اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح العقيدة الطحاوية [11] للشيخ : يوسف الغفيص
شفاعته صلى الله عليه وآله وسلم ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، وله في القيامة شفاعات منها ما هو محل إجماع، ومنها ما خالف فيه بعض أهل البدع.
أما الشفاعة التي هي محل إجماع فهي الشفاعة العظمى، وهي المقام المحمود المشار إليه في قوله سبحانه: عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً [الإسراء:79] ، وهي شفاعته لأهل الموقف أن يفصل بينهم.
وهذه الشفاعة دل عليها القرآن والسنة، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أُتي بلحم، فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه..) وهو في سياق طويل ذكر فيه صلى الله عليه وآله وسلم أن أولي العزم من الرسل يترادون الشفاعة، حتى ينتهون إليه، قال: (فأنطلق فآتي تحت العرش، فأخر ساجداً لربي، ثم يفتح الله عليَّ ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتح لأحد قبلي، ثم يقول: يا محمد ارفع رأسك، واسأل تعط، واشفع تشفع..) إلى آخر الرواية في الشفاعة العظمى.
وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر إخراج قوم من النار بالشفاعة، فإنه لا يخلد في النار إلا من كفر برب العالمين، وأما سائر الفسَّاق والعصاة مهما كان فسقهم وفجورهم وظلمهم فإنهم وإن عذبوا إلا أنهم لا يخلدون في النار؛ لأن سقوط العقوبة عن الذنب والكبيرة له أسباب متعددة يأتي ذكرها في أهل الكبائر.
وقد احتجت الوعيدية لقولهم بنفي الشفاعة عن أهل الكبائر بقوله تعالى: فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ [الشعراء:100] ولا شك أن هذه الآية في سياق الكلام عن الكفار، فلا تحل لهم الشفاعة، والله سبحانه وتعالى إنما يأذن في الشفاعة لمن يشاء من الشافعين، ويرضى من المشفوعين لهم.
قال بعض المتأخرين من أهل العلم: هذا النوع لا دليل عليه، والحق أنه وارد من باب أولى، وذلك من جهتين:
الجهة الأولى: أنه إذا شفع النبي صلى الله عليه وسلم لمن دخل النار فإنه من باب أولى أن تقع شفاعته لمن استوجب دخول النار ولم يدخلها.
الجهة الثانية: أن الدليل على ذلك هو العموم، ومن ذلك ما جاء عن سبعة من الصحابة ومنهم أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) وهذا الحديث من حيث آحاد طرقه ليس بذاك لكنه بمجموع جهة طرقه وشواهده يكون حسناً وجيداً.
وكذلك ما ثبت في صحيح البخاري أن أبا هريرة قال: (يا رسول الله! من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه) ، فإنه يدخل في ذلك من استوجب دخول النار، كما يدخل في ذلك من دخلها.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح العقيدة الطحاوية [11] للشيخ : يوسف الغفيص
https://audio.islamweb.net