إسلام ويب

أمر الله عباده المؤمنين بكثرة ذكرهم لربهم المنعم عليهم بأنواع النعم وصنوف المنن؛ لما لهم في ذلك من جزيل الثواب، وجميل المآب، ولأنه تعالى أخرجهم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور الهدى واليقين، ويوم القيامة أعد لهم الأجور العظيمة، وأسكنهم جناته جنات النعيم، ورحمهم في الدنيا بالهداية، وفي الآخرة بأن أمنهم من الفزع الأكبر، وأمر ملائكته أن يتلقوهم بالبشارة بالفوز بالجنة والنجاة من النار، وما ذاك إلا لمحبته لهم ورأفته بهم.

تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً)

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [الأحزاب:41].

أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين في هذه الآية أن يذكروا الله سبحانه وتعالى ذكراً كثيراً، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا . والمؤمن يذكر الله حتى يذكره الله.

لا تنس ربك، لا تنس ذكر الله، تذكر أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقك، وهو الذي يرزقك، وهو الذي يتوفاك ويحاسبك، فأكثر من ذكره سبحانه وتعالى.

فقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا .

ذكر الله يكون في الصلاة وفي غير الصلاة، تذكر الله سبحانه في كل أحوالك، وكان النبي صلوات الله وسلامه عليه يقوم ويصلي من الليل ويقول: (يا أيها الناس اذكروا الله، جاءت الراجفة، جاء الموت بما فيه، وأزفت الآزفة، جاءت الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه)

فيأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس في الثلث الأخير من الليل بذكر الله سبحانه وتعالى، ويخبرهم أن الموت آتيكم، كما قال الله سبحانه: أَتَى أَمْرُ اللَّهِ [النحل:1] فأخبر بالماضي على الشيء الذي سيكون؛ لتأكيد مجيئه وإتيانه، فالموت آت آت.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أكثروا ذكر هادم اللذات، فإنه ما ذكر في سعة إلا ضيقها، ولا ذكر في ضيق إلا وسعه).

الموت عجيب أمره، الموت قدره الله سبحانه وتعالى على العباد، ولابد أن يكون في بال كل إنسان وفي قلبه، فيذكر الله سبحانه ويذكر أنه راجع إليه فذكره ربه سبحانه ينفعه، وصلاته وصومه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ينفعه.

قال تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ [إبراهيم:27].

فالإنسان الذي يعتاد ذكر الله سبحانه يثبته في وقت وفاته، ويجعله يقول: لا إله إلا الله ويثبت عليها، ويبشره الله سبحانه حتى يتوفاه على هذه الكلمة الطيبة.

لذلك ينظر المؤمن أمامه وينظر في غده، وينظر أنه سيلقى الله يوماً من الأيام، فليعمل لهذا اليوم من الآن ولا يسوف، ويقول: غداً أفعل غداً أفعل، لعل الغد لا يأتي عليه، ولعله يأتي عليه وهو غير قادر على العمل، فلذلك هنا نكثر من ذكر الله، فإن ذكر الله يعين على فعل الطاعات، وذكر الله يعين على اجتناب المحرمات.

تفسير قوله تعالى: (وسبحوه بكرة وأصيلاً)

قال الله تعالى: وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:42] يعني: دائماً، في أول النهار وآخر النهار، يعني: إذا ذكرنا ربنا في أول النهار لا نكتفي، بل نذكره سبحانه ونسبحه في أول النهار وفي آخره.

وأكثر من ذكر الله في كل أحوالك، وقد عرفنا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم كيف أنه كان يجلس في المجلس الواحد ويستغفر الله سبعين مرة ومائة مرة وكان صلوات الله وسلامه عليه يكثر من الاستغفار، ويسأل ربه الجنة ويتعوذ بالله من النار.

ويخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (أن الإنسان إذا كان في مجلس وذكر الله وقال: اللهم إني أسألك الجنة ثلاث مرات، وقال: اللهم أجرني من النار ثلاث مرات، قالت الجنة لربها: اللهم أدخله الجنة، وقالت النار لربها: اللهم أعذه مني)، هذا إذا قال ذلك في مجلس واحد ثلاث مرات، فإذا أكثر من ذلك في يومه وقال سبع مرات في كل يوم: (اللهم إني أسألك الجنة، اللهم أجرني من النار) ويكرر، فإن الجنة تطلب من ربها أن يدخل الله عز وجل هذا العبد الجنة؛ لأنه يسأل الجنة، وكذلك إذا تعوذ بالله من النار سبع مرات، فالنار تقول لربها سبحانه: اللهم أجره من النار.

لذلك ينبغي للمؤمن أن يكثر من الدعاء ومن ذكر الله، ويكثر من سؤال الله عز وجل الجنة والتعوذ بالله من النار.

قوله: وَسَبِّحُوهُ أي: نزهوا الله سبحانه وتعالى وقدسوه بلفظ التسبيح (سبحان الله)، (فسبحان) مصدر، وأصلها أسبح الله تسبيحاً، أي: تقول لربك: أسبحك يا ربي وأنزهك عن أي نقص، وأقدسك.

والتسبيح يأتي بمعنى الذكر، بقول: سبحان الله، ويأتي بمعنى صلاة النافلة، ومنه صلاة السبحة، أي: صلاة النافلة.

فإذاً: أكثر من ذكر الله في فريضتك وفي نافلتك وفي غير الصلاة، أكثر من ذكره سبحانه في الغدوة وهي أول النهار، والأصيل والعشي أي: آخر النهار، فلا تترك وقتاً من يومك ولا من ليلك إلا وتذكر الله سبحانه وتعالى فيه.

تفسير قوله تعالى: (هو الذي يصلي عليكم وملائكته...)

قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا [الأحزاب:43].

قوله: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ [الأحزاب:43] أي: يرحمكم سبحانه ويستجيب دعاء الملائكة الذين يستغفرون لكم ويدعون لكم، فالله يصلي عليكم، وصلاة الله عز وجل على عباده بمعنى رحمة منه سبحانه ومغفرة، وبمعنى الثناء، وهو أن يثني على العبد ويذكره في ملأ خير من الملأ الذي هو فيه.

وملائكته يصلون عليكم بمعنى يستغفرون لكم ويدعون الله عز وجل أن يرحمكم.

قوله: لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ أي: من رحمته أن أرسل إلينا رسولاً كريماً صلوات الله وسلامه عليه، وأن نزل عليه هذا القرآن العظيم ليخرج العباد من ظلمات الكفر والضلالة إلى نور الإيمان واليقين.

قوله: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا أي: الله هو الرحيم وهو الرحمن، وهو المعبود سبحانه، فهو رحيم ورحمن وكلاهما صيغة مبالغة من الرحمة، فهو ذو الرحمة العظيمة الواسعة، قال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ [الأعراف:156-157] أي: هؤلاء الذين يستحقون الرحمة هم الذين اتبعوا النبي صلوات الله وسلامه عليه على دين الإسلام، دين رب العالمين سبحانه.

الفرق بين الرحيم والرحمن أن الرحمة في الرحمن تعم جميع خلقه مسلمهم وكافرهم، فمن رحمته أن أرسل الرسل لهداية الخلق فهو الرحمن سبحانه وتنزل المصيبة بكل مخلوق سواء كان مؤمناً أو كان كافراً، ويخففها الله سبحانه ويزيلها عن الجميع، فهي من رحمة الرحمن سبحانه وتعالى.

وتنزل النازلة العظيمة بالعبد في الدنيا فيدعو ربه سبحانه سواء كان مؤمناً أو كان كافراً، ويقول: يا رب يا رب.

وقد يكون الكافر مظلوماً ويدعو ربه فتصعد دعوته إلى الله عز وجل، فيستجيب الله له وينصره ممن ظلمه فهو الرحمن سبحانه.

وقال هنا: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا إذاً: فالرحيم ذو الرحمة الخاصة بالمؤمنين فقط، وهي الرحمة التي تكون يوم القيامة، فهو يرحمهم في الدنيا ويرحمهم في الآخرة، ولا يرحم الكفار يوم القيامة، بل من مات مشركاً بالله كافراً فقد كتب الله عز وجل عليه أنه محروم من الجنة ومحروم من رحمة الله، وأنه مستوجب للنار، قال عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] فالله لا يغفر لمن مات وهو مشرك بالله سبحانه، كذلك من مات على كفره لا يغفر له، أما في الدنيا قبل أن تبلغ الروح الحلقوم فإنه إذا تاب إلى الله عز وجل من أي ذنب كان كبيرة من الكبائر حتى من الشرك أو صغيرة من الصغائر فالله عز وجل يتوب عليه.

إذاً: هنا يقول: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا أي: هذه الرحمة العظيمة الخاصة بالمؤمنين، قال عز وجل: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [الأعراف:156]، الذين يتبعون النبي صلوات الله وسلامه عليه، فهذه رحمة الرحيم وهو أرحم الراحمين سبحانه.

إذاً: الرحمن رحمته واسعة تعم جميع خلقه سبحانه وتعالى، فيرحم في الدنيا جميع عباده بأن يبين لهم ويدلهم على الحق، وأن يقيم عليهم حجته سبحانه وتعالى، ولا يدع لهم شبهة من الشبه، بل يبين سبحانه الرحمة التي تختص باسمه الرحمن، والرحمة الخاصة بالمؤمنين في الآخرة، فهو سبحانه يرحمهم ويدخلهم جنته سبحانه وتعالى، وفي الدنيا يهديهم فيدلهم سبحانه وتعالى، ويحولهم من شك إلى يقين، ومن ضلال إلى هدى، ومن كفر إلى إيمان، وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا .

قال ابن عباس رضي الله عنهما: (لما نزل قول الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56] قال: إذا بالمؤمنين يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: هنيئاً لك يا رسول الله وليس لنا فيها شيء -يعني: هذه الآية خاصة بك- فأنزل الله هذه الآية: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [الأحزاب:43]) يعني: أمركم أن تصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم، فالفائدة تعود عليكم أنتم.

فالرسول حبيب رب العالمين وخليل رب العالمين سبحانه، سواء صلى عليه الناس أو لم يصلوا، فله أجره العظيم الوافر عند ربه سبحانه، ولكن أن تصلي عليه أيها المسلم فأنت المنتفع بذلك؛ لأنه كلما صليت عليه صلى عليك ربك سبحانه ورحمك، فأكثروا من الصلاة عليه صلوات الله وسلامه عليه.

تفسير قوله تعالى: (تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجراً كريماً)

قال الله تعالى: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا [الأحزاب:44]

قال تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ [الأحزاب:43] هذا أقرب مذكور، وقوله: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ أي: يوم يلقون الله سبحانه، ويدخلهم جنته سبحانه ويريهم وجهه الكريم سبحانه، والتحية التي تكون بين المؤمنين في الجنة سلام، أي: يسلم بعضهم على بعض ويدعو بعضهم لبعض بالسلام؛ لأنه نجا من النار، وأن الله سلمه حتى يعيش في هذه الجنة دائماً أبداً مسلماً سالماً من الآفات ومن السوء ومن كل كرب ومن كل شر؛ لأن الدنيا فيها الكدور وفيها الشرور، وفيها التعب والنصب، أما الجنة فهي خالية من كل ما يكدر الصفو، وهي دار السلام، فيحييهم ربهم سبحانه وتعالى، ويسلم عليهم ربهم بالسلام، وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ [الرعد:23] يقولون: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:24].

إذاً: تحيتهم فيما بينهم السلام، بحيث يسلم بعضهم على بعض ويدعو بعضهم لبعض بالسلامة والأمن والطمأنينة والنجاة من كل الشرور، كذلك ربهم يسلم عليهم سبحانه، فيستجيب سبحانه دعاءهم، ويجعلهم في سلام وفي أمن في جنة الخلود، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهلها.

فقوله: (تحيتهم) أي: ويحيي بعضهم بعضاً، والتحية أصلها الدعاء بالحياة، أي: أدعو له بالحياة، هذا أصل التحية، فيكون المعنى: يدعو بعضهم لبعض بالحياة التي فيها سلام والتي فيها طمأنينة، والتي يسلم فيها العبد من الأمراض والأنكاد والشرور والآثام، ومن الكدر والتعب والنصب.

قوله: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ أي: يوم القيامة عند دخولهم الجنة تحيتهم فيها سلام.

ثم قال الله سبحانه وتعالى: وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا أي: أعد لهم الله سبحانه أجراً، وهو سبحانه إذا أراد أمراً فإنما يقول له: كن فيكون.

فهنا الإعداد دليل على العناية من الرب سبحانه للعبد، فهو لا يحتاج إلى أن يعد وأن يجهز سبحانه، ولكن العناية بالمؤمنين أن الله سبحانه جهز لهم جنة من قبل أن يخلقهم، وجعل لهم فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

ويخبر سبحانه وتعالى أنه بكرمه هو الذي أعد لهم هذه الجنة، وأعد لهم أجراً على ما عملوه، والعبد إذا عمل استحق من الله سبحانه الأجر الكريم والأجر العظيم، ففي الدنيا تقول: هذا يعطيني أجراً عظيماً وذاك يعطيني أجراً لئيماً؛ لأن اللؤم من طباع الإنسان فهو في عطائه يعطي الشيء الرديء، مع أن الحاجة موجودة عنده، ويبخس الإنسان حقه، ولكن الله عز وجل يعطي العطاء الكريم الذي يليق به سبحانه وتعالى، والعبد لم يفعل شيئاً يستحق عليه هذا الأجر، ولكن رحمة رب العالمين سبحانه.

فالإنسان يأخذ بالأسباب ويعبد الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله خلقه وهو مهما عبد الله لم يوف الله حقه في شكر نعمه عليه سبحانه، فكيف بأن الله يعطيه هذه الجنة العظيمة، فهذا فضل من الله سبحانه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته)

فقوله: وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا فالإنسان المؤمن ينتظر من الله عز وجل الخير والكرم، فإذا كنت تنتظر كرمه فابدأ أنت بالعمل وابدأ بالتوبة إلى الله سبحانه، ولا تقل: غداً أتوب، غداً أعمل كذا، لعله لا يأتي الغد؛ لأن الموت أمامنا، فنحن نرى الموت يأخذ الصغار ويأخذ الشيوخ ويأخذ الشباب ولا يترك أحداً، فكم من إنسان يسوف ويقول: غداً أتوب، غداً أفعل كذا، أنا لا زلت صغيراً، وعندما أكبر سأفعل كذا ولا يأتي عليه هذا السن الذي يتمنى أن يأتيه.

لذلك بادر بالتوبة وبادر بالعمل من قبل أن يأتي اليوم الذي قد وعد الله عز وجل عباده به، الموت الذي لا يؤخر، إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.

نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , تفسير سورة الأحزاب [41 - 44] للشيخ : أحمد حطيبة

https://audio.islamweb.net