اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , كيف يكون النشور؟! للشيخ : سعيد بن مسفر
وبعد:
لكل شيء في هذه الحياة صورةٌ وحقيقة، والصورة لا تغني عن الحقيقة شيئاً، ولا تقوم بدور الحقيقة، تقوم بدورها في الإعلام والبيان والإخبار فقط، أما في المسئولية والقيام بالواجب والدور الذي يُطْلَب من الحقيقة فلا تستطيع الصورة أن تؤدي دور الحقيقة.
وصورة الورقة النقدية لو أن أحداً أخذ [500] ريال وصوَّرها وذهب بها إلى السوق هل تصرف له؟ يقولون: هذه صورة لا نقبلها، رغم أن الرقم والتوقيع وكل شيء مطابق؛ لكنها صورة، فالصورة لا تنفع.
حتى في المعاملات الرسمية الآن لا يُتَّخَذ إجراء مالي على صورة؛ الإجراء المالي على أصل القرار، فلو أن شخصاً تَعَيَّن أو نُقِل أو انتُدِب، أو ابتُعِث ويريد صرف مبالغ مالية مترتبة على هذا التعيين، أو على هذا البعث، أو على الانتداب، على ماذا يتخذ الإجراء؟ على أصل القرار، لماذا؟ لأنه هو الذي ينفع، أما الصورة فهي للإحاطة؛ ولا تؤدي دور الحقيقة.
بل إن الحقيقة وإن كانت ضئيلة فهي تؤدي الدور عن الصورة مهما كانت الصورة عظيمة، ألا ترون صورة الأسد المعلَّق الآن في بعض جدران بيوت المسلمين وهذا خطأ، فتعليق صور الحيوانات في البيوت يكون سبباً في طرد الملائكة والعياذ بالله، فالملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب أو صورة، وهذا في الصور المعلقة، أما الصور الممتهنة أو التي ليست معلقة فقد أفتى سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز أنها مَعْفُوٌّ عنها، مثل: الصور التي تكون في شهادة أو في أي شيء مما تدعو إليه الضرورة- فصورة الأسد تراها لكن هل أحد يخاف من هذه الصورة؟! بل لو دخل الفأر وهو أضعف المخلوقات ويضرب به المثل في الذلة، ووجد صورة الأسد من قماش فإنه ربما يأكلها! فحقيقة الفأر تأكل صورة الأسد، ولا تمتنع صورة الأسد من حقيقة الفأر، فالحقيقة مهما صَغُرت أعظم قدراً من الصورة مهما كَبُرت.
لو دخل أسد إلى المدينة الآن فهل أحدٌ سيخرج؟! بل ستتحرك وسائل الدفاع المدني والإسعافات، والكل سيدخل بيته، ولن يخرج شخص، بخلاف الصورة فإنها معلقة في الصحف وفي الجدران ولا أحد يخاف منها.
ويوم أن كان المسلم حقيقة كان له دور، كان يقوم بدور الأسد، يقول عليه الصلاة والسلام: (نُصِرْتُ بالرعب مسيرة شهر) مسيرة شهر في الأمام، ومسيرة شهر في الخلف، ومسيرة شهر في اليمين، ومسيرة شهر في الشمال، والرعب يقطِّع قلوب أعدائه على مسيرة شهر! لماذا؟! لأنها حقيقة المسلم، الإيمان حل في قلوبهم، فنصرهم الله بالرعب الذي يقذفه في قلوب أعدائهم؛ لكن لَمَّا عُدِمت الحقيقة الإيمانية من قلوب المسلمين هُزِموا بالرعب مسيرة سنة، فإسرائيل في طرف الأرض؛ لكنهم يخافون منها وهم في الطرف الثاني، وهم الذين قال الله فيهم: وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ [البقرة:61].
ويقول: لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُر [الحشر:14] لا يستطيع اليهودي أن يبرز في الميدان ليقاتل بالسلاح الأبيض أبداً، ولهذا الآن السلاح الذي حمله أطفال الحجارة. وهي حجارة صغيرة، حتى قال بعض أهل العلم: إن الحجارة الآن أصبحت نادرة في فلسطين ، ولم تعد هناك صخور، فقد جمَّعها اليهود؛ لأنهم يخافون من الحجارة، وترى اليهودي جالساً وراء الجدار وبندقيته معه، ورشاشه معه، مدججاً بالسلاح؛ ويخاف من الحجر الصغير؛ لأنه مضروب عليه الذل، فممن يخاف؟! من طفل أو طفلة، يطارد، ويضرب بالقنابل المسيلة للدموع، ويقتل، من أجل الحقيقة التي وُجِدَت في قلوب المؤمنين، من الصغار الذين يجاهدون الآن في فلسطين، ولا أحدٌ يدري عنهم، إلا كل يوم تسمعون: شهيد.. شهيد.. شهيد.. إلى متى هذا؟ لا إله إلا الله!
ونحن نأمل إن شاء الله أن تعود الحقيقة إلى هذه الأمة بإذن الله، مع هذا التوجُّه الذي نلمسه الآن، وهذا الإقبال الذي نلحظه في صفوف الشباب، وفي صفوف المسلمين بصفة عامة، حين تُعْمَر بيوت الله بالذكر، وتُعْمَر بيوت الله بالصلوات، ويبتعد الشباب -والحمد لله- عن طرق الفساد، ووسائل الشر، ويتركون الغناء والزنا والمحرمات، ويقبلون على العلم، وعلى قراءة القرآن، وعلى دراسة كتب الصحاح من كتب السنة، ويقبلون على الله، فهؤلاء سيكون -بإذن الله عزَّ وجلَّ- على أيديهم الحقيقة؛ لأنهم يدركونها، بإذن الله عزَّ وجلَّ.
يقول الناظم:
في قديم الدهر كنا أمة>>>>>لهف نفسي كيف صرنا أمما؟!
ويقول الثاني:
مَلَكْنا هذه الدنيا قرونا>>>>>وأخضعها جدودٌ خالدونا
وسَطَّرنا صحائف من ضياءٍ>>>>>فما نسي الزمانُ ولا نسينا
حملناها سيوفاً لامعاتٍ>>>>>غداة الرَّوْعِ تأبى أن تلينا
إذا خرجت من الأغماد يوماً>>>>>رأيتَ الهولَ والفتحَ المبينا
وكنا حين يأخذنا عدوٌ>>>>>بطغيانٍ ندوسُ له الجبينا
صرخت امرأة في عمورية وقالت: وامعتصماه!! لأنها ذات يوم كانت تبيع وتشتري، فجاء علج كافر من ورائها، وربط طرف ثوبها إلى ظهرها وهي جالسة ولم تعلم، فلما قامت انكشفت عورتها، فقالت: وامعتصماه! وهو في بغداد ، فجهز جيشاً أوله في عمورية وآخره في بغداد ، ولكن..
رُبَّ وا معتصماه انطلقتْ>>>>>ملء أفواه الصبايا اليُتَّمِ
لا مست أسماعهم لكنها>>>>>لم تلامس نخوة المعتصمِ
ويقول آخر:
وكنا حين يأخذنا عدوٌ>>>>>بطغيانٍ ندوسُ له الجبينا
ثم قال:
وما فتئ الزمان يدور حتى>>>>>مضى بالمجد قومٌ آخرونا
وأصبح لا يُرى في الركب قومي>>>>>وقد عاشوا أئمته سنينا
تُرَى هل يرجع الماضي فإني>>>>>أذوب لذلك الماضي حنينا
ملكنا حقبة في الأرض مُلْكاً>>>>>يدعِّمه شبابٌ طامحونا
شبابٌ لم تحطِّمه الليالي>>>>>ولم يُسْلِم إلى الخصم العرينا
وما عرفوا الأغاني مائعاتٍ>>>>>ولكنَّ العُلا صيغت لحونا
وما عرفوا التخنُّث في بناتٍ>>>>>وما عرفوا التأنُّث في بنينا
إذا جن المساء فلا تراهم>>>>>من الإشفاق إلا ساجدينا
هؤلاء -إن شاء الله- سيكون على أيديهم نصرة الإسلام، وعودة القدس بإذن الله، وسيطرة الإسلام على العالم بعد أن رأينا بذور النصر وفجره يطل من أرض الأفغان، فهناك شباب عزل ليس عندهم شيء إلا الإيمان.
وعندما سألوه: مَن يزودكم بالسلاح؟ قال: روسيا . قالوا: كيف ذلك؟! قال: نقتِّلهم ونأخذ أسلحتهم.
فقال لهم سياف نحن قد بايعنا الله على الجنة بأموالنا وأنفسنا، وأما النصر على الأعداء، وفتح جلال أباد، واحتلال كابل، وطرد الشيوعيين فهذا ليس من ضمن العقد إنما هو ربح؛ لأن الله قال: وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا [الصف:13] ما هي؟! نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ [الصف:13] وهذه ليست ضمن العقد؛ العقد: أن لكم الجنة بالمال والنفس، ادفعوا المال والنفوس ولكم الجنة، والربح إن جاء من الله فهو فضل. يقول: وإن لم يأتِ فالعقد الذي بيننا وبين الله قد أمضيناه، وما بقي إلا هذه، إن أتت فهي مكسب، وإن لم تأتِ فنحن والله لن نقف حتى نموت أو ننتصر.
هذه هي القوة العظيمة، حتى اضطرت روسيا إلى أن تنسحب من أفغانستان ، وأن تراجع حساباتها مع مبادئ ماركس ، وأن تعلن التمرد عليها، ثم ينتشر هذا في الدول الشرقية: شرق أوروبا ، في رومانيا ، وتشيكوسلوفاكيا ، ويوغسلافيا ، وبلغاريا ؛ بلغاريا التي -قبل ثلاثة أشهر- تجبر كل مسلم أن يغير اسمه، إذا جاء له ولد لا يسميه محمد، ولا علي، ولا عبد الله، لا بد أن يسميه باسم كافر وإلا فالذبح، وقبل ثلاثة أيام اجتمع مجلس الشعب الخاص بهم وقرر إعطاء المسلمين حريتهم في اختيار أسمائهم، وممارسة عباداتهم، وعدم ممارسة أي ضغط عليهم: نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ [الصف:13] فهذه هي الحقيقة -أيها الإخوة- وهذه هي الصورة.
الإيمان له ثلاث حقائق:
- حقيقة في اللسان.
- وحقيقة في القلب والجنان.
- وحقيقة في الجوارح والأركان.
أما حقيقة اللسان فهي: النطق بالشهادتين.
وحقيقة القلب هي: الجزم الذي لا يخالطه أدنى شك على قضايا الإيمان.
وأما حقيقة الإيمان في الجوارح والأركان فهي: الخضوع والإذعان والاستسلام لكل أوامر الله، والبعد كل البعد عن كل ما حرم الله، وهذا هو الإيمان الحقيقي.
ومن الناس من يقول: آمنتُ بلساني، ولكنه كذاب، ويقول: آمنتُ بقلبي، ولكنه كذاب.
يقول الله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة:8-10].
وأيضاً لو قيل للناس: إن الذي يأتي في الصف الأول يستلم الأول، والذي في الصف الثاني يستلم الثاني، والذي يأتي في الأخير ربما لن يستلم إلا الساعة السادسة والنصف أو السابعة؛ ما رأيك؟! هل يتضاربون على الصف الأول أم لا؟! بل بعضهم يأخذ بطانيته من نصف الليل، ويأتي لينام في الصف الأول:
ما بك؟! قال: أنا مشغول غداً، لا أريد أن يفوتني الطابور، وهو ليس بمشغول؛ بل يريد أن يأخذ الفلوس.
لكن من يؤمن بهذه الحقائق؟! الذين استقر الإيمان في قلوبهم.
فتلك الخمسون ريالاً استقر الإيمان في جدواها، ومن أجلها نأتي لنصلي؛ لكن إذا لم تكن هناك فلوس، وليس هناك إلا الثواب والأجر، والجنة والإيمان فمن الذي يأتي؟! الذي استقر الإيمان في قلبه.
أما ذلك المنافق المنكوس القلب الذي لا يؤمن إلا بلذاته وشهواته إذا سمع: الله أكبر، الله أكبر، مَطَّ البطانية ونام، هذا كذاب في إيمانه، دجال، ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام: (فرق ما بيننا وبين المنافقين صلاة العشاء والفجر).
ويقول: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً).
الآن آمَنَ الناس إيماناً جازماً ما خالطه شك بنظام المرور!
مَنْ السائق الذي يأتي إلى الإشارة الحمراء ويقطعها؟!
لا أحد، ولو كانت زوجته معه ستلد، أو كان معه مريض سيموت فإنه لن يقطعها؛ لأن الإشارة حمراء، وإذا قطعها وهي حمراء ماذا يقول الناس عنه؟! الذي بجانبه، والذي وراءه، كلهم ينظرون إليه، ويطاردونه، ويأخذون رقمه، ويبلغون به: كيف تقطع الإشارة؟!
حسناً.. الاتجاهات الآن بين أبها والخميس، اتجاه من اليمين ذاهب، واتجاه من اليسار عائد، أليس الناس كلهم على هذا الخط، أصحاب اليمين في اليمين، وأصحاب اليسار في اليسار؟! ما رأيكم لو أن شخصاً جاء من جوحان يقصد الخميس، فلا بد له أن يفترق من عند مفروشات المطلق؛ لكنه يقول: أنا مستعجل يا جماعة، لن أمشي من هناك، سأمشي من هنا، وعكس الخط ومشى، وكلما جاءته سيارة لَفَّ منها، ما رأيك؟! أليس كل مَن يأتي من الخميس ينكر عليه، ويضرب له المنبه، ويقف جانباً، ويقول: ارجع، لا يراك الناس، يا غلطان؟! لماذا؟!
لأنه عاكسٌ للخط، وقد آمن الناس بهذا، ولذا لا أحد يعكس الخط، ولا أحد يقطع الإشارة، وكل واحد في خطه.
لكن من الناس من يعكس الخط مع الله، ويقطع الإشارات على الله، لماذا؟!
لأنه ما آمن بأن هناك من يراقبه ويسجل عليه، آمن بأن هناك من يراقبه إذا قطع الإشارة، ولذا إذا جئت في نصف الليل، أو الساعة الواحدة، أو الساعة الثانية، والإشارات لا زالت حمراء، فإنك تلقى السائق واقفاً، رغم أن الخط فارغ، ومع ذلك لا يمشي: ما بك لا تمشي؟! يقول: فلعل جندياً هناك وراء تلك الزاوية يراني.
إيمان بالغيب حتى ولو أن الجندي نائم أو ليس بموجود؛ لكن استقرت هذه الحقائق في قلوب الناس.
ولكن لم تستقر في قلوب الناس حقيقة الإيمان بعقوبة الله للعاصين وبثواب الله للطائعين، ولذا نرى الكثير من الناس يتساهل في الطاعات، ولا يهمه أمرها -والعياذ بالله- يتساهل في المعاصي ويقع فيها، ولا يقف عندها إلا أهل الإيمان، أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يجعلني وإياكم منهم.
صاحب الإيمان يضطرب قلبه ويتقطع لنغمة يسمعها في الإذاعة عندما يريد سماع الأخبار؛ حيث يسمع قبلها موسيقى أو غيرها من آلات اللهو لماذا؟! لأنه مؤمن.
لكن صاحب النفاق، لا ينبسط إلا إذا سمع تلك النغمات والآلات، بل يشتريها بفلوس، بعضهم يشتري الأسطوانات بعشرين وبثلاثين ريالاً، والأشرطة والأفلام ويسمعها! يشتري بماله ما يهلك نفسه ويسهر ليله، والشياطين تبرك عليه، وتغويه إلى أن يتفتت قلبه، ويطير قلبه في كل وادٍ وفي كل بيداء وفي كل صحراء بعيداً عن الله.
فللإيمان صورة وحقيقة -كما قلت لكم- وصورة الإيمان لا تغني عن حقيقة الإيمان شيئاً، يوم القيامة يأتي المؤمن الحقيقي فيجد أن حقيقة إيمانه تنفعه؛ لأنه جاء بعملة أصلية، أما الذي جاء بصورة الإيمان فإيمانه مُزَيَّف.
فالذي يأتي يوم القيامة بصورة الإيمان الذي ما أيقظه لصلاة الفجر، ولا حجزه عن الأغاني، ولا حجزه عن النظر إلى المحرم، ولا حجزه عن الكلام المحرم، ولا عن الغيبة، ولا عن النميمة، ولا عن أكل الحرام، ولا عن الوقوع في الزنا واللواط والحرام، هذا الإيمان لا يغني عنه شيئاً؛ لأنه إيمان مزيف، وإيمان كاذب.
أي: كيف يتم بعث العباد ونشرهم من قبورهم؟!
وهذا الدرس معادٌ، كنت قد ألقيته في الأسبوع الماضي في خميس مشيط، وقد عزمنا إن شاء الله على أن يُكَرَّر الدرس، فالذي يقال هنا يكرَّر هناك. لماذا؟
لثلاث فوائد:
الفائدة الأولى: أن المكرَّر يتقرَّر :-
فالدرس إذا أخذتَه هنا وكررته في الخميس يُحْفَر في قلبك، ولن يضيع أثره، مثل الخط أو القلم إذا كتبتَ به على ورقة، الخط الأول واضح؛ لكن أعد عليه بالخط الثاني، ماذا يصير؟! أوضح، أليس كذلك؟! فالمكرَّر يتقرَّر.
هذه واحدة.
الفائدة الثانية: أن من فاته درس أبها لا يفوته درس الخميس.
الفائدة الثالثة: أنه يسهِّل أيضاً على الملقي قضية المراجعة :-
بحيث يمكنه أن يُعِدَّ ويراجع ويبحث خلال خمسة عشر يوماً، خاصة إذا كان مثلي، فأنا لا أجد فرصة كبيرة للمراجعة؛ نظراً لكثرة ارتباطاتي ومواعيدي.
أسأل الله أن يعيننا وإياكم، وأن يجعل كل أعمالنا وإياكم في سبيل الله عزَّ وجل وخالصة لوجهه الكريم.
المراد بالبعث: إعادة الأجسام، وإحياء العباد في يوم المعاد.
والنشور معناه موافقٌ لهذا المعنى، يقال: نُشِر الميت نُشُوراً أي: إذا عاش بعد الموت، يقول الله عزَّ وجلَّ: (ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ [عبس:22] أي: بعثه وأحياه، فإذا شاء الله تبارك وتعالى إعادة العباد وإحياءهم أمَرَ إسرافيل؛ وإسرافيل ملك من حملة العرش موكل بنفخ الصور، ينفخ فيه نفختين، النفخة الأولى للصعق والإهلاك والإبادة، والنفخة الثانية: للإحياء والإعادة، فهاتان نفختان، وهما اللتان قال الله فيهما: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى [الزمر:68] هذه النفخة الثانية فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ [الزمر:68].
قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا [يس:52] يقول هذا أهل الكفر والنفاق يقولون: مَن ردنا إلى هذه الحياة؟!
فيرد عليهم أهل الإيمان: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ [يس:52] يقول هذا المصدق صاحب الإيمان: هذا البعث وهذا الخروج وهذا النشور هو ما وعد الله به وصدق المرسلون حينما أخبروا بالبعث، وهاهو اليوم يتحقق، قال عزَّ وجلَّ: إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ [يس:53].
من التراب: الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ [غافر:67] فالإنسان أصله مخلوق من التراب، ثم إذا مات يعود ويتحلل ويفنى، ويذهب في التراب، ثم إذا أراد الله إنباته مرة ثانية أخرجه من التراب: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى [طه:55] فمن الأرض خُلِقْنا، وإليها نعود، ومنها نخرج، فهي أمنا، هي الكافتة، الله يقول: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتاً * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً [المرسلات:25-26] أحياءً تكفتهم، وأمواتاً تكفتهم، تكفتهم على ظهرها وتكفتهم في بطنها.
فالله هو الذي قال: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ [الشورى:28].
فيقول عزَّ وجلَّ: حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [الأعراف:57] كما أحيينا الأرض بعد موتها نحيي الناس بعد موتهم.
أنت الآن عندما تأتي إلى شجرة بعد المطر، كانت غبراء والأرض كانت غبراء؛ ولكن بعد نزول الغيث وبعد أسبوع أو أسبوعين فتأتي وإذا بالأرض خضراء، وقد نبتت من تحت الشجرة زهور حمراء وزرقاء وخضراء وصفراء، ونباتات ملونة، يقول الله عزَّ وجلَّ: فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [الحج:5] فأين كانت هذه البذور؟! في الأرض موجودة، ولماذا لم تنبت؟! لأنه ليس هناك ماء، فلما جاء الماء طلعت.
إذاً: بذور البشر الآن الذين قد ماتوا من آدم إلى يومنا، أين هي الآن بذورهم؟! موجودة في الأرض، لماذا لا ينبتون؟!
لأنه لا يوجد ماء ينبتهم، إذا جاء ماؤهم من السماء نبتوا سواءً بسواء.
ويقول عزَّ وجلَّ: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ [فاطر:9] أي: كذلك البعث.
ويقـول عزَّ وجلَّ: وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقاً لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ [ق:9-11] أي: كذلك البعث يوم القيامة.
ويقول عزَّ وجلَّ: اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى [الروم:48-50] الذي أحيا الأرض بعد موتها إنه لمحيي الموتى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الروم:50].
مَن الذي خلق هذا الإنسان؟! ومَن صوَّره؟! ومَن ركَّبه؟! ومَن شقَّ سمعه؟! ومَن شقَّ بصره؟! ومَن نفخ فيه الروح؟!
مَن أعطاه هذا التناسق، وهذا البناء العظمي، والبناء الهضمي، والبناء الدموي، والبناء التنفسي؟!
كل أجهزته متناسقة ومنظَّمة، ما رأيكم لو جاءت خلية الرِّجْل عند رأسه؟! فطلعت رِجْلُه في رأسه وعينه في رجله؛ لأنه ما من جزئية من جزئياتك إلا ولها في الأصل خلية صغيرة، فخلية العين تنبت عيناً، وخلية الإصبع تنبت إصبعاً، وخلية السمع تنبت سمعاً، وخلية الرِّجْل تنبت رِجْلاً؛ لكن وقت أن تضع هذه النطفة في رحم الأم فإن الخلايا كلها تكون موجودة، وكل خلية في مكانها، لا تتحرك حركة واحدة عن مكانها الثابت، ثم يحصل التوقيع، ويحصل النمو في تطور مراحل التقويم، ثم يجعل الله هذا الطفل في قرارٍ مكين، يقول الله: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ * فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ [المرسلات:20-24].
يخرج الطفل هذا وإذا به مخلوق، فمَن خلقه؟! الله.
حسناً.. الذي خلقه أليس قادراً على أن يعيده؟! لا إله إلا الله! وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [الروم:27] يذكر الله تبارك وتعالى في سورة الروم أن الإعادة أسهل من البداية.
عندما تبني جداراً ثم تهدمه، فإعادته أسهل من بدايته، لماذا؟!
لأنك عندما بدأته جئت بحجارة، وجئت بطوب، وتعبت؛ لكن لَمَّا ترده فكل شيء موجود، الأعضاء موجودة؛ وهذا في مقاييس البشر، ولكن ليس عند الله أهون ولا أصعب؛ لأنه على كل شيء قدير.
يقول عزَّ وجلَّ في سورة الحج: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مَنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ [الحج:5-7] فالله تبارك وتعالى ذكر في القرآن عملية البعث، واستشهد عليها بمثالٍ يَتِمُّ الآن أمام أبصارنا وهو: إحياء الأرض بعد موتها، والذي أحياها قادرٌ على إحياء الناس بعد موتهم.
وهناك مماثَلة ومشابَهة بين إعادة الأجسام في إنباتها وبين إنبات النبات بنزول الماء، فإنها إذا نزل عليها الماء في الأرض تحركت وأنبتت ودبت فيها الحياة، وضربت الجذور في الأرض وسُقِيَت بماء السماء، فإذا هي نبتة خضراء جميلة فيها ثمار.
توجد بذور الآن تُحْرَق حرقاً، بل تُهْضَم وتؤكل وتتحوَّل، وإذا خرجت إلى الخارج تجدها تنبت، مثل بذور الطماطم، إذا أكل الإنسان الطماطم، وبعد أن يأكلها ويهضمها وتقطعها معدته، ثم إذا تغوط في الخلاء، وجاء المطر ترى نبت الطماطم يخرج، من أين؟! من النبتة التي ما هضمتها المعدة.
كذلك هذه الحبة عَجْبُ الذنب الموجودة في آخر العمود الفقري؛ يَفْنَى كل شيء في الإنسان إلا هي، إلى أن ينزل عليها ذلك الماء من السماء.
وأصل الذنب في آخر العمود الفقري دل عليه الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما بين النفختين أربعون، ثم ينزل من السماء ماءٌ فينبتون كما ينبت البقل، وليس في الإنسان شيءٌ إلا يَبْلَى، إلا عظم واحد وهو عَجْبُ الذنب، منه يُرَكَّب الإنسان يوم القيامة).
وهذا العظم في آخر العمود الفقري، قال في الحديث: (إن في الإنسان عظماً لا تأكله الأرض أبداً، منه يُرَكَّب يوم القيامة، قالوا: أي عظمٍ هو يا رسول الله؟! قال: عَجْبُ الذنب).
وفي رواية في صحيح البخاري وفي الموطأ أيضاً، وعند أبي داوُد ، والنسائي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عَجْبُ الذنب منه خُلِق وفيه يُرَكَّب).
كذلك أجساد الأنبياء لا تأكلها الأرض لِمَا رواه أبو داوُد بسندٍ صحيح قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) لا تأكلهم الأرض فأجسادهم موجودة كما ماتوا إلى يوم القيامة، وإذا بُعِث الرسول يوم القيامة وإذا بجثته التي كان عليها يوم أن مات -صلوات الله وسلامه عليه-.
وقد ذكرت كتب التاريخ أن مجموعة من النصارى أرادوا أن يسرقوا جسد النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسلوا اثنين منهم، وجاءوا إلى المدينة المنورة ، وتعبدوا في الحرم -وهم نصارى- وأظهروا النسك والعبادة، وانقطعوا للعبادة في الحرم النبوي، وكانوا لا يخرجون من المسجد أبداً، بالليل والنهار عبادة، وقراءة، وبكاء عند القبر وعند الحُجْرَة، مِن أجل أن يبلغوا حاجةً في صدورهم، وهي سرقة جسد النبي صلى الله عليه وسلم، وأَمِنَهم الناس، وأحبهم الناس، ورأوا أن فيهم علامات الصلاح والولاية، وشيئاً لا يتصوره العقل.
وكانت لديهم نقود أتوا بها من بلادهم والدول التي أرسلتهم، فقاموا واشتروا داراً قريبةً من حُجْرة النبي صلى الله عليه وسلم التي فيها قبره، وصاروا يجلسون طوال اليوم وجزءاً من الليل في المسجد، ثم يذهبون وينامون في غرفتهم التي بجوار المسجد.
ثم حفروا لهم حفرةًَ في وسط الغرفة، وبدءوا ينبشون الأرض من الداخل، من أمام المنطقة التي تصل بهم إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وبطريقة مخفية وسهلة ولا يكتشفها أحد، وعلى مدة من الزمن، فهم لا يريدون أن يسرقوا الجسد في سنة، أو سنتين، أو ثلاث، بل لا يُخْرجون في بعض الأيام من التراب إلا زنبيلاً أو زنبيلين؛ لكن مع الزمن يقال: (جبال الكحل تفنيها المراود).
فهؤلاء بدءوا في طريقتهم حتى لم يبقَ بينهم وبين جسد النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه إلا شيئاً يسيراً.
وإذا بالإمام المجاهد العظيم نور الدين الزنكي وهو في دمشق -حاكمٌ من حكام الدولة الأيوبية- إذا به يرى في المنام النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له: يا نور الدين، أنقذني مِن هذين، وهما رجلان أمامه، فتفرَّس في وجهيهما ورآهما، فإذا بعلامات الصلاح والهداية والنور تبدو منهما.
قال: فقمتُ وصليتُ ثم نمتُ، وإذا به مرة ثانية في الليل يقول: أنقذني يا نور الدين مِن هذين.
قال: فصليتُ ونمتُ وعزمتُ أن أعمل شيئاً، وإذا بي أرى الرؤيا مرة ثالثة: يا نور الدين ، قم أنقذني مِن هذين.
وإذا بالرجل لم يعد يأتيه نومٌ، فقام ونادى وزراءه، وأمر بالجيش وجهَّزه، وأخذ المال والرجال، وما أمسى بعد أسبوعين إلا في المدينة المنورة.
ولما قَدِم المدينة المنورة نزل في بيته، وأعد وليمة وهدايا، وطلب من حاكم المدينة أن يجمع أهل المدينة كلهم، وأن يدخلهم من أمامه ليعطيهم الجوائز، فجمع الناس كلهم في صعيدٍ واحد وبدءوا يدخلون من أمام الملك والملك يقسِّم عليهم، وينظر في وجوههم، إلى أن انتهى الناس كلهم، ولم يجد أحداً تنطبق فيه صفات هذين الرجلين الَّذَين رآهما في المنام، سأل الأمير قال: بقي أحد في المدينة ؟
قال: أبداً، لم يبقَ أحد إلاَّ رجلَين زاهدَين عابدَين منقطعَين في العبادة، لا يريدان الدنيا، ولا يريدان العطايا، ولا يرغبان في الجوائز، ولا يخرجان من المسجد، فهما من أهل الله، لا يأتون أبداً، قال: ائتوا بهم إليَّ.
فأرسل الرجال، فأخذوهما، وجاءوا بهما، وعندما دخلا عليه، وإذا بهما هما اللذين رآهما في المنام، وهما صاحبا الصورة، فقال: أدخلوهما.
فأدخلهما السجن، وبدأ التحقيق معهما، وتفتيش بيتهما، وعندما جاءوا إلى البيت وإذا بظاهره فراش ولا أحد يشك فيه، ففتحوه وإذا بالحفرة تحته، فنزلوا فيها وإذا بهم لم يبقَ بينهم وبين قبر الرسول إلا قريباً من شبر فقط.
فأمر بقطع رأسيهما بعد أن اعترفا، فقالا: نحن جئنا من الجهة الفلانية لسرقة جسد النبي صلى الله عليه وسلم.
فأمر بقطع رقبَتَيهما في السوق علناً، ثم أمر فضُرِب حول قبر النبي صلى الله عليه وسلم بدائرة صبَّت بالرصاص، بحيث لا يستطيع أحد أن ينقضها بأي حالٍ من الأحوال، وهذا من حماية الله لجسد النبي صلى الله عليه وسلم.
يبعث الله العباد على ما ماتوا عليه، ولهذا احذر لا تمُت وأنت حالقٌ للحيتك، فتُبعث حالقاً للحيتك.
بأي وجه تقابل الرسول ووجهك ليس مثل وجه الرسول صلى الله عليه وسلم؟!
كيف تقابل الرسول وأنت حليق؟
مَن قدوتك وأنت حالق؟! اسأل نفسك الآن: مَن الذي يحلق؟! هل هو الرسول؟! لا. هل هم الصالحون؟! هل هم الصحابة؟! لا. الذي يحلق هم المجوس واليهود والنصارى، فليسوا قدوتك أنت، الله يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] لكن من هو الذي له أسوة حسنة في رسول الله؟! لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ [الأحزاب:21] ولا تتذرع ولا تتعذر وتقول: والله اللحية لا تعني شيئاً، الإيمان في القلوب، نقول: صدقتَ، ولا نقول لك: إن الإيمان في اللحية، بل الإيمان في القلوب؛ ولكن للإيمان شواهد في الجوارح، ومِن شواهد الإيمان في الجوارح هذه اللحية، ولا نعني بذلك أن كل مَن ترك لحيته أصبح مؤمناً، لا. فقد يترك الإنسان لحيته وقلبه خاوٍ من الإيمان، ونحن لا نريد اللحى الشيطانية والجاهلية، نريد لحىً مبنية على الإيمان، الغرض منها التأسي والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تقُل: لا يا شيخ! هذه قشور، والكلام في اللباب، لا. ليس في الإيمان قشور ولا لباب، الدين كله لباب، الذي يقول: إن في الدين قشوراً ولباباً فهذا يهد الدين، وهل أمْرُ الرسول قشور؟! ليس هناك أمر للرسول إلا لباباً، صلوات الله وسلامه عليه.
الاختلاف الأول: أنهم بعد هذه الإعادة لا يموتون أبداً:
لأن الله يقول: وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ [إبراهيم:17] لا أهل الجنة يموتون ولا أهل النار يموتون، لا أهل الجنة يموتون بزيادة النعيم، ولا أهل النار يموتون بزيادة العذاب.
وفي الحديث الذي رواه الإمام الحاكم بسندٍ صحيح قال: عن عمرو بن ميمون الأودي قال: (قام فينا معاذ بن جبل فقال: يا بني أود -قبيلة- إني رسول رسول الله إليكم، أُعْلِمُكم بالمعاد إلى الله، ثم إلى الجنة أو النار، وإقامة لا ظعن فيها، وخلود لا موت فيه، في أجسادٍ لا تموت ولا تبلى).
وراوي الحديث هذا عمرو بن ميمون الأودي هو راوٍ لحديث في صحيح البخاري ، حديث القِرَدة، في فضائل الصحابة، في مناقب الأنصار في صحيح البخاري :
الحديث: (أنه كان في سفر من مكة إلى المدينة ، وفي الطريق نام تحت حجر في هضبة، وبينما هو مستلقٍ يرتاح، إذا بالقردة عنده، فرأى قرداً كبيراً في السن معه قردة شابة -زوجته- نائمة هي بجانبه، وبينما هما نائمان إذ أخْرَجَتْ -نزعت- يدَها من تحت رأسه وتركته وذهبت وراء الحجر، فجاءها قرد شاب وفعل بها، ثم رجعت وأدْخَلَتْ يدَها تحت رأسه ونامت -كأنه لم يحصل شيئاً- لكنه لما استيقظ شم سوءتها، ثم صاح صياحاً عنيفاً، فاجتمع القردة وأمسكوا بها ووضعوها في الوسط، وبدءوا يفتشون كل القردة حتى جاءوا بذاك القرد الذي فعل بها، وجمعوه مع القردة، وعملوا لهما دائرة، ورجموهما بالحجارة حتى ماتا) هذا الحديث في صحيح البخاري ، ويستدل به العلماء على أن الزنا جريمة وفاحشة تأنَف منه حتى الحيوانات، حتى القردة لا تمارسه، وبعض البشر يمارسه والعياذ بالله.
هذه خاصية؛ أنهم لا يموتون.
الخاصية الثانية: أنهم في الآخرة يُبصرون ما لم يكونوا يبصرونه في الدنيا :
فإنهم يرون الملائكة: يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً [الفرقان:22] ويرون الجن، هذه خاصية ليست موجودة في الدنيا.
الخاصية الثالثة: أن أهل الجنة لا ينامون، وأهل النار أيضاً لا ينامون:
فأهل الجنة لا ينامون حتى لا يفوتهم شيء من النعيم، وأهل النار لا ينامون حتى لا يستريحوا من شيء من العذاب؛ لأن النوم راحة؛ لكن ليست هناك راحة في النار، وليس هناك فوات لِلَحظة من لحظات النعيم في الجنة، بل نعيم في نعيم.
الخاصية الرابعة: أنهم لا يتغوَّطون، ولا يبصقون، ولا يتبوَّلون:
وإنما أكلهم في الجنة رَشْحٌ، لونُه لون الرشح والعرق، وريحه ريح المسك.
وهذه خاصية ليست موجودة في الدنيا.
الخاصية الخامسة: أنهم يرون الله تبارك وتعالى في الجنة، بالنسبة لأهل الإيمان، وأهل النار لا يرون الله تبارك وتعالى.
يقول العلماء: إن هذا خرج من الرسول صلى الله عليه وسلم مخرج التواضع، وعدم التعالي على الأنبياء، وإلا فإنه سيد ولد آدم ولا فخر، فهو سيد العالمين، حتى أن الأنبياء يوم القيامة منهم موسى نفسه يقول: اذهبوا إلى عيسى، فإني قد قتلتُ نفساً بغير حق، وإني لا أستطيع أن أشفع لكم إلى الله عزَّ وجلَّ، ورغم كرامة موسى على الله وعِظَم منزلته فإن الله عزَّ وجلَّ قال فيه : وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي [طه:41] وقال فيه: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي [الأعراف:144] فهو مصطفىً حقيقةً، ومن أُوْلي العزم الخمسة، وهم:
نوح - إبراهيم - موسى - عيسى - محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
بلا جدال ولا مراء، وبالأدلة القرآنية والنبوية يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق، وأول مَن تنشق عنه الأرض يوم القيامة.
ويقول الله: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [الواقعة:49-50].
ويقول عزَّ وجلَّ: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ [الحاقة:18] وقدرة الله عزَّ وجلَّ تحيط بالعباد مِن أولهم إلى آخرهم؛ لأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وإن هلك العباد فإن الله قادرٌ على الإتيان بهم، فلو هلكوا في الفضاء، أو هلكوا في أعماق الأرض، أو أكلتهم الطيور، أو افترستهم الحيوانات أو أسماك البحار، أو حُرِّقوا أو بُدِّدوا، فإن الله قادرٌ على أن يأتي بهم، يقول الله: أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة:148].
ويقول عزَّ وجلَّ: مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ [لقمان:28].
ويقول عزَّ وجلَّ: لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [غافر:57].
وكما أن قدرة الله غالبة وقادرة ومحيطة على الإتيان بهم، فكذلك علمه محيطٌ بهم، فلا ينسى منهم أحداً.
يقول الله: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ [مريم:93-94] من يقدر أن يفلت وقد أحصاه ربي؟! وَعَدَّهُمْ عَدّاً [مريم:94] معدودون كلهم في ميزان الله لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً [مريم:94-95].
وقال عزَّ وجلَّ: وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً [الكهف:47].
ولكن اختلف العلماء فقط في قضية البهائم! هل تُحشر أم لا؟
والصحيح من أقوال أهل العلم وهو الذي يرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية : أنها تُحشر، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : أما البهائم فجميعها يحشرها الله سبحانه كما دلت على ذلك الأدلة من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عزَّ وجلَّ: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ [الأنعام:38].
ويقول عزَّ وجلَّ: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ [التكوير:5].
ويقول: وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ [الشورى:29].
وحَكَى الإمام القرطبي خلافاً بين أهل العلم في حشرها؛ ولكنه رجح كما رجح شيخ الإسلام ابن تيمية أن الحشر لكل المخلوقات ومن ضمنها الوحوش، بنص الآية وبنص الأحاديث التي وردت في هذا.
نسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يحشرنا وإياكم في زمرة النبيين، وأن يبعثنا وإياكم مبعث الصالحين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
فذكر وقال: إن الشيخ أجاب وقال: إن في المسألة خلافاً بين العلماء، إذا كُنَّ لا يَرَين الإمام ولا يرين مَن وراءه؛ ولكن يسمعن التكبير، وقال الشيخ: إن الأحوط ألا يصلين في هذا المكان، وأن عليهن أن يصلين في بيوتهن خروجاً من الخلاف.
فيقول: ما رأيكم فيما هو حاصل في معظم مساجد أبها ومنها هذا المسجد، فإن المسجد الآن فيه ملحق وفيه النساء، ولا يَرَين الإمام، ولا يَرَين مَن يصلي بعده؟!
الجواب: حكمها مثلما أجاب فضيلة الشيخ ابن باز؛ لكن القضية كما ذكر سماحته قضية خلافية بين العلماء:
فمن العلماء مَن أجاز مثل ذلك.
ومنهم مَن منعه.
والشيخ عبد العزيز أخذ بالأحوط وهو المنع؛ ولكن الجواز وارد على لسان أهل العلم.
ونقول نحن كما جاء في الأحاديث الصحيحة: (إن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، وصلاتها في غرفتها أفضل من صلاتها في بيتها، وصلاتها في مخدعها -أي: في مكان نومها- أفضل من صلاتها في أي غرفة من غرف بيتها) لأن المرأة كلما اختفت واستترت بعبادتها كان فضلها وأجرها عند الله أعظم؛ ولكن إذا كان حضورها للمسجد ليس للصلاة فقط وإنما لسماع العلم مثلما هو حاصل الآن، فإن المرأة لا تأتي إلى هذا المسجد للصلاة، وإنما تأتي لغرض حضور مجلس العلم، وبالتالي تصلي مع الإمام المغرب والعشاء.
فنقول: ما دام أن هناك مصلحة راجحة من وجود المرأة في مجالس العلم لسماع العلم؛ ولأن الأمة تفتقر إلى الداعيات في صفوف النساء، والمرأة لها دور كبير في الدعوة فنحن نقول: إن شاء الله لا بأس بصلاتهن في المسجد في مثل هذا المسجد، وصلاتهن إن شاء الله صحيحة، وعليهن أن يقتدين بالإمام في صلاة المغرب والعشاء، ولكن بشروط:
أولاً: أن تكون نية المرأة من حضورها إلى المسجد خالصة لوجه الله: لا تكون نيتها المباهاة، والرياء، والإخبار بأنها كانت البارحة في المسجد، وإنها حضرت البارحة إلى المسجد، فبعض النساء تتمدح بمثل هذا، ولا تدري أحضرت أم لم تحضر! أقُبِل عملها أم لم يُقْبَل!
ثانياً: أن تأتي بغير أطفالها، وقد تقول: الأمر صعب؟!
نقول: مثلما إذا كنتِ في مدرسة، هل تداومين بأطفالك في المدرسة؟! اتركيهم في البيت، فإذا كنت في المدرسة فإنك تتركينهم من الصباح إلى الظهر، بينما في المسجد من المغرب إلى العشاء، فاتركيهم في البيت.
إذا قالت: ما عندي أحد، نقول: اجلسي في البيت، واستمعي للشريط؛ لكن أن تأتي بالأطفال في المسجد فهذا مستحيل أن تنتفعي مع وجودهم؛ لأن الطفل مشغلة لأمه، يشغلها بالبكاء، وغير ذلك.
فإذا كان عندها طفل فلا تأت به، وكثَّر الله خيرها، وجمَّل الله حالها، وإذا أرادت أن تسمع فلتشتر الشريط.
ثالثاً: أن تصغي إلى سماع العلم، وألا تشتغل بالكلام والسلام والمحادثة مع النساء :-
فإن بعض النساء لا يجدن بعضهن إلا في مثل هذه الحلقات، فواحدة ساكنة في المنهل، والأخرى في اليمانية، وواحدة في شمسات، وواحدة في رصد، وواحدة في الشرف، وفرصة التجمُّع والكلام في هذه الندوة: هاه! بشريني، كيف حالك؟! وهل أنت بخير؟! وكم معك من الأولاد؟! وأين أنتم تشتغلون؟! وكيف الحال معكم؟!
وظلت تتكلم معها، وتقول: إني أحضر مجالس العلم، وإني كنت البارحة في الندوة!
الله أكبر! ما هذا الحضور! ليتك ثم ليتك ما حضرتِ، لماذا؟!
لأنكِ أعرضت عن ذكر الله؛ لأن الإعراض عن ذكر الله يقول الله فيه: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طه:124] أنتِ جئتِ لتستمعي ، ولم تأتِ لتعرضي! فإذا كنت جئت من أجل أن تنشئي كلاماً فارغاً، وتكتسبي ذنباً، فالأَولى ألا تحضري، واجلسي في البيت، واستمعي إلى الشريط.
الجواب: أقول: إن السائل هذا الذي طلَّق جاهل، والثاني الذي طلق أجهل منه؛ لأن الطلاق شَرَعه الله كمخرج نهائي حينما تكون الحياة الزوجية مستحيلة بين الزوجين، فيقال لها: اخرجي، والله ييسر لك: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ [النساء:130] وليس الطلاق سيفاً يسله الرجل على المرأة في كل مناسبة، وليس شيئاً عظيماً يبرهن به على صدقه في كل مناسبة، بحيث لا يصير كريماً إلا إذا طلق، وإذا ما طلق قال الناس: هذا ليس كريماً؛ لأنه حلف بربي، لا. هذا لعب، هذا تلاعب بالأيمان، ولو كنت قاضياً وعرفتُ صاحب السؤال لأتيتُ به وعزرتُه وعزرتُ الذي طلَّق، وجعلتهما عبرة للمسلمين، بدل خمس طلقات أصُكُّه بخمسين سوطاً حتى يخرج قلبه، ولن يعود يطلق مرة أخرى.
أقول للأخ هذا الذي طلق، والثاني الذي طلق: عليهما أن يذهبا لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز فوراً، قبل أن يمسا النساء؛ لأن الفتوى التي أنا أفتي بها الآن: أن الذي طلق وحنثَ حَرُمَت عليه زوجته، وهذه الفتوى ليست مني، هذه فتوى صادرة بإفتاء وإجماع هيئة كبار العلماء ؛ أن الطلاق المعلَّق على شيء لمنعٍ أو دفعٍ إذا وقع وقع، والشيخ عبد العزيز بن باز ومعه مجموعة من أهل العلم أعضاء هيئة كبار العلماء لهم وجهة نظر وتحفُّظ على هذه الفتوى، وقالوا فيها: إن كان المراد بالطلاق القَسَم فكذا، وإن كان كذا فكذا، لهم تفصيل لا آتي به الآن؛ لكن أنا هذا الذي فهمتُه وقرأتُه وتحقَّق عندي من خلال المراجعة للنصوص، وناقشتُ فيه العلماء، واتصلتُ بهم وقلت: كيف يقول سماحتكم: إن كان نيته الطلاق وهو يطلق، بينما ورد في الأحاديث الصحيحة: أن (ثلاث جِدُّهُن جِدٌّ وهزْلُهن جِدٌّ)؟! فلو أن واحداً وهو جالس مع امرأته حالما يتعشون قال لها: يا فلانة. قالت: نعم. قال: لاحظي أنك مطلقة بالثلاث! أنا أمزح.
ما رأيكم في طلاقه؟! طلاقه يقع مباشرة، ولو كان يمزح، لماذا؟!
لأنه لا لَعِبَ في الطلاق! فكيف بواحد يطلق خمس مرات وليس ثلاث مرات أنه لا يأكل ثم يأكل؟
فالآن أقول لكما أيها السائلَان: عليكما أن تذهبا إلى سماحة الشيخ، فتأخذا فتوىً عاجلة قبل أن تمسَّا النساء.
وانظروا إلى هذا الجهل يا إخواني! لماذا تطلِّق؟! لماذا؟!
إذا جاءك ضيف قل: ما رأيك؟! أعشيك؟! تريد أن أذبح لك؟! نأكل من الموجود!
فأنت ستخسر [1000] ريال أو [500] ريال، فإن قال: لا. فقل: الله يكثر خيرك، ووفَّرتَ، والخمسمائة ريال سنرسلها للأفغان الذين يموتون جوعاً، ويأكلون العيش الناشف، إي نعم. وإذا قال: نعم. فقل: الحمد لله، والله سنذبح لك، ولكن أن يكون غصباً فلا.
وإذا كان قد حلف العازم وطلَّق، فدعه يطلِّق ويذبح، حتى لو ذبح سبعين ذبيحة، ما دام أنه جاهل وأحمق دعه يذبح؛ لكن الآن النساء في مشكلة، وهم في مشكلة، وذاك يأكل منها كأنه يأكل من دمه.
وقد ذكرتُ لكم قصة في مسألة الذبائح هذه، عندما يأتيك ضيفك، أو جارك، أو قريبك.
كان الناس في الماضي يذبحون ويعزمون الجيران، لماذا؟! كرماً ومواساةً؛ لأن كل بيت يشم مرق البيت الذي فيه الوليمة، فإذا رأوا أن فيه ذبيحةً ووليمةً ولحماً وشحماً وأرزَّاً، قالوا: يكون في هذا البيت ولا يعزموننا؟! الله يهديهم، هكذا لا يعزموننا؟! إذاً نغضب عليهم؛ لأننا عشنا في ليلة البارحة على كسرة ناشفة، أو على عيش ناشف.
لكن اليوم في كل بيت ذبيحة، أليس كذلك؟! أين البيت من بيوت المسلمين الذي ليس مليئاً باللحم، أو الدجاج، أو السمك؟!
إذاً: لا حاجة إلى أن تعزم أحداً، بل إن مِن الناس مَن إذا عَزَمْته أغضبته، لماذا؟!
لأنك تجعله بين خيارين:
إما أن يأتي عندك ويتعشى عندك، ويترك عشاءه مع أولاده، وعنده في بيته عشاء مع أولاده أطيب، كونه يمد يده مع زوجته وأطفاله أهنأ له من أن يمد يديه مع جماعة القرية كلهم أو أولاد الحارة.
أو أنه يترك وليمتك ويقعد في بيته يأكل، وبالتالي تغضب عليه أنت، وتقول: أعزمه ولا يأتي؟! كيف هذا؟! أيقطعني؟!
فالأَولى ألا تحرج أحداً بالوليمة؛ وإنما إذا جاءك رحمك أو قريبك فقل: انظر، هذه هي الذبيحة ذبحناها؛ وإذا أردتَ أن نطبخها كلها ونعزم العرب عليها، فإن أتوا أكلوا، وإن لم يأتوا أكلنا من الموجود، ودعهم كلٌّ يأكل في بيته، أو أن نطبخ لك شيئاً منها والباقي نتركه في الثلاجة، إن قعدت عندنا إلى أن تأكلها كلها فجزاك الله خيراً، وإن ذهبتَ فسنأكلها فيما بعد، وبدل أن تكفينا في وجبة تكفينا في عشر وجبات -هذا هو المنطق- والفلوس الزائدة نحولها للذين يستحقونها.
قصة يبرمجها صاحبها:
يقول: جئت عند قريب لي، فدعوته، وقلت له: يا أخي! انظر، جئت وأنا مرهق، أريد أن أسمر معكم هذه الليلة، إذا كان في الثلاجة لحمة فاطبخوا لنا، أو عصيدة، أو مرقاً، أو أرزاً، ودعني آكل معك أنا وأختي -زوجة الرجل هذا- وأولادها وأنت، ودعنا نسمر ونتعشى، أريد أن أسمر معك.
قال: أبشر، ولن نعمل شيئاً أبداً، أنت جئت إلينا، ونحن نهب لك الموجود، ولن نتكلف شيئاً.
فلما خرج من الغرفة ذهب إلى التليفون، ودقَّ على المندي وقال: خروفان تكون بعد المغرب جاهزة.
يقول الرجل: فجلستُ معهم إلى المغرب، ودخلنا المسجد وصلينا، ورجعنا، ثم أرسل ولده إلى الحارة كلها، إعلان استنفار: تعالوا لتتعشوا، فما هي المناسبة؟! إنه جاءنا ضيف.
يقول: لما دخلنا بعد المغرب جلستُ، وأنا جالسٌ دَخَلَ شخصٌ ما عرفتُه: السلام عليكم.
فأقوم لأحييه: وعليكم السلام. ثم أقْعُد.
والثاني: السلام عليكم. فأقوم لأحييه، ثم أقعُد.
والثالث: السلام عليكم. فأقوم لأحييه، ثم أقعُد.
يقول: فما أذَّن العشاء إلاَّ وقد قمتُ وقعدتُ (100) مرة تقريباً. هذه أول عشائي.
يقول: ثم إن البيت فيه حالة من الاستنفار، الكهرباء مُوَلَّعة، والنساء هناك يعملون الإدامات، ويقطِّعون السلطات، ويعملون المحلبيات، والغرف مفتَّحة، ودنيا، أي: (هَيْلَمَة).
يقول: وعند صلاة العشاء خرجنا لنصلي، وبعد صلاة العشاء جاء الناس كلهم، فأتعبوني، فلا أنا أعرفهم، ولا هم يعرفونني، ولا يتكلمون معي، ولا أتكلم معهم.
وأخيراً قال: تفضلوا.
فدخلنا، وعندما جئنا على السفرة، وإذا به قد ذبح خروفين، وعندما جئت لأقعد وضعوني أمام الذنب والرأس، الذنب لا لحم فيه، والرأس ليس فيه إلا العظام.
يقول: فشهَّر بي، وأعلن على رءوس الملأ، قال: الله يحييكم على شرف فلان -أي: لاحظوا! هذا فلان الذي دمَّر بيتنا، وخرَّب علينا هذه الليلة، وذبحنا له خروفين، الله يحييكم.
فقلت: الله يخلف عليك، يقول: فعمدتُ أبحث لي عن شيء آكله، فالذنب لا يؤكل، والرأس لا أحبه، وليس فيه إلا العظام، وأبحث عن الأرز، فما أراه؛ لأنه غطي عليه بالذنب، فأُرَى كأني سارق، أدخل الملعقة وأخرجها نصفها من الأرز، والناس هناك يأكلون من الظهر ومن الجُنوب في الصحون الأخرى، فلا أحد منهم تنبَّه لي ووَهَبَ لي لحمة، ولم أستطع أن أمد يدي؛ لأنني استحييت، فأكلت؛ ولكن ليس إلا مُسارَقة حتى أكملتُ وقمتُ، والله إني قمت وأنا جائع، وإني قلتُ في نفسي: الله لا يخلف عليك، ما هذا؟! هذا عشاءٌ للجماعة؟! ما لي ولهم، أريد أنا أن أتعشى، لا أريد أن تُعَشِّي الجماعة!
يقول: ولما سرى الناس وخرجوا، قامت أختي مسكينة تأخذ الصحون وتأخذ الطعام هي وبناتها وأهل البيت، في عذاب وفي تعب وفي مشكلة.
يقول: وعندما جاءت الساعة العاشرة، قد تفلَّخت وقد تملَّخت من التعب، دعوتُها: هاه! تعالي، هل معكم خبزة؟!
قالت: كيف يا أخي؟! قال: والله لم أتعشَّ بعد، قالت: كيف ما تعشيت؟! قال: ماذا أفعل؟! وضعوا الذنب أمامي والرأس، فلا أنا آكل الذنب، ولا أنا آكل الرأس، واستحييت من الناس أن أقول: هبوا لي لحمة، فأنا الآن جائع.
فذهبَتْ إلى المطبخ وإذا بالمطبخ كسرة خبزة، فجاءت بها على بقية سلطة. يقول: والله الذي لا إله إلا هو إن تلك الكسرة أهنأ إلى قلبي من ذبيحته.
طيب! ما رأيكم لو أنه أخذ له نصف كيلو لحمة أو كيلو أو اثنين وطبخها له، وتعشى هو وأهله، ثم أرسل الألف ريال أو الألفي ريال إلى المجاهدين؟! كيف سيكون ثواب ذلك عند الله؟!
لكن يوم ألا تكون النفقة لله يكون الشخصُ كريماً، لو طُلب منه وقيل له: ضع الألف ريال.
لقال: لماذا؟! وما لي وما لـأفغانستان؟!
لا يضعها لله؛ لكن يضعها للشيطان، وللرياء، وللمكابرة، وللمجابرة، هذه -والعياذ بالله- مصيبة.
الجواب: إذا أرضعَتْ أمك بنت أختك سواءً بعلم أو بغير علم الرضعات الشرعية، وهي خمس رضعات، والرضعة في الشرع هي الفترة التي يلتقم فيها الطفل الثدي ثم يمصه ويدعه من نفسه، ولو مصة واحدة أو مائة مصة، أعني: لو مسك الطفل الثدي، وجلس يرضع ساعة، ثم تركه صارت واحدة، ولو مسك الطفل الثدي مرة ومصَّة لحظة ثم تركه صارت واحدة، فإذا رضَعَت هذه البنت من أمك خمس رضعات فقد أصبَحَت أختك من الرضاعة، رغم أنك أنت خالها؛ لكنها أختك من الرضاعة.
الجواب: لا بعقدٍ ولا بصداق، وإنما بالتسرِّي، يجوز للرجل الذي عنده أَمَة مملوكة أن ينكحها بدون عقد؛ لأنها ملك اليمين، هي له يبيعها كما يبيع السلعة، ينكحها، ويتسرى بها، ولا تُحْسَب مِن ضمن زوجاته، يجوز أن يتسرى ولو كان عنده ألف واحدة، الزواج أربع، أما التسري فيتسرى الإنسان بما يشاء من ملك يمينه، فينكح ما شاء بغير عقدٍ ولا نكاح.
الجواب: الجواب على هذا السؤال يحتاج وقتاً طويلاً؛ لكني أدلُّ السائل والإخوة على كتاب لشيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو موجود في الأسواق، اسمه: رفع الملام عن الأئمة الأعلام ، اعتذر فيه رحمه الله عن الأئمة بعشرة أو أحد عشر عذراً في سبب الخلاف الواقع بينهم رضي الله عنهم ورحمهم أجمعين.
الجواب: قد ذكرتُ هذا؛ أن سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز قال: الصور الممتهنة التي عَمَّت بها البلوى والتي يصعب على الإنسان طمسُها فهي إن شاء الله مما هو معفوٌ عنه؛ ولكن -أيضاً- لِيَتَّقِ اللهَ الإنسانُ ما استطاع، حاول بقدر استطاعتك أن تغيِّر، علبة الحليب، حاول أن تشطب عليها، علبة اللبن، حاول أن تشطب عليها، أي شيء تراه حاول أن تغيره؛ لأنه عبادة إذا غيرت الصورة وشطبت عليها، فالله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا [التغابن:16].
الجواب: هذا الرجل الذي يعبث بلحيته ويلعب بغترته قلبه غير خاشع؛ لأنه لو خشع قلبه لسكنت جوارحه، فإذا رأيت الإنسانَ يعبثُ ويصول ويجول ويتحرك، ويُكثر، فاعلم أن قلبه ليس موجوداً في المسجد؛ لأن القلب إذا شَرَد تمردت الجوارح، العين تبدأ تنظر، والأذن تبدأ تسمع الكلام الذي في الخارج، واليد تبدأ تحك، والجسم يبدأ يضطرب، وكل شيء يبدأ في الحركة، أما إذا حضر القلب، وبدأ الإنسان يركز ويفكر ويؤكد على قضية الخشوع فإن كل شيء يخشع؛ لأن القلب ملك الجوارح، إذا كان مدير الإدارة موجوداً في الدائرة فما رأيكم في بقية الموظفين؟! الكل على مكتبه، أليس كذلك؟! لكن إذا خرج المدير فماذا يفعلون؟! يسألون: المدير موجود؟!
فيقال لهم: لا. فيقال: إذاً: عندي عذر، أو عندي معاملة، أو أريد أن أذهب إلى السوق، أو أريد أن أذهب إلى المستشفى.
ولن يقعد أحد.
وكذلك فمدير الجوارح هو القلب، إذا حضر تجد كلَّ شيء مكانه، العين لا تقدر أن تنظر، والأذن لن تسمع، واللسان كذلك، لماذا؟! لأن القلب موجود، أما إذا خرج القلب خرجت الجوارح، هذا مثال واقعي تماماً (100 %).
فنقول للأخ الكريم: إن هؤلاء نسأل الله أن يتوب علينا وعليهم، وأن يحمينا وإياهم من نزغات الشيطان.
وهناك وسائل كثيرة لجلب الخشوع في الصلاة، وإن شاء الله سوف أقدم درساً خاصاً في هذا الموضوع بعنوان: (كيف يخشع المسلم في صلاته؟!) فالخشوع ليس سهلاً -يا إخواني- هذا لا يقدر عليه إلا أفراد من البشر؛ لأن كثيراً من الناس يستطيعون قمع الشيطان، وقهره بأداء الصلاة جماعة في المسجد؛ لكن الشيطان يعرف أنه لا يُكتب للإنسان من صلاته إلا ما حضر فيها قلبُه، فهو يَسْمَح لهم بأن يأتوا ليصلوا؛ لكن لا يسمح لهم بأن يصلوا بخشوع، ولذا جرب أنت من الآن، لما نصلي العشاء الآن جرب وحاول وأنت تسمع الفاتحة أن تركز على المعاني، وأن تفكر في الصلاة، وفي الآخرة، وفي الجنة، وفي النار، ولا تركز في أي شيء خارج الصلاة، كيف تشعر؟!
تشعر بضيق، تشعر بانقباض، من أين جاء الضيق والانقباض؟! من الشيطان، ولا يزال بك إلى أن يأخذ قلبك فتخرج من الصلاة، وكثير من الناس يخرج قلبه من الصلاة؛ لكن لو جئت تأكل لتتعشى، ووضعوا أمامك؛ سفرة الطعام؛ وفيها الأرز واللحم والمحلبية والسلطة والإدام والعيش واللبن، هل يفكر الإنسان في غير هذه؟ أيوسوس في غير الأرز؟! أم يوسوس في غير اللحم؟! أبداً، لا وسواس إلا في هذا؛ لكن في الصلاة لا يحضر قلبك، لماذا؟! لأن الشيطان حريص عليك أنك لا تصلي.
فالموضوع هذا مهم جداً، ولا يثبُت له ولا يستطيع عليه إلا من وفقهم الله، وإن شاء الله نتعرض لهذا الموضوع بشيء من التفصيل في رسالة كاملة إن شاء الله، أو في موضوع درس كامل (كيف يخشع المسلم في صلاته؟!) لأن الخشوع له أسباب:
أسبابٌ قبل الصلاة: أسباب تبدأ وأنت ما زلت في البيت.
وأسبابٌ في مشيك، وأسبابٌ في وقوفك في صلاتك كتحية المسجد، وأسبابٌ في قراءتك للقرآن: أتدري أن قراءتك للقرآن بين الأذان والإقامة لها دور في خشوع القلب، وأسبابٌ في الدعاء: الدعاء الذي تدعو به بين الأذان والإقامة؛ لأنه وقت إجابة، فله سبب في حضور القلب، وأسبابٌ في التفكُّر، وأسبابٌ في التذكُّر، وأسبابٌ في المراعاة، وأسبابٌ بعد الصلاة: في أثر الصلاة في حياتك.
هذه كلها تؤثر على خشوع القلب.
لكن من يقعد في بيته إلى أن تقام الصلاة، ثم إذا أقيمت جاء جرياً، ثم دخل: الله أكبر، بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:1] وهو مُتعب ويسرع في صلاته، كيف يخشع هذا في صلاته؟!
هذا مسكين، هذا مخدوع.
لكن ذاك الذي يأتي من الأول، ويصلي، ويجلس، ويدعو، ويقرأ، ويرتل، ثم يقوم وهو مستعد، هذا الذي يصير في قلبه خشوع.
وإن شاء الله سوف نتعرض لهذا بإذن الله في المستقبل. والله أعلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , كيف يكون النشور؟! للشيخ : سعيد بن مسفر
https://audio.islamweb.net