www.islamweb.net/ar/

نداء إلى الأخوة ماذا بعد رمضان للشيخ :

  • التفريغ النصي الكامل
  • إنَّ رمضان موسم للطاعة والعبادة، وموسم للإكثار من قيام الليل وقراءة القرآن، فهذا الشهر نعمة كبيرة من الله سبحانه وتعالى علينا؛ لذلك لا بد في هذا الموسم من استمرار ومداومة على الطاعة، وتوجد وسائل تساعد على هذا الاستمرار وعلى هذه المداومة تكفل للمسلم أن يرضي ربه دائماً في رمضان وغيره، وتجعله عالماً بأمور دينه ودنياه، لابد للمسلم البحث عنها والتحلي بها.

    حال الصائم بعد رمضان

    الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

    أما بعد:

    يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:183-185] .

    نعم هي نعمة تحتاج إلى شكر، نحمد الله سبحانه وتعالى كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه وله الحمد كما يقول، وخيراً مما نقول، لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه.

    الحمد لله الذي بلغنا رمضان، وأتم علينا نعمته بصيامه وبقيامه وبالاعتكاف في العشر الأواخر منه، وتلاوة كتابه عز وجل، ونسأله سبحانه وتعالى إتمام هذه النعم كلها بالقبول والمغفرة والعتق من النيران.

    ومن أراد أن يعلم هل قبل صومه وصلاته وقيامه ودعاؤه فلينظر في حاله بعد رمضان، فإن الله شرع الصيام للتقوى، ولا شك أننا كنا في حاجة شديدة إلى هذه الروعة الإيمانية من العبادة والذكر، ونسأله عز وجل أن يجعل ذلك خالصاً لوجهه الكريم.

    ونحن بحاجة إلى تذكر أمر الآخرة والخوف من الله عز وجل ورجاء رحمته، والتلذذ بمحبته سبحانه وتعالى والشوق إلى لقائه عز وجل، كل هذا من بعض النور الذي يفيض على القلب من كتاب الله سبحانه وتعالى ومن ذكره عز وجل.

    الله سبحانه وتعالى إذا أنعم على عبد نعمة فشكرها زاده الله عز وجل قال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم:7]، والشكر ليس فقط تحريك اللسان بالحمد والثناء ولكنه شهود القلب للنعمة مع تعظيمها ومحبة المنعم بها، وتعظيمه عز وجل، وأنها محض فضله وجوده وكرمه، ثم التعبير عن ذلك باللسان بالحمد، ثم تصريف هذه النعمة في مرضاة الله، فمن أراد أن يعلم هل قبل صومه فلينظر في تقواه بعد رمضان هل صار أتقى لله عز وجل؟ وليستغل هذه الفرصة من العزيمة التي من الله عز وجل بها عليه، في الصلاة وفي القراءة وفي الصوم، ولا شك أنها عزيمة طيبة تحتاج إلى استمرار، فالإنسان سرعان ما تفتر عزائمه إذا تركها، وخلال الأيام القادمة سوف تبدأ المعركة الحقيقية، سوف تبدأ المعركة مع الشياطين التي تنتظر الانطلاق، فهل أخذنا العدة لذلك وعزمنا على المقاومة؟ وهنا تظهر نتيجة هذه الفترة للاستعداد ونحن نأخذ من رمضان بفضل الله عز وجل زاداً لما بعده، وحتى نتقوى به على عدونا، وعلى النفس الأمارة بالسوء، وعلى الشيطان وشياطين الإنس الذين يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف.

    خطوات المحافظة والاستمرار على الطاعة بعد رمضان

    هذه خطوات أساسية نحددها كي نجتهد في المحافظة والاستمرار بعد رمضان في تحقيق الالتزام.

    الصلة بالله تعالى

    النقطة الأولى: الصلة بالله تعالى:

    الصلة بالله سبحانه وتعالى، والاهتمام بحال القلب على الدوام، ودوام التذكير بالآخرة، واستحضار معاني أسماء الله وصفاته، والدعاء الدائم بأن يذوق العبد حلاوة الإيمان والشوق إلى لقاء الله، اللهم حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.

    والصلة بالله عز وجل هي الالتزام الحقيقي، وكما ذكرنا من قبل أن العبادات هي الأوعية لهذه الأحوال القلبية، وإذا أتيت بوعاء يمكن أن تأخذ ما ينفعك، فإنك حين تأتي بوعاء وتقف بالباب، تطرق الباب وتستسقي حتى يفيض الرب عز وجل عليك من خلال عبادتك، من خلال هذا الوعاء دعاء أعمال القلوب الواجبة والمستحبة من الحب والخوف والرجاء، وإذا لم تأت بوعاء فلن تستطيع أن تأخذ هذه العطايا، أو أن تأخذ هذا الغذاء، ولو أن شخصاً لا يصلي ولا يصوم ولا يقوم الليل فهو لا يحب الله، وليس لديه شوق إلى الله عز وجل، ولا خوف منه سبحانه، فهذه نقطة لابد منها.

    وكذلك ليس كل من أتى بوعاء يأتي بوعاء صالح، فهناك من يأتي بوعاء مصمت لا روح فيه، ولا يحتمل أن ينزل فيه خير، فاحذر أن تكون عبادتك من ضمن العادات تؤديها بلا روح، بلا خشوع، ولا استحضار لما شرعت له.

    ثم لا تستعجل ولا تيئس ولا تطلب العطية لمجرد الوقوف بالباب، لا بد أن تقف بالباب وتدقه وتلح في السؤال، وتسأل الله أن يمن عليك بفضله، ولا تتوقف عن هذا، والعبد قلبه دائماً يتقلب فلا يستقر قلبه على حال، فهو يحتاج إلى تثبيت دائم ودعاء مستمر أن يثبت الله عز وجل قلبه على الهدى، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك، نسأله الهدى والسداد واليقين والعافية، نسأله أن ينور قلوبنا جميعاً بطاعته، وأن يذيقنا لذيذ محبته، وأن يوفقنا سبحانه وتعالى لما يحبه ويرضاه.

    هذا الأمر الأول وهو جزء معظمه شأن شخصي، وهو سر بينك وبين الله عز وجل، ولا يشرع أن يكون الإنسان على الدوام في الجماعة، فالعمل الجماعي يشغل الإنسان عن أشياء كثيرة جداً، يشغله في التفاته إلى الآخرين حوله، وعلاقته بهم، وهو يحتاج بلا شك إلى العمل الجماعي، لكن هذه المسألة معظمها شخصية، وأحياناً لا بأس من الاجتماع ولكن إذا كان بدون ترتيب وبدون تحديد يوم معين مثلاً فإن هذا ليس من السنة، ولكن العمل الشخصي للإنسان أنفع وأتم؛ لأنه خاص به، وخاصة أن الإخلاص عزيز، فالإخلاص أيسر في السر وأصعب في الأعمال، ومن الناس من هم أفذاذ من العالم الذين يقتدى بهم في الخير، لكن هؤلاء الأفذاذ آحاد في الوجود، فالجزء الشخصي هذا مسئوليتك الشخصية، وليس من اللائق أن تقول لشخص: أنت أهملتني؛ لأنه خاص بك، وهذا الموضوع أنت المسئول عنه.

    وفي الحقيقة أنَّ هذا الأمر أمر عظيم الأهمية في صلاح الأمة جميعاً، فقد كنت أقول لأحد الإخوة: أنا أحسن أن الرحلة لا زالت طويلة جداً؛ لأن التغيير المطلوب إحداثه مع أنه والحمد لله بفضل الله عز وجل هناك إخوة كثيرون جداً يريدون أن يصلوا وأن يصوموا وأن يعتكفوا، لكن التغيير المطلوب لا زال بعيداً جداً، فلا يزال هناك أشياء كثيرة لابد أن تغير، علماً وعملاً وسلوكاً، والسلوكيات هذه لوحدها جزء من ضمن مسئولية عبادات القلب، فهي لا بد أن تكون من جهة الخلق والأدب، وطريقة الكلام، وطريقة المعاملة مع الآخرين، وتعظيم حرمات الله عز وجل، والكلام على الشرع بالتوقير والاحترام، واحترام إخوانك في الله عز وجل.

    إذاً: هناك أشياء كثيرة جداً لا بد لها من تغيير، ولم تأخذ فرصتها الكاملة في التغيير، ونحن من خلال ما تناولناه خلال هذه الفترة نحاول أن نضع نقاطاً ونحدد معالم لأشياء مهمة لا بد أن نفكر فيها، وهناك أشياء كثيرة جداً لابد لها من عمل، وأعتقد أن جزءاً كبيراً جداً منها سيكون جزءاً شخصياً؛ لأن هذا هو المتاح، فلا بد أن تقرأ دائماً في كتب التهذيب والإصلاح كأن تقرأ مثلاً: كتاب تهذيب موعظة المؤمنين وكتاب رياض الصالحين، وتقرأ كتاب مدارج السالكين، أو تهذيب مدارج السالكين، فهذه الأشياء مهمة في طريق الإصلاح.

    البحث عن صحبة صالحة وقرناء صالحين

    النقطة الثانية وهي من أعظم وسائل الإصلاح: البحث عن صحبة صالحة وقرناء صالحين، فالقوم لا يشقى بهم جليسهم، كالعبد الخطاء الذي جلس مع الصالحين الذين يسبحون ويحمدون ويكبرون ويهللون ويسألون الله الجنة ويستعيذون بالله من النار، فهو ليس منهم وإنما جلس لحاجة، فيقول الله عز وجل فيهم جميعاً: (غفرت لهم، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم).

    فلابد أن تبحث عن أصحاب صالحين يعينونك على طاعة الله ويساعدونك على النقطة الأولى والثالثة التي سوف نذكرها حالاً إن شاء الله.

    فاختيار الصالحين أمر مهم، لكن الصلة بالله عز وجل وتقوية هذه الصلة هي أهم ما يحتاجه العبد، فالصحبة الصالحة والارتباط بالإخوة من خلال المسجد ومن خلال مكان العمل ومن خلال الجيران، أو من خلال أي وسيلة من الوسائل أو كل الوسائل في الحقيقة، فلا بد أن تبحث في كل مكان عن صحبة صالحة تعينك على الطاعة، وتذكرك إذا نسيت، وتقويك إذا ذكرت، ولا تضيع وقتك معها في غير طاعة الله، فإياك وفضول الكلام وتضييع الأوقات، فقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنَّ من أشراط الساعة أن يتقارب الزمان، فلا بد أن نزداد طاعة ولا نضيع وقتاً، وأمر عجيب أنك تريد إنساناً فلا تستطيع أن تدركه، فلا يوجد وقت أصلاً يحتمل الإضاعة، فإياك أن تجالس أهل الخير وتضيع وقتك في المزاح والكلام الذي لا فائدة منه واللغو دون أن تسمع قول الله وقول الرسول صلى الله عليه وسلم.

    نصيحة ووسيلة من وسائل الدعوة وشرط في الدعوة إلى الله عز وجل وهو الاجتماع على الطاعة التي شرع الاجتماع عليها، وإنَّ والتعاون على البر والتقوى من أعظم ما يقوي هذه الروابط، ومن أعظم ما يعين على طاعة الله سبحانه وتعالى.

    الفهم الدقيق للمنهج

    هذه الصحبة الصريحة تعينك على النقطة الثالثة وهي: الفهم الدقيق في المنهج، والعلم النافع والعمل بهذا العلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (طلب العلم فريضة على كل مسلم).

    ولا يكفي الالتزام الإجمالي؛ لأن جزءاً كبيراً جداً من أسباب الخلل الموجود في الرحلة الطويلة هو بسبب قلة العلم، ووجود الجهل، وعدم فهم المسائل فهماً دقيقاً بحيث إنه في وسط الفتن المتكاثرة والدعاة على أبواب جهنم الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً فيفتون بغير علم، فلا بد لك من علم نافع بالكتاب والسنة، ولا بد أن تأخذ من القرآن يومياً، ونحن ننصح ببرنامج على مدى سنة إلى سنتين حسب طاقة الأخ في إكمال حفظ القرآن، فلو أنك تحفظ ربع جزء كل أسبوع لختمت القرآن في سنتين أو أقل من سنتين.

    وهناك من يحفظ ثلاث آيات في اليوم أو أربع آيات في اليوم ومع ذلك معظم الناس لا يفقهون شيئاً، وكثيرٌ من الإخوة لم يختموا.

    وإني أنصح بتفسير السعدي فهو تفسير ميسر، ويليه تفسير ابن كثير ، كل يوم آيتين، ثلاث آيات، اقرأ بعد الفجر ولو عشر دقائق، كل يوم خمس آيات وبإذن الله تبارك وتعالى ستحفظ كتاب الله في أقل من ثلاث سنين أو سنتين، وسيكون عندك معرفة بتفسير القرآن العظيم الذي هو جامع لأقوال السلف رضوان الله عليهم، واعلم أنَّ تفسير السعدي من الممكن أن يأخذ عدة أشهر فقط، وتفسير السعدي تفسير سهل ومختصر ومبارك، وفيه روح الربط بالواقع. ولا بد أن تتعلم السنة فتقرأ كتاب رياض الصالحين والكتب الخاصة بالتهذيب، ونقرأ ونتعلم السنن بجانب الكتب الصحاح، فلا بد من كتاب رياض الصالحين، وهو كتاب لابد أن ينهيه كل أخ بتدبر وترو وفهم لما فيه، وبالتزام وتطبيق عملي سريع.

    وننصح بعده بصحيح مسلم مع حضور الدرس في صحيح مسلم وبذلك ستفهم السنة إن شاء الله تبارك وتعالى، ومن فاته بعض حلقاته فليسمع الأشرطة السابقة، فإن هذا الكتاب من أعظم الكتب بركة.

    يلي ذلك تحصيل علوم أساسية لا بد من تحصيلها، فتقرأ اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات، وقبل ذلك علوم الدين، ولا تقل: أتفرغ لمادة واحدة؛ لأنك لست صغيراً، بل إنَّ الصغير يدرس كل العلوم.

    وكذلك لا بد أن تتعلم التوحيد والعقيدة والإيمان، ولا بد أن تحصل هذه الأصول الستة وما يتفرع منها، الإيمان بالله والملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقدر خيره وشره وما يتفرع منها كالإيمان بقضاء الله والرضا به، فننصح بكتاب فتح المجيد وكتاب معارج القبول، وهذه بالكثير يستغرق تعلمها حوالى شهرين ولها أشرطة مسجلة، وبعض الإخوة فرغوها فصارت متيسرة، وفتح المجيد أيضاً في أشرطة مسجلة وعلى سيدي، ومعارج القبول أوشك أن يتم كله، ولكن يستحسن قراءته وحضور دروسه في هذا المسجد المبارك.

    وكذلك في الفقه ننصح الإخوة أن يفرغوا أنفسهم من أجل أن يحضروا الدروس حتى يتعلموا أركان الإسلام، من مثل شرح منار السبيل، وكذلك إذا كنت في سفر أو كنت عاجزاً أو لم يتوفر لك وقت فننصحك بأن تستمع أشرطة هذه الدروس إن تيسر، أو قراءة كتاب فقه السنة فهو كتاب نافع ومفيد، وفيه من أسباب العلم المبارك.

    وأما العلم الخامس فهو علم التهذيب وإصلاح النفس وعلم الأخلاق الواجبة، وكتاب رياض الصالحين سوف نأخذه وسوف نضيف عليه كتاب تهذيب موعظة المؤمنين، مع المراجعة للمعاني المفيدة التي أخذناها بسهولة من طريق تهذيب مدارج السالكين، وقد أخذناها من الأجزاء التي قرأناها فقط، حتى يسهل لنا قراءتها كاملاً وشرحها شرحاً متكاملاً، لكن الأكثر أهمية كتاب تهذيب موعظة المؤمنين، ومختصر منهاج القاسطين.

    ولا شك أن الاتجاهات الإسلامية فيها تشعب كثير جداً، فالاتجاهات تأخذ شرقاً وغرباً والفتن ضخمة جداً، فلابد للأخ أن يكون محصناً بقواعد منهج أهل السنة والجماعة فيما يتعلق بقضايا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتغيير والجهاد في سبيل الله وفقه الخلاف، وهذه المقالات كلها سبق شرحها في شروط الدعوة من قبل عشر سنين، فينبغي للإخوة أن يدرسوا منهج أهل السنة والجماعة حتى يكونوا على بينة من المنهج وعند ذلك لا أحد يقدر أن يأخذهم ذات الشمال أو ينحرف بهم من علماء أهل البدع، فإن دعاة منهاج البدع اليوم يدعون إلى التكفير والجرأة على دماء المسلمين، والغلو الشديد، فلا بد من الحذر من ذلك، وكذلك المناهج العلمانية التي تحارب قضايا العقيدة، وهي مناهج خطيرة تؤدي إلى تمييع القضية الإسلامية، ولن نقدم لأمتنا في هذه الظروف أفضل من شخصية مسلمة، شخصية علم وعمل وسلوك وأخلاق ودعوة إلى الله عز وجل، فاحرص على هذه النقاط الأساسية، فهو زاد لك في المستقبل.

    وكما ذكرت تستطيع أن تسير به مدة إلى أقرب محطة قريبة، فهو موسم من مواسم الطاعة، وليس هناك وقت لتضييع موسم طاعة، هذه الطاعة أيام تصومها وتقوم لياليها وتركز على حفظ القرآن وتلاوته مع التدبر، فلا حفظ إلا مع التدبر، وهذه نقطة ثانية في الإصلاح، فالحفظ هو الطرف الأول، والطرف الثاني: التدبر مع الحفظ، فليس فقط الحفظ هو المطلوب، بل القراءة مع التدبر هو المطلوب، فإن كنت تقرأ على الأقل أربعين آية في كل يوم قراءة تدبر وفهم وبإمرار الآية على القلوب، وتكون المعاني مفهومة فهو خير لك، فلا بد أن تتدبرها ولا تجعلها مجردة بالحفظ مع الاستطاعة.

    ومن كان في نفسه ضغينة على أحد فليسامحه، فسلامة القلوب من أعظم النعم التي من الله عز وجل بها علينا، ولعل الإخوة ذاقوا من حلاوة الاجتماع والطاعة من ذلك ما يغنيهم عن المسامحة.

    نسأل الله عز وجل أن يتقبل منا، وأن يغفر لنا أجمعين، وأن يمن علينا بحبه سبحانه وتعالى وحب من يحبه وحب عمل يبلغنا إلى حبه، ونسأله عز وجل أن يجعلنا من عتقائه من النار ومن المقبولين، وتقبل الله منا ومنكم وجزاكم الله خيراً.