أما بعد:
فهذا هو اللقاء الرابع بعد المائتين من اللقاءات المعروفة بـ (لقاء الباب المفتوح) التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو السابع والعشرون من الشهر المحرم عام (1420هـ).
نبدأ هذا اللقاء بما جرت به العادة من تفسير كتاب الله عز وجل.
في الدرس الماضي ذكرنا على قول الله: وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ [الواقعة:43] أنه ما يكون فوق الذهب من الدخان، وتبين لنا بعد ذلك أنه الدخان المحض، فالـ (يحموم) هو الدخان، وقد وصفه الله بأنه (لا بارد ولا كريم) لا بارد كما هو الشأن في الظلال، ولا كريم أي: حسن المنظر، لأنه دخان كريه منظره حار مخبره، نسأل الله العافية.
الجواب: بل أنت يا ربنا! أنت الذي تزرعه -أي: تنبته- حتى يكون زرعاً، كما قال جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى [الأنعام:95] فلا أحد يستطيع أن يفلق هذه الحبة حتى تكون زرعة، ولا هذه النواة حتى تكون نخلة، إلا الله عز وجل.
فَظَلَتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ [الواقعة:65-67] أي: تبكون بالكلام تريدون أن تذهبوا الحزن عنكم، فتقولون: إِنَّا لَمُغْرَمُونَ [الواقعة:66] أي: لحقنا الغرم بهذا الزرع الذي صار حطاماً، ثم تستأنفون، فتقولون: بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ [الواقعة:67] أي: حرمنا هذا الزرع وصار حطاماً ففقدناه.
ثم انتفل الله عز وجل إلى مادة أخرى، هي مادة الحياة وهي الماء، فقال: أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ [الواقعة:68] أخبروني عنه من الذي خلقه؟ من الذي أوجده؟ أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ [الواقعة:69]؟
الجواب: بل أنت يا ربنا! يعني: هل أنتم أنزلتم الماء الذي تشربونه من المزن -أي: من السحاب- أم نحن المنـزلون؟
الجواب: هو الله عز وجل، لأنه ينـزل من السحاب فيبقى غيراناً في الأرض وما شربته الأرض يسلكه الله تعالى ينابيع في الأرض يُستخرج بالآلات من الآبار ويجري من العيون، فأصل الماء الذي نشربه من المزن -من السحاب- ولذلك إذا قل المطر في بعض الجهات قل الماء وغار واحتاج الناس إلى الماء.
في كل شجر نار واستمجد المرخ والغفار |
أي: صار أعظمها.
هذه النار التي نوقدها ونطبخ عليها طعامنا ونسخن مياهنا وننتفع بها: أَأَنْتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ [الواقعة:72] الجواب: بل أنت يا ربنا!
وإن صخراً لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار |
أي: جبل، يهتدي الناس إليها.
وإلى هنا ينتهي هذا الكلام الموجز في تفسير هذه الآيات الكريمة.
الجواب: لا. لا تأكل لحوم الأنبياء، صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر أصحابه أن من صلى عليه فإن صلاته تعرض على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالوا: (يا رسول الله! كيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت -أي: صرت رميماً-؟ فقال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) وهذه خاصة بالأنبياء، هم الذين نجزم بأن الأرض لا تأكل منهم شيئاً، أي: أنهم يبقون كما ماتوا تماماً، أما الشهداء والصديقون والصالحون فهؤلاء قد لا تأكل الأرض بعضهم كرامة لهم، وإلا فالأصل أنها تأكله ولا يبقى إلا عجب الذنب -وهو: أسفل الذنب- فيه حبة (خرزة) تشبه النواة أو أقل، هذه بإذن الله لا تأكلها الأرض، تبقى بذرة للأجساد عند إحيائها في البعث كما جاء بذلك الحديث، لأن الله تعالى جعل لكل شيء سبباً، وإلا فهو قادر على أن يخلق الإنسان وإن لم يبق شيء من جسده الأول، لكن قد يوجد بعض الصديقين أو الشهداء أو الصالحين من لا تأكلهم الأرض كرامة لهم.
حدثني بعض الناس أنهم لما أرادوا أن يجعلوا على هذه البلدة عنيزة سوراً حفروا لأجل أساس الجدار، فوقعوا على قبر، فوجدوا صاحب القبر يابساً، كفنه أكلته الأرض وهو يابس ولم يفقد منه شيء حتى لحيته كانت محناة مصبوغة بالحنى فكانت على ما كانت عليه، لم تتساقط، وفاح عليهم رائحة طيبة لا يوجد لها نظير في الدنيا، وكان القاضي في ذلك الوقت في البلد عبد الله بن عبد الرحمن بابطين رحمه الله الذي له حاشية على الروض المربع، فأتوا إلى الشيخ، وقالوا: القضية كذا وكذا، وإننا حفرنا ووقعنا على هذا القبر، فماذا نصنع أنرده على حاله، أم ننقله؟ فأمرهم أن يردوه على حاله، وأن يعطفوا السور من خلفه أو من أمامه لا أدري الآن، فهذا دليل على أن الأرض قد لا تأكل أجساد بعض الناس، والمهم كل المهم أن يكون الإنسان منعماً في قبره، سواء بقي الجسم أم لم يبق، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من المنعمين في قبورهم.
الجواب: من العلماء من قال: إنه يمسك باليسار مغلباً جانب الأذى؛ لأن السواك يطهر الفم، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) قالوا: ومعنى هذا أن السواك إزالة للأذى فيكون باليسرى، كما أن الاستنجاء باليسرى والاستجمار باليسرى والاستنثار باليسرى.
ومنهم من قال: بل باليمين؛ لأن السواك سنة، والسنة ينبغي أن يقدم لها اليمين فيكون باليمين.
ومنهم من قال: هو مخير.
كم قولاً ذكرنا؟ ثلاثة، باليمين، باليسار، مخير.
ومنهم من فصل: فقال: إن تسوك للسنة فباليمين، وإن تسوك لتطهير الفم فباليسار، فإذا كان التسوك لظهور رائحة الفم لطول السكوت مثلاً فإنه يكون باليسار، وإذا كان للسنة؛ كرجل توضأ واستاك ثم أتى إلى المسجد وأراد أن يصلي في زمن قريب فهنا السواك للصلاة من باب السنة وليس من باب التطهير فيكون باليمين، والأمر في هذا واسع، ويشبه هذا اختلاف العلماء رحمهم الله متى يقوم للصلاة: هل هو إذا شرع المؤذن في الإقامة، أو إذا قال: حي على الصلاة، أو إذا قال: قد قامت الصلاة، أو إذا انتهى من الإقامة، أو إذا كبر الإمام؟
قال الإمام مالك رحمه الله: الأمر عندنا في هذا واسع، بمعنى: إذا قام حين شرع المؤذن في الإقامة، أو عند حي على الصلاة، أو عند قد قامت الصلاة، أو عند انتهاء الإقامة، أو عند تكبيرة الإحرام، فالأمر في هذا واسع، المهم ألا تفوته تكبيرة الإحرام فلا يتأخر.
الجواب: الأذكار بعد الصلاة لا تسقط في السفر، لأن الأصل أن أحكام السفر كأحكام الإقامة إلا بدليل، ولا دليل على أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يذكر الله بعد الصلاة إذا سافر فهي باقية، إلا إذا كانت الصلاة تجمع إلى ما قبلها فلا يفصل بينهما بذكر لا في السفر ولا في الإقامة.
الجواب: أما إذا كان هناك ليل ونهار فإنه يعتبر الليل والنهار طال أو قصر، حتى لو فرض أن الليل أربع ساعات والنهار عشرون ساعة اعتبر الليل ليلاً والنهار نهاراً، وأما إذا لم يكن هناك ليل ونهار كالمناطق القطبية فإنه يقدر تقديراً، ويدل لهذا: أما الأول فيدل له عموم قوله تعالى في الصيام: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة:187]، وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا أقبل الليل من هاهنا وأشار إلى المشرق، وأدبر النهار من هاهنا وأشار إلى المغرب، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) وأما الثاني فدليله: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حدّث عن الدجال، وأن أول يوم يكون فيه النهار كسنة فأنطق الله الصحابة رضي الله عنهم، وقالوا: (كيف نصلي يا رسول الله! قال: اقدروا له قدره) فهؤلاء الذين يكون عندهم الليل ستة أشهر والنهار ستة أشهر، نقول: اقدروا قدره، ولكن بماذا نقدر؟ هل نقدر بالمتوسط، ونقول: اثنتا عشرة ساعة، اعتبروه نهاراً، واثنتا عشرة ساعة اعتبروه ليلاً، لأنه لما سقط التعيين بعدم وجود الفارق رجعنا إلى الوسط، أو نعتبر بهذا أقرب البلاد إلى هذه المنطقة ممن لهم ليل ونهار، أو نعتبر بهذا مكة؛ لأن الله تعالى سماها أم القرى، على أقوال ثلاثة: وليس هناك شيء قاطع أن أحد هذه الثلاثة أصح، لكن أقرب شيء عندي -والله أعلم- أن نعتبر بالبلاد القريبة منهم التي فيها ليلٌ ونهار.
السائل: ولكن الشخص الذي يقيم في تلك البلاد هل يحاول أن ينتقل إلى أماكن فيها إمكانيات؟
الشيخ: ليس باللازم، ويبقى في الأرض التي هو فيها.
الجواب: والله لا أدري عن هذا الحديث.
السائل: هذا ذكره الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة من حديث أبي سعيد ، إن ثبتت يا شيخ صحته، فما الحكم؟
الشيخ: لا يمكن أن يثبت هذا، إن كان المراد الحج والعمرة فلا يثبت أبداً؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صح عنه أنه لما ذكر الحج، قال له الأقرع بن حابس : (أفي كل عام يا رسول الله! قال: لو قلت نعم لوجبت، الحج مرة فما زاد فهو تطوع) ولو صح هذا الحديث لكان ما زاد فيه تطوع وفيه واجب، فأظن أن هذا الحديث لا يصح.
الجواب: يضم نفسه بعد أن كان يمتد ويفرج بين يديه.
السائل: إذا لم يكن هناك إمكان يا شيخ! مثل الحرم، فأحياناً لا يمكن السجود؟
الشيخ: إذا كان لا يمكن فقيل: إنه يسجد على ظهر من كان أمامه.
وقيل: إنه يومئ بالسجود جالساً وبالركوع قائماً.
وقيل: ينتظر حتى يقوم الناس من السجود ثم يسجد ويتابع.
أما الظهر فقد وردت به آثار عن الصحابة رضي الله عنهم، ولكن هذا يحمل على قوم يعرفون الحكم الشرعي ولا ينكرون أن يسجد على ظهورهم، أما في وقتنا الحاضر فأعتقد أنك لو سجدت على ظهر إنسان لشوشت عليه كثيراً، أو نفضك بقوة، لو قلنا بهذا وصار هناك صف ثالث يسجد على ظهر من؟ على ظهر صاحبه ثم يترادف الناس، وهذه وإن كانت الصورة غير ممكنة لكن نرى أن القول بالسجود على ظهر إنسان في وقتنا الحاضر فيه تشويش، فإما أن نقول: أومئ بالركوع، مع أن الركوع فيما يبدو لا يتعذر؛ لأنه يمكن أن يركع ولو كان قريباً من صاحبه، وأما في السجود فاجلس وأومئ بالسجود جالساً، فهذا أحسن من كونك تنتظر حتى يقوم الناس فتفوتك المتابعة، وربما يكون الإمام في الركعة التي تلي ركعتك إذا كان سريع القراءة، فإذا قرأ الفاتحة ربما يركع قبل أن تتم الفاتحة فيحصل تخلف كثير، فأقرب الأقوال عندي: أن الإنسان إذا وصل إلى السجود جلس وأومأ، والمسألة ليس فيها قول عن المعصوم، لو كان فيها قول عن النبي صلى الله عليه وسلم لقلنا: على العين والرأس ونفعل ما قال.
الجواب: هل أدى الحج؟
السائل: أدى الحج مفرداً.
الشيخ: إذا كان ماله يتسع للعمرة أخذ من ماله، لأن القول الراجح أن العمرة واجبة، وأنه إذا لم يؤدها في حياته مع قدرته تؤخذ من تركته بعد مماته.
الجواب: أنا أكره هذا؛ أكره أن يسافر أحد من أجل أن يصلي على شخص، لأن هناك فرقاً بين من يموت في البلد فتذهب من حارتك إلى حارته وتصلي عليه، وبين أن تسافر، ولهذا كان السفر لزيارة القبور حراماً، وزيارة القبور في البلد سنة، وأيضاً لو أننا فتحنا هذا الباب لكان الناس هنا في المملكة يتبارون ويتمارون في الذهاب إلى الصلاة على الميت، لأن الأمر -والحمد لله- عندنا ميسر، سيارات وطائرات وخطوط سهله، فيتبارى الناس بهذا ويتمارون مع أن المقصود أن ينتفع الميت بالصلاة، والميت يمكن أن ينتفع بالدعاء في أي مكان، لكن لو فرض أن الإنسان يسافر ليدرأ الكلام والقول والقيل، بمعنى أنه لو لم يحضر لفقد، وصار هناك كلام: لماذا لم يحضر هذا الرجل؟ فهنا قد نقول: إنه لم يسافر من أجل أن يصلي على الميت، لأنه يعرف أن أي دعاء سينفع الميت، لكن من أجل ألا يتكلم المنافقون في أعراض الناس، فهذه إذا لاحظ الإنسان هذا إن شاء الله لا بأس به.
الجواب: الضرر: ما كان عن غير قصد، والضرار: ما كان عن قصد، لأن ضرار مصدر ضار يضار ضراراً، ومضارة، كجاهد يجاهد جهاداً، ومجاهدة، فما كان عن قصد فهو ضرار، وما كان عن غير قصد فليس ضراراً، مثال ذلك: إنسان عنده شجرة في بيته يسقيها فانتشرت الرطوبة إلى بيت جاره بدون قصد، هذا نقول فيه: ضرر، وإنسان آخر غرس شجرة وصار يسقيها من أجل أن ينتشر الماء والرطوبة إلى بيت جاره فيتأذى به، هذا ضرار، وكلاهما منفي شرعاً، فالضرر يزال وإن لم يقصد، والمضارة تزال وعليه إثم القصد.
الجواب: أولاً كثير الحلف لا بد أن نقول: هل هذا يجري على لسانه بغير قصد؟
فإذا كان بغير قصد فليس عليه كفارة؛ لأن هذا من لغو اليمين، وقد الله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ [المائدة:89].
وأما إذا كان عن قصد فإننا ننهاه عن هذا؛ لأن الله قال: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] وقد قال بعض المفسرين: إن معناها: لا تكثروا الحلف. وقد أشار الله تعالى إلى كراهة ذلك في قوله: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ [القلم:10] أي: كثير الحلف، ولكن عليه أن يُكَفِّرْ، فإن كان المحلوف عليه شيئاً واحداً والأيمان متكررة فعليه كفارة واحدة، وإذا كان المحلوف عليه متعدداً والأيمان متعددة فعليه لكل فعلٍ كفارة، وله أن يفعل قبل أن يُكَفِّر، وله أن يُكَفِّر قبل أن يفعل، فإن كَفَّرَ قبل أن يفعل سميت هذه الكفارة تحله، وإن فعل ثم كفر فهي كفارة.
الجواب: اقرأ التي قبلها لأن لها علاقة بالتي قبلها.
السائل: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمْ اللَّهُ دِينَهُمْ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ [النور:24-25].
الشيخ: أيش الإشكال؟
السائل: الإشكال الوارد عَلَيَّ هو معنى قوله تعالى: وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ [النور:25].
الشيخ: أي: أن هؤلاء المكذبين الضالين لا يعلمون أن الله هو الحق المبين حقيقة إلا في يوم القيامة، إذا وفاهم الله دينهم الحق، أي: جزاءهم الحق، عرفوا أن الله هو الحق المبين، أما الآن فلم يعرفوا، أو عرفوا ولكنهم استكبروا.
الجواب: هذا ليس بجائز، لأن حق الإنسان في البنك العقاري حق انتفاع، فإن كان لا زال في حاجة للانتفاع بهذا القرض فليفعل، وإن لم يكن في حاجة فعليه أن يدعه، ولا يجوز أن يأخذ عن هذا عوضاً، وهناك أناس تجدهم ينتظرون متى تخرج أسماؤهم، فيقال: إما أن تنتفع به إن كنت في حاجة، مثل أن يكون قد بنى بيته الذي قدم لبنائه ولكنه استدان من الناس لبنائه فهنا هو في حاجة يأخذ القرض، وإما أن يقال: إنك انتهيت فلا حاجة لك بها.
السائل: هل الفلوس التي أخذها تعتبر رباً؟
الشيخ: هذا ربا وظلم أيضاً، لأن المال حق له.
الجواب: هذا صحيح في موضعه، إذا وجد أن قتل هذا الإنسان نفسه يحصل به إيمان أمة من الناس فلا بأس، لأن هذا الغلام لما قال للملك: خذ السهم من كنانتي ثم قل: باسم الله رب هذا الغلام، فإنك سوف تصيبني، وفعل الملك، ماذا صنع مقام الناس؟ آمنوا كلهم، هذا لا بأس، لكن الانتحاريين اليوم لا يحصل من هذا شيء بل ضد هذا، أول من يقتل نفسه، ثم قد يقتل واحداً أو اثنين وقد لا يقتل أحداً، لكن ماذا يكون انتقام العدو؟ كم يقتل؟ يقتل الضعف أو أكثر، ولا يحصل إيمان ولا كف عن القتل، هذا الرد عليهم، نقول: إذا وجد حاله مثل هذه الحال فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصها علينا لنسمعها كأنها أساطير الأولين بل قصها علينا لنعتبر، إذا وجد مثل هذه الحال لا بأس، وبعضهم يستدل بقصة البراء بن مالك في غزوة اليمامة، حيث حاصروا حديقة مسيلمة والباب مغلق وعجزوا، فقال البراء : ألقوني من وراء السور وأفتح لكم، فألقوه وفتح، وهذا ليس فيه دليل، لماذا؟ لأن موته غير مؤكد، ولهذا حيي وفتح لهم الباب، لكن المنتحر الذي يربط نفسه بالرصاص والقنابل، ينجو أم لا ينجو؟ قطعاً لا ينجو، ولهذا لولا حسن نيتهم لقلنا: إنهم في النار يعذبون بما قتلوا به أنفسهم.
الجواب: تقصد أن يتنازل قبل أن يموت؟
السائل: أي يتقاعد مثلاً، ليس عنده أحد لا أبناء ولا غير ذلك، شخص يأتي ويقول له: أنا أعطيك كذا كذا، لكن اجعل الوظيفة لي؟
الشيخ: لا يجوز.
السائل: وما هي النصيحة؟
الشيخ: النصيحة: أن يتقي الإنسان ربه، وأن يعلم أنه إذا أكل الحرام فإنه سيؤثر عليه في عباداته ودعائه وغير ذلك, لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر: (الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك) والدنيا -يا أخي!- ليست دار قرار وليست جنة، الدنيا ممر وامتحان في العمل الصالح، فيجب على الإنسان ألا يجعل المال هو رأس المال، رأس المال حقيقة هو العمل، أما المال فإنه زائل أو زائل صاحبه ولا بد.
السائل: نفس النظام، ما الحكم في التنازل لغير من يحدده النظام؟
الشيخ: نفس النظام هل يجيز هذا؟
السائل: يقول: ابنه أو أحد أقاربه، هذا المتعارف عليه.
الشيخ: دعك من المتعارف عليه، هل النظام يجيز للإنسان أن يتنازل عن تقاعده مثلاً إلى أي شخص.
الجواب: هذا ورد حديث فيه قبل النفخ في الصور: (يرسل الله مطراً غليظاً كمني الرجال أربعين يوماً تنبت منه الأجساد في القبور، فإذا استتمت نفخ الله في الصور فخرجت الأرواح من الصور إلى أجسادهم) فالله أعلم بصحته.
الجواب: لا. ليس صحيح.
السائل: وبماذا نرد عليهم؟ أحسن الله إليكم.
الشيخ: هل سماها الله ثورة أم سماها هداية، هداية وحقاً؟ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ [النساء:170] ما قال: قد ثار الرسول على الأصنام، نرد عليهم بهذا، ولا يمكن أن نحول الهداية والنور والحق إلى ثورة، يأتي شخص يقول ثورة نابليون وغيرها من الثورات، بلغوا الناس في بلادكم هذا، قولوا: يا جماعة! هذا حق، هذا نور، هذا هدى، هذا شفاء.
السائل: يوجد الثورة الإٍسلامية؟
الشيخ: ولا ثورة إسلامية، لا يوجد ثورة إسلامية، هداية إسلامية لا بأس.
الجواب: لا بد أن يسجد، إذا سها المأموم وهو مسبوق مع الإمام وسجد مع الإمام سجود السهو فيجب أن يسجد لنفسه عند انتهاء صلاته؛ لأن سجوده الأول إنما هو لمتابعة الإمام فقط، فلا بد أن يعيد السجود.
وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء.
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر