أكبر الوزر منها، يسائلهم الله عز وجل عنها يوم القيامة لأنهم كانوا السبب الأول في هذه الآلام والمحن وشاركوا وأعانوا.
فيا عباد الله! إن في أيديكم جوهرة ثمينة يريد الأعداء أن يسرقوها لكي تكونوا مثلهم بلا جوهرة، وهي جوهرة الإيمان والإسلام والإحسان، وقد حرم أعداء الإسلام منها، فليس عندهم إلا نجاسة وقذارة، ولذا يحقدون علينا، وكثير من أبناء المسلمين صارت ورقة الجوهرة عندهم مظلمة معتمة، فنسوا أن معهم جوهرة فتركوها، وأوشك بعضهم أن يسلمها للأعداء ليلقيها في بحر الظلمات.
فاعرف قدر هذه الجوهرة، وهي منة الله عليك بالإسلام، وارجع إلى الله عز وجل لتعمل بالإسلام ولتعمل من أجله ناصراً داعياً إلى الله عز وجل وجندياً من جنود الله.
لذلك لابد من أن يكون هناك منهج واحد صحيح، وهو منهج هذه الطائفة الظاهرة المنصورة إلى قيام الساعة، طائفة أهل السنة والجماعة، نجتمع عليه ونتآلف ونتكاتف وننسى حظوظ أنفسنا وما نريده لها في هذه الدنيا من وجاهة وسط الناس، ومن أن يقال: فلان عالم، وفلان قارئ، وفلان داعية، وفلان كبير، وفلان زعيم؛ لأنه السبب في هذا البلاء وهذه المحن، ونريد أن نجتمع على منهج واحد، ونسير على سبل شرعية، ولا نطبق هذا المنهج بغير ما طبقه به الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا نفقد في غمار حماستنا الحكمة والبصيرة في دعوتنا إلى الله عز وجل، فكم من تطبيق خاطئ للمنهج ولو كان أصحابه ينتسبون إليه حين دعوا إلى الله وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر بغير معروف، بل بالمنكر بغير فقه ولا علم، وبغير مراعاة للحكمة والمصلحة، وبغير مراعاة لسنن الله الكونية والشرعية، فترتب على ذلك من سفك الدماء وانتهاك الحرمات ما الله أعلم به، وترتب على ذلك تضييع خطوات قد سبقت على طريق إظهار دين الله عز وجل.
لذلك نقول: لابد من أن نسير على منهج واحد ونطبقه كذلك تطبيقاً صحيحاً، وأن نسير عليه بالبصيرة والحكمة والعلم والفقه، ولا نفعل كما فعل المتعجلون الذين ضيعوا الثمرة حين أرادوا قطفها قبل الأوان؛ لأنهم لم يراعوا سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وسائر المرسلين في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وفي السير على سنن الله الكونية والشرعية للوصول إلى الغايات المطلوبة.
فنحن من المقصرين تقصيراً شديداً، ونريد أن نتوب إلى الله من ذلك التقصير، ذلك أننا ما تعلمنا منهجنا كما ينبغي، ولا طبقناه كما ينبغي، بل تركنا لأمراض القلوب مساحة واسعة منها دخلت الأحقاد، ودخل الحسد، ودخل الغرور، ودخل الكبر والعجب، ودخل الرياء والعياذ بالله من ذلك، ودخل سوء الظن، ودخل التنافس على الدنيا، ودخلت أمراض كثيرة بيننا، ومن ألسنتنا أيضاً دخلت أمراض كثيرة؛ لأننا تركنا مساحة واسعة من ألسنتنا لتغتاب وتنم، ولتكذب، ولتقول الباطل، ولتفجر في الخصومة، وتركنا أوقاتاً طويلة لا نعبد الله عز وجل فيها ولا نذكره، وننام عن الصلوات، وننام عن دروس العلم، ونتأخر عما أحبه الله عز وجل منا، بل لو قلت عما أوجب الله علينا لما أبعدت كثيراً.
لذلك نقول: نحن في ضمن المقصرين وإن كنا نزعم أننا نسير على الطريق، لكن لسنا نسير بالقوة المطلوبة، فهناك وهن، ولذلك نوجه الكلام لأنفسنا ولغيرنا لقول الله تعالى:
خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ
[البقرة:63]، فنريد أن نكون أقوياء، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
فنحن نريد أن نكون أقوياء في علمنا، ونريد أن نكون أقوياء في عبادتنا، ونريد أن نكون أقوياء في دعوتنا، ونريد أن نكون أقوياء فيما نتعامل به مع الله عز وجل، ونريد أن نكون أقوياء في علاقتنا ببعضنا، وفي حبنا لبعضنا، وفي تماسكنا، وفي صدقنا مع ربنا سبحانه وتعالى؛ لأن ذلك هو الذي يذهب الله عز وجل به ما بنا.
فالآلام كثيرة، وما زال التقصير شديداً وبأنواع مختلفة من أبناء أهل الإسلام، والكلمة الأخيرة التي نوجهها لأنفسنا ولإخواننا ولمن كانوا منا ثم فارقونا، أعني لمن كانوا من أبناء الإسلام ثم ارتموا في أحضان أعداء الإسلام وساروا على مخططاتهم، تلك الكلمة الأخيرة: هي النداء بالتوبة الذي وجهه الرسول صلى الله عليه وسلم للناس، فقال: (يا أيها الناس! توبوا إلى الله واستغفروه؛ فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة) صلى الله عليه وسلم.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا، اللهم فرج كرب المكروبين، وفك أسر المأسورين، وارفع الظلم عن المظلومين، اللهم كف أيدي الذين كفروا فأنت أشد بأساً وأشد تنكيلاً، اللهم كف بأسهم عن المسلمين فأنت أشد بأساً وأشد تنكيلاً، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، واجعل تدميره في تدبيره، واجعل الدائرة عليه يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا وارحمنا، وتب علينا واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم انصرنا ولا تنصر علينا، اللهم امكر لنا ولا تمكر بنا، اللهم اهدنا واستجب لنا، اللهم اجعلنا لك شكارين، لك ذكارين، لك رغابين رهابين، إليك منيبين مخبتين، اللهم تقبل توبتنا، واغفر حوبتنا، واهد قلوبنا، وسدد ألسنتنا، واسلل سخائم صدورنا، اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين، ربنا اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
البث المباشرمن الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر