إسلام ويب

سنة الله عز وجل مع رسله وأعدائهم معلومة، فمنهم من يؤمن فيرتفع، ومنهم من يعاند ويؤذي الرسل فيعذب في الدنيا والآخرة، ولقد نال محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك كله أعظم الأمر وأكثره، وكذلك نال أصحابه، وما زال اليهود يديرون رحى المؤامرات والمخططات للمسلمين، ولكن الله ناصر ومعز دينه برجال يحبون الله ورسوله والجهاد في سبيله سبحانه.

النبي وأصحابه في بداية الدعوة

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71]، أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد:

فهذا عام هجري جديد يأتي على المسلمين في كل مكان يتذكرون فيه هجرة النبي صلوات الله وسلامه عليه من مكة إلى المدينة، وهاجر بعدما أوذي الأذى الشديد، وأوذي أصحابه رضوان الله تبارك وتعالى عليهم، وهاجر أصحابه إلى الحبشة ثم رجعوا فآذوهم فهاجروا هجرة أخرى، ثم أذن الله عز وجل للنبي صلوات الله وسلامه عليه بعد ثلاثة عشر سنة من الدعوة إلى الله عز وجل أن يهاجر إلى المدينة، فهاجر إلى دار الإيمان، كما قال الله: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ [الحشر:9]، فهاجروا إلى أهل المدينة الذين استقبلوا النبي صلى الله عليه وسلم بأحسن استقبال، وبذلوا أرواحهم وأموالهم ودماءهم لينصروا دين الله سبحانه، ويعزوا كتاب الله تعالى، ويعزروا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.

مضى على هجرة النبي صلوات الله وسلامه عليه ألف وأربعمائة وسبعة وعشرون عاماً صلوات الله وسلامه عليه، هاجر فبنى مدينة وبنى رجالاً على عقيدة سليمة ودين مستقيم، يعبدون الله ولا يخافون فيه لومة لائم، فتح قلوبهم بنور رب العالمين سبحانه، ودعاهم إلى الله، وبصرهم وأرشدهم وعلمهم، وجدهم عالة فأغناهم الله عز وجل به، ووجدهم متفرقين فألف الله بين قلوبهم به، ووجدهم أعداء فأصلح الله قلوبهم به، ووجدهم مضطهدين وغيرهم من الأمم فوقهم وهم عباد أوثان لا قيمة لهم، فأخرجهم من عبادة العباد ومن عبادة الجماد إلى عبادة الله الواحد القهار سبحانه وتعالى.

أحبوه صلوات الله وسلامه عليه، وامتلأت قلوبهم بحبه لما رأوا من رحمته وعدله، فما جاءهم ليأخذ أموالهم، بل فتح بهم البلاد وأصاب من الغنائم ما شاء الله عز وجل له وللمؤمنين، ثم قال: (ليس لي من هذه إلا الخمس، والخمس مردود عليكم) ويوم مات صلوات الله وسلامه عليه ترك ما ترك من نصيب له ليس لورثته وإنما صدقة على المحتاجين صلوات الله وسلامه عليه، قال الله عز وجل يمدحه: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ [الفتح:29].

هؤلاء أصحاب النبي صلوات الله وسلامه عليه، رباهم على الخير والعدل والإحسان، جاءهم بهذا القرآن العظيم وفيه هذه الآية الكريمة: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90].

سمع هذه الآية العظيمة رجلان كانا كافرين فأسلم أحدهما وحسن إسلامه رضي الله تبارك وتعالى عنه وهو عثمان بن مظعون رضي الله عنه، والآخر أعجزته وقال قولته التي خلدت بعد ذلك، وإن كان أصر على ما هو فيه من كفر حين عيره أهل مكة بأنه يتبع غلاماً؛ لأن الرجل كان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم وهو الوليد بن المغيرة ، فسمع هذه الآية العظيمة: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90]، فقال: والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وما هو بقول البشر، قال هذه الكلمة التي دامت بعده يتناقلها الناس جيلاً بعد جيل وإن كان لم يسلم؛ لأن أبا جهل لعنة الله عليه ذهب إليه يقول: أتتبع محمداً لأنه سيعطيك مالاً، فإذا بالرجل يأنف ويقول: أنا أغنى قريش، أنا أكثرهم مالاً كيف تقول ذلك؟ ولم يزل به أبو جهل عليه لعنة الله حتى استمر على كفره ولم يؤمن بالنبي صلوات الله وسلامه عليه.

فهذا القرآن العظيم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم نوراً وهدى للناس، قال الله تعالى: ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [البقرة:2-4].

تواضع النبي

هذا نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه قال له ربه سبحانه: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب:45-46]، أرسله وأخبره سبحانه وتعالى أنه أرسل للناس كافة بَشِيرًا وَنَذِيرًا [البقرة:119]، فيدعو الخلق جميعهم، إنسهم وجنهم إلى دين رب العالمين، وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ [آل عمران:144].

أخبر أنه مخلوق وأن المخلوق لا بد أن يموت، قال الله تعالى: أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ [آل عمران:144]، هذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه عبد لله ورسوله بلغ التواضع عنده أعلاه، فقد قال الله سبحانه وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ [الإسراء:1]، وقال عنه: وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا [الجن:19]، وقال عنه: وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [البقرة:23]، فوصفه بأنه عبد لله، وخيره أتحب أن تكون ملكاً رسولاً، أم عبداً رسولاً؟ فجاء جبريل فاستشاره النبي صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه أن تواضع، فتواضع النبي صلوات الله وسلامه عليه.

جلس على الأرض يأكل طعامه وطعامه على الأرض، ويأتي أعرابي لينظر لحاله، وكان غاية في الكرم صلوات الله وسلامه عليه، له جفنه لا يطيق حملها إلا أربعة من الرجال، فإذا صلى الضحى صلوات الله وسلامه عليه في مسجده أوتي بهذه الجفنه -وتسمى الغراء- فوضعت بين أيدي القوم فأكلوا من طعامه صلوات الله وسلامه عليه.

وجيء بها مرة وتضايق المكان عن الناس فكانوا عدداً كبيراً، فجلس على ركبتيه مستوفزاً صلوات الله وسلامه عليه جلسة المتواضع، فنظر إليه أعرابي وقال: ما هذه الجلسة؟ وكأنه يحتقر هذه الجلسة ويعظم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلسها؛ لأن هذه الجلسة لا يجلسها إلا الضعفاء من الناس، فقال: (إن الله جعلني عبداً كريماً، ولم يجعلني جباراً عنيداً)، صلوات الله وسلامه عليه، أنا عبد لله أكرمني فما تلحق بي حقارة، إني أجلس هذه الجلسة على وجه التواضع لله وليس من باب الذل لخلق الله سبحانه وتعالى، وحاشا لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه.

هذا النبي الكريم الذي أمره ربنا أن يعدل بين عباده، فقال: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:8] وقال: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا [المائدة:2]، فنهاهم أن يعتدوا، أن يجوروا وأن يظلموا حتى ولو كان أعداؤهم قد ظلموهم ومنعوهم من المسجد الحرام، كما قال الله: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ [المؤمنون:96]. وقال: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [النحل:126].

رحمة النبي للعالمين

هذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه الذي جاء بالإحسان ليعلم الخلق كيف يحسنون، جاء ليعلمهم التواضع والرحمة مع الخلق جميعهم، يعلمهم كيف يدعون إلى دين الإسلام رحمة للعالمين حتى يدخلوا الجنة ويبتعدوا عن الشرك بالله سبحانه وتعالى، جاء إليهم وقلوبهم مظلمة من الشرك به سبحانه، فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم ينيرها بفضل الله سبحانه بكتاب رب العالمين، وبالإيمان الذي هدى الله عز وجل إليه الخلق على يد النبي صلوات الله وسلامه عليه، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ [النحل:90]، مع الخلق جميعهم.

هذا هشام بن حكيم بن حزام رضي الله تبارك وتعالى عنه يذهب إلى بلاد الشام، فيجد قوماً من الأقباط قد أوقفوا في الشمس يعذبون لأنهم لم يدفعوا الجزية، فإذا بـهشام يغضب ويقول: ما هذا؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا)، هكذا علمهم النبي صلى الله عليه وسلم، ليس لك أن تعذب إنساناً وإن كان عدواً لك، خذ الحق وأعطي بالعدل، وعاقد بالقسط كما أمر الله سبحانه وتعالى وليس لك أن تعذب أحداً من خلق الله لا مسلماً ولا كافراً.

هذا دين رب العالمين دين العدل والإحسان، العدل: بأن تعدل في بيتك .. مع أهلك.. مع زوجك وأولادك .. مع جيرانك وأصدقائك .. في عملك وحكمك وولايتك .. تعدل مع الخلق جميعهم مسلمهم وكافرهم، كما قال الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ [النحل:90]، فتحسن في كل شيء، ولعلك تستحيي إنساناً بإحسانك إليه فأحسن كما أحسن الله إليك.

وقوله: وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى [النحل:90]، أي: أن تصلوا أرحامكم..، وأن تعرفوا حقوق الوالدين، وحقوق الأقربين فتصلون أرحامكم بما أمركم الله عز وجل أن تصلوا به.

هذا دين الإسلام ينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، لا تكن فحاشاً بذيئاً، لا تقع في الحرام وتتعدى حدود الله سبحانه التي منعك من الوقوع فيها، لا تقع في المنكرات التي نهاك الله عز وجل عنها، لا تنصر أصحاب المنكر على أصحاب الحق، فهو ينهاك عن البغي والظلم ويقول: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)، فالمظلوم تنصره فتأخذ حقه، وأما الظالم فتأخذ على يده وتمنعه من الظلم.

فهذا دين الإسلام دين العدل، دين رب العالمين، واسمه سبحانه الحق والعدل والحكم وإليه الحكم سبحانه وتعالى، جاء بدينه النبي صلوات الله وسلامه عليه الذي صدقه كما أمر الله سبحانه وتعالى، وسئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (كان خلقه القرآن).

كيد أعداء الدين للمسلمين

هذا الدين العظيم الذي دخل فيه الخلق مطيعين لرب العالمين سبحانه، محبين له حتى تغيظ أعداء الدين منهم حين وجدوهم قد فتحوا الدنيا، وفتحوا القلوب فدخل الناس في دين الله أفواجاً.

تغيظ اليهود، وتغيظ المشركون أهل الأحقاد والحسد، فساد الإسلام والمسلمون، ووجدوا المسلمين متمسكين بكتاب ربهم وبسنة نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، يدافعون عن دينهم، فقاموا يكيدون لهم، فإذا بهم يدخلون مداخل شتى حتى يبعدوا المسلمين عن إسلامهم، ويصيروا الإسلام قشوراً بدون لباب، ويجعلوا الإسلام مظاهر من غير بواطن.

إذا بهم يدفعون المسلمين إلى العري، وإلى الجنس، والبعد عن دين رب العالمين، ودعاوى جاهلية، يقولون بالحرية التي سنها اليهود لعنة الله عليهم، ابحث عن كل مصيبة في الدنيا تجد وراءها اليهود، فهم يقبحون أديان رب العالمين سبحانه، وكيف لا يفعلون وهم الذين أفسدوا توراتهم، وتنكروا لموسى بل لربهم سبحانه وتعالى.

أليس هم الذين عبدوا العجل من دون الله كما قال الله: فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ [طه:88]؟! وكأن موسى نسي إلهه وذهب يبحث عنه وهم قد عرفوا الإله في هذا الجماد، في تمثال بقرة صنعه لهم السامري من ذهب قد أخذوه من حلي لفرعون وقومه.

هؤلاء اليهود الذين كرهوا دين رب العالمين، وأرادوا أن يضعوا الحواجز بين المسلمين وبين دينهم، فسيطروا بأموالهم على وسائل الإعلام في الدنيا حتى استطاعوا أن يحولوا دولاً، وأن يغيروا سياسات، وأن يلعبوا ببنوك وحكام من الكفار والمسلمين، ويفسدوا ما يشاءون حتى يعلو هم ومن يريدون في الأرض بالفساد وبالإفساد.

فتجدهم يدبرون للمسلمين كل مصيبة حتى يبعدوهم عن دينهم بالمال تارة، وبالجنس أخرى، وبغير ذلك من أعمال وبلاء بلغ بهم أطواراً فيفعلون ما يحلوا لهم، ويجدون من يقف مدافعاً عنهم.

استطاعوا أن يدخلوا إلى ديار الذين يحكمون بلاد الكفر بل وبلاد الإسلام، فإذا بهم يفعلون ما يحلوا لهم من أشياء، ويزعمون أنهم مستضعفون في الدنيا كلها ويصدقهم الناس، فإذا تجرأ أحد الناس أن يتكلم عنهم إذ بالمصائب تعتريه من كل جانب.

إفك محرقة اليهود النازية

ادعوا أن هتلر النازي ومن معه أحرق منهم بزعمهم ستة ملايين، وقالوا: تسعة ملايين، وقالوا: بل مليونان، وقال بعضهم: بل مليون واحد من اليهود. هكذا يزعمون أن النازي أحرقهم، وكان ذلك في سنة (1940هـ) حين حدثت الحرب بين الحلفاء وبين دول المحور، بين ألمانيا ومن معها وبين بريطانيا ومن معها، وإذا باليهود يعلبون بين الاثنين، يوهمون هتلر ومن معه أنهم معه فيقتلون رجلاً من الإنجليز، ويفعلون بين الاثنين وقعات ليكون لهم الحكم هنا وهناك، ويفعلون ما يحلوا لهم.

كانوا في معسكرات هتلر مع من معه وقتل منهم البعض، واستعان بكثيرين منهم حتى قالوا: كان هناك مائة ألف يعملون في معسكرات النازيين من اليهود، وكان يكافئهم ويعطيهم، ولما غلب هتلر ودخلوا في معسكر اسمه دخام قالوا بأنه كان يحرقهم فيها.

أخذوا قادة هذا المعسكر واستجوبوهم، ومن أطاعهم كتبوا عنه ما يقول من أكاذيب، فقالوا: قتل مليون، أدخلهم في أفران الغاز حتى خنقهم ثم أخرجهم إلى المحارق وبدءوا يكذبون، وإذا بالمحققين من أعداء الألمان يكشفون الحقيقة، يقول قاض أمريكي كان يحقق في داخل هذه المعسكرات: لقد مكثت فيها سبعة عشر شهراً وأنا أعلم بما كان يدور فيها، ولا يوجد فيها دليل واحد يدل على أن اليهود قد أحرقوا، أو أنهم قد قتلوا في أفران الغاز، ولكن اليهود يكذبون ويصدقهم الناس؛ لأن معهم وسائل الإعلام، فيصدقونهم ويقولون: أحرق منهم ستة ملايين، ويأتون بالبعض ويرغمونهم بالتعذيب على الاعتراف أن اليهود كانوا محكورون في غرف، واسمع ما تتعجب منه.

يقول بعضهم -وكأنه يعترف تحت التعذيب-: لقد رأيت في الغرفة الواحدة من هذه الغرف ما بين السبعمائة إلى الثمانمائة وهم محشورون بعضهم على بعض قياماً، انظر بعقلك هل يصدق مثل هذا الكلام؟ كم مساحة هذه الغرفة أيها الكذاب؟ قال: (28)، وهل يحشد في مثلها ثمانمائة من اليهود أو سبعمائة؟ ترى ما كانت أحجامهم؟ هل كانت بالسنتيمتر؟ أم كانت أحجامهم من هواء، أو كانوا أشباحاً حتى يحشر منهم الثمانمائة في غرفة كغرفة معيشة أحد ما؟!

هذه مساحة الغرفة التي يزعمون، وكم كان يقتل أيها الكذاب في كل يوم؟ قال: أكثر من ستين ألفاً من اليهود في اليوم الواحد، وكم كان عدد اليهود في هذه الأماكن؟ ما زاد عدد اليهود على بضعة ملايين قليلة.

فإذا باليهود يفترون هذا الذي يقولونه ويصدقهم العالم؛ لأنهم دخلوا في رءوس الحكام بأموالهم فغيروا حتى صدقهم الناس، وإن كانوا في بواطنهم لا يصدقون، ولكن أموال اليهود تجعلهم يصدقون ذلك، مكيدات اليهود تجعلهم يخافون من عكس ذلك فاعترفوا لليهود، وإذا بالألمان المغلوبون المدحورون المهزومون تطالبهم اليهود بثمن هذا الذي صنعه، وكم يريد اليهود؟ قالوا: نريد واحد ونصف مليار دولار ثمن هذه المحارق التي صنعتموها، والألمان لم يعترفوا ولكنهم أعطوا صاغرين ستين مليار دولار، ولم يسكت اليهود ففي كل يوم يطالبون بديات الذين أحرقوا، نريد ديار أصحابنا الذين أحرقتموهم، نريد أن نعيش اليهود في فلسطين لكن طردتموهم، نريد ونريد وهم يدفعون لهم صاغرين أذلة.

سميت هذه المحرقة أو أماكن الغاز بـ: الهولوكست، ومنع الناس من أن يتكلموا عنها وصارت حرماً آمنا وحجراً محجوراً، لا يقدر أحد أن يفند ما قال اليهود، وأنهم كذابون فيما زعموا، وأنه لم يحدث ذلك أصلاً، لكن البعض تجرأ وتكلم، مثل أستاذ فرنسي في الجامعة يدرس الأدب الفرنسي، تكلم في كتابه عن هولوكست بأنها لا تعقل، وأنه جمع الوثائق فيها فليس فيها وثيقة واحدة باسم هتلر تدعو إلى قتل اليهود، بل كان يعطيهم أموالاً وكان يبغضهم، فلما قال الرجل ذلك قامت القيامة، وجرد من أستاذيته، وطرد من الجامعة، وسحب منه لقب الدكتوراه، انظر رجل تكلم أن اليهود كذابون في المحرقة التي تكلموا عنها فكان هذا مصيره.

وهذا آخر يحضر الدكتوراه في الموضوع نفسه، وأخذ الدكتوراه بتقدير جيد جداً، أخذها وبعد ذلك تكلموا عنه في وسائل الإعلام، فلما اشتهرت رسالته إذا بهم يأخذون منه اللقب الذي أعطوه ويفصلونه من الجامعة، ويعاقبون أستاذه الذي أعطاه وأشرف على هذه الرسالة لكونه كذب اليهود.

وهذا قاض آخر إنجليزي أو فرنسي تكلم عن هذه المحرقة فجرد من الدكتوراه التي كانت معه، وعوقب بأن يدفع عشرة في المائة من راتبه بأثر رجعي لليهود عقوبة له على أنه تكلم عن كذب اليهود.

وهذا جاروزي ذاك الأستاذ الفرنسي الذي أسلم -وهو فيلسوف فرنسي- وتكلم عن محارق اليهود ، وأنهم كذابون، فإذا بأربعة عشر بابا وداراً للمحاماة تتبرع بأن تنزل به النكال والعقاب في كل المحاكم في فرنسا، ويعاقب الرجل على أنه أساء للسامية، وأنه معادي لليهود. هؤلاء اليهود قدروا أن يصنعوا ذلك.

في سنة خمس وستين دخل رجل من اليهود إلى مرحاض في حانة -خمارة- فوجد المرحاض مكتوب فيه طعن في اليهود فقامت الدنيا ولم تقعد، وأتي بمحققين ورفعوا البصمات عن المرحاض ليقارنوها ببصمات اثنين مليون أمريكي لينظر من فيهم الذي كتب ذلك عن اليهود؟ كيف وصلوا اليهود إلى ذلك؟ وصلوا بأموالهم .. وصلوا بالجنس .. وصلوا بالنساء .. وصلوا بالتعمية وإدخال النساء في قلوب من يحكمون الخلق.

هؤلاء اليهود تقوم الدنيا ولا تقعد لو أن واحداً منهم مس بأذى، وهذا سيد الخلق محمد صلوات الله وسلامه عليه حبيب رب العالمين .. حبيب جميع المؤمنين يتكلمون عنه الآن فيسخرون منه، من وراء ذلك؟ من الذي دفع هذا الدنمركي إلى أن يرسم صوراً عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها البذاءات، والحقارات، والإساءات إلى رسول رب العالمين سبحانه وتعالى وصلوات الله وسلامه عليه؟ إنهم اليهود من وراء ذلكم.

في سنة (1988مـ) فعلوا الشيء نفسه مع المسيح، أخرجوا قصة عن المسيح يشوهونه فيها ويرمونه بالجنس، وثارت النصارى ثم سكتوا، علم اليهود أن هذا رد فعلهم، الآن يفعلون ذلك بالمسلمين ليروا كيف يكون رد فعل المسلمين؟ هل يقومون قومة رجل واحد فيعتصمون بالله سبحانه ويدافعون عن دينهم؟ أم أنهم يسكتون ويتكلم المنافقون: عليكم بالرحمة، وعليكم بالسلم، وعليكم بكذا! وعليكم بكذا! والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ودعوهم يقولون ما يقولون فإذا بهم يسكتون المسلمين في كل مكان.

فاحذروا أيها المسلمون مما يريد بكم الكفار، فإن هؤلاء لا دين لهم .. لا أمان لهم .. لا عهد لهم، يتطاولون على سيد الخلق والمسلمون في سبات، لعل هذا الذي أتاكم يوقظ الإيمان في قلوبهم فيرجعون إلى ربهم، وينصرون دينهم، ويدافعون عن نبيهم صلوات الله وسلامه عليه.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حب الصحابة للنبي

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، أما بعد:

هذا رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه يؤتى له بأسير من الفجار من بني حنيفة، فيؤخذ الأسير ويوضع في المسجد ويمر به النبي صلوات الله وسلامه عليه، والأسير اسمه ثمامة بن أثال فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم : (ما عندك يا ثمامة؟ قال: إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تطلب المال فخذ منه ما شئت، وإن تعفو. تعفو عن شاكر)، هذا أنا: إن قتلتني فقد قتلت منكم قبل ذلك فلك حق أن تقتلني، وإن تعفو. تعفو عن شاكر، وسأعرف لك جميلك وأعرف لك صنيعك، وإن تطلب المال فاطلب منه ما شئت، فلم يطمع النبي صلوات الله وسلامه عليه في ماله، وإنما كان يحب أن يسلم الرجل، وأمرهم أن يطعموا الأسير ثم تركه، ومر به مرة أخرى، فقال: (ما عندك يا ثمامة؟ قال: هو ما قلت لك: إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن ترد المال فاطلب منه ما شئت، قال النبي صلى الله عليه وسلم : أطلقوا ثمامة).

لم يطلب منه مالاً ولم يقتله صلوات الله وسلامه عليه، بل أنعم عليه وتركه يذهب كافراً، فخرج ثمامة حتى إذا توارى اغتسل ورجع يظهر ويعلن إسلامه رضي الله تعالى عنه، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أخذت وقد كنت متوجهاً معتمراً إلى الكعبة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يذهب ويعتمر، فلما ذهب إلى هنالك كان قلبه قد امتلأ بحب النبي صلوات الله وسلامه عليه، وحب هذا الدين، فقابله المشركون بقولهم: صبأت يا ثمامة ؟ قال: بل أسلمت مع محمد صلوات الله وسلامه عليه، والله لا تأتيكم حبة حنطة ولا شعير من اليمامة إلا بموافقة محمد صلوات الله وسلامه عليه، دخل الإيمان قلبه، ولم يجبره النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام، بل أطلق سراحه وعفا عنه، فامتلأ قلب الرجل حباً للنبي صلوات الله وسلامه عليه.

أيها المؤمنون! وكيف لا تمتلئ قلوب المسلمين بحب النبي صلوات الله وسلامه عليه وقد شاهدوا من فضله وكرمه، وحسن خلقه وتنفيذه لأمر ربه، وتواضعه صلوات الله وسلامه عليه؟! كيف لا تمتلئ قلوبهم حباً له صلوات الله وسلامه عليه ودفاعاً عن دينه وقد رأوا كيف دافع عن دين رب العالمين حتى استقر هذا الدين ودخل في القلوب، فبلغ صلوات الله وسلامه عليه وأقر الحقوق، وأعطى الواجبات صلوات الله وسلامه عليه؟!

قام في الناس مرة يسوي صفوفهم فإذا برجل يبرز صدره من بين الصفوف ومع النبي صلى الله عليه وسلم عصا صغيرة، فأشار بها إلى بطن الرجل ليرجعه، فإذا بالرجل يقول: (أوجعتني يا رسول الله! قال: فاستقد)، ظن أنه فعلاً أوجعه وما أوجعه صلوات الله وسلامه عليه، كيف يوجعه وهو يسوي الصف الذي فيه هذا الرجل؟ ثم كشف عن بطنه ليستقد الرجل، وليضرب بطن النبي صلى الله عليه وسلم كما زعم، فإذا بالرجل يخفض رأسه ويقبل النبي صلوات الله وسلامه عليه ويقول: هذا ما أردت، لم توجعن يا رسول الله، ولكن أردت أن أقبلك، هذا حب النبي صلى الله عليه وسلم في قلوب المؤمنين، ليس حباً ساقهم إليه النفاق، كلا والله، وإنما حب ساقهم إليه رب العالمين سبحانه بحسن خلقه، بطيبة قلبه، بلينه قال الله: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ [آل عمران:159]، لذا دخل حبه قلوبهم صلوات الله وسلامه عليه، فنصروا دينه صلوات الله وسلامه عليه.

هذا رجل أعمى في عهد النبي صلوات الله وسلامه عليه، كانت امرأته يهودية وكانت به رحيمة، وكان له منها أولاد، وكانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ينهاها فلا تنتهي، وفي يوم من الأيام وجدوا هذه المرأة قتيلة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم من قتلها؟ فإذا بالرجل يقول: يا رسول الله! أنا قتلتها، كانت زوجتي، وكنت أحبها، وكانت بارة بي رحيمة، ولكنها كانت تقع فيك فتركه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقم عليه حداً.

فهؤلاء حب النبي صلى الله عليه وسلم قد ملأ قلوبهم.

موقف المسلمين من تطاول الأعداء على النبي الكريم

والله لا يؤمن إنسان حتى يكون حبه لدين رب العالمين، وحبه للنبي الكريم أشد من حبه لنفسه ومن الدنيا وما فيها، وحتى يكون هواه تبعاً لما جاء به النبي صلوات الله وسلامه عليه.

أيها المؤمنون! يتطاول المتطاولون لأنهم يجدون المسلمين نياماً ضعافاً لا حيلة عندهم، ولا قدرة لديهم، ولا تفكير في عقولهم إلا في الدنيا والمال، وبعد عن رب العالمين هو سبب البلاء، ولعل هذه الحادثة تجعلهم يفيقون ويرجعون إلى دين رب العالمين، ويتركوا ما هم فيه من غضب وإغضاب لرب العالمين، حين تستباح حرمات الله، ثم لا تتمعر الوجوه حين يحدث في بلاد المسلمين أن تستباح الخمور، والربا، والجنس والعري والحرام ولا أحد يغضب، ولكن يتكلم المنافقون الذين يقولون: إنهم علمانيون، ذاك الوجه القبيح القذر لهؤلاء المنافقين، يقولون: نحن علمانيون وما تعني بالعلمانية؟ يقولون: العلمانية لا تنافي الدين، العلمانية تعني: العلم، ونحن نريد أن نسبق الدول العلمانية، هذه العلمانية في الدنمرك، وهذه العلمانية في فرنسا، علمانيتهم يقول أصحابها: لا دين، لا تمييز عن طريق الدين، لا تدخل الفتاة الكلية أو المدرسة وعلى رأسها حجاب.

الحرية عندهم أن يسيئوا للأديان، أن يزدروا الإسلام، وأن يزدروا المسيح صلوات الله وسلامه عليه ولا أحد يتكلم.

الحمد لله من رواء كل مصيبة شيء نافع للمسلمين، لعلهم يراجعون أنفسهم فيقاطعون هؤلاء الكلاب الذين أساءوا للنبي صلوات الله وسلامه عليه، والذين شتموا وسبوا، ثم قالوا: إنها الحرية، وما في ذلك؟ الحرية عندهم أن يشتموا النبي صلى الله عليه وسلم وأن يسخروا منه، الحرية عندهم أن يخافوا من اليهود، وأن يسكتوا عن مذابح اليهود، وأن يعاقبوا من يتكلم في المرحاض عن اليهود.

وأما من يتكلم عن النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: بلادنا بلاد التنوير! ونحن بلادنا بلاد النور، وواجب على المسلمين أن يثأروا للنبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه بما استطاعوا من شيء، بمقاطعة هؤلاء، ومنع التعامل معهم، وترك بلادهم، وأن يتوحد المسلمون قادة وأمماً ويرجعوا إلى شريعة رب العالمين سبحانه وتعالى، فهي التي تعزهم ليس الغرب الكافر، ليست أمريكا المجرمة، وإنما دين رب العالمين الذي فيه العز والإعزاز للمسلمين، قال النبي صلوات الله وسلامه عليه: (يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أمن قلة نحن يوم إذن يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، يلقي الله عز وجل في قلوبكم الوهن)، وهو الضعف والخوف من أعدائكم مع كثرتكم.

المسلمون الآن ربع العالم، مليار وثلاثمائة مليون من المسلمين في الدنيا كلها عدد يرعب الكفار، هم على ملة واحدة، دينهم واحد، ونبيهم واحد صلوات الله وسلامه عليه، لو أنهم اجتمعوا ما قدر أحد أن يكيد لهم إلا وردوا كيده في نحره.

المسلمون هذا العدد الضخم شغلهم اليهود بالدنمرك وما يحدث فيها، وشغلوهم حتى يتكلم المنافقون عن حماس وانتصارهم في فلسطين، وما الذي تصنعه حماس مع اليهود، هل يعترفون بها أو لا يعترفون بها؟ حتى ينشغلوا عن دينهم بدعوة الحرية، والعلمانية، والديمقراطية؛ ليبعدوا المسلمين عن دينهم.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح قلوب المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، اللهم اثأر لرسولك الكريم، اللهم عليك بالقوم المجرمين، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تبق منهم أحداً، اللهم دمر ديارهم تدميراً، اللهم دمر جيوشهم تدميراً، اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ : أحمد حطيبة

https://audio.islamweb.net