اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , الروض المربع - كتاب الطهارة [2] للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
قال المؤلف رحمه الله: [ باب الآنية:
هي الأوعية جمع إناء، لما ذكر الماء ذكر ظرفه، (كل إناءٍ طاهر) كالخشب والجلود والصفر والحديد، (ولو) كان (ثمينًا) كجوهر وزمرد ].
الآنية جمعها أواني، وهي الأوعية -كما قال المؤلف- والظروف التي يستجمع بها الماء، والمؤلف بين قاعدة وهي أن الأصل في الأواني الحل إذا كان الإناء طاهراً، هذا هو الأصل، ودليل ذلك هو قول الله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا [البقرة:29]، ولأجل أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من تور من صفر، كما روى البخاري وغيره من حديث عبد الله بن زيد الأنصاري قال: ( أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجنا له ماءً في تور من صفر فتوضأ به )، وهذا الحديث من أحاديث عمدة الأحكام، ولما جاء في الصحيحين من حديث عمران بن حصين في قصة شربه عليه الصلاة والسلام من مزادة أو من مزادتي امرأة مشركة، والفقهاء يقولون: توضأ من مزادة مشركة، رواه البخاري ، وهذا الحديث لم يروه البخاري بهذا اللفظ، كما سوف يأتي إن شاء الله بيانه، وإنما سقى النبي صلى الله عليه وسلم وشرب، وأعطى الصحابي الذي أجنب، قال: ( خذ هذا اذهب فأفرغه على نفسك )، وأما النبي عليه الصلاة والسلام فإنه لم يتوضأ، ثم قال لهذه المرأة: (خذي مزادتيك، واعلمي أننا لم نرزأ منها شيئاً).
والإناء أياً كان هذا الإناء، سواء كان إناءً من خشب أو من حديد، أو من نحاس، أو من بلاتين، أو من ألماس، أو من جوهر.
قوله: (ولو ثميناً)، وليعلم أن كثرة الثمن وغلاء السعر للشيء ليس دليلاً على حرمته، كالثياب، فالثياب يحرم ولو كان قليلاً كالحرير؛ فالحرير حرمته لذاته، فلو كان يسيراً حرم إلا مقدار أربع أصابع؛ ولو غلا جاز، إذاً الحرمة ليست لأجل غلاء الثمن، ولهذا جاز لبس الألماس للرجال، ولو كان أغلى من الذهب والفضة، فدل على أن تحريم الذهب والفضة إنما هو لذاتهما، وليس لغلاء السعر كما سوف يأتي بيانه أكثر وأكثر.
يقول المؤلف: [ يباح اتخاذه واستعماله ].
إذاً: الاتخاذ غير الاستعمال، فالاستعمال يكون بالأكل ويكون بالشرب، ويكون باللباس، ويكون في استعمالات الإنسان اليومية أو غير اليومية، كالقلم والإداوة، والمجمرة، والمدخنة، وغير ذلك، وأما الاتخاذ فهو أن يجعله كالتحف، هذا هو المراد بالاستعمال والاتخاذ، والمؤلف قال: كل إناء طاهر، ولو ثميناً يباح اتخاذه واستعماله.
قال رحمه الله: [ بلا كراهة ]، وعلى هذا فشراء المناظر، ووضعها في البيت إذا لم تكن فيها غلاء فاحش فهي جائزة، ودليلها أنه يباح اتخاذها واستعمالها، ولكنا قلنا: إذا لم يكن غلاؤها غلاء فاحشاً؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: ( كره لنا قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال )، وهذا من إضاعة المال؛ حتى إن بعض التحف ربما بيعت بثلاثمائة ألف جنيه استرليني، وهذا قرابة المليون أو أكثر.
قول المؤلف: (غير جلد آدمي وعظمه فيحرم) لماذا؟ لأن الله كرم بني آدم، ومن أعظم التكريم هو عدم إهانته، والدليل الآخر ما ثبت في البخاري : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المثلة )، ولا شك أن جعل جلد الآدمي أو جعل عظمه على هيئة إناء أن ذلك من المثلة، وقد روى مسلم في صحيحه من حديث بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ولا تمثلوا ) فهذا من التمثيل، وقد جاء عن عائشة موقوفاً من طريق عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة من قولها أن كسر عظم الميت ككسره حياً، هذا الحديث روي مرفوعاً وموقوفاً، والصواب وقفه، كذا رجحه الإمام البخاري رضي الله عنه، فهو روي من طريق سعد بن سعيد الأنصاري عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، و سعد بن سعيد أخطأ، وأكثر الرواة رووه عن عمرة عن عائشة من قولها، وقال البخاري في التاريخ الكبير: ورواه عروة بن الزبير و القاسم عن عائشة من قولها.
استثنى المؤلف أمرين: الذهب والفضة، فقال: إن الذهب والفضة يحرم اتخاذهما واستعمالهما، سواء كان الذهب والفضة مضبباً بهما، والمضبب هو الملبس بالذهب والفضة، هذا معنى المضبب، فالتضبيب تغطية الشيء ودخول بعضه في بعض، فهو إما أن يكون ملبساً بالذهب والفضة، وإما أن يكون جزءاً منه يخشى من انكساره، فيوضع مكانه ذهباً أو فضة، فقال: إن الذهب والفضة أو المضبب بهما يحرم اتخاذه واستعماله، وعرفنا ما معنى الاتخاذ وما معنى الاستعمال، وقال: إن المضبب إنما هو على سبيل التمثيل الذي ذكره الماتن، وإلا فإن المموه معناه أن يماع الذهب أو الفضة، ويوضع نحاس من إناء، أو من قدح، أو غير ذلك، ويغمس في هذا الذهب المائع أو الفضة المائعة، ثم يستخرج، بحيث يبقى لونه لون ذهب أو لون فضة، هذا هو معنى المموه.
وكثيرة هي الأشياء التي يقول فيها الباعة أنها مطلية بالذهب والفضة، والمطلي هو غير المموه، المطلي طلاء على هيئة ورق، بأن توضع ورقة على هيئة صحيفة صغيرة من ذهب، ثم تلبس على هذا الإناء، أو على هذا الحديد، أما المموه فهو كما قلنا: أن يماع الذهب أو الفضة، والآن الثريات، وبعض الأقلام، وبعض الساعات مموه بذهب وفضة.
المؤلف أطلق وقال: المموه حرام، والواقع أن كل مموه ليس حراماً، ولكنه إذا صار للذهب أو الفضة الذي التصق بهذا الإناء أو بهذا الشيء له جرم، بحيث لو حك لبقي منه شيء، أو لو عرض على النار لبقي له جرم، أما إذا لم يحصل شيء بعد عرضه على النار ولم يبق منه شيء فهذا لا بأس به، وإنما جعله مموهاً بمقدار يسير كي يبقى لون الإناء ذهباً، أو يبقى لونه فضة، ومما يدل على ذلك أن ثريا مثلاً بثلاثة آلاف، مموهة أو مطلية بالذهب، فلو كانت مطلية بالذهب طلاء حقيقياً لما كان قيمتها ثلاثة آلاف.
فالقاعدة هي: أنه إذا عرض على النار، أو لو حك لبقي له جرم، والواقع أنه لا يبقى له جرم، ولو عرض على الهواء لتغير لونه، ولكنه إذا لم يتعرض لبعض التغيرات لبقي ما شاء الله أن يبقى، أما المموه الحقيقي مثل بعض ساعات النساء أو بعض ساعات الرجال -ولا أريد أن أسمي بعض الساعات- يكون فيها جزء من الذهب، والساعة فيها غلاء تصل أحياناً إلى ثلاثين ألفاً، أو إلى مائة ألف، لما فيها من قطع الذهب وقطع الفضة.
وأما المطعم، فهو إناء من خشب يحفر في بعض أماكنه ويوضع فيه قطع من الذهب أو قطع من الفضة، وفي زماننا الآن لا حاجة إلى الحفر، لأنه ربما يأخذون كوباً أو فنجاناً من الزجاج يوضع فيه قطع من الذهب، أو قطع من الفضة على هيئة لاصق، وهذا أيضاً يحرم على كلام المؤلف.
وأما المكفت فهو أن يبرد الإناء ويحفر من جهة بحيث يكون له مجرى، ثم يؤتى بأسلاك أو سبائك صغيرة من الذهب أو من الفضة، ثم تدار على هذا الإناء، وهذا جزء منه باختصار أن المكفت: هو المنقوش بالذهب، أو المنقوش بالفضة.
هكذا قال المؤلف، وعمم وقال: يحرم اتخاذها واستعمالها، وأطلق في المتن، وفي الشرح يقول: [في أكل وشرب وغيرهما]، إذاً استعمال الذهب والفضة حرام عند المذهب، سواء كان في الأكل أو في الشرب، أو في الاتخاذ، أو في الاستعمال، وهذا هو المذهب.
يقول ابن قدامة رحمه الله في الاتخاذ: لا يختلف المذهب فيما علمنا في تحريم اتخاذ آنية الذهب والفضة، والواقع أن المذهب في هذه المسألة له رواية بالجواز مع الكراهة، وقيل: إنها وجه في المذهب.
إذاً: هذا هو المذهب، وعليه فالساعة التي فيها ذهب، أو الساعة التي فيها فضة ولها جرم، يحرم لبسها للرجال، وأما النساء فاللباس في حقهن جائز، وأما الاستعمال فعلى ظاهر كلام المؤلف أنه لا يجوز؛ لأن قوله: واستعمالها في أكل أو وشرب وغيرهما ولو على أنثى يحرم، وعليه فالقلم الذي على رأسه جزء من ذهب أو من فضة حرام، والكبك للرجال الذي فيه جزء من ذهب أو جزء من فضة حرام، هذا هو المذهب.
وادعى بعض الفقهاء أن الاستعمال حرام، ونقل الإجماع، وهو ظاهر كلام ابن القيم في (زاد المعاد)، وذهب بعضهم إلى عكس ذلك، وادعى أن الاستعمال في غير الأكل والشرب جائز، وأن أكثر أهل العلم على الجواز، وذهب الشوكاني رحمه الله إلى أن استعمال الذهب والفضة في غير الأكل والشرب جائز، والأقرب التفصيل، فنقول: أما الذهب فيختلف حكمه في حق الرجال وفي حق النساء، فأما الرجال فيحرم سواء كان اتخاذاً أو استعمالاً في أكل أو شرب أو غيرهما؛ لعموم الأخبار، ولم يرد استثناء إلا لضرورة أو حاجة، مثل: الأنف، أو الأسنان إذا احتيج إليها، أما اليوم فالأسنان من الذهب ليس فيها حاجة؛ لأنه يوجد أسنان أفضل من الذهب من حيث الشكل وتؤدي مثل الذهب أو أكثر، وعلى هذا فلا يجوز لبس الذهب من الأسنان في هذا الزمان لعدم الحاجة.
ومثل ذلك: الأسلاك التي يصنعها الأطباء لكي تتماسك الأسنان، وهذا ربما تدعو الحاجة لمثله، ومن ذلك بعض الساعات التي تكون عقاربها وبعض أجهزتها من الذهب، وهو لا يرى، فهذا جائز، أنا لم أتحدث عن المنسوج الذي هو الملبوس؛ لأن المؤلف سوف يتحدث عنها، أتحدث عن الاتخاذ والاستعمال والأكل والشرب، هذا هو الراجح في حق الرجال، وعليه فيحرم الإداوة والقلم والمدخنة، والقنديل، وحتى الميل الذي يوضع للكحل، ونحو ذلك، هذا في حق الرجال بالنسبة لاتخاذ والاستعمال والأكل والشرب.
أما النساء فيحرم الاتخاذ كالرجل، ويحرم الأكل والشرب كذلك، وأما الاستعمال في حق النساء فالذي يظهر -والله أعلم- أنه إذا جاز للمرأة أن تلبس الذهب فيجوز لها أن تستعمله كالقلم والإداوة لها، ونحو ذلك؛ لأن اللباس أعظم من بعض الاستعمالات، بل إن أنساً جعل الجلوس على الشيء في حكم اللباس، قال: فقمت إلى حصير قد اسود من طول ما لبس، يعني: من طول ما جلس عليه.
وقد قال الله تعالى في حق النساء: أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف:18]، وكونها تنشأ في الحلية، فهو عام في لباسها وفي استعمالاتها، وأما الاتخاذ فالاتخاذ هنا ليس لأجل النساء، إنما هو عام، هذا ما يخص الذهب.
وأما الفضة فحكمها على النساء كحكم الذهب، فيكون حكم الفضة في حق النساء جواز الاستعمال، وحرمة الاتخاذ والأكل والشرب، وأما الرجال في الفضة فالذي يظهر -والله تبارك وتعالى أعلم- أنه إذا جاز للرجال لبس الخاتم من الفضة، فيجوز استعمال الفضة في حق الرجال بمقدار الخاتم أو أقل، فلو لبس الرجل من الفضة، أو استعمل الساعة من الفضة بمقدار الجرامات التي تكون على الخاتم فلا حرج.
قال أبو العباس بن تيمية : ويجوز للرجل لبس الخاتم ونحوه، أو بمقدار الخاتم من الجرامات، ومن فرق بينهما فقد فرق من غير دليل، أو كلمة نحوها.
وعليه فالقلم الذي فيه جزء من الفضة أو الكبك أو الأزرة يجوز استعماله لكن يعلم أنها لو استجمعت يكون بمقدار الخاتم، وليس المراد أنه قلم أقل من الخاتم، والكبك أقل من الخاتم، فلو جمع صار بمقدار سبيكة من الفضة، لا، المقصود أن يكون مجموع استعمالاته بمقدار الخاتم.
وذهب أبو العباس بن تيمية إلى أوسع من ذلك، إلى أن الفضة تجوز للرجل مطلقاً لقوله: ( وأما الفضة فالعبوا بها )، وهذا حديث رواه الإمام أحمد وهو ضعيف، والذي جعلنا نفرق بين الفضة وغيرها ما رواه البخاري من حديث أم سلمة أنها (اتخذت جلجلاً من فضة فيها شعرات من شعرات النبي صلى الله عليه وسلم)، وهذا استعمال للفضة دعت إليه الحاجة، وهو في حق النساء.
والقاعدة أن الحاجة تقدر بقدرها، مثل: مقبض السيف إذا كان من ذهب، فجوزه العلماء لحاجة وهي ألا يكون فيه صدأ، والحنابلة أيضاً يجوزونه، والله أعلم.
والصحيح أن العلة كما جاء في صحيح البخاري و مسلم من حديث حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تشربوا في إناء الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة )، وهذا مثله مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة )، فهي حلية أهل الجنة ولباسهم، وأوانيهم، فلأجل هذا منع المسلم من استعمالها؛ لأن الغالب أن لبسها في الدنيا يورث الكبر والنشوة، والهيئة التي تخالف عبودية الرب كما أشار إلى ذلك ابن القيم رحمة الله تعالى عليه.
قال المؤلف رحمه الله: [ واستعمالها في أَكل وشرب وغيرهما، ولو على أنثى، لعموم الأخبار وعدم المخصص، وإنما أبيح التحلي للنساء لحاجتهن إلى التزين للزوج، وكذا الآلات كلها كالدواة والقلم والمسعط، والقنديل والمجمرة والمدخنة، حتى الميل ونحوه ].
يقول المؤلف: (لعموم الأخبار)، الأخبار هي حديث حذيفة كما مر معنا، وحديث أم سلمة كما في الصحيحين: ( الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم )، وذكر الشرب هنا أو الأكل. قال الحنابلة: أنه خرج مخرج الغالب، فلا يقيد الحكم به؛ لأن غالب استعمال الناس في الأكل والشرب، والحكم عام، فلا مفهوم للغالب، وقد ذكرنا تفصيل ذلك.
وقول المؤلف: (وكذا الآلات)؛ لأن القاعدة: أن كل ما حرم اتخاذ الآنية منه حرم اتخاذ الآلة منه أيضاً، ولو كان قليلاً.
والمؤلف هنا قال: الإداوة والقلم والمسعط والقنديل، والمجمرة والمدخنة حتى الميل، لم يفرق الحنابلة هنا بين الرجل وبين المرأة، والراجح -والله أعلم- هو كما مر معنا في حديث أم سلمة.
الحنابلة يحرمون الطهارة والاستعمال والاتخاذ للآنية المحرمة، ولكنهم يصححونها.
سؤال: لماذا صحح الحنابلة هنا مع العلم أنهم لم يصححوا الصلاة في الأرض المغصوبة؟ وكذلك الصلاة في الثوب المغصوب، وأما الطهارة بآنية الذهب والفضة فيصححها الحنابلة؛ لأن الإناء ليس شرطاً للطهارة، فيمكن أن يتوضأ الإنسان في ماء جار، فعلى هذا فإن الإناء ليس شرطاً للطهارة، فيعود النهي إلى شيء آخر، بخلاف الصلاة في الثوب المغصوب؛ لأن ستر العورة شرط، وعرض البقعة في الصلاة شرط، أما الطهارة والإناء، فالإناء ليس شرطاً، وإنما الشرطية هنا في الطهارة والماء، فإذا توضأ بماء ذهب وماء فضة، فلا يصح عند الحنابلة؛ لأنه قد تغير.
ومعنى: (تصح الطهارة منها) يعني: بأن يكون ماء في إناء من ذهب، أو إناء من فضة، فيأخذ من الماء الذي في إناء الذهب أو الفضة، ثم يتوضأ منه، بمعنى أن يغترف منه، هذا معنى (تصح الطهارة منها) يعني: بأن يغترف الماء منها.
وقوله: (وبها) أي: بأن يكون الإناء يستعمل للطهارة، بأن يصب من نفس الإناء، يعني: الصنبور مثلاً الصنبور هو فيه ذهب، وتفتح الصنبور الذي فيه ذهب وتتوضأ، فهذا معنى (بها) أو يكون الشيء الذي يغترف من الإناء من ذهب أو فضة، هذا معنى (بها).
(وفيها) بأن يكون إناءً كبيراً، أو هب أنه يكون مثلاً بانيو من ذهب أو بانيو من فضة تدخل فيه وتتوضأ وتغتسل، واضح؟ وقوله أيضاً: (وإليها) ما معنى (إليها)؟ يعني: أن ما تساقط من أعضائك بعد الوضوء يسقط في هذا الإناء إليه، يعني: بأن يكون منتهى ما تساقط من أعضاء وضوئك، مثل: أن تضع تحتك طشت أو طست من ذهب أو فضة وتتوضأ، وما تساقط من أعضائك يقع في هذا الطست، فهذا قوله (إليها).
والمؤلف يقول: (وتصح الطهارة من الذهب والفضة) ويقول: [ وكذا آنية مغصوبة ]، يعني: أن الحكم واحد، استثنى المؤلف قوله: [ إلا ضبة يسيرة ] إذاً: الاستثناء أربعة:
أن تكون ضبة، وأن تكون يسيرة لا كبيرة، وأن تكون من فضة، وأن تكون للحاجة، أربعة أشياء ذكرها المؤلف. والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , الروض المربع - كتاب الطهارة [2] للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي
https://audio.islamweb.net