وأصلي وأسلم على قائدي وقدوتي وقرة عيني وحبيبي محمد بن عبد الله القائل: (تكون فيكم النبوة ما شاء الله لها أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ما شاء الله لها أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عضوضاً ما شاء الله لها أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون حكماً جبرياً ما شاء الله لها أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة) بعد الملك العضوض الذي يورثه السابق إلى اللاحق يعض عليه عضاً، وبعد الحكم الجبري بالنار والحديد والإرهاب والسجون والمعتقلات والمشانق والتشريد، حكماً جبرياً قهرياً ماذا يكون بعده؟ قال الحبيب: (تكون خلافه على منهاج النبوة) وسكت صلى الله عليه وسلم.
ونحن هنا ندعو ربنا قائلين: اللهم عجل لهذه الخلافة بقائد رباني يسمع كلام الله ويسمعنا، وينقاد إلى الله ويقودنا، ويحكم بكتاب الله، رحماك بأمة محمد صلى الله عليه وسلم، فحالها كالأيتام على موائد اللئام، أو الشياه المطيرة في ليل بارد.
| أنى التفت إلى الإسلام في بلـد تجده كالطير مقصوصاً جناحاه |
اللهم إني أسألك لأمة محمد قائداً ربانياً يجعل يأسها رحمة، وقنوطها رجاء، وقلتها عزة، وذلتها رفعة، وجهلها علماً، وضلالها هداية، اللهم إني أسألك أن تعجل به، وأن تنصر إخواننا المجاهدين الذين يُعلون كلمة الحق والدين، وأن تفرج عن إخواننا المسجونين والمأسورين من الدعاة الصادقين، وأن تثبت إخواننا الغرباء المهاجرين القابضين على دينهم كالقابض على الجمر.
وأسألك اللهم أن تكرم شهداء أمة محمد، وأن تلحقنا بهم في عليين، في حواصل طير خضر في قناديل معلقة بالعرش، بعد طول عمر وحسن عمل. وأسألك اللهم أن تشفي مرضانا وترحم موتانا، اللهم رد المسلمين إلى الإسلام رداً جميلاً.
عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله، وأن تكثروا من (لا إله إلا الله) فإنه لا يرجح معها شيء عند لقاء الله يوم القيامة، ولو كانت السماوات والأرض حلقة فجاءت (لا إله إلا الله) لقصمتهن، وتقوى الله هي العاصم من القواصم:
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ
[الطلاق:2-3]، والضمان للأجيال:
وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً
[النساء:9].
أحبتي في الله: إن حرب الخليج الدائرة لا أراها إلا صورة من صورة الحرب الصليبية ، فإن الحرب الصليبية لم تنته حتى الآن، الصليب الحاقد الملطخ بالخنزير النجس، والمدعم بأولاد القردة وإخوان الخنازير من المرابين اليهود لا يزالون يحملون الأحقاد على هذا الدين، وعلى الأرض التي انطلق منها هذا الدين.
إنهم يعلمون بعمق عظمة هذا الدين، وأثره وحقيقته، مادام يرفع راية الجهاد في سبيل الله، وتقدمت جحافل محمد صلى الله عليه وسلم في خلافة الصديق بعد أن طهروا جزيرة العرب من الشرك والمشركين، وطهروها من أدعياء النبوة كـمسيلمة الكذاب والأسود العنسي وأمثالهم، انطلق خالد وأبو عبيدة لكي يحققا ما قاله هرقل ، ودخلوا بجيوش التوحيد والإيمان والقرآن، والصليب والإنجيل والتوراة مرفوعة فوق الرماح، ولهم همهمة ودمدمة، وقد بلغ الغبار إلى عنان السماء، وأحد الجنود يقول: ما أكثر الروم وأقل المسلمين! قال خالد : [بل والله ما أقل الروم وما أكثر المسلمين، إنما يقل الناس بالهزيمة ويكثر الناس بالنصر، لو أن خيلي الشقراء شفيت من مرضها وتوجيها ثم كان أضعافهم ما باليت بهم].
وخرج هرقل باكي العين كسير القلب بعد معارك اليرموك ينظر إلى جبال الشام الشاهقة ويقول: وداعاً يا جبال سوريا ، وداعاً لا عودة بعده.
وفتحت الشام ، وكسر الصليب، ورفعت راية: لا إله إلا الله.
واليهود والصليبيون دائماً بعضهم أولياء بعض، فاليهود لم تغب عن ذاكرتهم مجزرة بني قريظة في أسواق المدينة ، لم يغب عنهم إجلاء بني قينقاع وبني النضير، لم تغب عنهم راية علي بن أبي طالب الذي يحبه الله ورسوله وهو ينطلق إليهم في خيبر يفتحها حصناً حصناً، تحت صيحة الله أكبر الله أكبر، فأصبحت جزيرة العرب والإسلام شوكة في قلب اليهود وفي قلب النصارى.
وفتحها صلاح الدين بصيحة: الله أكبر، وظلت القدس مسلمة كما كانت، من يوم أن استلم مفاتيحها الفاروق عمر يدخلها حافية قدمه ملطخة بالطين، يجر بعيره خلفه، والغلام عليه راكب، وثوبه فيه سبع عشرة رقعة، بماذا فتحها الفاروق؟
بالشعارات الزائفة؟! بالمصابيح الملونة؟! بقطع من الخرق ترفرف؟! بماذا فتحها الفاروق وصلاح الدين بنداءات الباطنية أو الحزبية المقيتة؟
لا. قال الفاروق لـأبي عبيدة وأبو عبيدة يقول له: [يا أمير المؤمنين لو لبست غير هذا الثوب المرقع، قال: لو قالها غيرك يا
فلتتساقط جميع الشعارات العلمانية ، والحزبية، والباطنية، والشيطانية والإبليسية، وليبق نداء الله أكبر .. الله أكبر!
هذه هي الجولة الأخيرة التي وعد الله بها:
فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً
[الإسراء:7] اليهود والنصارى يخافون من هذه الجولة الأخيرة، لهذا يريدون إبادة العرب في جزيرة العرب ، ويتآمرون عليهم، وقد جاءتهم الفرصة ونحن أعطيناهم هذه الفرصة.
لما دخلت جيوش الاستعمار الصليبي في ديار العرب وأرض الشام، توجه القائد الفرنسي والقائد الإنجليزي كل واحد منهما إلى قبر، ذهب أحدهم إلى قبر صلاح الدين ثم وضع قدمه عليه وركله، وقال: الآن انتصرت الحروب الصليبية يا صلاح الدين ، وذهب الآخر إلى قبر خالد بن الوليد بـحمص ، وركله وقال: الآن انتصرت جيوش هرقل يا خالد بن الوليد.
وقد جاءوا الآن، اشتعلت حرب منذ ست سنوات، استنزفوا من خلالها القوى البشرية والمادية، وأنا على يقين لو أن القوى المادية التي تدعم هذه الحرب بجميع أنواع الأسلحة انتهت، وأصبح الناس في الخليج يأكلون التمر ويعيشون على الأسودين، فإن مصانع الحرب ستدفع السلاح إلى هذه المنطقة بلا ثمن، نعم، ستدفع لها بلا ثمن حتى لا يبقى أي إنسان يقول: لا إله إلا الله.
إن الأموال التي أخذناها من الذهب الأسود نعمة الله علينا الذي له ما في السماوات وما في الأرض وما تحت الثرى، وأعطانا ما تحت الثرى فضلاً منه ومنّة، سحبت هذه الأموال، وما تزال تسحب في الليل والنهار، وإلى متى مادامت الحرب مستعرة، وكم ذهبت فيها من أنفس وأرواح.
موسى عليه السلام قتل فرعونياً كافراً في زمن الفرعون الأول الذي كان يذبِّح الأولاد ويستحي النساء، ويقول: أنا ربكم الأعلى، والقتل كان خطأ، وأبى الله إلا أن يذكرها على موسى:
وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً
[طه:40] الله يسميها نفساً ويسميها قتلاً، فكيف من يبيد آلافاً وأجيالاً؟
إنهم يتآمرون علينا تماماً، وحرب الخليج هي صورة من صور الحرب الصليبية في المنطقة، يريدون أن يأخذوا ثأرهم من جزيرة العرب ، ثأرهم من أجل بني قريظة وخيبر وبني النضير وبني قينقاع، ومن أجل أرض خالد وأبي بكر وعمر وشرحبيل بن حسنة وأبي عبيدة عامر بن الجراح، إنهم يثأرون الآن ولكن ليس بجنودهم، يوفرون دماءهم وأرواحهم ويدفعونها بأرواحنا ودمائنا وأموالنا بلا ثمن.
لن تنتهي هذه الحرب بدعمها كلها أو بدعم أحد أطرافها، تنتهي يوم أن نعود إلى الله بصدق، تنتهي يوم أن نرفع راية الجهاد في سبيل الله؛ لأن راية الجهاد تعطيك إحدى الحسنيين إما النصر وإما الشهادة، والله سبحانه وتعالى يوم أن ترفع راية الجهاد فإن كانت مصانع السلاح لليهود الممولين ستدفع الآن أو في المستقبل لكي تستعر الحرب أسلحة بلا ثمن وبلا مقابل، حتى لا تقف الحرب، فإن هناك قواعد في الأرض وفي السماء لله رب العالمين، إذا ما رفعت راية الجهاد بصدق لإعلاء كلمة الله بصدق، فإن هناك القواعد الإلهية التي يأمرها، فتخرج وتدخل في المعركة جنود لم تحسبوا لها حساباً، كفيلة بأن تنهي الحرب، وأن تعود بالأمن والاطمئنان على هذه المنطقة.
هناك قاعدة الرعب يملكها الله:
سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ
[الأنفال:12].
وهناك قاعدة جبريل عليه السلام في السماوات العلى:
إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ
[الأنفال:12].
وهناك قاعدة الأمن يوم أن يحتاج الجندي القلق الذي ظل أرقاً من أزيز المدافع وقصف الصواريخ لا ينام إلا على الحبوب والمخدرات، لا يستطيع أن يغمض جفنيه، والسهر عذاب ما بعده عذاب، ولكن قاعدة الأمن يقول الله عنها يوم أن يأذن لجنودها:
إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ
[الأنفال:11] فإذا الجندي القلق في لحظات الأرق يكون آمناً مطمئناً ساكناً.
ويوم أن يقاتل المقاتل من أجل حزبه، أو رتبته أو راتبه، أو حتى من أجل المرأة التي يستمتع بها، وكما يقول المقاتل الجاهلي:
| ولقد ذكرتكِ والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي |
فإن من قاتل في سبيل الله، يقول الله له:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
[الأنفال:45] فأين من يذكر حزبه ودرهمه وديناره، ومعشوقته وولده وزوجته، ومن يذكر الله عند اللقاء، ستنـزل جنود من قواعد الوهن:
وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ
[الأنفال:18] ستنزل جنود من قواعد العزة والكثرة والمعية التي لا يملكها إلا الله
وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ
[الأنفال:19].
أحبتي في الله: لا طريق إلا هذا الطريق:
الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً
[النساء:76].
اللهم إنا نسألك نصرك المؤزر المبين لجندك وأوليائك المجاهدين في سبيلك، اللهم أي الجهاد في قلوب المسلمين المؤمنين، اللهم إنا نسألك نصراً كنصر يوم بدر ، وعزاً كعز جيش محمد صلى الله عليه وسلم، ندرأ بك في نحور أعدائنا، ونعوذ بك من شرورهم.
اللهم منزل الكتاب ومنشئ السحاب، وهازم الأحزاب، اهزم أعداءك وأعداءنا وأحزاب الباطل وانصرنا عليهم، إن نصرتنا قيل: نُصر الدين، وإن خذلتنا قيل: خُذل الدين، إن نظرت إلى ذنوبنا ومعاصينا فإنا نستحق العقوبة ولكن رحمتك أوسع ومغفرتك أعم، رحماك بالأطفال اليتامى والنساء الثكالى، والعجائز الركع والأطفال الرضع والبهائم الرتع، يا أرحم الرحمين! يا من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء! اكشف ما بأمتنا من سوء يا رب العالمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه.
أما بعد:
وكثرت الأيام حتى غطت على أيام الله، والرسول صلى الله عليه وسلم جعل كل الأيام سوى هذه الأيام.. جعلها كلها للجهاد في سبيل الله، يوم أن قال بتصريحه الخطير: (الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة) ألا نجعل له يوماً بعد سلب هذه الأيام التي له نحيي فيه القلوب، يشترك فيه الإعلام، تشترك فيه الأسرة، الكبير والصغير، إن الزحف الذي يأتي سيكون زحفاً على الدين والعقيدة، قبل أن يكون زحفاً على الأرض والمال.
حصنوا أولادكم وعلموهم أن خاتم النبيين والمرسلين هو محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه خاتم المعصومين لا معصوم غيره، علموا أولادكم أن خير الخلق من بعده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وأن خير القرون قرنه، وخير الناس أصحابه، هم العدول رفعوا الجهاد، وحفظوا سنته وقرآنه، وبلغوا دينه إلى مشارق الأرض ومغاربها، فمن سبهم أو شتمهم أو كفَّرهم فهو كافرٌ عند الله يوم القيامة.
علموا أولادكم وبناتكم أن أمهات المؤمنين كلهن طيبات مطيبات، عفيفات شريفات:
لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ
[الأحزاب:32] وهناك من يتهمهن وهو يرفع شعار الإسلام بهذا الاتهام، حسبنا الله ونعم الوكيل، لا تظنوا أن الحرب هي حرب سلاح ومال، والله إنها أخطر من السلاح والمال، إنها حرب العقيدة.
علموا أولادكم أن الذبح لا يكون إلا لله، ولا يجوز الحلف ولا الذبح ولا الطلب ولا الاستعانة ولا الاستغاثة إلا بالله ومن الله رب العالمين، ومن فعل غير ذلك فقد أشرك بالله الشرك الأكبر.
علموا أولادكم وثبتوهم على ذلك، قبل أن يأتي يومٌ تكون فيه فتنة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إذا خرجتم إلى خنادقكم فجددوا نياتكم لإعلاء كلمة الله ونصرة الدين، فمن قاتل دون عرضه أو مظلمته أو دينه أو دمه أو أرض مسلمة فقتل فهو شهيد في سبيل الله.
وإنكم على فضل وأنتم ترابطون على هذه النية أفضل من يومنا هذا، وأفضل من صلاتنا هذه، وأفضل من عبادة العُبَّاد، وأفضل من الاعتكاف والطواف حول البيت، وأفضل بكثير من الطاعات والعبادات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخبر عن هذه الحقيقة الكبيرة: (رباط يوم في سبيل الله خيرٌ من ألف يوم فيما سواه من المنازل)، وقال: (رباط يوم في سبيل الله خيرٌ من صيام شهر وقيامه، ومن مات مرابطاً وقي من فتنة القبر، ونمي له عمله إلى يوم القيامة)، وقال: (رباط شهر خير من صيام دهر، ومن مات مرابطاً في سبيل الله أمن من الفزع الأكبر، وغدا عليه رزقه وريح من الجنة، ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله) وقال صلى الله عليه وسلم: (رباط يوم في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خيرٌ من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها)، وقال: (مقام أحدكم في سبيل الله ساعة أفضل من صلاته في بيته سبعين عاماً).
وقال وهو يذكر الضمان، هذا هو الضمان الإلهي: (تضمَّن الله لمن خرج في سبيله: لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي، وإيمان بي، وتصديق برسلي، فهو علي ضامن إن توفيته أدخلته الجنة، أو أرجعته إلى مسكنه الذي خرج منه، نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة).
وسئل النبي عما يعادل أجر المرابط والمجاهد، فقال: (كمثل الصائم القائم الخاشع الراكع الساجد؛ لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله)، وقال: (لا يجتمع على عبد غبار في سبيل الله ودخان جهنم) وقال: (ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار) وقال: (عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله).
وقال صلى الله عليه وسلم للمرابطين في مواقعهم: (طوبى لعبد آخذٍ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع) إن استأذن لم يؤذن له: حالة طوارئ واستنفار، وقال أعظم من ذلك: (ساعة رباط في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود) ليلة القدر خير من ألف شهر، والركعة عند الحجر الأسود بمائة ألف ركعة، ساعة رباط في سبيل الله خير من ذلك.
ماذا يضر الصليبيين، ماذا يضر اليهود، ماذا يضر أعداء هذا الدين أن يصلي جميع المسلمين وأن يركع جميع المسلمين، وأن يعتكف عند المسجد الحرام جميع المسلمين ماداموا يلقون السلاح في وجه أعداء الله ورسوله؟ ولكن يضرهم مرابط واحد، مقاتل واحد، مجاهد واحد، لهذا جعل ساعته في رباطه خيراً من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود.
اللهم إنا نسألك هذا الفضل وهذا الأجر، اللهم ثبت جنودنا في مواقعهم على نية الجهاد والرباط في سبيلك.
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن والمحن والزلازل ما ظهر منها وما بطن.
اللهم إنا لا نتمنى لقاء العدو ونسألك العافية، اللهم إنا نسألك الثبات يوم الفتنة، والأمن يوم الفزع، والصبر يوم الجزع، والستر يوم الفضيحة، والإطعام يوم الجوع، والسقيا يوم الظمأ.
اللهم إنا نسألك العافية في الدنيا والآخرة، العافية في الجسد، والإصلاح في الولد، والأمن في البلد برحمتك يا أرحم الرحمين.
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
البث المباشرمن الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر