أما بعد:
فهذا هو اللقاء الثامن بعد المائتين من اللقاءات المسماة: لقاء الباب المفتوح, التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو السادس والعشرون من شهر صفر عام (1420هـ).
1- بلسان المقال, تقول: سبحان الله.
2- بلسان الحال, بمعنى أن حال هذه المخلوقات تدل على تنزه الله تبارك وتعالى عن العبث واللعب, وأنه منزه عن كل عيب ونقص.
الكافر يسبح الله بأي وجه؟ بلسان الحال, لأنه لا يسبح الله بلسان المقال, بل هو يكفر بالله عز وجل.
وسبق معنا قوله: الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وأن الله له الحكم, وأن حكمه مبني على الحكمة وعلى العزة.
(والآخر): الذي ليس بعده شيء, لأنه لو كان بعده شيء لكان ما يأتي بعده غير مخلوق لله، ومع العلم أن كل المخلوقات كلها مخلوقة لله عز وجل, فهو الذي ليس بعده شيء, إذاً: هو الأول لا ابتداء له, والآخر لا انتهاء له, ليس بعده شيء.
وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ (الظاهر): قال النبي صلى الله عليه وسلم في تفسيرها: (الذي ليس فوقه شيء) كل المخلوقات تحته جل وعلا, فليس فوقه شيء.
(الباطن): قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الذي ليس دونه شيء) خبير عليم بكل شيء, لا يحول دونه جبال ولا أشجار ولا جدران ولا غير ذلك, ليس دونه شيء, لا دون بصره يرى كل شيء عز وجل, ولا دون سمعه يسمع كل شيء, ولا دون علمه يعلم كل شيء.
الأول والآخر اشتملا على عموم الزمان, والظاهر والباطن على عموم المكان.
يا أخي! إذا علمت أن الله بكل شيء عليم, هل يمكن لك أن تقدم على معصية الله وأنت في خفاء عن الناس؟ لا. لأنك تعلم بأن الله يعلمك, قال الله عز وجل: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف:80] فإذاً: إذا آمنت بأن الله جل وعلا عليم بكل شيء فإنه يستلزم ألا تقوم بمعصيته ولو في الخفاء, وألا تترك طاعته ولو في الخفاء, ولقد قال الله عز وجل عن نوح عليه الصلاة والسلام: وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ [نوح:7] لئلا يسمعوا وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ [نوح:7] تغطوا بها لئلا يبصروا والعياذ بالله؛ لأنهم يكرهون الحق.
كيف السماوات؟ هل هي ملفوفة لفة واحدة؟ أو بينها مسافة؟ بينها مسافة, المسافة بعيدة جداً جداً, وهذا يلزم أن يكون أصغر السماوات سماء الدنيا, ويليها الثانية, والثالثة, كل واحدة أوسع من الأخرى, وسعة عظيمة، وهي متطابقة بعضها فوق بعض, وفي حديث المعراج أن الرسول صلى الله عليه وسلم كلما صعد إلى سماء استفتح ففتح له.
والأرض جعلها الله تعالى في القرآن بصيغة الإفراد, الجمع أرضون, لا تجد (أرضون) في القرآن لا تأتي إلا (أرض) لكن الله أشار إلى أنها متعددة في قوله: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ [الطلاق:12] أي: مثلهن في العدد لا في الصفة, لأن الصفة بين الأرض والسماء التماثل فيها بعيد جداً, لكن مثلهن في العدد، وصرحت بذلك السنة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين).
خلقها في ستة أيام, كم الأيام؟ أطلقها الله عز وجل, ما بين أن اليوم خمسون ألف سنة أو أقل أو أكثر, وإذا أطلق يحمل على المعروف المعهود, وهي أيامنا هذه, وقد جاء في الحديث أنها الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة, الجمعة منتهى خلق السماوات والأرض, مبتداها الأحد, والسبت ليس فيه خلق لا ابتداء ولا انتهاء, فإذا قال قائل: أليس الله قادراً على أن يخلقها في لحظة؟ الجواب: بلى, لأن أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له: كن، فيكون, إذاً: لماذا كانت في ستة أيام؟ أجيب عن ذلك بجوابين:
الأول: أن المخلوقات هذه يترتب بعضها على بعض, فرتب الله بعضها على بعض حتى أحكمها وانتهى منها في ستة أيام.
الثاني: أن الله علم عباده التؤدة والتأني, وأن الأهم إحكام الشيء لا الفراغ منه, حتى يتأنى الإنسان فيما يصنعه ولو كان يكمله بساعة يتأنى ولو أكمله بساعتين, فعلم عز وجل سبحانه عباده التأني في الأمور التي هم قادرون عليها, وكلا الأمرين وجيه.
الجواب: أولاً: الذي تبين لنا من السنة أن الذي يسقط في السفر ثلاثة أشياء فقط والباقي باق على ما هو عليه, والثلاث هي: سنة الظهر الراتبة, وراتبة المغرب, وراتبة العشاء, ثلاثة, والباقي افعله كما تشاء, حتى الظهر لو شئت أن تصلي تطوعاً بدون راتبة فلا بأس, إذاً: سنة الضحى مشروعة, التهجد في الليل مشروع, الوتر مشروع, سنة الفجر مشروعة, تحية المسجد مشروعة, كل النوافل باقية على أصلها إلا ثلاث، هي: راتبة الظهر, وراتبة المغرب, وراتبة العشاء، هذا الذي دلت عليه السنة.
الجواب: قول الإنسان: أنا مؤمن إن شاء الله, إن كان قصده بذلك التبرك، أو أن إيماني وقع بمشيئة الله فهذا حق, ولا إشكال فيه، جائز, وإن كان متردداً بأن قيل له: أنت مؤمن؟ قال: إن شاء الله، أي أنه متردد، قد يكون وقد لا يكون، فهذا كفر مخرج عن الملة, لماذا؟ لأن التردد في الإيمان ليس بإيمان, إذ أن الإيمان هو الجزم، هذا بالنسبة لعقيدة الإيمان, أما بالنسبة للأعمال فالأعمال من الإيمان، لقوله عليه الصلاة والسلام: (الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول: لا إله إلا الله, وأدناها إماطة الأذى عن الطريق, والحياء شعبة من الإيمان) إن كان قصده الأعمال، وقال: أنا مؤمن إن شاء الله بمعنى أنني مقيم لجميع خصال الإيمان, فهذا أيضاً صحيح, ليس كل إنسان مؤمن ويقوم بجميع الشرائع.
الجواب: يجوز امتحان الطالب بما يعلمه المدرس ولا حرج, أليس جبريل سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الإسلام والإيمان والإحسان وهو يدري؟ نعم يدري، ولهذا قال: (صدقت) مع أن جبريل أراد أن الرسول عليه الصلاة والسلام أن يبين الدين الذي هو (الإسلام والإيمان والإحسان) على وجه السؤال والجواب ليكون أثبت, فيجوز للمدرس أن يسأل الطالب عن شيء هو يعلمه, في هذه الحال إذا سأله عن تفسير آية فمن المعلوم أنه لا يجوز أن يفسر الإنسان القرآن إلا بعلم, لكن لو فسره الطالب بما عنده هو، ولا يدري أصحيح هو أم لا، هل يجوز أم لا يجوز؟ الجواب: يجوز, لماذا؟ لأن عنده من يعدله ويصحح كلامه, أما أن يفسرها الطالب وهو لا يعلم من شخص على أنه استفتاه وأفتاه وانتهى فهذا لا يجوز, كذلك لو سأله المدرس، هل هذا حرام أم لا؟ يجوز؛ لماذا؟ لأن عنده من يعدل كلامه ويصححه.
الجواب: لا بأس بهذا؛ لأن الإله من أسماء الله؛ ولأن الكامل أيضاً على وجه الإطلاق هو الله عز وجل، فلا بأس.
الجواب: تضم البنصر والخنصر, والوسطى حلقها مع الإبهام, وإن شئت ضممتها أيضاً, والإبهام إما أن تحلقها مع الوسطى وإما أن تضمها مع الاثنين وتضم الإبهام إليهما, والسبابة لا تضمها ولا ترفعها, عندما يأتي دعاء ارفعها مثل: اللهم صلِّ.. ارفعها إشارة إلى علو المدعو وهو الله سبحانه وتعالى.
الجواب: أطفال المشركين الذين لا يميزون حكمهم في الدنيا حكم آبائهم إذا كانوا مشركين, بمعنى أننا لا نغسلهم ولا نكفنهم، ولا نصلي عليهم ولا ندفنهم مع المسلمين, فإن كان أحد أبوي الطفل مسلماً فهو مسلم, وأما في الآخرة فالصحيح أن علمهم عند الله, وأن الله عز وجل يمتحنهم يوم القيامة بما شاء, فمن أطاع دخل الجنة ومن عصى دخل النار.
أعطيكم فائدة: الطفل بالنسبة لأبويه في الدين يتبع خيرهما؛ إن كانت الأم مسلمة فهو مسلم, وإن كان الأب مسلماً فهو مسلم.
في النسب يتبع الأب: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ [الأحزاب:5].
في الحرية والرق يتبع أمه, فلو تزوج الحر أمة فأولاده أرقاء مملوكون لمالك الأم.
في الطهارة والنجاسة والحل والحرمة يتبع أخبثهما, فلو نزا الحمار على الفرس أنثى الخيل وأتت بولد, فالولد نجس حرام, فالقواعد الآن أربع.
الجواب: هذا ليس سَلَمَاً, هذا يسمى استصناع سلعة, فيجوز أن يتفق مع صاحب المصنع من نجار أو حداد أو غيره على شيء معين موصوف مضبوط بالصفة ولا يسلمه إلا بعد إنجازه, سواء الثمن كله أو بعضه.
الجواب: لا بأس به, الشعور ثلاثة أقسام: قسم أمر بإزالته, وقسم نهي عن إزالته, وقسم سكت عنه.
فالذي أمر بإزالته العانة والإبط والشارب, والذي نهي عن إزالته اللحية, والمسكوت عنه بقية الشعور, فيجوز إزالتها لكن الأفضل إبقاؤها ليس لأنه من المسكوت عنه؛ ولا لأنه من اللحية, لكن لأنها من خلقة الله عز وجل, ولا خلقها الله إلا لحكمة, لكن إذا دعت الحاجة إلى إزالتها فلا بأس.
الجواب: من هم جماعة التبليغ ؟
السائل: هم أهل الدعوة.
الجواب: أنا إن شاء الله صاحب دعوة, مسلمون أم غير مسلمين؟
السائل: مسلمون.
الجواب: يصلون أم لا يصلون؟
السائل: يصلون.
الجواب: يسبحون أم لا يسبحون؟
السائل: لا أدري.
الجواب: لا، يسبحون وأكثر من غيرهم, هل يزكون؟ هل يحجون؟
السائل: نعم.
الجواب: هؤلاء في الواقع الذي أعطاه الله تعالى رغبة في العلم وتحصيلاً في العلم الأفضل ألا يخرج معهم, لأنه يضيع أوقاتاً كثيرة ليس فيها طلب علم, والقوم يكثر عندهم الجهل, والإنسان الذي ليس عنده شغل ويخشى أنه إن بقي في البلد ساح وضاع مع الضائعين فليخرج معهم, لا سيما الذين في بلادنا السعودية ، وكم من إنسان فاسق خرج معهم فصار من المستقيمين, بل إن الله هدى على أيديهم أناساً كفرة, فالتشنيع عليهم غلط, والحث على مصاحبتهم غلط, بل يقال: إن شأنهم من الأمور المباحة التي إن اشتغل الإنسان بالعلم فهو أفضل, وإن كان إذا بقي ضاع وقته عليه فلا بأس أن يصحبهم, لأننا لا نعلم عنهم إلا خيراً.
بقي أن يقال: إنهم يقننون الخروج ثلاثة أيام, وأربعين يوماً, وأربعة أشهر, وقد سألناهم عن هذا: لماذا؟ قالوا: إن المقصود بهذا هو تمرين الإنسان في هذه المدة على العبادة, فأنت إن كان عندك رغبة في العلم وتحصيل العلم فاجلس واطلب العلم أفضل.
السائل: الذي خرج معهم قد تنطلي عليه بعض البدع؟
الجواب: أشكل ما عندهم هو هذا, الذين عندنا في السعودية أما الباقون لا أدري عنهم.
السائل: والخروج معهم إلى باكستان ؟
الجواب: أبداً. أنا أرى الذين عندنا لا يخرجون إلى باكستان ولا إلى غيرها للاجتماعات.
السائل: أو قطر ؟
الجواب: قطر أو غيرها, يبقون في بلادهم يأتون القرى ويدعونهم للخير, ويحثونهم عليه.
السائل: يدعون أنهم مرتبطين فيمن هناك في باكستان ؟
الجواب: أنا لا أرى ارتباطاً, ذهب أناس من الجماعة من القصيم وحضروا جلساتهم وأثنوا عليهم, لكن تعرف الناس في كثير من الأمور بين قادح ومادح.
الجواب: أما (إيمان) لا أرى جوازها, الحكمة أن فيها تزكية من جهة, وفيها تذكير, والمرأة أنثى المسماة, والباقي ليس فيها شيء، بل تجوز, و(عبد الناصر) يجوز إلا إذا قصد بذلك التبرك بطاغية مصر .
الجواب: إذا شرع في النهوض من السجود, يكبر ولو جلس, إذا كان إماماً هذا ربما نقول: يرجح أن يكون تكبيره إذا قام, وإذا كنت مؤتماً إذا جلس الإمام للاستراحة اجلس معه وإن كنت لا ترى هذه الجلسة، فحينئذٍ يكون التكبير أول ما ينهض من السجود،والجلسة هذه ليست سنة مطلقاً ولا مكروهة مطلقاً إنما هي للمحتاج إليها لكبر أو مرض أو وجع مفاصل، يجلس ثم ينهض, وأما الإنسان النشيط الذي ليس فيه شيء يقوم من السجود مباشرة, وإذا كان الإمام يجلس اجلس وإذا كان لا يجلس لا تجلس.
الجواب: الصلة -بارك الله فيك- لم تبين في السنة ولا في الكتاب, فما عده الناس صلة فهو صلة, وهذا يختلف باختلاف الأحوال والأزمان والقرابة, مثلاً: من القرابة من له حق كبير عليك مثل عم وخال وابن عم البعيد ليس مثل هذا, أيضاً الأحوال تختلف؛ في حال المرض يجب أن تواصل عيادته والسؤال عن حاله, في حال الفقر يجب أن تواصل, وفي حال الغنى والصحة وكل الناس لاهون بأحوالهم ولا تزوره إلا في الشهر مرة, أو عن طريق الهاتف كفى.
الجواب: نعم. يكفي, في الوقت الحاضر يكفي في السنة مرة, والهاتف موجود إذا كان عندها هي هاتف.
الجواب: الظاهر أنه باكستاني!
السائل: لا هو سعودي هنا.
الجواب: هذا جاهل! علمه جزاك الله خيراً, أول ما نزل الوحي على رسول الله أين هو؟ اسأله.
السائل: بلغناه يا شيخ!
الجواب: إذا كنت بلغته فقد قامت عليه الحجة, وأمره إلى الله, لكن لا يحكم على الجماعة بحكم الفرد.
السائل: هو يقود؟
الجواب: ولو قادهم لا يطيعون بهذا أبداً, ونحن شاهدنا تأثيرهم، شيء عجيب! وإيثارهم وحسن أخلاقهم, صحيح أن عندهم جهل لكن يجب على طلبة العلم أن يوجهوهم.
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر