إسلام ويب

سورة الشورى من السور المكية، وقد ابتدأها الله عز وجل بذكر خمسة أحرف من الحروف المقطعة، وبين بعدها أنه سبحانه هو الذي يوحي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الوحي هو من الله عز وجل فيجب الإيمان به وتصديقه، والامتثال لأوامره ونواهيه.

تفسير قوله تعالى: (حم . عسق . كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم)

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

أما بعد:

فسورة الشورى بدأنا فيها في الدرس السابق، وذكرنا أن الله سبحانه وتعالى بدأها بخمسة حروف افتتح بها هذه السورة، وهي قوله سبحانه: حم * عسق [الشورى:1-2]، ثم قال بعدها: كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الشورى:3].

فذكر العلماء أن الله سبحانه وتعالى حين يفتتح السورة بحروف من هذه الحروف لابد أن لها حكمة، وقد تكلم العلماء عن بعض هذه الحكم وإن كان في النهاية الحكمة الأساسية في سبب اختيار هذه الحروف لهذه السورة هي عند الله سبحانه وتعالى، وهي من أسرار القرآن، ولكن من الأشياء الظاهرة أن الله عز وجل يتحدى المشركين بهذه الكلمات وبهذه الحروف التي هي من جنس حروفهم التي ينطقون بها، فيتحداهم ويعجزهم هل يقدرون أن يأتوا بمثل هذا القرآن؟ وهم لا يقدرون على ذلك ولا يستطيعون إلى ذلك سبيلاً، بل بلغ التحدي أعظمه حين يقول سبحانه: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء:88].

ليس الإنس فقط، وليس القرشيون فقط، بل كل الإنس وكل الجن، فلو كان أحد يقدر أن يعارض القرآن بمثله لحاول ذلك، حتى الذي أراد أن يأتي بمثل هذا القرآن تكلم بكلام ضحك الناس منه، وعلموا منه أنه كذاب، حتى إن أحدهم ليقول لـمسيلمة : والله إنك لتعلم أني أعلم أنك كاذب، أي: أنت عارف أننا نعرف أنك كذاب.

فكان من تحدي هؤلاء أن يذكر لهم: ن [القلم:1]، ق [ق:1]، ص [ص:1]، الم ، حم ، حم * عسق [الشورى:1-2]، وكأنه يقول: كلامكم من جنس هذه الحروف، فهل تقدرون أن تصيغوا منها قرآناً مثل هذا القرآن؟ أو سورة كأقصر سور هذا القرآن؟ فما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.

وأيضاً حين يذكر: (الم) هذا فيه افتتاح السور، وقريش لم تكن معتادة على ذلك، فهذا مما يجذب انتباه الذي يستمع إلى ذلك، فحين يسمع الواحد منهم من يبتدئ كلاماً بأن يقول: الم أو الر وهي حروف لكنه لا يفهم ما المراد من ذلك، فإنه يحاول أن يفهم ذلك، فيصغي السمع لما يقوله النبي صلوات الله وسلامه عليه، وكان العرب أحياناً يتكلمون بحرف يعبر عن كلمة، كقول بعضهم:

قلت لها قفي فقالت قافلا تحسبينا قد نسينا الإيجاف

فقوله: قاف، أي: وقفت، ولكن لابد أن يكون هناك شيء يدل على معناها قبل ذلك، وأما أن يبتدئ على طول فيقول: (الم)، (حم * عسق)، فهذا مما يشد الانتباه، وكأنهم يقولون: هذا خطاب غريب لا نفهمه، فيستمعون إلى ما يلي ذلك من كلام القرآن المعجز.

قال سبحانه: كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الشورى:3]، وما من أحرف تأتي إلا وغالباً أنه يكون بعدها إشارة إلى هذا القرآن، كقوله سبحانه: الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ [البقرة:1-2]، وكقوله: الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ [آل عمران:1-3]، وقوله: حم * عسق * كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الشورى:1-3]، فإنه إشار بعد ذكر هذه الحروف إلى هذا القرآن، وإلى هذا الوحي العظيم الذي جاء من عند رب العالمين، فقال: (كَذَلِكَ يُوحِي)، و(ذلك) اسم إشارة للشيء البعيد، أو للقريب الذي يعظم، فالذي يشير إلى البعيد يقول: ذلك، والذي يشير إلى القريب تعظيماً له يقول: ذلك، والكاف هنا حرف تشبيه، والمعنى: كهذا الشيء العظيم الذي أعطيناك إياه، وأنزلناه إليك، وأوحيناه إليك، وكما أوحينا إليك هذا الكلام أوحينا إلى الذين من قلبك، فلست بدعاً من الرسل.

وقوله: (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ)، من الذي يوحي؟ (اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، فذكر ثلاثة أسماء من أسمائه الحسنى: (الله) هو لفظ الجلالة أي: المعبود وحده لا شريك له، الإله الحق لا شريك له، ولا إله سواه، (العزيز): الغالب القوي، الذي لا يغالب، ولا يمانع: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82]، فلا يقدر أحد أن يمتنع منه، فإذا قال: كن إنساناً، كان إنساناً، وإذا قال: كن حيواناً كان حيواناً، كن صغيراً.. كن كبيراً.. كن حياً.. كن ميتاً .. فإنه يكون كما أمر ولابد أن يكون، فلا شيء يمتنع عليه سبحانه وتعالى.

والله عز وجل له مشيئتان: مشيئة كونية قدرية، ومشيئة شرعية، والمشيئة الكونية القدرية يستحيل أن يعارض أحد فيها، والمشيئة الشرعية كأن يخبر أنه عز وجل يحب كذا، وأنه يريد لعباده الإيمان، يحب منهم ذلك فيأمرهم به، وهذا الأمر غير الأمر الأول الذي ذكرناه.

فالمشيئة الشرعية: ما يحبه الله عز وجل من عباده، فلم يكن أمراً من الله عز وجل كونياً، ولكن جعل الله عز وجل للعبد الاختيار، وإن كانت مشيئة الله غالبة، فنؤمن بقضائه وقدره، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولكن الله أعطاك في نفسك ما تستشعر به أنك مختار، وأنك تريد كذا أو لا تريده، وأنك تمسك أو تترك، وأنك تأخذ بهذا أو تترك هذا، وعلى هذا الاختيار يجازيك يوم القيامة، فإذا اخترت أن تصلي فإنه يثيبك بالجنة، وإذا رفضت ذلك واخترت متابعة الشيطان ومطاوعته فإنه يعاقبك.

فالله عز وجل له مشيئتان: مشيئة كونية قدرية، ومشيئة أخرى شرعية، وهي التي يأمر العباد بها من أوامر تدخل تحت مشيئته سبحانه وتعالى فيما يحبه من عباده سبحانه أن يفعلوه، وفيما يكره من عباده أن يأتوه، فجعل لهم اختياراً فيقولون: سنفعل، ويقولون: لن نفعل.

فالمشيئة الشريعة مثل أن يقول: صل، صم، حج، اعتكف، افعل الخيرات، نكره كذا، لا تزن، لا تسرق، لا تعص، لا تفعل كذا، فهنا الله عز وجل يأمرك ويترك لك خياراً، فتختار هذا فتثاب عليه، أو تترك وتختار الآخر فتعاقب عليه، قال تعالى: وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ [البلد:10]، أي: دللناه على الطريقين: طريق السعادة، وطريق الشقاوة، ولا يتعارض هذا مع علم الله السابق أن هذا سيختار الكفر ويترك الإيمان، فكتب عنده ذلك، وأن هذا سيختار طريق السعادة أو طريق الشقاوة، وأنه كتب ذلك عنده، قال سبحانه وتعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الإنسان:30].

قوله: (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ)، أي: الغالب سبحانه، القاهر الذي لا يمانع ولا يغالب، (الْحَكِيمُ) ذو الحكمة العظيمة البالغة، فكل شيء يرجع إلى حكمته سبحانه.

وقوله: (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ)، خص الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره، وهذه حكمة من الله عز وجل؛ فهو أعلم بمن خلق، والله يصطفي من يشاء، ويجتبي من يشاء، ويهدي من يريد، فاختار محمداً صلى الله عليه وسلم وفضله على البشر، والاختيار إلى الله سبحانه وليس إلينا، كما قال تعالى: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23].

إذاً: فالله عز وجل بعلمه وحكمته اختار محمداً صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه الوحي من السماء في هذا الوقت، وفي هذا المكان، ومن بين هؤلاء الناس، وهذه حكمة من الله سبحانه وتعالى، فالله تعالى أوحى إلى نبيه بهذا القرآن العظيم المحكم المتين، فالله سبحانه حكيم أنزل كتاباً محكماً، والله سبحانه قضى وقدر أمراً مبرماً محكماً، فالله حكيم سبحانه، والله الحاكم، والحكيم صيغة مبالغة منه، قال عز وجل: وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ [الرعد:41]، وهو ذو الحكمة، وهو الحكيم والحاكم والحكم سبحانه وتعالى، الحكيم: الذي يحكم الأمور فيتقنها فلا يعتري ما أحكمه خلل ولا تلف ولا كساد.

وقوله: (كَذَلِكَ يُوحِي)، هذه قراءة الجمهور، وقراءة ابن كثير : (كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك)، أي: كهذا الذي أوحينا إليك في هذه السورة نوحي إليك أيضاً باقي هذا القرآن، وننزل عليك الوحي من عندنا من السماء، فيوحى إليك من عند الله سبحانه وتعالى، وهذه الآية هي مثل قوله سبحانه وتعالى: يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ [النور:36-37]، وهنا يقول: (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) وتمت الجملة بقوله: (اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، وقوله في سورة النور: يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ [النور:36-37]، فقوله: (رِجَالٌ) هو الفاعل هنا، وبه تمت الآية وتمت الجملة.

تفسير قوله تعالى: (له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي العظيم)

ثم قال تعالى: لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [الشورى:4]، فالله سبحانه وتعالى يسوق لنا دلائل ألوهيته وربوبيته سبحانه وتعالى، فالله عزيز وحكيم سبحانه، والله يملك، وهذه صفات ربوبيته سبحانه وتعالى، فمقتضى ربوبيته أنه الذي يخلق، والذي يرزق، والذي يملك، والذي يعطي، والذي يمنع، والذي يعز، والذي يذل، والذي يفعل بعباده ما يشاء سبحانه، هذا مقتضى أنه رب، والإله مقتضاه: أن عباده يتوجهون إليه بأفعال شرعها لهم، فأنت توحده فتعبده فتقول: لا إله إلا الله.

فمقتضى ألوهيته أن العباد يتوجهون إليه بالعبادة ولا يشركون به شيئاً.

والربوبية مقتضاها: صدور أفعال منه سبحانه وتعالى لا يقدر عليها غيره، فالله الرب الذي يخلق، والذي يربي، والذي يعطي ويمنع، والذي يملك كل شيء، والذي يشرع لعباده سبحانه وتعالى، هذا مقتضى أنه رب.

قال تعالى: (لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ)، خلق السماوات وخلق الأرض، ويملك السماوات ويملك الأرضين، وله كل ما فيهما من خلق.

ثم قال: (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)، وهذان اسمان له تبارك وتعالى أيضاً، فالله هو العلي، والله هو العظيم، وهنا في هاتين الآيتين ذكر سبحانه خمسة أسماء له تبارك وتعالى، وهي: الله، العزيز، الحكيم، العلي، العظيم.

وقوله: (الْعَلِيُّ) ذكر العلي وذكر المتعالي سبحانه وتعالى، فهو له العلو فوق خلقه، وكل شيء تحته ودونه سبحانه وتعالى، وهو فوق كل شيء، خلق السماوات وجعلها أعلى ما يكون، وجعل سمك السماء مسيرة خمسمائة سنة، وجعل بينها وبين التي تليها مسيرة خمسمائة سنة، ثم السماء الأخرى جعل سمكها مسيرة خمسمائة سنة، وجعل بينها وبين التي تليها مثل ذلك، وهذا شيء عظيم جداً جداً.

فالسماء الدنيا لا نحصي ما تحتها من كواكب ونجوم وشموس وأقمار وغيرها، فكيف بالسماء نفسها؟ وكيف بمخلوقات الله التي في هذه السماء؟

فالله فوق سماواته سبحانه وتعالى، قال لنا: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا [الملك:16-17]، والذي في السماء هو الله الذي ترفع إليه يديك وتقول: يا رب! يا رب! الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً [الفرقان:1]، الذي ينزل الملائكة والروح من السماء ليكونوا مع الخلق في ليلة القدر، إنه الله عز وجل الذي يفعل ما يشاء وهو الكبير المتعال سبحانه وتعالى.

فالله له العلو المطلق، فله علو الشأن، فشأنه عظيم، ولا يحيطون بشيء من علمه، ولا يحيطون به علماً سبحانه وتعالى، وله علو القهر، فقد غلب كل شيء، وقهر كل شيء، وعلا على كل شيء، وله علو الذات سبحانه وتعالى كما قال سبحانه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، فاستوى فوق عرشه، وعرشه فوق سماواته، كما جاء في الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة في فلاة، والكرسي بجوار العرش كحلقة في فلاه)، والله على عرشه استوى، وهو مستغن عن العرش وما دونه، محيط بكل شيء وفوقه، يأمر سبحانه وينهى، وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ [البقرة:255].

فهو العلي العظيم سبحانه وتعالى، صاحب العظمة سبحانه وتعالى، فلا تتكبر؛ فالكبر لا يليق بك، والكبر لا يليق إلا بالله وحده لا شريك له، الكبر لمن يملك صفات الجلال وصفات الكمال، وصفات العظمة، وهي لله وحده سبحانه وتعالى، فلا يليق بمخلوق ضعيف أن يقول: أنا أتكبر فليس لك أن تتكبر، وليس عندك ما يجعلك تتكبر، فهذه الصفة ليست لك، وإنما هي لله هي وحده سبحانه، فإذا نازع إنسان ربه في صفة الكبر أدخله النار، ولذلك لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر؛ لأنه ينازع الله عز وجل في صفة لا تكون إلا له سبحانه، كما قال: وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الجاثية:37]، وقال في الحديث القدسي: (الكبرياء ردائي، والعزة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما أدخلته النار)، فالذي ينازع ربه سبحانه وتعالى ويتعزز على ربه، ويرفض أمر ربه سبحانه، ويستكبر على دين الله، ويستكبر على خلق الله، فكأنه ينازع الله عز وجل صفة من صفاته، ولذا قال: (أدخلته النار)، أي: يدخل هذا المتكبر النار والعياذ بالله، فالله له العظمة وحده لا شريك له، وله الكبرياء وهو العلي العظيم.

تفسير قوله تعالى: (تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم..)

يقول الله سبحانه وتعالى: تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الشورى:5].

قوله: تَكَادُ السَّمَوَاتُ هذه قراءة الجمهور، وقراءة نافع والكسائي: (يكاد السموات) والتأنيث ليس تأنيثاً حقيقياً، فجاز فيه أن يأتي الفعل بتاء التأنيث وبياء التذكير فيها.

وقوله: يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ هذه قراءة الجمهور، وقراءة البصريين: أبي عمرو ويعقوب وقراء شعبة عن عاصم : (ينفطرن من فوقهن)، أي: تكاد السماوات تتشقق، وتكاد تنفطر وتنهد، لماذا هذا كله؟ يذكر الله عز وجل سبب ذلك فيقول: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا [مريم:88-95].

فذكر الله عز وجل أن السماوات تكاد تتفطر وتتشقق، وتسقط وتهوي من عظيم وشنيع ما قاله هؤلاء المشركون حيث قالوا: إن الله اتخذ ولداً: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ [التوبة:30]، وقال المشركون: الملائكة بنات الله، وجعلوا أصنامهم معبودات مع الله سبحانه وتعالى، فالسماوات تكاد تتشقق من هيبة الله، ومن خوف الله, ومن عظيم وشنيع ما قاله هؤلاء المشركون، فإنهم أشركوا بالله سبحانه وتعالى، وتبجحوا وقالوا ذلك.

وقوله: (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ)، الملائكة خلقهم الله عز وجل من نور، والإنسان خلقه الله عز وجل من تراب، والجان من مارج من نار، فكان أشرفهم في الخلقة هم الملائكة؛ لأن الله عز وجل خلقهم من نور، فكانوا أشرف المخلوقات، والإنسان خلقه الله عز وجل من تراب، ولذلك استكبر عليه إبليس وقال: أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا [الإسراء:61]، أي: أأسجد لهذا المخلوق من الطين؟ فالإنسان خلقه الله عز وجل ثم كرمه سبحانه وتعالى، فالتكريم للإنسان ليس لأصل خلقته، قال عز وجل: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا [الإسراء:70]، فالإنسان كجنس فضله الله على كثير ممن خلق تفضيلاً.

وبعض العلماء يقولون: أيهما أفضل: هذا الإنسان الذي كرمه الله أو الملائكة؟ والجواب: أن الملائكة أفضل من الإنسان بأصل الخلق، ولكن الله عز وجل بتكريمه يجعل من يشاء يتجاوز الملائكة، كما جعل محمداً صلوات الله وسلامه عليه يرقى ويتجاوز سدرة المنتهى التي حين وصل إليها جبريل عليه السلام كان كالحلس البالي، والحلس: هو الكساء الذي يوضع على الدابة ليجلس عليها صاحبها، فجبريل هذا العظيم الذي خلقه الله عز وجل وجعل له ستمائة جناح يسد الأفق، وهو رسول رب العالمين إلى أنبيائه، السفير بين السماء والأرض، ومع ذلك مقامه عند الله عز وجل كان دون النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال سبحانه عن الملائكة: وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ [الصافات:164]، فلما وصل إلى سدرة المنتهى لم يستطع أن يتجاوزها، وجازها النبي صلوات الله وسلامه عليه بإعانة الله عز وجل له، وبفضله عليه سبحانه وتعالى.

فالغرض: أن الله خلق الملائكة وشرفهم بأن جعل أصل خلقتهم من نور، وشرفهم بأنهم يعبدون الله ليل نهار، وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وملك واحد من الملائكة نزل على قرى قوم لوط فرفعها وقلبها على أهلها، وأتبعها الله عز وجل بحجارة من نار جهنم والعياذ بالله، ملك واحد فعل ذلك، فيا ترى كم تكون قدرة هؤلاء الملائكة؟! فالله سبحانه وتعالى أعلم بقدرتهم، ولكن جبريل كان يأتي للنبي صلى الله عليه وسلم ليل نهار بأخبار السماء، ينزل من السماء إلى الأرض في وقت يسير، ويصعد إلى السماء في مقدار لو قطعه إنسان بأسرع ما يملكه فإنه يحتاج إلى ألف سنة مما تعدون، ولكن الله سبحانه وتعالى يسر عليه ذلك، فكم ينفق الإنسان ليصنع آلة يصعد بها إلى القمر؟ وكم ينفق من مليارات على ذلك؟ وكم يكلفه من احتياج لآلات قوية جداً من أجل أن يفعل هذا الشيء؟ وجبريل لا يحتاج إلى ذلك، وإنما أمر الله (كن) فيكون، فيأتي من السماء إلى الأرض في الوقت الذي يقدره الله سبحانه وتعالى، ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بكرة وعشياً ووقت ما يشاء الله سبحانه وتعالى.

ولذلك سمي الصديق صديقاً رضي الله تبارك وتعالى عنه لتصديقه خبر السماء، فالكفار حين أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم صبيحة الإسراء بأنه أسري به، تعجبوا من أمره عليه الصلاة والسلام وكانوا مندهشين، وكانوا ما بين فاغر فاه، ومصدق، ومكذب وضارب رأسه بيده؛ لأنهم لا يصدقون منه صلوات الله وسلامه عليه، فيذهبون إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فيقولون: أما ترى إلى ما يقول محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ أما تسمع قوله؟ قال: وماذا يقول؟ قالوا: يقول: إنه ذهب إلى بيت المقدس في الليل وصعد إلى السماء! قال: لقد صدقت، وصدقه الصديق رضي الله عنه، وقال: إني أصدقه في خبر السماء ينزل عليه ليل نهار، أفلا أصدقه في هذا؟ فسمي ولقب بـالصديق رضي الله تبارك وتعالى عنه.

تسبيح الملائكة بحمد الله واستغفارهم للمؤمنين

قال تعالى: (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ)، فالملائكة يسبحون بحمد ربهم، وينزهون الله سبحانه، ويقدسون الله سبحانه وتعالى، ويصلون لله سبحانه وتعالى، روى الترمذي وابن ماجة عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إني أرى ما لا ترون)، وحق له صلوات الله وسلامه عليه أن يرى ما لا نرى، قال: (إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تئط) أي: لا تلام السماء أن تئط، وكلمة أط معناها: هبط، أو أنه يكاد أن يسقط من ثقل ما عليه، فمثلاً: تقول إذا كان السقف عليه أحمال: السقف يئط، أي: أنه بدأ يهبط، ويكاد أن يقع من ثقل ما يحمله، فقوله: (أطت السماء)، لحملها شيئاً ثقيلاً، وما هو الحمل الذي جعل السماء تئط؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله)، أي: ما فيها موضع شبر إلا وفيه ملك واضع رأسه لله عز وجل، وساجد لله سبحانه وتعالى، وهناك ملائكة قيام لله عز وجل منذ خلقهم يعبدون الله، وهناك ملائكة ركع منذ خلقهم الله سبحانه، وملائكة ساجدون لله منذ خلقهم، فإذا جاءت القيامة وجاءت الساعة قاموا فقالوا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك!

قال الله سبحانه وتعالى: (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ)، أي: ينزهونه ويقدسونه ويصلون مطيعين لله سبحانه وتعالى حامدين ربهم، يسبحون فيحمدون ويحمدون فيسحبون، فهم ما بين تسبيح وتحميد، فوراء التسبيح تحميد وهكذا ... فسبح باسم ربك، وسبح بحمد ربك سبحانه وتعالى، وكن حامداً له سبحانه، فالملائكة دائماً يسبحون ويحمدون الله سبحانه، فهم بحمده يسبحون، وبتسبيحه يحمدون، فيحمدون الله على ما آتاهم سبحانه وتعالى من نعمة حبه وعبادته، ومن شرف مكانتهم.

وقوله: (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ) وهذا من نعم الله عز وجل على عباده، ومن في الأرض هنا عموم يراد به الخصوص، فإن الله عز وجل يقول: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].

إذاً: الملائكة تستغفر لمن يقبل الله عز وجل استغفارهم له، فيستغفرون للمؤمنين، للمسلمين، للموحدين، وليس للمشركين، فلا يستغفرون للمشركين؛ لأن المشرك لا يقبل منه عمل، فإذا تاب إلى الله تاب الله عز وجل عليه، وجعل الملائكة يستغفرون له إن أسلم.

فالملائكة يستغفرون لعباد الله الموحدين المسلمين قائلين: رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ [غافر:7].

واستغفار الملائكة للمؤمنين ذكره الله عز وجل في سورة غافر، قال عز وجل حاكياً عن الملائكة: رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [غافر:7-9]، هذا الدعاء العظيم الجميل تدعو به الملائكة لكل إنسان مؤمن، فكل إنسان مؤمن يستغفر ربه ويتوب إليه الملائكة تدعو له، وتطلب من ربها سبحانه أن يغفر له، وأن يتوب عليه.

معنى اسم الله الغفور والرحيم

قال عز وجل: (أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ذكر هنا اسمين له، وقبل ذلك ذكر عز وجل من أسمائه: الله العزيز الحكيم العلي العظيم، وذكر هنا: الغفور الرحيم سبحانه وتعالى.

والغفور: العظيم المغفرة فهذه صيغة مبالغة، كما قال عز وجل عن نفسه: غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ [غافر:3]، وذكر الغفار فقال: الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ [غافر:42]، وذكر الله الغفور سبحانه وتعالى، فالله عز وجل الغافر للذنب، وهو الغفار الغفور سبحانه وتعالى.

وغفر بمعنى: ستر وغطى، ومنه المغفر، وهو الدرقة التي يتقي بها الإنسان عدوه حتى لا يصيبه سهم أو سيف عدوه.

فالله عز وجل هو الغفور العظيم الستر على عباده الذي يمحو عنهم أثر ذنبوهم ليمحو عنهم الذنوب، بل قد يبدل ذنوبهم وسيئاتهم حسنات إذا تابوا وأصلحوا، فهو الغفور سبحانه وتعالى الرحيم، عظيم الرحمة، كما قال عن نفسه: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا [الأحزاب:43].

والرحمن والرحيم صيغة مبالغة من الرحمة، فالله هو الرحمن، والرحمن متضمن لصفة فيها عموم وخصوص، والرحيم متضمن لصفة فيها عموم وخصوص، فالرحمن متضمن لصفة الرحمة، وهي رحمة من الله عامة لكل خلقه، ففي الدنيا يتراحم الخلق: المسلمون يتراحمون، والكفار يتراحمون، والدواب تتراحم، حتى إن الدابة لترفع حافرها عن ولدها حتى لا تؤذيه، فهذه من رحمته المأخوذة من اسمه الرحمن سبحانه التي جعلها في قلوب من يشاء من خلقه، ومن رحمته العامة أنه سبحانه أنزل الكتب هداية للخلق، فمنهم من يهتدي ومنهم من يضل، فالله عز وجل قد أعذر إذ أنذر سبحانه وتعالى، فأنذر خلقه وأعذر إليهم، وأقام عليهم الحجة سبحانه وتعالى، فرحمة الله عز وجل عامة لجميع الخلق.

ولا يتسمى بالرحمن إلا الله وحده لا شريك له، كما قال عز وجل: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم:65] أي: هل سمعت أحداً يتسمى بالرحمن قبل ذلك؟ فما أحد تسمى بذلك، إلا أن يكذب المشركون فيدعون أن باليمامة إنساناً اسمه الرحمن، فيكذبون، لكن أن أحداً يسمي نفسه رحماناً هذا لم يقع، فالرحمن عز وجل ليس له سمي يتسمى باسمه سبحانه وتعالى، والسمي: هو المقابل الذي يتسمى بهذا الاسم، يقال: اسمي فلان، وفلان سميي أي: اسمه مثل اسمي.

فالخصوصية أن الله عز وجل وحده هو الذي يتسمى بذلك، كما أنه وحده الذي يتسمى: (الله) سبحانه وتعالى.

والرحيم: يتضمن صفة الرحمة، وفيها عموم وخصوص، فالعموم فيها: أنها صفة الرحمة التي يجوز للمخلوق أن يتصف بها، وأن يوصف بها، فيقال: فلان رحيم، والله عز وجل كان بالمؤمنين رحيماً، والنبي صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رءوف رحيم صلوات الله وسلامه عليه، وكذلك الناس يقولون: فلان رحيم، وهذا عموم فيها، فالله عز وجل هو الرحيم، وخلقه فيهم الرحماء.

والخصوصية: أن الله بمقتضى أنه الرحيم يرحم المؤمنين فقط، فكأن الرحمة في الرحيم رحمة تختص بالمؤمنين، قال تعالى: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا [الأحزاب:43]، فالله عز وجل من أسمائه الحسنى: الله سبحانه، والعزيز، والحكيم، والعلي، والعظيم، والغفور، والرحيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة).

نسأل الله عز وجل أن يعيننا على إحصائها، وأن يجعلنا من أهل جنته.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , تفسير سورة الشورى [1 - 5] للشيخ : أحمد حطيبة

https://audio.islamweb.net