إسلام ويب

الأبناء أمانة في أعناق الآباء وأولياء الأمور، فيجب على الأولياء والآباء أن يحافظوا على هذه الأمانة، وأن يرعوها حق رعايتها، ويتأكد ذلك الأمر في مثل هذه العطل الصيفية التي يطغى فيها الفراغ على الأبناء فيشغلونه بما يضرهم ولا ينفعهم، ويملئونه بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالشر المستطير، فيجب على الآباء أن يستغلوا مثل هذه الأيام فيوجهوا أبناءهم إلى العلم النافع، والعمل الصالح، وأن يشغلوهم بما فيه صلاحهم وصلاح مجتمعهم.

المقارنة بين امتحانات الدنيا وامتحان الآخرة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! بعد أيام قليلة ينهي أبناءنا عامهم الدراسي بإنهاء الامتحانات وظهور النتائج، ولست بحاجة إلى التنبيه إلى ذلك، والوصية به؛ لأن البيوت مهتمة بهذا الأمر بما لا نزيد عليه، ودواعي الاهتمام المادية والمعنوية لدى الطلاب وأهلهم متوافرة، فنتائج الامتحانات تترتب عليها أمور كثيرة معروفة، وهذا الاهتمام مطلوب ولا اعتراض عليه، وكثيرٌ ما يقبل الدعاة إلى الله والموجهون في مثل هذه المناسبة إلى عقد مقارنة صحيحة وعظيمة ومهمة بين امتحان الدنيا ونتائجه، وامتحان الآخرة ونتائجه.وامتحان الآخرة سيقع على الجميع، المتعلم وغير المتعلم، الكبير والصغير، العامي والجاهل، الذكر والأنثى، بل يتعدى ذلك إلى الحيوانات كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إنه سيشمل المتمردين والمنكرين لذلك الامتحان، وسيقف الجميع بين يدي الله تبارك وتعالى للحساب والجزاء، حسابٌ وميزان توزن فيه مثاقيل الذر، وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47].وينتهي هذا إلى الجزاء الحاسم الذي لا مفر منه فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7]، ولا ثالث لهما مطلقاً.ووالله! إنه لا مقارنة بين الامتحانين، ويكفي في الامتحان الثاني أن نشير إلى ما ثبت في حديث الشفاعة العظمى لطلب فصل القضاء بين العباد، حين يحول كل نبي المسئولية إلى أخيه، ويقول -ويا لهول تلك المواقف!-: (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله)، إنه غضب الجبار تبارك وتعالى لا غضب المخلوقين، وهو غضب خاص في ذلك اليوم، فأنى لنا -نحن المساكين- أن نقف، وأن نواجه ذلك الامتحان العظيم، ذلك الامتحان الذي ليس بين أي واحد منا وبينه إلا أن يقال: فلانٌ مات، وما أكثر أسباب الموت في كل زمان، وخاصة في هذا الزمان.

خطأ التركيز على الجانب العلمي المعرفي على حساب الجانب التربوي

أيها الإخوة المؤمنون! اسمحوا لي أن أعالج الموضوع من خلال زاوية أخرى، مع أن هذه الزاوية العظيمة السابقة زاوية لها أثر تربوي عظيم في حياة الإنسان على مختلف أحواله وعمره.اسمحوا لي أن أنتقل إلى معالجتها من خلال زاوية أخرى تعود نتائجها إلى نفس الموضوع، المقارنة بين امتحان الدنيا وامتحان الآخرة، فأقول: إن الملاحظ على كثير منا فيما يتعلق بأولادنا ذكوراً وإناثاً هو تركيزنا على جانب واحد، وإهمال جانب آخر له أهمية كبرى، والجانب الذي نركز عليه ونعول عليه فيما يتعلق بأولادنا ودراستهم هو: الجانب العلمي المعرفي فقط. وأهم مظاهر هذا التركيز ما يلي:أولاً: التركيز والتأكيد باستمرار على الشهادة ومستوى الطلاب فيها، فأهم شيء لدينا هو التفوق علمياً.ثانياً: كون هذا الجانب هو المعول عليه في تقويم الطلاب لدى أهلهم وأسرهم، ولدى بقية المجتمع.ثالثاً: حصر مهمة التعليم في جميع مراحله تقريباً بهذا الجانب، ويتم هذا بنسبة كبيرة أبدت أحياناً إلى إهمال الجوانب الأخرى، أو إضعافها بشكل كبير.رابعاً: انتهى الأمر إلى أن أهم شيء لدى الشباب والشواب، ولدى أهلهم ومعارفهم هو النجاح في الامتحان ونيل الشهادة، وصار هذا هو المقياس، فكم من شاب يعتبر ناجحاً في الحياة؛ لأنه متفوق دراسياً، وإن كان يحمل مع ذلك أفكاراً فاسدة تناقض دينه، أو أخلاقاً رديئة لا يقبلها دين ولا خلق، ولما تحول الأمر إلى هذا المقياس، وصار التفوق العلمي والنجاح في الشهادة هو الذي يدندن عليه الجميع؛ حتى تحول إلى أن يكون هو القضية الكبرى عاطفياً لدى الابن والبنت، ولدى الأسرة، ولدى جميع الناس.ولما كان الأمر كذلك تحول إلى إضعاف الجانب الآخر في حياة أولادنا، ألا وهو الجانب التربوي، ونعني بشكل أخص: التربية على العقيدة والمنهج والخلق الإسلامية.

ما يواجهه الأبناء في أيام الإجازات الصيفية

نحن نستقبل الإجازة الصيفية ذات الأثر العميق على أحوال وأخلاق أبنائنا جميعاً، فأدعوكم إلى التفكير جيداً في هذه القضية، وأهم ما يواجهه أبناؤنا تربوياً في هذه الأيام، ويشتد الأمر في وقت الإجازة ما يلي:

البث المباشر وخطره على الأبناء

أولاً: البث المباشر الذي غزا كثيراً من البيوت، وهذا البث المباشر نوعان: النوع الأول منه: تلفزيوني؛ حيث تنوعت المحطات العالمية الموجهة إلينا، وهي: محطات -بسبب قدراتها وبسبب دعمها- مختلفة التخصصات، منها: الفنية، والرياضية، بل والإباحية الخالصة، والتنصيرية، والمحطات الجادة -إن وجدت- لا تخلو من فواصل دعائية تحمل في طياتها ما عند الغرب من إباحية وأخلاق فاسدة، وهذا البث المباشر له أثر غائر وعميق على بيوتنا وأسرنا، وكم من فتى أو فتاة تحول منهج حياته الخلقي بسبب سهرة في ليلة واحدة على هذه المحطات.النوع الثاني من البث المباشر: الإذاعي، فهناك محطات تنصيرية خالصة موجهة إلينا بشكل واضح وقوي، وتبث على مدار الساعات، وهناك محطات أخرى تجلب كل ما أنتجه العالم العربي والغربي من أقصاه إلى أقصاه من أغانٍ ماجنات، ومسلسلات مغرية؛ بحيث أدت إلى أن يتجه كثير من الناس إليها تاركين لغيرها.

المجلات والصحف وخطرها على الأبناء

ثانياً: مما يواجه أبناؤنا وتواجه أسرنا المجلات والصحف، وهذه لا جديد فيها؛ لأنها من زمن قديم، ولكن الجديد ما يظهر كل يوم مما يتفنن فيه أصحابها بالإغراء، وطرق القضايا الحساسة من نواحي الخلق والعلاقات بين الرجل والمرأة والقضايا الأخرى.

الزملاء والأصدقاء وأثرهم على الأبناء

ثالثاً: الأصحاب والزملاء: وهؤلاء لهم أثر كبير جداً على أولادنا، ونحن نعلم أن الإنسان مدني بطبعه يحب الاختلاط، وشبابنا يحبون الاختلاط، وليس هناك بد من هذا الاختلاط، والزمالة والصداقة على نوعين لابد أن تنتهي إليهما:إما صداقة طيبة تثمر ثماراً خيرة، وإما على الضد والعكس من ذلك تثمر مالا يحمد عقباه، ولما كان الأمر كذلك كان دور هؤلاء الأصحاب والزملاء في حياة أبنائنا كبيراً جداً.

السياحة وخطرها على الأبناء

رابعاً: السياحة، وخاصة السياحة الخارجية في فترة الصيف، ويتولى البث المباشر والمجلات والصحف الدعاية المغرية لذلك. وعوداً على بدء فاسمعوا واعجبوا -أيها الإخوة!- لما يفعله بعضنا حين يتفوق ولده علمياً، ما هي جائزة الشهادة؟جائزته السياحة في بلد غربي، هذه هي الجائزة!انظروا كيف ترتبط المؤثرات بعضها ببعض، من خلال هذه الجوانب المتعددة، والأساس هو أننا ركزنا -فيما يتعلق بأولادنا- على الجانب العلمي فقط، أما الجانب التربوي المتعلق بالعقيدة والخلق والسلوك فهذا جعلناه أمراً ثانوياً إلا ما عصم الله تعالى.أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل الكريم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

كيف نواجه هذه المؤثرات التربوية على أبنائنا؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على نهجهم، واهتدى بهداهم إلى يوم الدين.أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! وأمام هذه المؤثرات التربوية على أبنائنا ما هو الحل؟ هل نستسلم للأمر الواقع ونقول: أعداؤنا غزونا فماذا نصنع بهم؟ ألسنا مأمورين شرعاً باتخاذ الأسباب؟أيها الإخوة في الله! إن شبابنا -والحمد لله- لا يزال يحتفظ بقدر كبير من الفطرة السليمة واليقظة الإيمانية متى ما حرك ذلك الشعور الإيماني، ووسائل التربية الذاتية في البيت والمسجد والمدرسة وغيرها حين تكون صالحة ومركزة وحين تستوي على سوقها؛ تؤدي -بمعونة من الله- إلى أنواع من الحصانة التي تجعل الشباب المسلم يتعالى بإيمانه، ودينه، وخلقه الإسلامي عن هذه الدناءات.وسأضرب لكم مثالاً على هذا الذي أقوله: كم من شاب ذهب سابقاً للدراسة في بلاد الغرب، وما دفعه إلى ذلك إلا حب الحرية، والاستمتاع هناك بكل أنواع اللهو والفساد، وكثيراً ما كان هذا الشاب يكلم زملاءه، ويتحدث معهم قبل سفره عما سيواجه هناك، وما سيلاقيه ويتمتع به من لهو وعبث، وفعلاً يذهب الشاب إلى هناك؛ حيث لا رقيب ولا حسيب من أهل أو نظام يمنع من ذلك، بل إن نظام تلك البلدان يحمي ذلك.ويعيش فترة طويلة أو قصيرة يرى فيها بأم عينية بلاد الحرية، ويتمتع إن أراد بما شاء دون أن يحاسبه أحد، ولكن الذي يحدث أحياناً، بل يحدث كثيراً والحمد لله، أن هذا الشاب سرعان ما يستيقظ عنده إيمانه وعقيدته؛ فيرجع إلى ربه رجوعاً صحيحاً، ويعود إلى بلاده أصلب وأقوى إيماناً، بل يعود إلى بلاده داعية إلى الله تبارك وتعالى!أيها الإخوة! هذه نماذج شاهدتموها جميعاً، ونحن نقول بالنسبة لما نشكوه من مشكلات البث المباشر ونحوه: حين نربي أولادنا على المنهج الصحيح، هل سيتعامل معها أبناؤنا كما تعامل بعض الشباب الذين عاشوا في بلاد الحرية؟ إن هذا البث المباشر يجب الوقوف دونه عملياً ونظرياً، والذي أقوله هنا هو توجيه لنا نحن الأسر .. نحن الآباء، بحيث لا نستسلم للأمر الواقع، ولا ندع الأمور تسير كما يراد لها. علينا أن نصنع شيئاً تجاه هذا الغزو الخلقي والعقدي لأولادنا، فنعمل ونجد ونجتهد في تربية أولادنا، وإيقاظ إيمانهم، وتوجيههم التوجيه السليم؛ وهذا سيتحول -بإذن الله تبارك وتعالى- إلى رد فعل قوي جداً، يجعل الشاب يكون أكثر تمسكاً بإيمانه وصلتاً بربه.كان الزنا مباحاً في الجاهلية، وحين بعث النبي صلى الله عليه وسلم كان حلالاً مباحاً عند الناس، وكان الزواني أنواعاً، وكان لهن رايات، بل كان الزوج يأمر زوجته حين يريد ولداً نجيباً أن تذهب إلى فلان أو فلان؛ لتعيش معه في الحرام لعله يولد له ولد شجاع، ومع ذلك حين بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته، وحين تحولت تلك الدعوة إلى منهج تربوي؛ سرعان ما تخلى أولئك عما كانوا عليه؛ لأنهم وجدوا العقيدة والإيمان والطمأنينة النفسية، وجدوا السعادة الحقيقية، السعادة التي تعتمد أول ما تعتمد على قول الله تبارك وتعالى: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة:54] هذا هو مقياس السعادة، يحبهم ويحبونه، وحين يكون الأمر كذلك يكون القلب سعيداً، وتكون النفس مطمئنة، أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلني وإياكم من أولئك. وهناك -أيها الإخوة!- أمور أخرى أحب أن أشير إليها في هذه المناسبة، وهي ذات أثر تربوي منها:

التربية المبكرة للأولاد

أولاً: التوجيه والتربية المبكرة لأولادنا؛ حتى ينشئوا على الإيمان والخلق، ويجب أن يكون هذا الاهتمام منذ الصغر، وأن يستمر إلى ما بعد ذلك، وهذه المسئولية يتحملها بشكل كبير البيت.

الدروس العلمية المتنوعة

ثانياً: الدروس العلمية المتنوعة، وهذه لها أثرها وأهميتها التي لا تخفى، ولعل كون هذه الدروس ليست إلزامية، إضافة إلى أنه لا حوافز لها مادية مباشرة؛ لعل هذا يجعل حضور الإخلاص وطلب العلم لوجه الله تعالى أقوى وأكبر نفعاً.

الاشتراك في الأنشطة المتنوعة الموثوقة

ثالثاً: الاشتراك في الأنشطة المتنوعة الموثوقة، التي توجه التوجيه الطيب، ومنها:حلق تحفيظ القرآن الكريم، والمراكز الصيفية، والجولات الدعوية، والأنشطة الأسرية التي يرتبها الأب مع أولاده من خلال أسفار العمرة أو غيرها، والمهم أن الأب يرتب هذه الرحلة؛ ليستفيد منها جميع أفراد الأسرة.

الزواج المبكر للأولاد

رابعاً: الزواج المبكر لأولادنا ذكوراً وإناثاً، وهذه وسيلة شرعية عظيمة تجنب أولادنا -بإذن الله- مزالق عديدة، ولقد نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم الشباب قائلاً: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج). والزواج المبكر له آثار تربوية خاصة، لعل من أهمها: إكمال نصف الدين، وأرجو أن تفكروا في هذا ومدلوله في حياة الفتى أو الفتاة خلقاً وسلوكاً، كيف يتم إكمال نصف الدين؟ من خلال الزواج؛ لأن الزواج يقطع شروراً وآفات وأفكاراً ومنحدرات في حياة الإنسان لا يعلم مداها إلا الله تعالى، وحين يتم هذا الزواج تقطع هذه الوسائل ليتجه الإنسان اتجاهاً جديداً. ومن آثاره: التعود على تحمل المسئولية، وهذا يؤدي إلى التخلي عن كثير من الأمور التي كان يفكر فيها ويفتح فيها خياله، فإنه مع الزواج ينتقل إلى واقع عملي يواجه فيه عدد من المسئوليات اليومية التي لا تنتهي، ومع مجيء الأولاد تكون المسئولية والإحساس الأبوي قد جعلت هذا الأب الجديد -ولو كان صغيراً- يتحول إلى معلم ومربي وموجه، مهما حاول التخلي عن ذلك. ومن آثاره أيضاً: نقل الشباب والفتيات من أصدقاء ومحاضن كانوا عليها سابقاً إلى أجواء جديدة، وحين يكون الاختيار في الزواج على أساس من الشرط الشرعي (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، (وإذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه؛ فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)؛ حين يكون ذلك تتحول هذه المحاضن إلى محاضن تربوية عظيمة، ولكن المهم هو تسهيل أمر الزواج، حتى لا يتحول -كما هو الحال- إلى عقبة كبرى لا يجتازها إلا القلائل، وهذا مما ينبغي أن يتنبه له الجميع، وأن يطبقوه عملياً.

إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله

نقول للشباب: أقبلوا على الزواج، ولا تعوقنكم الأمور المادية؛ فسيغنيكم الله من فضله: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:32]، وكم من شاب تحمل بعض الديون بسبب زواجه، وما انتهت سنته الأولى أو الثانية إلا وقد رزقه الله سبحانه وتعالى كفافاً، بل ما هو أعلى من الكفاف.والزوجة إذا أتت إلى البيت تأتي ورزقها معها، والولد إذا جاء يأتي ورزقه معه، لست أنت الذي ترزقه حتى تقول: من أين أصرف لأولادي؟! افعل الأسباب الشرعية والمادية، وأقبل على هذا الباب العظيم؛ فإنه -والله- يسد فتناً عظيمة لا يعلم قدرها إلا الله.أيها الإخوة الآباء! يجب علينا أن ننتبه إلى ذلك من خلال مراقبتنا لأولادنا وسلوكهم، ومن خلال تسهيل أمر الزواج لهم، فإنكم مأجورون على ذلك، إضافة إلى أنها مسئولية تتحملونها أمام الله تبارك وتعالى.أيها الإخوة في الله! هذه لمحات وإشارات تتعلق بهذه المسألة التي تحدثنا عنها من خلال ما سنقبل عليه من الإجازة الصيفية، وما فيها من عقبات وعقبات، تتعلق بأخلاق أولادنا وتوجهاتهم، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجه الشباب إلى أمور ربما نشير إليها في مناسبة لاحقة، ونعرض بنماذج منها حتى نستفيد منها تربوياً.اللهم! إنا نسألك أن تصلح أولادنا، اللهم! أصلح أولادنا ذكوراً وإناثاً، اللهم! جنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم! إنا نسألك أن ترزقنا وإياهم الإيمان، اللهم! إنا نسألك أن ترزقنا وإياهم الإيمان والخلق الفاضل، اللهم! طهر بيوتنا من كل رجس ودنس يا رب العالمين! اللهم! إنا نسألك أن تحبب إلينا وإليهم الإيمان، وأن تزينه في قلوبنا وقلوبهم، وأن تكره إلينا وإليهم الفسوق والعصيان، يا رب العالمين!اللهم! أعز الإسلام والمسلمين، وانصر عبادك المؤمنين المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين! اللهم! انصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم! قوِّ عزائمهم، اللهم! أنزل السكينة على قلوبهم.اللهم! دمر أعداء الإسلام والمسلمين في كل مكان يا رب العالمين!اللهم! من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين! اللهم! إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم.اللهم! اغفر لآبائنا وأمهاتنا وأرحامنا وأساتذتنا، وكل من كان له فضل علينا يا أرحم الراحمين!اللهم! إنا نسألك أن توفق أولادنا جميعاً إلى النجاح في الدنيا والآخرة، اللهم! اجعل نجاحهم في الدنيا عوناً لهم على نجاح الآخرة، اللهم! اجعله بصيرة لهم في دينهم؛ حتى يكونوا عزاً لأمة الإسلام.وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.


 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , الإجازة الصيفية وتربية الأبناء للشيخ : عبد الرحمن صالح المحمود

https://audio.islamweb.net