إخوتي وأخواتي المسلمين! هذه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها، أخذتها من كتاب المحدث في الديار الشامية محمد ناصر الدين الألباني متعنا الله ببقائه، وحرصت فيه على الاختصار.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة استقبل الكعبة في الفرض والنفل، وأمر صلى الله عليه وسلم بذلك فقال للمسيء صلاته وهو أعرابي صلى أمام النبي فلم يحسن الصلاة، فوجهه وعلمه كيف يصلي، قال له: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر).
وكان عليه الصلاة والسلام يصلي النوافل على راحلته ويوتر عليها حيث توجهت به شرقاً وغرباً، وفي ذلك قوله تعالى:
فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ
[البقرة:115] وكان أحياناً إذا أراد أن يتطوع على ناقته استقبل بها القبلة فكبر ثم صلى حيث وجهه ركابه وسارت به ناقته، وكان يركع ويسجد على راحلته إيماءً برأسه، ويجعل السجود أخفض من الركوع، وكان إذا أراد أن يصلي الفريضة نزل فاستقبل القبلة.
وأما في صلاة الخوف الشديد فقد شرَّع لأمته أن يصلوا رجالاً -وهم يمشون على أقدامهم- أو ركباناً -على ظهور الدواب- مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها، وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا اختلطوا فإنما هو التكبير والإشارة بالرأس) إذا اختلطوا: أي إذا اختلط الجنود بالعدو في الجهاد.
وكان صلى الله عليه وسلم يقول: (ما بين المشرق والمغرب قبلة) قال جابر رضي الله عنه: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير أو سرية فأصابنا غيم؛ فتحرينا واختلفنا في القبلة فصلى كل رجل منا على حده فجعل أحدنا يخط بين يديه لنعلم أمكنتنا، فلما أصبحنا نظرناه فإذا نحن صلينا إلى غير القبلة، فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يأمر بالإعادة وقال: قد أجزأت صلاتكم).
وكان عليه الصلاة والسلام يصلي نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه قبل أن تنزل عليه هذه الآية:
قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
[البقرة:144] فلما نزلت استقبل الكعبة، فبينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة ألا فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا واستدار إمامهم حتى استقبل بهم الكعبة.
وقال عمران بن حصين رضي الله عنه: (كانت بي بواسير فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب) وقال أيضاً: سألته عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال: (من صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائماً -وفي رواية- مضطجعاً فله نصف أجر القاعد).
والمراد به المريض فقد قال أنس رضي الله عنه: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناس وهم يصلون قعوداً من مرض فقال: إن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم) وعاد عليه الصلاة والسلام مريضاً فرآه يصلي على وسادة فأخذها فرمى بها، فأخذ المصلي عوداً ليصلي عليه، فأخذه النبي فرمى به، وقال: (صل على الأرض إن استطعت، وإلا فأومئ إيماءً، واجعل سجودك أخفض من ركوعك).
وسئل صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في السفينة فقال: (صل فيها قائماً إلا أن تخاف الغرق).
ولما أسنَّ أي: كبر سنه صلى الله عليه وسلم اتخذ عموداً في مصلاه يعتمد عليه.
وكان يصلي ليلاً طويلاً قائماً وليلاً طويلاً قاعداً، وكان إذا قرأ قائماً ركع قائماً، وإذا قرأ قاعداً ركع قاعداً، وكان أحياناً يصلي جالساً فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأها وهو قائم ثم ركع وسجد، ثم يصنع في الركعة الثانية مثل ذلك، وإنما صلى السبحة جالساً في آخر حياته لما أسن، وذلك قبل وفاته بعام، وكان يجلس متربعاً إذا صلى قاعداً.
وصلى عليه الصلاة والسلام مرة على المنبر يعلم الناس كيف يصلون، والمنبر كان له ثلاث درجات (فقام عليه فكبر وكبر الناس ورأوه -أي الناس- وكبروا وراءه وهو على المنبر، ثم ركع وهو على المنبر، ثم رفع من الركوع فنزل القهقرى أي: رجع إلى الخلف حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد فصنع فيها كما صنع في الركعة الأولى حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: يا أيها الناس إني صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي).
وأحياناً كان يأخذ الرحل -وهو: الذي يوضع على ظهر الناقة ليجلس عليه راكبها- كان يأخذ الرحل فيعدله فيصلي إلى آخرته -أي: يجعله سترة- وكان يقول: (إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبال من مر وراء ذلك).
وصلى مرة إلى شجرة، وكان أحياناً يصلي إلى السرير وعائشة رضي الله عنها مضطجعة عليه تحت قطيفتها، وكان لا يدع شيئاً يمر بين يديه وبين السترة، فقد كان يصلي إذ جاءت شاة تسعى بين يديه فساعاها حتى ألصق بطنه بالحائط، ومرت من ورائه عليه الصلاة والسلام، فلم يترك الشاة تمر بينه وبين السترة، بل دنا حتى التصق بالجدار ومرت الشاة خلفه.
وصلى صلاة مكتوبة فمد يده -مد يده أمامه كأنه يمسك شيئاً- فلما صلى قائماً قال الصحابة: (يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ قال: لا. إلا أن الشيطان أراد أن يمر بين يدي فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدي، وايم الله لولا ما سبقني إليه أخي سليمان -أي: الملك سليمان- لارتبط -أي: لربطت هذا الشيطان- إلى سارية من سواري المسجد حتى يطوف به ولدان أهل المدينة ، فمن استطاع ألا يحول بينه وبين القبلة أحد فليفعل).
وكان يقول: (إذا قال الإمام: الله أكبر، فقولوا: الله أكبر) أي: لا تسبقوا الإمام بالتكبير وإنما قولوا بعده.
وكان يرفع يديه تارة مع التكبير وتارة بعد التكبير، وتارة قبل التكبير، وكان يرفعها ممدودة الأصابع لا يفرج بين الأصابع ولا يضمها أيضاً، وكان يجعلهما حذو منكبيه أي حذو الكتفين، وربما كان يرفعهما حتى يحاذي بهما فروع أذنيه صلى الله عليه وسلم.
ومر برجل وهو يصلي وقد وضع يده اليسرى على اليمنى فانتزعهما النبي صلى الله عليه وسلم ووضع اليمنى على اليسرى، وكان يضع اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد، وأمر بذلك أصحابه، وكان أحياناً يقبض باليمنى على اليسرى.
وكان يضعهما على الصدر، وكان ينهى عن الاختصار في الصلاة، الاختصار: أن يضع الإنسان يديه في خاصرته عن اليمين وعن الشمال نهى عن ذلك.
وقد صلى في خميصة، والخميصة: ثوب من صوف أو من خز معلم -أي: فيه خطوط وعلامات- صلى في خميصة لها أعلام فنظر إلى أعلامها نظرة وهو يصلي فلما انصرف قال: (اذهبوا بخميصتي هذه إلى
وكان لـعائشة ثوب فيه تصاوير ممدود إلى سهوة -والسهوة: بيت صغير منحدر في الأرض قليلاً، شبيه بالمخدع والخزانة، أي: سرداب صغير المدخل مغطى بستارة فيها بعض التصاوير- فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليه فقال لـعائشة : (أخرجيه فإنه لا تزال تصاويره تعرض علي في صلاتي) وكان يقول: (لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان) أي: إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة ابدأ بالطعام حتى لا ينشغل قلبك وأنت تصلي، كذلك الذي يدافعه الأخبثان: الريح أو البول أو قضاء الحاجة فليذهب وليتخفف وليقض حاجته، ثم بعد ذلك يصلي مرتاحاً خاشعاً مخبتاً لله رب العالمين.
والدعاء الثاني أيضاً يقول: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنبي جميعاً إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، والمهدي من هديت، إنا بك وإليك، لا منجى ولا ملجأ منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك) وكان يقوله في الفرض والنفل أيضاً.
الدعاء الثالث كان يقول: (أنت ربي وأنا عبدك، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك).
وهناك دعاء استفتاح رابع يقول: (وأنا من المسلمين -ثم يزيد- اللهم اهدني لأحسن الأخلاق وأحسن الأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيئ الأخلاق والأعمال لا يقي سيئها إلا أنت).
وهناك دعاء خامس أيضاً يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) وقال عليه الصلاة والسلام: (إن أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد: سبحانك اللهم ..) أي: هذا الاستفتاح الذي ذكرته لكم.
وهناك استفتاح سادس يقول: (لا إله إلا الله (ثلاثاً) الله أكبر كبيراً (ثلاثاً)) هذا في صلاة الليل.
وهناك استفتاح سابع يقول بعد التكبيرة مباشرة: (الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً) وقد استفتح بهذا الدعاء رجل من الصحابة فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: (عجبت لها! فتحت لها أبواب الجنة).
وهناك دعاء ثامن أيضاً يقول فيه: (الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه) وقد استفتح به رجل آخر فقال: (لقد رأيت اثنا عشر ملكاً يبتدرونها أيهم يرفعها) وهذا ورد أيضاً بالرفع من بعد الركوع.
وهناك دعاء تاسع، هذا في تهجد الليل يقول: (اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن) معنى: أنت نور السماوات والأرض: أي منور السماوات والأرض، سبحانك لا إله إلا أنت، وبنورك يهتدي من فيهما من المخلوقات: (ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك حق، وقولك حق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، والنبيون حق، ومحمد حق، اللهم لك أسلمت، وعليك توكلت، وبك آمنت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، أنت ربنا وإليك المصير، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، أنت إلهي لا إله إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك) وكان يقوله صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل.
هناك أيضاً استفتاح عاشر يقول فيه: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم).
وكان له أيضاً دعاء آخر يدعو به في الاستفتاح: كان يكبر عشرا،ً ويحمد عشراً، ويسبح عشراً، ويهلل عشراً، ويستغفر عشراً، ويقول: (اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني (عشراً)) ويقول: (اللهم إني أعوذ بك من الضيق يوم الحساب (عشراً) -وأيضاً يستفتح- يقول: الله أكبر (ثلاثاً) ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة).
وكان يقول عليه الصلاة والسلام: (ما أنزل الله عز وجل في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن، وهي المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته) (أي الفاتحة).
وجعل الإنصات لقراءة الإمام من تمام الائتمام به فقال: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا) كما جعل الاستماع له مغنياً عن القراءة وراءه فقال: (من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة) هذا في الصلاة الجهرية.
وأما في السرية فقد أقرهم على القراءة فيها وإنما أنكر التشويش عليه بها، وذلك حين صلى الظهر بأصحابه فقال: (أيكم قرأ
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى
[الأعلى:1] فقال رجل: أنا، ولم أرد بها إلا الخير. فقال: قد عرفت أن رجلاً خالجنيها) وفي حديث آخر: كانوا يقرءون خلف النبي صلى الله عليه وسلم فيجهرون به فقال: (خلَّطتم علي القرآن) وقال: (إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض في القرآن) وكان يقول: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول: (الم) حرف، ولكن (ألف) حرف، و(لام) حرف، و(م) حرف) إذاً في الصلاة السرية نهاهم أن يرفعوا أصواتهم فيختلط القرآن على بعضهم البعض أو على الإمام، وإنما يقرءون ذلك في أنفسهم، ويحركون شفاههم، ويسمعون أنفسهم فقط.
وكان يقول: (ما حسدتكم اليهود على شيء، ما حسدتكم على السلام والتأمين خلف الإمام) أي أن هاتين العبادتين يحسدنا اليهود عليها وهما: إفشاء السلام والتأمين.
وكان يقول: (إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي؛ فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه) وهذا من رحمته صلى الله عليه وسلم.
وكان يبتدئ من أول السورة ويكملها في أغلب أحواله ويقول: (أعطوا كل سورة حظها من الركوع والسجود -وفي لفظ- لكل سورة ركعة) وكان تارة يقسمها في ركعتين، وتارة يعيدها كلها في الركعة الثانية، وكان أحياناً يجمع في الركعة الواحدة بين سورتين أو أكثر.
وقد كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة يبدأ بـ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
[الإخلاص:1] حتى يفرغ منها ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى، فإما أن تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى، فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر، قال: (يا فلان! ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟ وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ فقال: إني أحبها يا رسول الله. فقال: حبك إياها أدخلك الجنة).
وكان يقول: (أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته، قالوا: يا رسول الله! وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها وسجودها) وكان يصلي فلمح بمؤخرة عينه إلى رجل لا يقيم صلبه في الركوع والسجود فلما انصرف قال: (يا معشر المسلمين! إنه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود) أي: لا يطمئن.
وقال في حديث آخر: (لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود) وقد لاحظت بعض النساء إذا رفعت من الركوع قبل أن تستقيم في الرفع وتقف معتدلة تخر ساجدة، وهذا متفشٍ في النساء كثيراً، والصلاة باطلة إذا لم يطمئن العبد فيها، وكذلك رأيت إخواني الأحناف وبالأخص الأفغان رأيتهم إذا رفعوا من الركوع لا يطمئنون في الاعتدال بعد الرفع، وإنما عندما يرفع رأسه من الركوع قليلاً يهوي ساجدً إلى الأرض، وهذا لا يجوز؛ فإن الاطمئنان ركن من أركان الصلاة.
وكان يقرأ ثلاث سور من الطوال في القيام، في الركعة الأولى قرأ البقرة والنساء وآل عمران يتخللها دعاء واستغفار.
وبعض الأذكار في الركوع يقول: (سبحان ربي العظيم وبحمده (ثلاثاً)) أو يقول: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) أو يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي) وكان يكثر منه في ركوعه وسجوده يتأول القرآن، فالقرآن قال له:
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً
[النصر:3] فكان يتأول القرآن فيقول: (سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي).
ومن أدعية الركوع أيضاً وأذكاره يقول: (اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، أنت ربي، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي -وفي رواية- وعظامي وعصبي وما استقلت به قدمي لله رب العالمين) ويقول أيضاً: (اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، أنت ربي خشع سمعي وبصري ودمي ولحمي وعظمي وعصبي لله رب العالمين) ويقول أيضاً في الركوع: (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة) وهذا قاله في صلاة الليل.
وفي حديث آخر (فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) وكان يرفع يديه عند هذا الاعتدال على الوجوه المتقدمة في تكبيرة الإحرام، أي: أنه إذا اعتدل من الركوع رفع يديه مثل تكبيرة الإحرام ويقول وهو قائم: (ربنا ولك الحمد -وفي رواية- ربنا لك الحمد -بدون الواو، وفي رواية يضيف- اللهم ربنا ولك الحمد) وكان يأمر بذلك فيقول: (إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه).
ويقول أيضاً: (ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) وتارة يقول في الليل: (لربي الحمد، لربي الحمد، لربي الحمد) يكررها، حتى كان قيامه نحواً من ركوعه الذي كان قريباً من قيامه الأول، وكان يقرأ فيه سورة البقرة.
وأيضاً يقول: (ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ومبارك عليه، كما يحب ربنا ويرضى) وكان رجل يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال هذا الذكر بعدما رفع النبي من الركوع وقال: (سمع الله لمن حمده .. فسمع رجلاً خلفه فقال: من المتكلم آنفاً؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أولاً) والرجل قال: (ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى) لما قال ذلك تسابق أكثر من ثلاثين ملكاً ليرفعوها إلى الله رب العالمين.
وكان يقول: (لا ينظر الله عز وجل إلى صلاة عبد لا يقيم صلبه بين ركوعها وسجودها).
ثم يقول: (الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله).
وكان يقول: (لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب الجبين) وكان أيضاً يمكن ركبتيه وأطراف قدميه ويستقبل بأطراف أصابعهما -أصابع القدمين- القبلة، ويرصُّ عقبيه، وينصب رجليه وأُمر بذلك صلى الله عليه وسلم.
فهذه سبعة أعضاء كان عليه الصلاة والسلام يسجد عليها: الكفان، والركبتان، والقدمان، والجبهة، والأنف. وقد جعل صلى الله عليه وسلم العضوين الأخيرين كعضو واحد في السجود حيث قال: (أمرت أن أسجد -وفي رواية- أمرنا أن نسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده على أنفه والجبهة- واليدين -وفي لفظ- الكفين، والركبتين وأطراف القدمين، ولا نكفت الثياب والشعر) -أي: لا نلملم الثوب ونعدل الشعر أثناء ما نصلي، ولا نكثر الحركة في الصلاة- وكان يقول: (إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب -أعضاء-: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه).
وقال في رجل صلى ورأسه معقوص من ورائه أي: أنه جاعل له ظفيرة، وعاقد الشعر فوق رأسه- فقال: (إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف) أي أن مثل هذا الذي يصلي بهذه الحالة كأنه يصلي وهو مكتوف وأمره بحلها.
وكان يبالغ في ذلك حتى قال بعض الصحابة: (إن كنا لنأوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم يجافي بيديه عن جنبيه إذا سجد) نأوي: أي نحِن ونرثي ونرق للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لشدة ما نراه يجافي بين يديه إذا سجد صلى الله عليه وسلم.
وكان يأمر بذلك فيقول: (إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك) ويقول: (اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب) وفي لفظ آخر يقول: (ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش الكلب) أي: لا تبسط ذراعك وأنت ساجد وإنما ارفع المرفق، وكان يقول: (لا تبسط ذراعيك بسط السبع، وادعم على راحتيك، وتجاف عن ضبعيك؛ فإنك إذا فعلت ذلك سجد كل عضو منك معك).
ومن أذكار السجود يقول: (اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وأنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه وصوره فأحسن صوره، وشق سمعه وبصره، فتبارك الله أحسن الخالقين) ويقول: (اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله، أوله وآخره، علانيته وسره، ثم يقول: سجد لك سوادي، وخيالي، وآمن بك فؤادي، وأبوء بنعمتك علي، هذه يدي وما جنيت على نفسي) أو يقول: (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة) ويقول أيضاً: (سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت) أو يقول: (اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت) أو يقول: (اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي لساني نوراً، واجعل في سمعي نوراً، وعن يميني نوراً، وعن يساري نوراً، واجعل أمامي نوراً، واجعل خلفي نوراً، واجعل في نفسي نوراً، وأعظم لي نوراً) أو يقول: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك).
الرسول صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصحابة في صلاة الظهر أو العصر وهو حامل حسناً أو حسيناً رضي الله عنهما، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه عن قدمه اليمنى ثم كبر للصلاة فصلى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها، قال الصحابي: فرفعت رأسي من بين الناس فإذا بالصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس: يا رسول الله.. إنك سجدت بين ظهراني صلاتك هذه السجدة فأطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني -ركب على ظهري- فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته) أي: كرهت أن أستعجله بالنزول حتى يشبع من اللعب، وهذا الحديث يبين اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بخاصية اللعب للأطفال وذلك من رحمته صلى الله عليه وسلم.
ويقول: (إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من يعبد الله، فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود) وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود، فيخرجون من النار فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود.
وكان ينصب رجله اليمنى، ويستقبل بأصابعه القبلة، وكان أحياناً يقعي فينتصب على عقبيه وصدور قدميه، وكان عليه الصلاة والسلام يطمئن حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، وأمر بذلك المسيء لصلاته وقال له: (لا تتم صلاة أحد حتى يفعل ذلك) وكان يطيلها حتى تكون قريباً من سجدته، وأحياناً يمكث حتى يقول القائل: قد نسي؛ عليه الصلاة والسلام، لطول جلسته واعتداله بين السجدتين.
وكان عليه الصلاة والسلام يرفع يديه مع هذا التكبير أحياناً، وكان يصنع في هذه السجدة مثلما صنع في الأولى.
ثم يرفع رأسه مكبراً وأمر بذلك المسيء لصلاته فقال له بعد أن أمره بالسجدة الثانية كما مر: (ثم ارفع رأسك فكبر وقال له: ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة، فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، وإن أنقصت منه شيئاً أنقصت من الصلاة) وكان يرفع يديه أحياناً عليه الصلاة والسلام.
وفي الركعة الثانية يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم يفتتح بالفاتحة ويبدأ عليه الصلاة والسلام يكملها ويقرأ سورة معها، ويصنع في الركعة الثانية ما صنعه في الركعة الأولى التي بيناها.
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً وهو جالس معتمداً على يده اليسرى في الصلاة فقال: (إنها صلاة اليهود) وفي لفظ: (لا تجلس هكذا إنما هذه جلسة الذين يعذبون) وفي حديث آخر: (هي قعدة المغضوب عليهم).
ورأى رجلاً يدعو بإصبعيه فقال: (أحِّد أحِّد، وأشار بالسبابة) أي أنه يحرك إصبعين مع بعضهما أو يحرك اليمين والشمال فقال: (أحِّد أحِّد) أي: وحد الله أو وحد الإصبع لتوحيد الله بهذه الإشارة، ولا تجعل إشارتين.
وكان إذا نسيها في الركعتين الأوليين يسجد للسهو، أي: أنه إذا نسي التحيات لله الذي يعتبر التشهد الأول يسجد قبل أن يسلم سجوداً للسهو سجدتين.
وكان يأمر به فيقول: (إذا قعدتم في ركعتين فقولوا: التحيات... إلخ وليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه، فليدع الله عز وجل به) وفي لفظ: (قولوا في كل جلسة: التحيات) وأمر به المسيء لصلاته أيضاً، وكان صلى الله عليه وسلم يعلمهم التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن، ومن السنة إخفاؤها وعدم الجهر بها.
يقول: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله يقول: قلنا ذلك وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا: السلام على النبي) هذا كلام ابن مسعود رضي الله عنه، ولا بأس أن يقول العبد: السلام عليك أيها النبي، فهذا ليس فيه سؤال الميت أو نداؤه، وإنما هذا فيه دعاء، ويجوز الدعاء للميت، فأنت تدعو له تقول: السلام عليك أيها النبي، فهذا دعاء له وليس سؤالاً، فيجوز أن تقول: (السلام على النبي) كما كان يفعل ابن مسعود، وأن تلتزم بالنص والمتن الذي علمه رسول الله الصحابة فتقول: (السلام عليك أيها النبي) وليس في ذلك حرج بل هو دعاء للرسول صلى الله عليه وسلم.
ويقول أيضاً: (اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد عبدك ورسولك وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم).
ويقول أيضاً: (اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد) ويقول: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد) كلها تجزئ.
وكان يقرأ في كل من الركعتين الفاتحة وأمر بذلك المسيء لصلاته، وكان ربما أضاف إليهما في صلاة الظهر بضع آيات كما سبق بيانه.
وكان عليه الصلاة والسلام يقنت في ركعة الوتر أحياناً ويجعله قبل الركوع، وعلَّم الحسن بن علي أنه كان يقول إذا فرغ من قراءته في الوتر: (اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لا ملجأ منك إلا إليك).
والتشهد الأخير واجب! بعد أن يتم الركعة الرابعة يجلس للتشهد الأخير، إلا أنه كان يقعد فيه متوركاً لا مفترشاً -أي: على وركه الشمال- لا يفترش القدم الشمال، ويفضي بوركه اليسرى إلى الأرض، ويخرج قدميه من ناحية واحدة، ويجعل اليسرى تحت فخذه وساقه، وينصب اليمنى، وربما فرشها أحياناً، وكان يلقم كفه اليسرى ركبته يتحامل عليها أي: يتكئ عليها.
وكان عليه الصلاة والسلام يدعو به في التشهد، وكان يعلمه الصحابة رضي الله عنهم كما يعلمهم السورة من القرآن، وكان يدعو في صلاته بأدعية متنوعة تارة يدعو ويقول عليه الصلاة والسلام: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر) وهو الدعاء الذي مر آنفاً، أو يقول: (اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل، اللهم حاسبني حساباً يسيراً) أو يقول: (اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق -وفي رواية كلمة الحكم والعدل- في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيماً ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع -في رواية: لا تنفد- وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النضر إلى وجهك، وأسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين).
وعلَّم أبا بكر أن يقول: (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) وكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو بهذا الدعاء.
وأيضاً علَّم عائشة : (اللهم إن أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك من الخير ما سألك به عبدك ورسولك محمد، وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته لي رشداً) وهكذا كانت عائشة تدعو رضي الله عنها.
وسمع رجلاً يقول في تشهده: (اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم، لما سمعه قال: قد غفر له) وسمع آخر يقول في تشهده أيضاً: (اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، المنان يا بديع السماوات والأرض! يا ذا الجلال والإكرام! يا حي يا قيوم! إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتدرون بما دعا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه الأعظم -وفي رواية- الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل أعطى) وكان يقول بين التشهد والتسليم: (اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت).
وكانوا يشيرون بأيديهم إذا سلموا عن اليمين وعن الشمال، هكذا كان يفعل الصحابة فرآهم النبي يفعلون ذلك، إذا سلم أشار يميناً وإذا سلم شمالاً أشار شمالاً قال: (ما شأنكم تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟! إذا سلم أحدكم فليلتفت إلى صاحبه ولا يومئ بيده) فلما صلوا معه أيضاً لم يفعلوا ذلك أي: تابوا من الإشارة، واكتفوا بالسلام.
قال: (إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه، ثم يسلم على أخيه من على يمينه وشماله) وهذه النية يغفلها كثير من المصلين، فأنت عندما تسلم وتلتفت انو بهذا الالتفات وهذا التسليم السلام على إخوانك المصلين في المسجد؛ حتى يكتب الله لك ذلك الأجر فلا تتحول العبادة إلى عادة.
وكان عليه الصلاة والسلام يخبر عن وجوب السلام (وتحليلها -الصلاة- بالتسليم) وهذا آخر ركن من أركان الصلاة، وهذا ما يسره الله سبحانه وتعالى في تعليم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مع الاختصار الشديد، وأسأل الله سبحانه أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، ولا تحرمونا من دعائكم الصالح.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
البث المباشرمن الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر