إسلام ويب

ألقى الشيخ هذه المحاضرة في الفترة التي تلت -مباشرة- المظاهرة النسائية المشبوهة التي خرجت في الرياض داعية إلى السماح للمرأة بقيادة السيارة، فاستعرض الشيخ هنا التاريخ الذي مرت به دعوات تحرير المرأة في بداية تغلغلها في البلاد العربية، ونفاذها إلى مصر بداية، ثم استعرض الدور التاريخي الذي نمت فيه هذه الدعوة في السعودية، ومظاهر الفساد التي تم تسربها شيئاً فشيئاً، مستعرضاً بدايات ذلك في التلفزيون، والصحافة، والكلام فيها عن المسائل الشائكة حول تحرير المرأة، والجمعيات والنوادي النسائية، والنساء الغربيات في السعودية، وغيرها من الأحداث الهامة التي تبين تطور هذه الظاهرة في بلاد الحرمين.

إلى من هذه الرسالة؟

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزى الله خيراً القائمين على التوعية الإسلامية في هذا البلد الحرام، وجزى الله خيراً كل من أسهم في نشر الخير ونصح الأمة وبيان الحق لها، ممن لم يتركوا لنا مجالاً للحديث في هذه القضية التي نحن -ولله الحمد- في غاية الفهم وغاية العلم بها، وهي في غاية الوضوح لدينا.

إن الرسالة التي كنت أريد أن أوجهها إلى الفتاة المسلمة دارت في ذاكرتي بشأنها أمور عدة: قلت: إلى من أوجهها؟

هل أوجهها إلى الفتاة المسلمة في مصر، البلد الذي كان أول من عانى من التغريب ومن خدعة ولعبة ما يسمى بتحرير المرأة وقضية المرأة، وإذا بي أنظر؛ فإذا بالفتاة المسلمة في مصر قد انتفضت على هؤلاء المجرمين، وعرفت مكرهم وغشهم وخداعهم، وإذا بالحجاب الشرعي الكامل يطرق جامعة مصر، ويطرق جامعة القاهرة التي أنشأها وأسسها دعاة التغريب الأولون لتكون جامعة علمانية، لا أثر فيها للدين، وإذا بالفتاة المسلمة هنالك تتحمل ألوان الأذى وأصناف التعذيب من أجل حجابها، ولكنها متمسكة به، ولا عبرة بالكثرة الغافلة؛ فالمهم أن العجلة قد دارت وأن الزمان قد استدار، وأن الحق قد ظهر وبان، وأن العاقبة للتقوى.

قلت: فليكن الخطاب إذاً إلى الفتاة المسلمة في بلاد المغرب التي احتلها الفرنسيون، وفرضوا عليها حضارتهم وعاداتهم وتقاليدهم ودياثتهم وإباحيتهم، فنظرت وإذا بالفتاة المسلمة في الجزائر قد أعلنتها صريحةً على الملأ منذ ما يقارب السنة تقريباً، حين أخرج الشيوعيون في مظاهرة تعدادها قرابة الثلاثة الآلاف، فرد عليهم الإسلاميون -وليس كل الإسلاميين، بل البعض الذين كانوا مقتنعين بالرد وبأن يكون الرد مظاهرة- وخرجت في الجزائر مظاهرة تعدادها على أعدل الأقوال، خمسمائة ألف امرأة، رداً على أولئك الثلاثة الآلاف.

وفزع الغرب فزعاً شديداً، وذهلوا ذهولاً عظيماً، -ولا سيما فرنسا- حتى صاح ميتران بملء فيه: ''إذا تولى الأصوليون الحكم في الجزائر، فسوف أتدخل عسكرياً كما تدخل بوش في بنما''

وقلت: لم لا يكون الخطاب والرسالة إلى الفتاة المسلمة في تركيا، البلد الذي كانت فيه أوضح وأعظم دعوة للانحلال من هذا الدين بقيادة اليهودي المجرم اللعين كمال أتاتورك، فقرأنا وسمعنا أن الفتاة المسلمة في تركيا قد عادت إلى إيمانها ودينها، وحجابها، رغم الكيد والأذى والتعذيب، وإذا بالعجلة قد دارت، وإذا بالمسيرة قد بدأت، فقلنا الحمد لله الذي رد كيد الخائنين، الذي لا يصلح عمل المفسدين، والذي جعل العاقبة للمتقين.

قلت إذاً: لما لا نوجه الرسالة إلى الفتاة المسلمة في أفغانستان أو الباكستان أو الهند، فوجدنا أن المرأة المسلمة هنالك هي السند بعد الله تبارك وتعالى لأولئك المجاهدين جهاداً باليد أو بالدعوة والقلم، وإذا بالمرأة المسلمة هنالك -والحمد لله- تدافع عن دينها وتعيش إيمانها وتسعى وتحرص كل الحرص أن تكون كما يريد الله، وكما كان المجتمع الإسلامي من قبل، فالدعوة هنالك قد قامت؛ والمسيرة -أيضاً- قد بدأت، ولا التفات إلى الوراء، ومنذ أن ذهبت الرافضية من الحكم، فلا عودة أبداً إلى هذه القضية، بل وئدت مسألة تحرير المرأة مع وأد تلك الخبيثة الفاجرة التي ما تولت الحكم إلا بنسج من أيدي أمريكا ومن معها.

إذاً من بقي؟

هل أوجه الرسالة إلى الفتاة المسلمة في بلاد الشام، التي لم يُنزع حجابها إلا قهراً؟

خطاب إلى بنت الخليج

ما كنت أظن أنه يأتي اليوم الذي نحتاج أن نخاطب فيه المرأة المسلمة في أرض التوحيد، وبلاد الإسلام ومهد الإيمان، في هذه الجزيرة، في بلاد الحرمين، في هذه الأرض الطيبة التي ما خرجت دعوة؛ ولا قامت نهضة إيمانية، ولا عادت المرأة المسلمة في كل مكان إلى دينها إلا لتقتدي بالمرأة المسلمة هنا، لأنها مضرب المثل في تلك الدول، وإذا بالمفاجأة تأتي، وإذا بالحدث الجلل والخطب العظيم يأتي، وإذا بتلك اللعبة والخدعة الكبرى التي مرت في بلاد الأفغان والترك ومصر وتونس والشام والجزائر إذا بها وفي آخر الزمان، وبعد أن حلّت عروش الطغيان، وبعد أن ولى جيش الظلام، وانهزم الكفر وأهله، وبعد أن قامت الصحوة الإسلامية واستوت على سوقها في كل مكان، وإذا بهؤلاء الناعقات يأتين وفي قلعة وعاصمة التوحيد، ويردن أن يكن مثل أولئك.

عجباً والله! من كان يظن أن ذلك اليوم سيأتي، وأن هذا الخطاب سيكون موجهاً إلى الفتاة المسلمة في هذه البلاد، منذ ثلاث سنوات تقريباً، وفي هذا المكان الطاهر بالذات.

لما كانت محاضرة بعنوان: (المؤامرة على المرأة المسلمة) كنا نتكلم عن تلك البلاد، أما هذه البلاد فنحذر، ولا نتوقع أن يقع فيها ما وقع، ولكن التذكير والتحذير واجب، وإذا بنا نفتح أعيننا على هؤلاء المستغربات.

إن هذا يستدعي منا أن نعيد النظر لِمَ كان الأمر بهذه الكيفية؟!

هل هذه هي النهاية؟!

وهل هذه هي الغاية؟

أم أنها بداية لمرحلة جديدة، ولماذا هذا التوقيت؟

ومن وراءه؟

وماذا يريدون؟

أسئلة كثيرة هزت كل وجدانٍ وقلب حي.

الصليبيون واهتمامهم بالمرأة

لا بد أنكم تساءلتم: ما ارتباط الدعوة بخروج المرأة، وتمردها على ربها وعلى سنة نبيها، وشريعة دينها، وأولياء أمورها، بالصليبية الغربية، ارتباط ذلك بالحملات الصليبية التي تفد على هذه البلاد الإسلامية كل حين، وما من صفحة من صفحات تاريخنا -واقرأوه- إلا ولنا مع الغرب والصليبيين معركة، ومع كل حملة تفد، تفد معها الدياثة، والتمرد، والانحلال، والخروج، ولأولئك دور وضلع لا يمكن إنكاره في هذا الخروج وفي هذا التغرب.

الحملات الصليبية الأولى القديمة

إنّ الحملات الصليبية الأولى القديمة التي قدمت منذ ألف سنة، قام بها وحوش همج أوروبيون، لا يعرفون حضارة، ولا مدنية، وسخر منهم المسلمون ومن دياثتهم، ومن انحطاط خلقهم، ومن سفالتهم، بما لم يدع مجالاً لأن يُقتدى بهم.

المرحلة الأولى : الحملة الصليبية الحديثة على مصر

لنتجاوز ذلك إلى العصر الحديث -كما يسمى- فأول حملة صليبية قامت في العصر الحديث هي حملة نابليون بونابرت على مصر في مطلع القرن التاسع عشر وأواخر القرن الثامن عشر ميلادي، فعندما قدمت هذه الحملة، واعتبرها البعض بداية لـحركة تحرير المرأة، ومنهم المرأة المشهورة في الحركة درية شفيق، نظيرة وزميلة هدى شعراوي المشهورة والمعروفة، اعتبرت هذه الحملة بداية لدعوى تحرير المرأة-كما يسمونها- كيف كان ذلك؟

عندما جاء الفرنسيون بعد قيام الثورة الفرنسية التي قامت عام (1789م)، ورفعت شعار المساواة، والحرية، والإخاء -الشعارات الماسونية الكاذبة- وجاءوا بنسائهم متبرجات متهتكات.

وقد وصف المؤرخ السني الجبرتي رحمه الله صاحب التاريخ المشهور عجائب الآثار في التراجم والأخبار، قدوم الحملة وآثارها وكيف تأثرت بها المصريات، وكيف قلدن الفرنجيات في عاداتهن، وكيف أن الأمر تعدى مجرد اللباس إلى صحبتهن في الزوارق على النيل، والرقص معهن والتهتك والتخلع بخلاعتهن، فاعتبرت هذه هي البداية، وفعلاً قد كانت هي البداية.

ومن العجيب أن نابليون عندما قدم إلى مصر، وادعى أنه حامي الإسلام، وأنه ما جاء إلا لتأييد الإسلام، بل سمى نفسه محمد نابليون ضحكاً على المسلمين، وسخرية، واستهزاءً بهم، وطالب بالحرية الاجتماعية على نمط الثورة الفرنسية، وقال: ''إن مصر مجتمع متأخر منحط... وقال: لا بد من إنشاء حكم يقوم على الطريقة الغربية'' مع أن الغرب في ذلك الزمان لم تكن الديمقراطية قد تبلورت عندهم، فكانت الثورة حديثة عهد في فرنسا نفسها.

فأنشأ نابليون ديواناً للشورى، وقال: يشترك فيه جميع المسلمين، وانطلاقاً منه بدأت قضية المرأة، ولم لا تشترك المرأة، ولم لا يكون لها دور في هذا المجتمع؟

ولا سيما وقد قال نابليون: ''لا بد أن يكون هذا الديوان ممثلاً لجميع فئات المجتمع'' فدخل النصارى -وقد كان النصارى وما يزالون دائماً عملاء للصليبيين الوافدين- ودخلت معهم أيضاً الطوائف الأخرى.

فإذاً كانت القضية حملة صليبية، صحبها تهتك، ودعارة، وخلاعة في النساء، ومطالبة بحكم شوروي نيابي؛ فانفتقت الأذهان عن هذه الفكرة الخبيثة، أو هكذا -على الأقل- فهم دعاة إفساد المرأة الذين جاءوا فيما بعد في المرحلة الثانية.

المرحلة الثانية: حملة صليبية أخرى

في هذه المرحلة تجلت بوضوح قضية إفساد المرأة مع ظهور حملة صليبية أخرى في عهد إسماعيل باشا ابن إبراهيم باشا المشهور، كان إسماعيل باشا حاكماً على مصر في أواخر القرن الماضي الميلادي، وقد تلقى تعليمه في باريس، ثم لما تولى حكم مصر، شُقت قناة السويس؛ فكان الاحتفال التاريخي -كما يسمى- حضرته الامبراطورة يوجيني، وحضره امبراطور النمسا، وحضره كثير من زعماء أوروبا المتهتكين المتخلعين، وكان الرجل قد تربى تربية غربية؛ فقام بتطبيق الحياة الغربية بحذافيرها في مصر، أو شرع في ذلك؛ فهو أول من أدخل نظام الجمارك -مثلا- وهو الذي أدخل ديواناً أو مجلساً كما أسماه الشورى بظنه، وأنشأ جمعية عمومية، وعاش في الترف والبذخ، حتى ورطمصر في ديون بلغت مائة مليون جنية، وهي من الناحية المعنوية تعادل اليوم مائة مليار جنية.

وفي عهد إسماعيل باشا افتتحت لأول مرة في العالم الإسلامي مدارس للبنات، على نمط مدارس البنين وعلى الطريقة الغربية، تحتوي على سنوات معينة ومنهج كمنهج البنين، ثم مراحل بعضها يتلو بعضاً، كانت هذه هي المرة الأولى، ونتيجة للسيطرة الإنجليزية والفرنسية التي جاءت بسبب هذه الديون بدأت في عهده دعوة الانحلال، والفسق، والفجور، وكان رئيس وزرائه نوبار باشا الأرمني، وكان في حكومته وزيران: أحدهما فرنسي والآخر انجليزي، وفي ظل حكم هذا الرجل قامت ونمت وترعرعت الدعوة إلى الإباحية وإفساد المرأة.

حتى أن الإنجليز عندما جاءوا وأجهضوا ثورة أحمد عرابي وقضوا عليها، كان ممن أيد الإنجليز ودلهم وشجعهم على دخول القاهرة وحثهم على ذلك، وقاوم الشعب وقال لهم: لا تقاوموا الإنجليز، وهؤلاء إنما جاءوا لمصلحتنا، وما قدموا إلا لخير البلاد، ولدفع الظلم، ورفعه عنها، ولكي تكون حكومة شوروية انتخابية كان من جملتهم المدعو محمد سلطان باشا، وهو والد هدى شعراوي التي قد يأتي الحديث عنها -إن شاء الله- فالقضية ضالعة عميقة الجذور في العمالة أيضاً.

المهم أنه لأول مرة في الشرق عرف ما يسمى "البرلمان" في أيام إسماعيل باشا عام (1866م)، ثم خلفه الخديوي توفيق، ولأول مرة -أيضاً- في الشرق يعلن ما يسمى الدستور، فأعلن الدستور في عام (1882م)، وفي كل مرة يراد أن توجد حياة نيابية، أو دستورية، أو شورية -إن استخدم المصطلح الإسلامي- تظهر قضية المرأة لأن الأعداء المتربصين يريدون أن يفيدوا من هذا الوضع، فيقولوا: نصف المجتمع لا بد أن يظهر، وأن يمّثل، وأن يكون له دورٌ ووجود، وفي هذه الأثناء وبعدها ظهرت الحركة، وظهر جمال الدين الأفغاني الذي تتلمذ عليه محمد عبده، والشيخ محمد عبده -كما ثبت- هو الذي وضع أكثر كتاب قاسم أمين تحرير المرأة وظهرت دعوة قاسم أمين -المتوفى عام (1908م)- وانتشرت الحركة وكان اللورد كرومر المندوب البريطاني يرعاه.

الحرب العالمية الأولى

بعد الحملة السابقة جاءت الحركة الأخرى التي كثيراً ما تنسى أو لا تذكر على أنها حملة صليبية، وهي الحرب العالمية الأولى، ونجد أن التمثيلية نفسها تتكرر، قامت الحرب العالمية الأولى عندما اتفق الإنجليز والفرنسيون على تقسيم العالم الإسلامي، وإخضاعه لسيطرتهم، وبدءوا يشيرون العرب ليثوروا معهم على الترك، فأعلن الإنجليز أنه لا بد أن يكون للعرب حكم مستقل.

ومن المكاتبات المشهورة التي كتبها السير هنري مكمهون إلى الشريف حسين يقول: "من السير هنري مكمهون مندوب الدولة البريطانية العلية، إلى الشريف حسين سليل الأسرة الطاهرة العترة الشريفة وكذا... ويفيض عليه من المدح وأنك حفيد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكيف يصبح الحكم في أيدي الترك؟!

وكيف يكون الأتراك هم الخلفاء والعرب موجودون، والسلالة الشريفة الطاهرة على قيد الحياة ويتولى الأتراك الحكم، والدولة العلية البريطانية تريد الخير والسلام، وعودة الأمور إلى شرعيتها، وتريد أن تنصبكم خليفة على العرب، وزعيماً لهما بشرط أن تقوموا معها، وتثوروا وتخرجوا على الترك، وقد عزمت على إقامة العدل والقضاء على الاستبداد التركي.. إلى آخر ذلك الكلام.

أما لورنس -المعروف بـلورنس العرب الخبيث والمشهور- فقد خرج وخرج معه العرب المغفلون المخدوعون لمحاربة الترك والاستبداد التركي، يقول لورنس: ''كنت أشعر بتأنيب الضمير، وأنا أرى هؤلاء الناس يخرجون معي، ويقاتلون بني دينهم -يعني الأتراك- أملاً وطمعاً في أحلام ووعود وعدناهم بها ولم تتحقق'' لقد كان الضمير يؤنبه، لأنهم ضحكوا على هؤلاء المساكين، فلا شرعية، ولا استقلال، ولا عدل، ولا حق، وإنما هي أطماع صليبية سُخِّرت لهذا الهدف.

ودخل اللنبي القائد الإنجليزي القدس وجيشه من الإنجليز والعرب -وفتحوا القدس- فلما وقف على جبل الزيتون، غرس رمحه بقوة وقال: ''الآن انتهت الحروب الصليبية''.

وأما الجنرال الفرنسي غورو فإنه تقدم ومعه أيضاً العرب في جيشه إلى دمشق، وقال العرب: لنا حكم بلاد الشام ويكون الشريف هو الخليفة وأبناؤه هم الحكام على هذه المناطق، هذا من عدالة الغربيين، ومن حسن أخلاقهم ومن حرصهم على الشرعية.

لما دخل غورو إلى دمشق قال: دلوني على قبر صلاح الدين، فدلوه عليه فأخذ يركله بقدمه، ويقول: قم يا صلاح الدين ها قد عدنا، وها قد انتصرنا، يا ثارات ريتشارد، يا ثارات بوهمند، يا ثارات فلان وفلان من قادة الحروب الصليبية الذين قتلوا أو أسروا في أيام صلاح الدين، وإذا بها حملة صليبية مكشوفة، وإذا بالعرب يخدعون وإذا بالوعود كلها تذهب هباءً.

المقصود ليس هذا -فكلكم تعرفونه- لكن انبثقت من خلال هذا: الحركة النسائية أيضاً، فلما انتهت الحرب العالمية الأولى عام (1918م) وإذا بـسعد زغلول ومن معه وهدى شعراوي، يخرجون في العام التالي (1919م) يطالبون بالحرية والاستقلال وقالوا: لا بد أن يكون للمرأة دور، رتب سعد زغلول مع هدى شعراوي -وكانت رئيسة اللجنة المركزية لـحزب الوفد للسيدات- ومن معها المظاهرة، فخرجت مظاهرة ضد الإنجليز، وخرجت المتظاهرات ونزعن الحجاب.

سبحان الله! يتظاهرن ضد العدو وينزعن الحجاب، ما هي القضية؟

وما العلاقة بين نزع الحجاب وبين المطالبة بإخراج المحتل؟!

لكنها لعبة مدبرة، مزقن الحجاب وأخذن يطالبن بالحرية والاستقلال!!

الحرية مِن مَن.. من الإنجليز أم من الحجاب الذي مزقنه ونزعنه؟!

وجاء الإنجليز بتمثيلية من هنا ومن هناك فأطلقوا الرصاص، وقيل: هؤلاء البطلات الثائرات الرائدات الزعيمات، وإذا بالشعب والصحافة من كل مكان والأحزاب يقولون : المرأة تبذل نفسها من أجل الوطن، فماذا قدم لها الوطن! وإذا بالدعاة -دعاة الإفساد- يقولون: ها هي ذي المرأة تتطوع وتخرج وتقاتل وتواجه المستعمر، فماذا نقدم لها، أتظل حبيسة البيت وقد أثبتت وجودها ووطنيتها.

لقد صور الشاعر حافظ إبراهيم خروج المظاهرة وكيف استقبلها الإنجليز، ثم ردت على أعقابها، وسخر من هؤلاء الهزيلات والضعيفات ذات الجنس الرقيق والناعم، حتى هو رغم هذا الموقف شارك غيره من الشعراء والكُتَّاب في الحملة والدعوة إلى مشاركة المرأة في الدفاع عن البلاد، وعن الاستقلال، ومن ذلك القصيدة المشهورة التي كانت في مناهجنا التعليمية وقرأناها وحفظناها، وهي بعنوان: فتاة اليابان، لقد كان حافظ إبراهيم يمجد فتاة اليابان التي اشتركت وتطوعت في الحرب ضد أعداء اليابان في الحرب العالمية والتي قال فيها:

لا تلم سيفي السيف نبا >>>>>صح مني العزم والدهر أبى

أنا يا دنية لا أنثني >>>>>عن >>>>>مرادي أو أذوق العقبا

هكذا الموساد قد علمنا >>>>>أن نرى الأوطان أماً وأبا

فيقول: لا بد أن تخرج وأن تتطوع المرأة، وبالفعل تطوعت المرأة وخرجت في الدفاع عن الوطن، ويا سبحان الله! تبذل نفسها وتقابل الرصاص وتتطوع من أجل الوطن، ثم لا تمنح حرية الحياة ونزع الحجاب وأن تكون كالمرأة الغربية تتحضر وتترقى، وتفوز بالبرلمان، وتدخل المجالس النيابية وتعطى الوظائف، فهي تقدم دائماً والرجل ظالم لها لا يعطيها أي شيء، هكذا قيل وهكذا كانت تلك المأساة.

ظهور الحركة النسائية والاتحاد النسائي

بعد ذلك ظهرت الأحزاب النسائية بالإضافة إلى أن هدى شعراوي -الزعيمة كما قلنا- وهي ليست هدى شعراوي، بل هي هدى بنت محمد سلطان، لكن انتسبت إلى علي شعراوي، وهو زوجها كما هو النظام عند الغربيين، كما انتسبت صفية زغلول إلى سعد زغلول، وهي ليست بنته، وإنما هي زوجته على عادة الغربيين، فهذا محمد سلطان -كما أشرنا- العميل الذي أُعطي أعلى الأوسمة والنياشين، والتي لا يعطاها في إنجلترا إلا من يصل إلى درجة أو مرتبة (سير) ويلقب بلقب (سير) وهو أعلى لقب هنالك بعد لقب (لورد).

أسست هدى شعراوي الحزب أو الاتحاد النسائي، بدايةً للمرحلة الجديدة التي انتقلت إليها مرحلة الأحزاب النسائية، وهذا بعكس ما حصل هنا، فعندنا هنا بدأ أولاً بتأسيس الجمعيات، ثم بعد ذلك نودي بالخروج، لكن بدأ هنالك بالخروج ثم أنشئت الاتحادات.

فالاتحاد أو الحزب الذي أسسته هدى شعراوي، أرسل وفوداً، ومن ذلك الوفد الذي أرسله لحضور المؤتمر النسائي العالمي في روما، وهذا مما يكشف ويفضح أن دعوات إفساد المرأة دائماً مرتبطة بالغرب، فهنالك ألقيت الكلمات، ومن الطرائف أن الوفد كان يتكون من ثلاث نسوة، منهن: اثنتان سافرتان، والأخرى الثالثة أخذها الحياء نوعاً ما؛ فكانت محجبة، فقال الإيطاليون وأعضاء المؤتمر: إن هاتين ليستا مصريتين، وإن هذه هي الوحيدة المصرية المحجبة، فقالوا: أكيد أن مصر استعارت امرأتين لتمثلها، لأنه لا يمكن أن تكون المرأة المصرية إلا محجبة.

وليس معنى ذلك كما يقول البعض الآن: تكشف الوجه وتقول: محجبة، كشف الوجه ما سمي حجاباً لا في اللغة ولا في الشرع أبداً، فالحجاب تغطية الوجه في اللغة وفي الشرع، وفي مصر كانت المرأة لا تكشف شيئاً أبداً، ولما جاءت هذه وهي متحجبة، قيل: هذه فعلاً التي تمثل مصر.

إن أولئك يعرفون أن المحجبة هي الأصيلة، وأن المتهتكة هي الغربية التي لا تمثل بلدها، ولم يُصدَّقوا أنهما مصريتان.

قابلت هدى شعراوي الزعيم موسيليني، وافتخرت بذلك، وقالت: كانت مقابلة عظيمة ورائعة وتحدثنا إليه عن تحرير المرأة وطالبنا بكذا -وموسيليني هذا هو زعيم الفاشية وكل زعماء الغرب موسيليني وهتلر، ولكن الزمان يدور دورته، المغلوب كما يقول المثل: إذا طاح الثور كثرت السكاكين.

لو أن هتلر هو الذي انتصر لكان الكلام اليوم في العالم، أنَّ هتلر هو حامل راية الحرية، وأن آيزن هاور ومن معه كانوا دعاة الطغيان والاستبداد للشعوب، لكن لأن الذي انتصر هو آيزن هاور الأمريكي، أصبحت أمريكا حاملة راية الحرية وغيرها هو العدواني وهو المتسلط.

المقصود أنها قابلته، وفي الطريق قابلت أتاتورك -انظروا إلى العمالة والنذالة- وأشادت به وجلست معه جلسة طويلة؛ وقالت له: أنت لست أتاتورك -أي أبو الترك- بل أنت أتا شرق، أي: أبو الشرق كله، هذا اليهودي المجرم الخبيث تقول عنه هكذا.

ومن تلك الحركات حزب فتاة النيل الذي كان وراءه وبكل وضوح زوجة الرئيس الأمريكي روزفلت، كانت تموله وكنَّ رائدات الحزب كله يذهبن إلى السفارة الأمريكية ويتلقين التشجيع والتهنئة بنجاح المؤتمر النسائي الذي عقدنه من زوجة الرئيس الأمريكي روزفلت.

وأصبح الآن لا مجال للنقاش في أن الحركة النسائية في مصر إنما هي عملية للصليبيين من الإنجليز والأمريكان ومن أمثالهما وأشباههما.

مسيرة إفساد المرأة في المملكة العربية السعودية

بعد هذا العرض، ننتقل إلى هذه البلاد الطاهرة، وكيف بدأت المسيرة فيها، ولا بد أن نوجز إيجازاً وقد يكون مخلاً أيضاً.

التعليم

الحركة عندنا هنا، كما كتب عنها من الكُّتاب الرسميين كما في كتاب معجزة فوق الرمال، أرادوا أن يبدءوا من باب آخر، ويعتبروا بما جرى في مصر وغيرها قالوا: تبدأ الحركة بالتعليم، والإسلام دين العلم، والمطالبة بالعلم لن يرفضها المجتمع، وليكن المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم رحمة الله عليه، هو المسئول على التعليم.

ولم يكونوا في المرحلة الأولى يريدون إلا مجرد التعليم، فلو أن الشيخ محمداً -رحمه الله- جعل التعليم كله قرآناً وفقهاً وتوحيداً لقبلوا، ولو جعله بدون شهادة لقبلوا.

المرحلة الأولى كانوا يريدون فقط تعليماً -أي تعليم- لأنهم يخططون على الأمد البعيد، ونحن -مع الأسف وهذه مشكلة نعاني منها- أننا لا نخطط ولا نفكر على المدى البعيد، إذا ارتبط الأمر برجل فالرجل يموت، وكل الرجال يموتون ولكن من سيخلفه؟

كيف يكون الحال من بعده؟

ففات الإسلاميين أو فات حملة العقيدة أن يضعوا نظاماً للتعليم مختلفاً اختلافاً كلياً عن نظام الأولاد.

ومع الأسف بُدِئ به كتعليم الأولاد: ست سنوات ابتدائي، وثلاثة متوسط، وثلاثة ثانوي، والجامعة على نفس النمط، بل وضعت مناهج هي نفس مناهج الأولاد، حتى الجبر والإنجليزي، والكيمياء، والفيزياء، عجيب جداً! كيف مضى هذا الأمر، وكيف لم نتنبه لهذه الخدعة؟!

وقد فرح وابتهج العلمانيون بهذه الخطوة العظيمة التي -أحسب وكما قرأت من كلامهم- ما كانوا يتوقعونها بهذه السرعة، لقد كانوا يظنون أنها تبدأ بكتاتيب القرآن، ثم توحيد وفقه، ثم كذا..، وفي الأخير سوف يصل الأمر.

المهم أنشئ التعليم، ويا للأسف أنه أُنشئ كما أنشأه إسماعيل باشا، على نمط تعليم البنين.

الجمعيات

أنشئت بعد ذلك الجمعيات النسائية، وأشير إلى جمعية النهضة النسائية هي أول جمعية أنشئت في المملكة، وأعطيت ترخيصاً خاصاً، كانت مُنشئتها هي سميرة خاشقشي، وهي ليست مجهولة، ولا يمكن لأحدٍ أن يتهمها بأنها امرأة صالحة أو ذات دين، أو ذات خلق لأن مؤلفاتها ورواياتها وقصصها تملأ الأسواق، وسيرتها معروفة، وتعليمها وحياتها في الخارج معروفة ومكشوفة للجميع، ثم تُعطى ترخيصاً بإقامة هذه الجمعية.

ورحمة الله على المنتبهين والناصحين، كم ينصحون ولكننا لا نحب الناصحين، ورحمة الله على الشيخ عبد الرحمن الدوسري فقد نبهنا والله وكأنَّ صوته يرن في أذني الآن، وهو ينبه إلى خطر هذه الجمعيات، وإلى الأيادي الماسونية من ورائها، ولكن من ينتبه، إنما نخدر بكلمة واحدة وبمقولة:إن هذه ضمن تعاليم ديننا، وفي إطار شريعتنا وتقاليدنا، فما دام قالوا هذه الكلمة، إذاً فليفعلوا ما يشاءون.

أرادات الجمعية أن تبدأ من هنا، وأخذوا يكتبون أعمدة نسائية في الصحافة، وبدأوا يظهرون صوت المرأة في الإذاعة، أحد وزراء الإعلام السابقين يقول: إنني لما لم أجد أحداً، وجدت فلانة بنت فلان، وزوجته، وبدأ صوت المرأة يظهر في الإذاعة السعودية، ولكن الاعتراض والاستنكار ما يزال قوياً، فما الحل؟

فكروا في الوسيلة الخبيثة الماكرة التي فتحت لهم باباً عظيماً في الفساد، قالوا: إن أظهرت لهن مجلة هنا في المملكة سيثور عليها الناس، وسوف تقفل وتمنع، فما الحل؟

الحل: أن تنشأ صحافة في بلد غربي، ثم تصدر إلى البلاد، فأنشأت سميرة خاشقشي مجلة الشرقية، وفي عاصمة الظلام -أو عاصمة النور كما يسمونها- في باريس وهي تخاطب المرأة السعودية، والمجتمع السعودي، فإذا جاءت هنا، وقيل: الرقابة، قالوا: هذه صحافة أجنبية، وإن قيل: أفسدت بناتنا، قالوا: لا، لا بأس، فمع الزمن يعترض المعترضون كالعادة، نعترض ثم نهدأ ثم نسكت ثم نستسلم، أما هم فيتقدمون خطوات، وإذا بـالشرقية تستمر وتنطلق.

استنكرتها بعض الأصوات كـمجلة الدعوةالسعودية، وقد كانت قوية في عصرٍ مضى، ولكن مضى الأمر... وهكذا.

وانتشرت الجمعيات النسائية، وإذا بالجمعيات تقيم الحفلات للأزياء، وتقيم الحفلات للتمثيل، والمسرحيات، تقيم ما تقيم من الأمور التي لا تخفى عليكم جميعاً، ولا نريد أن نستطرد فيها، فالمقصود: أن إنشاء الجمعيات النسائية هو نمط مبدل للأحزاب النسائية في البلاد الأخرى.

وهنا لا بد أن نقول كلمة: إذا كان إنشاء جمعية خيرية نسائية -مثلاً- على سبيل أن النساء ينفصلن عن الرجال ويعملن أي عمل من أعمال الخير، فهذا يبحث وينظر في ضوابطه وقيوده، ولكن لم يكن هذا هو الهدف، الهدف هو إيجاد صراع بين الذكر والأنثى في المجتمع، فتقوم الجمعيات لتطالب بحقوق المرأة، ويرد بعض الناس -وقد يكونون مفتعلين- على مطالبها، فتنشأ المعركة.

كالحال في المجتمع الغربي الذي لا يحكمه شرع الله، فالعمال في صراع مع أرباب العمل، والطلاب في صراع مع مديري ومسئولي الجامعة -مثلاً- والشعب في صراع مع الحكومة، والمعارضة في صراع مع الحكومة الدستورية، والمرأة في صراع مع الرجل، وأحياناً تكون -أيضاً- النوعية فالشباب في صراع مع الكبار، أو المحافظين في صراع مع أصحاب التحرر؛ فكل الغرب يعيش في صراع وفي تناحر، فتقول المرأة: إنما أريد أن أكون مطالبة بحقنا، إلى متى نظل مهضومات؟

إلى متى نظل كذا؟

فكان هذا هو الغرض الذي امتد وانتشر في أمور أخرى غير الجمعيات.

التلفاز

جاء التلفاز بعد ذلك وفي أول الأمر وأذكر -كنت حينها في المرحلة الابتدائية في الرياض- أن أحد العلماء خطب، وقال: "لقد وعدنا وعوداً قاطعة جازمة، ألاَّ يكون هناك امرأة تظهر فيه، ونعوذ بالله، وهل يعقل أن نظهر النساء في دولة الإسلام" كلمات قوية لا زلت أحفظ بعضها إلى الآن، فكانت هناك وعود من المسئولين ألاَّ تظهر المرأة في التلفاز، وأنه لن يكون فيه موسيقى، وأنه لن يكون إلا وسيلة للخير، وهو سلاح ذو حدين، قلنا: مادام ذو حدين الحمد لله، لو كان حداً واحداً لغضبنا، وسكت الناس وخدعوا.

وبعد فترة قالوا: لا بد للمرأة أن يكون لها دور، قالوا: الطبخ كيف تتعلمه؟

فكانت تظهر حلقات وبرامج صغيرة عن الطبخ، تظهر فيها الكفان فقط وهي تقطع البصل.

بعد مدة ظهر الذراع، ثم ظهر الوجه، ولكن كانت متسترة وكبيرة في السن، قلنا: هذه من القواعد، فلا مشكلة، نعم دائماً يضحكون علينا لأننا نحن الذين نقبل هذا، ولا أحد يستنكر.

واحد يسكت، وواحد يقول: أنا أصلاً ما أدخلت التلفاز بيتي، فليذهب الناس إلى الجحيم أو الجنة، فالطريق واضح؛ وكل ذلك في ذمة الذي أتو به -المهم أن لكل إنسان أعذار- وبدأت المرأة.

وبدأ بعد ذلك -وكما رأيتم- الانفتاح قالوا: نأتي بمسلسلات ونراقبها، بدأت المسلسلات ثلاثة أنواع أو أربعة؛ مسلسلات أجنبية أمريكية وغربية وغيرها، مسلسلات مصرية ومصر كانت قد قطعت شوطاً في التغريب- والأخرى المسلسلات البدوية، وكل نوع من الشعب يُفسد بوسيلته التي يعجب بها، أهل البادية يحبون المسلسلات البدوية، تجعلها بعد المغرب أو في وقت مبكر قبل أن يناموا، أما الأفلام الأمريكية آخر الليل... وهكذا، والمصرية بعد العشاء -مثلاً- المهم كل واحد على منزلته، فلا تظل فئة من فئات المجتمع إلا ودخلها الفساد.

اعمل إحصائية لهذه المسلسلات وقسها وانظر، فإن لم نقل (100%)، فـ(90%) منها عشق وغدر، وزنا، وفساد، وخلاعة، وفي النهاية إن كان الزواج آخر شيء، حفل الزواج آخر مقطع في المسلسل بعد ثلاثين أو أربعين حلقة، أما ما قبل ذلك من الصحبة والذهاب والرجوع والمرأة تقود السيارة، وتذهب وتواعد حبيبها وتركب معه السيارة، كل هذا قبل الزواج بمراحل، في أول الفيلم وأول المسلسل هكذا كانت الخطة.

وسكت الناس وما كان يدور في عقولهم أن ما نراه في الشاشة، سيأتي من يطالب به في الواقع، وهذا من استحكام الغفلة على قلوبنا-نسأل الله العفو والعافية-.

الصحافة

نأتي -أيضاً- إلى ملحظ آخر وهو الصحافة: كانت الصحافة تطالب من بعيد، وأحياناً تتقدم خطوتين وتتأخر خطوة، وفي تلك الأيام أو البدايات الأولى ظهرت دعوى قوية -والحمد لله- مضادة لهذه الحركة، ونذكر منها الأستاذين الفاضلين الكاتبين، الأستاذ أحمد محمد باشميل، والأستاذ أحمد محمد جمال، اللذان ألفا: لا يا فتاة الحجاز، ومكانك تحمدي، فمن قرأ الكتابين وجد أنهما رد على دعوة كانت قائمة في البلاد، والمملكة كانت فيها مجلات كثيرة، كان أي أحد يستطيع أن يفتح مؤسسة ويعمل مجلة، فكانت كثيرة حتى كان هناك مجلة اسمها البعث، وصدر منها عدة أعداد، وكانت مفتوحة حتى نزلت المؤسسات الصحفية.

المهم أن الصحافة أخذت بنصيبها وأخذت على عاتقها نفس الدعوة وسايرت الجمعيات، وسايرت التلفاز، وظهرت الدعوة بوضوح بعد مقتل الملك فيصل وظهور الصحافة الأمريكية، وتعليق الصحافة الأمريكية بأن موت الملك فيصل هو بداية عصر جديد في السعودية للتحرر، وإذا بالجرائد ومنها جريدة الرياض تقول نفس العبارات: إن المرأة السعودية ستشهد عصر النور والانفتاح، وقد مضى عصر الظلام! بهذا النص.

وكتبت جريدة الرياض في أحد الأعداد، تقول: إنه قد يأتي اليوم الذي تكون هناك المقاهي المختلطة في الرياض لا في باريس بل في الرياض، ويجلس الرجل والمرأة في المقهى ويستمتعون ويشربون الشاي، ويكون -أيضاً- هناك ممثلون وممثلات، ودور السينما، وأخذ المقال يفيض بهذا الكلام، وإذا كان ذلك سيتحقق فلم لا نتعجل به، إذا كانت الدعوة تريد ذلك.

في أثناء ذلك -أيضاً- ظهرت ضمن الصحافة جريدة اليوم التي تصدر في المنطقة الشرقية وظهر أحد الشعراء وقال القصيدة المعروفة:

مزقيه مزقيه

ذلك البرقع مزقيه

أي ذل أنت فيه

أي شؤم أنت فيه

أي ليل أنت فيه

أي قبر أنت فيه

مزقيه مزقيه واسألي يا بنت رب العالمين

واسألي من أنزل الآيات والسور

هل يخفى القمر

أعوذ بالله، يريد أن تكفر بالله، وأن تسأل الذي أنزل الآيات والسور لماذا ينزل الحجاب؟ نسأل الله العفو والعافية.

فتحرك بعض أهل الخير وكانت تلك الأيام -مع الأسف- سنوات الطفرة، فالناس مشغولون بالسهرات وبالعمارات، لا يوجد متفرغ للثاني، لكن تنبه من تنبه، وعوقبت الجريدة بعقوبة صارمة للغاية! فأغلقت ثلاثة أيام!! وكان من المفروض أن يقام حد الردة، وهنا نقف وقفة.

حد الردة ما من حدٍ يسقط فلا يقام، إلا وتظهر عقوبة ذلك في المجتمع، متى أقيم حد الردة على أي ملحد؟

أيعقل أننا مع هذا الفساد العظيم ما ظهر فينا ملحد من سبعين سنة؟!

معقول! ما وجد فينا مرتد من سبعين سنة! لو أقيم حد الردة على واحد والله لزجرت أمم وألوف من الناس، ولذلك طوي ملف الحداثة وحفظ، وإلا فالردة الصريحة موجودة فيه، لو حوكم أصحابه على الردة وقتل منهم اثنان، أو ثلاثة، أو أربعة، ومن قبل الحداثيون الأوائل، الذين ركبوا الموج أخيراً وغيروا، وإلا فدواوينهم معروفة، ونساؤهم معروفات، كن يخرجن في الرياض، وهم الآن يتمسحون باسم الدين، ويقولون: إن الفتوى ستتغير بتغير الأزمان والأحوال، هؤلاء أنفسهم هم أول من تبرجت زوجاتهم، وأول من طالبن قبل الحداثيين بالإلحاد والكفر، والفجور.

فالمهم أنه لما لم يقم على هؤلاء ولا على هؤلاء حد الردة، حتى تجرأ من تجرأ والله المستعان.

وفي هذه الفترة -أيضاً- ظهرت الدعوة عبر الصحافة إلى دور السينما، وقالوا: لا بد من وجود سينما في المملكة تراقب، كما ظهرت الدعوة في مصر، وقالوا: من اللازم أن توجد بيوت للبغاء وللدعارة، وتراقب صحياً واجتماعياً خير من أن البلد يكتسب الزنا ويصاب بالمرض، قالوا: تراقب؛ فظهرت، وتبنت جريدة عكاظ الخطة بعد أن تركها الأستاذ أحمد غفور عطار، وقد أعلن براءته منها بعد أن تبنت هذا الخط، ودعمتها جريدة الرياض، والجزيرة واليمامة وغيرها، وقامت بقوة، وانفردت جريدة المدينة بالوقوف ضد الدعوة إلى دور السينما، حتى أن واحداً من المعلقين الكبار، قال: دور السينما لا بد أن يوجد، وأيضاً نشكر الأستاذ أحمد محمد جمال، والأستاذ صالح جمال أخوه، ووقفتهما التي وقفوها ضد هذا التيار.

وأذكر أننا كنا في السنة المنهجية هنا في الجامعة، وأعددنا تحليلاً لتلك الأيام، فاشترك بعض الإخوة بمقالات صغيرة أرسلت إلى الجريدة؛ ويشهد الأستاذ أحمد محمد جمال ومن فرحته ومن غربة من يتكلم في هذا الموضوع، كتب عنواناً بخط كبير: لست في الميدان وحدي، وقال: "الحمد لله جاءني تشجيع، جاءتني رسالة من طالب جامعي يكتب في الموضوع، ولا زلت أذكر العناوين التي كان يكتب بها بعنوان: (لا تهدموا هذا الكيان الكبير) يقول: هذه الدعوة هدم لهذه المملكة الكيان الكبير، هذه الدعوة إلى الإباحية وإلى ظهور المرأة في المسرح..، هذه دعوة لهدم هذا البلد وهدم الجيل، وكان هذا ما كتب، وجزاه الله خيراً، وهناك من كتبن ضد هذا الموضوع من أسرة الأستاذ صالح بالذات.

تطوير الجيش

النساء في تلك الفترة -أيضاً- ابتلين بتطوير الجيش، الذي خسرنا عليه مليارات -والله يعوض خيراً- فتطوير الجيش وتحديثه قامت به عدة شركات أمريكية، وكان في كل القواعد الجوية الأمريكية نساء أمريكيات يعملن في القواعد وغير ذلك، ومن هذه الشركات (لوترب) وشركة (ماكدونلد) وشركات كثيرة في كل القواعد.

أما المستشفيات والخطوط السعودية فحدث ولا حرج -هذا أمر معروف وظاهر للجميع- فكانت المرأة تعمل في عدة قطاعات من المجتمع مع الرجل، وإن كان الغالب أنهن كافرات، لكن -أيضاً- وجدت بعض التعقيدات؛ فظهرت الدعوة التي تقول: لماذا لا تكون العاملات من أبناء الوطن وفي حدود شريعتنا وتقاليدنا؟

لماذا تظل هذه الوظائف حكراً على النساء الوافدات كالمذيعات في التلفزيون -مثلاً- أو الممرضات، أو المضيفات، أو العاملات في القطاعات الأخرى والشركات؟

وظهرت هذه الدعوة ووصل الحال إلى أن وزارة التخطيط تبنَّت بنفسها توظيف النساء، وخصصت لهن مكاتب كثيرة وتوظف النساء؛ وكما قال وزير التخطيط في الندوة التي عقدت في جدة: إن الوزارة تهدف إلى تهيئة الكوادر، ثم تصديرهن فيما بعد إلى الوزارات الأخرى، فبالطريقة هذه تصبح الوزارات جميعاً مختلطة، وما المانع أن يكون هناك موظف إلى جانبه زميلته موظفة في إطار وحدود شريعتنا وتقاليدنا.

في هذه الفترة ظهرت المطالبة بجامعة للبنات، ولكن كلما ظهرت فكرة جامعة البنات توأد ولا نسمع لها أثراً، فجامعة البنات قالوا في أول الأمر: إن التعليم سيكون إسلامياً؛ وأن المفتي هو المسئول عنه، وقالوا: لا، مع أن بعض الوزارات شققت في تلك الأيام إلى أربع وزارات، فوزارة المواصلات كم شقوا منها وزارة؟

ووزارة الداخلية كم شقوا منها وزارة؟

أموال كثيرة والحمد لله، ووظائف تراد أن تُفتح، فكثروا الوزارات إلا هذه، قالوا: الأحسن لو دمجت وزارة المعارف مع الرئاسة العامة، لأنه لو وضعنا جامعة للبنات ربما يختل عندهم هذا الشرط الذي يسعون إليه.

ثم قالوا: نريد أن يدرس الأبناء معلمات في المرحلة الابتدائية، وكتبوا ذلك، وكان لسماحة الشيخ عبد العزيز فتوى في الرد عليهم في ذلك، وأن هذا لا يجوز؛ لأنه يفتح باب الفتنة، فقالوا: تنازل يا سماحة الشيخ يدرسن إلى ثالث ابتدائي فقط، بعد ذلك تدخل من باب المدرسة لكن لا تدخل فصل سنة سادسة أي من ثالثة وتحت، تتقابل مع المدير والوكيل والفراشين والمراقبين، لكن سنة رابعة، وخامسة، وسادسة ما تقابلهم، فأرادوا أن يستغفلونا ويضحكوا علينا؛ ولكن قامت الدعوة -والحمد لله- ورفضتها الرئاسة؛ أما جامعة البنات فإنها لم تر النور بعد والله المستعان.

ابتعاث النساء إلى الخارج

في نفس الوقت ظهرت مصيبة الابتعاث مع سنوات الطفرة والنعمة، ونعوذ بالله من أن نكون من الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار.

والله لما سمعت ما فعله هؤلاء الفاجرات الفاسقات في الرياض، قلت: يا سبحان الله! لو أنَّ كل واحدةً منهن سألت أباها أو جدها، كيف كنت تعيش؟!

ونظرت إلى ما أنعم الله تعالى به عليها، لشكرت الله وحمدته، وما فعلت هذا الفعل، فوصل الحال في مجتمعنا إلى هذا الحال، أن الناس يأكلون الجيف.

والله لقد حدثنا ثقات أنه خرج ثلاثة من شدة الجوع قبل حوالي سبعين سنة أو ستين سنة، فلم يجدوا ما يأكلون، واستمروا في الصحراء، فما وجدوا شيئاً يأكلونه، فناموا، واتفق اثنان على أن يقتلا الثالث ويأكلاه -والله من الثقات- ولكن في أثناء التشاور كيف يقتلونه وهو نائم وإذا بكلب يمر، فأيقظوه وحاصروا الكلب وذبحوه وأكلوا لحمه.

أقول وأمثله كثيرة وآباءنا يعرفونها، جوع شديد جداً، بل إلى قريب بعد أن تأسس الجيش، كان الجنود يمضون أحياناً سبعة أشهر لا يأخذون الراتب.

أقول: أنعم الله علينا -والحمد لله- بالمال وهذا البترول، فهل شكرناه أم كفرناه؟

قلنا: نبتعث البنات للخارج، هل هذا جزاء النعمة وشكر المنعم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ويرسلن إلى الخارج، هذه في كولورادو، والأخرى في مسلدن، والثالثة في كاليفورنيا.

وهنالك لا أقول: تعلمن قيادة السيارة، ليست القضية قيادة السيارة، بل تعلمن كل أنواع الفساد والانحلال والإباحية، ثم جئن هنا ليربين الأجيال! ابتعثن من غير محارم وما يزلن يبتعثن من غير محارم، ويفعلن ما شئن، فهل نتوقع أنها هناك مجرمة وفاسقة ومتهتكة، ومتخلعة؛ فإذا عادت هنا تتحول إلى ملاك؟ لا يمكن.

وصحب ذلك حملة خبيثة مسمومة من هؤلاء المبتعثين وقد يأتي لنا وقفه مع هؤلاء، لأن الذين يقفون وراء هذه الحركة الخبيثة رجال معرفون بأسمائهم ولو شئنا لسميناهم تستروا حتى تعرفوا أنها حركة مدبرة، بأسماء نساء، وأخذوا يكتبون في الجرائد في جريدة الرياض، وفي الجزيرة، وفي اليمامة، وفي عكاظ، وفي المدينة، كلام كثير جداً، فقام المعارضون ومنهن فتيات -والحمد لله- وتعرفون بعض أسمائهن، واعترضن وطال النقاش.

ومن أطرف ما نشر -والحمد لله أننا تنبهنا بعد فوات الأوان- طالبت بعض الفتيات المؤمنات اللاَّتي كن يحاربن هذا الفكر الخبيث، ونريد أن نتصل بكن يا فلانة، وفلانة، وفلانة، (ونجمة الحمود، وطفول عبد العزيز) وغيرهن، فتكتب تلك وتقول: إني موجودة ومعروفة، فتكتب تلك وتقول: أعطني هاتفك أتصل بك، أو مكان كليتك أريدك، وإذا بالأمر أنه ليس هناك نساء بهذه الأسماء، إنما هم رجال مجرمون ومعروفون بأسمائهم، يكتبون بأسماء نسائية، يقول أحدهم: أنا امرأة محطمة، وأنا متأخرة! وهو رجل يكتب ليفسد المرأة المسلمة، ويضحك علينا ونحن مع الأسف في غفلة عن هذه الأحداث التي تجري من حولنا، والطيّب فينا ربما لا تتجاوز قراءته أو فهمه حدود مسجده أو الحي الذي هو فيه، والدنيا الأخرى لا شأن له بها، والله المستعان!

نوادٍ رياضية للنساء

ثم نشأت بعد ذلك دعوة غريبة جداً، تطالب بنوادي نسائية للرياضة، فيصبح هناك منتخب الرياض للفتيات، ومنتخب جدة، وبعد ذلك تعقد مباراة، وتنقل في التلفزيون، فيحضرها الرجال، وقالوا: لا بد من نوادي، وحكومتنا الرشيدة قد هيأت كل شيء، وتدفع آلاف المليارات على الرياضة، لا يمكن أن تحرم الفتاة التي تخدم الوطن والتي كذا وكذا، وطالبوا معها بمكتبات، والمكتبات أمرها أخف!

لكن المقصود أنهم يريدوا أن يجعلوها صراعاً وخروجاً عن الدين، ولو كان الغرض مكتبة ليقرأن، لطالبنا نحن بذلك، لكن لهم أهداف خبيثة من وراء ذلك، وظهرت هذه الدعوات المحمومة -وربما لا تزال- وظهرت معها الدعوة إلى المهن المختلطة، وحتى فتحت معاهد التمريض في أكثر المدن -مع الأسف الشديد- ثم أخذت المقابلات تُجرى عن أول فتاة في دولة كذا تقود الطائرة، وأول عسكرية في دولة كذا، وأول شرطية في دولة كذا، من أجل أن يقولوا: أين المرأة السعودية وما دورها؟

هنا -أيضاً- نشيد بالأخت سهيلة زين العابدين فإنها ممن قاوم هذا الفكر المنحرف، ولها ردود في هذا المجال وغيرها من الأخوات التي -مع الأسف- اختفت ولا أدري لماذا اختفت.

دخول القوات الغربية

وعندما جاءت هذه الحشود والقوات الغربية، الفتنة الكبرى التي ما أظن مر على تاريخ الإسلام وتاريخ جزيرة العرب كارثة أعظم ولا أكبر منها، وجاء معهم النسوة التي لا يخفى على أحد أعمالهن ولا تحركاتهن، وقد حُذر مع الأسف، ولكن قد كان الواقع الذي ترونه، والذي يراه كل أحد يزور المناطق التي يتواجدون فيها وهم ليسوا ببعيد، المهم لما جاءوا كان طبيعيٌ جداً أن تتكرر الدعوة القديمة دعوة تغيير المجتمع.

الذي نعرفه أنكم جئتم لإعادة الشرعية، وللدفاع عن البلاد، أمّا أنكم تقولون: تغيير المجتمع، التغيير الاجتماعي، والديمقراطية، وتغيير التركيبة، وتغيير البنية الاجتماعية، ما علاقة هذا بهذا.

ولكي أختصر عليكم الإحالات -وهذا شيء أنا أرجو أنه لا يفوت ذلك الكثير منكم حتى تعرفوا ماذا يراد لنا- كل يوم في الصباح وأيضاً تأتي في الليل أحياناً لكن أنا لا أسمعها إلا في الصباح أقوال الصحف الأمريكية تأتيكم في صوت أمريكا باللغة العربية نسمع ماذا تقول، والعاقل يفكر، المسألة ليست مسألة شرعية.

ويتكلمون عن غياب العدل لدينا، وأي عدل أقامه الغرب في حياتهم، أي شرع فَكَّرَ الغرب أن يقيمه في حياته كلها، إنها مآرب أصبحت غير خافيه على أحد -والحمد لله- ولهذا لا نفيض في الحديث عنها؛ فإن الواقع أكبر من أن يتكلم عنه، لكن المقصود أن ارتباط وجود هذه القوات مع المطالبة بالتغيير الاجتماعي، والتغيير في سياسة أو طريقة الحكم، وفتح المجال للشورى وللمقاطعات... إلخ، هو نفس المشهد الذي رأيناه في أيام نابليون ثم في أيام إسماعيل، ثم في أيام سعد زغلول، ثم فيما بعد تكرر.

وإذا بالمنتمين إلى الفكر الغربي، الذين قبلتهم ليست مكة إنما واشنطن، ولم يتلقوا العلم الشرعي من سنة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وميراثه الذي ورثه لنا، وإنما تلقوا تعليمهم الإلحادي في تلك البلاد الكافرة، وإذا بهم يطالبون نفس الشيء، ويدعون إلى التحرر والإلحاد والخروج فكانت المسيرة.

فاجتماع هذه الأمور من وجود القوات ووجود هؤلاء السافرات الفاجرات ومعهن الكافرات، ووجود التوجيه من الخارج بالتغيير الاجتماعي -الذي لا بد أن يطرأ على دول المنطقة بعد قدوم هذه القوات- هذا هيأ الفرصة لخروج ما سمي بالمظاهرة، فخرجت وقد ظنوا -وخيَّب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ظنهم- أننا قد متنا وأنه (ما لجرح بميت إيلام)، فظنوا أن الإيمان قد فُقِِدَ، أو ذُبح، وأن حب الدنيا، وغلبة الشهوات، والتربية الإعلامية الطويلة على الانحلال، والسفر إلى الخارج المفتوح على أبوابه، وأكل الربا، والانغماس في الشهوات، وإبعاد الشباب عن حياة الجد، وغيرها من العوامل، أن ذلك كله قد قضى على شخصيتنا الإيمانية.

وتوقعوا أنه سيعترض بعض من سموهم أصحاب المكانس، ولكن سنغلبهم وسيعترف المسئولون بالأمر الواقع، وسيكون لنا كيان ووجود، ويكتب التاريخ أننا الزعيمات الرائدات لهذه الحركة، وكانت -والحمد لله- غلطةً كبرى، ووهماً عظيماً وقع فيه المخططون، ولا نعني المنفذات الغبيات، وإن كان فيهن من هي على علم، ولكن وقع في الوهم الكبير المخططون، ومن يقف وراء المخططين، وأخطئوا التوقيت، وعبارة (وأخطئوا التوقيت) كثيراً ما سمعناها، لكن نحن نريد بها معنى آخر، نقول: إنهم أخطئوا التوقيت بأن قدموا الأمر في وقت ظنوا فيه أننا قد متنا، ولكننا -والحمد لله- ما زلنا أحياء، وظنوا أنهم سيضحكون على علمائنا، ولكنهم والحمد لله تنبهوا، بعد أن كاد الأمر أن يفلت بتعهد، لكن الاستنكار الذي قوبلن به قضى على الأمر.

الصبر والمجاهدة تجاه الفساد

لقد كشفت المؤامرة، وعرف من وراءها، وعرف المخرجون والمنفذون، ولم يسكت المؤمنون الغيورون على هذا الأمر أبداً، ولن نسكت أبداً، والقضية ليست قضية قيادة المرأة للسيارة، إنَّ القضية قيادة الأمة إلى الهاوية، وعندما أفتى العلماء بتحريم قيادة المرأة للسيارة، وصدر بها بيان من وزارة الداخلية، وعقب على ذلك أيضاً وزير الداخلية في مكة -كما سمعتم- ظهر العلمانيون المجرمون لمصادرة هذه الفتوى، وكتبوا وقالوا: إن هذا الأمر قابل للنقاش، وللحوار، وأن الفتوى تتغير بتغير الزمان والأحوال.

عجيب ما المقصود؟

ولماذا يكتب في جريدة مشهورة، ثم يقرأ عقب الأخبار في التلفزيون، وكأنه تعليق رسمي من الحكومة؟

وكأنه يقول: انتظروا قليلاً، نحن الآن مجبورون أمام هؤلاء، لكن سيموتون هؤلاء الأربعة أو الثلاثة، ويأتي الجيل المرن فيما بعد، وتتغير الفتوى ويكون حلالاً.

وضربوا أمثلة، قالوا: تعليم المرأة كان مرفوضاً ثم أبيح، وظهور المرأة في التلفزيون كذلك وذكروا كثيراً من المنكرات، التي تغيرت الفتوى فيها، أو الزمن غيرها ثم أُقرت.

نقول: خاب ظنكم! وخاب شأنكم! ووالله لا يكون إن شاء الله، ونحن الشباب المسلم -والحمد لله- كثير وكثير جداً، بل نحن الأمة كلها قد عاهدنا الله ألا يتم ذلك، بل المرأة المسلمة الغيورة استنكرت، وكثيرٌ منهنَّ لم تستنكر لعفافها ولكن لا يخرج عنها علم أو خبر.

وإلا لو كانت المسألة كما في المجتمعات الأخرى مظاهرة ويرد عليها بمظاهرة، لكان بإمكان العلماء والدعاة أن يخرجوا مقابل أربعين، أو بضع وأربعين عاهرة أو فاسقة، أو فاجرة -أياً كانت- أن يخرجوا ثمانية ملايين امرأة، إن كان عدد النساء عندنا ثمانية ملايين، لكن نحن لا نرى أسلوب المظاهرات أصلاً.

وهم يقولون: إن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، نقول: نعم! لن تعود أبداً بل بدأت -والحمد لله- تدور إلى الأمام في مصر، والجزائر، والمغرب، وتركيا، وأفغانستان وفي كل مكان، بدأت المرأة المسلمة تعود إلى حجابها وتعرف دينها، حتى في الأرض المحتلة في فلسطين المحتلة، وحتى في غيرها من البلاد -والحمد لله- بل حتى الفتيات المؤمنات داخل المجتمع الغربي الكافر نفسه، بدأت المرأة المؤمنة تعرف أنها مؤمنة، وتتمسك بحجابها في تلك الدول، هنالك في تلك المجتمعات؛ والطفلة فاطمة التي هزت فرنسا وغيرها من الأمثلة على ذلك -والحمد لله- فنعم، عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، وقد بدأت مسيرة الإيمان إلى الأمام، والمسألة ليست عقارب ساعة، لكن المسألة هي مسألة غفلة وران تجتاح القلوب بالمعاصي والذنوب، وبحب الشهوات، وبأكل الربا، وبالانحراف عن شرع الله، وبعدم تحكيم شرع الله وإقامة دينه.

ولكن هذه الأمة تفيق وسرعان ما تفيق، وإذا أفاقت؛ فإنها تُحِكِّمُ كل القيود، وتفجر كل السدود بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهذا ما نص عليه الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين)، وفي رواية (يقاتلون على أمر الله، لا يضرهم من خالفهم) لا يضرهم من خالفهم كائناً من كان، الشرق أو الغرب، حتى يأتي أمر الله، فيستمرون والغلبة لهم، وما مر بهذه الأمة مرحلة ضعف وخذلان، إلا وعقبها يقظة ونهضة قوية، وأعقبها غسل للعار، وأخذ بالثأر من كل مجرم جعل عرضها أو دينها أو شرعها مهزلة أو سخرية.

هذه حقائق يجب أن يعلمها أولئك، ويجب أن يعلمها الشباب وبالذات في هذا البلد الحرام.

أقول: إن ما بلغني وما سمعته من استنكار شديد في أوساط الشباب، والمشايخ وعلى رأسهم العلماء والحمد لله، العلماء في محكمة التمييز، وفي شئون الحرمين، وفي الجامعة وفي كل مكان من هذا البلد، الدعاة والطالبات والمدرسات في الكليات، أقول: هو خير كبير ومع ذلك لا يكفي بالنسبة إلى إنكار غيرها من المدن، يجب أن يكون هذا البلد الحرام هو المتصدر الأول للإنكار على هذا المنكر.

هذا البلد الذي انطلقت منه دعوة الخير والنور، والهدى يجب أن يكون أكثر المدن إنكاراً لهذا الفساد العظيم، وأكثر مطالبة لحكم الله، لا نطالب إلا بحكم الله في كل قضية، حكم الله عز وجل، أما تعهد فهذا لا ينفع نحن نريد حكم الله وشرعة، وما يحكم به القضاة في كل المسائل التي تعرض عليهم من شرع الله نرضى به ولا بد أن نرضى به في هذه المسألة، ولا يمكن، ولا ينبغي، ولا يحق لأي مؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن طالب بحكم الله فما ظلم ولا تجنى على أحد.

نطالب وبكل شدة وإلحاح، وسنستمر في المطالبة بأن يعرضن على شرع الله، وإن لم يحاكمن، وإن لم تقم تحتسب الجهات المسئولة بإقامة دعوى عليهن، فلا يجوز لنا أن نسكت، وسنأثم -جميعاً- إن لم يكن منا من يحتسب عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويقيم الدعوى لوجه الله.

وعلى النائب أو المدعي العام أن يستمع الدعوى، وأن يرفعها ويوصلها إلى القضاء، وتكون محاكمة بين هذا المحتسب أو المحتسبين، وليكونوا من علمائنا الأجلاء والحمد لله، فليحتسبوا هم بإقامة هذه الدعوى، ليرفعهم الله بها في الدنيا والآخرة، ثم حكم الله يمضي، ولا نعيد الكرة، لا نعيد ما حدث في ملف الحداثة، وماقبله مما نشر من إلحاد وكفر وضلال، فهذا البلد -والحمد لله- ما قام إلا على التوحيد والسنة، وسيستمر على التوحيد والسنة، رغم أنوف الكائدين والحاسدين من المنافقين هنا، أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً [الأحزاب:61]، ومن الأعداء هنالك الذين يحركونهم ويشجعونهم، وسيرغم الله تبارك وتعالى أنوفهم بنصرة دينه وإقامته.

واجبنا تجاه هذه القضية

لا نعني حل هذه المشكلة في ذاتها فهو ما أشرنا إليه حل سهل وواضح، وعادي، ومطلب مشروع جداً، وليس في إمكان أحد كائناً من كان، أن يلومنا عليه وهو المطالبة بحكم الله فيهن، هذا واضح، لكن ليست هذه هي القضية، فالقضية أنه يجب علينا أن نطالب، وأن نسعى إلى استئصال هذا الشر من جذوره، وتجفيف كل منابعه، وتطهير وسائل الإعلام من تلفاز وإذاعة، وصحافة، تطهيراً كاملاً من كل ما حرم الله.

ومن ذلك -أيضاً- تطهير الأسواق، والنوادي، ومراكز التجمع النسائية، وغير النسائية كائنة من كانت، من كل ما حرمه الله، من كل ما يغضب الله، وتطهير المناهج من كل دخن، وتطهير القلوب من أمراض الاعتقاد أو الشبهات، وأمراض الشهوات، والإذعان والانقياد والاستكانه لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

على أية حال نقول: لا بد من عودة صادقة كاملة إلى الله، نزيل كل ما حرَّم الله، فمحلات الفيديو لابد أن تقفل -جميعاً- إلا ما كان منها منضبطاً بشرع الله، وكذلك التسجيلات التي تبيع الغناء المحرم وكل التسجيلات غير الإسلامية لابد أن تقفل جميعاً، وكل شيء خالف شرع الله في حياتنا العامة، وإن لم يكن يتعلق بالنساء خاصة، كالبنوك الربوية تقفل جميعاً، وبدون تردد ولا استثناء.

فكل شيء عصينا الله فيه، فنرجو الله بأن نقفله أو نمنعه، فإن قيل: هذا شيء كبير، وتحول خطير، ونحن لسنا على استعداد أن نغيرها، وأن نتوب هذه التوبة.

فلنقل إذاً: أنكون على استعداد لغضب الله، ومقته وعذابه وتسليط الله تبارك وتعالى العذاب علينا، يقول: وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ [المؤمنون:76] إن لم نستكن ونتوب ونتضرع؛ فإذاً لا بد أن تنزل العقوبة كما قال الله تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال:25].

بل يجب أن نحمد الله أن فينا من أنكر، وأنَّ هذا الإنكار الذي يدل على وجود مُصلحين هو الذي يدفع الله تعالى به العذاب، لأنه تعالى ما كان ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون، ولم يقل: صالحون، فوجود المصلحين والمنكرين نعمة عظمى من الله، وقد كنت والله أخاف أن يباغتنا عذابٌ من الله تبارك وتعالى فيسلط علينا هؤلاء الأعداء أو غيرهم، جزاء بما اقترفنا وعصينا، ولأننا لم نظهر توبة صادقة حتى الآن، فلما جاء هذا الإنكار اطمأن قلبي نوعاً ما، وفرحت وقلت: الحمد لله، إن الله لن يهلكنا وفينا هؤلاء المصلحون، هذه نعمة من الله، فالحمد لله.

إذاً سيدفع الله تعالى عنا العذاب، وسيصد الله تعالى أعداءنا من عنده وبأيدينا -أيضاً- بإذن الله، هذه نعمة، فكلما ضاعفنا الإنكار، واستئصلنا شأفة الذنوب والمعاصي، وكلما صدقنا مع الله إنابة وتوبة، وإخلاصاً، وصدقاً، وتضرعاً، فذلك -والله- هو الخير والنجاة والفلاح والسعادة.

وأما غيره فهو الخسارة، والهزيمة، والنكال، والعذاب، والهوان، ولا سيما لهؤلاء الذين توعدهم الله تبارك وتعالى بقوله: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النور:19] انظروا! ليس فقط في الآخرة بل في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون.

لا تقولوا: كيف تأتيهم العقوبة، إن لم نعاقبهم نحن، فإن هناك أبواباً من العقوبات لا نعلمها، سوف يسلطها الله تبارك وتعالى على هؤلاء، فنحن -والحمد لله- مهيئون للتوبة وللإنابة، وإن لم يكن هذا البلد هو المهيأ، وإن لم يكن حملة الإيمان فيه هم الدعاة إلى هذه التهيئة فمن إذاً يكون؟

والحمد لله رب العالمين.

الأسئلة

انتشار ظاهرة تدليك النساء

السؤال: انتشرت محلات التدليك النسائي بكثرة حتى في هذا البلد مكة، وهناك سهولة في الحصول على الترخيص؟

الجواب: وذلك لأنه لو أراد ترخيص لتسجيلات إسلامية فسيتأخر سنتين، لأنها لا تناسب ولا تعجب هؤلاء العلمانيين، ولهم أيادي وسلطة في بعض القطاعات لا تخفى عليكم، ولذلك يمنعونهم، لكن أماكن التدليك جزء من الظاهرة الكبيرة، وهي الانحراف والبعد عن دين الله -كما قلنا- وهذا هو إشارة إلى مرض من الأمراض.

حكم قيادة المرأة للسيارة

السؤال: حكم كبار العلماء في قيادة السيارات شيء جيد، لكن أود منهم أن يفتوا، وأن يقوموا بالدعوة إلى إقفال تلفاز القناة الثانية وغيره؟

الجواب: موضوع قيادة السيارة للمرأة لا يحتاج فيه إلى كلام، وليست القضية قيادة المرأة للسيارة أبداً، ولا نعالج الخطأ بالخطأ، ولا نعالج المرض بالمرض، أصل قضية المرأة الله سبحانه قد حسمه وقد حله: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33] وقرن هذا الأصل وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأحزاب:33] هذا كلام رب العالمين، فالأصل هو أن تقر المرأة المسلمة في بيتها، ولا تخرج إلا لحاجة أو ضرورة، هذا أمر آخر وشيء يبحث، وفي حياة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصحابة والتابعين كان هذا واقعاً فلا جديد في الأمر، أما أن نخرج على شرع الله في أمر من الأمور، ثم نريد أن نرقع، فنحل المشكلة بخطأ أو مصيبة أخرى؛ فلا يُضحك علينا بذلك.

الصحابة رضي الله تعالى عنهم فهموا أول الأمر من نزول الحجاب أن ذلك حتى لا تُعرف المرأة أصلاً، والحديث الصحيح الذي رواه البخاري في عدة مواضع ورواه غيره من حديث سودة رضي الله تعالى عنها لما خرجت أم المؤمنين من عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتعشى وفي يده عرق اللحم، خرجت فرآها عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في الليل، وكانت محجبة، لكن كما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها في الحديث: {وكانت امرأة بدينة لا تخفى على من يراها، قال عمر: قد عرفانك يا سودة فانظري كيف تخرجين، فانكفأت رضي الله تعالى عنها راجعة}.

انظروا إلى أخلاق وآداب الإسلام، انكفأت راجعة إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت له ما قد جرى، فتغشى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما كان يتغشاه إذ نزل الوحي وما يزال اللحم بيده حتى أفاق، ثم قال: {إن الله قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن}.

أي: ليس الشرط أن لا تعرف المرأة، حتى لو عُرِفَت أنها فلانة، ما لها ذنب، ما دامت متسترة ومتحجبة، لا يُرى منها شيء.

انظروا! كيف فهم الصحابة من الحجاب أنه لا تعرف أصلاً، لا يرى إلا السواد، ولا يدرى سواد من هذه.

فكيف الآن يقال: تقود أو لا تقود، لا ينقلونا نقلةً بعيدة، فالمسألة مسألة التزام بأمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ولا بد أن نلتزم به، وقيادة السيارة يرجع الأمر فيه إلى أصل الخروج وإلى حاجته، وإلى ضرورته، وإلى تحريم الخلوة بالسائق الأجنبي، وإلى غيره من الأمور المحكمة في هذا الشأن والتي تكلم فيها علماؤنا والحمد لله.

التحسن الطفيف في برامج التلفاز

السؤال: في بداية هذه الأحداث المؤسفة لاحظنا تحسناً طفيفاً على برامج التلفزيون فاستبشرنا خيراً، ولكن بعد أسبوع أو أسبوعين عاد الحال إلى ما هو عليه؟

الجواب: الله أكبر! يقول تعالى: فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:43-45] سُنة الله! نعوذ بالله أن تكرر فينا، نسينا ما ذُكِّرنا به؛ فلما فتح الله علينا الخير؛ حتى الأمن فتح، فتح عندنا الأمل في الأمن وأن صدام لن يفعل شيئاً، كنا خائفين، فذهب الخوف، والآن محميين ومنا من ترضى عن بوش ودعا له، فانتهى الأمر ونسينا ما ذكرنا به، ورجعنا إلى معاصينا نسأل الله العفو والعافية.

مخططات تدمير أخلاق المرأة المسلمة

سؤال: ما هي توقعاتكم لمخططات أعداء المرأة المسلمة في هذا البلد؟

وهل سيحدث أو سينجحون في تدمير أخلاق المرأة؟

الجواب: هم أحقر وأذل وأقل من أن ينجحوا بإذن الله.

الأسواق والصحف الداعية للسفور والرذيلة

السؤال: إنَّ الأسواق لا زالت تعج بالصحف والمجلات الداعية للسفور والرذيلة ومحاربة كل ما هو إسلامي؛ فما السبيل للحد من هذه المجلات؟

وهل من كلمة إلى طلبة العلم تبين خطرها؟

الجواب: الكلمة موجهة ومعروفة، ومن ذلك فتوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح عثيمين جزاه الله خيراً، مطبوعة وما أظن يخلو منها أي بيت، والقضية هي قضية الإنكار.

إذا أنكرنا فأولاً لا نشتريها.

ثانياً: ننكر على أقربائنا وإخواننا، وزملائنا ونحذرهم.

ثالثاً: نكتب ونحذر أيضاً ونبين لوزارة الإعلام خطر وفساد هذه الجرائد، وأرجو إن شاء الله أن نجد التجاوب منها إذا رأوا الإنكار شاملاً كما حدث في الإنكار على هذه المصيبة.

تطوع المرأة في الحرب

سؤال: يقول بعضهم: إن تطوع المرأة جائز، بحجة أن المرأة شاركت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حروبه، وفي إسعاف الجرحى، ما هو تعليقك؟

الجواب: نخشى -والعياذ بالله- أن يتحقق فينا قول الله تبارك وتعالى في المنافقين إذا دعوا إلى ورسوله أعرضوا، قال: وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ [النور:49] إذا كان لنا شهوة ورغبة في أمر من الأمور قلنا الفتوى صدرت وجائز وفي عهد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفتاوى العلماء في الربا أليست في القرآن وفي السنة وفي جميع كتب الفقه؟

أليس العلماء ليل نهار يفتون؟

أعجبتنا هذه وهذه ما أعجبتنا! نتخير في دين الله كما نشاء!

نرقع دنيانا بتمزيق ديننا>>>>>فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع

إن المفروض بعد هذه الأحداث ألاَّ يبقى شاب إلا وأصبح متدرباً ومتطوعاً وجندياً للجهاد في سبيل الله، ولإعلاء كلمة الله في كل مكان، وفي كل بلد وفي كل قرية، حتى لو عطلنا الدراسة، المهم كلنا نتحول إلى جيش، ونقول: أربعة أشهر فقط، ويكون عندنا مليون جندي، ولا نستعين بكافر ولا مسلم، نحن في غنى عنهم، عندنا الحمد لله المال، وبلدنا أغنى بلد في العالم، وثرواتنا مكدسة في بنوك الغرب، وعندنا الإمكانيات، وعندنا الشجاعة بل نحن معدن الشجاعة في الدنيا كلها، نحن أحفاد الصحابة.

فلنتدرب ولنستعن بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ولنقاتل كل من يحاول أن يهاجم بلادنا، بل نجاهد الكفار والمنافقين في عقر دارهم، والله نستطيع ذلك لو أردنا، ولوكانت لنا قلوب حية وصادقة مع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لكن المصيبة أن الأحداث تمخضت عن فتح باب التطوع للنساء.

أنا أضرب مثلاً في مكة هنا، ليس فيها مركز تطوع للرجال، أما النساء أكثر من ثمانمائة امرأة في الدفعة الأولى، وما أدري كم الثانية وكم الثالثة؟!

أعوذ بالله! أليست هذه انتكاسة ومصيبة وكارثة؟

ومع ذلك أيضاً استغلوا هذا الموضوع وأخذوا يشقشقون منه دورة بسيطة تأتي بتوقيع الوزير، ثم يقال: دورات للمتفوقات، ثم ربما يأتي دبلوم، وماجستير، ودكتوراه، يراد أن تمطط، وأن تعمم، وأن تنتشر؛ لأن الله تعالى قال وهو أصدق القائلين: وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً [النساء:27-28].

فهذا حال المتبعين للشهوات، يريدون ذلك، ففتح الباب، ثم أخذ القوم، وقالوا: المرأة ساهمت في خدمة الوطن، وتطوعت من أجل الوطن، ومع ذلك ماذا قدمنا لها؟

إذا قلنا: ماذا نقدم لها؟

الدعاء! ما يريدون الدعاء إذاً ماذا نقدم هل نقدم المال؟

كل واحد منا يُعطي زوجته إذا تطوعت خمسمائة ريال أو نحوها، مكافأة لها تقود السيارة وتحمل السلاح، وبعد ذلك تذهب إلى الجبهة، وتسير بين الأمريكيين والأمريكيات، هل هذا هو المطلوب؟!

انظروا يا إخوان قبل يومين في أحد وكالات التلفزيون أو قنوات الإذاعة الأمريكية -والخبر أنا أخذته من الإذاعة- نقل مقابلة مع جنديتين في الفرقة (251) الأمريكية التي جاءت إلى المملكة، جنديتين بين ألف رجل، انظروا الحرية والديمقراطية والحياة التي يطالب بها هؤلاء الفاجرات ومن ورائهن، تقول الجنديتان: لقد شعرنا بالألم وبالقرف، وبعبارات كثيرة مترادفة.

وقالت إحداهن: وجدت أني امرأة واحدة أنام على سرير وحولي ألف رجل، وفي جو صحراوي موحش، هذه تقاتل بالله عليك، هذه تخاف من ألف وحش وهي كالدجاجة بينهم، وأبناءها وأطفالها هنالك، لا تستطيع أن تفعل شيئاً، ولكن لا بد أن تثبت جدارتها، حتى قال رئيس هيئة الأركان الأمريكية: إن دخول المرأة الأمريكية في الجيش هو أقوى أو أعظم من دخول القنبلة النووية، يعني: في عظمته وفي هزته.

فهذه الأمريكية، تصرخ وتجأر، تقول: تمنيت وندمت أنني انخرطت في السلك العسكري، وتمنيت أني لم أنخرط فيه، ولم آت إلى هذه البلاد، فالمرأة بفطرتها ما تريد هذا الشيء، ومع ذلك يقال: إن هناك من طالبن بذلك وتم نشر صورهن في الشرق الأوسط، وفي جريدة الرياض، وفي الظهيرة، وفي المجلة الخبيثة التي يسموها سيدتهم، وفي أمثالها، ويطالبن بكثرة التدرب على السلاح وبالمشاركة بالجبهة، إن كنا نطمع أنهن يدافعن عن البلاد، الله المستعان!

مثلما قال الشاعر النبطي:

لبس الرجال العبي>>>>>وأعطوهن البنادق واللحى

فهم خاطئ

السؤال: ذكرتم في محاضرة سابقة، أنكم سوف تمرون على المراكز المعدة لتدريب الفتيات وتعليمهم التمرين؟

الجواب: لا. أنا ما قلت هكذا، وكثيراً ما أُفهم خطأ، الإخوان سألوني وقلت لهم: إلى الآن لا أعرف طبيعة التطور، كنت ذلك الوقت لا أعرف حقيقتها، وقلت: ربما تكون بعض التدريبات -مثلاً- وفي أوقات معينة، وبضوابط معينة مع المحارم، أو يقوم بها النساء للنساء، وقلت: ممكن أن نقترح إذا جعلوها في التلفزيون -مثلاً- وتراها المرأة وتطبقها، للاحتياجات المنزلية، أنا ما أجبت جواباً قاطعاً، وقلت: سأستفهم من المسئولين في إدارة الشئون الصحية، ما قلت: سوف أمر على المراكز.

وعلى كل حال: لسنا بحاجة إلى أن نمر على المراكز، قد علم الأمر ونشرت الصور في الصحف، وأجريت المقابلات معهن، وقرأتم جميعاً ماذا يردن، وماذا يطالبن، فلم يعد الأمر يحتاج أن أمر وأخبركم ماذا رأيت؟

الوجود الصليبي وإفساد المرأة

السؤال: ألا توجد صلة وثيقة بين الوجود الصليبـي في المنطقة وبين ما حدث؟

الجواب: أنا ذكرت أن الصلة موجودة بين الوجود الغربي الصليبـي وبين هذه الحركة منذ الحملة الفرنسية ثم إسماعيل باشا، ثم الحرب العالمية الأولى، ثم ما بعد، فالصلة قائمة في كل الأوقات، وفي كل مكان.

حكم احتفال النصارى بأعيادهم في بلاد الإسلام

السؤال: ما حكم احتفال النصارى بأعيادهم في معقل الإسلام وبين المسلمين، مثل: عيد الشكر، وعيد الكريسمس وغيره؟

وما حكم الرضا بذلك؟

وما العمل تجاه ذلك؟

الجواب: حكم أعياد الكفار أو المشاركة في أعياد الكفار معروف، وهو من مشاركتهم في دينهم، لأنها من شعائر دينهم، كما ذكر ذلك شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" وابن القيم في "أحكام أهل الذمة" وكذلك أفتى به -والحمد لله- سماحة الشيخ عبد العزيز وفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين، والفتاوى معروفة بل ومعلقة في بعض المساجد.

وبهذه المناسبة نقول للإخوة الذين سألوا عن عيد الشكر الذي قد يُقام بعد يومين: عيد الشكر هذا -أيضاً- من الأعياد الدينية للنصارى، وهو عيدٌ تقيمه الكنيسة البروتستانتية شكراً لله بزعمهم بعد أن نزلوا الأرض الجديدة، وتيسر لهم فيها هناك رخاء بعد جهد وبلاء وقحط نالهم فيها، بعض الناس يقولون: إنها كانت جدب ثم جاءت نعمة، وفيه الديك الرومي الطعام الطيب، فلذلك يحتفلون في هذا العيد بأكل هذا الديك الرومي.

المهم أنها شعيرة دينية وعيد ديني للنصارى، ولا يجوز أن يقام في أرض الإسلام، الذي قال فيها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لا يجتمع في جزيرة العرب دينان} ويجب أن ننكر ذلك، ومن أنكر باللسان نرجو أن يكون قد برئ إن شاء الله تعالى.

أما عيد الميلاد فمشهور ومعروف، وتألمت عندما نشرت بعض الجرائد تقول: إنه ليس عيداً دينياً، فإذا لم يكن دينياً فما معناه، وكان من خصائص أو من شعائر الكفار اليومان اللذان كانا للعرب في الجاهلية قبل الإسلام، هل نستطيع أن نقول: إنهما كانا دينيين؟ وفيها شعائر دينيه كانا جاهليين.

المهم أن أي عيد غير اليومين الذين شرعهما الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لنا وهما الفطر والأضحى؛ فإنه لا يقر أياً كان، فإن كان الأمريكان يقيمونه على أنهم نصارى؛ فلا خلاف بأنه حرام، وحتى قيل: إنهم يقيمونه على أنهم لا دينيون؛ فلا نقول: الذي يقيم عيداً إلحادياً يقر، والذي يقيم عيداً دينياً يمنع! فكلها كفر وكلها سواء.

فعلى أية حال هذه الدعوى التي نشرتها بعض الجرائد لا تنفع قائلها، وتذكرون هذه عادة عند النصارى قديمة، ومن ذلك لما انتصر هرقل عظيم الروم على الفرس، نذر أن يحج إلى القدس ماشياً، وأن يبيت عشرة أيام على الصيام شكراً، هذا العشرة الأيام أيام شكر، يصومونها زيادة على ما فرض الله أيام الشكر، أي: أن النصارى يشرعون في دينهم شكراً لنعمة من النعم؛ هذا قديم وما فعله الأمريكان هو امتداد لما فعله هرقل من قبل والحكم واحد للجميع.

الغزو الفكري عبر المجلات النسائية

السؤال: بعض الإخوان يستنكرون المحلات النسائية التي تحمل غزواً فكرياً خطيراً للمرأة؟

الجواب: نعم، ولا بد من تعاون الجميع على إنكار ذلك وفيما تقدم ما يكفي عنه.

أنصار الباطل

السؤال: أدلى أحد المسئولين في إحدى الإذاعات الخارجية عن رأيه فيما حدث من مظاهرة النساء في قيادة السيارات، فقال: إن هؤلاء المعارضين -ويقصد الملتزمين- هم الذين عارضوا من قديم، عند الاستماع ومشاهدة الراديو والتلفزيون، وقال: إنه إذا لم تقد المرأة السيارة اليوم فسوف تقودها غداً؟

الجواب: كما إن للحق أنصار فإن للباطل أنصار، مهما كانت درجته ومهما كانت أسماءهم، ومثل هذا القول من الفضيحة والخزي الذي يريد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يذلهم بها، وهي من عذاب الدنيا الذي ذكره لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا [النور:19] أن الإنسان يفضح نفسه فيقوم ضد حكم الله وضد مجتمعه، وضد بلاده، وضد ما أعلنته رسمياً وما أعلنه العلماء؛ فيقول: أنا أؤيد أو أنا أتوقع، فيكفي ما حصل له أياً كان.

عمل المرأة في المستشفيات كممرضة

السؤال: يدَّعي كثير من الناس أن المرأة يجوز لها أن تعمل كممرضة في المسشفيات، وذلك وفق التقاليد الإسلامية، ثم نراهن وقد تبرجن وكشفن عن وجوههن، وسيقانهن، ونحورهن، وتزين وتسكعن في المستشفيات، أليس هذا الواقع حجر نلقمه هؤلاء الأدعياء، الذين اتخذوا عبارة (وفق التقاليد الإسلامية) رماداً يذرونه في العيون، وأمثال هذه القضية كثير؟

الجواب: بلى، ولتعرفوا أثر الدعاية والتضليل، نضع هذا المثال: لو أنَّ رجلاً من الناس له نعمة، صاحب مال، فتح الله عليه، وعنده أب كبير، أو أم كبيرة، وكلاهما عاجز وهو بارٌ لوالديه، اتصل بأحد الناس، السلام عليكم يا فلان، أنا فلان ابن فلان التاجر المعروف، حياك الله، ماذا تريد؟

سمعت أن عندك بنتاً معها الثانوية، أو أخذت المتوسطة، لو تعطيني إياها أجعلها تخدم والدي عندي وأعطيها خمسة الآف ريال، ماذا يقول له بالله عليك؟

يمكن أن يتقاتل معه ويسبه ويشتمه، إن كان فيه مواجهة ويمكن ألا تفصل بينهما إلا الشرطة، يقول مستنكراً: أنا بنتي خدامة عندك يا فلان، ويقوم الدنيا ويقعدها.

هذا لأنه بطريقة مباشرة وهو واضح، وهذه طريقتنا نحن في الإنكار، أو طريقتنا حتى في عرض القضايا نحن الإسلاميين، نعرضها بوضوح فقد يفاجئون الناس بها، أو ممكن بوضوح، قالوا: هؤلاء مثيرين، ومفتنين، ومفسدين، أولئك يعرفون كيف يعرضون، وكيف يستغلون وسائل التغرير والتضليل الفاسدة.

يقول لك: خدمة الوطن، وخدمة البلاد، وتعمل في المستشفى، ويأتي لك صورة السابقات الأوليات، وكذا وكذا، وهي في الحقيقة خادمة هناك لكل مريض، وتحمل الدواء والآنية لكل طبيب، ولكل رئيس ممرضين، وتناوب في الليل وفي النهار، ومختلطة بالرجال.

فلا فرق بين أن تخدم عجوزاً في بيت منعزل، محافظ، وبين أن تخدم في مستشفى.

لو يوجد عاقل يقول: والله أجعل ابنتي عند هذا الرجل ولا أجعلها عند أولئك، ولكن مع ذلك نستنكر هذه لأنها واضحة ومباشرة، والتغرير والتضليل جعلنا الآن نقبل تلك بل نعدها وطنية، والله المستعان!

الرقابة الإسلامية على الصحف

السؤال: أين الرقابة الإسلامية على الصحف، حيث نشرت إحدى الجرائد قصيدة لإحدى الفتيات وهي كما هو مكتوب (فتاة الحريبـي) تقول في بعض أبياتها:

ألا يا هلي ليتني ما لبست خماراً>>>>>وليت البراقع ما ربطن عراويها

أنا أستغفر الله معقل الحكمة الجبار>>>>>>>>>>ولكن بلادي غالية كيف نفديها

الجواب: في الحقيقة القصيدة جاءتني، وقرأتها ولا أرى فيها اعتراضاً على الحجاب، بل يمكن أن يكون شعوراً طيباً لو وُجِّه وجهة صحيحة، أن المرأة المسلمة لما رأت الرجال ما صنعوا شيئاً، فهي تتمنى أن تكون رجلاً، لا اعتراضاً على حكمة الله في أن جعلها امرأة، لكن تقول: مصيبة الرجال لم تفعلوا شيئاً، ولذلك ذكرت صاحب البسطار، وصاحب الخوذة، وصاحب الرادار في آخر القصيدة وهي موجودة عندي تقول: ما عملوا شيئاً، نحن نصرف عليهم الملايين من سنين، وجاء وقت الحاجة وما رأينا شيئاً، فياليتني أستطيع أن أخدم، دون اعتراض على حكمة الله.

أتوقع أن هذا نوع من التعبير، والشعر باب واسع يحتمله، فأرجو أن نغتفر، وأن يغفر الله لها، إن كانت إن شاء الله صادقة، وما مرادها إلا التعبير عن الألم والخيبة، والمرارة التي أحس بها الإناث، عندما رأوا أننا لاشيء، بعد ذلك الوهم الكبير الذي كنا نعيشه، أظن هذا خير، والله تعالى قد أمرنا بالعدل والإنصاف، وماوجدنا للقوم محملاً أو مخرجاً إلا أخذنا به.

التشهير بأسماء كبار المفسدين

السؤال: لماذا لا يتم التشهير بأسماء المفسدين الكبار وفضح مخططاتهم وأهدافهم، وتحذير الناس منهم؟

الجواب: ليست القضية قضية أسماء، وإلا فهم معروفون، حتى بعضهم كانوا في الجامعة عندنا، نعرفهم بأعيانهم ولو شئنا لسمينا، لكن القضية ليست هي قضية فلان وعلان، لكن القضية شر سيمثله فلان أياً كان، وخير يجب أن نكون نحن الممثلين له إن شاء الله الداعين إليه.

دور حزب البعث في تحرير المرأة

السؤال: ما هو دور حزب البعث في تحرير المرأة؟

الجواب: معلوم أن بعضهن لهن صلات عن طريق إخوانهن وأقاربهن بـحزب البعث من جهة، ومن جهة أخرى المتزعمات بعضهن حداثيات، والحداثة لا يشك أحد بصلتها بـالبعث من الناحية القومية، ولو راجعتم صحفنا وجرائدنا وقرأتم للسياب، وما أدراك ما السياب، وعبد الوهاب البياسي الذي جيء به إلى هنا وكان ما كان من الاعتراض، وقدم إلى هذه البلاد رغم إلحاده، وغيرهم من الشيوعيين، أو البعثيين، أو القوميين، وكل المهرجانات التي أقيمت في العراق وغيره، وحضرها بعضهم، بل بعضهن -أيضا- حضرن المهرجانات تلك، كلهم تغنوا بقداسية صدام وأثنوا عليه، ولو تراجعوا المجلات فهي شاهدة بذلك، فصلتهم بـالبعث واضحة، ولا استغراب.

بعض الإخوان يقولون: كيف لهم صلة بـالبعث وفي نفس الوقت لهم صلة بالغرب، هي واضحة جداً ولا تحتاج إلى دليل، نقول حزب البعث نفسه حزب صليبـي غربي، ولهذا في مقابلة لـمجلة المجلة مع حسن العلوي، -المستشار الإعلامي لـصدام وحزبه- فقيل له: ما رأيك في دعوى صدام للجهاد؟

قال : حزب البعث حزب علماني خرج من رحم التغريب، ولا يمكن أن يكون إسلامياً أبداً، وكلام طويل مشهور منشور في مجلة المجلة.

نداء من فتاة

تقول: من الفتاة السعودية إلى دعاة العلمانية، أيها العلماني! لا مكان لك بيننا، اذهب بعيداً عنا، فنحن حفيدات خديجة، وعائشة، وأم سلمة، ونسيبة، وأم عمارة، فنحن في بلاد الحرمين ويحكمنا القرآن، لماذا تريدون المرأة أن تخرج من بيتها وتخلع حجابها وتقود السيارة، لماذا؟

أتريدون منا ذلك؟

أما رأيتم المرأة في الغرب وما وصلت إليه الآن، وما أصبحت تنادي به إلى الرجوع إلى البيت، هيهات لكم يا دعاة العلمانية، فنحن سنخرجكم بإذن الله من بلادنا، وسنتمسك بحجابنا أكثر، فالحمد لله فما ازددنا إلا إيمانا وتمسكاً بديننا.

المقصود أننا نشكر الأخوات على هذه المشاعر الطيبة، وحقاً قلن عندما قالوا: سنخرجكم من بلاد الإسلام والسنة، من لم يكن على منهج القرآن وعلى الإسلام، يريد علمانية أو ديمقراطية أو شيوعية أو أي شيء غير الإسلام، ومن لم يكن على السنة، بل يريد أي مذهب من المذاهب المارقة الخارجة فلا مكان له في هذه البلاد، لا بد إما أن يخرج وإما أن يُخرج.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , رسالة إلى فتاة الإسلام للشيخ : سفر الحوالي

https://audio.islamweb.net