إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [54]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • هذا اللقاء هو عبارة عن تفسير آيات من سورة الأعلى تحدث الشيخ عن سبب إعراض الأشقى للذكرى وعدم الانتفاع بها، وبين ما سيلقاه يوم القيامة من عذاب بسبب إعراضه عن الذكرى.
    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا هو اللقاء الرابع والخمسون من اللقاء المسمى بلقاء الباب المفتوح، ونتكلم على ما تبقى من سورة الأعلى.

    تفسير قوله تعالى: (ويتجنبها الأشقى)

    قال تعالى: وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى [الأعلى:11] أي: يتجنب هذه الذكرى ولا ينتفع بها، والأشقى هنا اسم تفضيل من الشقاء، وهو ضد: السعادة، كما في سورة هود: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ [هود:107-108] فالأشقى -والعياذ بالله- المتصف بالشقاوة يتجنب الذكرى ولا ينتفع بها، والأشقى هو: البالغ في الشقاوة غايتها وهذا هو الكافر، فإن الكافر يذكر ولا ينتفع بالذكرى.

    تفسير قوله تعالى: (الذي يصلى النار الكبرى)

    قال تعالى: الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى [الأعلى:12-13] الذي يصلى النار الموصوفة بأنها الكبرى وهي: نار جهنم؛ لأن نار الدنيا صغرى بالنسبة لها، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ناركم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم) أي: إن نار الآخرة فضلت على نار الدنيا بتسع وستين ضعفاً.

    والمراد: نار الدنيا كلها ليست ناراً مخصوصة بل هي أشد ما يكون من نار الدنيا، فإن نار الآخرة فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً، ولهذا وصفها الله بقوله: النَّارَ الْكُبْرَى [الأعلى:12] ثم إذا صلاها لا يموت فيها ولا يحيا، المعنى: لا يموت فيستريح ولا يحيا حياة سعيدة، وإلا فهم أحياء في الواقع، لكنهم أحياء معذبون كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا [النساء:56] كما قال الله عز وجل: وَنَادَوْا يَا مَالِكُ [الزخرف:77] وهو خازن النار لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ [الزخرف:77] أي: يهلكنا ويريحنا من هذا العذاب قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ [الزخرف:77] فيها العذاب المقيم، ويقال لهم: لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ [الزخرف:78].

    هذا معنى قوله: لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى [الأعلى:13] لأنه قد يشكل على بعض الناس كيف يكون الإنسان لا حي ولا ميت؟ فيقال: لا يموت فيها ميتة يستريح بها، ولا يحيا حياة يسعد بها، فهو -والعياذ بالله- في عذاب وجحيم وشدة، يتمنى الموت ولكن لا يحصل له، هذا هو معنى قوله تعالى: ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى [الأعلى:13].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089309244

    عدد مرات الحفظ

    783530693