إسلام ويب

قدر الله عز وجل لعباده أقداراً، وأجل لهم آجالاً، فلن تموت نفس حتى يأتيها أجلها، ولا يجوز لإنسان أن يتمنى الموت لضر نزل به، أو لأمر أخروي؛ لأنه لا يعلم أيهما خير له: الموت أم الحياة، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني ما علمت الوفاة خيراً لي.

تابع ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، والاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد فيه

شرح حديث: (ما من عبد مؤمن يصلي أربع ركعاتٍ بعد الظهر ...) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وذكر اختلاف الناقدين فيه لخبر أم حبيبة، والاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد.

أخبرنا هلال بن العلاء بن هلال حدثنا أبي حدثنا عبيد الله عن زيد بن أبي أنيسة حدثني أيوب رجلٌ من أهل الشام، عن القاسم الدمشقي عن عنبسة بن أبي سفيان، قال: أخبرتني أختي أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أن حبيبها أبا القاسم صلى الله عليه وسلم أخبرها قال: (ما من عبد مؤمن يصلي أربع ركعاتٍ بعد الظهر فتمس وجهه النار أبداً إن شاء الله عز وجل)].

فقد تقدم في الدروس الماضية في ترجمة ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، وذلك من حديث أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها من طرق عديدة، مرت تلك الطرق، وبعد الانتهاء منها ذكر الحديث من طرق أخرى، ولكنه بألفاظ أخرى غير الألفاظ التي تقدم ذكرها، وللتنصيص على ثنتي عشرة ركعة، ذكر شيئاً يخص الصلاة قبل الظهر والصلاة بعد الظهر، وهي السنن التي تكون قبل الظهر وبعدها، أي: أن في ذلك ثواباً عظيماً، وأجراً جزيلاً من الله عز وجل، وعلى هذا فإن هذا الذي جاء في الترجمة يعني: الذي هو ثواب من صلى ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، لا ينطبق على هذه الأحاديث، ولكن لما كانت الأحاديث جاءت عن أم حبيبة رضي الله عنها وأرضاها، وفي بعضها أن عنبسة بن أبي سفيان يعني روى ذلك، وأنه قيل له في مرض الموت ما قيل، وقال: إن أخته أم حبيبة حدثته بكذا، وروى حديث ثنتي عشرة ركعة، وروى أيضاً حديث أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها، ناسب أن يذكر النسائي بعد تلك الأحاديث هذه الأحاديث عن أم حبيبة التي جاءت بألفاظ أخر، وهي تتعلق بالنوافل قبل صلاة الظهر، وبعد صلاة الظهر، وأن فيها ثواباً عظيماً وأجراً جزيلاً، وقد مر في الدرس الماضي طريق من تلك الطرق التي هي من حديث أم حبيبة المتعلق بأربع ركعات قبل الظهر، وأربع ركعاتٍ بعدها، وأن النار لا تمس لحمه إذا صلى هذه الصلوات وداوم عليها.

ثم أورد النسائي طريق أخرى، وهي هذه الطريق عن أم حبيبة رضي الله عنها، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من صلى بعد الظهر أربعاً لم تمسه النار أبداً إن شاء الله عز وجل)، وهذا خاص بما كان بعد الظهر، وليس فيه ذكر لما كان قبل الظهر، وإنما هو خاص بما كان بعد الظهر، وأن من صلى بعد الظهر أربع ركعات، فإن هذا ثوابه، وهذا جزاؤه، ومن المعلوم أن المقصود من ذلك الذي يداوم عليها، وليس أن يصلي مرةً واحدة ثم يترك، وإنما هذا الثواب لمن حرص على هذه السنن وداوم عليها.

وقوله: (فتمس وجهه النار أبداً إن شاء الله عز وجل)، قوله: (إن شاء الله)، ليس ذلك تعليقاً وإنما هو تحقيق، وهو من جنس قوله: (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله)، ومن جنس قوله في زيارة القبور: (وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)، فإن هذه أمور محققة، وأمور واقعة، ولكن يؤتى بذكر إن شاء الله تحقيقاً وليس تعليقاً على أنه يمكن أن يحصل، ويمكن ألا يحصل، بل هذا وعد من الله عز وجل، ومن أتى بذلك على وفق ما أمر به، فإن هذا هو الوعد الذي وعد الله عز وجل به، والثواب الذي وعد به من عمل هذا العمل.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما من عبد مؤمن يصلي أربع ركعاتٍ بعد الظهر ...) من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا هلال بن العلاء بن هلال].

صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.

[حدثنا أبي].

هو العلاء بن هلال، وهو فيه لين، يعني: فيه ضعف، وهو تضعيف يسير إذا قيل: فيه لين.

أخرج حديثه النسائي وحده.

يعني يقول الحافظ ابن حجر في اصطلاحه أن مقبول هو من اعتضد وإلا فلين الحديث، يعني مع أنه أقل من المقبول، لكن الحديث كما هو واضح جاء من طرق أخرى صحيحة، فهو ثابت عن أم سلمة من طرق متعددة، فيكون هذا من جنسها؛ لأنه لم يأت بشيء جديد، ولم يأت بشيء يستقل به، وإنما نفس الحديث جاء من طرق متعددة، وكلها فيها ثبوت هذا الأجر، وهو أن من صلى أربعاً وأربعاً بعدها، فإن جزاءه أن النار لا تمسه.

[حدثنا عبيد الله].

هو عبيد الله بن عمرو الرقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن زيد بن أبي أنيسة].

هو زيد بن أبي أنيسة الجزري، وهو ثقة له أفراد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[حدثني أيوب رجلٌ من أهل الشام].

أيوب رجلٌ من أهل الشام، يروي عن القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي، وقد قال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.

[عن القاسم الدمشقي].

هو القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي، وهو صدوق يغرب كثيراً.

أخرج له البخاري في الأدب وأصحاب السنن الأربعة.

[عن عنبسة].

هو عنبسة بن أبي سفيان، وقيل: إن له رؤية، وقيل: إنه من ثقات التابعين، ومن كبار التابعين، وحديثه أخرجه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.

يروي عن أخته أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، رملة بنت أبي سفيان، اسمها رملة وكنيتها أم حبيبة، مشهورة بكنيتها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.

حديث: (من صلى أربع ركعات قبل الظهر وأربعاً بعدها ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن ناصح حدثنا مروان بن محمد عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: (من صلى أربع ركعات قبل الظهر، وأربعاً بعدها، حرمه الله عز وجل على النار)].

أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريق أخرى، وهو مثل الطريق التي قبل المتقدمة، وهي الطريق الأولى من الطرق المتعلقة لهذا الموضوع، وهو (من صلى أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها، حرمه الله على النار)، وهي مثل الطريق الأولى من هذه الطرق المتعلقة بالصلاة قبل الظهر والصلاة بعدها.

قوله: [أخبرنا أحمد بن ناصح].

هو أحمد بن ناصح الدمشقي، وهو صدوقٌ، أخرج حديثه النسائي وحده.

[حدثنا مروان بن محمد].

هو الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن الأربعة.

[عن سعيد بن عبد العزيز].

هو سعيد بن عبد العزيز الدمشقي، وهو ثقة إمام، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.

[عن سليمان بن موسى].

هو سليمان بن موسى الدمشقي الأشدق، وهو صدوقٌ فقيه، في حديث بعض ضعف، وحديثه أخرجه مسلم في المقدمة وأصحاب السنن.

ومن المعلوم أن الرواية في المقدمة لا تعني أن الرجل يعني يكون فيه كلام، وأنه ما خرج له في الصحيح، وإنما هكذا اتفق أنه يعني: روى له في المقدمة؛ لأن البخاري ومسلم ما رويا عن كل ثقة، ولا رويا لكل ثقة، ولا رويا كل حديثٍ صحيح، ولهذا فإن عبد الله بن الزبير المكي الذي روى له البخاري أول حديث في صحيحه، روى له مسلم في المقدمة، ما روى له في الصحيح، فليس معنى كون أنه يعني يروى له في المقدمة أنه يعني فيه كلام، وإنما هكذا اتفق، مثل أبي عبيد القاسم بن سلام، إمام مشهور وثقة، ومع ذلك ليس له رواية في الكتب الستة؛ لأن صاحبي الصحيح لم يلتزما الإخراج عن كل ثقة، أو لكل ثقة، ولم يلتزما الإخراج لكل حديثٍ صحيح، بل ترك من الصحيح كثيراً، ولم يذكرا في رجالهما أو لم يأت في رجالهما رجال هم في القمة، وهم مشهورون بالثقة والعدالة، لكن هكذا اتفق أنهم جاءوا في الأسانيد، يعني فلم يدخل فيها منهم ثقات، وعدم دخولهم لا يعني الكلام فيهم.

الحاصل: أن كون مسلم ما روى له في المقدمة، لا يعني أنه مسلم ما رضي أو ما إلى ذلك، لا، فإنه قد يكون الشخص في غاية الثقة، ومع ذلك لا يروي، مثل عبد الله بن الزبير المكي شيخ البخاري الذي روى له أول حديث في الصحيح: (إنما الأعمال بالنيات)، قال البخاري: حدثنا عبد الله بن الزبير المكي، وروى له مسلم في المقدمة.

[عن مكحول].

هو مكحول الشامي، وهو ثقة، فقيه، حديثه أخرجه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.

[عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة].

وقد مر ذكرهما.

وهذا الإسناد نفسه أكثره شاميون أو بل دمشقيون، وهم:

أحمد بن ناصح، ومروان بن محمد، وسعيد بن عبد العزيز، وسليمان بن موسى يروي عن مكحول.

وكل هؤلاء شاميون.

شرح حديث: (من ركع ركعات ... حرمه الله على النار) من طريق رابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمود بن خالد عن مروان بن محمد حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة قال مروان: وكان سعيد إذا قرئ عليه عن أم حبيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أقر بذلك ولم ينكره، وإذا حدثنا به هو لم يرفعه، قالت: (من ركع أربع ركعات قبل الظهر، وأربعاً بعدها، حرمه الله على النار)، قال أبو عبد الرحمن: مكحول لم يسمع من عنبسة شيئاً].

أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريقٍ أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أن مروان بن محمد يقول: كان سعيد إذا قرئ عليه عن أم حبيبة عن النبي أقر بذلك ولم ينكر.

يعني: أنه مرفوع، إذا قرئ عليه الحديث، وأنه مرفوع، فإنه يقر به ولم ينكره، وإذا حدث به هو من لفظه فإنه لا يرفعه، وإنما يوقفه على أم حبيبة، وعلى كل سواءً أوقفه أو لم يوقفه، هذا الحديث ليس للرأي فيه مجال، لو كان موقوفاً فقط، ولم يأت رفعه أبداً، فإنه مما له حكم الرفع؛ لأنه ليس فيه للرأي مجال؛ لأن بيان مقادير الأجور، وكون النار لا تمس من فعل كذا، ومن فعل كذا حرمه الله على النار، أو أدخله الجنة، أو ما إلى ذلك، فإن هذا من الأمور التي لا تقال من قبل الرأي، وإنما تكون بالتوقيف، والحديث جاء مرفوعاً وجاء موقوفاً، والموقوف في حكم المرفوع، والموقوف لا يعارض الموصول، بل هو في حكم المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا مجال للاجتهاد فيه، ولا مجال للرأي فيه.

قالت: (من ركع أربع ركعاتٍ قبل الظهر وأربعاً بعدها، حرمه الله على النار).

يعني على أنه موقوف، يعني أن هذا كلامها، وهذا على ما يحدث به سعيد بن عبد العزيز إذا كان من قراءته ومن لفظه، فإنه لا يرفعه، وإنما يقفه على أم حبيبة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وعرفنا أنه لا إشكال في الأمرين، بل هو مرفوع، إما تصريحاً وإما حكماً، إما مرفوعاً تصريحاً، وهو الذي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال، وإما حكماً، وهو الذي ينتهي إلى الصحابية هنا أم حبيبة أم المؤمنين، فله حكم الرفع؛ لأنه لا مجال للرأي فيه.

تراجم رجال إسناد حديث: (من ركع ركعات ... حرمه الله على النار) من طريق رابعة

قوله: [أخبرنا محمود بن خالد].

هو محمود بن خالد الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.

ثم بقية الإسناد مثل الإسناد الذي قبل هذا، مروان بن محمد عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن مكحول عن عنبسة عن أم حبيبة.

حديث: (من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الله بن إسحاق حدثنا أبو عاصم حدثنا سعيد بن عبد العزيز سمعت سليمان بن موسى يحدث عن محمد بن أبي سفيان قال: (لما نزل به الموت أخذه أمرٌ شديد، فقال: حدثتني أختي أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعدها، حرمه الله تعالى على النار)].

أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وفيه ذكر المحافظة، من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها، أي: داوم عليها ولازمها، فإن الله تعالى يحرمه على النار.

قوله: [أخبرنا عبد الله بن إسحاق].

هو البصري، وهو ثقة حافظ، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.

[حدثنا أبي عاصم].

هو الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل، مشهور بكنيته، وهو ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأبو عاصم هذا من كبار شيوخ البخاري، وشيوخ مسلم، وأما النسائي فإنه يروي عنه بواسطة كما روى هنا عن عبد الله بن إسحاق عنه، وعبد الله بن إسحاق هو المستملي، مستملي أبي عاصم، والمستملي الذي هو يكون مع المحدث يبلغ عنه عندما يكثر الجمع، فإنه يبلغ عنه، وقد جاء في الحديث عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه في حديث وفد عبد القيس في صحيح البخاري: أن ابن عباس قال له: لو بقيت يعني معنا، يعني قالوا: وهذا حجة يعني حتى تبلغ عنا، فقال الحافظ ابن حجر: إن هذا حجة في اتخاذ المحدث المستملي، يعني: الذي يساعده، وأما الوراق، إذا قيل: وراق فلان، فإنه هو الذي يعتني بأوراقه وينسخ له، فهذا يقال له: وراق، وأما المستملي فهو الذي يساعده في إبلاغ الصوت لمن يكون بعيداً عندما يكثر الجمع.

وأبو عاصم مشهور بكنيته، وهو أبو عاصم النبيل، ثقة ثبت، أخرج له أصحاب السنن الأربعة، وهو ممن روى عنه البخاري الأحاديث الثلاثية من طريقه الأحاديث الثلاثية؛ لأنه من كبار شيوخه، لأنه من أتباع التابعين؛ لأن البخاري بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشخاص: صحابي وتابعي وتابع تابعي، وأبو عاصم من أتباع الأتباع.

أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا سعيد بن عبد العزيز سمعت سليمان بن موسى يحدث عن محمد بن أبي سفيان].

يحدث عن محمد بن أبي سفيان، هنا قال: محمد بن أبي سفيان، والأحاديث التي مرت عنبسة بن أبي سفيان، فقيل: إن محمد بن أبي سفيان، مقبول، خرج حديثه النسائي، وقيل: الصواب أنه عنبسة، وأن ذكر محمد خطأ، وأن الصواب الذي روى هذا الحديث هو عنبسة بن أبي سفيان، عنبسة بن أبي سفيان الذي روى الأحاديث المتعددة، فهو يعني ذاك الذي هو عنبسة ثقة من كبار التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا البخاري، وهذا حديثه عند النسائي وحده، وقال الحافظ: أنه مقبول، وقيل: الصواب أنه عنبسة بن أبي سفيان وليس محمد.

حديث: (من صلى أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها لم تمسه النار) من طريق سادسة وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا أبو قتيبة حدثنا محمد بن عبد الله الشعيثي عن أبيه عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها لم تمسه النار)، قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ، والصواب حديث مروان من حديث سعيد بن عبد العزيز].

أورد النسائي حديث أم حبيبة من طريقٍ أخرى، وهو مثل الذي قبله (من صلى أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها لم تمسه النار).

قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].

هو الفلاس، المحدث الناقد، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا أبو قتيبة].

هو سلم بن قتيبة الشعيري، قيل: إنه نسبة إلى بيع الشعير، وكنيته توافق اسم أبيه؛ لأنه أبو قتيبة، واسم أبيه قتيبة، وهذا له نظائر كثيرة مرت بنا، مثل: هناد بن السري، ومثل: إسماعيل بن مسعود، ومثل: الأوزاعي، وغيرهم كثير، وهذا منهم أبو قتيبة سلم بن قتيبة، وسلم بن قتيبة صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن الأربعة، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في ترجمته في تهذيب التهذيب كلمةً تنسب إلى يحيى بن سعيد القطان كلمة يعني: أنه يوهنه؛ لأنه ذكر كلام الذين تكلموا فيه، والذين وثقوه، وكان ممن تكلم فيه يحيى بن سعيد القطان، فأتى بعبارةٍ غريبة، وهي تستعمل في هذا الزمان عند العوام في حق الشخص الذي يعني: يكون عنده أهلية في تحمل المشاق، وتحمل الأمور الثقيلة، فيقول عنه يحيى بن سعيد القطان: ليس من الجمال التي يحمل عليها المحامل، يعني: معناه تضعيف له، يعني: ليس بذاك الذي هو عنده التمكن وعنده القدرة على حمل المشاق، فينفي أن يكون يشبه الجمال التي تحمل المحامل، يعني: الأحمال الثقيلة، يعني: المقصود من ذلك أنه ليس بذاك القوي الذي يعول عليه ويعتمد عليه، والعوام يقولون عن الشخص: فلان ليس من جمال المحامل، أو من جمال المحامل، يعني أنه عمدة أو ليس بعمدة، فهذه الكلمة المعروفة السائرة في هذا الزمان هي موجودة من قديم الزمان، وقد قالها يحيى بن سعيد القطان في حق هذا الرجل الذي هو سلم بن قتيبة أبو قتيبة الشعيري، صدوق، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن الأربعة.

[حدثنا محمد بن عبد الله الشعيثي].

هو محمد بن عبد الله بن المهاجر الشعيثي، وهو صدوقٌ، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.

[عن أبيه].

هو عبد الله بن المهاجر الشعيثي، وهو مقبولٌ أخرج حديثه الترمذي والنسائي وابن ماجه.

[عن عنبسة عن أم حبيبة].

وقد مر ذكرهما.

وقول أبي عبد الرحمن: إن هذا خطأ وصواب رواية مروان عن سعيد بن عبد العزيز، ما أدري وجه هذا الخطأ مع أنها متفقة معها من حيث المتن، والألباني جعله من جملة الأحاديث الصحيحة في سنن النسائي.

الأسئلة

علاقة صلاة أربع قبل الظهر وأربع بعدها بالاثنتي عشرة ركعة

السؤال: بالنسبة لصلاة الظهر، أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها، هذه تدخل ضمن اثنتي عشرة أم لا؟

الجواب: لا ما هي باثني عشر هذه زائدة على اثني عشر؛ لأن الاثنا عشر الذي جاء فيها التفصيل أربعاً قبل الظهر وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل الفجر، هذه اثنا عشر، جاء تفصيلها في الحديث نفسه، حديث عائشة الأول في هذا الباب، لكن هذا فيه زيادة على اثنا عشر.

مداخلة: الذي أربع بعد الظهر ...... غير الرواتب؟

الشيخ: لا، هي من داوم عليها وحافظ عليها، فإن فيه هذا الأجر، لكن الأشياء التي ورد فيها حديث يخصها وفيها التفصيل باثني عشر وتفصيل اثنا عشر، يعني ثنتين بعد الظهر، ولا شك أن الإتيان بأربع بعد الظهر أكمل وأفضل.

مدى ارتباط كتاب الأسماء والصفات للبيهقي بعقيدته

السؤال: ما رأيكم في كتاب الأسماء والصفات للإمام البيهقي ؟

الجواب: كتاب الأسماء والصفات للإمام البيهقي كما هو معلوم مشتمل على أحاديث كثيرة، والإمام البيهقي رحمه الله عنده سلامة في كثير من النواحي، وعنده خطأ في بعض النواحي في العقيدة، وهو من الكتب التي فيها الرواية بالأسانيد، وإذا عرف الإسناد وعرف رجاله وثبوته وصحته، فالحديث يكون ثابتاً من تلك الطريق إذا صح الإسناد، وأما كلام البيهقي نفسه إذا تكلم فأحياناً يكون عنده كلام حسن، وأحياناً يكون عنده كلام فيه خلل؛ لأن عنده حق وباطل.

كيفية راتبة الظهر يوم الجمعة

السؤال: يقول: فيما يتعلق بصلاة الراتبة ثنتي عشرة ركعة، كيف يكون ذلك في يوم الجمعة، وليست هناك راتبة قبلها؟

الجواب: يوم الجمعة الراتبة قبلها ما هناك راتبة معينة، ولكن الإنسان إذا دخل المسجد يصلي ما شاء الله أن يصلي، ثم يجلس ولا يقوم إلا للصلاة؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يفعلون ذلك، وليس هناك عدد معين قبل الجمعة، أما بعد الجمعة فجاء فيه ركعتان أو أربع، ركعتان لمن صلى في البيت، وأربع لمن صلى في المسجد، وقد مرت بنا تلك الأحاديث.

على كل الإنسان يعني كما هو معلوم إذا دخل المسجد، إن صلى أكثر من أربع ركعات، فقد وجدت الأربع وزيادة، وإن اقتصر على أربع ركعات فهو قد حافظ.

حديث أمير الركب وحال أحمد بن صالح المصري

السؤال: يقول: فضيلة الشيخ! الحديث: الضعيف أمير الركب، هل هو صحيح؟

الجواب: لا أدري.

السؤال: وهل أحمد بن صالح المصري متساهلٌ في التوثيق؟

الجواب: ما أدري.

الإرسال عند القاسم بن عبد الرحمن بين الثبوت وعدمه

السؤال: يقول: في بعض طبعات التقريب في القاسم بن عبد الرحمن صدوق يرسل كثيراً؟

الجواب: يرسل كثيراً نعم كذلك، وهذا الموجود في النسخة المصرية، صدوق يرسل كثيراً.

ولعلها هي الصواب، يرسل كثيراً؛ لأنه من المتقدمين، أقول: هو من المتقدمين، يعني قضية الإرسال هو الذي يغلب على المتقدمين ذكر الإرسال، وإن كان غيرهم يذكر الإرسال، يعني الذي هو الإرسال الخفي، أو الإرسال عمن لم يلقه وليس الإرسال المشهور عند المحدثين الذي هو قول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، يعني: أنه يرسل عمن لا يلقه، أو من لم يدركه بالمعنى الأعم، نعم.

شروط السكنى في ديار المشركين ومدى صحة فتوى شيخ الإسلام بجواز ذلك

السؤال: يا شيخ! السائل ينقل عبارة من فتاوى شيخ الإسلام من الجزء الرابع صفحة مائة وأربعة عشر يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: كما يجوز السكنى في ديارهم، يقصد الكفار.

فهل يرى شيخ الإسلام جواز السكنى في ديار المشركين مطلقاً، مع العلم وجود أحاديث تمنع من ذلك؟

الجواب: أنا ما أدري عن كلام شيخ الإسلام أيش هو، لكن السكنى في بلاد الكفار إذا كان هي بلد الإنسان، ويستطيع أن يقيم فيها شعائر دينه، فإنه يقيم، وفي إقامته مصلحة له ولغيره، إذا دعا إلى الله عز وجل، وأدى ما عليه، وسعى في الدعوة إلى الله، وفي هداية الناس إلى الخير، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم)، كما قال ذلك لـعلي بن أبي طالب رضي الله عنه في عام خيبر، وإذا كان يعني: أنه لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه، وأنه لا يمكن من ذلك، فعليه أن يهاجر إلى بلدٍ يستطيع أن يقيم شعائر دينه، وأما.. هذا في الإقامة المستمرة، وأما الإقامة المؤقتة، كون الإنسان يذهب لتجارة أو ما إلى ذلك، فهذا سائغ.

حكم تجاوز ميقات البلد إلى ميقات آخر للإحرام منه

السؤال: ما حكم من غير ميقات بلده إلى ميقاتٍ آخر كأن يمر على ميقات بلده ولا يحرم ويأتي إلى المدينة ويحرم من ميقات أهل المدينة؟

الجواب: ما في بأس، كون الإنسان يعني تجاوز الميقات، ولكنه لم يحرم، ثم يخرج إلى المدينة، مثل الذين يأتون مثلاً بالطائرة من المغرب إلى جدة، وإذا نزلوا جدة جاءوا إلى المدينة وأحرموا من ميقات المدينة، ما في بأس أبداً، لا بأس بذلك؛ لأن ما في تغيير، يعني: كونه يريد أن يأتي إلى المدينة قبل أن يذهب إلى مكة، يحرم من ميقات المدينة.

يعني: قبل أن يأتي يحرم ما دام أنه ناوي عمرة أو حج، فإنه لا يتجاوز الميقات، إلا إذا كان في نيته أنه سيمر حتى لو مر بمكة، يعني: مثل إنسان جاء من الجنوب يريد أن يأتي إلى المدينة أول ثم يحرم منها، ما في بأس؛ لأن دخول مكة غير محرم وهو ما أراد حج وعمرة، ما عليه شيء؛ لأنه دخلها ماراً وفي نيته أنه إذا جاء إلى المدينة يحرم منها، هذا ما في بأس، ولو دخل مكة نفسها غير محرم.

معنى قول ابن عمر في ابن الزبير: (لأمة أنت شرها أمة خير)

السؤال: يقول: ما معنى قول ابن عمر حين صلب عبد الله بن الزبير قال لأمه: لأمة أنت شرها أمة خير؟

الجواب: أنا ما أذكر، هو ابن عمر رضي الله تعالى عنه له كلام جيد وهو في الصحيح الحديث، بس اللفظ هذا ما أدري، لكن كونه وصفه بأنه بهذا الوصف، معناه أنها بخير يعني: ما دام أنت الذي يقال: إنك شرها وأنت من أنت فهي أمة خير، ما أدري هل اللفظ هذا هو موجود في الصحيح؟ وكان قصة الحجاج وأنه جاء إلى أمه وتكلم معها وقالت إنك.. أجابته بجواب في غاية القوة وفي غاية الحسن، قالت عبارة جميلة في حق عبد الله وفي حقه هو، يعني سيئة في حقه، وجميلة في حق عبد الله بن الزبير، ما أتذكرها.

نعم، أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، هذه في الصحيح، وقالت له: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنه يخرج في ثقيف كذاب ومبير، أما الكذاب فقد عرفناه، وأما المبير فلا إخالك إلا إياه)، المبير: المهلك، (وأما المبير فلا إخالك إلا إياه)، الحديث في صحيح مسلم.

الصدوق الذي فيه لين وحاجته لطرق للاعتضاد أو عدمها

السؤال: يقول: فضيلة الشيخ، الصدوق الذي فيه لين هل يحتاج لمن يعضده؟

الجواب: الذي يبدو أنه ما يحتاج إذا كان فيه لين، يعني معناه ذو لين يسير.

وهي أقل من درجة مقبول، إذا قيل: لين أو فيه لين هو فيه لين أهون من لين.

حكم من مات وهو متهاون بالنوافل

السؤال: من لم يفعل شيئاً من النوافل لا صيام ولا غيره، ثم مات مع تأديته الفرائض، فما حكمه؟

الجواب: على كل يرجى له خير، ما دام أنه أدى الواجبات فهو على خير، ولكنه قصر كثيراً، ومن المعلوم أن النوافل هي كالسياج للفرائض، والذي يتهاون في النوافل يتهاون في الفرائض، وإذا كان أنه ترك تلك رغبةً عن السنة فهو آثم، إذا كان رغبةً عن السنة، وأما إذا كان كسلاً، فهذا كونه أدى ما عليه، فهو على خيرٍ إن شاء الله.

حكم قطرة العين والأنف للصائم

السؤال: القطرة في العين والأنف، هل تفطر وكذلك الحجامة؟

الجواب: القطرة في العين لا تفطر، لكن بالنسبة للأنف الأنف يعني كما هو معلوم من المنافذ، فإذا وصل إلى حلقه وابتلع شيئاً من ذلك، فهو مثل ما لو أدخله من فمه، السعوط والوجور، السعوط يعني: ما يوضع في الأنف، والوجور: ما يوضع في الفم، وأما الحجامة فهي تفطر، الحجامة تفطر، (أفطر الحاجم والمحجوم)، والحاجم إذا كان بالطريقة القديمة التي فيها مص المحاجم، وأما إذا كان بدون مص، فيفطر المحجوم دون الحاجم.

عدد الأرضين ومدى صحة تلاصقها أو انفصالها

السؤال: هل الأرضين سبع؟ وكيف صنفها؟ ومن يسكنها؟

الجواب: الأرضين سبع، يعني كما جاء في الحديث: (من ظلم شبراً من الأرض طوقه من سبع أرضين)، لكن جاء في الحديث هذا الحديث نفسه: (طوقه من سبع أرضين)، هذا يدل على أنها متلاصقة، وأنه متصل بعضها ببعض؛ لأنها لو كانت كل طبقة لها سكان، كان الإنسان إذا ظلم يعني يكون عليه الطبقة التي ظلمها، وأما الطبقات التي تحت فهي تبع السكان الذين يكونون تحت، تحت تلك الطبقة، لكن قوله: (طوقه من سبع أرضين)، يعني معناه أن كله يحمله على كتفه وعلى رقبته يوم القيامة؛ لأنه ظلم، والعلماء استنبطوا من هذا الحديث أنها متلاصقة، وأنه متصل بعضها ببعض، وأنها ليست كالسماوات كل سماء مستقلة، وفي فضاء بينهما، وفي سكان في كل سماء، وإنما تلك الأرضين متلاصقة، وجاء في حديث ضعيف أنه قال: (كل أرض فيها آدم كآدم وموسى كموسى)، وما إلى ذلك، وهذا غير صحيح، لكن الصحيح الذي جاء في الحديث الذي ورد في الصحيحين، ولو كان كل أرض لها سكان، كان يصير طبقة واحدة التي يحمل إياها، والطبقات التي تحتها يصير طبقة يحملها الذي كان على ظهرها.

وبالنسبة للآية: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ [الطلاق:12]، (مثلهن) يعني في العدد، وهذا الحديث بين أنها تختلف عنها من حيث وجود الفضاء.

مدى صحة حديث: (من سبح في دبر كل صلاة مائة تسبيحة) وعلاقته بالتسبيح

السؤال: يقول: في حديث أبي هريرة: (من سبح في دبر كل صلاة مائة تسبيحة، وهلل مائة تهليلة)، هل هذا تسبيحٌ أم لا؟

الشيخ: ما أذكر يعني شيئاً عن الحديث هذا، لا أدري، لا أذكر شيئاً عن ثبوته، لكن الذي ورد في الصلوات كلها، ورد: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيءٍ قدير)، بعد المغرب وبعد الفجر.

حكم البيع داخل المسجد وقبض المال خارجه

السؤال: ما حكم عقد البيع والشراء في المسجد وقبض المال خارج المسجد والعكس؟

الجواب: ما يجوز البيع والشراء في المسجد، يعني: كون الإنسان يعقد بيعاً ويبرم بيعاً في المسجد ويبيع ويشتري، هذا ما يجوز أبداً.

مداخلة: العبرة بالتعاقد البيع والشراء وإلا بقبض المال؟

الشيخ: كله يعني: لا عن طريق التعاقد ولا عن طريق التقابض، كل ذلك يقال له: بيع.

حكم بيع المزايدة

السؤال: ما حكم البيع والشراء عن طريق المزايدة؟

الجواب: شيء طيب، يعني: فوق من يزيد، هذه معروفة.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن النسائي - كتاب قيام الليل وتطوع النهار - باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، والاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد فيه [4] للشيخ : عبد المحسن العباد

https://audio.islamweb.net