إسلام ويب

من آداب الإسلام: أن يسلم الصغير على الكبير، والراكب على الماشي، والماشي على الجالس حتى وإن كانوا صبياناً، ويجوز السلام على النساء المجتمعات من غير المحارم إن أمنت الفتنة، وأما أهل الذمة فإنهم لا يبدءون بالسلام، ويجزئ في السلام والرد عن المجموعة أحدهم.

ما جاء في من أولى بالسلام

شرح حديث: ( يسلم الصغير على الكبير ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من أولى بالسلام؟

حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير) ].

قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله سبحانه وتعالى: [ باب من أولى بالسلام؟ ].

سبق ذكر أن خير المتلاقيين الذي يبدأ بالسلام، وأن كل واحد يحرص على أن يكون سابقاً بالخير، لكن هناك أحوال يكون السلام فيها من بعض الناس أولى من البعض الآخر، أي: يكون السلام من أصحاب حالة وهيئة معينة على أصحاب حالة وهيئة معينة؛ كأن يكون أحدهما ماشياً والثاني جالساً، فإن الماشي هو الذي يسلم على الجالس لا العكس، ولهذا قال: [ من أولى بالسلام؟ ] يعني: أن هناك أحوالاً للناس إذا مر بعضهم على بعض أن يكون بعضهم هو الأولى بأن يسلم وليس من شأن الجالس أن يسلم على الماشي، وإنما الماشي هو الذي يسلم على الجالس، هكذا جاء في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن إذا حصل نسيان، أو أن الماشي كان ذاهلاً فإذا سلم الجالس عليه ونبهه على ما قد حصل له من الذهول فهذا شيء طيب، وأما أن الجالس ينتظر القادم ثم يسلم عليه قبل أن يصل من أجل أن يسبق؛ فقد خالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إذاً: يسلم الصغير على الكبير، والراكب على الماشي، والماشي على الجالس، فهذه أحوال وهيئات لبعض الناس يكونون فيها هم أولى بأن يحصل السلام منهم على غيرهم: فيسلم الصغير على الكبير ويحترمه ويوقره، وإذا حصل التلاقي وسلم الكبير على الصغير فلا بأس، وكذلك يسلم الراكب على الماشي، والماشي على الجالس. فهذا هو الأصل كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجوز عكسه؛ ولكنه -بالنسبة للجالس- إذا كان هناك ذهول من الماشي فكونه يسلم عليه الجالس وينبهه أو يريد أن يتكلم معه ويسلم قبل الكلام، فهذا هو الذي ينبغي، والصغير يوقر الكبير، ويعوّد على الأخلاق الكريمة، والآداب الحميدة فيما يتعلق بآداب السلام وغيره.

قوله: (والقليل على الكثير).

يعني: إذا كانت هناك جماعة كثيرة فالقليلون هم الذين يسلمون على الكثيرين.

تراجم رجال إسناد حديث ( يسلم الصغير على الكبير .. )

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عبد الرزاق ].

عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا معمر ].

هو ابن راشد الأزدي البصري ثم اليماني وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن همام بن منبه ].

همام بن منبه ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.

صحيفة همام بن منبه وكيفية رواية الأئمة لأحاديثها

هذا الإسناد هو إسناد الصحيفة المشهورة بـ: صحيفة همام بن منبه التي يرويها عن أبي هريرة، وهي تشتمل على مائة وأربعين حديثاً، وقد أوردها الإمام أحمد بكاملها في مسند أبي هريرة من هذا الطريق، والإمام أحمد يروي عن عبد الرزاق، وعبد الرزاق يروي عن معمر ، ومعمر يروي عن همام ، وهمام يروي عن أبي هريرة، وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم أخرج لهم أصحاب الكتب الستة.

والبخاري ومسلم أخرجا منها أحاديث، واتفقا جميعاً على إخراج أحاديث، وقد أوردها الإمام أحمد في مسند أبي هريرة بإسناد واحد، ويفصل بين كل حديث والذي يليه بـ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وقال رسول الله كذا، وهكذا تكرر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدد الأحاديث؛ لأن إسنادها واحد، وقد استخرج البخاري منها أحاديث، وأبو داود كذلك وغيرهما من الأئمة، لكن طريقة البخاري أنه يذكر الإسناد، ثم في بعض الأحيان يذكر الحديث الأول الذي يتصل به الإسناد، ثم يقول وقال كذا، ويأتي بالحديث الذي يريد، وأول حديث في الصحيفة: (نحن الآخرون الأولون يوم القيامة)، فـالبخاري أحياناً يذكر الإسناد، ثم يذكر: (نحن الآخرون الأولون)؛ لأنه هو الذي يتصل بالإسناد، ثم يأتي بالذي يريد منها، وأحياناً يأتي بالحديث الذي يريد بعد الإسناد مباشرة.

وأما الإمام مسلم رحمه الله فله طريقة جميلة، فهو عندما ينتهي من الحديث يقول: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله، ثم يأتي بالحديث الذي يكون في وسط الصحيفة، أو في آخرها، أو في أثنائها.

وهذه الصحيفة يتضح منها تماماً أن البخاري ومسلم لم يقصدا استيعاب كل حديث صحيح؛ لأنهما لو قصدا ذلك للزم أن يأتيا بالصحيفة كلها من أولها إلى آخرها، وهما لم يفعلا ذلك بل انتقيا منها.

شرح حديث (يسلم الراكب على الماشي...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي أخبرنا روح حدثنا ابن جريج أخبرني زياد أن ثابتاً مولى عبد الرحمن بن زيد أخبره أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يسلم الراكب على الماشي) ، ثم ذكر الحديث ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة وفيه: (يسلم الراكب على الماشي) ، ثم ذكر الحديث الذي تقدم، وهو: (القليل على الكثير، والصغير على الكبير، والماشي على القاعد).

قوله: [ حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي ].

يحيى بن حبيب بن عربي ثقة، حديثه أخرجه مسلم وأصحاب السنن.

[ أخبرنا روح ].

روح بن عبادة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا ابن جريج ].

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني زياد ].

زياد بن سعد الخرساني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أن ثابتاً مولى عبد الرحمن بن زيد ].

ثابت مولى عبد الرحمن بن زيد ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

وهو مولى زيد بن أسلم وزيد بن أسلم مولى عمر، وعبد الرحمن أيضاً مولى عدوي؛ لأنه منسوب إليه ولاءً، وهو نسب عمر رضي الله عنه؛ لأن عمر نسبه عدوي، وأما هنا فقال: مولى عبد الرحمن بن زيد يعني: مولى مولى.

[ عن أبي هريرة ].

مر ذكره.

قوله في الترجمة: [ باب من أولى بالسلام ] الذي يبدو أنه للاستحباب وليس للوجوب؛ لأنه لو سلم الكثير على القليل أو عكسه لصح، لكن الأولى أنه يكون بهذا الترتيب وبهذه الهيئة.

كذلك إذا كان المار هو الكبير والجالس هو الصغير، فإنه يسلم الكبير على الصغير لأن الماشي هو الذي يسلم على الجالس، وأما إذا حصل التلاقي فكما في الحديث: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) ، وأما من كان جالساً فإن الماشي هو الذي يسلم عليه، ويسلم القليل على الكثير، ويسلم أحدهم ولا يلزم أن يسلموا كلهم.

ما جاء في الرجل يفارق الرجل ثم يلقاه أيسلم عليه

شرح حديث ( ... فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه أيضاً )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يفارق الرجل ثم يلقاه أيسلم عليه؟

حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني حدثنا ابن وهب ، قال: أخبرني معاوية بن صالح عن أبي موسى عن أبي مريم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار، أو حجر، ثم لقيه فليسلم عليه أيضاً) .

قال معاوية : وحدثني عبد الوهاب بن بخت عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثله سواء ].

أورد أبو داود : [ باب في الرجل يفارق الرجل، ثم يلقاه أيسلم عليه؟ ].

أي: أنهم كانوا يمشون، ثم افترقوا لغرض من الأغراض، وقد يكون حال أو فرق بينهم شيء، ثم تلاقوا فيما بعد، فإنه مطلوب منهم أن يسلم بعضهم على بعض ولا يكتفى بالصحبة والرفقة التي كانت موجودة من قبل، ولا يقال: بأنه حديث عهد به، بل عليه أن يسلم فالسلام دعاء، والمسلمون بحاجة إلى أن يدعو بعضهم لبعض ولو تكرر ذلك.

وأورد أبو داود حديث أبي هريرة وهو موقوف عليه في الطريق الأولى، وأما الثانية فمرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واللفظ واحد كما قال: [ مثله سواء ].

قال: (إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار، أو حجر، ثم لقيه فليسلم عليه أيضاً) .

قوله: (فإن حالت بينهما شجرة أو جدار، أو حجر) ، أي: صخرة كبيرة فرقت بينهم، لا الحجر الصغير، أو الشيء النازل، وإنما شيء يحجب بعضهم عن بعض، أو يبعد بعضهم عن بعض كأن تكون صخرة كبيرة، أو شيء على مقدار الإنسان أو أقل منه، وأما إذا كان شيئاً في الأرض ثم حصل بينهما مفارقة بسبب أن هذا مشى عن يمين الحصاة وهذا عن شمالها، فهذا لا يحتاج إلى سلام؛ لأنها لم تفصل الفصل الذي يتميز به أحدهما عن الآخر وتحصل به المفارقة، فالمقصود بالحجر الحجر الكبير مثل الجدار، (فإذا لقيه فليسلم عليه) أي: فليسلم عليه مرة أخرى، وهذا يدلنا على أن الإنسان يكرر السلام إذا خرج وإذا دخل، فالمفارقة قد حصلت، وعندما يمشيان وتفرق بينهما شجرة، أو جدار، أو صخرة كبيرة، أو ما إلى ذلك فليسلم أحدهما على الآخر.

والسلام غير المصافحة التي تحدث عند التلاقي أول مرة.

تراجم رجال إسناد حديث ( ... فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه أيضاً )

قوله: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني ].

أحمد بن سعيد الهمداني صدوق أخرج له أبو داود .

[ حدثنا ابن وهب ].

هو عبد الله بن وهب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني معاوية بن صالح ].

معاوية بن صالح بن حدير صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي موسى ].

أبو موسى مجهول، أخرج له أبو داود .

[ عن أبي مريم ].

أبو مريم ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والترمذي.

عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقد مر ذكره.

وهذا الإسناد موقوف، وفيه هذا المجهول، لكن الطريق الثانية المرفوعة صحيحة.

[ قال معاوية : وحدثني عبد الوهاب بن بخت ].

هذه طريق أخرى عن معاوية بن صالح، وعبد الوهاب بن بخت ثقة أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبي الزناد ].

هو عبد الله بن ذكوان المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو المرفوع، والإسناد صحيح، وأما الأول ففيه الوقف، وجهالة أبي موسى .

شرح حديث ( أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مشربة له فقال يا رسول الله السلام عليكم أيدخل عمر ) وتراجم رجاله

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عباس العنبري حدثنا أسود بن عامر حدثنا حسن بن صالح عن أبيه عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن عمر رضي الله عنه: (أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو في مشربة له فقال: يا رسول الله! السلام عليكم أيدخل عمر ؟) ].

أورد أبو داود حديث عمر رضي الله تعالى عنه، وفيه أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مشربة له، وهي غرفة أو مكان مرتفع، فقال له: (يا رسول الله، السلام عليكم أيدخل عمر ؟)، فجمع بين الاستئذان والتسليم، وتسمية نفسه؛ وهذا فيه تعريف به؛ لأنه من وراء الباب، والحديث لا يستقيم إلا إذا كان لقي النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل إلى هذه المشربة، وإلا فإنه لا يناسب الترجمة.

قوله: [حدثنا عباس العنبري ].

عباس بن عبد العظيم العنبري ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا أسود بن عامر ].

أسود بن عامر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عن حسن بن صالح ].

حسن بن صالح بن حي وهو ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

صالح بن صالح بن حي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سلمة بن كهيل ].

سلمة بن كهيل ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد بن جبير ].

سعيد بن جبير ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عباس ].

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.

[ عن عمر ].

عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

ما جاء في السلام على الصبيان

شرح حديث ( أتى رسول الله على غلمان يلعبون فسلم عليهم )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في السلام على الصبيان.

حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا سليمان -يعني: ابن المغيرة - عن ثابت قال: قال أنس رضي الله عنه: (أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على غلمان يلعبون فسلم عليهم) ].

ثم أورد أبو داود [ باب في السلام على الصبيان ].

والسلام هو اسم مصدر بمعنى: التسليم، والتسليم هو المصدر، فهو اسم المصدر، مثل: الكلام والتكليم، والبيان والتبيين، فهذا مصدر، وهذا اسم مصدر، واسم المصدر -السلام- يستعمل كثيراً بمعنى التسليم.

أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على غلمان يلعبون فسلم عليهم).

وهذا يدل على التسليم على الصبيان؛ وفيه تواضع الكبير في السلام على الصبيان، وفيه أيضاً تعويد الصبيان وتأنيسهم وتفريحهم بإلقاء السلام عليهم، وفي ذلك فائدة للجهتين: فالكبير يحصل منه التواضع، وتعليم الصغار، وتعويدهم السلام، والصغار يحصل لهم الاستئناس والفرح والابتهاج بحصول ذلك من الكبار لهم.

وفي ذلك أيضاً تعويد لهم على الحرص على السلام وإلقائه، وعدم التهاون فيه، وأيضاً كونهم يلعبون لا يمنع في السلام عليهم؛ لأن الصبيان شأنهم اللعب، فحصول السلام عليهم سواء كانوا يلعبون أو لا يلعبون أمر مطلوب.

تراجم رجال إسناد حديث ( أتى رسول الله على غلمان يلعبون فسلم عليهم )

قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ].

عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .

[ حدثنا سليمان -يعني: ابن المغيرة - ].

سليمان بن المغيرة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ثابت ].

ثابت بن أسلم البناني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أنس ].

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا الإسناد من الرباعيات التي هي أعلى ما يكون عند أبي داود من الأسانيد.

وهذا الحديث لا يعارض ما سبق من أن الصغير هو الذي يسلم على الكبير؛ لأن هذا يمشي، وهؤلاء واقفون يلعبون.

شرح حديث ( انتهى إلينا رسول الله وأنا غلام في الغلمان فسلم علينا ... ) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن المثنى حدثنا خالد -يعني: ابن الحارث - حدثنا حميد قال: قال أنس رضي الله عنه: (انتهى إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا غلام في الغلمان فسلم علينا، ثم أخذ بيدي فأرسلني برسالة، وقعد في ظل جدار، أو قال: إلى جدار حتى رجعت إليه) ].

ثم أورد أبو داود حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى عليهم وهو مع الغلمان فسلم عليهم -وهذا محل الشاهد- ثم أخذ بيد أنس وأرسله في حاجة، وجلس في ظل جدار ينتظره.

قوله: [ حدثنا ابن المثنى ].

محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب بـ: الزمن ، ثقة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.

[ عن خالد -يعني: ابن الحارث - ].

خالد بن الحارث ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكلمة [يعني] هذه التي جاءت للتعريف بـخالد بن الحارث قائلها هو أبو داود ، أو من دون أبي داود؛ والمقصود منها أن الشيخ مازاد على كلمة خالد ، ولكن أبا داود أو من دون أبي داود هم الذين أضافوا ابن الحارث من أجل أن يتضح لمن يطلع على الإسناد أن هذا ليس من كلام التلميذ، وفاعل كلمة (يعني) ضمير مستتر يرجع إلى التلميذ، وقائلها هو من دون التلميذ، فهي من أبو داود أو من دون أبي داود .

[ عن حميد ].

حميد بن أبي حميد الطويل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أنس ].

وقد مر ذكره، وهذا أيضاً من الرباعيات عند أبي داود .

ما جاء في السلام على النساء

شرح حديث ( مر علينا النبي في نسوة فسلم علينا )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في السلام على النساء.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي حسين سمعه من شهر بن حوشب يقول: أخبرته أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: (مر علينا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في نسوة فسلم علينا) ].

أورد أبو داود : [ باب في السلام على النساء ]، والسلام على النساء إذا كنّ محارم وأقارب أمره واضح لا إشكال فيه، وأما إذا كنّ أجنبيات فلا يكون ذلك إلا مع أمن الفتنة؛ لأن السلام مطلقاً قد يتوصل به بعض الرجال إلى بعض النساء التي قد تكون من جنسه، وذلك بأن يكون عنده سوء وعندها سوء، فيكون السلام مدخلاً إلى ذلك، لكن إذا كانت الفتنة مأمونة، أو كن النساء مع أهله، أو مع أقاربه وسلم على الجميع، أو كن نساء كبيرات فلا يكون معهن فتنة، وعلى كل حال يشترط أن تؤمن الفتنة، وألا يكون هناك محذور، ومتى أمنت الفتنة فإن ذلك سائغ له، وأما مع احتمال الفتنة واحتمال الضرر، فلا يسلم الرجال على النساء، والنساء كذلك لا يسلمن على الرجال، وعندما يتلاقى الرجل والمرأة في الطريق لا يسلم الرجل على المرأة، والمرأة لا تسلم على الرجل. (قالت أسماء بنت يزيد : مر علينا النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة فسلم علينا).

وفي بعض الروايات: (كنت في نسوة من النساء في المسجد جلوس، فألوى بيده بالتسليم) ، يعني: كأنه بعيد وأشار باليد مع السلام.

تراجم رجال إسناد حديث ( مر علينا النبي في نسوة فسلم علينا )

قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ].

أبو بكر بن أبي شيبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا سفيان بن عيينة ].

سفيان بن عيينة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن أبي حسين ].

عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ سمعه من شهر بن حوشب ].

شهر بن حوشب صدوق كثير الإرسال والتدليس أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.

[ أخبرته أسماء بنت يزيد ].

أسماء بنت يزيد رضي الله عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

و شهر بن حوشب هنا له متابع ولم يأت الحديث من طريقه فقط.

السلام على الأقارب من النساء

مسألة: السلام على الأقارب من النساء:

النساء إذا كن أقارب مثل ابنة عم، وابنة خال، أو ابنة خالة، والفتنة مأمونة وأراد أن يلقي السلام إلقاءً فلا بأس بذلك إذا كان عنده أهله، أو كان معه أهله، سواء كن جالسات مع أهله فسلم عليهن، أو تكلم معهن وأمنت الفتنة فلا بأس بذلك.

ما جاء في السلام على أهل الذمة

شرح حديث ( لا تبدءوهم بالسلام ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في السلام على أهل الذمة.

حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة ، عن سهيل بن أبي صالح قال: خرجت مع أبي إلى الشام فجعلوا يمرون بصوامع فيها نصارى فيسلمون عليهم، فقال أبي: لا تبدءوهم بالسلام، فإن أبا هريرة رضي الله عنه حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا تبدءوهم بالسلام، وإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيق الطريق) ].

أورد أبو داود [ باب السلام على أهل الذمة ]، وقد سبق أن مر بنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان يكاتب الملوك ويقول: (السلام على من اتبع الهدى) ، فإذا حصل سلام عليهم بهذه الطريقة فلا بأس بذلك؛ لأنه سلام على من اتبع الهدى، ودعاء لمن اتبع الهدى، فهم إذا اتبعوا الهدى كانوا من أهل هذا السلام، وكذلك الذين وفقهم الله عز وجل للدخول في الإسلام هم ممن اتبع الهدى، فالسلام إنما هو عليهم.

وأما السلام الذي هو المخاطبة: (السلام عليكم)، فهذه لا يجوز للمسلمين أن يسلموا بها على الكفار وعلى أهل الكتاب ولا يبدءوهم به، ولكن إذا قالوا: السلام على من اتبع على الهدى فلا بأس بذلك.

وقد سبق أن مر هذا في باب الكتابة إلى أهل الذمة (من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم) ، وفيه: (السلام على من اتبع الهدى) ، فـأبو هريرة يحدث عن رسول الله أنه قال: (لا تبدءوهم بالسلام، وإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيق الطريق)، يعني: إذا كان مزدحماً فإنهم يجعلون في حافة الطريق ولا يتركون في وسطه؛ لأنهم ليسوا أهلاً للتكريم وللاحترام والتوقير، وأما إذا كان الطريق واسعاً فكل يمشي في الطريق بدون ضرورة إلى أن يضيق على أحد.

تراجم رجال إسناد حديث ( لا تبدءوهم بالسلام )

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ].

حفص بن عمر ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا شعبة ].

شعبة بن الحجاج الواسطي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سهيل بن أبي صالح ].

سهيل بن أبي صالح صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة والبخاري أخرج عنه مقروناً.

[ عن أبيه ].

أبو صالح السمان وهو ذكوان أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن أبي هريرة ].

وقد مر ذكره.

شرح حديث ( إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول السام عليكم ... ) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن مسلم - عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول: السام عليكم، فقولوا: وعليكم) ].

أورد أبو داود حديث ابن عمر أن اليهود إذا سلموا يقولون: السام عليكم ولا يقولون: السلام عليكم، والسام هو الموت، وهذا دعاء على من يخاطبونه، وليس دعاءً له، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (فقولوا: وعليكم)، يعني: هذا الذي قلتموه هو عليكم.

قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز -يعني: ابن مسلم - ].

عبد العزيز بن مسلم ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .

[ عن عبد الله بن دينار ].

عبد الله بن دينار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن عمر ].

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا الإسناد من الأسانيد الرباعية عند أبي داود .

[ قال أبو داود : وكذلك رواه مالك عن عبد الله بن دينار، ورواه الثوري عن عبد الله بن دينار قال فيه: (وعليكم) ].

هذه طريق أخرى قال فيها: (وعليكم)، وفي بعض الروايات قال: (عليكم) بدون واو.

[ قال أبو داود : وكذلك رواه مالك عن عبد الله بن دينار ].

مالك مر ذكرهما.

[ ورواه الثوري عن عبد الله بن دينار ].

الثوري هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث ( ... قولوا وعليكم ) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس أن أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورضي الله عنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن أهل الكتاب يسلمون علينا فكيف نرد عليهم؟ قال: قولوا: وعليكم) ].

أورد أبو داود حديث أنس أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: (إن أهل الكتاب يسلمون علينا، فكيف نرد عليهم؟ فقال: قولوا: وعليكم) ، وهذا مثل الذي قبله.

قوله: [ حدثنا عمرو بن مرزوق ].

عمرو بن مرزوق ثقة له أوهام، أخرج له البخاري وأبو داود .

[ أخبرنا شعبة ].

شعبة مر ذكره.

[ عن قتادة ].

قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أنس ].

أنس رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره، وهذا أيضاً من الرباعيات.

[ قال أبو داود : وكذلك رواية عائشة ، وأبي عبد الرحمن الجهني ، وأبي بصرة يعني: الغفاري رضي الله عنهم أجمعين ].

أشار إلى أن الحديث جاء عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم غير أنس وهو كما جاء في حديث أنس بلفظ: (وعليكم).

[ قال أبو داود : وكذلك رواية عائشة ].

عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.

[ وأبي عبد الرحمن الجهني ].

و أبو عبد الرحمن الجهني أخرج حديثه ابن ماجة .

[ وأبي بصرة يعني: الغفاري ].

أبو بصرة الغفاري هو حميل بن بصرة .

وهو صحابي ذكره الحافظ وقال: حميل بن بصرة ، وهناك بصرة بن أبي بصرة الغفاري صحابي ابن صحابي، والمحفوظ أن الحديث لوالده أبي بصرة، واسمه حميل بن بصرة أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والنسائي .

ما جاء في السلام إذا قام من المجلس

شرح حديث ( ... فإذا أراد أن يقوم فليسلم ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب في السلام إذا قام من المجلس.

حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا: حدثنا بشر -يعنيان: ابن المفضل - عن ابن عجلان عن المقبري -قال مسدد : سعيد بن أبي سعيد المقبري- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة) ].

أورد أبو داود باب في السلام عند الانصراف، يعني: عندما يريد الإنسان أن ينصرف من جماعة هو جالس معهم فإنه يسلم عليهم، وذلك أن السلام دعاء، وفيه أيضاً تنبيه للإنسان حتى يعلم انصرافه وقيامه؛ لأن بعض الحضور قد يريد منه حاجة، فقد ينصرف ولم يدر به لكن إذا سلم تنبه له، فالسلام مطلوب عند القدوم وعند الانصراف.

وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، وإذا أراد أن ينصرف فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة) ، يعني: أن الأولى مطلوبة وهي الأصل، والثانية أيضاً مطلوبة.

تراجم رجال إسناد حديث ( ... فإذا أراد أن يقوم فليسلم ... )

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

أحمد بن حنبل مر ذكره.

[ ومسدد ].

مسدد بن مسرهد البصري ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي ، والنسائي .

[ حدثنا بشر ].

بشر بن المفضل ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

وهنا قال: (يعنيان) أي: أن اللذين حدثا عنه اثنان، وكلاهما ذكراه بدون ذكر أبيه، فقال: يعنيان، وإذا كان مفرداً قال: يعني، إذاً فالفاعل الضمير هنا يرجع إلى التلميذين، والذي قال: (يعنيان) هو أبو داود أو من دون أبي داود .

[ عن ابن عجلان ].

هو محمد بن عجلان صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن المقبري ].

المقبري اثنان: سعيد, وأبوه أبو سعيد ، وكل منهما يروي عن أبي هريرة ، فلما كان كل منهم يروي عن أبي هريرة قال ما قال.

[ قال مسدد : سعيد بن أبي سعيد ].

مسدد قال: سعيد بن أبي سعيد فهذا في رواية مسدد دون رواية أحمد بن حنبل ، فتبين أنه الابن، وكل منهما يروي عن أبي هريرة مباشرة.

[ عن أبي هريرة ].

مر ذكره.

إذاً: فعند الانصراف الأصل أنه يلقي السلام ويمشي ولا يشغل الناس بالمصافحة لاسيما إذا كانوا مشتغلين بشيء ما، وإذا كان شخصاً واحداً بعينه وأراد أن يصافحه فلا بأس بذلك، لكن كونه يصافح الناس كلهم فالذي يبدو أن غيره أولى.

ما جاء في كراهية أن يقول: عليك السلام

شرح حديث ( .. لا تقل عليك السلام؛ فإن عليك السلام تحية الموتى )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كراهية أن يقول: عليك السلام.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر عن أبي غفار عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي جري الهجيمي رضي الله عنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله! قال: لا تقل: عليك السلام؛ فإن عليك السلام تحية الموتى) ].

أورد أبو داود باب لا يقل: عليك السلام، وإنما يقول: السلام عليكم، وأورد أبو داود حديث أبي جري الهجيمي أنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام، قال: لا تقل: عليك السلام؛ فإن عليك السلام تحية الموتى) ، ومعلوم أن الموتى يسلم عليهم بأن يقال: (السلام عليكم -كما جاء في السلام على أهل البقيع- أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) ولا نعلم شيئاً يدل على غير ذلك، وهنا قال: (عليك السلام تحية الموتى) ، وقد جاء في الشعر شيء من هذا، كما جاء في قيس بن عاصم التميمي المنقري الذي رثاه شخص من بني تميم وقال فيه:

عليك سلام الله قيس بن عاصم

ورحمته ما شاء أن يترحما

ثم قال:

وما كان قيس هُلْكُه هُلْكَ واحد

ولكنه بنيان قوم تهدما

فبدأ بقوله: عليك السلام، ولا أدري هل كان هذا في الجاهلية وأنهم لا يبدءون إلا بهذا؟ والمعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما يسلم أنه كان يقول: (السلام عليكم أهل الديار) ، ولا يقول: عليكم السلام أهل الديار، وهذا هو الذي كان يسلم به الرسول صلى الله عليه وسلم على أهل البقيع.

تراجم رجال إسناد حديث ( ... لا تقل عليك السلام؛ فإن عليك السلام تحية الموتى )

[ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر ].

هو سليمان بن حيان، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي غفار ].

هو غفار الغفاري ضبط بالتخفيف، وهو ليس به بأس، أي: صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن أبي تميمة الهجيمي ].

هو طريف بن مجالد ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ عن أبي جري الهجيمي ].

أبو جري الهجيمي صحابي أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .

ما جاء في رد الواحد عن الجماعة

شرح حديث ( ... ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في رد الواحد عن الجماعة.

حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدي حدثنا سعيد بن خالد الخزاعي قال: حدثني عبد الله بن المفضل حدثنا عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه -قال أبو داود : رفعه الحسن بن علي- قال: (يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم) ].

أورد أبو داود [ باب في رد الواحد عن الجماعة ]، يعني: إذا سلم مسلم على جماعة جالسين فرد واحد منهم فإن ذلك يجزئ عنهم، وكذلك لو كانوا ماشيين جماعة وسلم واحد منهم أجزأ.

وأورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم) .

ومعنى ذلك: أنه لا يلزم الجميع أن يسلموا، ولا أن يلزم المسلَّم عليهم أن يردوا السلام جميعهم، بل إذا سلم واحد من الجميع الماشيين على القاعدين أو على القاعد فإن ذلك يجزئ، ولو كان الماشون عدد وحصل السلام ورد واحد من الجالسين، فإن ذلك يكفي عن الجالسين، فالإجزاء بواحد حاصل من الجهتين، سواء في إلقاء السلام أو في رده.

تراجم رجال إسناد حديث ( ... ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم )

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].

الحسن بن علي الحلواني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدي ].

عبد الملك بن إبراهيم الجدي صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا سعيد بن خالد الخزاعي ].

سعيد بن خالد الخزاعي ضعيف، أخرج له أبو داود .

[ حدثني عبد الله بن الفضل ].

الصواب الفضل، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عبيد الله بن أبي رافع ].

عبيد الله بن أبي رافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن علي ].

علي رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

والحديث في إسناده ضعيف، ولكن له شواهد.

الأسئلة

عدم جواز بدأ أهل الكتاب بالسلام

السؤال: هل يجوز أن نقول لليهود والنصارى: السام عليكم؟

الجواب: لا نبدأهم بالسلام، ولا نقول لهم: السام عليكم، بل نقول: السلام على من اتبع الهدى أو نسكت، وإذا سلموا نقول: وعليكم.

التسوية بين الكتابة والمشافهة في السلام

السؤال: مقولة: السلام على من اتبع الهدى كانت في كتابة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن ذلك منه مشافهة، فلماذا لا يفرق بين الكتابة والمشافهة؟

الجواب: لأن الكتابة مثل المشافهة، والسلام الذي منعنا منه هو: ألا نقول السلام عليكم، ولكن السلام على من اتبع الهدى هذا عام، ونحن ممن اتبع الهدى، فنحن نسلم على أنفسنا، وعلى غيرنا.

حكم بدء صاحب البدعة بالسلام

السؤال: ما حكم بدء السلام على المبتدع الذي بدعته غير مكفرة؟

الجواب: لا بأس بذلك، لكن إذا كان داعية إلى بدعته فيترك ويبتعد عنه، ويحذر منه، وتظهر له الكراهية والبغض إذا ترتب على ذلك فائدة، وهذا طيب، وأما من كانت بدعته مكفرة فهو مثل الكفار الذين لا يبدءون بالسلام.

صيغة رد السلام على الكافر

السؤال: إذا سلم علينا الكافر ففهمنا منه كلمة: السلام عليكم، فبم نجيبه؟

الجواب: نقول: وعليكم.

حكم من سلم على مبتدع دون العلم بحاله

السؤال: من سلم على شخص وهو لا يعرفه، ثم تبين له بأنه مبتدع، فما الحكم؟

الجواب: الأصل السلامة، وسلامه وقع في محله، وإذا كان مبتدعاً ومعروفاً بالسوء، وكان من الدعاة إلى بدعته فلا يسلم عليه، وإذا جهل حاله ولم يعرفه لم يضره؛ لأن هذا شيء قد مضى.

حكم استرجاع السلام

السؤال: ما رأيكم فيما ذكره صاحب العون فقال: وقال الطيبي : المختار أن المبتدع لا يبدأ بالسلام، ولو سلم على من لا يعرفه فظهر ذمياً أو مبتدعاً يقول: استرجعت سلامي؟

الجواب: هذا غير مستقيم.

كيفية السلام على مجلس فيه مسلمون وكفار

السؤال: إن كان يجتمع في المجلس أهل كتاب مع مسلمين، فكيف يسلم الداخل عليهم؟

الجواب: يسلم على المسلمين، كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يسلم على الجماعة الجالسين وفيهم المنافقون، وذلك لما كان راكباً على الحمار، وكان عبد الله بن أبي يتكلم بالكلام القبيح مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه سلم على أناس من أصحابه ومعهم بعض المنافقين.

سنة تضييق الطريق على الكافرين

السؤال: كيف نضيق الطريق عليهم؟

الجواب: إذا كان الطريق مزدحماً فلا يترك يمشي في وسطه، بل يضطرونه إلى أن يذهب إلى حافته، وأما إذا كان الطريق فارغاً، فالكل يمشي كما يريد، لكن إذا كان الطريق ضيقاً، فلا يذهب الناس للحافات ويتركون له وسط الطريق؛ لأن في هذا إكراماً له، وهو لا يكرم وإنما يهان.

حكم بدء الكافر بالسلام

السؤال: إذا اضطر أحد لابتداء الكافر بالسلام فهل يجوز له أن يقول بدلاً عن السلام: صباح الخير، أو مساء الخير أو نحوها؟

الجواب: لا ينبغي أن يقول له كلاماً فيه احترام أو توقير، ولا يبدأهم بشيء.

حكم السلام

السؤال: ما الدليل على أن إلقاء السلام مستحب فقط، خصوصاً وأن ألفة المسلمين وتماسكهم واجب شرعي، وعدم إلقاء السلام يولد العداوة والفرقة، وسوء الظن، وقد ذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات ذهب إلى وجوب إلقاء السلام؟

الجواب: المشهور أنه مستحب ورده واجب، ويقولون: بأن هذا من قبيل ما كان فيه السنة أفضل من الواجب.

وفي الأدب المفرد للبخاري ما يدل على الحكم بالاستحباب، يقول: حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن هشام عن الحسن قال: (التسليم تطوع، والرد فريضة) ، قال عنه الشيخ: صحيح الإسناد.

جواز الإفراد في لفظ السلام

السؤال: ما حكم السلام بالإفراد فيقول: السلام عليك، ويرد عليه يقول: وعليك السلام؟

الجواب: لا بأس به.

حكم تقبيل رأس غير المحارم

السؤال: امرأة عجوز من أقاربي وليست لي بمحرم، ولكني أسلم على رأسها فهل هذا جائز؟

الجواب: لا ينبغي للإنسان أن يصافح الأجنبية، ولا أن يقبل لا رأساً ولا غيره.

حكم الإشارة باليد مع التسليم

السؤال: زيادة الإشارة باليد ضعيفة؛ لأن زيادة الإلواء باليد في حديث أسماء بنت يزيد عند الترمذي تفرد بها شهر بن حوشب ، واختلف عليه فيها، فهذه الزيادة ضعيفة مع ثبوت الأصل، وهذا الذي ذهب إليه الشيخ الألباني رحمه الله في كتابه: جلباب المرأة المسلمة.

الجواب: نعم إذا كانت ما جاءت إلا من طريق شهر بن حوشب ، وليس لها ما يقويها، لكن أذكر أن هناك بعض الروايات بهذا اللفظ، وعندما يكون الإنسان بعيداً فإنه يسلم ويشير بيده مع السلام حتى ينتبه الشخص فيرد عليه السلام، ولا بأس بذلك.

حكم الكلام قبل السلام

السؤال: هل ثبت حديث: (السلام قبل الكلام) ؟

الجواب: لا، لكن هذا هو الأصل، فلا يكون كلام قبل السلام.

صيغة رد السلام على أهل الكتاب

السؤال: فائدة: إذا اتضح من أهل الكتاب أنهم قالوا: السلام عليكم، فإن المسلم يرد عليهم: وعليكم السلام ورحمة الله، لعموم الآية: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ [النساء:86]، أفاده الشيخ الألباني في الصحيحة، وهو اختيار ابن القيم .

الجواب: نعم بعض أهل العلم قال هذا، لكن الأحاديث التي مرت كلها فيها: (إذا سلم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليكم)، وهذه لفظة مطلقة.

حكم المصافحة باليدين معاً

السؤال: بعض الناس في بلادي اعتادوا أن المصافحة تكون باليدين كلتيهما فما حكم ذلك؟

الجواب: الأصل أن المصافحة بيد واحدة، وأما أن توضع اليد الثانية على ظهر اليد المسلَّم بها فلا نعلم أصلاً لهذا، وليس عندي علم بها.

حكمة السلام على الأموات

السؤال: لماذا نسلم على الأموات وهم لا يسمعوننا؟

الجواب: السلام دعاء، والدعاء ينفع، وقضية كونهم يسمعون أو لا يسمعون الله تعالى أعلم بها، والذي ورد فيما يتعلق بالسماع فإنه يثبت، والباقي يمسك عنه، ويقال: الله أعلم!

حكم الفرار من الطاعون

السؤال: اتصل أحد الإخوة من الصين ويقول: في المدينة التي ندرس فيها انتشر وباء خطير قاتل اسمه: الالتهاب الرئوي، فهل يجوز لنا الرجوع إلى المملكة، أم نجلس حتى لا يكون هذا فراراً من الوباء قياساً على الطاعون؟

الجواب: إذا كان هذا يدخل تحت اسم الطاعون فليس للإنسان أن يخرج فراراً منه، ولكنه إذا كانت مدة دراسته قد انتهت والخروج هو لانتهاء الدراسة فهذا ليس فيه إشكال، لكن لو كان هذا من جنس الطاعون الذي يعتبر وباء ويدخل تحت عموم الحديث، فلا، وإذا كان ليس كذلك فلا بأس منه.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن أبي داود [591] للشيخ : عبد المحسن العباد

https://audio.islamweb.net