أيها الإخوة: فهذا هو اللقاء الثامن والخمسون بعد المائة من لقاءات الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو السابع من شهر صفر عام (1418هـ).
هذه الجملة بل هذه المفردة: يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ متعلقة بقوله: إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ [الطور:7] أي: أن العذاب يقع في ذلك اليوم يوم تمور السماء موراً، وتسير الجبال سيراً، فويل يومئذٍ للمكذبين.
قوله: يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً قد يظن ظان أن المصدر هنا (موراً) لمجرد التوكيد، ولكنه ليس كذلك بل هو لبيان تعظيم هذا الموقف، والمور بمعنى: الاضطراب، أي: أن السماء تضطرب وتتشقق وتتفتح وتختلف عما هي اليوم عليه كما قال تعالى: إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ [الانفطار:1-5] ولا إنسان يتصور أو يعلم حقيقة ذلك اليوم، ولكننا نعلم المعنى بما أخبر الله به عنه أما الحقيقة فهي شيء فوق ما نتصوره الآن.
وتفسير القرآن ليس بالأمر الهين؛ لأن تفسير القرآن يعني أنك تشهد على أن الله أراد به كذا وكذا، فلابد أن يكون هناك دليل إما من القرآن نفسه وإما من السنة وإما من تفسير الصحابة، أما أن يحول الإنسان القرآن على المعنى الذي يراه بعقله أو برأيه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قال بالقرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار).
والمهم أن هذا التفسير أعني أن قوله: وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ [النمل:88] يراد به في الدنيا تفسير باطل، لا يجوز الاعتماد عليه ولا المعول عليه، أما كون الأرض تدور أو لا تدور؟ فهذا يعلم من دليل آخر إما بحسب الواقع، وإما بالقرآن وإما بالسنة، ولا يجوز أبداً أن نحمل القرآن معاني لا يدل عليها من أجل أن يؤيد نظرية أو أمراً واقعاً لكنه لا يدل عليه اللفظ؛ لأن هذا أمر خطير جداً.
إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي: ما تجزون إلا ما عملتموه فلم تظلموا شيئاً.
ثم ذكر الله تعالى جزاء المؤمنين، فقال: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الطور:17-19] إلى آخر الآيات، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله مستقبلاً.
الشيخ: لا، عرِّفها، يمكن أنا أعرفها، ولعل غيري لا يعرفها.
السائل: نعم، يا شيخ! يشترك فيها الموظفون وعددهم -نفرض أنهم- عشرون شخصاً وكل منهم يدفع ألفي ريال كل شهر فيأخذونها بالتناوب ..
الشيخ: يدفعونها لمن؟
السائل: يدفعونها لأحدهم، وهكذا بالتناوب ..
الشيخ: صار عنده عشرون ألفاً، ألفين من جهته وثمانية عشر ألفاً من جهة الآخرين.
السائل: نعم، ويأخذونها بالتناوب، ولكن نرى أن في هذا الجمعية يشترطون شرط أن يقرض لكي يقترض، فهل في هذا الشرط سيئ؟
الشيخ: أبداً هذا ليس فيه شيء وهو من الوفاء بالعهد؛ لأنهم مثلاً إذا جمعوا عشرين ألفاً أو ثمانية عشر ألفاً وأعطوها فلاناً فلابد أن يوفوا.
السائل: ولو أن واحداً منهم مثلاً قال: أنا ليس عندي ولكن أريد أن تقرضوني، ما أقرضوه.
الشيخ: هذا معلوم، يعني المصلحة مشتركة.
السائل: ألا يجوز في المصلحة.
الجواب: لا، لا، أبداً؛ لأن هذه المصلحة للجميع، والمصلحة الممنوعة إذا كان الذي ينتفع هو المقرض وحده، أما إذا كان من الجانبين فلا بأس، ومن ذلك أي: إذا كان إنسان عنده أرض -أرضه هو- فجاءه مزارع وقال: أريد أن أزرعها بشرط أن تقرضني لشراء البذر وأجرة عمال وما أشبه ذلك فقال: نعم، فلا بأس بهذا؛ لأنه هنا انتفع الزارع وانتفع صاحب الأرض ولا بأس بهذا، الممنوع أن يكون الانتفاع للمقرض وحده؛ لأنه في هذه الحال هو الذي يأخذ الربا، إذا أقرض مثلاً عشرة آلاف واشترط شرطاً آخراً يستفيد منه صار كأنه أقرض عشرة وأخذ عشرة وزيادة فحينئذ يكون ربا، أما إذا كان لمصلحة الطرفين فلا بأس بذلك، وقد ذكر هذا أعني: أنه إذا كان قرضاً لمصلحة الطرفين؛ ذكر هذا ابن القيم رحمه الله في كتابه تهذيب سنن أبي داود.
الجواب: إذا نسي الإمام قراءة البسملة في الصلاة أو المأموم أو المنفرد أو تعمدوا تركها فلا بأس، لأن البسملة ليست من الفاتحة، البسملة آية مستقلة يؤتى بها في افتتاح كل سورة إلا سورة براءة.
الجواب: نعم، صلاته غير صحيحة، وعليه أن يعيدها إتماماً؛ لأنه وجبت في ذمته تامة، دليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) وهذا عام في السفر وغير السفر، وسئل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: [ما بال الرجل يصلي ركعتين ومع الإمام أربعاً؟ قال: تلك هي السنة] فبلغ جزاك الله خيراً من فعل هذا أن يعيدها أربعاً حتى تبرأ ذمته، لأنه سيقضي صلاة وجبت عليه أربعاً فيجب أن يصلي أربعاً.
الشيخ: إذا قال: ولا الضالين، قالوا: آمين.
السائل: مع أن الشيخ الألباني يقول: لا هذا مخالف.
الجواب: أولاً: بارك الله فيك! نحن لا نسمح لأي واحد أن يذكر لنا شخصاً معيناً من العلماء.
وإنما لك أن تقول: قال بعض العلماء، أما فلان وفلان لا تذكرونه عندنا أبداً لا نريد. لكن إذا كان أبو هريرة رضي الله عنه الذي روى: (إذا أمن الإمام فأمنوا) هو الذي روى: (إذا قال الإمام: ولا الضالين، فقولوا: آمين) وعلى هذا يكون معنى قوله: إذا أمن، أي: إذا بلغ موضع التأمين وهو قوله: (ولا الضالين) أو إذا أمن أي: إذا شرع في التأمين فأمنوا، وليس المعنى إذا انتهى من التأمين فأمنوا، فالحديث يفسر بعضه بعضاً، إذا كان هذا الحديث روي: (إذا قال: ولا الضالين، فقولوا: آمين) عرفنا معنى قوله: (إذا أمن فأمنوا) أن المراد: إذا بلغ موضع التأمين أو إذا شرع في التأمين فأمنوا معه.
الجواب: لا، لا يلزم طواف الوداع لمن دخل مكة بغير إحرام، وإنما يلزم من دخل مكة بإحرام، بحج أو بعمرة، هذا ما لم يكن انصرف من عمرته فور انتهائه منها، فإن انصرف من عمرته فور انتهائه منها بمعنى: أنه طاف وسعى وقصر أو حلق ثم ركب سيارته راجعاً فهذا ليس عليه طواف الوداع، أي: أنه يكتفى بالطواف الأول.
الجواب: قال الله عز وجل: كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ [العلق:15] أي: ناصية هذا المجرم المعتدي نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ [العلق:16] لأن العادة أنه يمسك الإنسان بناصيته، ثم يؤخذ بجريمته، ولا يبعد أن الناصية هي محل الإقدام؛ لأنها هي مقدم الرأس والرأس هو محل التفكير والتصور، فلا يبعد أن الله أراد هذا المعنى، وإن كان في ظني والله أعلم: أن الناس في ذلك العهد لا يعلمون بهذا الشيء، لكن لا مانع إذا شهد الحس والأمر الواقع لمعنىً صحيح يقاربه القرآن، أقول: لا مانع من أن نقول أنه دال عليه.
الجواب: السنة أن يقصر الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأهل مكة عام الفتح فكان يصلي بهم ركعتين ويقول: (أتموا فإنا قوم سفر) أي: مسافرون، فيصلي ركعتين ويقول لهم قبل أن يشرع في الصلاة: إني سأصلي ركعتين وإذا سلمت فأتموا، وينبغي للإنسان أن يفعل هذا لأن هذه السنة ميتة الآن، يعني: لو فعلها إنسان وكان ممن لا يشار إليه بالعلم فإن الناس سيصرخون في وجهه ويخطئونه، وإن كان ممن يشار إليه بالعلم ويعلمون أنه فعل ذلك عن علم فإنهم سينتفعون بهذا ويعرفون السنة، كما كان الناس في الأول ينكرون سجود السهو بعد السلام ويرونه مبطلاً للصلاة، فلما عرف الناس ذلك وصار الأئمة يفعلونه صار أمراً مألوفاً عند الناس ولا يستنكر، فالسنن الميتة ينبغي لطلاب العلم الذين يعتنى بقولهم وفعلهم أن يحيوها فإن: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة).
الجواب: الذي أرى أنه يؤخذ إذا كان فيه وسخ؛ لأن الأظفار إذا كان فيها وسخ فنقش الوسخ هذا صعب، فتقص الأظفار فترمى أو تدفن، وأما العانة فلا؛ لأنها تستلزم كشف العورة، ولا داعي إلى ذلك، أما الإبط فيؤخذ لأنه غالباً يكون فيه رائحة كريهة، والذي ينبغي أن ينظف الميت تنظيفاً تاماً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء اللائي يغسلن ابنته: (اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك)، ولقوله عليه الصلاة والسلام في الرجل الذي وقصته ناقته في عرفة قال: (اغسلوه بماء وسدر) لأن في السدر زيادة تنظيف.
السائل: لكن بالنسبة لشعر الإبط، فإن ذلك مؤلم للميت؟
الشيخ: الميت ميت لا يحس بهذا، ويمكن أن يقص قصاً، لكن كما قلت: يؤخذ منها إذا كان فيهن أذية لأن بقائهن على هذا الطول يصير فيهن أذية.
الجواب: لا يلزمه أن يخلعها عند المضمضة؛ لأنها يسيرة، ولأنه يكفي إدارة الماء في الفم، ولأن الغالب أن الماء يدخل لأن الماء كما تعرفون لطيف يدخل من بين هذه الأسنان المركبة واللثة، لكن لو نزعها خصوصاً في الجنابة فهو أحسن.
الجواب: قل: وحال السجود أيضاً.
السائل: نعم.
الشيخ: ما دام هذا الرجل -سواء كان شاباً أو غير شاب- لو أحدث يحس من نفسه؛ فصلاته صحيحة ولا يعيدها، كذلك إذا كان يتكلم بالتسبيح والتكبير والقرآن وإن كان يتكلم ولكنه لا يدركها جيداً فإنه لا بأس تكفيه.
أما إذا غاب شعوره تماماً وصار يجلس مثلاً بين السجدتين أو يجلس للتشهد ولكنه لا يدري أقال شيئاً أم لم يقل، فهذا ينبغي له بل يجب عليه أن يعيد الصلاة، وهنا مسألة: وهي أن العلماء يقولون: إذا كان فيه نعاس شديد لا يدرك معه إتمام الصلاة مع الجماعة فليصل وحده ولينم؛ لأن هذا أشد من حضور الطعام، وإذا كان الإنسان إذا حضر الطعام فإنه لا بأس أن يجلس عليه ويأكل حتى يشبع ولو فاتته الجماعة فهذا من باب أولى، ولا شك أن القياس واضح، فإذا كان الإنسان فيه نوم شديد يقول: إذا ذهبت إلى المسجد ما بقيت أعرف ماذا أقول، لكن إن صليت الآن أدركت الصلاة، نقول: صل الآن ونم.
السائل: حتى لو كانت الأيام مستمرة.
الشيخ: لا ما تكون هذه مستمرة إلا إنساناً لا يبالي، والمهم أن يدرك الصلاة أن يدركها بقلبه ويعييها بقلبه.
الجواب: أولاً: لا أعرف هذا الحديث، لكن إذا كان هذا الحديث صحيحاً فالمعنى: أن كون المرأة تعاشر زوجها بالمعروف حتى يكون راضياً عليها هو من أسباب دخول الجنة، والسبب قد يتخلف لوجود مانع، وهذه مسألة يجب علينا أن نعرفها، أحياناً ترد النصوص في الوعد والترغيب بأن من فعل كذا دخل الجنة، وما أشبه ذلك، فالمعنى: أن هذا سبب والسبب قد يتخلف لوجود مانع يمنع، فمثلاً: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد استرعاه الله على رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) يعني: منعه منها، لكن قد يكون هناك مانع يمنع من نفوذ هذا الوعيد، وهو أن يغفر الله له، لأن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وحينئذ لا يستحق هذا الوعيد، فيجب علينا أن نعرف الفرق بين كون الشيء سبباً قد يتخلف لوجود مانع.
فنقول: إن صح هذا الحديث فالمعنى: أن كون المرأة تموت وزوجها راضٍ عنها هذا سبب من أسباب دخول الجنة وقد لا تدخل الجنة لوجود شيء آخر يمنع، لكن قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن المرأة إذا باتت وزوجها ساخط عليها فإن الله سبحانه وتعالى يكون ساخطاً عليها).
الجواب: يعني: بعض الناس إذا كتب قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول: قال النبي ثم يكتب (ص) يرمز إلى صلى الله عليه وسلم، وبعضهم يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم يكتب (صلعم) كل هذا حرمان يحرمه العبد:
أولاً: أنه إذا كتب صلى الله عليه وسلم فقد كتب دعاءً يكتب لـه به عشر حسنات، وإذا رمز لم يحصل على هذا الدعاء.
ثم إنه إذا رمز (ص) وجاء إنسان يقرأ ولا يعرف الاصطلاح ماذا يقول؟ يقول: قال النبي صاد، وهذا غلط عظيم، أو يقول: قال النبي صلعم، فيجعل صلعم اسم من أسماء الرسول.
على كل حال: العلماء كرهوا ذلك، وقالوا: إما أن يكتب صلى الله عليه وسلم، أو عليه الصلاة والسلام، وإما أن يدعها والقارئ هو الذي يصلي، وأما أن يكتب الرمز (ص) أو (صلعم) فهذا مكروه.
الجواب: حسب ما ذكرت نرى أن هذا محرم، يعني: أن يدفع صاحب السيارة كل شهر كذا وكذا أو كل سنة كذا وكذا للشركة، وتقوم الشركة بضمان الحادث الذي ينتج من هذه السيارة، نرى أن هذا حراماً، وأنه من الميسر الذي قرنه الله بعبادة الأصنام وشرب الخمور قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90] ووجه ذلك: أن هذا المؤمِّن إذا دفع كل شهر خمسمائة ريال، كان عليه في السنة ستة آلاف ريال، ربما يحصل حادث في هذه السنة غرم بسببه عشرين ألف ريالاً، وربما لا يحدث شيء، فإن كان الأول يعني: حدث حادث غرم فيه عشرين ألف ريالاً صار المؤمَّن الذي دفع التأمين غانماً والشركة غارمة، وإن كان العكس بأن مضت السنة ولم يحدث حادث كانت الشركة غانمة والمؤمِّن غارم، وهذا هو الميسر تماماً، فهو حرام، فلا يجوز للإنسان أن يتعاطاه، ولا تغتر -أيها الإنسان- بعمل الناس فإن الله تبارك وتعالى يقول: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116].
فنصيحتي لإخواني: أن يقاطعوا هذه التأمينات، وأما قولهم: إنه تأمين تعاوني، فهذا أكذب ما يكون، هل يمكن لأي إنسان لم يدخل في هذا التأمين أن يستفيد من هذه الجمعية؟ أبداً ما يستفيد، بل هو تأمين فيه ميسر وقمار.
الجواب: زيارة النساء للقبور عموماً محرمة بل من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، وهذه المرأة التي بقيت حزينة لفقد ابنها لكونها لم تشهد جنازته إنما حصل لها ذلك من الشيطان، وهي إذا ذهبت مثلاً وزارت ابنها فهل سترى ابنها؟ لا تراه، إذاً ما الفائدة، وإذا كان المقصود أن تدعو، قلنا لها: يحصل لك الدعاء وأنت في بيتك، لكن الشيطان يئزها ويقلقها حتى تذهب إلى القبر.
ثم إذا ذهبت إلى القبر ما أراها تزداد إلا حزناً وتعلقاً بالقبر، وربما تكرر الزيارة من أجل ذلك.
لهذا نوجه النصيحة إلى هذه الأم ونقول لها: احتسبي واصبري، فإن لله ما أخذ وله ما أبقى وكل شيء عنده بأجل مسمى، وأكثري من الدعاء لابنك، وقولي ما قالته أم سلمة رضي الله عنها: [اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها] فإنه ما من عبد يقول ذلك إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها.
نعم لو أن المرأة مرت مع المقبرة ووقفت ودعت لهم فهذا لا بأس به، أما أن تخرج من بيتها لقصد زيارة المقبرة أو زيارة قبر خاص فإنه حرام بل من كبائر الذنوب.
الجواب: ورد حديث أن الإنسان إذا دخل السوق قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) لكنه ضعيف.
الجواب: وردت نصوص في اليوم الآخر مختلفة في هذا وفي غيره، حتى في بني آدم ورد أنهم يحشرون زرقاً يعني: المجرمين منهم، وورد: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [آل عمران:106] كل هذا لا تعارض بينها؛ لأن يوم القيامة مقداره خمسون ألف سنة فتتغير الأحوال وتتنقل وتختلف، وإذا كنا نرى أن الجو يختلف في الدنيا بين عشية وضحاها، وبين يوم وآخر، وبين أسبوع وأسبوع، وبين شهر وشهر، وبين السنة أولها وآخرها، فإن الجبال والأحوال يوم القيامة تتغير من شيء إلى آخر، ولذلك نقول كل النصوص في يوم القيامة التي ظاهرها التعارض ليس فيها تعارض، بل تحمل على تغيير الأحوال، يعني: يوم القيامة مقداره خمسون ألف سنة.
الجواب: استعمال السبحة في التسبيح لا بأس به، لكنه في الأصابع أفضل كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: (اعقدن بالأنامل فإنهن مستنطقات) والإنسان إذا تعود شيئاً اعتاد عليه والذين لم يكونوا يعرفون السبحة أو الذين كانوا لا يعرفون التسبيح بالسبحة لا يهمهم أن يحصوا العدد ولو كان ألفاً، والذين اعتادوا أن يحصوا العدد بالسبحة هم الذين يضيعون إذا لم يستعملوها فالمسألة على العادة، وإذا كان الأفضل أن يحسب الإنسان العدد بأصابعه فالأفضل أن يعود نفسه على ذلك، وإن كان قد يشق عليه في أول الأمر لكن في النهاية سيكون أمراً سهلاً، هذا إذا تجرد استعمال المسبحة عن الرياء؛ لأن بعض الناس يتخذ ذلك رياءً ليقال: هذا رجل كثير التسبيح، أو يتخذ سبحة معينة يستدل بها على أن هذا الرجل شيخ وأنه من العارفين بالله كما يوجد عند بعض الصوفية، تجد الإنسان عنده سبحة من رقبته إلى عانته كأنما يقول للناس: يا أيها الناس! انظروا إلى عدد التسبيح الذي أسبحه، أو يدعو الناس إلى أن يكرموه ويتخذوه ولياً، هذا لا شك أنه إذا اقترن بها شيء يجعلها محرماً صارت محرماً، لكن مجرد العدد وأنه إذا انتهى منها أدخلها في جيبه نقول: الأفضل أن تعقد بالأنامل.
الشيخ: الجمع في هذا سهل، فالمتأخرون يقولون: المراد بالقلب هنا قلب التفكير وليس قلب مضخة الدم، وأن القلب الذي في الصدر ما هو إلا آلة ضخ للدم فقط وليس له عمل أي شيء، فيحملون القلوب في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله) على أن المراد بالقلب قلب التفكير وهذا في الدماغ، والمعروف في الدماغ أنه إذا اختل اختل التفكير واختل العمل، والإمام أحمد قال: العقل في القلب وله اتصال بالدماغ.
وبعض المتأخرين يقول: التفكير والتصور هذا في الدماغ.
ثم الدماغ للقلب بمنـزلة السكرتير للرئيس، يعني: يتصور الأشياء ويكتب ما يقرر ثم يرسله إلى القلب والقلب هو الذي ينفذ ويأمر أو ينهي، ولهذا شبه أبو هريرة القلب بالملك والأعضاء بالجنود، وهذا القول هو أقرب ما يكون؛ لأنه لا يمكن أن نحمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة) على أن المراد القلب المعني، الرسول فسر وبين ووضح: (مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله).
السائل: ما هي الخلاصة؟
الشيخ: الخلاصة: أن محل التفكير الدماغ، ومحل التدبير القلب.
فالفهم يكون في الرأس ويكون في القلب.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر