إسلام ويب

لا شك أن الذنوب والمعاصي سبب لمحق البركات وقلة الخيرات ومنع الأرزاق، وتسليط الله سبحانه وتعالى على عباده أنواعاً من الابتلاءات، فيجب على العباد اجتناب المعاصي والآثام، والتوبة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى؛ ليتجنبوا سخطه ويفوزوا برضوانه.

المدح والثناء

بسم الله الرحمن الرجيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ونسأل الله أن يحشرنا في زمرتهم، وأن يعمنا معهم بمغفرته ورحمته.

وبعد أيها الإخوة: فأنا لا أحب هذا المديح؛ وذلك لما ورد في الأحاديث: (أن رجلاً مدح آخر عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ويحك! قطعت عنق صاحبك، إن كان أحدكم مادحاً لا محالة فليقل: أحسبه كذا والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحداً) ، وبكل حالٍ فإن أخانا الشاعر -وفقه الله- قال وتكلم بحسب ما يظنه، ونحن نستغفر الله أن نكون دون ما يظن، ولا شك أن الإنسان أعرف بنفسه، ولا يجوز لأحدٍ أن يظن أو يتخيل شيئاً لم يكن، والإنسان يظن بنفسه القصور، ويعرف من نفسه بأنه ليس أهلاً للمديح ولا للمقالات، لما يعرفه من نفسه ولا يعرفه غيره، وقد كان أبو بكر رضي الله عنه إذا مدحه أحد يقول: (اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون)، ويقول الشاعر القحطاني رحمه الله في نونيته:

والله لو علموا بقبح سريرتيلأبى السلام عليّ من يلقاني

ولأعرضوا عني وملوا صحبتيولـبؤت بعد كرامة بهوانِ

فنحن نعمل بالظاهر، وهو ما يظهر لنا من الناس، ونكل سرائرهم إلى الله، ونقول: هذا الذي نعرف، وأما الأمور الخفية فأمرها إلى الله.

آثار المعاصي وارتكاب المحرمات

أيها الأحبة! أعود إلى ما أتحدث عنه وهو: آثار المعاصي والمحرمات التي تمكنت في الأمة، والموضوع واسع، لكن سنأخذ منه رءوس المواضيع، فأبدأ بمقدمة عن آثار المعاصي، ثم أذكر بعد ذلك أنواعاً من هذه المعاصي، وفي الختام أذكر علاجاً لها، وكيف يقضى عليها، حتى يعود الناسُ إلى التمسك بالإسلام وبالأعمال الصالحة.

المعاصي سبب في قلة الخيرات ومحق البركات

أما المقدمة فأقول: لا شك أن الذنوب والمعاصي والمحرمات سبب لمحق البركات وقلة الخيرات، وسبب لمنع الأرزاق، ولعقوبة الله تعالى ولتسليطه على عباده أنواعاً من المثلات، وذلك لأنه تعالى يغضب على من عصوه، ويعاقبهم بعقوبة على قدر ذنوبهم إذا لم يعفُ الله تعالى عنهم، كما ورد في بعض الأحاديث القدسية أن الله تعالى يقول: (إذا أطعت رضيت، وإذا رضيت باركت، وليس لبركتي نهاية، وإذا عُصيتُ غضبت، وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابع من الولد).

والمعصية يدخل فيها كل مخالفة، فتكون سبباً لغضب الله تعالى، ولا يقوم لغضبه قائم، ولأجل ذلك يتوعد الله على كثير من المعاصي باللعن، ويتوعد على بعضها بالغضب، ويتوعد على بعضهما بالعذاب العاجل أو العذاب الآجل؛ وذلك تخويف منه للعباد حتى لا يقعوا في هذه المعاصي والمحرمات، ويخبرهم بأن هذه المعاصي سببٌ لمنع الرزق، وسببٌ لظهور الفساد، وسببٌ للشرور، ولتمكن الأشرار، ولتسلطهم على الأخيار.

سببُ ذلك هو هذه المعاصي وهذه المخالفات، يقول الله تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ [الروم:41].

الفسادُ: يعم فساد الأخلاق، ويعم فساد البلاد، ويعم العقوبة، ويعم الانحرافات؛ هذا كله عقوبةٌ على ما كسبت أيدي الناس، ويعم -أيضاً- العقوبة العامة التي يعاقب الله بها من عصاه وخالف أمره.

والكسب في قوله: (بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) هو المحرمات، يعني: بما عملوا من المحرمات التي تسبب العقوبة ومحق البركة، ومع ذلك فإنه سبحانه يخبر بأنه لا يعاجل عباده، ولكن يمهلهم ويؤخرهم، وإلا فلو عاجلهم لأحلّ بهم العقوبة الصارمة، ولذلك يقول الله تعالى: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ [النحل:61]، والضمير يعود على الأرض. أي: ما ترك على الأرض من دابة. أي: لو يؤاخذ الناس بما يستحقونه من عقوبة على المظالم والمعاصي والمحرمات، لعجل لهم العذاب ولأخذهم ولأهلك حتى الدواب في الأرض.

المعاصي والذنوب سبب للعقوبات

قال تعالى: وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمْ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً [الكهف:58]، والكسب هنا المراد به: الكسب السيئ. يعني: المحرمات والسيئات. أي: أنه تعالى لولا إمهاله لكان العباد على ما يعملونه مستحقين العذاب، إلا إذا استقاموا ولزموا الطريقة المستقيمة التي إذا لزموها أعانهم الله وأغاثهم.

ولذلك قال تعالى: وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً [الجن:16]، الطريقة: هي الإسلام. أي: إذا استقمنا على الإسلام، وتمسكنا به، وعملنا بشرائعه، وتركنا المحرمات؛ فإن الله تعالى يسقينا ماءً غدقاً، يسقي أرضنا ويسقي بلادنا ويسقي حروثنا وأشجارنا، وأما إذا لم نفعل فإنه يعاقب من يشاء بأنواع العقوبات حسبما يستحقونه، ومع ذلك فإنه يعفو عن كثيرٍ من المخالفات، وإلا فإن العبادَ على معاصيهم وذنوبهم يستحقون أكثر مما نزل بهم: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30] ، والكسب هنا: السيئات. أي: ما نزل بنا من مصيبة فإنه عقوبة على السيئات التي كسبتها أيدينا والتي عملناها، (فما نزل بلاءٌ إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة)، هكذا ورد في بعض الأحاديث.

والإنسان لا يغتر بما هو فيه.. لا نغتر بالأمن، ولا نغتر بزهرة الحياة الدنيا.. ولا نغتر بزخرفها، ولا نغتر بكثرة الأموال والأولاد، ولا نغتر بالصحة في الأبدان، ولا نغتر بما أعطانا الله وما خولنا، فإن هذا ليس دليلاً على رضا الله إذا كنا عملنا ما يسخطه، ولكن هو من الإمهال الذي لم يأتِ أجله، ولذلك يقول الله تعالى: بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا [الكهف:58] يعني: أن هذا الإمهال إذا لم يستقم الإنسان ولم يرجع إلى الله تعالى، فإن له أجلاً ينتهي إليه، ودليل ذلك الحديث الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وقرأ قول الله تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102])، و(الظالم) هنا: العاصي الذي اقترف معصية، وفعل ذنباً أيما ذنب.

(يملي له): يعني: يؤخره ويمهله ويعطيه على ما هو عليه، ومع ذلك فإنه ينتظر إذا كان ذا عقل أن تتغير حاله.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: (إذا رأيت الله يعطي الظالم وهو مقيم على ظلمه، فاعلم أنه استدراج). يعطيه: أي يوسع عليه.

إذا رأيت الله تعالى يوسع على إنسان وهو ظالم، ومع ذلك تزداد رتبته وتزداد منزلته ويزداد ماله وتزداد توسعته، وهو يزداد في طغيانه ومعصيته، فلا تظن أن ذلك لكرامته على الله، ولكن ذلك من باب الاستدراج، اقرأ قول الله تعالى: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [الأعراف:182-183]. أملي لهم. أي: أؤخرهم إلى أن يحين الأجل الذي تنزل بهم العقوبة فيه، لذلك وقع في بعض الأحاديث: (ما أخذ الله قوماً إلا عند غرتهم، وغفلتهم وسلوتهم)، والأخذ هنا العقوبة، أي: لا يعاقبهم ويأخذهم أخذ عزيزٍ مقتدر إلا بعد أن يركنوا إلى الدنيا ويطمئنوا إليها، ويظنوا أنهم ممتعون فيها؛ كما أخبر الله تعالى عن الذين مضوا، كما في قوله تعالى: فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ [الأنعام:43-44].

(أخذناهم بغتةً) أي: على حين غرة وغفلةٍ، أخذهم الله تعالى أخذ عزيزٍ مقتدر، أو أخذهم بالتدريج وعاقبهم عقوبةً بطيئةً لم يتفطنوا لها حتى بغتهم أمر الله، وهذا ونحوه يدل على أن السيئات والمحرمات سببٌ للذنوب، وأنها من أكبر الذنوب، وأنه بسببها تنزل العقوبة العاجلةُ أو الآجلة، وإذا أمهل العاصي ومات وهو على طغيانه وعلى كفره وعناده وظلمه وعدوانه؛ فلا يأمن أن يعاقب في الآخرة، فإن عذاب الآخرة أشد وأبقى.

كثير ما يذكر الله العذاب الأخروي الذي هو عذاب النار وبئس القرار: ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ [الزمر:16].

إذاً: نحن نخاف من عذاب الدنيا أن يعاجلنا الله به كما عاجل الأمم السابقة الذين عتوا وبغوا وطغوا وتعدوا، أو نخاف من عذاب الآخرة إذا متنا ونحن على هذه المعاصي والمحرمات، وانتهاك الحرمات.

نخاف أن يعاقبنا الله عقوبة أخروية التي هي أشد من عقوبة الدنيا.

هذا ما أحببت أن أقوله في آثار الذنوب، وللذنوب آثار وسيئات عظيمة لا أريد أن أتطرق إليها، وقصصها موجودة في القرآن كما قص الله علينا عقوبة الذين كذبوا، وكيف أخذهم لما أن كذبوا ومكروا، وردوا رسالته وكذبوا رسله، فأنزل بهم أنواع العقوبات التي ذكرها الله تعالى في القرآن.

ذكر أنواع المعاصي والمنكرات

وبعد ذلك أقول: إن المحرمات المتمكنة في الأمة كثيرة، وإن المسلم ليحذر أن يركن إلى شيءٍ منها فيكون من أهل العقوبات، وقد وردت الأدلة في ذكر أنواعٍ من المعاصي والسيئات وفي التحذير منها وبيان عقوبتها وشدة العذاب عليها، فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله! وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) ؛ وذلك لأن هذه السبع قد ذكر الله عليها عقوبات شديدة.

الشرك بالله

أولاً: الشرك قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72].

السحر

ثانياً: السحر، قال الله تعالى: وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102] إلى قوله: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:102] ، أي: ما له في الآخرة حظ ولا نصيب.

والسحر متمكن في هذه البلاد، وهو من الأعمال الشيطانية، ومتمكن في كثير من البلاد الإسلامية، ولاشك أنه نوعٌ من الشرك، وما ذاك إلا لأن السحرةَ يعبدون الشياطين حتى تلابس من يريدون إضراره، فيكون الساحر بذلك مشركاً، حيث إنه يتقرب إلى الشيطان بما يحب حتى يخدمه الشيطانُ فيضر به مسلماً أو يضر به من يريد إضراره، فلما كان كذلك حكم على الساحر بأنه كافر، فواجب علينا أن نحذره ونبتعد عنه، وواجب أن نعرف بمن نعرف منه أنه ساحر أو أنه يتعاطى السحر من رجل أو امرأة.

قتل النفس التي حرم الله

ثالثاً: القتل: والمراد به الاعتداء على المسلم بسفك دمه أو جرحه، أو قطع طرف منه أو نحو ذلك، ورد في الحديث: (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء).

فالمظالم التي بين الناس يوم القيامة تكون في الدماء، وتكون في الأموال، وتكون في الأعراض؛ ولكن الدماء أهمها فلذلك فأول ما يحكم بينهم أمر هذه الدماء، وذلك لأهميتها، وقد ورد الوعيد الشديد في قتل المسلم عمداً، فقال الله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93]، وعيد شديد. فتوعده الله بأنواع من الوعيد:

الأول: عذاب جهنم -وجهنم هو اسم من أسماء النار- وبئس القرار.

الثاني: الخلود في النار، أي: طول المقام فيها إلى أجل يعلمه الله.

الثالث: اللعن، الذي هو الطرد والإبعاد من رحمة الله.

الرابع: الغضب، وإذا غضب الله عليه فإنه يستحق أن يعاقبه.

الخامس: أعد له عذاباً عظيماً على هذا الذنب الذي هو اعتداء على حرمة مسلم وإراقةُ دمه بغير حق.

أكل الربا

رابعاً: أكل الربا: وهو المعاملات الربوية التي يأخذ بها مالاً بغير حق، فهذه المعاملات الربوية هي من كبائر الذنوب، ولذلك قال الله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ [البقرة:275-276]، ولا شك أن الربا متمكن في هذه الأمة، ومتمكن في هذه البلاد وفي غيرها؛ فكثير من المعاملات يكون فيها رباً وأهلها لا يشعرون، ولكن يفعلون ذلك تقليداً أو يفعلونه ظناً منهم أنه لا إثم فيه، فالواجب أن نبتعد عنه وألا نتعامل إلا بالمعاملات المباحة التي لا شك فيها، وفي الحلال غُنية عن الحرام.

أكل مال اليتيم

خامساً: أكل مالُ اليتيم: فيعم كل من كان عنده مال لغيره من يتيم أو فقير أو نحو ذلك، فأكله وجحده، وقد توعد الله عليه فقال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [النساء:10] أي: يعاقبون بأن يأكلوا ناراً وهذه النار التي يأكلونها هي من نار جهنم. يروى: أنهم يلقمون جمرات في النار تحرق أجوافهم، أو أنهم يسقون من الحميم الذي هو أشد حرارة مما يتصور، كما في قوله تعالى: وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [محمد:15].

فأخبر بأنهم إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً، أو أنهم يأكلون هذا المال الحرام، ويعاقبون بأن يعذبوا بالنار يوم القيامة، فهذا وعيد شديد، فالمسلم عليه أن يبتعد عن أكل مال الناس بغير الحق -اليتامى وغيرهم- والله تعالى قد نهى عن أكل المال بغير حق، فقال تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188]، أي: لا تأكلوا أموالهم التي تخصهم بغير حق، ظلماً وعدواناً؛ فإنكم بذلك متعرضون لعذاب الله وغضبه.

التولي يوم الزحف

سادساً: التولي يوم الزحف: وهذا عندما يتقابل الصفوف في القتال فينهزم من ينهزم، ويسلط العدو على المسلمين بسبب انهزامه، فإنه بذلك متوعد بوعيد شديد، ذكره الله تعالى بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمْ الأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [الأنفال:15-16]، وهذا وعيد شديد على التولي يوم الزحف. يعني: يوم الوغى.

القذف

سابعاً: القذف، فذكره بقوله صلى الله عليه وسلم: (وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) ، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمْ اللَّهُ دِينَهُمْ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ [النور:23-25].

والقذف هو الرمي بالفاحشة، أن يرمي إنساناً بريئاً بقوله: إنك قد زنيت، أو هذا زانٍ، أو هذه زانية وهو كاذب عليهم، ولا شك أن هذا بهتان وظلم وكذب، ورمي لمسلم بريء بفاحشة لم يعملها وإلصاق له بتهمة يظهر عليه شنيعتها، ويلام بها ويعاب بها؛ فلأجل ذلك يستحق العقوبة كل من رمى إنساناً بريئاً بفاحشة، وهو عالم بأنه بريء؛ فإنه يعاقب بالعقوبة التي ضربها الله، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا [النور:4-5]، فعاقبهم بثلاث عقوبات:

الأولى: الجلد.

الثانية: ردُ الشهادة.

الثالثة: الحكم عليهم بأنهم فاسقون إلا من تاب.

هذه من المعاصي التي بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها من الموبقات المهلكات التي تسبب العذاب على صاحبها سواء في الدنيا أو في الآخرة، ولا شك أنه يلحق بها كل ما يشبهها مما يدخل في الوعيد، أو مما فيه مفسدة للأمة توقع فيما بينها ظهور المحرمات.

صغائر الذنوب

أيضاً: فمقدمات هذه المحرمات ملحقة بها، ولذلك سوف نذكر ما يلحق بها حتى يعرف المسلم أن المعاصي كبيرها وصغيرها لا يجوز التهاون به، فمقدمة السيئات تعتبر سيئات، والمقدمات التي هي الصغائر تعتبر من الذنوب، ولا يجوز أن يتهاون بها المسلم، فلا يتهاون بمقدمات هذه الذنوب وما أشبهها، ولذلك ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إياكم ومحقرات الذنوب؛ فإنهن يجتمعن على الرجل فيهلكنه، ثم ضرب لهن النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً: كمثل قوم كثير نزلوا بأرض فلاة، فحضر جميع القوم، فجعل هذا يأتي بعود، وهذا يأتي ببعرة حتى جمعوا سواداً كثيراً، فأججوا فيه ناراً فأنضجوا خبزتهم)، المثل واضح، وهو أنه لو كان هناك جماعة مسافرون، وليس معهم حطب يوقدون به، ليصلحوا طعامهم، والأرض ليس فيها حطب ظاهر، ولكنهم قوم كثير فتفرقوا في الأرض فوجد هذا بعرة، ووجد هذا عوداً ووجد هذا عوداً، فجمعوا هذه الأعواد وهذه البعرات ونحوها.

(حتى اجتمع سواداً) يعني: حطباً كثيراً، فكان ذلك سبباً في أنهم أوقدوا فيه وأنضجوا طعامهم وأصلحوا ما يريدون إصلاحه، فكذلك هذه السيئات الصغيرة تأتي من هنا واحدة، وتأتي الثانية، وتأتي الثالثة، وتأتي الرابعة، حتى تجتمع على الإنسان فتهلكه، وهو متساهل بها ومتصاغر لها لا يظن أنها تبلغ مبلغاً.

الاستهزاء بالصالحين

فمثلاً: الكلمات التي لا يهتم بها الإنسان ولا يلقي لها بالاً قد تهلكه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الرجلَ ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب).

وما أكثر هذه الكلمات التي لا يزنها صاحبها عند المقال ولا يفكر فيها، وقد تكون كفراً، وقد تكون فسقاً، وقد تكون معصية، ولكنه لا يقدر لها تقديراً، فكثيراً ما يتكلم بكلمة في مسبة أو في بهتان أو في ظلم أو غيبة أو في نميمة أو في سخرية واستهزاء بأمر من الأمور ولا يتفطن لها، فيحكم عليه بالكفر والعياذ بالله.

ولأجل ذلك توعد الله الوعيد الشديد على السخرية بأهل الخير وبأهل الصلاح، وعدّها كفراً، وكذلك السخرية والاستهزاء بآيات الله وبأحكامه وبشرائعه، فمن الأدلة: قول الله تعالى عن أهل النار: وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنْ الأَشْرَارِ * اتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمْ الأَبْصَارُ [ص:62-63]، يقولون: إننا كنا نستهزئ بالمتطوعين، نستهزئ بالمصلين، نستهزئ بأولئك الملتحين، نستهزئ ونسخر بأولئك المتدينين، ونعدهم أشراراً ونعدهم فجاراً وضلالاً، واليوم لا نراهم عندنا في النار أين هم؟ أين ذُهب بهم؟

معلوم أنهم يحكون استهزاءهم بأهل الخير فيقولون: أين أولئك الذين كنا نعدهم من الأشرار؟ ونتخذهم سخرياً؟ ويقول الله تعالى: سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [البقرة:211-212].

(يسخرون من الذين آمنوا): يعني يستهزئون بالمؤمنين أو بالمتدينين أو بالصالحين، يسخرون بعباداتهم ويسخرون من أعمالهم، ويسخرون من زهدهم وتمسكهم.. يسخرون منهم.

فلذلك عاقبهم الله تعالى بأن أحل بهم غضبه وعذابه، وصاروا من أعدائه، وأولئك الذين استهزئ بهم صاروا من أولياء الله الذين أكرمهم بجزيل جزائه.

وهكذا أيضاً: حكى الله تعالى عن المنافقين أنهم يلمزون أهل الخير في قوله تعالى: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ [التوبة:79]، ما أكثر الذين يلمزون المطوعين!

يلمزونهم: يعيبونهم بالصلاة.. يعيبونهم برفع الثياب.. يعيبونهم بإرخاء اللحى وإعفائها.. يعيبونهم بترك الدخان يعيبونهم بترك الخمور، وما أشبهها.

وتلك شكاةٌ ظاهر عنك عارها

هذه ليس فيها عليك عيبٌ إذا عابك مثل هؤلاء وتنقصوك، واعلم أن الذي يعيبك في تمسكك هو أولى بأن يكون معيباً، فهؤلاء يعتبرون من المجرمين الذين ذمهم الله بقوله: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ [المطففين:29] ، والذين آمنوا يراد بهم الذين حققوا الإيمان وعملوا الصالحات، وتركوا المحرمات، فالمجرمون يضحكون منهم ويستهزئون بهم: وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ [المطففين:30-33] ، هكذا تكون حالتهم في الدنيا، وأما في الآخرة؛ فإن المؤمنين يضحكون منهم، عندما يرون أن حظهم كاسد، وأنهم هم الخاسرون.

وهكذا أيضاً: لا شك أن هذا الاستهزاء والسخرية بهؤلاء هو العيب الحقيقي؛ لأنهم أهل الطاعة وأهل الاستقامة، أما أولئك ماذا يتمدحون به؟ يتمدحون مثلاً: بشربهم للخمور، فهذا من المنكرات ومن المحرمات المتمكنة التي فشت وتمكنت في كثيرٍ من الناس، بحيث إنهم يبيتون كثيراً من الليالي على شرب هذه المسكرات وتعاطيها، ولا ينتبهون إلا آخر الليل، وربما يفوت عليهم وقت أو أوقات وهم في سكر وسبات والعياذ بالله.

وقد وردت الأدلة الكثيرة في تحريم الخمر، وقد حرمها الله تعالى وذكر العلة في ذلك في قوله تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة:90]، فهؤلاء يعيبون أهل الخير وهم على هذه الحالة التي هي: تعاطيهم لهذه المسكرات والمخدرات وما أشبهها.

القمار والميسر

كذلك أيضاً: هؤلاء الذين يعيبون أهل الخير، قد يكون كثير منهم من الذين يتعاطون القمار، ويتعاطون الميسر الذي قرنه الله بالخمر، فكثير منهم يبيتون طوال الليل على اللعب بما يسمى الأوراق، أوراق اللعب -البلوت- أو ما أشبهها.

ماذا يستفيدون من هذا اللعب؟ إن كان على عوض فإنه الميسر المحرم، بحيث إنه يكتسب حراماً إذا اكتسبه، وإذا كان واحد منهما كاسباً والآخر مكسوباً، فالكاسبُ أكل حراماً، مع ما يترتب على ذلك من العقوبة ومن الإثم الذي ذكره الله بقوله: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ [المائدة:91]، فالميسر هو هذا اللعب الذي يؤخذ عليه عوض: وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91]، لا شك أن الذين يلعبونه ينشغلون عن الذكر فلا تجدهم يذكرون الله إلا قليلاً، وينشغلون عن الصلاة.

كثير منهم إذا لعبوا إلى نصف الليل أو ثلث الليل أو ثلثي الليل لا يدركون الصلاة مع الجماعة، وهذا من أضرار هذه الألعاب التي فشت وتمكنت في كثير من الناس -والعياذ بالله- ويدعون أنهم بذلك يقطعون الفراغ، وأن عندهم فراغاً يحبون أن يشغلوه بما ينشغلون به، حتى لا يكون عندهم وقتٌ ليس فيه عمل، وبئس ما فعلوا! فعندهم وقت ثمين يستحق أن يشغلوه بطاعة الله.. فما بالهم لم يتعلموا العلم؟ وما بالهم لم يتعلموا القرآن ولم يتعلموا حفظه؟ وما بالهم لم يجتهدوا في ذكر الله تعالى ودعائه وطاعته؟

لماذا ينشغلون باللهو واللعب؟ ومع ذلك يتركون ما هو ذكر وطاعة وخير، ويقطعون أوقاتهم. هذا من المحرمات المتمكنة التي تذهب بالأوقات كثيراً.

العكوف على سماع الأغاني

ولا شك أن المحرمات كثيرة، ولكن من أبرزها: عكوف الكثير على سماع الأغاني والموسيقى والملاهي ونحوها، فإن الكثير عندما يُقرأ عليهم القرآن تجد أحدهم ينعس أو ينام، ولكن إذا سمع أغنية أو مطرباً أو مغنياً طرب له، وذهب عنه النعاس والوسن الذي كان يعتريه، وقام نشيطاً، وبات ليله على هذا السماع، ولا شك أن هذا من النفاق، حيث إنه حيل بينهم وبين سماع القرآن، واعتاضوا عنه بسماع الغناء واللهو الذي يشغلهم.

ثم هو مع ذلك يفسد القلوب، فإن هؤلاء الذين يعكفون على سماع الغناء تفسد أفئدتهم، وتفسد قلوبهم والعياذ بالله، وتثقل عليهم الطاعات، وتسهل عليهم المحرمات، ثم هو دافع أيضاً إلى ما وراءه، وإلى ما هو شر منه، وذلك أنه إذا كان سماع أغنية مثيرة أو أغنية امرأة من المطربات ونحوها، فإنه يدفع إلى فعل الفواحش، واقتراف المحرمات -والعياذ بالله- فيكون إثمه أعظم وأكبر، ولأجل ذلك فشت -بسبب هذه الأغاني- هذه المعاصي التي منها فعل فاحشة الزنا واللواط أو ما يشبهه، وتمكنت في كثير من الناس بسبب أنهم ألفوا هذه الأصوات الرقيقة، الرنانة، المثيرة للوجد، المثيرة للشهوات، التي تدفعهم إلى اقتراف المحرمات، ولا يجدون ما يردعهم، وليس معهم من الإيمان ما يمنعهم من اقترافها، فكان عندهم دافع وهو سماع هذه الأغاني، وليس عندهم مانع من الإيمان القوي، والخوف من الله تعالى، ومراقبته، فنهيب بالإخوة أن يحفظوا أنفسهم عن سماع الأغاني أو الجلوس عندها.

النظر إلى الصور والأفلام

وهكذا أيضاً: النظر إلى الصور والتفكه بالنظر إلى الصور التي تعرض في الأفلام -في أجهزة الفيديو وما أشبهها- التي يعرض فيها صور نساء، سيما إذا كانت من بلاد بعيدة كالبث المباشر، وما يعرض فيه بواسطة الدشوش وما أشبهها.

لا شك -أيضاً- أنها فتنة وأي فتنة، حيث إن الذي ينظر في تلك الصور لا يأمن أن تقع في قلبه صورة هذه المرأة أو صورة هذا الزاني، أو هذا الفاحش الذي يفعل الفاحشةَ أمام عينيه، فيمثل له كيفية الوصول إلى هذه الشهوة وقضاء الوطر، فلا يملك نفسه أن يندفع، إذا لم يكن معه إيمان.

نقول: لو كان معه إيمان لما أكب على السماع وعلى النظر إلى هذه الصور، سواء كانت مرسومة ومصورة في صحف ومجلات، أو كانت مبثوثة في البث المباشر، أو في هذه الأفلام ونحوها، فيعرض نفسه للفتنة، فهذه من المعاصي ومن المحرمات المتمكنة التي فتنت الكثير، والتي دعت إلى فواحش أخرى، فالمرأةُ إذا أكبت على رؤية هؤلاء الرجال الأجانب لم تأمن أن يقع في قلبها ميل إلى فعل الفاحشة، وإذا رأت المرأة هؤلاء النساء المتفسخات، المتبرجات، المتكشفات المتحليات بأنواع الفتنة لم تأمن أن تقلدهن فترى أنهن أكمل منها عقلاً، وأكمل منها اتزاناً وقوةً، فيدفعها ذلك إلى أن تلقي جلباب الحياء، وأن تكشف عن وجهها، وأن تبدي زينتها للأجانب، وأن تكون فتنة وأي فتنة.

التبرج والسفور

ومن المحرمات المتمكنة: وهو الوقع في التبرج الذي هو تفسخ وقلة حياء من كثير من النساء اللاتي كان سببُ ذلك عكوفهن على رؤية هذه الصور التي في الصحف والأفلام ونحوها، فوقعن في أن خلعن جلباب الحياء، ودعاهن ذلك إلى أن يتمنين فعل الفاحشةِ أو يفعلنها متى تيسر ذلك وقدرن عليه، ولا يحصى ما يحصل أو ما يعثر عليه هيئات الأمر بالمعروف والدعاة إلى الله تعالى من أماكن الدعارة ومن أماكن الفساد، ومن اختطاف والتقاط النساء من الأسواق ومن الأزقةِ ومن المجتمعات لفعل الفاحشة، وكذلك أيضاً: التقاط الطالبات اللاتي أمام المدارس سواء قبل الدراسة أو بعدها، وهذا لا شك أن من دوافعه:

أولاً: قلة الإيمان الرادع.

ثانياً: عدم الغيرة من أوليائهن والمحافظة عليهن.

ثالثاً: أن الأولياء جلبوا لهن هذه الأجهزة والآلات التي سببت أنهن يخلعن جلباب الحياء، ويتبرجن هذا التبرج إلى أن حصلت هذه المحرمات وما أشبهها.

الفواحش

فعل الفواحش: لا شك أنه من أسباب العقوبة، ورد في بعض الأحاديث: (ما فشا الزنا في قوم حتى أعلنوه إلا ابتلوا بالطاعون، والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا)، يذكر كثير من الأطباء كثرة الأمراض التي يقولون إن سببها فعل هذه الفواحش، والتي استعصى عليهم علاجها كثيراً.

اسألوا الأطباء: ما هو علاج هذه الأمراض -مرض الإيدز- أو ما أشبهه؟ لا شك أنها تستعصي عليهم، وأن من أسبابه اقتراف هذه الفواحش والمحرمات، وأن من أسباب فشو هذه المحرمات والفواحش: العكوف على رؤية هذه الأفلام الفاتنة، وكذلك سماعُ هذه الأغاني الماجنة وما أشبهها.

كيف يحصن المسلم نفسه عن هذه المحرمات؟!

بعد أن عرفنا هذه الأمثلة التي تمثل لنا كثيراً من هذه المحرمات، وهي كثيرة، نختم بـ(كيف يحصن المسلم نفسه عن هذه المحرمات؟).

كيف يحصن الإنسان نفسه ونساءه وأولاده ويحفظهم عن هذه المحرمات وأشباهها؟

التربية الحسنة

أولاً: بالتربية الحسنة: وهو أن يتربوا على معرفة الله، ومعرفة الحلال والحرام، والثواب والعقاب، وعلى معرفة آثار المعاصي والطاعات، ولا شك أن الذي يتربى على الطاعة يألفها ويحبها، وكذلك الذي يعمل الأعمال الصالحة، تحمله على الاستكثار من العبادات وما أشبهها، وكذلك الذي يكون عارفاً بعظمة الله وبجلاله وكبريائه واطلاعه على العباد، لا شك أن هذه المعرفة تحجزه عن اقتراف هذه الذنوب وفعل هذه الجرائم.

المحافظة على الصلاة

ثانياً: المحافظةُ على الصلاة: فإن المحافظة عليها سببٌ في الحماية، ودليلُ ذلك قول الله تعالى: وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45].

الفحشاء: هو القول الفاحش. والمنكر: جميع المعاصي التي هي منكر. وكون الصلاة تنهى عنها: أن المصلي إذا كان يصلي لله يمتثل أمره، ويتعبد له بأنواع العبادات: يكبره، ويعظمه، ويجله، ويدعوه، ويركع له، ويسجد، يقوم له ويقعد، ويخضع في صلاته، ويستحضر عظمته، ويستحضر كبرياءه، ويستحضر أنه مأمور بهذه العبادة من الله، ويستحضر أن في أدائها وفي المحافظة عليها طاعةً وأجراً كبيراً، وأن في تركها عقوبة، ويستحضر بقلبه أنها ما شرعت إلا لتهذيب النفوس، وما شرعت إلا للإقبال على الله تعالى، إذا فعل ذلك؛ فإنها تحميه وتصده عن المحرمات وعن فعل الجرائم والتهاون بها.

كثرة ذكر الله تعالى

ثالثاً: كثرة ذكر الله تعالى: فهي سببٌ من أسباب الحماية من هذه المحرمات؛ لذلك يأمر الله تعالى بذكره، كما في قوله تعالى: (فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [النساء:103] ؛ وذلك لأن الذي يذكر الله يتذكر أمره ونهيه، فيتذكر أنه أمر بالعبادات، ويتذكر أن في امتثاله لها أجراً، ويتذكر بأنه نهى عن المحرمات، وأن في تركه لها أجراً، وأن في تركه للأوامر وفعله للمحرمات عقوبة، فيحمله هذا التذكر على أن يتقرب إلى الله بالطاعات ويترك المحرمات ويبتعد عنها.

مجالسة الصالحين

رابعاً: مجالسة الصالحين من أهل الخير: فإنهم يذكِّرون الإنسان إذا غفل، ويعينونه على ذكر الله، ويدعونه إلى الخير، ويحذرونه من الشر.

والصالحون هم الذين أصلحوا أعمالهم وأقوالهم واستقامت أحوالهم، ومن تمام ذلك اجتناب أهل المعاصي والبعد عنهم، فإن هذا من تمام مجالسة الصالحين، فإن من جالس الصالحين اجتنب الطالحين، ومن جالس أهل الخير هجر أهل الشر وابتعد عنهم، أما الذي لا يجالس الصالحين فكثيراً ما يجتذبه أهل الفساد ويدعونه إلى ما يفعلونه، فيزينون له ما هم فيه فلا يأمن أن يقع فيما وقعوا فيه.

ومعلومٌ أن الأشرار -ولو اعترفوا أنهم على شر- يتمنون أن يكون الناس مثلهم، حتى لا ينفردوا بالشر وحدهم، فصاحب الدخان لا يعترف بأنه على باطل، بل يزين لكل من رآه ولكل من جالسه أنه على حق، وأن هذا الدخان لا مانع منه ولا بأس به، حتى يوقع فيه غيره من صغيرٍ وكبيرٍ إلى أن ينشبوا فيه، ويصعب عليهم التخلص، فيكون أيضاً من دعاة هذا الأمر، ويعيب من زهد في ذلك بأنه بخيل، وبأنه متزمت، وبأنه متشدد أو غال أو نحو ذلك.

وهكذا يعيب هؤلاء المفسدون والأشرار أهل الدين ويعيبون أهل الصلاة وأهل ترك المحرمات بهذه العيوب التي يلصقونها بهم، ويريدون أن يزهدوا في أفعالهم حتى يكونوا مثلهم، وهذه سنةُ الله تعالى أن كل عاصٍ يدعو إلى معصيته، ولو اعترف بأنه على باطل، ولكن لابد إذا كان متمكناً في هذه المعصية أن يزين حالته، ويعتذر عما هو عليه، ويبين للناس أنه ليس على باطل حتى يفعلوا مثلما فعل، فلا يسلم الإنسان إلا إذا اجتنبهم وابتعد عنهم، لكن إن كان معه قدرةٌ على مقاومتهم وإقناعهم والرد عليهم، وإبطال شبهاتهم، فإنه يفعل ذلك، ويجالسهم حتى يرد عليهم، فإذا رأى أنهم تمادوا واستمروا في غيهم، ولم تؤثر فيهم كلماته فالنجاة.. النجاة، والبعد عنهم أولى.

أيها الإخوة: هذه توجيهات في السلامة من هذه المحرمات، ولا شك أن الإنسان الذي معه فكرٌ وعقل يعلم أيضاً -إن شاء الله- الطريق إلى السلامة من بقية المحرمات باجتنابها والحذر من مقارفتها.

نسأل الله أن يحمي المسلمين من المعاصي ما ظهر منها وما بطن، وأن يبصرهم بعيوب أنفسهم حتى يتجنبوها، وأن يحمي مجتمعات المسلمين من العصاة والمفسدين، ونسأله أن يعز الإسلام والمسلمين، ويمكن لهم في الدين، ونسأله أن يصلح أئمة المسلمين، وولاة أمورهم، وأن يجعلهم هداةً مهتدين؛ يقولون بالحق وبه يعدلون، ونسأله أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، ويصلح أحوال المسلمين، والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

الأسئلة

قابل التوب شديد العقاب

السؤال: ذكرت آثار المعاصي وعقوبتها وعدم الاستهانة بها، وعدم الاستهانة بالصغائر والكبائر من الذنوب، ولكن هناك الذين يفعلون المعصية ثم إذا نصحتهم قالوا لك: إن الله غفورٌ رحيم، فما هو توجيهاتكم لأولئك؛ جزاكم الله خيراً؟!

الجواب: عليك أن تذكرهم بأن الله غفور رحيم، وأنه شديد العقاب، كما يجمع بين ذلك في الآيات، يقول الله تعالى: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ [الحجر:49-50]، آيتان متجاورتان في سورة الحجر، فإذا عرفت أن الله غفور رحيم، فاعلم أن عذابه عذاب أليم، واقرأ عليه قول الله تعالى في أول سورة غافر: غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ [غافر:3] أي: كما أنه يغفر الذنوب، فإنه يعاقب عليها عقاباً شديداً، فهو لم يقتصر على المغفرة، بل ذكر معها شدة العقاب، والآيات في هذا كثيرة.

ثم تقول له: إذا عرفت أن الله غفور رحيم، فإن الرحمة لأهلها، فكن من أهلها، وأهل الرحمة ذكرهم الله، واقرأ عليه الآية التي في سورة الأعراف في قول الله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ [الأعراف:156-157].. إلى آخر الآيات، حقق هذه الأوصاف حتى تكون من أهل الرحمة، فأما كونك تتساهل، وتتمادى فلا تأمن أن تكون من أهل العذاب.

الاستهزاء بالمطوعين

السؤال الثاني: فضيلة الشيخ: نشهد الله على حبكم في الله، وسؤالي هو: إن من المحرمات التي استهان بها كثيرٌ من الناس: الاستهزاء والغيبة، وغيبة رجال الهيئة وغيبة العلماء، وكذلك الطعن في أعراضهم مع نسيان أعمالهم الفاضلة ودحر حسناتهم. هل من كلمة توجيه لهم جزاكم الله خيراً؟

الجواب: لقد ذكرنا في المحاضرة عقوبة المستهزئين والأدلة على ذلك، مثل قوله تعالى: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ [التوبة:79]، إلى قوله: فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة:79]، وهذا ينطبق على هؤلاء الذين يعيبون كل متطوع سواء من الهيئات -أهل الحسبة- أو المتطوعين غيرهم الذين يدعون إلى الله، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، وهؤلاء الذين يلمزونهم ويعيبونهم، يذكرون لهم فعلةً أخطئوا فيها، وينسون عشرات الأفعال التي أحسنوها، والتي يمدحون بها، فكم من عاصٍ أخذوا على يده، وكم من عاتٍ فضحوه، وكم من معلن للفسق قمعوه وعابوه، هم يسهرون طوال الليل، ربما إلى الصبح في أمور المسلمين في الأعمال التي تهم المسلمين.

تأتيه المخابرة من هنا: أن هناك رجلاً اختطف امرأةً أو اختطف غلاماً لفعل الفاحشة، أن هناك مجتمعاً يضم خناً، أو فساداً -رجالاً ونساء- وتبرجاً ونحوه، أن هناك بيت دعارة يجتمع فيه أناس على الفساد، أن هناك معمل خمر يباع فيه أو يشرب أو يتعاطى، فيأتون إلى تلك الأماكن ويراقبونها، ويأتون أولئك العصاة فيستتيبونهم.

هل ننسى هذه الأعمال التي عملوها، والتي ربما أنها سببُ دفع الله تعالى عنا العقوبة؟ ورد في بعض الأحاديث: (لولا شيوخ ركع، وأطفال رضع، وبهائم رتع؛ لصب عليكم العذاب صبا)، فلا يجوز أن نذكر سيئة أخطأ فيها أحد أعضاء الهيئة أو أحد الدعاة إلى الله، وننسى عشرات الفضائل فنكون كما قال القائل:

ينسى من المعروف طوداً شامخاًوليس ينسى ذرة ممن أسا

يذكر مثقال ذرة إذا كانت سيئة، وينسى أمثال الجبال من الحسنات.

ضرورة تغيير العادات والتقاليد المخالفة للشرع

السؤال الثالث: هناك في بعض عاداتنا وتقاليدنا ما يتنافى مع الشريعة، ولكنها أصبحت في العادات والتقاليد، ومن ذلك: خلوة الرجل بزوجة أخيه أو عمه أو خاله، وإذا قيل له: إنها حرام. يقول: هذه عاداتنا وتقاليدنا، وإذا تركناها قاطعنا كثيراً من الأقارب، فما العمل جزاكم الله خيراً؟

الجواب: لا يجوز الاستمرار على هذه العادات -ولو أنها عادات- بل ينبهون على أنها محرمات، وأنه لا يجوز التمادي فيها، وينبهون على الأدلة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما). يعني: أجنبية، ويقول: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) ، فهذا من حيث الخلوة، ويخص الأقارب، ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والدخول على النساء). يعني: في غيبةِ محارمهن، (قال رجل: أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت). الحمو: هو أخو الزوج. يعني أنه لا يظن به سوء؛ لأنه يدخل في بيت أخيه، وتكون امرأة أخيه خاليةً ليس عندها أحد، فربما قرّب الشيطان بينهما، فلذلك قال: (الحمو الموت)، وكونه يقول: إننا إذا فعلنا ذلك قاطعونا، نقول: لا يجوز المقاطعة، ولكن إذا كانت المقاطعة تحصل لأجل تغيير المنكر؛ فإن كونهم -مثلاً- يهجرونكم أولى من كونكم تصرون على هذا المنكر. ثم نقول: عليكم أن تعالجوهم بالتدرج:

أولاً: معالجة النساء بالتستر، وتغطيةِ وجوههن عند غير محارمهن.

ثانياً: معالجتهن حتى لا يكشفن إلا عند المحارم، ولا يخلون إلا بالمحارم.

ثالثاً: معالجتهن حتى لا يسلمن على أجنبي، ولو كان ابن عمٍ، أو أخا زوجٍ، أو زوجَ أختٍ، أو نحو ذلك. أعني: المصافحة أو الخلوة أو نحو ذلك.

ومع معالجة ذلك وكثرةِ ذكره وذكر الأدلة عليه تنقطع هذه العادات.

توبة القاذف

السؤال الرابع: فضيلة الشيخ: ذكرت في محاضرتك أن من المنكرات أو من الموبقات: قذف المحصنات المؤمنات الغافلات، ولكن من وقع في هذه المعصية فكيف التوبةُ منها؟

الجواب: الله تعالى ذكر العقوبة، وأنه يجلد ثمانين جلدة، ولكن إذا طلب ذلك المقذوف وترد شهادته إلا أن يتوب، لكن إذا لم يدرِ بالذي قذفته، ولكن علم غيره، فأولئك الذين علموا عليك أن تتبرأ عندهم، وتقول: إني قد ظلمت فلاناً وبهته وكذبت عليه، وقلت: إنه قد زنا، أو إنه قد لاطَ، أو إن فلانة زانية، أو إن هذا ليس ولد أبيه، يشهد أنه كاذب، ويشهدُ أن المقذوف بريء.

والحمد لله رب العالمين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , المحرمات المتمكنة في الأمة للشيخ : عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

https://audio.islamweb.net