إسلام ويب

صيام شهر رمضان واجب على كل مكلف وتتعلق به وبغيره من أنواع الصيام جملة من الأحكام الشرعية العامة وأخرى تخص المرأة دون الرجل، فمن تلك الأحكام ما يتعلق بوقت الإمساك ومنها ما يتعلق بأعذار الفطر في رمضان، ومنها ما يتعلق بالمفطرات، ومنها ما يتعلق بتناول المفطر مع الجهل والإكراه والنسيان، في جملة من أحكام الصيام التي لا ينبغي للمسلم ولا للمسلمة جهلها.

بيان وجوب صيام رمضان على المكلفين والحكمة منه

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

فأشكر القائمات على هذا المركز على تهيئة هذا اللقاء الذي يقصد منه تحصيل شيء من العلم الذي أوجبه الله على كل مسلمة، وقد جاء في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) متفق عليه، وهذا الحديث يعم المرأة والرجل، وجاء في ابن ماجه : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (طلب العلم فريضة على كل مسلم) ، وفي رواية: (على كل مسلم ومسلمة) ، ونتدارس إن شاء الله تعالى في هذا اللقاء مسائل الصيام ويكون التركيز إن شاء الله تعالى على ما يهم المرأة.

لقد فرض الله جل وعلا على المؤمنين والمؤمنات المكلفين منهم صيام شهر رمضان، قال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183]، قوله جل وعلا: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] فيه بيان الحكمة التي من أجلها شرع الله جل وعلا الصيام، فإن الله جل وعلا لم يأمر عباده بالصيام ليجيعهم ويعذبهم وإنما أمرهم بالصيام ليتقوه، فالصوم مدرسة يتربى فيها المسلم وتتربى فيها المسلمة على تقوى الله جل وعلا، فإن المسلم إذا منع نفسه من المفطرات في نهار رمضان وهي مباحة له في ليله كان في ذلك تعويد للنفس على منعها عما حرمه الله جل وعلا، فتتربى النفس على الامتناع عن المحرمات وهذه هي التقوى، التقوى: أن يجتنب العبد الكبائر والصغائر وأن يأتي الفرائض فيجعل بذلك بينه وبين عذاب الله جل وعلا وعقوبات الله سبحانه وتعالى العاجلة والآجلة حجاباً وستراً، فالتقوى هي أن يجعل العبد بينه وبين عذاب الله حجاباً وستراً بفعل الأوامر واجتناب النواهي، وقد جاء في الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) رواه البخاري ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش)، وإن كثيراً من الناس يسهر ليله في رمضان في النظر للقنوات الفضائية وإذا كان النهار نام، حتى إنه ليمر الشهر الكريم ولم يختم كتاب الله جل وعلا وشهر رمضان هو شهر القرآن، وقد ينام عن الصلوات المكتوبة أيضاً، ولا شك أن الناس من رجال ونساء يفتنون في رمضان بالنظر إلى هذه القنوات وما تأتي به من جديد يفتن الناس، هذه هي فتنة الشهوات، فيسهرون ليلهم وينامون نهارهم حتى يخرج هذا الشهر المبارك من غير استثمار له واغتنام له فيما يقرب إلى الله جل وعلا، فالواجب على المسلم وعلى المسلمة أن يتقوا الله جل وعلا في هذا الشهر المبارك وغيره من الشهور بفعل ما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر.

بيان معنى الصوم ووقت وجوب الإمساك

إن الصوم يعني: الإمساك عن المفطرات تقرباً إلى الله جل وعلا من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، من طلوع الفجر الصادق حيث يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، والناس في هذا الزمن لا ينظرون إلى الجانب الشرقي حتى يروا الخيط الأبيض من الخيط الأسود وإنما يعتمدون على التقويم الذي تذكر فيه أو تكتب أوقات الصلوات، يعتمدون على هذا حتى إن المؤذنين كذلك يعتمدون على هذا، ولذا فإننا نقول للمرأة: أنت في البيت إذا رأيت أن وقت الفجر قد دخل بالنظر إلى التقويم وكانت الساعة مضبوطة فأمسكي عن الطعام وعن الشراب، قد يكون سماع الأذان بسبب المكيفات والأصوات المزعجة لا يصل إلى بعض البيوت، والمؤذن مثلك يعتمد على هذا التقويم، ينظر إلى التقويم ويؤذن فيكون الاعتماد -إذاً- على هذا التقويم، فإذا كان الأذان -مثلاً- في الثالثة وسبع وأربعين دقيقة فأمسكي إذا كانت الساعة الثالثة وسبعاً وأربعين دقيقة، فيكون الاعتماد على التقويم، وبعض الناس يستمر في الأكل والشرب يقول: ما دام أن المؤذن يؤذن فنحن نأكل ونشرب، نقول: هذا خطأ، بل متى ما دخل الوقت وجب الإمساك.

بيان ما تصنعه من طهرت قبل الفجر ومن طهرت بعده

والمرأة إذا كانت حائضاً فطهرت قبل الأذان وجب عليها أن تصوم ذلك اليوم الذي طهرت في ليلته، إذا طهرت مثلاً في الساعة الثالثة صباحاً قبل أن يؤذن الفجر بنحو نصف ساعة مثلاً، طهرت ورأت علامة الطهر فنقول لها: يجب أن تصومي اليوم المقبل، يعني: يجب أن تصومي غداً ما دام أنك قد رأيت علامة الطهر، ولك أن تؤخري الغسل إلى ما بعد الأذان، فإن اشتغلت بالسحور وأخرت الغسل فلا مانع، فما دام أنها رأت علامة الطهر قبل أذان الفجر فيجب عليها أن تصوم هذا اليوم، ولها أن تؤخر الغسل إلى ما بعد أذان الفجر، فإذا أرادت أن تصلي اغتسلت قبل الصلاة، وأما إذا كان الدم مستمراً معها ولم تر علامة الطهر إلا بعد أذان الفجر فإنها لا تصوم هذا اليوم ويجب عليها أن تقضيه، ومن العلماء من يقول: يجب عليها أن تمسك، يعني: المرأة إذا طهرت في النهار يجب أن تمسك بقية يومها، فإذا طهرت -مثلاً- في الساعة العاشرة صباحاً فمن العلماء من يوجب عليها الإمساك، تمسك بقية يومها وتقضي، والذي يترجح أنه لا يجب عليها الإمساك وإنما يجب عليها القضاء، إذ لا فائدة من أمرها بالإمساك مع أمرها بالقضاء، فيكفيها أن تقضي ولا يجب عليها الإمساك.

بيان أنواع المفطرات

الأكل والشرب وما يقوم مقامهما

قلنا: إن الصيام هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، فما هي المفطرات؟ المفطرات هي:

أولاً: الأكل والشرب وما يقوم مقام الأكل والشرب مما يغذي البدن كالإبر المغذية والمحاليل التي فيها الجلوكوز، وكذلك الإبرة التي تعطى للمريض الذي عنده نقص في السكري فيعطى إبرة من أجل أن تزيد نسبة السكري في دمه، هذا يفطر؛ لأن هذه الإبرة تغذي البدن، وأما الإبر التي لا تغذي البدن -يعني: ما فيها غذاء أبداً، لا تتضمن أي نوع من الغذاء- فهذه لا تفطر مثل الإبرة التي تعطى لمن عنده ارتفاع في السكري فيعطى إبرة تخفض السكري، يعني: تقلل نسبة السكر في الدم، هذه لا تفطر؛ لأنها لا تغذي البدن، كذلك عندما تكتحل المرأة لا تفطر فالكحل لا يفطر على الصحيح، أو تضع المكياج في وجهها أو الورس في شفتيها لا تفطر بذلك، لا يحصل بذلك الفطر، أو تضع دهوناً على وجهها أو على بدنها، تدهن بدنها بشيء من العلاج الذي ينقي بشرتها أو يزيل عنها بعض الداء، هذا لا يفطر، أو تضع الخضاب على رأسها أو تضع دواء على رأسها فهذا كذلك لا يفطر؛ لأن هذا لا يعد أكلاً ولا شرباً، وكذلك -على الصحيح- البخاخ الذي يستخدم لمريض الربو، هذا يوسع الشعب الهوائية فقط ولا يغذي البدن، فلا يحصل به الفطر.

الجماع والإنزال بغيره

المفطر الثاني من مفطرات الصائم: الجماع، والمراد بالجماع: الإيلاج، فإذا حصل إيلاج فإن المرأة والرجل يفطران، وعلى كل واحد منهما الكفارة المغلظة وهي عتق رقبة، والآن الرقبة لا تكاد توجد في هذا الوقت، يعني: أن يحرر رقبة مملوكة من الرق، فإن لم تجد رقبة تعتقها فإنها تصوم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع أطعمت ستين مسكيناً، تطعم كل مسكين ربع صاع من الأرز وهو ثلاثة أرباع الكيلو نيئاً أو مطبوخاً، تطعم ستين مسكيناً لكل مسكين ثلاثة أرباع الكيلو من الأرز أو ثلاثة أرباع الكيلو من الطحين، وكذلك يجب هذا أيضاً على الرجل، فالجماع فيه هذه الكفارة المغلظة، وأما إذا لم يكن هناك جماع بل كان هناك إنزال بأن يباشر الرجل المرأة من غير أن يولج فيحصل منها إنزال، يعني: تنزل هذه المرأة من غير إيلاج فتفطر بذلك ولكن لا كفارة عليها، ليس عليها الكفارة المغلظة، كذلك لو أنها فعلت ما لا يجوز من إخراج هذا الماء بأن عبثت في نفسها فأخرجت هذا الماء -وهذا أمر لا يجوز في رمضان ولا في غيره- فكذلك تفطر ولكن ليس عليها كفارة الكفارة، بالجماع فقط وأما ما دون الجماع فليس فيه كفارة وإنما فيه القضاء، إذا أنزلت من غير إيلاج فعليها القضاء فقط من غير كفارة.

القيء عمداً

ومن المفطرات أيضاً: إخراج القيء، أن يخرج القيء عمداً، فإذا أخرجت المرأة القيء عمداً بأن تدخل أصبعها في فيها فيخرج الطعام الذي في المعدة فإنها تفطر بذلك، وإن كانت مريضة فهي معذورة، تفطر وعليها القضاء وهي معذورة، لكن بعض الناس قد يفعل هذا عبثاً فهذا لا يجوز ويفطر بذلك، قال عليه الصلاة والسلام: (من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فليقض) رواه الإمام الترمذي ، فإذا خرج القيء بلا قصد -يعني: بغير اختيار- لم يفطر الصائم، إذا حصل دوران -مثلاً- في الرأس وغثيان ثم خرج هذا القيء من غير قصد فلا يفطر الصائم وإنما الذي يفطر هو إخراجه عمداً.

أثر الحجامة على الصيام

ومن المفطرات عند بعض العلماء الحجامة، والذي يترجح أن الحجامة لا تفطر لكن الأفضل للصائم أن يؤخر ذلك إلى الليل، وقد جاء في البخاري : (أن النبي عليه الصلاة والسلام احتجم وهو صائم)، لكن جاء في حديث آخر: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أفطر الحاجم والمحجوم) رواه الخمسة إلا الترمذي وهو حديث صحيح لكنه منسوخ، ولذا فنقول: إن الأولى أن تؤخر المرأة الحجامة إذا احتاجت إليها إلى الليل، ومثل ذلك أيضاً التبرع بالدم، الأفضل أن يؤخر إلى الليل، أما إذا كان لحاجة مريض فلا مانع أن تتبرعي بالدم لحاجة مريض يحتاج إلى الدم نهاراً ولا تفطرين بذلك على الصحيح، وكذلك لا يحصل الفطر أيضاً بسحب الدم للتحليل، هذا الراجح كذلك، أن الصائم لا يفطر به.

حكم تناول المفطر مع النسيان أو الإكراه

هذه هي المفطرات، من أتى شيئاً من هذه المفطرات مكرهاً من غير قصد فلا يفطر، كما لو استقاء بلا قصد، حصل عنده غثيان وخرج الطعام من معدته بلا اختيار، لا يفطر، أو تمضمض أو استنشق ثم حصل له شيء -مثلاً- من سعال أو نحوه فدخل الماء إلى جوفه من غير قصد فلا شيء عليه وإن كان الصائم ينهى عن أن يبالغ في الاستنشاق وهو صائم، ولذا جاء في الحديث: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) رواه الإمام أبو داود ، والمبالغة أن يرفع الماء إلى أعلى الأنف، أن يجذبه إلى أعلى الأنف، هذا يكره للصائم، فإن فعله فلا يفطر إلا إذا دخل الماء، إذا دخل الماء إلى الجوف أفطر.

كذلك إذا أفطر وهو ناس فلا شيء عليه، ولذا جاء في الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من نسي فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) متفق عليه.

كذلك إذا كان جاهلاً، الجاهل بالحكم أو بالوقت لا يفطر، قال الله جل وعلا: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] ، الخطأ هو الجهل، والجهل بالوقت يقع كثيراً، مثال هذا: أن بعض الناس يسمع مؤذناً فيفطر ويكون المؤذن قد أذن قبل الوقت خطأً، يعني: بعض المؤذنين يؤذن قبل الوقت -مثلاً- بعشر دقائق ساهياً ويذكر هذا في وسط الأذان ويقطع أذانه، وربما يستمر، فيعتمد على هذا بعض الناس، يسمعون النداء وقد وضع التمر بين أيديهم على الإناء ينتظرون المؤذن فإذا أذن أكلوا، فإذا تبين أن هذا المؤذن مخطئ نقول: لا قضاء عليكم لكن أكملوا هذه الدقائق بالصيام، يعني: ارفعوا أيديكم عن الطعام وأمسكوا، يعني: جاءهم من يخبرهم أنه قد بقي من الوقت خمس دقائق وأن المؤذن قد أذن قبل الوقت، نقول: أمسكوا واتركوا الطعام حتى تغرب الشمس وليس عليكم قضاء.

كذلك أيضاً ما يحصل للنساء كثيراً، تكون الساعة عندها فيها خطأ ولم تنتبه، توقفت الساعة -مثلاً- أثناء الليل، فنظرت إلى الساعة فإذا بالساعة الثانية ليلاً في نظرها ولكن الساعة في الحقيقة قد توقفت مدة ساعة أو ساعتين وهي لم تعلم، فنظرت إلى الساعة فإذا بها الساعة الثانية ليلاً فتسحرت، وأثناء السحور سمعت الإمام يصلي وسمعت المؤذن يقيم أو جاءها من يخبرها وكانت لما أكلت تعتقد أن الليل باق ما عندها أي شك، فنقول: كذلك هذه لا تقضي ولا شيء عليها، تمسك يومها ذلك ولا قضاء عليها؛ لأنها جاهلة، وقد جاء في الحديث: أن عدي بن حاتم رضي الله عنه أخذ عقالين أسود وأبيض وأخذ ينظر إليهما لقوله جل وعلا: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ [البقرة:187] قبل أن ينزل قوله جل وعلا: مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187] فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: (هذا سواد الليل وبياض النهار) ولم يأمره عليه الصلاة والسلام بالقضاء، والحديث متفق عليه.

أعذار الفطر في رمضان

الحيض والنفاس

هناك -أختي المسلمة- من يعذر بالفطر في نهار رمضان، فمنهم الحائض والنفساء، المرأة إذا حاضت أو نفست تفطر ولكن عليها القضاء يجب عليها، فتفطر وجوباً وعليها القضاء حتى لو لم يأتها الحيض إلا قبيل أذان المغرب بدقائق يسيرة، بعض النساء تقول: إنها حاضت الساعة السادسة وما بقي إلا خمس دقائق، نقول: أفطري وعليك القضاء، عليك أن تقضي هذا اليوم.

ومما يحصل كثيراً للنساء أن تقول: إنها انشغلت بتجهيز الإفطار ولم تذهب إلى دورة المياه إلا بعد وقت من أذان المغرب، بعد عشر دقائق مثلاً من أذان المغرب، فلما دخلت الدورة وجدت دماً، وتقول: أنا لا أدري هل نزل الدم قبل الأذان أو بعده؟ عندها شك، أما لو كان تبين أن الدم قد نزل قبل لأنه دم يابس ويتضح أن الدم له زمن فهذه عليها القضاء، أما إذا كان الدم رطباً وعندها شك، لا تدري هل نزل قبل المغرب أو بعد المغرب فنقول: صومك صحيح ولا قضاء عليك؛ لأن عندك شكاً، إذاً: المرأة إذا رأت الدم على ثوبها بعد أذان المغرب بوقت وتقول: إني لا أدري هل نزل قبل الأذان أو بعده؟ فنقول: لا حرج عليك، كالمرأة التي طافت وبعد الطواف ذهبت إلى بيت الخلاء فرأت دماً وتقول: إني لا أدري هل نزل أثناء الطواف أو نزل بعد فراغي من الطواف؟ فنقول: طوافك صحيح؛ لأن اليقين لا يزول بالشك.

إذاً: الحائض والنفساء عليهما القضاء، ولذا جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يصيبنا ذلك على عهد النبي عليه الصلاة والسلام فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة).

السفر

ومن المعذورين أيضاً المسافر، فمن سافر ثمانين كيلاً عن بلده فأكثر فله أن يفطر، لكن ما هو الأفضل في حقه؟ نقول: إن كان يقوى على الصوم في السفر فالأفضل له الصوم، ولذا جاء في الحديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي عليه الصلاة والسلام في سفر حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر ما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعبد الله بن رواحة)، فنقول: إن كنت قوياً تقوى على الصيام فالأفضل لك الصوم، كالذين يجلسون في مكة في غرف مكيفة كأنهم في بيوتهم، فهؤلاء نقول لهم: إن الأفضل لكم أن تصوموا.

وأما إن كان بدنه يضعف فالأفضل له الفطر، كأن يؤدي عمرة مثلاً في أثناء النهار، أو كالذي يسير في القيظ في سيارته فيضعف بدنه مع الصيام عادة، فنقول: الأفضل لك الفطر، ولذا روى الإمام مسلم والترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كانوا يرون -يعني الصحابة- أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن، ومن وجد ضعفاً فأفطر فإن ذلك حسن) ، فنقول: إن وجدت قوة فصم فهو أفضل، وإن وجدت ضعفاً فخذ بالرخصة وأفطر فإن ذلك أفضل، والرجل إذا صام في بلده ثم سافر أثناء النهار فالراجح أن له الفطر، يعني: إذا أمسكت هنا في الدوحة وسافرت في الساعة العاشرة صباحاً وأنت ممسك صائم فلك أن تفطر في الطريق، هذا هو الصحيح، ولذا لما خرج النبي عليه الصلاة والسلام من المدينة عام الفتح فبلغ كراع الغميم دعا عليه الصلاة والسلام بإناء فشرب كما في الصحيحين، فمن نوى الصيام في بيته ثم سافر فله أن يفطر، ومن أفطر في السفر فقدم إلى بلده وكان مفطراً في أول النهار فنقول: لا يجب عليك الإمساك على الصحيح، يعني: أفطرت في الطريق فوصلت بعد الظهر إلى بلدك فلا يجب عليك أن تمسكي على الصحيح من قولي العلماء.

العجز عن الصيام لكبر سن مع بقاء العقل

ومن المعذورين أيضاً: الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة إذا كانا معهما عقل وما دخلهما خرف، المخرف لا يصوم؛ لأنه غير مكلف، هو كالمجنون، ولا يطعم عنه، أما الكبير الذي معه عقل ولكن يشق عليه الصوم وكذلك المريضة وكذلك الكبيرة التي يشق عليها الصوم فهذا يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً ولا يقضي.

المرض

وكذلك المريض الذي لا يرجى برؤه، إذا كان الرجل أو كانت المرأة مريضة مرضاً لا يرجى برؤه كأمراض السرطان وغيرها من الأمراض التي لا يرجى في العادة عند الأطباء أن يشفى منها؛ فإنه إن أفطر أطعم عن كل يوم مسكيناً ولا يجب عليه القضاء، وأما إذا كان مريضاً مرضاً يرجى برؤه، مثل بعض الأمراض التي تصيب المعدة أو نحو ذلك وهو يرجو الشفاء والأطباء عندهم علاج لكن يحتاج إلى وقت فهنا نقول: يفطر ويقضي.

الحمل والرضاع

ومن المعذورين أيضاً: الحامل والمرضع، وهذه من المسائل التي تخص المرأة أيضاً، المرأة إذا كانت حاملاً أو كانت مرضعاً فخافت إن صامت على نفسها، تقول: أنا أخاف على نفسي من الصيام فهو يضعف بدني، وقد تصاب ببعض الأمراض كالتي تكون نحيلة البدن أو فيها شيء من المرض وحصل لها حمل فخافت على نفسها فلها أن تفطر وعليها القضاء، وكذلك إذا كانت تخاف على جنينها تقول: إني أخاف على الجنين، أو تخاف على ولدها الذي ترضعه، فنقول: لها الفطر وعليها القضاء، فالمرأة الحامل والمرأة المرضع إذا خافتا على نفسيهما أو خافتا على نفسيهما وعلى ولديهما جميعاً فعليهما القضاء، وإن كان خوفها على ولدها فقط، تقول: أنا لا أخاف على نفسي، أنا أخاف على ولدي فقط لا أريد أن يخف عنه اللبن، أو أخاف أن يضره الصيام، أو قال لها الطبيب ذلك، فعليها القضاء وعليها كفارة إطعام عن كل يوم مسكيناً تجب على والد الطفل، يطعم عن كل يوم مسكيناً، فهذه امرأة قال لها الطبيب: إن صومك يضر بالجنين، لا يضرها هي بل يضر الجنين فقط، فنقول: أفطري واقضي هذا بعد ذلك، وعلى زوجك أن يطعم عنك عن كل يوم مسكيناً؛ لأن هذا والد الطفل والنفقة واجبة عليه فتجب عليه هو الكفارة.

إذاً: المرأة إذا خافت على نفسها كان عليها قضاء فقط إذا كانت حاملاً أو مرضعاً، فعليها القضاء ولا كفارة، وكذلك إذا خافت على النفس والولد جميعاً فعليها القضاء فقط، وإذا خافت على الولد فقط فعليها القضاء وعلى ولي الطفل الذي هو الأب أن يطعم عنها عن كل يوم مسكيناً، وقد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي والنسائي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة، ووضع عن الحامل والمرضع الصوم)، وجاء في أبي داود : أن النبي عليه الصلاة والسلام رخص للشيخ الكبير ... الحديث، وفيه: (والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا عن كل يوم مسكيناً).

ذكر ما يستحب إفطار الصائم به

ويستحب أن يكون الفطر على رطب فإن لم تكن فعلى تمر فإن لم يكن حسا الصائم حسوات من ماء، ويستحب له إذا فرغ من الفطور أن يقول: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله) رواه الإمام أبو داود وهو حديث حسن، ويستحب له أن يدعو فإن للصائم عند فطره دعوة لا ترد.

فضل تفطير الصائم

ويستحب أن يفطر صائماً ولو كان هذا الصائم غنياً كقريبه أو صديقه أو جاره، لكن إن كان فقيراً فهو أفضل، والحديث يشمل الغني والفقير في قوله عليه الصلاة والسلام: (من فطر صائماً فله مثل أجره لا ينقص من أجر الصائم شيء) رواه الإمام أحمد وغيره، فتفطير الصائم هذا يشمل الغني، إذا دعوت أختك أو قريبتك أو صاحبتك أو صديقتك إلى الفطور فإن ذلك يدخل في هذا الحديث، لكن تفطير الصائم الفقير أفضل، هذا ما أحببت التنبيه عليه، وأجيب هنا على ما ورد من أسئلة، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الأسئلة

بيان ما يصنعه من أفطر في رمضان عمداً ثم تاب

السؤال: إني كنت شيعية وكان علي أيام من شهر رمضان لسنوات سابقة، وقد هداني الله جل وعلا، فهل علي قضاء الأيام التي لم أصمها من قبل؟

الجواب: من أفطر من رمضان عمداً -يعني: بلا عذر- فمن العلماء -وهم الجمهور- من يقول: إن عليه القضاء، ومن أهل العلم من يقول: لا يقضي وإنما يكثر من التطوع والتنفل وهذا أصح، وهذه المرأة التي كانت على الصفة التي ذكرت في السؤال عليها أن تكثر من التطوع ولا تقضي ما فاتها من صيام لم تكن فيه على السنة، يستحب لها أن تكثر من التطوع حتى تعوض ما فاتها من الخير ولا يجب عليها القضاء.

حكم الصيام مع تناول حبوب منع الحيض في حال نزول شيء من الصفرة أو الكدرة

السؤال: إذا أخذت امرأة حبوباً حتى لا تحيض في رمضان وفي خلال هذه الفترة نزل منها شيء من الدم أو الصفرة أو الكدرة واستمرت في أكل هذه الحبوب فهل عليها القضاء؟

الجواب: لا يجب عليها القضاء، ولا حرج على المرأة أن تأكل هذا المانع من الحبوب في رمضان، بعض النساء تحب أن تصوم الشهر كله فتتناول هذا المانع، نقول: لا حرج، هذا جائز بشرط ألا يضر بدنك، إذا كان لا يضر فلا مانع، فإن أكلت هذا المانع ونزلت قطرة من الدم وانحبس الدم أو نزلت صفرة ثم انحبست فهذا ليس بشيء؛ لأن دم الحيض يسيل ويستمر، أما إذا خرجت قطرة أو خرج شيء يسير وانقطع فنقول: أتمي صومك وليس عليك القضاء ما دام أنك تتناولين هذا المانع ولم تخرج الدورة بشكل سيلان، فهذه القطرة -لاسيما مع أكل هذه الموانع- لا تضر بالصيام.

حكم قطرات الدم المتقطعة قبل سيلان الحيض

السؤال: قبل نزول الدورة الشهرية بيوم أو يومين يكون هناك دم متقطع، نقطة دم أو بعض الخيوط الدموية، ويكون لونها داكناً وأحياناً أحمر، فما الحكم؟

الجواب: هذه من الدورة، ما ينزل على المرأة من الدم المتقطع قبل سيلان الدم من قطرات متقطعة قبل أن يسيل الدم وتجد معه آلام الدورة في ظهرها ونحو ذلك من الآلام المعتادة فهذا من الحيض، فلا تصم.

حكم اعتبار الطهر بالجفاف

السؤال: إذا انقطع الدم ولم تر المرأة القصة البيضاء هل تصوم أم لا؟

الجواب: إذا كانت تعتاد أن ترى القصة فنقول: انتظري، لا تصومي حتى تري القصة البيضاء، السائل الذي يكون كالخيوط يخرج من المرأة، وأما إذا كانت المرأة لا ترى القصة عادة أو لا تراها دائماً فنقول: إذا حصل الجفاف التام بحيث إنك إذا أدخلت القطنة خرجت القطنة نظيفة فهذا هو الطهر، المرأة التي لا ترى القصة البيضاء دائماً إذا رأت الجفاف التام فإن هذا يكفي.

حكم صوم من طهرت برؤية القصة بعد الفجر

السؤال: إذا نزلت القصة بعد وقت من الفجر فما الحكم؟

الجواب: إذا نزلت القصة بعد وقت من أذان الفجر فلا تصومي ذلك اليوم.

بيان ما تصنعه من ظنت طهرها في ليلها

السؤال: كيف تجزم بالنية من تنام في الليل وهي لم تطهر؟

الجواب: هذه امرأة تقول: أنا أريد أن أنام مبكرة وأنا أنتظر هذه الليلة الطهر، أنتظر أن أطهر هذه الليلة، وأظن أني أطهر هذه الليلة، لكن لا أريد أن أنتظر وأسهر الليل، فنقول: إذا استيقظت مع أذان الفجر ووجدت جفافاً تاماً علمت أنك قد طهرت قبل فصومي، وعلى ذلك فتنوين من الليل أنك إن طهرت صمت، ليس هناك مانع من ذلك، تنوي المرأة من الليل أنها تصوم غداً في حال طهارتها، فإذا استيقظت وتبين لها أنها طاهر وعلمت أن الطهر هذا قبل الفجر -يعني: رأت علامة الطهر على ثوبها وعلمت أنها قد طهرت قبل أذان الفجر- فإن صومها يصح، ولا يشترط أن تجزم بالنية؛ لأن النية -كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - تتبع العلم، هذه علمها فيه تردد وعلى ذلك فلا مانع أن تكون نيتها فيها تردد، فتقول في قلبها: إن طهرت غداً صمت، فإذا أصبحت وعلمت أنها قد طهرت قبل أذان الفجر صامت وأجزأ صيامها.

حكم الصيام مع نزول دم الاستحاضة

السؤال: في نهار رمضان إذا نزل الدم وهي لا تعرف الوقت الذي نزل فيه هل تقضي ذلك اليوم علماً بأن ذلك الدم دم استحاضة وليس حيضاً؟

الجواب: دم الاستحاضة الذي هو النزيف تصوم معه المرأة ما دام أنه دم استحاضة، إذا علمت المرأة أن هذا الدم دم استحاضة فإنها تصوم، الذي يمنع من الصيام معه إنما هو دم الحيض لا دم الاستحاضة.

حكم تناول حبوب منع الحيض في رمضان

السؤال: هل يجوز استخدام حبوب منع الدورة في شهر رمضان؟

الجواب: لا بأس إذا كان ذلك لا يضر كما تقدم.

حكم الصفرة والكدرة

السؤال: متى تفطر المرأة بالحيض: هل عند رؤية الكدرة والصفرة أو عند نزول الدم؟

الجواب: الصفرة والكدرة التي تسبق الدم تعتبر من الحيض إذا وجدت معها آلام العادة، يعني: تشعر بآلام في ظهرها وخرجت معها صفرة، فهذه الصفرة التي تسبق الدم لها حكم العادة مع وجود آلام الدورة، إذا كانت تجد آلام الدورة وخرجت صفرة فإنها تفطر، وأما الكدرة والصفرة التي تكون بعد الحيض هذه فليست بشيء، فإذا رأت المرأة علامة الطهر أو جفت الجفاف التام ثم رأت صفرة فهذه الصفرة ليست بشيء، إذاً: الصفرة والكدرة التي تسبق الحيض فيأتي الحيض بعدها مباشرة وتكون معها آلام الدورة فهذه من الحيض، وكذلك الصفرة التي تكون بعد الحيض قبل علامة الطهر، أما الصفرة التي تكون بعد الحيض وبعد رؤية علامة الطهر فهي ليست بشيء، ولذا قالت أم عطية : (كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً).

حكم الصيام بعد انقطاع الحيض أثناء النهار

السؤال: إذا وجدت الدورة وانقطعت -مثلاً- في الصباح في الساعة العاشرة هل أطهر وأصوم باقي النهار؟

الجواب: لا، ما دام أنك لم تري علامة الطهر أو لم ينقطع عنك الدم وتجفي الجفاف التام إلا بعد أذان الفجر بوقت كما ذكرت في سؤالك، فلا تصومي هذا اليوم وعليك القضاء.

حكم لبس عباءة الكتف الواسعة

السؤال: ما حكم لبس عباءة الكتف الواسعة في أماكن الدراسة كالجامعة، فهكذا لبس عامة الطالبات لسهولة الحركة؟

الجواب: لا بأس إذا كانت هذه العباءة واسعة كما ذكرت ولا تظهر مفاتنها، إذا كانت لا تظهر المفاتن فلا بأس بذلك، أما التي تظهر المفاتن وتكون من الزينة فإنه ينهى عنها، وأما إظهار العينين فالذي يترجح لي أنه لا يجوز، وعلى ذلك فتضع غطاء خفيفاً، بحيث إن الذي ينظر إلى وجهها لا يرى العينين بوضوح، هذا هو الذي يترجح لي؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (المرأة كلها عورة)، فتضع شفافاً خفيفاً على عينيها من أجل أن تنظر، وإذا كانت تحتاج إلى هذا كأن تكون ضعيفة نظر فإنه لا بأس بأن تظهر عينيها؛ لأن هذا لحاجة.

حكم بلع ما يكون في الفم إذا أذن المؤذن

السؤال: إذا كان الصائم يأكل وسمع المؤذن هل يلفظ الطعام من فيه أم يبتلع الطعام ولا شيء عليه؟

الجواب: الذي يترجح لي أنه بمجرد ما يسمع المؤذن ويعلم أن المؤذن يؤذن في الوقت يمسك ولا يأكل حتى الطعام الذي في فيه، وبعض العلماء يوسع في الطعام الذي في الفم أو إذا كان في يده إناء ليشرب، والذي يترجح هو خلاف هذا، وعلى ذلك فيمتنع ولا يأكل ما في فيه.

حكم صيام من طهرت أثناء الأذان

السؤال: ذكرتم أن المرأة إذا طهرت قبل الفجر تنوي الصيام وصيامها صحيح، فكيف بمن تطهر أثناء الأذان؟

الجواب: إذا طهرت أثناء الأذان وكان المؤذن يؤذن في الوقت فإنها لا تصوم، لو طهرت أثناء قول المؤذن -مثلاً-: (حي على الصلاة) لا تصوم؛ لأنه بمجرد قول المؤذن: (الله أكبر) يكون قد دخل الوقت، فإذا قال المؤذن: (الله أكبر) دخل الوقت وعلى ذلك فلو طهرت أثناء الأذان فإنها لا تصوم.

حكم فطر من يشعر بآلام في المعدة لأجل الصوم

السؤال: أشعر بآلام حادة في معدتي عندما تكون خالية وأريد بشدة أن أصوم، فما العمل؟

الجواب: إذا كانت هذه المرأة تشعر بآلام حادة في المعدة عندما تكون خالية فهذه مريضة، فلها الفطر حتى تعالج نفسها فتقضي هذه الأيام، فإذا أخذت علاجاً فإن هذا لا يؤثر، هناك علاجات تمنع هذا الألم الذي يكون في المعدة.

حكم قضاء من طهرت في النهار

السؤال: إذا اغتسلت المرأة من الحيض في نصف النهار فهل عليها قضاء أم لا؟

الجواب: نعم عليها القضاء، إذا اغتسلت من الحيض في نصف النهار لا يجب أن تمسك، يعني: أذن الظهر فطهرت وغسلت وصلت الظهر، نقول: لا يجب عليك الإمساك، وعليك أن تقضي.

حكم استعمال الصائم البخور

السؤال: ما حكم البخور في الصيام، وهل صحيح أنه يصل إلى الجوف؟

الجواب: البخور محل خلاف بين العلماء، والطيب الآخر لا بأس به، أما البخور فهو محل خلاف، من العلماء من يقول: إن البخور يفطر، ومنهم من يقول: إنه لا يفطر، وهذا هو الراجح: أنه لا يفطر؛ لأنه ليس بطعام ولا شراب، الصحيح أن البخور لا يفطر، لكن الأولى للصائم أن يجتنبه خروجاً من الخلاف.

قضاء صلاة الليل

السؤال: هل صلاة الشفع والوتر لها قضاء؟

الجواب: نعم صلاة الشفع والوتر تقضى إذا كان قبل صلاة الفجر، يعني: بين الأذان والإقامة تقضين وتراً، إن كان وترك ثلاثاً فلم تستيقظي حتى أذان الفجر فصلي بين الأذان والإقامة ثلاثاً، وإذا أخرت ذلك إلى النهار فزيدي ركعة، إذا كان وترك ثلاثاً فصلي من الضحى أربعاً، وإذا كان وترك خمساً فصلي من الضحى ستاً، تزيدين ركعة واحدة.

حكم إفرازات الفرج

السؤال: هل الإفرازات تنقض الوضوء؟ وإذا كانت تنقضه فأحسست بخروجها وقت الصلاة فماذا أفعل؟

الجواب: الإفرازات إذا كانت تسيل من الفرج وتخرج منه، يعني: تسيل سيلاناً وتبرز من الفرج؛ فإن هذه تنقض الوضوء، وأما إذا كانت هذه الإفرازات رطوبة داخل الفرج فإنها لا تنقض الوضوء.

وأما الإحساس بخروجها وقت الصلاة فنقول: إذا كنت توضأت للصلاة وضوءاً غير سابق -يعني: توضأت لصلاة العشاء وخرج منك هذا الإفراز أثناء صلاة العشاء- فهذا لا يضرك، هذا له حكم سلس البول، أما إذا كان عليك وضوء سابق لصلاة المغرب فنقول: عليك أن تعيدي الصلاة؛ لأن الذي به سلس بول أو المرأة التي فيها استحاضة أو المرأة التي معها إفرازات مستمرة تبرز دائماً من فرجها عليها أن تتوضأ لكل صلاة، فنقول لهذه المرأة التي معها إفرازات مستمرة دائماً يفرزها فرجها ويخرج ذلك من الفرج يسيل سيلاناً، نقول لها: توضئي لكل صلاة.

بيان الجهة الفضلى في وضع الصدقة

السؤال: إذا كان عندي مال وأريد أن أخرجه للصدقة فما الأولى: أن أعطيه للمساكين أم أصرفه على أشرطة ومطويات للتوزيع؟

الجواب: كل ذلك خير، إن تصدقت به على الفقير فهذا خير، وإن صرفتيه إلى الأشرطة والمطويات التي توزع فهذا خير، فإن كان الناس لا يقبلون على شراء الأشرطة وتوزيعها والمطويات وتوزيعها ويقبلون على الصدقة على الفقير فنقول: الأفضل أن تضعي مالك في هذه الأشرطة ما دام أن الناس لا يقبلون على هذا العمل؛ لأن العمل الصالح الذي لا يقبل عليه الناس كونك تصرفين مالك فيه أفضل من الشيء الذي يقبل الناس عليه ويسدون فيه الحاجة.

حكم قراءة شيء من القرآن بغير تدبر

السؤال: إذا قرأت القرآن بدون تدبر، أتدبر في بعضه والأغلب لا، فهل يجوز؟

الجواب: نعم يجوز، لكن هذا خلاف الأفضل، الأفضل أن تقرئي القرآن بتدبر، لكن لو قرأت بغير تدبر فإنك تؤجرين لكن الأجر ينقص، الأفضل أن تقرئي القرآن بتدبر.

حكم استعمال الصائم معجون الأسنان

السؤال: ما حكم استخدام معجون الأسنان أثناء الصيام؟

الجواب: لا بأس، لكن احفظيه من الدخول في حلقك إلى جوفك، يعني: إذا كان المعجون في الأسنان فقط وفي الفم فقط ثم تغسلين الفم منه فلا بأس بذلك، ومثل ذلك: أن المرأة يجوز لها أن تتذوق الطعام بطرف لسانها لتعرف ملوحته وتعرف كونه ناقصاً من جهة السكر أو غير ذلك، لا بأس بذلك، تتذوق بطرف لسانها من غير أن تبلع الطعام الذي تتذوقه، ولذا قال ابن عباس رضي الله عنه: (لا بأس أن يتذوق الخل والشيء يريد شراءه)، ليس هناك مانع أن يتذوق بطرف اللسان من غير أن يبتلع هذا الطعام الذي في طرف لسانه، إذاً: معجون الأسنان يجوز لكن بشرط ألا تبلع ما في فيها.

حكم صيام من أكل أثناء الأذان أخذاً بقول من أفتى بذلك

السؤال: يأخذ زوجي بالرأي القائل بأنه يمكن الأكل والشرب بعد الأذان لدقائق، فهو يستمر بالأكل بعد الأذان بدقائق، فهل صومه للأيام السابقة صحيح؟

الجواب: ما دام أنه يأخذ برأي فنقول: هذا بناء على فتوى من أفتاه، لا يؤمر بالقضاء لكن يتنبه لما بعد ذلك، والحمد لله، الله جل وعلا قال: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187]، فلو قال قائل: كل واشرب حتى يجيء زيد فإذا جاء زيد وجب ترك الأكل والشرب، فهنا الله جل وعلا قال: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187]، والتبين يكون عند قول المؤذن: (الله أكبر).

حكم تناول الصائم الدخان

السؤال: إذا كان البخور ليس بطعام ولا شراب فلا يفطر، فهل معنى ذلك أن الدخان لا يفطر؟

الجواب: الدخان الذي يشربه بعض الناس يفطر باتفاق العلماء المعاصرين، وهو يدخل من الفم ويتحول في الجوف إلى شيء من المواد التي قد تغذي البدن وإن كان ضرره أعظم، فالدخان محرم على الصحيح وهو مفطر باتفاق العلماء المعاصرين.

حكم الجمع بين نية صيام القضاء ونية صيام الست

السؤال: هل يمكن قضاء الأيام التي أفطرتها في رمضان بنفس نية صيام الست؟

الجواب: لا، الست تطوع والقضاء فرض، فإذا أردت أن تصومي الست فأفرديها، لا تنوي القضاء وصيام الست في نفس الوقت، هذه عبادة وهذه عبادة.

مدة ترخص المسافر المقيم

السؤال: هل المسافر الناوي لإقامة أكثر من أربعة أيام يأخذ برخص السفر ومنها الإفطار في نهار رمضان؟

الجواب: هذا محل خلاف بين العلماء، من العلماء من يحدد ذلك بأربعة أيام، ومنهم -وهذا أصح فيما يظهر لي- من يجعل التحديد بتسعة عشر يوماً، ولذا قال ابن عباس رضي الله عنه في البخاري : (فنحن إذا أقمنا تسعة عشر يوماً قصرنا وإذا زدنا أتممنا)، فإذا أتيت إلى بلد وتنوين إقامة عشرين يوماً فنقول: أنت لك حكم أهل البلد، لا تقصري الصلاة، وأما إذا نويت أقل من عشرين يوماً -يعني: تسعة عشر يوماً أو ثمانية عشر يوماً- فلك أحكام المسافر، لك أن تقصري الصلاة لأثر ابن عباس هذا الذي تقدم ذكره، وبهذا ننتهي من إجابة الأسئلة، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , أحكام تخص المرأة في رمضان للشيخ : حمد الحمد

https://audio.islamweb.net