إسلام ويب

ماذا قالوا عند الموت؟! [2]للشيخ : محمد المنجد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تحدث الشيخ في هذه المحاضرة عن الأسباب التي تؤدي إلى سوء الخاتمة، كما تعرض لذكر عدة صور ممن ختم لهم بخاتمة سيئة، فذكر قصة محبي الدنيا وقصص بعض الظلمة عند الموت، وكذلك قصص محبي الغناء ومحبي جلساء السوء.
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    عباد الله: أيها الإخوة! تحدثنا في الخطبة الماضية عن أقوال الصالحين عند الموت وبعض العبارات والأعمال التي قاموا بها عندما حضرتهم المنية وأقبلوا على الله، ومسلسل المنون يتتابع، ونذكر في هذه الخطبة الجانب المقابل في سوء الخاتمة وأقوال بعض من ختم فيه بالسوء عندما حضرتهم الوفاة.

    اعلموا -رحمكم الله- أن الصالحين يتخوفون من سوء الخاتمة، ويخشون أن يبدو لهم عند الموت ما لم يكونوا يحتسبون، وأنهم يوقنون أن الأعمال بالخواتيم، وأن العبد يبعث على ما مات عليه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم .

    الإصرار على الكبائر سبب في سوء الخاتمة

    والخاتمة السيئة لا تكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه، وإنما تكون لمن كان له فساد في العقل وإصرار على الكبائر، وإقدام على العظائم، فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت، فيختم لهؤلاء بخاتمة سيئة، وقد تبدو تلك الخاتمة من بعض من حضرهم الموت، ولهذا أسباب، فمن ذلك:

    فساد الاعتقاد؛ وهو أخطرها على الإطلاق، فيتكشف في حال السكرات بطلان ما اعتقده، ولهذا يقول تعالى:وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ [الزمر:47] .. قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً [الكهف:105-104].

    فخاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطن للعبد ربما لا يطلع عليها الناس، فتظهر عند وفاته، يظهر المخبوء، قال عبد العزيز بن أبي رواد رحمه الله: حضرت رجلاً عند الموت يلقن لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافرٌ بها، ومات على ذلك، قال: فسألت عنه، فإذا هو مدمن خمر، فكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب فإنها هي التي أوقعته.

    إن الإصرار على المعاصي وهو سببٌ ثانٍ لسوء الخاتمة يجعل إلفها في قلب صاحبها، وإذا كان ميله إليها أكثر، حضرته عند الوفاة ربما فغلبت عليه فهلك، فهذه شهوة المعصية تصير حجاباً بين صاحبها وبين ربه، وتكون سبباً في شقائه في آخر عمره، ويعرف ذلك بمثال: وهو أن الإنسان لا شك أنه يرى في منامه من الأحوال التي ألفها طول عمره، حتى أن الذي قضى عمره في العلم يرى من الأحوال المتعلقة بالعلم والعلماء، والذي قضى عمره في الخياطة يرى من الأحوال المتعلقة بالخياطة، والذي اشتغل بالتجارة إدمانه عليها يومياً، وانشغاله بها يجعله يراها في نومه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن نوعٍ من أنواع الرؤى، أي: (رؤى الشيء يهمّ الرجل في نهاره، فيراه في نومه) والموت وإن كان فوق النوم، لكن سكراته وما يتقدمه من الغشيان قريب من النوم، فطول الإلف بالمعاصي يقتضي تذكرها عند الموت، وعودها في القلب، فإذا قبضت روح العاصي في تلك الحال، يختم له بالسوء حتى قال مجاهد رحمه الله: [ما من ميت يموت إلا مثل له جلساؤه الذين كان يجالسهم] فهذه خطورة اعتياد المعصية والإدمان عليها، وضعف الإيمان الذي يجعل الإنسان واقعاً في المعاصي.

    سوء الخاتمة على قسمين

    وسوء الخاتمة على رتبتين: إما أن يغلب على القلب عند سكرات الموت وظهور أهواله شكٌ، أو جحودٌ، فتقبض الروح على تلك الحال، فتكون حجاباً بينه وبين الله أبداً، وذلك يقتضي العذاب المخلد.

    والرتبة الثانية: أن يغلب على القلب عند الموت حب أمر من الأمور التي كان يقارفها صاحبها وهو حي، فتظهر عند وفاته، فربما تكون سبباً في عذابه، قال ابن كثير رحمه الله: والمقصود أن الذنوب والمعاصي والشهوات تخذل صاحبها عند الموت مع خذلان الشيطان له، فيجتمع له الخذلان مع ضعف الإيمان، فيقع في سوء الخاتمة، قال الله تعالى:وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً [الفرقان:29].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088796291

    عدد مرات الحفظ

    779097577