اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , الأسهم والشركات للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.
وبعد:
الأسهم والشركات حديث ذو شجون، كيف لا، وقل أن تجد شخصاً له عائلة، ويريد أن ينمي ماله، أو عنده فضل من مال لم يدخل في سوق المال، وما ذاك إلا لسهولة كسبها، وسهولة التخلص منها، وسهولة الربح الذي يحصل جراء ما يسمى بالمضاربة في فروق الأسعار.
والشركات المساهمة -أحبتي الكرام- لها عمر طويل، وكبير، وكان أول نشأتها في بداية عام 1844 للميلاد في بريطانيا، وكذا ألمانيا، وبعد ذلك بمائة سنة تقريباً، أو ثمانين سنة وجدت في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا أجدني مضطراً إلى الحديث عن تاريخ الشركة المساهمة؛ لأن بين يدي مسائل أرى أنها من الأهمية بمكان، وأننا بحاجة إلى طرحها، وأرى أن طرحها هنا سوف يكون فيه نوع من المناقشة والتحليل؛ لأن بعض الإخوة الذين ذهبوا إلى التحريم، أو إلى الإباحة ربما لم يعلموا منزع الدليل في القول بالإباحة، أو منزع الدليل في القول بالتحريم إلا نسخاً ربما لا تشبع جائعاً، ولا تروي ضماناً.
وبين يدي محاور أرى أنها من الأحاديث التي نحن بحاجة إلى طرحها، ولعلي أذكرها على عجل.
المحور الأول: ما هي الشركة المساهمة، وما هي خصائصها؟
المحور الثاني: حكم إنشاء الشركات المساهمة.
المحور الثالث: ما حقيقة السهم في الشركة المساهمة؟
المحور الرابع: حكم تداول أسهم الشركات المساهمة.
المحور الخامس: حكم تداول الأسهم قبل طرحها للاكتتاب.
المحور السادس: حكم تداول الأسهم بعد الاكتتاب قبل التخصيص.
المحور السابع: حكم تداول الأسهم بعد التخصيص وقبل الإذن بالتداول.
المحور الثامن: حكم تداول الأسهم بعد التخصيص والإذن بالتداول.
المحور التاسع: انتفاع المكتتب لاسم غيره في الاكتتاب.
المحور العاشر: سلوكيات المضاربين، أو ما يسمى بهوامير السوق في سوق المال، ووقفة مع المضاربة في فروق الأسعار.
هذه هي المحاور التي أسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهمني الرشد والصواب، والفتح من العزيز الوهاب بأن أصل إلى كامل هذه المحاور، وإلا فعذري هو الوقت.
المحور الأول: ما هي الشركة المساهمة؟
وعلى هذا أيضاً فلو كان الشريك مفلساً، فلا علاقة بالشركة المساهمة أيضاً إلا بمقدار حصته من رأس المال الذي يقدمه الشريك.
أما الشخصية الاعتبارية فهي: شخصية يصنعها النظام، ويضفي عليها كثيراً من سمات وصفات الشخصية الذاتية، أو الشخصية الطبيعية، فيجعل للشركة المساهمة ذمة مالية لها حقوق وواجبات، وأيضاً يكون لها التزامات، فهي تستطيع أن تطالب، وأن تطالب، ويجعل لها اسماً وحياة وموطناً، كما يكون بالضبط للشخص الطبيعي، ويكون أعضاء مجلس الإدارة هم الذين يتصرفون في هذه الشركة، أو هذه الشخصية الاعتبارية.
أولاً: تقسيم رأس مال الشركة إلى أسهم متساوية القيمة قابلة للتداول بالطرق التجارية، وهذه الخصيصة لا تكاد توجد في الشركات الموجودة في الفقه الإسلامي.
ثانياً: عدم مسئولية الشركاء إلا بمقدار حصصهم من رأس المال.
ثالثاً: ليس للشركة المساهمة عنوان تجاري باسم أحد الشركاء، كما يوجد في الشركة الشخصية، تقول: شركة فلان ابن فلان، فهذه لا تكاد توجد في الشركة المساهمة، ولكن يوضع لها اسم على حسب طبيعة عملها، وحسب طبيعة نشاطها.
أو إن شئت فقل: هل للشركة المساهمة وجود في كتب الفقهاء؟
وقد حاول بعض الباحثين، وبعض الفقهاء المعاصرين تكييف الشركة المساهمة إلى الشركات الموجودة في كتب الفقهاء على أنها شركة عنان، وحاول بعضهم أن يجعلها شركة مضاربة، وحاول بعضهم أن يجمع بينهما فيقول: هي شركة عنان من وجه، وشركة مضاربة من وجه آخر. ولا أجدني مضطراً إلى التكلف، هل الشركة المساهمة لها وجود أو كيان في كتب الفقهاء أو لا؟ لأننا وجدنا أن الفقهاء رحمهم الله أوجدوا شركات ليس لها ذكر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا عهد كبار الصحابة، ولكن أوجدها التطور وزيادة الاستثمار بما يسمى بشركة المفاوضة مثلاً، أو شركة الوجوه.
فهاتان الشركتان لم يكن لهما ذكر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا شركة الأبدان إن صح الحديث الوارد في هذا الباب، كما صححه يعقوب بن شيبة و ابن رجب وشيخ الإسلام ابن تيمية وهو ما يرويه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن عبد الله بن مسعود أنه قال: (اشتركت أنا و عمار و سعد بن أبي وقاص على أنه من جاء منا بشيء، فهو بيننا بالسوية، قال: فجئت بعبدين أو كما قال، ولم يجيء صاحبي بشيء، فقسمناه بيننا بالسوية).
وقد قال الإمام الشافعي: إن لم تكن شركة الأبدان باطلة فلا أعلم شيئاً في الأرض باطلاً، ومع ذلك جوزها جمهور الفقهاء.
الشرط الأول: أن يكون المساهمون متساوين في الأرباح، وفي توزيع الأرباح.
الشرط الثاني: أن لا يكون في الشركة استثمار في الربا، أو الغرر، أو يكون رأس مالها منصباً على هذا التأسيس أي: التأسيس في التعامل بالربا أو الغرر أو المحرم.
الشرط الثالث: أن يكون رأس المال معلوماً.
الشرط الرابع: أن لا يكون لأحد المساهمين ميزة على غيره.
فإذا وجدت هذه الشروط الأربعة، فلا بأس ولا حرج في إنشاء أي عقد من العقود التي ينشئها أو يفرضها الواقع التجاري، والشركة بهذا الاعتبار داخلة في القواعد العامة التي ذكرها أهل العلم، وهي أن الأصل في العقود والشروط الصحة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والأصل في هذا أنه لا يحرم على الناس من المعاملات التي يحتاجون إليها إلا ما ثبت في الكتاب والسنة تحريمه، كما أنه لا يشرع لهم من العبادات التي يتعبدون الله بها إلا ما ثبت في الكتاب والسنة شرعه.
وعلى هذا فذكر بعض الباحثين أن الشركة المساهمة محرمة؛ بحجة أن المسئولية المحدودة ليس لها ذكر في كتب الفقهاء، فيقال: لا بأس بذلك؛ لأن المؤمنين على شروطهم، و( المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً، أو حرم حلالاً )، كما روي مرفوعاً عند الترمذي، والصواب أنه ضعيف، وأنه من قول عمر بن الخطاب ، كما رواه ابن أبي شيبة وغيره.
وعلى هذا فأقول: إن الشركة المساهمة التي يدخل فيها المساهم، على أنه لا يكون مسئولاً إلا بمقدار حصته من رأس المال، كذلك الذين يريدون أن يتاجروا مع هذه الشركة المساهمة علموا ما حقيقتها، وأنهم لا يستطيعون أن يطالبوا المؤسسين إلا بمقدار حصصهم، فنقول: هؤلاء دخلوا على علم وعلى دراية.
وقد يقول قائل: إن الشركة المساهمة لا تجوز؛ لأن السهم في الغالب لا بد أن يكون فيه نقود، وإن كان فيه أعيان، فإذا كان في السهم نقود، فإنه لا يجوز شراء هذا السهم إلا بإجراء عملية الصرف التي ذكرها الفقهاء، وذكروا من أمثلة ذلك: مسألة ما يسمى بمد عجوة ودرهم، وهو من باع ربوياً بربوي معه غير ربوي، فإن العلماء اختلفوا في ذلك.
وأقول: إن الأقرب -والله تبارك وتعالى أعلم- أن الشركة إذا قامت وصار لها كيان، وصار لها حقوق معنوية، وقامت وعملت العمل الذي أنشئت من أجله، فلا بأس بشراء أسهمها ولو كان فيها نقود، قلت أم كثرت، ولو كان فيها ديون كثرت أم قلت، ولنا في ذلك أسوة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من باع عبداً وله مال فماله لسيده إلا أن يشترطه المبتاع )، هذا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة، والصحابة فهموه بالفهم المراد من النبي صلى الله عليه وسلم، وتقييد بعض الفقهاء تقييدات لم توجد في الحديث تحتاج إلى دليل، ولهذا قال ابن قدامة في المغني: وهذا إذا لم يكن المال مقصوداً، فإذا كان المال غير مقصود، فسواء كان المال كثيراً أم قليلاً، معلوماً أم مجهولاً، نقداً أم ديناً.
وعلى هذا فنقول: شراء السهم، ولو كان فيه نقود لا بأس؛ لأن هذا النقد دخل تبعاً، ومعنى التبعية هنا هو: أنه دخل من ضمن عقود أو حقوق للشركة المعنوية، من الاسم التجاري، ومن قوة الإدارة، ومن التزامات الشركة.
ومن الامتيازات التي تفرضها الدول لهذه الشركة مثل: شركة الجبس لها امتياز فلا تستطيع شركة أن توجد جبساً إلا بشركة الجبس، فهذا امتياز له اعتباره في قيمة السهم، وله اعتباره في قوة الشركة، وله اعتباره في استثمارات الشركة وغيرها.
ولكن الشركة المساهمة منشؤها إفراز من النمط الغربي، والنمط الغربي له فقهاؤه، وهم فقهاء القانون، وقد ذكروا أن السهم ليس حصة مشاعة من صافي موجودات الشركة؛ لأجل هذا وجد خلاف من بعض الباحثين، وإن كان بعض الفقهاء المعاصرين الذي هو من هو في علمه في هذا الباب ذكر أن هذا إجماع من الفقهاء، وإن كان هو إجماعاً من المجامع الفقهية والهيئات الشرعية في جميع البنوك أن السهم يعد حصة مشاعة من صافي مكونات الشركة، أو من صافي موجودات الشركة؛ ليشمل بذلك السهم الحقوق والالتزامات، والامتيازات، والديون، والأرباح الاحتياطية النظامية والاختيارية.
وهذا القول كما سبق هو قول جميع مجامع الفقه في واقعنا المعاصر، وجميع الهيئات الشرعية، واستدلوا على أن السهم حصة مشاعة من صافي موجودات الشركة بأمور أهمها:
الأمر الأول: أن السهم عبارة عن مستند لإثبات حق المساهم في الشركة، فلا قيمة له في نفسه، وإنما قيمته بما يمثله من موجودات في الشركة، ومما يدل على هذا أنه قبل نظام تداول عام 1998 كان الناس إذا أرادوا أن يشتروا السهم يشترونه بصك من قبل الشركة، فأنت تبيع السهم وتظهره، وتقول: بعت السهم إلى فلان ابن فلان، ثم تذهب به إلى الشركة الأساسية للاكتتاب، ثم الشركة الأساسية للاكتتاب تخاطب الشركة المساهمة مثل ثابت، وثابت بعد ذلك تذهب إلى أوراقها وتحول هذا السهم، أو هذه الشهادة من زيد إلى بكر، فكانت الشهادة حقيقتها ليست مقصودة لذاتها، وإنما هي لإثبات حق المساهم في أصل وفي موجودات الشركة.
وفي ظل التطور والتكنولوجيا الحديثة، وبما أخبر به الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام أنه في آخر الزمن تتقارب الأسواق، جاء ما يسمى بنظام التداول عبر البنوك أو عبر الانترنت، فأوجدت المحافظ بما يسمى لدى البنوك (أوعية استثمارية معنوية) بحيث إنك إذا قمت بشراء هذا السهم دخل هذا السهم في محفظتك، وفي قبضتك، ثم يذهب أيضاً إلى الشركة الأساسية، ويوضع سهمك في الشركة الأساسية، ويوضع أيضاً في الشركة المساهمة بلحظات بعد أن كان يجلس أسبوعين أو ثلاثة، أو شهراً أو زد عليه قليلاً.
وعلى هذا فقالوا: إن السهم، وإن كان سهلاً تداوله، لكنه لا يغير من حقيقة السهم شيئاً، وهو أنه عبارة عن مستند لإثبات حق المساهم في أصول الشركة، وقالوا: ولأن ملكية الشركاء في الشركة ملكية حقيقية بدليل أن المساهم يستطيع أن يبيع أسهمه، ويتصرف فيها ويرهنها، وهذا هو التملك لأصول الشركة، ولا يعلم تملك غير هذا، إن لم يكن هذا تملكاً.
وبعبارة أخرى نعيد قولهم، قالوا: إن السهم هو عبارة عن عروض تجارة، وإن مالك السهم هو مالك لحقوق يكتسبها من الشركة، ولكنه ليس مالكاً لأصول الشركة؛ لأن الشركة هي التي تملك أصولها، وبالتالي فإن المساهم إذا ملك حصة أو سهماً في شركة ما فليس له حق إلا في أمرين: الأرباح الموزعة، والأمر الثاني: التسويق في الجمعية العمومية العادية وغير العادية، واستدلوا لهذا بأدلة:
الدليل الأول: قالوا: إن السهم عبارة عن عروض تجارة، وإن المساهم إنما يكسب أسهمه بناءً على العرض والطلب في سوق المال، فإذا أراد المشتري أن يشتري، لا يشتري من مال الشركة، بل الشركة من حين اكتتابها لا علاقة لها بالسهم في القيمة السوقية، ولكن المال يذهب إلى البائع، والسهم يذهب إلى المشتري.
وقالوا: إن من خصائص الشركة المساهمة أن لها شخصية اعتبارية مستقلة عن المساهمين، وموجوداتها ملك لها، وليست ملكاً للمساهمين.
وقالوا: النتيجة هي: أن الشركة أصبحت شخصية اعتبارية، تملك مثلما يملك الشخص العادي، وأنك إذا امتلكت سهماً، فإنك ملكت سهماً من الشركة، ولم تملك سهماً أو صكوكاً من أصول الشركة، وأرى أن هذا فيه بعد كبير؛ لأن كون الشركة لها شخصية اعتبارية، أو لها ذمة مالية لا يخرجها ذلك عن كون المساهم يملك بمقدار أسهمه حصصاً من موجودات الشركة بدليل أن الشركة في حال تصفيتها أو انتهاء مدتها الافتراضية، وهي تسع وتسعون سنة، أو خمس وخمسون سنة، كما في بعض الشركات فإن المساهمين هم الذين لهم الحق في أصول وموجودات الشركة بعد أخذ الدائنين حقوقهم، وهذا يدل على أن المساهم يملك أصولاً في الشركة المساهمة.
الدليل الثاني: قالوا: ومما يدل على أن السهم عروض تجارة وليس أصولاً يملكها في الشركة، أن المساهم لو أراد أن يتحصل على جزء من أسهمه من أصول الشركة، فإنه لا يستطيع أن يطالب بنصيبه ما دامت الشركة قائمة، ولو كان يملك المساهم جزءاً من أصول الشركة، لاستطاع أن يطالب الشركة بذلك.
والجواب على هذا أن يقال: كون المساهم لا يستطيع أن يطالب بجزء من أصول الشركة بمقدار أسهمه ليس دليلاً على أن السهم لا يمثل حصة مشاعة من صافي موجودات الشركة، لماذا؟ لأن المساهم دخل بناءً على هذا الشرط الذي أوجده النظام، أو الشرط حين دخوله في الشركة المساهمة، وهو أن الشركة حين إنشائها لا يستطيع أحد أن يطالب بأصول الشركة إلا حال تصفيتها أو انتهاء مدتها، أو رغبة ثلثي المساهمين في تصفية الشركة.
قالوا: وهذا أيضاً موجود في كتب الفقهاء، أرأيتم الشركة العقارية التي تقوم بفتح مساهمة في أرض معينة، فيقوم الناس يكتتبون بمقدار السهم الذي يمثل عشرة آلاف من حصة مشاعة من هذه الأرض أو هذا المشروع.
فإذا ملك شخص عشرة آلاف سهم في شركة عقارية، هل يستطيع المساهم -قبل تصفية الشركة أو قبل إنهائها وهي شركة عقارية مضاربة أو عنان كما هو قول الفقهاء- أن يطالب الشركة العقارية بأن يقول: أنا أملك عشرة مليون في الشركة أريد أن تعطوني جزءاً من الأرض؟ لا يستطيع أن يطالب بهذا. ومع ذلك فهو يملك حصة مشاعة من صافي موجودات هذه الأرض، أو أصول هذه الشركة، فكون المساهم لا يستطيع أن يطالب بأصول الشركة، أو بجزء من أصول الشركة، لا يجعله لا يملك أصول الشركة؛ لأنه دخل على علم وعلى دراية.
الدليل الثالث: الذي جعل بعض الإخوة يقول: إن السهم لا يمثل أصول الشركة -وأنا ذكرت هذا؛ لأن مآلاته خطيرة جداً كما سأذكر ذلك- قالوا: إن المساهم لو قلنا: إنه يملك أصول الشركة، لأدى ذلك إلى تحريم بيع أسهم المؤسسات المصرفية في البنوك الإسلامية؛ لأن غالبها نقود أو ديون، والأصول الموجودة والأعيان الموجودة في المؤسسات المصرفية في الشركات المساهمة قليلة في ظل وجود النقود، ولأجل هذا خرجوا من معرة هذا الأمر ليقولوا: إن السهم عبارة عن عروض تجارة.
وأقول: لا يمكن في النظر الفقهي تعليل الأحكام الشرعية بناءً على تعليلات قانونية.
علماء القانون نستفيد منهم في إنشاء الشركة، وفي ذكر خصائصها، وفي ذكر مميزاتها، وفي ذكر التزاماتها، أما الأحكام المنوطة بها فلا يلزم أن نأخذ بأقوال القانونيين إذا لم توافق الحكم الشرعي.
وأيضاً لو كان السهم عبارة عن عروض تجارة؛ بسبب ما فرضته المدنية الاقتصادية بأن السهم يتداول في سوق المال، ولا علاقة له بالشركة، لو قيل بذلك لقيل: إن المتاجرة في العملات كالدولار واليورو والين والجنيه والريال لا يشترط فيها القبض، ولا يشترط فيها ما يشترط في الثمنية من حرمة النَسأ؛ إذ اتفقت العلة أو اتفقت العلة والجنس وغير ذلك؛ لأن الدولار في المتاجرة في العملات أصبح سلعة يباع ويشترى؛ لأنك تشتري الدولار باليورو؛ لأن عندك دراسة على حسب التحليل الفني أو التحليل المالي أن الدولار سوف ينخفض بحسب التضخم، أو عندك أن اليورو سوف تقل قيمته السوقية بسبب وجود التزامات على الاتحاد الأوروبي مثلاً، فينزل السهم، فأنت تضارب على حسب فروق الأسعار بالدولار، ولو قيل: إن السهم سلعة بسبب العروض الموجودة في العرض والطلب لقلنا: بأن الدولار أصبح عروض تجارة، ولجاز الربا على مصراعيه، وهذا ما يريده أسواق المال في البلاد الغربية، وهذا محرم ولا شك.
أمر آخر: كوننا نرى أن المؤسسات المصرفية لا يجوز تداول أسهمها؛ لأن فيها نقوداً، نقول فيها مثل ما ذكرنا في حديث ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من باع عبداً وله مال فماله لسيده، إلا أن يشترطه المبتاع )، وقوله: (وله مال) كما قال الخرقي ناقلاً عنه ابن قدامة في المغني، قال: ومعناه إذا لم يكن المال مقصوداً، فإذا كان المال غير مقصود، فسواء كان كثيراً أم قليلاً، ديناً أم عيناً، معلوماً أم مجهولاً.
وعلى هذا فإذا قامت الشركة، أو المؤسسة المصرفية، وعملت العمل الذي أنشأت من أجله، فإنه يجوز تداول أسهمه، ولو كانت النقود أكثر.
ولكن هل يقال: بجواز أسهم البنوك بحجة أن السهم يمثل سلعة؟ هذا فيه توسع كبير وعريض، مع أن الفقهاء المعاصرين بجميع هيئاتهم، والمجامع الفقهية فيها حرموا إنشاء شركة مساهمة أصل نشأتها تتعامل بالحرام كما سوف يأتي.
أنا أسأل: يقولون: إن السهم سلعة، سؤالي يا إخوة! لو كان السهم سلعة، وأنه لا يملك من أصول الشركة، ما الذي يدفعنا لذلك؟ قالوا: لأن هذا من ضمن إفرازات المدنية الغربية فلا بد أن نأخذ بها بناءً على المدنية الغربية، قلنا: النظام الفرنسي يقول: إن الأرباح التي يستحقها المساهم ومالك السهم هي عبارة عن ديون على الشركة، فهل يقول الذين يقولون: إن السهم عروض تجارة بناءً على النظرة القانونية هل يقولون بالنظام الفرنسي بناءً على هذا، أم يتهربون من هذا؟
أمر آخر: إذا كان السهم عبارة عن سلعة الأرباح التي يأخذها عبارة عن حق أم ماذا؟ يعني: كيف يأخذ الأرباح، وقد جعله عروض تجارة؟
أمر آخر: إذا أراد أن يزكي وهو يريد أن يستثمر، أليس ينظر إلى أصول الشركة؟ يعني: أن السهم: عبارة عن عروض تجارة، أنا ملكت سهماً في شركة مكة مثلاً، ولا أريد أن أضارب في سوق المال، وأنا أريد ريعها، فإذا أردت أن أزكي زكاتي هل أنظر إلى أصول الشركة، أم أنظر إلى ماذا؟ حتماً سوف أنظر إلى أصول الشركة، هل هي صناعية، أم هي زراعية، أم هي عقارية؟ فأنظر إلى أصول الشركة لأخرج، هل أخرج الأرباح فقط، أم أخرج الأرباح مع الأصول؟ فهذا يدل على أنه لا مناص من جعل مالك السهم مالكاً لأصول الشركة.
قلنا: إن إنشاء شركة مساهمة ابتداءً الصواب هو جوازه، وعليه غالب فقهاء وعلماء هذه الأمة كالشيخ محمد بن إبراهيم رحمة الله تعالى عليه، وشيخنا عبد العزيز بن باز وشيخنا محمد بن عثيمين وجميع المجامع الفقهية من المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي، وجميع الهيئات الشرعية في جميع البنوك الإسلامية.
القسم الأول: شركات أنشئت لغرض محرم كالربا، أو المتاجرة بالمحرم كالتبغ، أو بالمجلات الهابطة، أو بالخمور والمتاجرة في الفنادق والدعارة، أو في وسائل الإعلام التي تتاجر بعرض المرأة فهذا لا شك في حرمة المساهمة فيها، هذا بناءً على أقوال المجامع الفقهية، وقد قرأت وكتبت ولم أجد خلافاً، ولا أدري ما يفرضه لنا المستقبل بتجويز مثل هذه الشركة، فهذه الشركات الأصل فيها إلى يومي هذا أنه لا يجوز الدخول في مثل هذه الشركات، والأدلة في هذا واضحة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بين حرمة الربا، وبين أن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه كلهم داخلون في اللعنة كما روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله .
القسم الثاني: شركات أصل منشئها أنها تتعامل بالمباح، وليس في استثماراتها محرم، واختلفوا في معنى هذا المحرم.
فالمحرم قالوا: هو المجمع على تحريمه كالاقتراض، أو القرض، أو الاستثمار المجمع على تحريمه كالسندات، أو أذنات الخزينة، وغير ذلك مما هو مجمع على تحريمه.
أما ما هو مختلف في تحريمه فإنه لا تكاد توجد شركة مساهمة إلا وقد أخذت بالقول الراجح في نظر هيئتها، وعند القائلين بالحرمة في نظرهم أنها تكون حراماً، ولكنهم قالوا: إنه المجمع على تحريمها، وهي أن تكون لم تقترض أو تقرض أو تستثمر بمحرم مجمع على تحريمه، فالأصل في الدخول في مثل هذه الشركات هو الإباحة.
القسم الثالث وهو معترك النزاع، وهو الذي لم تنته فيه أقوال أهل العلم إلى قول واحد، ولا أظنها تنتهي في ظل هذا التطور التكنولوجي الاقتصادي، وهي: الشركات التي أصل نشأتها أنها تتعامل في المباح كالزراعة والصناعة والخدمات والعقار وغير ذلك، لكنها ربما اقترضت أو أقرضت بالربا، أو تعاملت باستثمارات مجمع على تحريمها، فما حكم هذه الأسهم، وهي ما يسميه غالب الناس الأسهم المختلطة؟
ينبغي أن نعرف أن الأسهم المختلطة هي الأسهم التي فيها نسبة محرمة قلت هذه النسبة أم كثرت فلا فرق، فكلها تسمى مختلطة، فإذا كانت نسبتها فوق الثلاثين بالمائة تسمى مختلطة، وإذا كانت نسبتها أقل من ثلاثين بالمائة، أو أقل من عشرة بالمائة، أو أقل من خمسة بالمائة، فهي تسمى مختلطة، لكن العلماء اختلفوا في تجويز شراء أسهمها.
أدلة هذا القول:
قالوا: إن المساهم يعد شريكاً في الشركة، وأنه يملك من أصول هذه الشركة بمقدار أسهمه التي يملكها، وبالتالي فكل تصرف يتصرفه أعضاء مجلس الإدارة، فقد تصرف بجزء من ماله بالربا أو بالحرام المجمع على تحريمه، ويعد أعضاء مجلس الإدارة وكلاء له في التصرف، ولا يلزم من وجود وكالة نصية بأن يذهب إلى وزارة العدل فيوكل أعضاء مجلس الإدارة، فوجودها وكيانها قائم على مبدأ الوكالة، فقالوا: المساهم إما أن يكون راضياً في تصرف أعضاء مجلس الإدارة، وإما أن يكون غير راضٍ، فإن كان راضياً فلا شك لدى الجميع في حرمة شراء أسهم هذه الشركة، وإن كان غير راضٍ فليس أمامه إلا أمران: إما أن يمنعهم من هذا التصرف، ولا شك أنه إذا كان قادراً على منع أعضاء مجلس الإدارة من تصرفهم في الربا بأن يكون مالكاً للأسهم فيجب عليه حضور الجمعية العمومية لإزالة هذا الربا من ماله، نصحاً للأمة، وإن كان غير قادر فليس أمامه إلا الخروج من هذا السهم، فهو وإن لم يأكل الربا -بأن أخرج جزءاً من الربا- فإنه لا بد أن يكون أعان على أكله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( لعن الله آكل الربا ومؤكله )، فهو إن لم يأكله بأن أخرج فهو أعان على أكله بأن جعل أسهمه لأعضاء مجلس الإدارة يتصرفون به كيف شاءوا.
قالوا: أرأيتم بطاقة الائتمان إذا كان فيها شرط ربوي، ألم يذهب عامة الفقهاء، وعامة الهيئات الشرعية في البنوك التي جوزت الأسهم المختلطة إلى أن من شروط بطاقة الائتمان: أن لا يوجد فيها شرط ربوي في حالة تأخر العميل عن السداد، فإنه يؤخذ عليه فائدة ربوية، قالوا: لا يجوز أن يحصل على بطاقة الائتمان؛ لأن فيها شرطاً ربوياً، مع أنه ربما يكون بحاجة ماسة إلى بطاقة الائتمان، واسألوا إن شئتم أصحاب التجارة الذين يذهبون إلى بلاد الغرب، الذين لا يقبلون نقوداً، ولكنهم يقبلون بالنقود الإلكترونية كما يسميها بعض الاقتصاديين، فهذه لماذا فرق بينهما؟
والسؤال أيضاً: أنكم تقولون: إنه يخرج نسبة الحرام، وهو ما يسمى التطهير.
سؤال: هل إذا أخرج المساهم نسبة الحرام لم يستفد من نسبة الحرام؟ الواقع بخلاف ذلك؛ لأن الشركة إذا وضعت أموالها في البنوك لتأخذ عليها فوائد بنكية، هذه الفوائد سوف تستفيد الشركة منها بأن تعطيها لموظفيها رواتب، وتدخلها من ضمن الأرباح الاحتياطية النظامية والاختيارية، وكون المساهم يخرج نسبة الحرام في آخر السنة يبقى أنه قد استفاد من هذه الأرباح التي قد جعلت له بعد ذلك، ولهذا سوف يتحصل عليها، وتطهيرها بعد أخذ الأرباح لا يخرجه من الاستفادة من وجود سهم.
وأنا أريد أن يتبين لك أن هذا الربح -وإن كان فيه نسبة ربا- سوف يستفيد منه السهم بحسب العرض والطلب،
مثلاً لو أن شركة الآن ما عندها استثمارات محرمة، وتأخذ هذه الأرباح وتضعها ضمن الاحتياطي، هذا الاحتياطي إذا زاد على (50%) من رأس مال الشركة، فإنه يقوم بتجزئته في ما يسمى بزيادة رأس مال الشركة، بإعطاء المساهم منحة، هذه المنحة ربما تكون غالبها من استثمارات وأرباح محرمة، وبالتالي فإن التخلص من السهم لا يمكن أن يعفيه من الحرام.
أيضاً القائلون بالتحريم قالوا: إن القائلين بالجواز لهم قفزات في مثل هذه الشركة، فأول ما ذكر الخلاف في حكمها قالوا: إنه لا بأس بالدخول في هذه الشركات مع اختلاف في نسبة الحرام، قالوا: بشرط أن يخرج نسبة الحرام.
قالوا: إذا كان مضارباً فيدخل في شركة استثماراتها (20%)، ثم يبيعها ليدخل في شركة تقترض، وتكون أرباحها بالمحرم (1%)، ثم يبيعها ويدخل في شركة ربما لا يكون عندها اقتراض ثم مضاربة، فيصعب عليهم أن يخرجوا، فلما صعب عليهم هذا الأمر بعملية حسابية، قالوا: إذا كان مضارباً لا يخرج شيئاً، وإذا كان مستثمراً يخرج شيئاً.
والسؤال: القائلون بالتحريم قالوا: إنكم جوزتم الاستثمار في السهم مضاربة، والحكم بالمضاربة أشد تحريماً من الاستثمار لم؟ قالوا: لأننا اتفقنا على أن هذا السهم سواء كان عروض تجارة، أو حصة مشاعة من صافي موجودات الشركة، فكلنا اتفقنا على أن هذا السهم فيه نسبة من الحرام، فأنتم أمرتم المستثمر أن يخرج هذا الحرام بحجة التطهير، لكنكم قلتم للمضارب الذي في هذا السهم نسبة الحرام: ضارب وبع هذا السهم بما فيه من ربا ليشتريه شخص ليحصل على ربحك، أو لتحصل على ربحك من فروق الأسعار، فأنت بعت هذا السهم مع علمك بأن فيه حراماً، ولم تبعه تخلصاً، ولكنك بعته بقصد الربح، فقالوا: إن المضاربة في مثل هذا أشد حرمة من الاستثمار، هذه أقوى أدلة القائلين بالتحريم.
وسوف نذكر فحوى كلام شيخنا محمد. أقول: إن هؤلاء ذهبوا إلى جواز هذه الشركات مع اختلافهم في النسبة المقدرة للتطهير، والتي يجوز فيها دخول المساهم في هذا السهم، أو في هذه الشركة، وقد استدل أصحاب هذا القول بقواعد، منها:
أن العلماء قالوا: يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً، وقالوا: إن الأقل يأخذ حكم الأكثر، وقالوا: إن التخفيف في يسير النجاسة معتبر لدى الشارع، فبسبب هذه القواعد قالوا: إن هذه الاستثمارات المحرمة لمن أسس شركته على أصل وتعامل مباح، قالوا: إنها داخلة بالتبعية، ويجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( من باع عبداً وله مال، فماله لسيده، إلا أن يشترطه المبتاع ).
فهنا الرسول صلى الله عليه وسلم جوز عدم الصرف فيمن كان له مال عند عبد فله أن يبيعه ولم يجر عليه مجرى الصرف.
والجواب على هذا عند القائلين بالتحريم: أنه لا يجوز الاستدلال بالضوابط الفقهية والقواعد الفقهية إلا إذا كانت قواعد كلية، فإذا كانت قواعد كلية فيجوز الاستدلال بها، كالمشقة تجلب التيسير، أو اليقين لا يزول بالشك، أو الضرر يزال، أو غير ذلك من القواعد الكلية، أما الضوابط الفقهية التي ذكرها بعض الفقهاء فإنما هي دليل عند القائلين من أصحاب هذا المذهب.
ثم إنهم قالوا: إنه لا يمكن أن يستدل بهذا الحديث على جواز الربا إذا كان يسيراً؛ لأن العبد إذا كان له مال فماله هذا يجوز بيعه أصالة، فيجوز أن تبيع هذا المال بالشروط والضوابط الشرعية.
فإذا كان العبد مثلاً عنده مائة دينار فلك أن تبيعه بمائة أو بمائتي درهم، مع اشتراط القبض والتساوي، وباشتراط القبض وعدم النسأ أو أن تبيعه بعروض.
لكن السؤال: هذا الرجل الذي اشترى العبد وعنده مال، هل قام بتطهير هذا المال، أم أبقاه ورأى أنه حل له؟
الجواب: أنه أبقاه ورآه حلاً له، والسؤال: هل الذي يشري السهم وفيه نسبة الربا، هل يبقي الربا فيه، أم يخرجه تخلصاً؟
الجواب: أنه يخرجه تخلصاً، إذاً: القياس بين هذا الدليل وبين الاستدلال في محل النزاع محل تأمل ونظر.
أمر آخر: هذه القاعدة وردت في مسائل مذكورة عند أهل العلم، وهي أن هذه الأشياء دخلت بالتبع، وأنها غير مقصودة مثل: بيع السيف إذا كان فيه جزء من الفضة، أو جزء من الذهب، أو بيع البيت مع جهالة أساساتها، والحديد الذي فيها، فهذا غرر مغتفر، وهذا اليسير يسير؛ لأنه لا يأبه به، ولا يعتبر.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل القائلون بجواز الأسهم المختلطة جعلوا اليسير يسيراً بذاته، ولا علاقة له بأصل أو برأس مال الشركة، أم قدروا اليسير بناءً على رأس مال الشركة؟
الجواب: أنهم قدروا اليسير برأس مال الشركة، فلو فرض مثلاً أن رأس مال الشركة المساهمة مائة مليار، فاليسير هنا إذا قدرناه (5%)، أو (10%) فعشرة مليارات، هذا يسير، إذا كانت نسبة الربا عشرة مليارات، فهو يسير، وعشرة مليارات تستطيع أن تأخذ كل القطاع الزراعي بالعشرة المليارات هذه، فهذا يدل على أنه ليس يسيراً، وأن اليسير الذي ذكره أهل العلم قالوا: الذي لا تتعلق به همة الناس، ويسير النجاسة التي ذكر أهل العلم قالوا: كالاستجمار للمستجمر إذا علق في السبيلين بعض النجاسة فإنه مغتفر، لكنهم رحمهم الله لم يفرقوا بين هذه النجاسة العالقة في السبيلين بين كبر الشخص وصغر قامته، فإنهم جعلوها يسيرة ابتداءً، فلا علاقة لها بين رجل كبير القامة أو صغير القامة، ويسير النجاسة الموجودة في الأظافر كما هو مذهب مالك و ابن تيمية جعلوها يسيرة ابتداءً.
لكن لو أن رجلاً كبير القامة، ونجاسته ربما تكون مع صغير القامة كثيرة، فيقال: هل تقولون: إذا كانت النجاسة موجودة بكبير القامة جائزة، وإذا كانت موجودة بصغير القامة لا تجوز؟ الشارع لم يفرق، فيسير النجاسة ويسير المحرم إنما نظر إليه ابتداءً، ولا ينظر إليه بأصول الشركة وأصلها.
ومن أدلة القائلين أيضاً بالإباحة: الحاجة، والحاجة معتبرة في الشارع، فقد جوز الشارع ربا الفضل، بشرط التساوي في الخرص، فجوز لأهل العرايا، إذا لم يكن عندهم نقود واحتاجوا إلى أن يأكلوا الرطب، فجاز أن يبيعوا الرطب على رءوس النخل بخرصها تمراً مع من عنده تمر بشرط التساوي، قالوا: فإذا جاز ذلك لأجل الحاجة فلنجوز يسير الربا.
والجواب على هذا أن يقال: إن الشارع الحكيم جوز ربا الفضل مع اشتراط الخرص بالتساوي تمراً، فإذا باع الذي عنده رطب على الذي عنده تمر بالخرص، وثبت بعد ذلك وجود زيادة هل يؤمر بإخراجها أم يبقيها؟ الجواب: أنه يؤمر بإبقائها.
ثانياً: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجوز ربا الفضل حتى مع الحاجة، إنما جوز الخرص بالتمر، وفرق بين الأمرين، بدليل ما ثبت عند أهل السنن من حديث سعد بن أبي وقاص أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر، قال: ( أينقص الرطب إذا جف؟ قالوا: نعم، قال: فلا إذاً )، فمنع النبي صلى الله عليه وسلم ربا الفضل، ومن المعلوم أن ربا الفضل إنما حرم تحريم وسائل، وأما ربا النسيئة فإنما حرم تحريم مقاصد وغايات، والواقع أن ربا النسيئة وربا الفضل هما الموجودان في الشركات المساهمة.
وأيضاً لا شك أن الحاجة معتبرة، كما ذكر ذلك الجويني رحمه الله أنه إذا أطبق الحرام على بلد بحيث لا يوجد فيه مباح، فيجوز الدخول فيه، وأرى أن قول شيخنا محمد إنما جوز ذلك، حينما لم يكن هناك شركة، أو تقترض بالربا إلا واحدة أو لم يوجد، فإنه جوز لأجل هذا.
وعلى هذا نقول: إن الحاجة هنا معتبرة، بمعنى: أنه إذا لم توجد شركات مباحة، ولم تقترض بالربا قرضاً أو اقتراضاً، ولم يوجد مؤسسات مصرفية أو تعامل بالمرابحة للآمر بالشراء في بلد، فيجوز شراء أسهمها كما يوجد للمسلمين في البلاد الغربية، حيث لا يوجد شركة مساهمة نقية -كما يسميها بعض الإخوة- أو مباحة، ولا يوجد مصارف إسلامية في هذه الشركات لتقترض أو لتأخذ سيولة ببيع المرابحة، فإذا وجدت هذه الحالة فنقول للمسلمين الذين يعيشون في الغرب: إذا لم تجدوا استثمارات مباحة، ولم يكن ثمة استثمارات -بناءً على المصرفية الإسلامية إلا بالقرض الربوي- فإنه يجوز الدخول في مثل هذه الشركات مع إخراج الحرام، والواقع هل القائلون بجواز الأسهم المختلطة يقولون بهذه الحاجة المعتبرة؟ الواقع أن جميع البنوك -ولا أستثني البنوك الإسلامية والبنوك الربوية التقليدية- عندها صناديق تقول: موافقة للشريعة الإسلامية، وهي تستثمر أموالها في بلاد الغرب، مع الحاجة الماسة لإيجاد هذه الأموال في بلاد الإسلام، استثماراً وصناعةً وزراعةً، وتطويراً وإنماء.
إذاً: أين الحاجة؟ إنما كانت الحاجة في كثرة الثراء الفاحش في سوق المال، مع الاعتبار أن الحاجة والضيق والحرج ليس مناطها هوى الإنسان، كما أشار إلى ذلك الإمام الشاطبي ؛ لأن بعض الناس يقول: والله! إني أرى السهم يرتفع، والله! ما أقدر، لكن مضطرون، اتركني أدخل بالأسهم؛ لأن هذه الأسهم تربح، وهذه الأسهم لا تربح، فيرى أن هذه حاجة، وهذه ليست حاجة، فهذا نوع من رغبة الإنسان وهواه، فالحاجة هي التي لولاها لوقع الإنسان في حرج.
وأنا أقول: لو أننا خاطبنا أصحاب رءوس الأموال ممن يملكون أموالاً باهظة في صناديق الاستثمار، وألزمناهم بمثل ذلك لوقع حل عظيم.
مثال: الآن يوجد صناديق استثمار في جميع البنوك، بعضها موافق -حسب رأي الهيئة الشرعية لديها- للشريعة، وبعضها غير موافق للشريعة، سؤال: بدلاً من أن نبقى على هذه الطريقة، وهي أننا ننظر رغبة ومحبة أعضاء مجلس الإدارة يخرجون لنا كل ربع، هذه نقية، وإلا غير نقية؟ ثم نبحث على قوائمهم المالية، لماذا لا تطالب الهيئات الشرعية الصناديق الاستثمارية الموافقة للشريعة التي جوزوها بأن يطالبوا الشركات بتحويلها إلى مباحة، وهذا أمر ميسور، تستطيع الشركات أن تأخذ وكالة من قبل المساهمين، أو على رأي بعض الاقتصاديين أن الصندوق أصبح شخصية اعتبارية له الحق في المطالبة بالأرباح الحاصلة لهذا السهم.
لماذا لم نسمع أن الهيئات الشرعية طالبت هذه الصناديق بتحويل هذه الشركات إلى شركات مباحة؟
الواقع -أيها الإخوة- أن أعضاء مجلس الإدارة أحياناً بدلاً من أن يدخلوا في الاستثمار، أو في بيع المرابحة للآمر بالشراء كسباً لوجود السيولة، فقط يفرق عندهم فروق السعر، لو كانت فائدة الربا (3%) أو (4%)، وفائدة المرابحة للآمر بالشراء التي يسميها العلماء التسهيلات الإسلامية (5%)؛ لذهبوا إلى الربا وتركوا التسهيلات الإسلامية! أو ما يوافق الضوابط الشرعية، فنقول: أي حاجة في مثل هذا؟!
الأمر الآخر: إذا كانت الحاجة في الاقتراض إذاً ما الحاجة في الدخول في سندات ربوية للاستثمار؟!
إذاً: ينبغي أن تقدر الحاجة بقدرها، وقال شيخنا عبد الله بن منيع في بحوث اقتصادية: ويجب حينما نقول بجواز الأسهم المختلطة بناءً على الحاجة أن تكون الحاجة فعلية حقيقية غير متوهمة، وهذا هو القرار والتأكيد الفقهي للحاجة لدى الفقهاء، بمعنى أن تكون هناك حاجة حقيقية وليست حاجة مفتعلة.
من الحاجة المفتعلة قول بعضهم: إن وجود هذه الشركات حاجة للأمة، فلا بد للأمة من وجودها وإبرازها وإثباتها، فمثلاً الكهرباء، الاتصالات الخدمات، لا يمكن أن توجد أمة إلا بمثل هذا، فهذه حاجة ماسة لا بد من وجودها.
ولنا على هذا الاستدلال تعقيبات:
التعقيب الأول: أن ثمة فرقاً بين إنشاء هذه الشركة التي تحتاجها الأمة، وبين المضاربة في أسهمها، فلو فرض أن الأمة بحاجة إلى شركة كهرباء، فنقول: إذا لم يقبل أعضاء مجلس الإدارة إلا بالربا، والأمة بحاجة إلى وجود هذه الشركة للبنية التحتية لكيان أمة ناشئة مثلاً، نقول: يجوز التأسيس وتحرم المضاربة؛ لأن المضاربة بعد إنشاء هذه الشركة لا تستفيد الشركة منها شيئاً، فإذا كانت القيمة الاسمية مثلاً عشرة ريالات، فضارب المضاربون حتى صارت مائة ريال لا تستفيد الشركة منها شيئاً، ولو كانت نصف ريال لا تستفيد الشركة منها شيئاً بعد ما قام الاكتتاب وأخذت القيمة الاسمية، إذاً: دعوى الحاجة هنا غير حقيقية.
التعقيب الثاني: الواقع أن الذين جوزوا الشركات بناءً على الحاجة، هناك أحياناً شركات تنشأ ليس فيها حاجة حقيقية، إنما حاجة مفتعلة، والشركات الخدمية مثلاً أحياناً ليس فيها حاجة لا تقوم الأمة إلا بها.
التعقيب الثالث: أن يقال: من المعلوم أنه لا كيان لأمة ولا لبلد، ولا لشخص تاجر إلا بالبنك يحفظ ماله، ويخاطب شركات خارج هذه البلاد، هل نقول: إن الشركات الربوية نحن بحاجة إليها، وأن المؤسسات المصرفية الإسلامية لم تف بالغرض، وعلى هذا يجوز شراء أسهم البنوك للحاجة؟ الواقع يخالف هذا الأمر.
هذه بعض النقاط التي أرى أنها من الأهمية بمكان ذكرناها في هذا الوقت.
كلمة نقية بالمفهوم الذي يريده بعض الإخوة، أو بالمفهوم اللغوي لا يكاد يوجد، حتى لو افترضنا أن شركة أو شركتين، أو ثلاثاً، أو أربعاً فيها نقاوة لا يوجد فيها شيء، فلا يوجد شركة مساهمة نقية أبداً، النقية التي يريدونها، بمعنى أنه يتفق العلماء أن تعاملاتها كلها مباحة، هذا لا يمكن، ولا يتأتى، وأذكر لك دليلاً على هذا: نفترض أن شركة مكة لم تقترض ولم تقرض بالربا، وليس عندها استثمارات ولا أسهم في شركة مختلطة بناء على هذا الربع الأول لعام 2006، سؤال: هل كون الشركة التي ذكرناها ليس عندها قروض، ولا اقتراض، ولا اعتمادات بنكية، ولا أسهم في شركة مختلطة، هل يعفيها بأن نجعلها نقية؟
فنقول: لا، قل: لماذا؟
الجواب: أن هذه الشركات أحياناً تحتاج إلى سيولة، والسيولة في الشركات المساهمة لا تستطيع أن تأخذها إلا عبر ثلاث قنوات:
القناة الأولى: القرض الحسن، هل يوجد؟ يوجد في الصندوق الصناعي أو الصندوق الزراعي، وهذا قليل لا يفي بغرض الشركة فيما تتطلبه من سيولة، لكن الغالب أنه لا يوجد قرض حسن.
القناة الثانية: القرض الربوي وهو الفائدة، وهل هذا يجوز؟ لا يجوز.
القناة الثالثة: القرض الذي يسميه العلماء: المرابحة الإسلامية، والسؤال: لو أن شركة نسميها كما يحلو للبعض أن يسميها نقية بهذا المفهوم، هل يمكن أن تتخلص من معرة بعض أقوال الفقهاء أنها محرمة؟ نقول: لا؛ لأن شركة مكة لو أرادت بيع المرابحة للآمر بالشراء نقول: هي حرام، ليست نقية على مذهب مالك بن أنس وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وشيخنا محمد بن عثيمين رحمه الله، حيث قال رحمه الله: إن بيع المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه البنوك محرم قال: ولا أظن فقيهاً يقول بجوازه، وأيضاً حرمه ابن تيمية.
إذا أرادت هذه الشركة السيولة سوف تضطر إلى بيع المرابحة للآمر بالشراء، وبيع المرابحة للآمر بالشراء على مذهب مالك و شيخ الإسلام وشيخنا محمد بن عثيمين أنها محرمة، إذاً: هي أسهم مختلطة على ما يريده بعض الإخوة، وهذا ليس المراد يا إخوان! المراد أنه يجوز شراء أسهم الشركة إذا كانت لم تقترض أو تقرض بالربا، وليس عندها استثمارات مجمع على تحريمها، أما وعندها استثمارات مختلف فيها مثل: وجود أسهم لها في شركة مختلطة، فأنا أقول: إننا كلنا نتفق على أن الاستثمار بالأسهم المختلطة غير الدخول في القرض أو الاقتراض المحرم أليس كذلك؟ بلى، فعلى هذا أقول: إننا يجب أن نقول: الأولى: الأسهم المباحة، ومعنى الأسهم المباحة هي: الشركة التي لم تقترض أو تقرض بالربا، وليس عندها استثمارات مجمع على تحريمها، كاعتمادات مستندية أو سندات ربوية، أو غيرها، ولو وجد عندها استثمارات مختلف فيها، فلا بأس، وإن كنت أرى أن الأولى بالمسلم أن يخرج شيئاً من أرباحه من هذه الشركات، ولو كانت مباحة؛ لأن ربح الإنسان غالباً لا ينفك من طريقة سلوك المضارب الذي يغري أحياناً الداخلين في هذا السهم ليبيع عليهم الرش أو التلطيش أو التدوير، أو التجفيف كما يسميه بعض المضاربين في مثل هذا الأمر.
إذاً: أنت أحياناً تشتري سهماً فيقوم المضارب برفعه فتبيع، فتحصل أحياناً على ربح غير حقيقي، فنقول: تصدق بشيء من أرباحك، حتى ولو كانت مباحة، والدليل على هذا ما جاء عند أبي داود والإمام أحمد و النسائي ونحوه عند الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشر التجار! إن التجارة يشوبها اللغو والحلف، فشوبوه بالصدقة )، يعني: تصدقوا؛ لأنكم ربما تحلفون وربما يقع في تعاملكم لغو، وربما تدخلون في نجش وأنتم لا تشعرون فتصدقوا، فيقال للإنسان الذي عنده أسهم: لم تقرض، أو تقترض بالربا وليس عندها استثمارات محرمة نقول: لا بأس بالدخول فيها، ولا يجب عليك أن تخرج، ولكن الأفضل أن تخرج بناءً على هذا.
ومما يدل على هذا أن العلماء قالوا: يجوز الصلاة خلف من يعتقد بطلان صلاته، فلو أن حنبلياً صلى خلف شافعي يرى أن لحم الجزور لا ينقض الوضوء، هل يصلي خلفه؟ يصلي خلفه؛ لأنه صلى بناءً على اجتهاده، ولو لم نقل بذلك لما صلينا خلف مالك بن أنس!
أرأيتم هذه الشركة التي لم تقرض أو تقترض بالربا، أخذت بفتواكم أنها عندها سيولة، ودخلت بالأسهم المختلطة تضارب، لماذا جعلتموها غير نقية؟ وقد قلتم: إنكم إذا كنتم مضاربين لا تخرجون شيئاً؟ إذا كانت قد أخذت بفتوى من قال: إن المضاربة لا بأس بها، وهم القائلون بالمختلطة، لماذا أخرجوها من النقية؟
وأيضاً أننا لو قلنا بهذا الاعتبار حتى المؤسسات المصرفية لا تخلو من أنها غير نقية، فشركة الراجحي والتمويل الكويتي، وبنك دبي الإسلامي، ومصرف الشارقة، وبنك الأردن الإسلامي، وبنك فيصل السوداني كلهم عندهم هيئات شرعية تأخذ بالقول الراجح وبعض أقواله مرجوحة، فهل نقول: لا يجوز دخول هذا السهم؛ لأنه مختلف فيه! هذا من البعد بمكان، إذا ثبت هذا فإني أحببت أن يكون لكلامنا واقع عملي، والأسهم المباحة التي أخرجتها، مع أني لا أحب أن يكون هناك قوائم كثيرة للاضطراب، لكني أرى أن هذه الأسهم المباحة التي لم تقرض أو تقترض بالربا، وليس في تعاملاتها مجمع على تحريمه هي ست عشرة شركة:
الشركة الأولى: شركة الراجحي والشركة الثانية: البلاد، والشركة الثالثة: الجبس، والشركة الرابعة: الغذائية، والشركة الخامسة: الصحراء، والشركة السادسة: السيارات، والشركة السابعة: الغاز، والشركة الثامنة: إسمنت العربية، والشركة التاسعة: إسمنت القصيم، والشركة العاشرة: الجماعي، والحادية عشرة: شركة مبرد، والثانية عشرة: شركة تبوك الزراعية، والثالثة عشرة: شركة نادك، والرابعة عشرة: شركة حائل الزراعية، والخامسة عشرة: شركة الجوف الزراعية، والسادسة عشرة: شركة مكة للإنشاء والتعمير، يعني: مكة فقط، هذه ست عشرة شركة لم يظهر في آخر قوائمها المالية قرض أو اقتراض أو استثمار مجمع على تحريمه، أما دخولها في أسهم مختلطة، أو في صناديق استثمار دخلت بناءً على الفتوى بأنه يجوز، ولا فرق عندي بين أن يكون عند هذه الشركة هيئة شرعية، أو أن تكون هذه الشركة أخذت بفتوى هيئات شرعية أو بفتوى بعض العلماء لا فرق، وجود الهيئة الشرعية لا يخرجها من أننا نقول: إنها نقية أو غير نقية.
وعلى هذا الأولى -أيها الإخوة- أن نقول: الأسهم المباحة، أما بعض الأسهم في التعمير والقصيم الزراعية، واتحاد الاتصالات، وطيبة وفيك واللجيء، فعندها فوائد بنكية، وتسهيلات، أما المواشي والمراعي والخزف وإدريس، فعندها اعتمادات بنكية محرمة، والاعتمادات البنكية المحرمة مجمع على تحريمها عند أهل العلم والفقه والاقتصاد.
الشركة حين قيامها، يقوم المؤسسون -بشرط أن لا يقلوا عن خمسة- بإنشاء هذه الشركة، ثم بعد استكمال الشروط والمميزات والخصائص يقومون بعرضها على وزارة التجارة، ووزارة التجارة بعد دراسة هذه الشركة ونظر احتياج الأمة إليها تقوم بإصدار قرار بإنشاء هذه الشركة، هذا القرار ليس هو قراراً وزارياً، إنما هو قرار تجاري. أحياناً -يا إخوان- يقوم المؤسسون ببيع هذه الأسهم قبل إنشائها، وقبل وجود كيان لها من القرار الوزاري، فيبيعون القيمة مثلاً الآن عشرة ريالات للسهم فيبيعون السهم أحياناً بخمسة عشر ريالاً، أو عشرين ريالاً ثم يقومون بتداولها في السوق السوداء كما يسميها بعض الناس، فما حكم تداول هذه الأسهم، واضح الآن؟ هي عندها قرار من وزارة التجارة، لكنها ليس عندها القرار الوزاري من المقام السامي؛ لأن المقام السامي إذا أصدره فإنه يجوز لها أن تطرحه خلال ثلاثين يوماً، وهذا كله من باب الحفاظ على أموال المساهمين والمواطنين؛ حتى لا يقوم المؤسسون بالتلاعب كما يوجد في السوق السوداء.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , الأسهم والشركات للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي
https://audio.islamweb.net