أما بعد:
أيها الإخوة: فهذا هو اللقاء الأول من بعد شهر رمضان عام (1415هـ) وهو اللقاء الموفي للخامس والعشرين من اللقاءات الشهرية، ويتم في هذه الليلة ليلة ثمانية عشر من شهر شوال عام (1415هـ).
ومن المناسب أن نتكلم عن موضوعين:
الموضوع الأول: هل انقضى عمل الإنسان بانقضاء شهر رمضان؟
والجواب على هذا السؤال: لا. إن عمل الإنسان لا ينقطع إلا بالموت، لقول الله تبارك وتعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99] أي: حتى يأتيك الموت، ولقوله تعالى عن يعقوب: يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [البقرة:132] ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث) فلم يجعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمداً لانقطاع العمل إلا بالموت.
ثم هل العمل الذي يؤدى في رمضان كالصوم والقيام والصدقة هل انقطع بانتهاء رمضان؟
لا، هناك صيام أيام مشروعة غير رمضان، منها: صيام الأيام الست من شوال، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر) وهذه الأيام الستة ينبغي أن تلي شهر رمضان، أي: أن يشرع فيها الإنسان من اليوم الثاني من شوال، ويتابعها لما في ذلك من السبق إلى الخيرات، ولأن هذا أسهل؛ لأن الإنسان قد اعتاد الصوم في رمضان فيسهل عليه الاستمرار فيه، ولأن الإنسان إذا أخرها ربما يحصل له التسويف فيقول: غداً أصوم .. غداً أصوم حتى تنقضي الأيام، وهذه الأيام الستة تابعة لرمضان، فمن صامها قبل أن يقضي ما عليه من رمضان فإنه لا ينال ثوابها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (من صام رمضان ثم أتبعه..) ولو صامها قبل القضاء لكانت متبوعة لا تابعة.
فإن قال قائل: ربما يكون هناك عذر، ربما ترك صوم رمضان لمرض، واستمر به المرض إلى آخر شوال، ثم شفاه الله وشرع في القضاء وخرج شوال، فنقول حينئذٍ: يصومها تابعة لرمضان ولو في ذي القعدة، ولو خرج شهر شوال؛ وذلك لأنه ترك صومها في شوال لعذر فقضاها من بعده، كما أن رمضان يترك للعذر ويقضى بعده.
- ومن الصيام المشروع: أن يصوم الإنسان يوم عرفة، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) إلا الحاج فلا يسن له أن يصوم يوم عرفة؛ من أجل أن يكون قوياً متفرغاً للدعاء في ذلك اليوم.
- ومن الصيام المشروع: صوم يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من شهر محرم؛ لأنه اليوم الذي أنجى الله موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه، ولكن يصوم قبله اليوم التاسع؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع).
- ومن الصيام المشروع: صوم عشر ذي الحجة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) والصوم من العمل الصالح.
- ومن الصيام المشروع: أن يصوم الإنسان ثلاثة أيام من كل شهر، سواء من أول الشهر أو وسطه أو آخره؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره، لكن الأفضل أن تكون في أيام البيض، أي: في اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر.
- ومن الصيام المشروع: أن يصوم يوم الإثنين والخميس؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصومهما ويقول: (إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم).
- ومن الصيام المشروع: أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، وهذا أفضل الصيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـعبد الله بن عمرو بن العاص : (صم يوماً وأفطر يوماً فذلك صيام داود وهو أفضل الصيام).
إذاً: الصيام هل انقطع بانتهاء رمضان أم لا؟ لا.
القيام: هل انقطع بانتهاء رمضان؟
لا، القيام مشروع في كل ليلة، والأفضل بعد منتصف الليل إلى أن يبقى سدس الليل فتنام، الأفضل أن تنام النصف الأول من الليل، ثم تقوم الثلث، ثم تنام السدس، هكذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بن العاص وقال: (إن هذا قيام داود وهو أفضل القيام) فإن لم يتيسر لك ذلك فقم ولو قليلاً في آخر الليل، لأن الرب عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: (من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) واختم صلاتك بركعة التي هي الوتر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صلاة الليل؟ فقال: (مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت ما قد صلى).
أما الصدقة فهي أيضاً لم تنقطع، الصدقة مشروعة كل وقت، بل إن الإنسان الموفق يجعل أكله وشربه ونفقة عياله من الصدقة، إنفاقك على نفسك صدقة، وعلى أهلك صدقة، بل إن الإنفاق على الأهل أفضل من الصدقة على غيرهم، فلو كان معك عشرة ريالات، وتقول: هل أتصدق بها على فقير، أم أنفق بها على أهلي لأنهم محتاجون؟
نقول: أنفقها على أهلك.
ثم قراءة القرآن لم تنقطع بانتهاء رمضان، قراءة القرآن مشروعة كل وقت، وينبغي للإنسان أن يجعل له حزباً معيناً يحافظ عليه كل يوم حتى لا تضيع عليه الأيام بدون قراءة القرآن.
والحج واجب على كل مسلم، لكن من رحمة الله ولطفه أنه لا يجب في العمر إلا مرة واحدة، ولو كان الإنسان من أغنى عباد الله فإنه لا يلزمه أن يحج إلا مرة واحدة، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الحج مرة فما زاد فهو تطوع).
ولا يجب الحج إلا على القادر، العاجز لا يجب عليه الحج، فإذا قدرنا أن إنساناً فقيراً ليس عنده شيء، فهل يلزمه أن يحج؟ أي: هل يلزم أن يقترض ليحج؟
الجواب: لا. ولو لاقى ربه قبل أن يحج للاقى ربه وقد تمت أركان إسلامه؛ لأن الركن الخامس الذي هو الحج لا يجب عليه حين يعجز عنه.
وهل يجب على الإنسان إذا كان مريضاً أن يحج؟
الجواب: لا، ولو كان عنده مال، لكن إن كان مرضه يُرجى زواله فلينتظر حتى يشفى ويحج بنفسه، وإن كان مرضه لا يُرجى زواله وعنده مال فليوكل من يحج عنه، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت: يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم) فصار العاجز عن الحج لمرض إن كان يرجو زوال مرضه انتظر، وإلا وكل من يحج عنه إذا كان عنده مال، أما من لا مال عنده فليس عليه حج.
امرأة عندها مال، لكنها لم تجد محرماً يحج بها، هل عليها الحج؟ لا. حتى لو كانت من أغنى النساء، ولكن ليس لها محرم فلا تحج.
أما إذا كان لها محرم وقالت له: حج بي وأنا أكفيك النفقة كلها، هل يلزمه أن يحج معها؟
الجواب: لا يلزمه، اللهم إلا إذا كان لم يؤدِ الفريضة وأعطته مالاً يكفيه للحج، فهنا نقول: يجب عليه الحج من أجل أنه لم يأتِ بالفريضة لا من أجل أن يكون محرماً لها، وتصحبه في هذه الحالة.
إذاً: هل تحزن المرأة إذا كان عندها مال ولم تجد محرماً على أنه فاتها الحج؟
الجواب: لا تحزن ولا تخشى العقوبة؛ لأنه لم يجب عليها الحج، ولو لاقت الله عز وجل للاقته بغير ذنب فيما يتعلق بالحج.
إنسان عنده مال، لكن عليه دين يطالبه به صاحبه، عنده -مثلاً- خمسة آلاف يمكن أن يحج بها، لكن صاحب الدين يقول: أعطني، هل يجب عليه الحج؟
لا. لأن عليه ديناً، ولا حج عى الإنسان إذا كان عليه دين وليس عنده ما يفضل عن الدين؛ لأن الله تعالى قال: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97].
وكثير من الناس ربما يستدينون من أجل الحج، وهذا غلط، ليس هذا من الشرع أن تستدين من أجل الحج، الحج ليس واجباً عليك، أرأيت لو كان إنسان فقيراً هل تجب عليه الزكاة؟
الجواب: لا تجب، أنت الآن لا يجب عليك الحج؛ لأنك لا تستطيع، فلماذا تندم؟ ولماذا تحزن؟ ولماذا تتكدر؟ لا تتكدر يا أخي ليس عليك شيء.
إذا كان على الإنسان دين وفي يده مال، ويغلب على ظنه أنه إذا حلَّ الدين كان عنده ما يوفي به، مثلاً: صندوق التنمية العقارية، كثير من الناس عليهم ديون لصندوق التنمية، لكنهم واثقون من أنفسهم أنهم إذا حل القسط سوف يوفونه، وعندهم الآن مال يستطيعون الحج به، هل يجب عليهم الحج؟
الجواب: نعم. يجب عليهم الحج؛ لأنهم مستطيعون، أما إذا قال: أنا لست واثقاً أن أوفي إذا حل القسط، وأنا الآن أجمع، فهذا ليس عليه حج؛ لأنه مدين.
كثير من الناس يقول: أرأيت إذا سمح لي صاحب الدين أأحج؟
نقول: لا. ولو سمح لك صاحب الدين؛ لأنه إذا سمح لك لم يسقط عنك شيئاً.
أما لو قال: حج وأنا أسقط عنك مقدار نفقة الحج فحينئذٍ نقول: حج، وأما إذا قال: أنا أطالبك ولكني أرخص لك أن تحج ما الفائدة؟
لا فائدة، ولهذا كثير من الناس يسأل ويقول: إن صاحب الدين قد أذن لي، نقول: ليست العلة أن يأذن أو لا يأذن، العلة أن ذمتك مشغولة، وشغل الذمة بالدين أمر عظيم.
لو أحدثكم أن الرسول عليه الصلاة والسلام قدمت إليه جنازة، صحابي من الأنصار، فلما خطا خطوات سأل: (هل عليه دين؟ قالوا: نعم. يا رسول الله! قال: إذاً صلوا على صاحبكم -ولم يصل عليه، تأخر- حتى قام
بل إني سمعت بعض الناس يشتري بأكثر من أربعين ألف سيارة ويكفيه عشرة آلاف، هذا من السفه في العقل، لا تستهن بالدين أبداً، الدين صعب، ولهذا يقال: إن الدين ذل في النهار وسهر في الليل، لكن للإنسان العاقل، أما الذي لا يبالي فهذا لا يبالي.
ونسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يحبه ويرضاه إنه على كل شيء قدير.
السؤال: هل أواصل بقية الأيام الستة، وهل يحسب لي ذلك اليوم قضاءً أم من الست؟ أرجو توضيح ذلك وفقك الله.
الجواب: إذا نام الإنسان على نية القضاء ثم قام من الليل وتسحر وغاب عن ذهنه أنه أراد القضاء ولم يذكر إلا بعد طلوع الفجر فليستمر في صوم القضاء؛ وذلك لأن الأصل بقاء النية الأولى، وهو قد نام على أن غداً من قضائه، أما إذا لم يكن كذلك ولم ينوِ الصوم إلا حين قام من آخر الليل، وحين قام من آخر الليل كان الذي في ذهنه أن يصوم الأيام الستة ونسي القضاء فهذا لا يجزؤه عن القضاء، وأما الأيام الثلاثة التي صامها وهو لم يقض فهذه عند بعض العلماء باطلة، ليس له فيها ثواب، ولكن الصحيح: أن له فيها ثواباً إلا أنه لا ينال ثواب الأيام الستة؛ لأن الأيام الستة لا بد أن تكون بعد قضاء رمضان.
الجواب: إذا كانت هذه المرأة لا تعرف أن صوم رمضان فرض، وهي تفطر يوماً وتصوم يوماً فليس عليها عليها قضاء؛ لأن القول الراجح: أن الشرائع لا تلزم قبل العلم، وهذه في بيئة غير مسلمة، ولا تدري شيئاً عن الإسلام، فليس عليها قضاء.
أما إذا كانت تدري أن صوم رمضان واجب ولكنها أهملت فهذا فيه قولان للعلماء: منهم من قال: يجب عليها القضاء، ومنهم من قال: لا يجب عليها القضاء؛ لأنها تعمدت تأخير الفرض المؤقت وكل إنسان يتعمد تأخير الفرض المؤقت فإنه لا يصح منه الفرض.
لكن الظاهر لي من حال السائلة: أنها لا تدري عن هذا كله، وعلى هذا فليس عليها قضاء ما دامت لا تدري أن رمضان واجب ولا أن قضاءه واجب فليس عليها قضاء؛ لأنها معذورة بالجهل.
الجواب: أرى أنه ليس من السنة، وأنه نوع من البدعة إذا اتفقوا على ذلك؛ لأننا إذا كنا ننكر التكبير الجماعي أو الذكر الجماعي -مثلاً- فهذا أيضاً كذلك؛ لأن الصوم عبادة، فلا ينبغي أن يكون جماعياً، لكن من غير اتفاق لا بأس، مثل أن يوافق أننا صمنا يوم الإثنين فقال بعضنا لبعض: من كان صائماً فالفطور عند فلان، واتفقنا أن نفطر عنده -مثلاً- هذا لا بأس به؛ لأنه أمر عارض وليس اجتماعاً على عبادة، والاجتماع على العبادات والانفراد بها من الأمور المشروعة، ولهذا لولا أن الله شرع لنا أن نصلي جماعة لكانت صلاة الجماعة بدعة لكن شرعها الله لنا، كذلك الصوم جماعة، والاتفاق عليه مسبقاً نوع من البدعة، يرد علينا صوم رمضان، ألسنا نصوم جماعة؟ بلى. ولكنه هكذا فُرِضَ، المفروض أن يصوم الناس كلهم في هذا الشهر.
فأرى أن يتخلوا عن هذا الطريق، وأن يكون الإنسان مستعيناً بالله عز وجل، وأن يعتد بنفسه، وإذا كان الإنسان لا يفعل العبادة إلا متوكئاً على عصا - أي إلا إذا فعلها غيره- فإن عزيمته ضعيفة.
الجواب: نحن نتمنى لكل إخواننا الكفلاء أن يهديهم الله عز وجل، وأن يرخصوا لإخوانهم الذين يعملون عندهم لأداء فريضة الحج؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، وقد أمر الله بذلك، فقال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2] ولأن هذا قد يكون سبباً للبركة في أعمالهم وأرزاقهم؛ لأن هذه الأيام العشر إذا تعطل العمل عنده فإن الله قد ينزل له البركة فيما بقي من العمل، ويحصل على خير كثير، فإن تيسر هذا فهو المطلوب وهو الذي نرجوه من إخواننا الكفلاء، وإن لم يتيسر فإن هذا لا يعتبر مستطيعاً، فيسقط عنه الحج؛ لأن الله تعالى قال: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97] وهذا لم يستطع.
وأما قول السائل: إنه يكون كالذي حج فلا، لكنه يسقط عنه الحج حتى يستطيع، ولو مات قبل أن يتمكن من الحج فإنه يموت غير عاصٍ لله؛ لأنه لا يجب الحج إلا بالاستطاعة.
الجواب: أرى أن لبس المرأة البنطلون حرام لوجهين:
الوجه الأول: أنه تشبه بالرجال، وقد (لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال).
الوجه الثاني: أنه ذريعة إلى أن تلبس المرأة بنطلوناً ضيقاً يصف مقاطع جسمها، وهي وإن قالت: أنا لا ألبس إلا واسعاً فهي تلبس واسعاً لمدة معينة ثم تلبس الضيق، ثم إنها إذا قدر أن هناك امرأة صالحة تقوى نفسها يقتدي بها من ليس كذلك، فالذي أرى أن ذلك ممنوعاً، وأنه لا يجوز، سداً للذريعة، وبعداً عن التهتك باللباس، فإن كان هذا صواباً فهو من الله والحمد لله الذي من به، وإن كان خطأً فأرجو الله تعالى أن يعفو عني، ولكن مع ذلك يجب على النساء ألا تكون الواحدة إمعة مع كل شيء جديد، يا سبحان الله! أنا أعتقد أن الرجل وهو الرجل لو لبس البنطلون لكان يأتيه -لا سيما أول ما يلبسه- نوع من الخجل، أن تكون أفخاذه مقدرة، وكذلك عجيزته مقدرة، كل شيء كأنه محجم فكيف بالمرأة؟! فلا أرى لبس البنطلون للنساء، لا في البيوت ولا في خارج البيوت.
الجواب: أثر المعصية سيئ، وربما يعاقب الإنسان بعقوبة عظيمة وهي الإعراض عن دين الله، كما قال الله تعالى: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ [المائدة:49] فالإنسان الذي يفعل المعاصي على خطر عظيم، ثم إنه يوم القيامة إذا لم يعف الله عنه فإنه يوازن بين الحسنات والسيئات، إذا رجحت السيئات فإنه يدخل النار يطهر منها إن لم يعف الله عنه، وإذا تساوت الحسنات والسيئات صار من أهل الأعراف، يحبس بين الجنة والنار يشاهد أهل النار ويشاهد أهل الجنة ومآله إلى الجنة، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهل الجنة.
ثم إن المعاصي لها عقوبات حسية، كما قال الله تبارك وتعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:96-99] وقال جل وعلا: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41].
ومن أشد المعاصي تأثيراً أكل الحرام الذي شاع وذاع في وقتنا الحاضر، فأكل الحرام يكون سبباً لمنع إجابة الدعاء، يدعو الإنسان فلا يستجاب له إذا أكل الحرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (ذكر الرجل أشعث أغبر يطيل السفر يمد يديه إلى السماء: يا رب .. يا رب! ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له) وما أكثر الحرام في وقتنا هذا .. الربا موجود .. الميسر موجود .. الغش موجود .. الكذب موجود .. التدليس موجود .. ظلم العمال موجود، أشياء كثيرة تعجز عن عدها، كلها الأكل فيها حرام، الإنسان إذا غش في بيعه، وكسب درهماً من عشرة، هذا الدرهم الذي دخل عليه وهو حرام أفسد ماله، صار الربا والعياذ بالله يعلن إعلاناً فعلياً، وإعلاناً قولياً.
نشر قبل أيام منشوراً من أحد البنوك، يقول: من أراد أن يربح اثني عشر ضعفاً على راتبه فليأت إلينا، يعاملون الناس معاملة الدجاج!! يجعل له الحب المدسوس بالسم، والدجاجة تأكل ولا تدري، فيقطع أمعاءها، كيف الطريق؟ يأتي إلى البنك ويقول: تعال! أنت راتبك ألف ريال كل شهر، سوف أعطيك الآن اثنا عشر ألف ريال نقداً، ويضرب عليه التوثيقات التي يرى أنه لا بد من التوثق، ثم يقول: إذا تمت السنة نضيف إلى الاثنا عشر ألف ريال كذا وكذا بالمائة وتوفي، وهذا رباً صريح جامع بين ربا النسيئة وربا الفضل، والعياذ بالله، وربما يغتر بعض الناس فيظن أن هذا لا بأس به، لكننا نبلغ الآن، وواجب علينا أن نبلغ أن هذا حراماً، وأنه رباً صريح، ولا يجوز التعامل به، ونسأل الله تعالى أن يوقظ المسئولين عندنا لتلاعب هؤلاء الذين أرادوا أن يجعلوا أنظمة الرأسمالية في بلاد المسلمين، نسأل الله أن يردهم على أعقابهم خائبين، وأن يطهر بلادنا من أمثالهم.
الجواب: عليها أن تقضي ما فاتها، وإذا قالت: أنا لا أدري الآن كم الذي فات، نقول: تحري وقدري واقضي ما عليك، وليس عليها شيء من إطعام أو صدقة على القول الراجح، بل عليها أن تقضي الأيام التي تركت قضاءها أولاً.
الجواب: أولاً: هذا النقل من حيث هو كذب، ما تكلمنا بهذا الكلام، وأما أن الجمعة لا تقصر فصحيح، لو قصرت الجمعة كم تكون؟ ركعة واحدة، وهذا لا يقوله أحد من العلماء ولا من الجهال أيضاً، فالجمعة لا تقصر بل هي ركعتان، ولكن لا تجمع العصر إليها، فمثلاً: لو مر المسافر ببلد يوم الجمعة ونزل فيه وقال: أمشي آخر النهار وأدرك صلاة الجمعة فإنه لا يجمع إليها العصر؛ لأن الجمعة صلاة مستقلة ذات شروط معينة، وهيئة معينة، وصفة معينة، والسنة إنما جاءت بالجمع بين الظهر والعصر، والجمعة ليست ظهراً، ولهذا لا يصح أن تجمع إليها العصر، فمن جمع إليها العصر قلنا: الأمر سهل، أعد العصر ركعتين بعد دخول وقتها.
الجواب: أما الفقرة الأولى من السؤال فقد أجبنا عنها وقلنا: إن العصر لا تجمع مع الجمعة، وأما الفقرة الثانية فإنهم لا يصلون الجمعة في البر؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سافر عدة مرات، وتصادفه الجمعة في سفر ولا يقيمها، بل صادفته الجمعة يوم عرفة في حجة الوداع؛ لأن يوم الجمعة في حجة الوداع هو يوم عرفة، ومع ذلك لم يصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الجمعة، وإنما صلى الظهر والعصر، كما جاء ذلك صريحاً في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
الجواب: أما المرأة فهي كالرجل في أن لها أن تصلي بالوضوء الواحد صلاتين أو أكثر، ما دام وضوءها لم ينتقض، هذا إذا كانت ليست من النساء اللاتي يخرج منهن السائل دائماً، فإن كانت من النساء اللاتي يخرج منهن السائل دائماً فإنه لابد أن تتوضأ لوقت كل صلاة لا لكل صلاة، بمعنى: أنها لا تتوضأ لصلاة الفجر إلا بعد دخول الوقت، ولا تتوضأ لصلاة الظهر إلا بعد دخول الوقت، لكن إذا توضأت فإنها تصلي ما شاءت من النوافل حتى يدخل وقت العصر ثم تتوضأ، وذلك لأن هذا الخارج باستمرار حكمه حكم سلس البول، وحكم دم الاستحاضة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المستحاضة أن تغتسل لوقت كل صلاة، لكن هذه المرأة التي تبتلى بهذا الخارج نقول: لا بأس أن تجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إزالة للمشقة عنها.
وبقي سؤال آخر يمكن أن يتفرع على ذلك وهو: هل هذا الخارج نجس أو طاهر؟
الجواب: طاهر؛ لأن الظاهر من نساء الصحابة رضي الله عنهن أنهن كن لا يغسلن هذا الخارج، ولأننا لو قلنا بنجاسته لشق على النساء مشقة عظيمة، إذ أنه يستلزم هذا القول أن تبقى دائماً تغسل ثيابها، أو أن تخص الصلاة بثوب خاص وهذا فيه مشقة.
وخلاصة القول الآن: أن المرأة التي لا يخرج منها شيء حكمها حكم الرجل في أنها تصلي بالوضوء الواحد ما شاءت من الصلوات، والمرأة التي يخرج منها هذا الخارج الدائم لا تتوضأ للصلاة إلا بعد دخول وقتها.
أما هذا الخارج فهو طاهر لا ينجس الثياب ولا ينجس البدن.
الجواب: أما من جهة الصيام فإنه يُطعم وليه عن كل يوم مسكيناً مما لم يصمه، فإذا كان صام ثلاثة أيام بقي عليه سبعة وعشرون يوماً، فيطعم عنه سبعة وعشرون فقيراً، وأما الحج فلا يلزم أن يحج عنه والده، اللهم إلا أن يكون عند هذا الميت الشاب دراهم يمكن أن يحج بها عنه فإنه يحج بها عنه، وإن تبرع وليه أبوه أو أخوه أو أمه بالحج له فلا بأس.
الجواب: هذا من التمائم، ولا يجوز للإنسان أن يعلق تميمة حتى يعرف ما فيها؛ لأنه قد يكون فيها طلاسم وأسماء شياطين أو عفاريت من الجن أو ما أشبه ذلك، فلا يجوز للإنسان أن يعلق أي شيء إلا بعد أن يعرف ما كان بداخله، ثم إذا عرف ما في داخله، وكان الذي في داخله قرآناً أو أدعية من السنة فقد اختلف السلف والخلف في جواز تعليق ذلك:
فمن العلماء من قال: لا يجوز أن يعلق ولو كان من القرآن، وهذا هو المأثور عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
ومن العلماء من قال: إذا كان من القرآن فلا بأس به؛ لعموم قوله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82] وأما شيء يعلق ولا يعلم ما الذي فيه فهذا حرام ولا يجوز، وكون الحمل حصل بعد تعليقه فهذا لا يدل على أنه هو السبب، بل قد يكون الله عز وجل ابتلى هذه المرأة حيث حملت بعد وضعه امتحاناً لها.
والذي أرى أنه يجب أن يفتح هذا المغلف وينظر ما الذي فيه، إن كان قرآناً فكما سمعتم قد اختلف العلماء في جواز تعليقه، وإن كان غير قرآن ولا يعلم ما هو فالواجب إحراقه ولا يجوز أن يعطى لأحد، والراجح أنه إذا كان من القرآن فلا شيء فيه.
الجواب: أما صيام القضاء فإنه لا يجوز قطعه؛ لأن القاعدة التي دلت عليها النصوص: أن من شرع في واجب فلا يجوز له قطعه إلا لعذر شرعي. ولهذا لو أن إنساناً كبر ليصلي صلاة الفريضة، ثم استأذن عليه أحد يدق عليه الباب فإنه لا يجوز أن يقطع الفريضة من أجل أن يأذن لهذا الطارق، وأما صيام الأيام الست فهي نفل، والنفل يجوز للإنسان أن يقطعه، لكنه يكره إلا لغرض، هذا هو حكم قطع القضاء وقطع صيام الأيام الست.
ولكن هل حكم القضاء كحكم الأداء في رمضان، بمعنى: لو أن الإنسان أتى أهله في حال القضاء، فهل عليه كفارة؟
الجواب: لا. الكفارة إنما تكون فمن جامع في نهار رمضان وهو فيمن يلزمه الصوم.
على كل حال خلاصة الجواب الآن: أما القضاء فلا يجوز قطعه إلا لعذر شرعي، وأما النفل فيجوز قطعه لكن يكره إلا لغرض صحيح.
يسأل يقول: ما هي الأشياء التي تبيح لنا أن نفطر في القضاء مثلاً؟
نقول: مثل أن يلحق الإنسان مشقة، إما من جوع، أو عطش، أو تعب، أو ما أشبه ذلك، والأعذار الشرعية التي تبيح الفطر معروفة عند أهل العلم.
الجواب: أما إشراك أحدٍ في حج أو عمرة فهذا لا يصح، لا يمكن أن تقع العمرة لشخصين، أو الحج لشخصين، وأما كونه يحج عن أمه وأبيه، أو يحج عن نفسه ويدعو لأمه وأبيه، فحجه عن نفسه ودعائه لأمه وأبيه أفضل وأحسن؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ولم يذكر الحج ولا الصوم ولا الصدقة، مع أن سياق الحديث في العمل، فدل هذا على أن الدعاء للوالد أفضل من أن يصلي الإنسان له أو أن يعتمر أو أن يحج، فمشورتي لهذا الأخ السائل: أن يحج عن نفسه ويدعو لوالديه.
الجواب: إذا كنتم أصحاب عقار، بمعنى: أنكم تبيعون وتشترون في الأراضي فعليكم الزكاة، أما إذا كانت هذه الأرض قد ورثتموها من أب أو غيره، وتريدون أن تبيعوها متى تيسر بيعها أو تقطعوها متى تيسر، فليس عليكم فيها زكاة؛ لأن الزكاة في العقارات والأراضي وشبهها إنما تجب لمن كان يتجر بها، أي: صاحب عقار يبيع ويشتري، أما إنسان عنده عقار وطابت نفسه منه وأراد أن يبيعه وعرضه للبيع، فهذا لا زكاة فيه.
الجواب: إن كان هذا الابن يحسن القيادة فلا شيء على الأب؛ لأن الأب لم يأمره بل لم يجبره على ذلك، وإن كان لا يحسن القيادة فالأب مفرط، فعليه أن يكفر؛ لأنه السبب في قتل هذا الصبي، بل في قتل هذا الشاب.
كذلك أيضاً: لا بد أن نعلم هل السبب في انقلاب السيارة تصرف الشاب أم أنه قضاء وقدر، أحياناً يكون السبب أن الإطار ينفجر بدون فعل الإنسان، ثم تنقلب السيارة ويحصل حادث فليس في هذا شيء، بعض الناس يظن كلما حصل حادث وجب الضمان ووجبت الكفارة، وهذا غير صحيح، الحادث الذي ليس من فعلك ولا تصرفك ولا تهورك وإنما هو قضاء وقدر انفجر الإطار وحصل الانقلاب، أو انقطع الذراع أو ما أشبه ذلك مما يكون سبباً فهذا لا شيء على الإنسان لا كفارة ولا ضمان.
أما مسألة الرخصة فليست لازمة، الكلام على إحسان القيادة، لكن حمل الرخصة وعدمها هذا تجاه المسئولين، أما باعتبار ما يقتضيه الشرع فمتى كان يحسن القيادة فسواء كان يحمل رخصة أو لا فلا يختلف الحكم.
الجواب: إذا كان حج فريضة بحيث يكون عندها مال فإنك تحج عنها، وإذا كان نافلة بحيث لا يكون عندها مال أو عندها مال وقد حجت فالصحيح أيضاً أنه لا بأس به، أي: لا بأس أن يحج الإنسان عمن كان عاجزاً عن الحج تطوعاً، وأما القادر الذي يستطيع أن يحج بنفسه ولكنه وكل من يحج عنه ففي إجزاء ذلك عنه نظر؛ لأن الحج عبادة يقوم بها الإنسان بنفسه إن استطاع وإلا فلا يقيم من يحج عنه، إلا الفريضة فقد علمتم أنه إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يؤدي الفريضة وعنده مال وعدم استطاعته هذه لا يرجى زوالها فإنه يقيم من يحج عنه ويعتمر.
الجواب: أما الاحتلام في شهر رمضان فلا يفطر، وأما تأخير الاغتسال حياءً من الناس فهذا غلط، فعلى هذا الفاعل أن يستغفر الله تعالى ويتوب إليه، وألا يعود لمثل ذلك، فإن الله لا يستحيي من الحق، ولا أحد أشد حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك أحياناً كان يخرج إلى أصحابه ورأسه يقطر ماءً من الاغتسال، وهذا شيء لا بأس به، وهو حادث لكل أحد، فعلى هذا الشاب أن يستغفر الله ويتوب إلى الله مما صنع، والصلوات التي قضاها أرجو أن تكون مجزئة.
الجواب: الواجب عليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً؛ لأن الواجب عليها القضاء، ولكن إذا كانت عاجزة عنه عجزاً لا يرجى زواله لكبرها فعليها أن تطعم لكل يوم مسكيناً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر