اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , البطاقات الائتمانية - بيع المرابحة للآمر بالشراء للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , البطاقات الائتمانية - بيع المرابحة للآمر بالشراء للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.
وبعد:
أيها الإخوة! في ظل التصارع المحموم، والتسارع العظيم -فيما يسمى بالمصرفية- المصرفية التقليدية، والمصرفية الإسلامية- كثرت بعض المنتجات، وتسارعت البنوك إسلامية أو ربوية في أخذ هذه المنتجات، وتسويقها، وأوجدت أقساماً خاصة للتسويق، وأقساماً خاصة للابتكارات مما يسمى بالهندسة المالية، كل ذلك استجلاباً لأموال الناس، وكسباً للأرباح، دون نظر إلى حل أو حرمة، وربما إلى نظر إلى الحل والحرمة لكن دون تمحيص وتدقيق! ولربما أحلت المعاملة بأدنى شبهة للإباحة! والواجب على المسلم أن يتقي الله سبحانه وتعالى في كل معاملة يدخلها.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم خطورة التجارة، فروى الخمسة إلا الترمذي من حديث قيس بن أبي غرزة قال: ( خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نسمى يومئذٍ السماسرة، فقال: يا معشر التجار! فالتفتنا، فقال: إن البيع يحضره الحلف واللغو، فشوبوه بالصدقة ).
فالتجارة يعتريها ما يعتري المسلم من مبالغة في السلعة، ومن تعييب لما في أيدي الناس؛ حتى يقوموا باستجلاب الأموال، وباستضخام الفلوس وغير ذلك من الأشياء.
ومما أفرزته لنا المصرفية ما يسمى بالبطاقات الدائنية، أو بالبطاقات الائتمانية، وهذه البطاقات الائتمانية كثر الخلط فيها، وكثر بعض الذين ينتسبون إلى المصرفية الإسلامية فيسمون هذه إسلامية، وهي ليست إسلامية! وعلى هذا فيجب علينا أن نتحرى أيما تحرٍّ، وأن ندقق أيما تدقيق في أي معاملة تعتريها، وأن نعلم أن هذه الهيئة الشرعية التي خرجت منها هذه البطاقة أو هذه المعاملة من ذلك البنك هي من أهل العلم الثقات الأثبات، أم أن بعض البنوك التقليدية تضع فيها فتوى من الهيئة الشرعية فيسكتون؟ فلا بد أن يكون عند هذه البنوك نوع من احترام مشاعر الآخرين، ومن تقدير فهومهم.
نعم، يوجد مصرفية إسلامية حقيقية ولله الحمد والمنة، بل نأتي ونفاخر بها، ففي عام ألف وتسعمائة وواحد وسبعين ميلادية لم يكن إلا بنك واحد أو بنكان هما: بنك دبي الإسلامي، وبنك ناصر الاجتماعي في مصر، واليوم أصبحت البنوك الإسلامية كثيرة، قرابة أربعمائة بنك إسلامي، وأصبحت تنافس، لا أقول بالمليار، ولا مائة مليار، ولا ثلاثمائة مليار، بل بالمليارات الكثيرة حتى إن كثيراً من أصحاب رؤساء الدول بدءوا باستعطاف أصحاب رءوس الأموال في الدول العربية والإسلامية في أن يفتحوا بنوكاً ولو كانت على الطريقة الإسلامية!
كل ذلك دليل على المصداقية والتفاعل والواقع حتى إن أكبر بنوك العالم مثل سيتي بنك، وإتش بي سي كلها أصبح لها فروع اسمها فروع أو النوافذ الإسلامية!
وبغض النظر عن بعض الأخطاء أو بعض الممارسات لكن يعطيك هذا تصوراً أن هذه البنوك أصبحت عيناً بعد خبر، وأصبحت حقيقة بعد خيال، وأصبحت واقعاً ملموساً بعد أن كانت حلماً متوقعاً، ومع ذلك ففيها دخن؛ ولأجل هذا نعلم أن أغلب تلك المنتجات هي منتجات تقليدية ربوية، فتأتي البنوك المصرفية الإسلامية لتحور هذه المعاملات، وتزيل ما فيها من شبهة، وتبقي ما فيها من إباحة فتحتلها، ومن ذلك البطاقات الدائنية، أو البطاقات الائتمانية.
أيها الإخوة! لابد أن نعلم أن مثل هذه البطاقات لا يمكن أن تكون بدون مقابل، فلا تتصور أن البنوك الإسلامية تقرضك قرضاً حسناً، اعلم أنه لا يوجد شيء اسمه قرض حسن بالمعنى الذي عند السلف، وهو أنها ترجو الدار الآخرة، هذا لا يمكن، وبالتالي استحضر هذه القضية، وبالمقابل لا يتوجسك الخوف والريبة في كل معاملة إذا قيل عنها إسلامية، فتقول: والله إن هذه البنوك ما جاءت إلا لتأكل أموالنا، لا، اجعل حالتك وسطاً، فكلا طرفي قصد الأمور ذميم.
القسم الأول: البطاقات المغطاة، ومعنى البطاقة المغطاة: هي البطاقة التي فيها رصيد من حسابك، أو أنها تخول حاملها أن يسحب من حسابه الجاري، وهذه البطاقات على نوعين:
النوع الأول: بطاقة السحب الفوري التي هي عند عامة الناس، والتي تسمى بطاقة الصراف الآلي، وهذه تسمى كذلك ديبت كارد، وهذه لا بأس بها؛ لأنها ليست ديناً؛ ولأنك تسحب من حسابك الجاري، فإن كان في حسابك فيه ألف استطعت أن تسحب ألفاً وما دون، ولا تستطيع أن تسحب أكثر من ذلك.
النوع الثاني: بطاقة مسبقة الدفع، حيث إن البنك يستطيع أن يعطيك بطاقة تستطيع أن تشحن فيها نقوداً، ولها رسوم خدمة: مائتا ريال، أو ثلاثمائة ريال، أو مائة خمسون ريالاً، ثم تأخذها لتشحن فيها نقداً كي تقوم بعملية الشراء عن طريق الإنترنت، أو بدلاً من أن تأخذ بطاقات ائتمانية كبطاقات الكريدت كارد أو تشارج كارد، أو مريكان إكس برس، أو ماستر كارد، فلأجل هذا تأخذ هذه البطاقة الائتمانية، وتضمها وتدفع لها نقوداً، فيكون البنك مقرضاً لك، لكنها تعمل عمل البطاقات الائتمانية التي يقوم البنك بإقراضك أنت، فهذه الأصل فيها الجواز، ولا حرج بأخذ رسوم إصدار؛ لأن أخذ الرسوم لأجل أجرة العمل، وأجرة العمل هي أن حاملها يخول له سحب أمواله من أي مكان في آلات الصرف، وهذا نوع خدمة، والأصل أن المال مقابل عمل، وهذا لا بأس به زادت القيمة أم نقصت؛ فليس أصلها القرض، فلا بأس بشراء الذهب والفضة والمصارفة؛ لأنها تعتبر نقداً، وهذه من النقود الإلكترونية، فإذا ذهبت إلى محل تجاري يبيع الذهب، فوجدت طقماً من الذهب بقيمة مائتي دينار فاستحسنته فأخرجت بطاقة الديبت كارد، وأعطيتها إياه، فقام بسحبها من نقطة البيع الإلكترونية، ثم طلب منك التوقيع، فإن هذا يعتبر قبضاً؛ لأن المبلغ الذي في حسابك بقيمة هذه السلعة من الذهب قد انتقلت إلكترونياً من حسابك إلى حساب صاحب المحل.
إذاً هذه العملية البسيطة التي لا تدري عنها هي اتصال من صاحب المحل إلى بنكه: أطلب منك أن تخاطب بنك العميل، هل لدى حسابه هذا المبلغ؟ وبنك التاجر ربما لا يعلم بنك العميل، فيقوم بمخاطبة منظمة اسمها منظمة فيزا، أو شبكة سامبا، مثل: السعودية فعندنا الشبكة السعودية، وعندكم أنتم شبكة أيضاً، مخاطبة مؤسسة النقد، أو البنك المركزي، هذه بطاقة من؟ يقول: هذه بطاقة بيت التمويل الكويتي، هذه بطاقة البنك الوطني، من عميله؟ يقول: فلان بن فلان، انظر فقط الإجراء هذا، فإذا عرفناه واطلعنا على حسابه يقبل، وينتقل المبلغ الذي من حساب العميل عن طريق بنكه إلى بنك التاجر ويدخل في حسابه، ولا بأس بذلك إن شاء الله.
هذه البطاقات غير المغطاة هي المشكلة، وهي الدقيقة، وهي التي بحاجة إلى تأن وتروٍّ، واعلم أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة ما لم يدخلها ثلاث قواعد، فإذا انتفت المعاملة من شبهة هذه القواعد الثلاث فاحكم وأنت مرتاح بالإباحة، فإذا سلمت من قاعدة الربا بأنواعه، وسلمت من قاعدة الغرر والقمار بأنواعه، وسلمت من قاعدة الغش والخداع والتدليس والتلبيس وأكل أموال الناس بالباطل بأنواعه، فإن سلمت من هذه القواعد الثلاث فاحكم بالإباحة، وإلا فإنه لا بد من وقفة تأمل وتروٍّ؛ لأن بعض البنوك تستطيع أن توجد بما يسمى بالهندسة المالية بتصويرات ربما لا يفهمها أكثر الناس وأكثر المتخصصين.
القسم الأول: بطاقة (كريدت كارد) يعني: بطاقة الدين، هذه البطاقة تخول حاملها أن يشتري بمقدار التسهيل الائتماني لحامله، فيقال: لك أن تشتري بمقدار عشرة آلاف ريال سعودي، أو سبعة آلاف ريال سعودي على حسب قوتك في راتبك، وفي حسابك الجاري، وفي تدفقاتك النقدية لدى البنك، فأحياناً يعطيك بطاقة ذهبية لك أن تشتري إلى مائة ألف، وأحياناً يعطيك البطاقة الماسية فيمكنك أن تسحب إلى ثلاثمائة ألف، فهذا يختلف بحسب قوتك وتدفقاتك النقدية لدى حسابك في هذا البنك.
واعلم أن البنك حين يصدر لك هذه البطاقة فإن الحساب مربوط بالحساب الجاري، بمعنى: أنك لو سحبت خمسة آلاف وراتبك سبعة آلاف وليس في رصيدك الآن شيء فهذا الدين مربوط بحسابك الجاري بحيث يسمونه حساب الناقص، فبمجرد أن يأتي راتبك من قبل الدولة أو من قبل الشركة وقبل أن يدخل في حسابك هناك كماشة اسمها كماشة الناقص لدى البنك، يأخذ الخمسة ويسقط ألفين؛ لأنه مربوط بالحساب الجاري.
فبطاقة (كريدت كارد) فيها شروط ربوية، ولهذا لا تتعامل البنوك الإسلامية بهذه البطاقة، وإن سماها أكثر الباحثين بطاقة (كريدت كارد) لكن التسمية ليست صحيحة، وسوف نتحدث أن التسمية الحقيقية هي الموجودة في البنوك الإسلامية، أو عند تعاملات البنوك الإسلامية.
بطاقة (كريدت كارد) لها خصائص، فمن خصائصها:
أولاً: تخول لحاملها أن يسحب من رصيد البنك المصدر.
ثانياً: أن يكون البنك ضامناً لحاملها لدى المتجر، فكأن الحامل حينما يأتي إلى مركز تجاري مثل: الوافي، فإذا ذهبت إلى الوافي، فاشتريت بخمسة آلاف، فالوافي لا يعرفني، فيمضي هذه البطاقة، فيخاطب بنكه، صاحب نقطة البيع: هل تعرف هذا؟ فيقول: ساتصل على منظمة فيزا، أو أمريكان إكسبرس، فيقول: تعرف هذا فيقول: سأخاطب بنك حاملها، فيقول مصدر البطاقة: نعم، أنا ضامن لك -يا بنك التاجر- أن أعطي عميلك التاجر هذا المبلغ فأعطه المبلغ، فيعطيه المبلغ بعد إمرارها، وأخذ توقيع عليها، فيكون عبد الله قد اقترض من بنك مصدر البطاقة، قال البنك: سأقرضك إلى سبعة آلاف، ولا آخذ عليك فائدة، فهل يعقل أن يعطيني ولا يأخذ؟ قال: نعم، قلت: إذاً كيف تربح؟ قال: أنا أربح من التاجر نفسه، فإذا جاء عبد الله إلى التاجر بدلاً من أن يتركه، قال: تعال أنا أقبل بطاقة (كريدت كارد) وأعطي بنك المصدر أربعة ونصفاً بالمائة من كل المشترى، فإذا جاء مصدر البطاقة كي يسدد فإنه يقول: كم اشترى عبد الله منك؟ قال: بخمسة آلاف ريال، يقول: خذ خمسة آلاف، وأعطني منها أربعة ونصفاً؛ لأني جئت لك بعميل، فيأخذ من مصدر التاجر هذا المبلغ، فهذه العملية جيدة، والإشكال أن التاجر أحياناً يقول لحامل البطاقة: معك (كريدت كارد) يقول: نعم، يقول: لا، لا بد آخذ منك اثنين ونصف زيادة، فإذا قال ذلك فهذه المعاملة محرمة؛ لأن الدين حينئذٍ صار على العميل من قبل مصدر البطاقة، فكأن المصدر قال: أقرضك خمسة آلاف، وتدفع لي خمسة آلاف وأربعمائة ريال، وهذا لا يجوز، وأما إن كان حامل البطاقة لا يؤخذ منه أكثر مما يؤخذ من الناس عامة فلا بأس.
إذاً: مصدر البطاقة استفاد، وهذه الاستفادة لا إشكال فيها شرعاً، لكن ندخل في الإشكال الآخر، فالبنك إذا أراد أن يصدر هذه البطاقة لا يعطيك إياها بالمجان، ولو أعطاك إياها بالمجان فإنما يعطيكها لسنة واحدة ميلادية، بعد نهاية السنة الميلادية تنقلب العملية إلى أن يأخذ عليك عمولة يسميها عمولة إصدار، فإن كان فيها نوع من الربح فيحرم على البنك أن يصدر هذه البطاقة، ويحرم على العميل أن ينتفع بها؛ لأنه أُخذت عليه رسوم، وهذه الرسوم إن كانت زائدة على التكلفة الفعلية لإصدار البطاقة حرمت، وإن كانت بمثابة التكلفة الفعلية لهذه البطاقة فجائز؛ لأن البنك حينئذٍ لم يربح من هذا القرض، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل سلف وبيع، وكل قرض جر نفعاً فهو حرام ).
وعلى هذا إذا أردت أن تخرج بطاقة فعليك أن تسأل.
وهناك إشكال في بطاقة: (كريدت كارد) وهو أنه إذا أردت أن تسحب نقوداً من آلة الصرف، يعني: لا تريد أن تشتري بضائع يأخذون عليك عمولة إما عشرة دنانير وإما خمسة وأربعين ريالاً سعودياً أو غير ذلك، وهي تسمى ربحاً، وهذا محرم؛ لأن القاعدة هنا: أن جميع خدمات البنك في القروض على عميله لا يجوز أن يأخذ عليها ربحاً إلا بمقدار التكلفة الفعلية.
إذاً: القاعدة: أن جميع ما يأخذه البنك على عميله زائداً عن القروض لا يجوز أن يزيد عن التكلفة الفعلية؛ لأنه لا يربح، يقول: التكلفة الفعلية كانت علي بعشرة ريالات، أعط العشرة وسددها؛ لأني صرت كأني وكيل لك، فعلى هذا إذا كان سيأخذ خمسة عشر ريالاً أو ستة عشر ريالاً فلا حرج؛ لأن هذه تقريباً تكلفة فعلية، أما أن يأخذ ستة وثلاثين ريالاً، أو خمسة وأربعين ريالاً فهذا لا يجوز.
بطاقة (كريدت كارد) لها مزايا منها:
أولاً: أن حاملها يستطيع أن يضمن تأميناً في السفر، ويضمن تأمين الشحن، فأي بضاعة تضيع عليك تكون مؤمنة، وهذا تأمين تجاري.
ثانياً: أنك إذا لم تسدد خلال خمسة وأربعين يوماً فإن الفائدة تتضاعف فبطاقة غالب البنوك الربوية هي كريدت كارد، فيأخذون عليك فائدة وإن لم يشعروك أو يخبروك أو يعلموك، فلا يجوز الدخول في بطاقة الائتمان التي تسمى (كريدت كارد) إلا في حالة واحدة، وهي حالة ما إذا كان الإنسان يعيش في بلد مضطر إلى استخدام هذه البطاقة، وليس هناك بطاقة أخرى تغني عنها، وليس ثمة بنك آخر، فيجوز بشرط أنه لا يتأخر عن التسديد، ولا يجعل الحساب الجاري ناقصاً عما يستخدمه، وإلا فإن كان يغلب على ظنه ذلك وكان هناك بديل فيحرم عليه؛ لأن الدخول في مثل هذا العقد محرم.
فلو قال قائل: هل بطاقة كريدت كارد تصدرها البنوك الإسلامية؟
فالجواب: أن البنوك الإسلامية لا تصدرها؛ لأن البنوك الإسلامية لا تأخذ فوائد ربوية.
وهل يجوز شراء الذهب والفضة بها؟ الذي يظهر -والله أعلم- أن شراء الذهب والفضة بها الآن لا بأس به؛ لأنها أصبحت بمثابة القيد المصرفي، فإذا كانت عن طريق البنوك، فهي بمثابة القيد المصرفي، فإذا سحب شريت الذهب، فإن هذا المبلغ الذي اشتريت به قيد في حساب التاجر، ولا يمكن أن ينفك عنه.
إذاً هي: وعد من قبل العميل لتاجر أنه في حال اشترى سلعة ذات مواصفات معينة أنه سيقوم بشرائها بالآجل.
الشرط الأول: أنه لا يجوز للبنك أن يبيع على العميل هذه السيارة قبل تملك البنك لها، فإن باع قبل تملكه فإنه صار بيع ما لا يملك، وقد أجمع العلماء على أن بيع ما لا يملكه الإنسان محرم، كما في حديث حكيم بن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تبع ما ليس عندك )، وكما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ولا بيع ما لا يملك ).
ويدخل في بيع ما لا يملك أن يجري البنك وعداً ملزماً على العميل أنه في حالة تأخر العميل عن السداد أو عن الشراء فإنه يحمل مبلغ ألف ريال، أو يحمل الأضرار الحاصلة بالبيع على العميل، والضرر هو ضرر السوق فقط، وليس ضرر تعب العمل، فهذا الوعد الملزم يسمى بيعاً؛ لأن الفقهاء المتقدمين رحمهم الله يقولون: إن الوعد الملزم بيع؛ لأنني إذا التزمت فإنه يكون بيعاً؛ لأن العقد هو كل التزام يلتزمه المرء مع الغير.
الشرط الثاني: أنه لا يجوز للبنك أن يبيع السلعة بعدما ملكها حتى تدخل في ضمانه، ومثاله: لو أنني أنا البنك اشتريت من معرض أحمد سيارة كامري ألفين وعشرة. فقلت له: معك البنك الفلاني أريد أن أشتري سيارة كامري ألفين وعشرة. قال: نعم، لكن البطاقة الجمركية غير موجودة عندي، قلت له: نعم، لكني اشتريتها، فهل اشتريت السيارة أم لا؟
الجواب: أني اشتريتها، ولو لم أدفع ريالاً واحداً؛ لأن الإيجاب والقبول حاصل، لكن السؤال الثاني: حينما اشتريتها ملكتها، فلا يجوز لأحمد أن يبيعها، لكنني أيضاً لا يجوز لي أن أبيعها حتى تدخل في ضماني، وهي لم تدخل في ضماني بعد؛ لأن البطاقة الجمركية غير موجودة، وإذا كانت مستعملة فالعقد ومفتاح السيارة ليسا معي، بمعنى: أنه لا يجوز للبنك أن يبيع على عميله هذه السيارة حتى تنتهي علاقة التاجر مع البنك بهذه السلعة، وتدخل في ضمان البنك، وإلا فإن البنك يكون قد ربح ما لم يضمن، وهذا مع الأسف الشديد يوجد في كثير من البنوك الإسلامية، حيث إنك تذهب إلى شركة حواسيب مثلاً، فتشتري منها حاسوباً، ويقول: لدينا تعامل مع البنك (س) اشتر هذا، ونحن نوكل من قبل هذا البنك، ويقسط عليك البنك، فهل البنك ملك؟ نعم ملكناه نحن، فهل دخلت في ضمان البنك؟ الجواب: لا، لم تدخل في ضمان البنك، فهذا إشكال كبير، ولهذا أرى أنه لا بد أن يكون هناك مندوب للبنك في هذا المتجر، فيستلم هذه البضاعة، ويسلمها للعميل من غير وعد ملزم.
الشرط الثالث: أن العميل إذا ملكها لا يجوز له أن يبيعها على البنك بسعر حال؛ لأنه لو باعها بسعر حال صار عينة، والعينة محرمة عند عامة أهل العلم.
الشرط الرابع: لا يجوز للبنك أن يتوكل عن العميل في بيع سلعة العميل الذي اشتراها من البنك، حتى التوكيل في البيع لا يجوز إلا إذا كان هذا التوكيل فيه اختيار وحق اختيار للبائع، يعني: يستطيع أن يتصرف فيها كيف شاء فلا حرج إن شاء الله، يعني: يستطيع أن يجعل البنك يبيعها، ويجعل غير البنك أن يبيعها، فلا حرج إن شاء الله.
ولهذا كونه يجوز له أن لا يبيعها ويجوز، فمثلاً: لو أني اشتريت السيارة من البنك، فلا يأتي البنك لبيعها عني لأنه صار بيعاً صورياً فأقول للبنك: بعت عليك، وببيعها عليك نقودك ستون ألفاً، وقد أخذتها عليك بثمانين ألفاً.
ولو كان هذا البيع حقيقياً فلا يصلح، إلا إذا كان مثل الأسهم فأبيع لك؛ لأني مخول بالبيع نظاماً، وتدخل في حسابك فهذا جائز.
فلو قال قائل: أين وجه الجواز في الاختيار؟
فالجواب: في الاختيار تستطيع أن تحمل أنت، وتحول المحفظة إلى حساب محفظة أخرى، وتستطيع أن تخاطب أيَّ بنك وأنت على اختيارك، وأنت الذي تنفذ العملية، أما الحالة الأولى فالبنك يقول لك: نحن بعنا لك، وهذه قروشك، أدخلناها في حسابك فصارت العملية صورية.
فإذا قال: وكلني أبيع لك بعد ما تم التملك وقبضت أنا فهذا شيء آخر، لكن الواقع خلاف ذلك.
الشرط الخامس: لا ينبغي أن يبيع العميل هذه السلعة إلى التاجر صاحب المعرض الأول إذا كان ذلك بحيلة، أما لو بحث في السوق فلم يجد سعراً أحسن من سعر هذا التاجر فلا حرج أن يبيعه يعني: أن العميل لا يجوز له أن يبيع هذه السلعة على التاجر صاحب المعرض الأول الذي هو أحمد، إلا إذا كان أحمد سعره في السوق أحسن من الغير، أما أن يكون مبادراً بهذه الطريقة، فهذه تسمى الحيلة الثلاثية منعها الحنابلة إذا كان بحيلة، وجوزها الجمهور، ومنعها ابن تيمية بقوة، والراجح أنه إذا لم يكن هناك حيلة، فالأصل الجواز، والله أعلم، وحينئذٍ نكون قد انتهينا من باب المرابحة للآمر بالشراء، نسمع إلى الأسئلة، والله أعلم.
الجواب: إذا قبض البطاقة الجمركية، أي: البطاقة الخضراء، فهذا يعتبر قبضاً، وأما إذا كان شيء ينقل مثل الكمبيوتر فلا يكفي أن يكون بالمستودع بل لا بد أن يقبضه، فتصير الحوزة حكمية، فإذا كان المنقول حوزته برقم لا يمكن أن يتغير فلا بأس.
الجواب: كيف؟ لا يأخذ البنك منك فوائد! لا يوجد شيء عندهم اسمه يقرضونك؛ لأن البنك إذا مولك سيأخذ عليك أضعاف ما تتوقعه، فلابد أن تتأكد، فإذا عرفت بنكاً لا يأخذ فوائد على القرض أعلمنا حتى نتعامل معه.
الجواب: أخذ الراتب من البنك الربوي ليس فيه بأس؛ فهذه ليست بمعاملة، وقد ذكرناه في أول شيء وهو الحساب الجاري، فإذا عندك بطاقة تسحب من حسابك فلا بأس وقلنا: إن للبنك أن يأخذ رسوم الإصدار، أما إذا لم تكن رسوماً فعلية لأجل أتعابه فهو حرام، وإذا كان حساب الإنسان ينزل في راتب ربوي فلا حرج عليه إن شاء الله؛ لأن الراجح أن فتح حساب جارٍ في البنك الربوي مكروه؛ لأنه لم يتعامل به إلا إذا كان البنك يتعامل قطعاً أو غالباً في الفائدة الربوية، وإلا إذا لم يتعامل فالأصل الجواز، وإذا كان البنك يتعامل بالربا أحياناً وأحياناً فالغالب أنه لا يستثمر الحساب الجاري.
الجواب: إذا كان هذا الشريك إنما أخذ راتباً؛ لأنه شريك صار حراماً، وأما إن كان يأخذ لأجل أنه موظف عادي ما له علاقة بالشراكة، مثله مثل أي واحد من المحلات فما فيه مانع، فهو شريك بماله، وموظف براتبه، فلا يعامل على أنه شريك، أما إذا كان مدير إدارة لم ينظر إلى أنه شريك، بل ينظر إلى أنه مدير إدارة، فلا بأس، ولو خسرت هذه الشركة، فيستلم راتبه إلا إذا كان راتبه عالياً ففيه تلاعب.
أهم شيء أنه يكون مستحقاً وله مؤهل، أما واحد تخرج من ابتدائي يكون راتبه أربعين ألفاً فهذا غير صحيح.
الجواب: أحياناً قد لا يستطيع المشتري قبض الحديد ونحوه لكن قد يكون الحديد أو الاسمنت في المخزن، ويكون الطلب والبيع قد تم بعدد عشرين طناً، وليس في المخزن سوى ثمانية أطنان، فأين القبض؟
وأحياناً قد يكون في المخزن عشرة آلاف طن ثم يقال لي: بعتك واحداً منها، إذاً لابد من القبض.
الجواب: لا يجوز للبنك أن يبيع عليّ بربح وهو مشاع؛ لأنه لاا يربح بالمشاع؛ ولأنه لم يتعين، فهذا ربح ما لم يتعين.
أما بيع شيء موجود في المخزن ولم ينقل وليس مشاعاً فهذا يهون الخطب، نقول: مذهب مالك وأحمد جواز ذلك، أما أن يبيع البنك مشاعاً لم يتعين بعد فلا يجوز.
وأما القول بأن بعض الأشياء لا يمكن تحديدها مثل الحديد والخشب وغيرها فهذا هو التورق المنظم الذي منعه المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، ومنعه مجمع الفقه الإسلامي، بحيث لا يستطيع العميل إلا أن يكون إمعة يقال له: افعل كذا وافعل كذا، هذا هو المشكل الحرام.
لعلنا نقف عند هذا -أيها الإخوة- أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , البطاقات الائتمانية - بيع المرابحة للآمر بالشراء للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي
https://audio.islamweb.net