إسلام ويب

الإسلام دين كامل شامل، لجميع جوانب الحياة، وقد اعتنى بالإنسان منذ ولادته إلى آخر حياته، فبين الأحكام الخاصة بالولادة، وماذا يفعل عند الولادة، وماذا يجتنب، وقد ذكر الشيخ في هذا الدرس أحكام المولود، من ذبح العقيقة وحكمها، ومتى تذبح، وكم يذبح، وتسميته ومتى يسمى الولد، ومتى يحلق رأسه، وكذلك الأذان في أذن المولود، وغيرها من المسائل.

مقدمة عن الالتزام بالكتاب والسنة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أمَّا بَعْد:

فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

وإنها لبشرى سارة، ولفتة عجيبة؛ أن يتجه شباب الإسلام، أو معظمهم اتجاهاً علمياً إلى علم الكتاب والسنة، ويحرصون على ميراث محمد صلى الله عليه وسلم، ويبدءون تحصيلهم العلمي، مصرين على العودة إلى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، وهي بشرى تفرح المؤمن، لأنه لا رسالة إلا بعلم، ولا علم إلا قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم.

فالحمد لله الذي جعل من هؤلاء الشباب شباباً يحرصون على العلم النافع علم الكتاب والسنة، وعلى تخريج الأحاديث، ومراجعة أصول الإسلام، وتحقيق المسائل؛ لأن زمان الهيجان والحماس والنثر البارد الذي لا يستفاد منه قد أصبح يولي، وهذه بشرى ونسأل الله أن يزيد الخير خيراً.

وإذا كان ضابط المسلم الكتاب والسنة، فهو ضابط محدد معروف متجه؛ حينها لا يزيغ الشاب والمسلم في عبادته أو في عقيدته، ولا في أدبه أو سلوكه، ولا في ولائه أو برائه.

فالسنة سفينة نوح -كما قال الإمام مالك - فمن ركب معك في سفينة نوح نجا، ومن ترك وتخلف غرق.

فلا يخاف على صاحب الكتاب والسنة ولو شرق الناس وغربوا، ما دام أنه على الكتاب والسنة.

وهذه لفتة لا بد أن تذكر في أول الدرس.

أحكام العقيقة

نحن الليلة مع صاحبنا الأول القديم، الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- وهو في كتاب (العقيقة) يورد علينا الليلة حديثاً صحيحاً، وكل حديث في البخاري صحيح.

إذا قالت حذام فصدقوها>>>>>فإن القول ما قالت حذام

يقول: عن سليمان بن عامر الضبي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مع الغلام عقيقة؛ فأهريقوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى) رواه مع البخاري الجماعة إلا مسلم.

وفي العقيقة مسائل سوف نوردها هذه الليلة:

أولاً: تعريف العقيقة.

ثانياً: حكمها.

ثالثاً: ما معنى: إماطة الأذى.

رابعاً: ما معنى: (كل غلام مرتهن بعقيقته).

خامساً: ما معنى: (يذبح عنه يوم سابعه).

سادساً: ما معنى: (ويسمى فيه).

سابعاً: ما معنى: (مكافئتان).

ثامناً: قوله صلى الله عليه وسلم لما ذكرت العقيقة: (لا أحب العقوق) بينما قال: ( كل غلام مرتهن بعقيقته) فكيف نجمع بين اللفظين؟

تاسعاً: ما معنى قوله: (ويلطخ بزعفران

عاشراً: عق صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين. فكم عق عنهما؟ وكم يعق عن الذكر وعن الأنثى؟

الحادي عشر: التصدق بالفضة لصحة الروايات، وليس فيها ذكر الذهب.

الثاني عشر: الأذان في أذن المولود يوم تلده أمه، وهل الإقامة سنة أم لا؟ وتحقيق الكلام في ذلك.

الثالث عشر: استحباب تحنيك المولود، وأن يكون المحنك صالحاً، وبماذا يحنك به المولود؟ وما هو التحنيك؟

الرابع عشر: الأسماء المختارة المبجلة المشرفة في الإسلام، والأسماء الصادقة، والأسماء المنهي عنها.

الخامس عشر: هل يجزئ غير الغنم في العقيقة؟ هل تجزئ الإبل والبقر وغيرها؟ وهل يشترك في البدنة والبقرة؟

السادس عشر: هل يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية، من ألا تكون جدعاء، ولا هتماء، ولا هزيلة. أم لا؟

السابع عشر: متى يبدأ وقت ذبح العقيقة؟ هل يبدأ بعد الفجر من اليوم السابع، أو في الضحى؟ وهل يجوز في الليل؟ وهل يجوز أن تذبح قبل السابع؟ وهل يجوز أن تذبح بعد السابع؟ وتحقيق الكلام في ذلك.

الثامن عشر: تنزع جدولاً، أي: أعضاءً، ولا تكسر. وما الحكمة في ذلك؟ وما الدليل على ذلك؟

هذه المسائل كلها نتدارسها الليلة بعون الله وتوفيقه وفتحه بعنوان: "العقيقة وأحكامها".

تعريف العقيقة

العقيقة مشتقة من العق، وهو: القطع والشق. يقال: عققت اللحمة أي: قطعتها، وعققت الثوب أي: شققته. وعققت الحبل: أي قطعته. وعق الثوب: شقه. فهي الشق والقطع.

وهي: الذبيحة التي تذبح للمولود، ولا يصح أن تسمى تميمة كما يسميها بعض الناس بل هي عقيقة في اليوم السابع.

نفلق هاماً من رجال أعزةٍ>>>>>علينا وهم كانوا أعق وأظلما

يقول: نقطع رءوساً عزيزة علينا وأقارب، لكنهم ظلمونا وجاروا علينا.

وقد استشهد بهذا البيت -كما في السير - يزيد بن معاوية لما قتل الحسين بن علي، فقد قتل في خلافة يزيد، وقد قتله عبيد الله بن زياد بن أبيه، وقد أرسل له أحد أولاد سعد بن أبي وقاص في كتيبة فقتله.

وكانت مقتلة الحسين مصيبة كما يقول ابن تيمية: ينبغي علينا إذا تذكرنا مقتل الحسين أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون.

الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:156-157].

وذكر ابن كثير -ولا بأس بهذا الاستطراد لأنه حقيقة علمية عقدية- أن ابن عباس -رضي الله عنه وأرضاه- نام في مكة، في الوقت الذي قتل فيه الحسين في طريق العراق، فاستفاق ابن عباس وهو يبكي، فقالوا: ما لك؟ قال: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يلقط دم الحسين من الأرض ويقول: هكذا يا بن عباس! فعلت أمتي بابني هذا الفعل.

ولما أتى قتلة الحسين إلى عبيد الله بن زياد في العراق قالوا: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.. أي كأنهم انتصروا. فيقول شاعر الإسلام:

جاءوا برأسك يا بن بنت محمد>>>>>متزملاً بدمائه تزميلا

ويكبرون بأن قتلت وإنما >>>>>قتلوا بك التكبير والتهليلا

من الذي أتى بالتكبير والتهليل إلا أنت وجدك!

ولما أدخل رأس الحسين على عبيد الله بن زياد، أخذ ذلك المتبجح يمد صوته وعصاه على أنف الحسين ويقول: هذا خرج علينا وظلمنا، فقال له زيد بن أرقم: يا عبيد الله! ارفع عصاك، فوالله لطالما رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يقبِّل هذا الموضع ويقول:{الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا}

ولكن أنصف الله من عبيد الله بن زياد -وهي جراحات في وجه التاريخ- فقد قُطع رأسه بعد سنة، قطعه المختار بن أبي عبيد الثقفي، ووضعه في نفس المكان، ولكن لم يضع المختار عصاه كما فعل عبيد الله، بل أتى ثعبان صغير -حية- فكان يدخل في أنف عبيد الله بدل العصا، ثم يخرج -وهذا في البخاري - ثم يعود، فيقول: جاءت جاءت -أي: الحية- فيدخل في أنفه ويعود: جَزَاءً وِفَاقاً [النبأ:26].

إذاً: قال يزيد لما رأى رأس الحسين:

نفلق هاماً من رجال أعزةٍ >>>>>علينا وهم كانوا أعق وأظلما

والله ما كان فيهم إلا السماحة والخير والبر واليسر.

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته >>>>>والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله >>>>>بجده أنبياء الله قد ختموا

حكم العقيقة

أما حكم العقيقة ففيها ثلاثة أقوال:

ذهب أبو حنيفة -رحمه الله- إلى أنها من أعمال الجاهلية، وليست بسنة ولا واجب ولا يفعلها إلا جاهلي.

فغضب ابن قدامة في المغني غضباً شديداً.. وما كان له أن يغضب، فهو رقيق ظريف، يتعامل مع العلماء برقة، لكنه غضب هذه المرة، وخرج عن شعوره، وقال: إن دل هذا على شيء، فإنما يدل على قلة علم أبي حنيفة بالآثار وجهله بالسنة.

وهذه العبارة من كيس ابن حزم وليست من عبارات ابن قدامة، لكنه خرج عن شعوره.

فالقول الذي قاله أبو حنيفة خطأ، وكل يؤخذ من كلامه ويرد، إلا صاحب ذاك القبر عليه الصلاة والسلام.

وذهبت الظاهرية وعلى رأسهم ابن حزم وداود وهو قول الليث والحسن البصري، إلى أنها واجبة، واستدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {كل غلام مرتهن بعقيقته} فقالوا: ما دام أنه مرتهن فهي واجبة.

وتوسط الجمهور -وفق الله الجمهور إذ اتبعوا الدليل- فقالوا: إنها سنة وليست بواجبة.

لسنا مع أبي حنيفة في إنكارها، ولسنا مع ابن حزم في إيجابها، لكن نقول: إنها سنة. قلنا: ما دليلكم؟

قالوا: قوله صلى الله عليه وسلم في السنن بسند حسن: {من شاء أن ينسك عن ولده فليفعل، ومن شاء فليترك} ولأنه أمر ما ركب عليه واجب، ولأنه يجهله بعض الناس من الأمة، والواجب لا يجهل.

هذا من ردود الجمهور وهو الصحيح إن شاء الله.

أما ابن تيمية، وابن القيم فقالوا: إنها مشروعة.. ويحتمل أن تكون واجبة، وأن تكون سنة. فالأقرب أنها سنة.

والأحسن للعبد أن يعق عن ابنه، فإنه أنفع وأفيد وأقرب وأحسن؛ فإن لم يفعل فالله المستعان، لا يُلزم، ولا يُحبس، ولا يُطاف به في العشائر والقبائل ويضرب بالجريد والنعال، ويقال: هذا جزاء من ترك العقيقة عن ابنه. لا. فالأمر أيسر من ذلك.

معنى: إماطة الأذى في الحديث

ما معنى إماطة الأذى؟

يقول صلى الله عليه وسلم: {مع الغلام عقيقة؛ فأهريقوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى} فالأذى: هو الشعر. قال ابن سيرين في سنن أبي داود: إن لم يكن الأذى الشعر، فلا أدري ما هو!

فمن السنة إذا ولد لك مولود -والإطلاق وارد والعموم في الذكر والأنثى- أن تحلق شعر رأسه، وهو إماطة الأذى؛ لأن ابن سيرين يقول: إذا لم يكن إماطة الأذى حلق الشعر، فلا أدري ما هو!

ولكن الشوكاني يعمم فيقول: الأذى يشمل الشعر وغير الشعر. فمسمى الأذى فيه عموم؛ أن ينظف ويحلق شعره، وهذه سنة الإسلام.

في سنن أبي داود عن قيس بن عاصم المنقري: أنه لما أسلم، أمره صلى الله عليه وسلم أن يختتن، وأن يلقي عنه شعر الكفر -كأن من الحكمة: أن يدخل بشعر جديد في الإسلام- فحلق شعره واختتن واغتسل.

ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: { كل غلام مرتهن بعقيقته} محبوس أم مقيد أم ماذا؟

لأهل العلم في ذلك رأيان:

قال الإمام أحمد رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته: معنى: (مرتهن بعقيقته) أي: إذا مات وهو طفل لا يشفع لوالديه حتى يُعق عنه. فهو مرتهن، أي: ممنوع من الشفاعة لك؛ لأن الطفل إذا مات صغيراً شفع لوالديه، ولذلك ندعو لوالديَّ الطفل في صلاة الجنازة، أن يكون شفيعاً وفرطاً لوالديه. والفرط: هو سابق القوم عند الماء، فهو يسبقك عند الحوض.

وقد وورد في أحاديث: {أن الولدان يخرجون من الجنة يتلقون آباءهم فيأخذون بهم إلى الجنة} فحبذا من عنده أولاد قدموا قبله يوم القيامة، وحبذا من عنده بنات وقفن له عند الحوض يوم العرض على الله، فإنه موقف صعب؛ حتى يقول أحد الأنصار الذي يرى الموقف كأنه رأي العين: {يا رسول الله! أين ألقاك في ذاك اليوم؟ -زحام، وهولٌ، والصحف تتطاير، والنفوس تخاف وتهلع- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلقاني عند واحد من ثلاثة مواطن لا أغادرها: عند الصراط، أو عند الميزان، أو عند الحوض}.

هذا هو رأي الإمام أحمد في معنى: (مرتهن بعقيقته).

وقال بعض العلماء: لا يسمى ولا يُحلق إلا بعد ذبح العقيقة. أي: إن التسمية والحلق رهينة بالذبيحة. وهذا القول قريب إن شاء الله.

والكل ليس عندهم دليل تأصيلي تفصيلي، لكن نقول: لا بأس أن يجمع بين قول الإمام أحمد وقول من قال بهذا القول.

متى تذبح العقيقة

السنة أن يذبح عنه في اليوم السابع.

فقد ورد عند أبي داود، والترمذي، والبيهقي، وجمع غفير، وهو حديث صحيح؛ أن العقيقة تذبح في اليوم السابع.

قال الترمذي: وهو قول أهل العلم، أن تذبح عنه في اليوم السابع، فإن فات ففي الرابع عشر، فإن فات ففي الحادي والعشرين. وتوقف الشوكاني وسأل الترمذي وقال: من أين لك هذا؟ فمن أتى بقول قلنا له: ما هو دليلك؟

قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا [الأنعام:148].. قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:111].

والصحيح ما قاله الترمذي لكن بتحفظ، أما أنه قول أهل العلم جميعاً فلا. وهناك رواية عن مالك، أنه ليس في الرابع عشر ولا في الواحد والعشرين.

ولكن روى البيهقي بسند يقبل التحسين: أنه إن فات في اليوم السابع، ففي اليوم الرابع عشر، فإن فات في اليوم الرابع عشر ففي اليوم الواحد والعشرين. إذاً يذبح عنه في اليوم السابع من يوم ولادته.

وسوف نفصل الكلام في عددها وسننها وأحكامها وكيف تذبح.

فإن فاتك اليوم السابع كأن يكون لك غرض أو عذر، ففي اليوم الرابع عشر، ولا تجعلها في العاشر أو في الخامس عشر، فإن فاتك؛ ففي الواحد والعشرين، فإن فاتك؛ فلا بأس أن تقضيها ولو كبر الابن، فقد جاء عند البيهقي: {أن الرسول صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه} ولكن الحديث ضعيف.

وأهل العلم يتساءلون: هل ولد صلى الله عليه وسلم مختوناً أم أنه ختن؟

والصحيح أنه ولد مختوناً عليه الصلاة والسلام.

خلقت مبرأ من كل عيب>>>>>كأنك قد خلقت كما تشاء

وأحسن منك لم تر قط عيني>>>>>وأجمل منك لم تلدِ النساء

فرسول الله صلى الله عليه وسلم ولد مبرأ من كل عيب، لا يتثاءب ولا يحتلم ولا يلعب عليه الشيطان.. أنفاسه طيبة.. عرقه طيب.. وكله طيب.

وأما حديث: {عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نفسه} فهو حديث ضعيف؛ لأنه يحتاج إلى مقو، وليس له مقو.. تقطعت بالحديث الحبال. وسوف نعرج عليه.

ثم نأتي إلى البيهقي وهو ينقل عن عبد الله بن بريدة قال: [[من فاته اليوم السابع ففي الرابع عشر، ومن فاته الرابع عشر ففي اليوم الواحد والعشرين]] وهذا أمر مطلوب ومقبول، والسند يقبل التحسين.

حكم العقيقة من غير الوالد

قوله عليه الصلاة والسلام: {يذبح عنه في اليوم السابع} فيه مسائل:

منها: أنه يجوز أن يتبرع بالذبح غير الوالد، فإذا تبرع الجار وقال: أذبح عن ابنك وأعق عنه. قلنا: جزاك الله خيراً، ومثلك يفعل هذا.

وإذا أتى رجل محسن وقال: عندي هذه العقيقة. قلنا: أحسنت وأجزلت زادك الله تبرعاً وخيراً.

فلا يشترط أن يكون الوالد هو الذي يعق؛ لأنه قد يكون فقيراً.

ومنها: أنه يجوز أن يُعق غيرُ المولود.

ومنها: أن وقتها لا بد أن يكون في اليوم السابع، أما قبل السابع فلم يرد في ذلك شيء، وقد أجازه بعض الفقهاء، وقالوا: يجوز في السادس والخامس، لكن هذا فيه تخوف، وهو أن يموت الولد قبل السابع، فتخسر وتذبح وتغدي الناس ثم يموت بعد الغداء، فلا كفاك مصيبة الولد، ولا مصيبة الذبائح والولائم. وقد مر معنا كلام ابن الجوزي عن هذه المسألة.

قال صلى الله عليه وسلم: {ويسمى فيه} أي: يسمى في اليوم السابع، فلا يسمى الابن قبل اليوم السابع، لا في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث وإنما في السابع.

ولكن جاء عند أبي داود: (ويدمى) بدل (يسمى) فقالوا: وَهمَ هَمَّام في هذه الرواية فقال: يدمى بدل يسمى.. وقيل: كان راوٍ من الرواة ألتق -يأكل الكلام- فأتى ليقول: يسمى. فقال: يُدمى.

والحديث يلقط مثل المغناطيس،حفظه جهابذة، كل واحد كحية الوادي،إذا سمع الكلمة لقطها.

ولكن بقي قتادة بن دعامة السدوسي على هذا القول، فقال: يدمى الابن. قلنا له: كيف يدمى؟ قال: إذا ذبحت الذبيحة، يؤخذ من دمها بصوفة ويُجعل على بطنه ثم يدمى رأسه.

وقد قال بهذا القول ابن عمر، وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وقتادة بن دعامة السدوسي.

لكن الصحيح أن هذا خطأ ووهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم عند ابن ماجة، من حديث يزيد بن عبد الله المزني: {يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم} وهذا نص. لكن قالوا لنا: الحديث مرسل، وصدقوا. قال الناظم:

ومرسلٌ منه الصحابي سقط>>>>>وقل غريبٌ ما روى راوٍ فقط

فـيزيد بن عبد الله المزني تابعي، وأبوه عبد الله المزني صحابي، وهو لم يروِ عن أبيه، فانقطع السند.

لكن الأقرب -أيها الأبرار- أنه لا يدمى، والتدمية من يفعلها فقد أخطأ، وهي من أفعال الجاهلية؛ فقد ورد في السنن أن أهل الجاهلية كانوا يفعلون ذلك، ولكن لما أتى الإسلام منعهم من ذلك، وقال عليه الصلاة والسلام كما في السنن بسند حسن: {واجعلوا مكان الدم خلوقاً} وفي رواية حسنة: {زعفراناً} أو ما يقوم مقامه كالمر ونحوه من الطيب.

وقد جاء عند ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها قوله صلى الله عليه وسلم: { كانوا في الجاهلية إذا عقوا يضعون على الرأس دماً، فضعوا مكان الدم زعفراناً أو خلوقاً} والحديث صحيح.

وما معنى التسمية؟

قال: ابن أبي شيبة كما في المصنف يسمى في اليوم السابع على معنيين:

الأول: أن يسمى باسمه، كأن يقال: هذا اسمه محمد بن عبد الله بن سعيد، وهذا هو الصحيح.

الثاني: قيل: المعنى أن يسمى على الذبيحة ويقول: باسم الله وهذا ليس بصحيح، بل الصحيح أنه يسمى هو في اليوم السابع، ولا يسمى قبل ذلك.

المقصود بقوله: مكافئتان

ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم في السنن بسند صحيح: (عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة) بفتح الفاء أو بكسرها. ما معنى هذا؟

قيل: معناها متقاربتان في السن، فلا تكون هذه كبيرة من القرن السادس، ولا تكون هذه صغيرة بعد الحرب العالمية الثانية. بل تكون متقاربة في السن بعضها من بعض، فلا يأخذ جذعة ومعها كبيرة قد سقطت أسنانها واتقو الله ما استطعتم.

وقيل: التكافؤ: أن تكون مستويتان في النوع، فلا تكون هذه ماعز وهذه ضأن، وهذه ضأن عراقية وهذه نجدية، بل تكون من أسرة واحدة، وتكون رضعت في سنٍ واحدة.. ولكن هذا بُعدٌ وتكلف، إنما أن تكون متقاربتين في السن، ولا بأس أن يكون تيساً وكبشاً أي: من الضأن. ولا بأس أن تكون أنثيين، ولكن الذكران أحسن؛ لأن عطارد بن حاجب يقول لـسجاح التي ادعت النبوة:

أضحت نبيتنا أنثى يطاف بها>>>>>وأصبحت أنبياء الله ذكرانا

والله عزوجل يقول: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى [آل عمران:36].. لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11] فالأحسن أن تكون كباشاً؛ لأنها تستسمن ولأنها عبادة، ولأنها من المناسبات الإسلامية، ولو كانت ولائم لاستسمنها الإنسان، وبعض الناس يفعل ذلك إذا كان في زواج، ويدعو الوجهاء فلا يأخذ إلا أغلى شيء، لكن إذا كانت عقيقة، أخذ قحمة شوهاء هلتاء مرتاء، قد أكل عليها الدهر وشرب، ثم ذبحها وقال: اللهم اكتب لي بها ولذريتي ولإخواني وأعمامي الجنة.. فهذه أولى من مناسبات الدنيا، فهي مناسبات دينية.

يقول مالك بن أنس رحمه الله: تذبح شاة عن الذكر وشاة عن الأنثى.

قلنا له: يا أيها الإمام المعتبر! أتت السنة بشاتين عن الذكر وشاة عن الأنثى، والسنة تقدَّم على رأي كل واحد من الناس؛ لأنها سنة محمد عليه الصلاة والسلام. واستدل بحديث بريدة الأسلمي: (كنا نذبح شاة شاة عن الذكر والأنثى) قلنا: الحديث فيه كلام، ولكن ما هو دليلك الآخر؟

قال: وعن ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه قال -كما في السنن -: (عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين شاة شاة) قلنا: لا. بل ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة) وهذا حديث حسن. فكيف نجمع بين هذه الروايات؟

الجمع أن يقال: أولاً: زيادة الشاة زيادة ثقة، وزيادة الثقة مقبولة.

ثانياً: نقول: الرسول صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين شاة شاة، وهذا فعل، ولكنه قال للناس: عن الغلام شاتان. والقول عند أهل الأصول يقدم على الفعل.

إذاً: فالراجح الذي عليه الجمهور: أنه عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة واحدة، فهذا هو الصحيح، وهذا هو تحقيق المسألة، والجمع يكون من وجهين كما تقدم، ويرد على من ذهب إلى ذلك المذهب الضعيف.

المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا أحب العقوق)

يقول عليه الصلاة والسلام في حديث رواه أحمد وأبو داود والنسائي وسنده صحيح، لما قيل له: {يا رسول الله! كيف العقيقة؟ قال: لا أحب العقوق} نعوذ بالله من عقوق الوالدين والرحم والأصدقاء.

قال الراوي: كأنه كره الاسم صلى الله عليه وسلم {فقالوا: يا رسول الله! الرجل منا يولد له ولد فماذا يفعل؟ فأخبرهم صلى الله عليه وسلم} أليس في هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كره العقوق؟ لكنه صلى الله عليه وسلم قال -كما تقدم في صحيح البخاري : {مع الغلام عقيقة} هذا لفظ البخاري. ولفظ الخمسة: { كل غلام مرتهن بعقيقته} فكيف نجمع بين كراهيته صلى الله عليه وسلم للفظ العقيقة، وبين هذين الحديثين؟

الجمع أن يقال: الرسول صلى الله عليه وسلم كره الاسم، وكراهته للاسم؛ لأنه لا يحب أن يتوصل بهذا الاسم إلى أخذ الأسماء المكروهة، وجعلها لغة بين الناس.

ولكن لماذا قال: {مع الغلام عقيقة} و{ كل غلام مرتهن بعقيقته

قلنا: الدليل الجواز، والجواز لا يمنع من الكراهة، وهذه قاعدة أصولية.

وقد يكون الأمر مكروهاً، لكنه جائز أحياناً. فليتنبه لهذا.

إذاً: قول: عقيقة جائز، لكن الأفضل ألا نقول: عقيقة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال: { مع الغلام عقيقة} خاطبهم بلغتهم، فهم يفهمون العقيقة، ولما قال هناك: {إني أكره العقوق} أراد أن يترفع عن هذه الألفاظ.

فقد كره صلى الله عليه وسلم في السنة لفظ يثرب؛ لأنه من التثريب، والتثريب يعني: التوبيخ والمعاتبة.

وقد قال إخوة يوسف ليوسف: قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ * قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف:91-92] فالتثريب: معاتبة وتوبيخ.

والله عزوجل قد ذكر المدينة في القرآن، فسماها في مواضع: المدينة، وسماها: يثرب.. قال الله تعالى: مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ [التوبة:120] الآية. وقال عن المنافقين: يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا [الأحزاب:13] فلما ذكر الإيمان والجهاد ذكر المدينة، ولما ذكر النفاق والمنافقين أتى بلفظ يثرب؛ فالتثريب عليهم، والمدينة المنورة مدينة المؤمنين، تنور بصائرهم وأفئدتهم.

فقد يستخدم اللفظ هنا بغير ما يستخدم هناك، وعليك أن تجمع بين ما أتى في السنة بما جمع به أهل العلم.

المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم: ويلطخ بزعفران

الزعفران نبت معروف، يسحق مع مخلوط، ويوضع على الرأس.

والزعفران مطلوب لفوائد طبية ذكرها أهل الطب، واختارها محمد عليه الصلاة والسلام.

قال أهل العلم: فيه دليل على استحباب تلطيخ رأس الصبي بالزعفران أو غيره من الخلوق الذي يشابهه، كالمر والحناء والكتم، أو ما يشابه ذلك. والمسألة فيها سعة، أما الدم فلا يوضع أبداً.

جاء في الحديث الذي مر معنا: (عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين) فيه دليل على أنه يجوز أن يعق غير الأب من الأقارب، كالعم والخال، والأخ الكبير، فلا يشترط الأب؛ للحديث السابق.

وجاء عند أحمد بسند ضعيف فيه ابن عقيل(أن فاطمة رضي الله عنها وأرضاها، أخبرت الرسول صلى الله عليه وسلم بـالحسن، فقال: لا تعقي عنه) لأنه عق عنه صلى الله عليه وسلم، فهو الذي تصرف.

وفيه: إذا مات الوالد عنه فعلى الذين يقومون بالنفقة أن يعقوا عنه.

قالالشافعي في رواية عنه: من تلزمه النفقة على المولود عليه أن يعق. أي: من الذي يورثه أو يرث منه من الأقارب والإخوان والعصبة فهؤلاء يعقون عنه؛ لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك.

وروى البيهقي عن أنس: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه) ولكن الحديث منكر فيه عبد الله بن محرر وهو منكر الحديث، قال الحافظ ابن حجر: عبد الله بن محرر ضعيف جداً في الرواية، وهو الذي روى عنه البيهقي حديث: (عق صلى الله عليه وسلم عن نفسه) فلينتبه لهذا.

وفيه دليل على أن الإنسان يعق عن نفسه، لكن أن ينتظر المولود حتى يكبر ويعق عن نفسه؛ فهذا غير صحيح.

بعض أحكام المولود

حكم التصدق بالذهب والفضة

هل ورد التصدق بالفضة؟ وهل يجوز التصدق بالذهب؟

ورد أن يتصدق بوزنه وَرِقاً عند أحمد، والوَرِق هي الفضة، قال تعالى عن أصحاب الكهف: فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ [الكهف:19].

قال صلى الله عليه وسلم: {ويتصدق بوزنه}. ووزنه أن يقدر، أما أن يضع الشعر في الميزان فلم يرد ذلك.

وهل يضع الذهب مكانه؟

قال أهل العلم: يجوز ذلك.

قلنا: أين دليلكم؟

قالوا: ما رواه الطبراني في الأوسط بسند فيه رواد بن الجراح وهو ضعيف -وسوف يحقق الكلام في رواد بعض طلبة العلم- ذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بست منها: {أن يتصدق عن المولود بذهب} ولكن الرواية ضعيفة، فيتصدق بالفضة، ولكن إذا تصدقت بذهب أو بشيء من الدراهم الموجودة الآن فالأمر سهل.

وعليك أن تقدر تقديراً، كأن تتصدق بعشرة ريال، أما إن وزنت شعره فيمكن أن يأتي شعره بقرشين، فتدفع في سبيل الله، لرفع راية الجهاد في أفغانستان قرشين وتقول: هذه عن المولود.. فهذه لا تنفع. لكنك تقدر، والذي في جانب الله لا يضيعه الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

فهذه مسألة التصدق مكان الشعر المحلوق بالفضة أو الذهب.

حكم الأذان في أذن المولود

المسألة الثانية عشرة: الأذان في أذن المولود.

ورد عنه صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود {أنه أذَّن في أذن الحسن} لماذا؟ لينشأ على لا إله إلا الله، وليرتضع لا إله إلا الله وهو صغير، ليكون أول ما يطرق أذنه لا إله إلا الله والله أكبر، ويتربى على الفطرة: فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا [الروم:30].. {كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه} هكذا يُنَشأُ المولود على لا إله إلا الله:

ولدتك أمك يابن آدم باكياً>>>>>والناس حولك يضحكون سرورا

فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا >>>>>في يوم موتك ضاحكاً مسرورا

فلا يولد على الغناء، ولا يكبر إلا وعنده اثنان وعشرون أغنية للمغنين والمغنيات، الماجنين والماجنات، الأحياء منهم والأموات.. فسوف ينشأ ضالاً ضائعاً، لا يساوي شيئاً.. والذي يحفظ الغناء لن يحفظ سورة البقرة، ولن يعرف المسجد إلا أن يتوب الله عليه، فهو يظن أن الحياة كلها غناء:

قال ابن عباس ويرسل ربنا>>>>>ريحاً تهز ذوائب الأغصان

فتثير أصواتاً تلذ لمسمع الـ>>>>>إنسان كالنغمات في الأوزان

يا خيبة الآذان لا تتعوضي>>>>>بلذاذة الأوتار والعيدان

فحرام أن يستمع الغناء، أو ينشأ عليه، وتحبب له المرأة والجنس وهو صغير، ويظن أن مهماته في الحياة أن يكون عبداً للدينار والدرهم، أو يكون عبداً للمرأة، أو عبداً للكأس، أو عبداً لصورة خليعة.. فهذا حرام.

فيؤذن في أذنه، ولكن يؤذن بعقل، فلا يفجر طبلة أذنه، أو حتى يسمع أهل الحارة، بل يؤذن أذاناً هادئاً، لأنك إذا أذنت ورفعت صوتك سوف يموت، والله يقول: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:156].

وهل يقام في أذنه الأخرى؟

ورد عن عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد، أن كان يقيم في الأذن الآخرى، لكنه موقوف عليه، ولم يرفع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

فنقول: ما دام أنه موقوف فلا يقال: إنه سنة، فلا تأتي البضاعة إلا مِنَ الذي في المدينة عليه الصلاة والسلام، وعليها خاتمه بالصحة، فهي البضاعة المطلوبة، أما غيره فنأخذ، ونرد عليه إذا قابل السنة.

فالإقامة لم ترد إلا من فعل عمر بن عبد العزيز، فأنت تؤذن فقط، أما الإقامة فلا.

استحباب تحنيك المولود

من السنة إذا ولد لك مولود، إن كنت صالحاً -ونسأل الله لنا ولك الخير- أن تأخذ شيئاً من التمر، فإن أعوزك فعسل، فإن أعوزك فشيئاً من سكر، أو شيئاً حلواً وتحنطه به، وهذا فيه حكم ولطائف، حتى يقول ابن القيم: هو أحسن ما يباشر بطن المرأة النفساء؛ ولذلك الصائم أول ما يفطر على التمر؛ لأن الحلو فيه قوة تدافع الجائع، والمولود لم يأكل من الحياة شيئاً، فأول ما يقدم له التمر الحالي -لا يقدم له (فصفص) ولا غيره إنما يقدم له تمر- ويمضغ حتى يصير سائغاً للشاربين، ثم يوضع في فمه.

جاء في صحيح البخاري وصحيح مسلم { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بـعبد الله بن أبي طلحة وهو صغير - ابن أم سليم وأبي طلحة أتى به أخوه من أمه أنس - قال: فأتيت الرسول صلى الله عليه وسلم، فوجدته يطلي إبلاً من إبل الصدقة -محمد عليه الصلاة والسلام، معلم البشر، الذي رفع الرءوس إلى النظر، الذي نزل وحيه كالمطر، الذي علم الإنسان وفقه الإنسان، ومع ذلك يطلي إبل الصدقة- قال: فأتيته بابن أبي طلحة وهو لا زال صغيراً، أي: أنه ولد الآن، ما دخله لا لبن ولا ماء ولا شيء، يريدون بركة ريقه صلى الله عليه وسلم:

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه>>>>>فيه العفاف وفيه الجود والكرم

يا خير من دفنت في القاع أعظمه>>>>>فطاب من طيبهن القاع والأكم

فأخذ الطفل، وأخذ تمرة عليه الصلاة والسلام، فمضغها -انظر إلى المربي الأجل، والمتواضع.. يراعي الناس في أطفالهم، يقف مع المولود ومع المرأة فيعيش مشكلتها.. يطلي الإبل والجهاد يدار على كفه.. وتربية الأمة، وشئون المرأة، وشئون الاقتصاد والإدارة والفتيا والتعليم والدروس.. كلها على يديه - ثم وضعها، فأخذ الطفل يتلمظ التمر، فقال عليه الصلاة والسلام وهو يتبسم: انظروا حب الأنصار للتمر}. لأن الأنصار أهل تمر وهذا الابن أنصاري، فهو يحب التمر.

وقد ذكر عليه الصلاة والسلام الجنة، فوصفها ووصف نخيلها؛ فقال أعرابي: يا رسول الله! أفي الجنة نخل وزروع؟ قال: إي والذي نفسي بيده. قال: إذاً الجنة تعجب الأنصار.. بل تعجب كل مسلم، ونسأل الله أن يجعلنا من وراث الجنة، وألا يحرمنا الجنة، فوالله إذا كان سعينا وعملنا ودروسنا ومحاضراتنا وبيوتنا وسيارتنا للدنيا، فيا خيبتاه!! فوالله إنها دنيا مريضة وحزينة، ودنيا الهم والغم، وما ارتحنا فيها أبداً، إن ارتحت اليوم اغتممت غداً، وإن سلم ابنك ماتت ابنتك، وإن نجحت البنت رسب الولد، وإن تشافى الرأس مرضت اليد؛ فهي دنيا مكدرة لا تصلح أبداً.

قال رجل للحسن البصري: ماذا أفعل ببطني؟ إن جعت أتتني رعشة -أي: ارتعدت- وإن شبعت كظني بطني. قال: التمس لك يا بن أخي داراً غير هذه الدار، فهذه لا تلائمك ولا تناسبك.

لا دار للمرء بعد الموت يسكنها>>>>>إلا التي كان قبل الموت يبنيها

فإن بناها بخير طاب مسكنه>>>>>وإن بناها بشر خاب بانيها

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من ورثة تلك الدار.

ولا بد أن يكون المحنِّك صالحاً، فلا تذهب به إلى فاجر وتقول: يا بركة الزمان! يا درة المعمورة! نتبرك بك لهذا الابن. لا. وأنا أتحفظ عند كلمة "يتبرك" وقد أطلقها الشوكاني وغيره، لكن المراد أن يدعي له، أما أن يتبرك بآثاره فأتحفظ عنها، وأستغفر الله منها؛ لأنها طريق إلى الخزعبلات والخرافات.

أمة تبني مجدها ودينها وعلمها على خرافات؛ أمة لا تصلح، والآن أصبح السحر والكهانة منتشراً حتى في المدن.

أمة عاقلة، وأمة أصبحت تسير أمورها على الكمبيوتر، لكنها مخرفة.. تعلق التمائم، وتأخذ بعض الحجارة، وتفعل هذه الخرافة.. أين العقول؟! فهذا حرام.

والتبرك مدخل إلى الخرافة، ولكن يذهب به إلى رجل صالح ويقال: نريد أن تدعو له، ودعاء الصالحين مطلوب، أما أن يتبرك بثوبه، أو بغترته، أو بشرابه فلا يكون التبرك إلا بآثار محمد صلى الله عليه وسلم فقط، أما هؤلاء الذين ينصبون أنفسهم للدجل والخرافة، وليس عندهم قال الله ولا قال رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ليأكلوا أموال الناس بالباطل؛ فهؤلاء كفرة؛ فإن الساحر كافر، وحده ضربة بالسيف.

ومن أتى كاهناً أو عرافاً أو ساحراً فصدقه؛ فقد كفر بما أنزل على محمد، ومن أتاه ولم يصدقه فلن تقبل له صلاة أربعين يوماً، ومن ذهب إليه مصدقاً فلا قبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ولا كلاماً، ولا رضي عنه، ولا تقبل منه.

وهؤلاء الكهنة متخلفون، وهم أعداء الرسل عليهم الصلاة والسلام.

وليس هذا مجال هذا الكلام؛ لكنه استطراد لا بد منه؛ لأنها مسألة وقعت وأصبحت ظاهرة في المجتمع؛ فإن السحر موجود، وقد أخبرنا رئيس الدعوة هنا الشيخ مداوي، أنه قد اطلع على عشرات القضايا من هذه المسألة بنفسه في المدن وفي القرى، وأصبح الناس يذهبون إلى السحرة طوابير، حتى من بعض خريجي الشريعة وأصول الدين؛ نسي أنه قرأ فتح المجيد وفتح الباري وقرأ فتاوى ابن تيمية، ونسي عقله وعلمه ودينه يوم ذهب، فعلق دينه في بيته وذهب.. نعوذ بالله من الخذلان.

ضرورة اختيار الاسم الطيب

من السنة أن تسمي المولود في اليوم يوم السابع، باسم إسلامي لطيف، اسم محمدي أحمدي، وليس من أسماء الخواجات، أو أعداء الرسل والكتب والرسالات.

ومن الأسماء التي تسمى، وهي أحب الأسماء إلى الله عزوجل: عبد الله وعبد الرحمن، كما صح فيها الحديث، أما حديث: {أحب الأسماء ما عُبِّد وما حُمِّد} فهذا حديث لا يصح، بل هو موضوع. فتسمي عبد الله، عبد الرحمن، عبد السلام، وكل اسم فيه تعبيد، إذا ثبت الاسم أو الصفة لله في الكتاب أو السنة.

أما أن تأتي بأسماء وتركبها وتقول: عبد اليقظان، أو عبد الموجود، أو عبد الساهر الذي لا ينام؛ فهذا ليس بصحيح، ولم يرد به الدليل.

فتأتي بالأسماء الشرعية معبدة لله تعالى، ونعوذ بالله من التعبيد لغير الله، فهو حرام، مثل: عبد الكعبة، عبد المطلب، عبد النبي، عبد المسجد، عبد الخبز، عبد التميز... فلا بد أن يكون عبداً لله عزوجل، بالأسماء الحسنى التي وردت له.

وورد في الصحيح: {أصدق الأسماء حارثٌ وهمام} فلك أن تسمي بحارث وهمام، لأنها أصدق الأسماء؛ لأنها تعني: أن الإنسان يزاول بيديه ويهم بقلبه.

وفي سنن أبي داود: {أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اسم يسار ورباح ونجيح وأفلح} لأنها يُتشاءم بها؛ فإذا قلت لأهلك: أيسار في البيت؟ قالوا: ليس فيه يسار. فأصبح البيت ليس فيه يسر. وإذا قلت: أفلح في البيت. قالوا: ليس في البيت أفلح.. وكذلك نجيح ورباح.. فهذه لا تسمى.

ومنها البنات مثل: فتنة، وعاصية، وغاوية، ومتخلفة، وبليدة، وغبية، فهذه لا تصلح.

وكذلك الأسماء التي ليس لها معاني: النوف، ورقى، وعزوه. هذه أسماء ليست بفرنسية ولا إنكليزية ولا أردو ولا بشتو، بل هي أسماء الجن والعفاريت.

وكذلك الأسماء للأبناء التي فيها أنوثة، لا تنبغي، مثل أن تسمي الابن: دلال، ودعد، ودعد لا أدري أهي ذكر أم أنثى.

فلابد أن تسميه اسماً قوياً صلباً: عبد الله، محمد، حمزة؛ لأنه اسم الأسد، وطلحة من الأسماء الماجدة.

والعرب كانت تحب الأسماء التي لها وقع، وعندما ولد لـعلي ولده الحسن سماه حرباً، فسماه صلى الله عليه وسلم حسناً ولما ولد الحسين سماه حرباً، فسماه صلى الله عليه وسلم حسيناً، ولما ولد محسن سماه حرباً، فسماه صلى الله عليه وسلم محسناً. فـعلي يريد القوة؛ لأنه شجاع، مهمته فصل الرءوس عن الأكتاف، فيريد أبناءه أن يكونوا مثله.

تلك العصا من هذه العصية>>>>>لا تلد الحية إلا حية

والإنسان له اشتقاق من اسمه، حتى إن بعض الناس له حسن من اسمه وصفته ولقبه، فعلى الإنسان أن يحرص على اسم إسلامي قوي، ولا يجعل اسماً يتشاءم به؛ فقد جاء في سنن أبي داود أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لرجل: {قم احلب الناقة، ما اسمك؟ قال: حرب. قال: اجلس. فقام الثاني فقال: ما اسمك؟ قال: مرة. قال: اجلس. فقام الثالث فقال: ما اسمك؟ قال: صخر. قال: اجلس. فقام الرابع فقال: ما اسمك؟ قال: يعيش. قال: احلب الناقة فحلبها}.

فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الفأل؛ فقد نزل مرة في دار رجل من الأنصار فقال: {رأيت البارحة كأنَّا في بيت عقبة بن رافع، ونحن نأكل رطب ابن طاب -ابن طاب من أنواع رطب المدينة - قالوا: ما أولتها يا رسول الله؟ قال: أولتها الرفعة لنا في الدنيا والآخرة} إي والله، فقد أصبحت له الرفعة في الدنيا، فأصبح دينه يعلو على الشمس، قال: {والعاقبة لنا، والرطب، فديننا قد رطب وطاب} وكلها أسماء مطلوبة.

وقد ورد أثر لكن في سنده نظر، والعجيب أنه عند أبي داود، وقد أتى به ابن الديبع الشيباني في كتاب الأسماء في تيسير الوصول إلى جامع الأصول: [[قال عمر لرجل: من أنت؟ قال: اسمي جمرة. قال: ابن من؟ قال: ابن شظية. قال: من أين أنت؟ قال: أنا من غدير الحرة أو غدير النار. قال: اذهب إلى أهلك فقد احترقوا، فذهب فوجد بيته محترقاً]] وهذا الحديث في سنده نظر، وإن كان عند أبو داود، وسوف تعودون إلى السند لتراجعوه هناك إن شاء الله.

حكم ذبح البقر والإبل في العقيقة

هل يجزئ غير الغنم كالإبل والبقرة؟

اختلف العلماء في ذلك: فالجمهور على إجزاء البقر والإبل؛ فقد روى الطبراني عن أنس قال: [[يعق عنه من الإبل والبقر والغنم]] وقال الإمام أحمد: من عق عن ابنه بدنة -أي: ناقة- فليجعلها كاملة، أي: لا يشترك فيها هو وغيره كالأضحية، وذكر الرافعي اشتراك السبعة، وذكر بعضهم اشتراك العشرة.

والصحيح: أنه يجوز أن يعق بالإبل والبقر عن المولود، والشاتان أحسن من البدنة، لكن إذا لم أجد أو لك نظر أو كثر الناس فخذ بدنة، ولكن السنة شاتان، ولا يشترك فيها سبعة ولا عشرة؛ لأن ذلك في الأضحية وهذه عقيقة.

هل يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية؟

وبعض العلماء قالوا: يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية: أي: لا تكون عوراء، ولا هتماء، ولا عرجاء، ولا شرقاء، ولا بخقاء.. إلى غير تلك الأوصاف التي وردت في حديث علي.

والصحيح: أنه لا يشترط؛ لأن العقيقة لها مسمى غير الأضحية، والأضحية خصص الرسول صلى الله عليه وسلم القول فيها.

وأما من قال: كل وليمة سنية يشترط فيها ما يشترط في الأضحية؛ فهناك ولائم مثل وليمة الزواج -على القول بإيجابها- ولا يشترط فيها ما يشترط في الأضحية.

إذاً -فالحمد لله- كل شاة تسمى شاةً، أو ذكراً من الغنم فاذبحه، ولو كان فيه بعض العيوب، ككسر القرن، أو أن تكون عوراء، أو هتماء، أو عرجاء.. بشرط أن تكون سمينة.

فلا يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية.

مبدأ وقت ذبح العقيقة

متى يبدأ وقت ذبح العقيقة؟

لأهل العلم آراء:

قيل: من بعد الفجر. وقيل: من طلوع الشمس، أو من وقت الضحى. وقيل غير ذلك. وقيل: تجزئ من الليل. وقيل: لا تجزئ من الليل.

والصحيح أنه ليس لها وقت محدد -أعني: في الأوقات الجزئية بهذه الساعات- أما وقتها المحدد ففي السابع -كما تعرفون وأسلفنا- لكن لك أن تذبح العقيقة في الصباح أو الليل، عشاء أو فطوراً، أو غداء للناس، أو بعد صلاة التراويح، أو في الضحى، أو بعد الظهر، أو بعد العصر، فأنت مخير، ولم يرد في هذا تحديد.

والتحديد بلا دليل تكلف، وإيراد بلا علم، فما دام أنه لا يوجد دليل، فالأمر مفتوح في أي وقت، والحمد لله الذي جعل في الأمر سعة، ولا نتقيد إلا بالكتاب والسنة.

المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم : ( تنزع جدولاً )

الجدول: أن تقسم الأعضاء من المفاصل، ولا يكسر العظم، تفاؤلاً ألا يكسر عظم هذا المولود، فقد ورد في مراسيل أبي داود، عن جعفر بن محمد عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين: (ولا تكسروا منها عظماً) وهذا في المراسيل، والمراسيل ضعيفة، وقد أورد هذا الحديث ابن القيم وسكت عنه، فهو يستأنس به من قبيل الحسن من رأي الرجال، وتفاؤلاً أن الله لا يكسر عظم المولود، فلا يكسر العظم، بل تحز من المفاصل، فتقسم اليد من المفصل، والرجل والكتف، وهكذا.

الأولى والأفضل في العقيقة

هذه المسألة لا يقال فيها: الأفضل أن توزع، ولا يقال: الأفضل أن تطبخ، وإنما بحسب حاجة الناس والأحسن لهم.

فإن كنت ترى أن جيرانك فقراء ومحتاجون، وأن إرسال اللحم إليهم في البيت أنفع؛ لأن عندهم أطفال وهم في حاجة؛ ولأنك إذا دعوت لا يأتي إلا الأب، وكثير من الناس يقول: تعال أنت وحدك ولا يأت معك أحد. فهو إذا أتى وحده لا يستأنس مثل من يأتي بأطفاله وعماته وخالاته، فإن كنت ترى المصلحة في ذلك فأعطهم، وبعض الناس لا يجيبك حتى تقول: تعال بابنك محمد وعلي وعبد الوهاب وعبد السلام وإخوانهم جميعاً، فيستأنس ويأتي.

وإن كانت المصلحة في أنهم يستأنسون بلقياك، وبالجلوس في مجلسك، وكان يدار من الحديث ما هو أشهى من العسل المصفى، وهناك فائدة نفعية كأن تعقد جلسة روحية، وتتكلم في آية، أو عندك دعاء في المجلس، وتريد أن تؤثر على جيرانك في الخير بالدعوة فادعهم إلى بيتك؛ لأن هذا أنفع، حتى يقول ابن القيم: لأن كلفة مئونة الطبخ أحسن من أن تعطيه شيئاً من الذبيحة؛ فيأتي فيأخذ لها بصلاً وملحاً... -ويعدد من هذه الأمور- حتى يصير أكثر من اللحم.

فإن كانت مئونة الطبخ أنفع وأيسر عندك في البيت، فعليك أن تفعل.

وهذا ليس فيه ضابط بل أنت مخير، لك أن تتصدق بها، ولك أن تدعو الناس إليها وأنت أبصر، لكن إن دعوت الناس لكان أحسن وأوفق.

ومما يدار من الحديث أن يدعى للمولود، ويتكلم في قضايا العقيقة إذا حضر الناس، ويكون هناك للمسلمين جدول عمل يتكلمون فيه عن العقيقة وعن أحكامها، وعن الإسلام وعن أحكامه وقضاياه.

والحمد لله رب العالمين.

الأسئلة

وقت الأذان في أذن المولود

السؤال: هل وقت الأذان بعد الأربعين يوماً؟

الجواب: الأربعين يوماً ليست واردة، إنما إذا ولد الطفل، فمنذ وقت ولادته تؤذن في أذنه بالتي هي أحسن، ولا تنتظر الأربعين، فإنها ليس عليها دليل.

حكم التسمية على العقيقة

السؤال: ما حكم التسمية على العقيقة؟

الجواب: لا بد من التسمية على كل ذبيحة، وتسمية المولود تكون في اليوم السابع.

السنة في عدد الشياه

السؤال: هل ذبح شاة أو شاتين يعد من البخل؟

الجواب: التقيد بالسنة أحسن: شاتان عن الولد وشاة عن الأنثى، وأنت لست ببخيل، فلا يلزمك أن تدعو الناس جميعاً وتذبح عشر ذبائح؛ لأن هذا خلاف السنة ولو أنه يُفعل، وهذا من تقصيرنا، لكن السنة أحسن، فتدعو بحسب هذا، وتعتذر للإخوة وتقول: هذه عقيقة وسنة ونريد أن نتقيد بها، والرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أن الله سيبسط على الناس فلم يأمرهم بأكثر من هذا، فليس هذا بخلاً.

حكم أكل شاة والتصدق بأخرى

السؤال: هل يجوز أن تطبخ شاة ويتصدق بشاة؟

الجواب: إذا تصدق بشاة وطبخ شاة في البيت فله ذلك، لكن لابد أن ينوي في الذبح للعقيقة، أما أن يذبح لعدة مناسبات فلا يصح، بل لا بد أن تكون نيته للعقيقة.

حكم تسمية الولد من أول يوم

السؤال: هل يجوز تسمية الولد من اليوم الأول للضرورة؟

الجواب: إذا كنت ترى أنك تضطر إلى تسمية من اليوم الأول؛ لشئون الميلاد والمستشفيات، فلك أن تسميه لأنها ضرورة، فتسميه من اليوم الأول، ولا تعق عنه إلا في اليوم السابع.

العقيقة عن التوأم

السؤال: كم يذبح عن التوأم؟

الجواب: التوأم إذا كانا ذكرين فتذبح أربع شياه، وإذا كن سبع بنات فتذبح سبع غنم.

سبب تسمية العقيقة بهذا الاسم

السؤال: ما هو سبب تسمية العقيقة بهذا الاسم؟

الجواب: العقيقة تسمى بهذا الاسم لأنه اصطلح على هذا الاسم، والرسول صلى الله عليه وسلم كره الاسم لكنه سماها عقيقة، وهذا سؤال وجيه، ولكن كل من كتب فيها كصاحب المغني والمجموع ونيل الأوطار وسبل السلام والمحدثون والفقهاء، كلهم يقولون: عقيقة، فنحن نقول مثلما قالوا.

حكم الختان

السؤال: ما حكم الختان؟

الجواب: الختان له أحكام، وهو باب من أبواب خصال الفطرة كالاستحداد، وتقليم الأظافر، وقد أسلفنا في كتاب الطهارة ذكر خصال الفطرة، وهو درس كامل في شريط.

حكم عق الإنسان عن نفسه

السؤال: هل يجوز أن يعق الإنسان عن نفسه إذا كبر؟

الجواب: من كبر وأراد أن يعق، فقد أفتى كثير من علماء الأمة بأنه يعق عن نفسه، إذا علم أنه لم يعق عنه.

وقت الذبح

السؤال: متى يذبح إذا كان المولود في المستشفى؟

الجواب: إذا كان له مولود وأدخل في المستشفى فيذبح في اليوم السابع، أو يؤخره لليوم الرابع عشر، أو الواحد والعشرين، أما إذا كان قبل اليوم السابع فلا؛ لأنه قد يموت قبل السابع ولكن يتريث به إذا أدخل مستشفى حتى يخرج، ولأن وجوده في البيت أنسب.

كيفية تسمية المولود

السؤال: كيف تكون التسمية؟

الجواب: التسمية أن يختار ويشاور أهله في الاسم، حتى لا يأتي شقاق في البيت، فيقول: ما رأيكم في هذا الاسم؟ ويختار اسماً طيباً.

حكم تسمية العقيقة بالحفاد

السؤال: هل تسمى العقيقة بالحفاد؟

الجواب: هذا اسم عامي من الشعر النبطي، والاسم الموجود في الكتب هو العقيقة.

حكم الذبح قبل السابع

السؤال: هل يعق عن الولد قبل السابع؟

الجواب: قبل السابع لا يعق عنه، تكفيك حرقة المصاب!! وقد سئل أحدهم عن هذه المسألة فقال: قد يموت وتمحق الغنم.

وذكر ابن الجوزي -ولا بأس بذكرها في هذا المكان- أن أحد الحمقى كان له حمار فمرض حماره، فنذر لله إن شفى الله حماره أن يصوم سبعة أيام. فشفى الله الحمار فصام سبعاً، ولما انتهت السبعة مات الحمار، فحلف بالله أن يحتسبها من رمضان، فلما أتى رمضان صام ثلاثة وعشرين يوماً وحذف سبعة أيام.

حكم التسمية على الرؤيا

السؤال: إذا رأيت في المنام أني أُسمي ولدي اسماً فهل أسميه به؟

الجواب: الرؤيا هذه من حديث عجائز النساء فلا تصلح، ولا يقوم عليها أحكام، وإذا رأيت أنك تسمي ولدك في المنام ريجن أو شامير -أعوذ بالله- فهذا من الشيطان، وإذا رأيت عبد الله وعبد الرحمن، فهو مطلوب لكن لا تتقيد ولا تبن على المنامات شيئاً.

حكم تكرار العقيقة

السؤال: ما الحكم إذا تكررت العقيقة من غير الأب؟

الجواب: زيادة خير، لكن بشرط ألا يدري هذا عن هذا، فإنه يكفي أن يذبح أحدهم، ولا يتكرر مرتين.

حكم التحنيك بعد إطعام الولد شيئاً

السؤال: هل يجوز التحنيك وقد أكل الولد شيئاً؟

الجواب: نعم يجوز.. إذا أدخل في جوفه شيء فلك أن تحنكه بعد، ولا يشترط أن يكون أول شيء هو التحنيك.

حكم الذبح في غير بلد المولود

السؤال: هل يعق عن المولود في غير بلده الذي ولد فيه؟

الجواب: من لم يستطع في بلده الذي ولد فيه المولود، وكان أهله أو قرابته موسرين فيعقون عنه هناك.

حكم تقسيم العقيقة أثلاثاً

السؤال: هل تقسم العقيقة أثلاثاً؟

الجواب: لا. لا تقسم أثلاثاً، ولم يرد فيها نص، إنما تقسم قطعاً وجداولاً؛ ليستفيد منها أكبر عدد ممكن من الناس.

حكم استعمال المر بدل الزعفران

السؤال: هل يجوز وضع المر مكان الزعفران؟

الجواب: لا بأس بالمر، فهو يلحق بالنباتات والخلوق التي ذكرها عليه الصلاة والسلام.

حكم الذبح إذا ماتت الأم

السؤال: إذا ماتت الأم فهل يُعق عن الابن؟

الجواب: إذا ماتت الأم فتعق عن الابن لأن العقيقة للابن وليست للأم.

حكم الاشتراك في البدنة

السؤال: هل يجوز أن يشارك في البدنة؟

الجواب: لا يشترك مع جاره أو مع أحد من الناس، وبعضهم يأتي له سبعة من الأطفال فيشتركون في بدنة، فلابد أن تكون كاملة كما نص الإمام أحمد على ذلك.

إجزاء البدنة عن اثنين

السؤال: هل تكفي البدنة للاثنين؟

الجواب: الأحسن أن يكون لكل واحد بدنة، لكن فيها تكليف على الناس، ولم يرد فيها نص، لكن لو ذبح بدنة كفت الاثنين إن شاء الله.

حكم حلق شعر الغلام

السؤال: ما حكم حلق شعر الغلام؟

الجواب: السنة حلقه، فمن فعل فهو مأجور مشكور، ومن لم يفعل فلا شيء عليه، وقد خالف السنة.

شفاعة الغلام لأبيه

السؤال: هل الشفاعة معلقة بالعقيقة؟

الجواب: يشفع لوالديه -إن شاء الله- ولو بدون عقيقة، وما ذكره الإمام أحمد ليس عليه دليل.

حكم العقيقة إذا مات الغلام بعد السابع

السؤال: إذا مات بعد السابع فهل يعق عنه؟

الجواب: يعق؛ لأنه مكث إلى السابع.

حكم القرعة في الاسم

السؤال: هل يجوز فعل القرعة عند الاختلاف في الاسم؟

الجواب: لا بأس بذلك؛ فإذا اختلف أهل البيت وأرادوا أن يفعلوا قرعة فلهم ذلك. وقد ذكر الله تعالى المساهمة فقال: فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ [الصافات:141] وفي الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: {لو يعلم الناس ما في الأذان والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا} فلا بأس بالاستهام؛ أن تكتب أسماء ويُقرع بينها.

حكم حلق بعض الرأس

السؤال: هل يجوز حلق بعض الرأس؟

الجواب: يحلق الرأس كله ولا يترك بعضه؛ لأن هذا قزع منهي عنه.

حكم قراءة القرآن في أذن المولود

السؤال: ما حكم قراءة القرآن في أذن المولود؟

الجواب: قراءة القرآن في الأذن لم يأت بها نص، ونحن نتعبد بالنصوص، قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يقرأ، لكن يدعو وينفث عليه، ويقرأ المعوذات ويسمي ويبرك، أما أن يقرأ في أذنه القرآن فليس هناك نص.

حكم حلق رأس المولود بغير رضا أمه

السؤال: إذا لم ترضَ الأم بحلق الرأس فهل يُحلق؟

الجواب: لهم ذلك ما دام أن الأم ما ترى هذا، لأنهم إن فعلوا فهم مأجورون ومشكورون، وإن لم يفعلوا فقد تركوا السنة وليس عليهم إثم، وهو خلاف الأولى، فإذا فعلوا فيتصدقوا بوزنه فضة.

وقت الحلق

السؤال: متى يُحلق الشعر؟

الجواب: يحلق الشعر في اليوم السابع.

وقت التحنيك

السؤال: متى يكون التحنيك؟

الجواب: التحنيك يكون في يوم ولادة المولود، قبل أن يأكل أو يشرب شيئاً.

الحكمة من العقيقة

السؤال: ما الحكمة من العقيقة؟

الجواب: أولاً: الاستبشار بولود هذا المولود، وتصدقاً عنه، وعسى الله أن يزحزح عنه السوء؛ لأن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وكلما تُصُدِّق عن العبد أو دُفع عنه؛ دفع الله عنه الضراء والبأساء، والذي يقيك من مصارع السوء هي الأعمال الصالحة قال الله: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90] وخديجة رضي الله عنها تقول للرسول عليه الصلاة والسلام لما خاف: {كلا والله لا يخزيك الله أبداً -لماذا؟- فإنك تقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتصل الرحم} فانظر كيف استدلت بالأفعال الجميلة.

فإن المحسن، وقائم الليل، والكريم، ومقري الضيفان، والودود بالجيران، والبار بوالديه، وواصل الرحم.. لا يخزيه الله أبداً، حتى موته يأتي موتاً طبيعياً حبيباً.

حكم المولود الذي لم يتبين حاله

السؤال: إذا لم يتبين المولود أنه ذكر أو أنثى، فما الحكم؟

الجواب: يبقى حتى تقوم البينة، ويشهد عدلان من المسلمين أنه ذكر أو أنثى.

حكم المولود الذي ليس له شعر

السؤال: إذا كان المولود ليس له شعر فهل يمر الموس على رأسه؟

الجواب: إذا ولد وليس له شعر -فالله المستعان- لا يمر الموس على رأسه، فإن هذا تمويه وحلم!

حكم أكل الأهل من العقيقة

السؤال: هل يجوز للأهل أن يأكلوا من العقيقة؟

الجواب: نعم. بل لهم العقيقة، يطبخونها ويأكلون ما شاءوا، وإذا أرادوا دعوا الجيران، وإن لم يستطيعوا فالله المستعان.

حكم التسمي بهدى وإيمان

السؤال: هل يكره اسم هدى وإيمان؟

الجواب: من كره اسم هدى وإيمان فليس له دليل، بل هو طيب -إن شاء الله- وفيه تفاؤل؛ فلا يكره إلا بدليل.

الحكمة من حلق الشعر

السؤال: ما الحكمة من حلق شعر المولود؟

الجواب: لحكمة أرادها الله عزوجل. ونحن أننا نصلي الظهر أربعاً والمغرب ثلاثاً والفجر ركعتين، وما ندري ما الحكمة لكن سبحان الخالق!

ذبح الأنثى أو الذكر من الشياه

السؤال: هل تكون الشاة ذكراً؟

الجواب: الشاة قد تطلق مجازاً على الذكر، لكن نص أهل العلم على أنها تكون ذكراً، وهذا قيد أغلبي، فغالباً تسمى شاة، مثل أن يقال: العمرين، أي: أبو بكر وعمر، والقمرين: الشمس والقمر.

الأسماء المنهي عنها

السؤال: هل الأسماء المنهية هي الواردة في الحديث فقط؟

الجواب: لا أدري، لكن الحديث نص على هذه الأسماء، فإذا زدنا على هذه الأسماء مثل: سعيد وغيره، فسوف تصبح عندنا مشكلة، لكن الأسماء مقيدة.

لكن أقول: الوارد عنه صلى الله عليه وسلم أنها أربعة أسماء، أما غيرها فلا.

وغالب الأسماء الآن في المجتمع طيبة، وليس كل اسم طيب، فالمنهي عنه اسم يسار، لأن يسار اسم جنس عام في يسر الناس، وأفلح فلاح، ونجيح ورباح، أما غيرها فلا بأس.

حكم التسمي بضيف الله

السؤال: ما حكم التسمي بضيف الله وما شابهها؟

الجواب: ضيف الله وجار الله وزبن الله وغيره.. هذه أسماء ما عرفنا معانيها، فأنا لا أفتي في شيء لا أعرفه حتى نتبين منه، وأما ضيف الله فلا بأس به؛ تفاؤلاً أنه من ضيوف الله عزوجل، وجار الله كذلك، وقد سمي كثير من السلف جار الله، والعائذ بالله عزوجل.. فهذا لا بأس به.

حكم حديث: ( احترسوا من الناس بسوء الظن )

السؤال: ما صحة هذا الحديث: {احترسوا من الناس بسوء الظن

الجواب: لا يصح هذا الحديث مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما روي موقوفاً من كلام عمر بن الخطاب.

حكم حديث: ( يا بن آدم جعلت لك قراراً ...)

السؤال: حديث قدسي: {يا بن آدم، جعلت لك قراراً في بطن أمك، وغشيت وجهك بغشاء لئلا تنفل من رائحة رحم أمك، وجعلت وجهك إلى ظهر أمك لئلا تؤذيك رائحة الطعام، وجعلت لك متكئاً عن يمينك ومتكئاً عن شمالك، فأما الذي عن يمينك فالكبد وأما الذي عن شمالك فالطحال، وعلمتك القيام...} ما حال هذا الحديث؟

الجواب: هذا حديث لا يصح عنه صلى الله عليه وسلم، فكلامه ركيك، ولم يرفع إليه صلى الله عليه وسلم، ولم يصح بسند صحيح.

وكلامه صلى الله عليه وسلم أغلى من الدر، وعليه نور، والكلام الموضوع عليه ظلمة، وكلامه صلى الله عليه وسلم: نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ [النور:35] فلا يصح هذا الحديث، وما يعلقون على المساجد إلا الموضوعة أما الصحيحة فلا يعلقونها، وبعض الناس يحفظ الأحاديث الموضوعة ولا يحفظ الصحيحة.

وقد سئل بعض الناس: ماذا تحفظ من الأحاديث؟ فقال: أحفظ حديث: {تأخر الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا: ماذا أخرك يا رسول الله؟ قال: أصنع لكل حق طبق}.

حتى اللفظ ركيك، ما يصح. ولماذا لا يحفظ حديثاً من البخاري؟!

حكم القرعة

السؤال: هل القرعة سنة؟

الجواب: القرعة ليست بسنة، إنما من باب الجواز فحسب، أما أنه ورد أنها سنة فلم يرد.

حكم من لم يعق عن ولده

السؤال: هل يأثم من لم يعق عن ولده؟

الجواب: ليس عليه شيء أبداً، ولا يخرج من دائرة أهل السنة والجماعة.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , أحكام المولود للشيخ : عائض القرني

https://audio.islamweb.net