أما بعد:
فقبل أن نتكلم في موضوع هذا اللقاء أحب أن أشير إلى هذه المأساة العظيمة التي أوقعها أعداء الله وأعداؤنا من نصارى الصرب في إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك على مرأى ومسمع من هيئة الأمم المتخاذلة، التي لا يشك عاقل يتدبر مجريات الأمور إلا أن هذه الأمم النصرانية لها ضلع كبير في تمكين هؤلاء النصارى الصرب من أن يفعلوا بالمسلمين ما فعلوه، فعلوا أمراً لا يقره عقل ولا دين، يقال: إنهم جمعوا (700) شاب في ملعب رياضي وذبحوهم كما تذبح الشياه والعياذ بالله، يذبحون الشاب أمام إخوانه، ذبحوا (700) شاب على هذا الوجه والعياذ بالله، ثم طردوا النساء والصبيان الذين دون السادسة؛ لأنهم لا يستطيعون أن يحملوهم أو يقوموا بحضانتهم، أما من فوق السادسة إلى السادسة عشرة فإنهم جمعوهم جميعاً وجعلوا بينهم وبين أهليهم أسلاكاً، يصرخ الصبي يا بابا يا ماما ولكن لا مجيب، تتفطر الأكباد، وتنفجر القلوب من هذا الفعل، والأمم المتخاذلة تتفرج، نسأل الله تعالى أن يدمرها وأن يجعل العاقبة للمسلمين.
إني أتمنى أن ينسحب المسلمون من -هيئة الأمم المتخاذلة- المتحدة على القضاء على الإسلام، ولا سيما في دول أوروبا ، ولا سيما بعد أن رأوا تحرك الشباب يريدون الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، يريدون نبذ حكم الطاغوت، يريدون أن ينبذوا الحكم بغير ما أنزل الله على رسوله في كتابه وسنة محمد صلى الله عليه وسلم، يريدون أن تكون كلمة الله هي العليا في كل مكان من الأرض.
لما رأت دولة النصارى -وأعني بالدولة اسم الجنس ليشمل جميع دول النصارى- هذه الحركة من المسلمين قالوا: لا يمكن أن تقوم دولة إسلامية في وسط أوروبا، لا بد من القضاء عليها قضاءً مبرماً محكماً، وبهذه الفجيعة وبهذا التخويف، فنسأل الله تعالى القوي العزيز أن يقهرهم بقوته وعزته، وأن يدمر الصرب ومن عاونهم على المسلمين، وأن يهيء للمسلمين رشداً في أمورهم.
إننا أيها الإخوة ملزمون بأن نعين إخواننا هؤلاء الذين نزلت بهم هذه المأساة، ولو بالدعاء .. بدعاء الله تعالى في آخر الليل، في السجود، في الفرائض والنوافل، في كل وقت ترجى فيه الإجابة، والله سبحانه وتعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وقد تتأخر الإجابة ليزداد اضطرار العباد إلى الله عز وجل، فنسأل الله تعالى في هذا المكان الطيب، أن ينصر إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك، وأن يثبت أقدامهم، وأن يرحم موتاهم، وأن يكون لأيتامهم وأراملهم، وأن يرينا ما يسرنا في أعداء الله في كل مكان، إنه على كل شيء قدير.
كذلك المرأة إذا أجبرت على أن تتزوج بمن لا تريد فإن النكاح لا يصح، حتى وإن كانت بكراً، حتى وإن كان الذي زوجها أبوها، فإنه لا يحل له أن يزوجها بمن لا ترضاه، وسواء عللت عدم الرضا بأن قالت: لا أرضاه لأنه قبيح، لا أرضاه لأنه سيئ الخلق .. لا أرضاه لأنه قليل المال .. لا أرضاه لأنه أمي. أو قالت: لا أرضاه؛ لأن نفسي لم تطب به .. لا أريد أن أتزوج بهذا الرجل، فإنه لا يجوز إجبارها.
وإن بعض الناس يجبر ابنته على أن تتزوج بابن عمها، وشرٌ من ذلك من يجبرها على أن تتزوج بهذا الرجل؛ لأن هذا الرجل يريد أن يزوج أباها أو أخاها بأخته أو بنته، فيكون ذلك شغاراً.
إذاً: من أهم الشروط في النكاح: رضا الزوج والزوجة، ودليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الأيم -أي: الثيب التي تزوجت من قبل- حتى تستأمر).
والفرق بين الاستئذان والاستئمار أن الاستئمار تشاور وتراود ومبادرة الحديث والنقاش، لأن الثيب قد زال عنها الحياء، أما الاستئذان فإنه يقال لها: إن فلاناً خطبك فهل تريدين أن تتزوجي به، بدون مشاورة، استئذان فقط، وقد فرق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين البكر والثيب في الإذن أيضاً، فقالوا: (يا رسول الله! البكر تستأذن كيف أذنها؟ قال: إذنها أن تصمت) ما معنى تصمت؟ أي: تسكت لا تتكلم، فلو قال لها أبوها مثلاً: أترغبين أن تنكحي فلاناً؟ فسكتت، أو قال: فلاناً خطبك فسكتت، فهذا إذن، ولا يحتاج أن تقول: نعم، لأنها بكر تستحي، فإن قالت: لا أريد، فإنه لا يزوجها، ولا يحل له أن يجبرها على ذلك، حتى ولو كان أباها، لأنه ثبت في صحيح مسلم قال: (البكر يستأذنها أبوها) فنص على البكر ونص على الأب.
وأما من ذهب من أهل العلم إلى أن البكر يجوز لأبيها أن يجبرها كما زوج أبو بكر عائشة نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل أن يستأذنها فإن ذلك مذهب ضعيف، لأننا نقول: مَنْ مثل عائشة ومن مثل النبي عليه الصلاة والسلام؟ هل يعقل أن عائشة ترفض الرضا بالرسول عليه الصلاة والسلام؟
لا يعقل، لكن امرأة في وقتنا الآن يعقل وبكل سهولة أن ترفض النكاح من شخص معين، ونقول لهذا المستدل: ائت لنا بامرأة مثل عائشة ولن تأتي لنا برجل مثل النبي عليه الصلاة والسلام.
فإذا تعارض رأي الأب أو الولي الآخر ورأي المرأة، فعينت المرأة شخصاً وعين الولي شخصاً آخر، فبتعيين من نأخذ؟ بتعيين المرأة؛ لأنها هي صاحبة الشأن، فإذا أبى أن يزوجها قال: إما أن تتزوجي من عينته أنا وإلا فلا نكاح، قلنا: اجلس لا تزوجها، يزوجها الولي الآخر الذي بعده، فالأب مقدم على الأخ الشقيق، وإذا أبى الأب أن يزوجها من هو كفء يزوجها أخوها الشقيق، وأخوها من أب يزوجها إذا لم يوجد أخ شقيق، إذا لم يوجد أخ لأب هل يزوجها الأخ من الأم؟ الجواب: لا، الأخ من الأم لا ولاية له، كل الذين يأتون من قبل الأم ليس لهم ولاية، الأخ من الأم لا ولاية له، أبو الأم لا ولاية له، الخال لا ولاية له.
لو وجدنا امرأة ليس لها إلا خال وليس لها عصبة، فإن خالها لا يزوجها، يزوجها القاضي -الحاكم الشرعي- لأن جميع من يأتي من قبل الأم وحدها ليس له ولاية النكاح، لا يزوج، فيجب أن ننتبه لهذا؛ لأن بعض الناس يظن أن الأخ من الأم له ولاية في النكاح وليس كذلك.
أقول: إذا أبى الولي الأقرب أن يزوج المرأة من كان كفئاً انتقلت الولاية إلى الولي الآخر الذي يليه، فإن أبى وقال: إذا كان أبوها لم يزوجها فليس لي دخل، نقول: الذي بعده، إذا أبى كل القرابة يزوج القاضي، ومن المعلوم أن النساء قد تستحيي فلا ترفع الأمر إلى القاضي، لكننا نعظ هؤلاء الأولياء: أن يتقوا الله عز وجل فيمن ولاهم الله عليهم من النساء، وألا يمنعوهن حقهن في النكاح إذا خطبهن من هو كفء في دينه وخلقه.
فإذا قال الأب: أنا أكره هذا الخاطب، لا أريد أن أزوجه؛ لأنه كان بيني وبينه خصومة في أرض سابقاً فلا يمكن أن أزوجه، فهل هذه علة تمنع نكاح هذه المرأة لهذا الرجل؟
الجواب: ليست علة، لأن هذا أمر شخصي بينك وبين الرجل، أما المرأة فلا تمنعها حقها، وإني أقول لهؤلاء الذين يمنعون النساء من أن يتزوجن بمن يكرهون أقول: أرأيتم لو أن أحداً من الناس منعكم أن تتزوجوا أترضون؟
الجواب: لا، فإذا كنتم لا ترضون أن يمنعكم أحد من النكاح فلماذا ترضون أن تمنعوا هؤلاء النساء؟
ثانياً: لا بد من الولي، الولاية تنحصر في: الأبوة والبنوة والأخوة والعمومة والولاء، فمن الذي يدخل في الأبوة؟
يدخل في الأبوة الآباء وإن علوا بمحض الذكور، الأب .. أبو الأب .. أبو أبي الأب .. أبو أبي أبي الأب.
أبو الأم؟ ليس ولياً، لماذا؟ لأنه ليس بمحض الذكور، بينه وبين المرأة أنثى .. أبو الجدة لا ليس بولي .. الفروع؟ تنحصر الولاية في الذكور فقط من الفروع، في الذكور وإن نزلوا بمحض الذكور .. الابن ولي .. ابن الابن ولي .. ابن ابن الابن ولي .. ابن البنت؟ لا. لماذا؟ لأنه ليس بمحض الذكور، حال بينه وبينها أنثى، إذا اجتمع أب وابن كامرأة مطلقة لها أب ولها ابن من يزوجها؟ يزوجها الأب، في ولاية النكاح الأبوة مقدمة على البنوة، وفي الميراث البنوة مقدمة على الأبوة -أي: في التعصيب- والأخوّة يدخل فيها الأخ الشقيق والأخ لأب؛ لأن الإخوة الأولياء هم الذكور الذين لم يدلوا بأنثى، الأخ الشقيق، الأخ لأب، ابن الأخ الشقيق ولي، ابن الأخ لأب ولي، ابن ابن الأخ الشقيق ولي، ابن ابن الأخ لأب ولي، ابن الأخت ليس بولي؛ لأنه ليس بمحض الذكور، بينه وبين المرأة أنثى.
الرابع: العمومة يدخل فيها الأعمام وأبناؤهم وإن نزلوا بمحض الذكور، عم شقيق ولي، عم لأب ولي، ابن عم شقيق ولي، ابن عم لأب ولي، عم لأم -عمك أخو أبيك من أمك- ليس بولي، لأنه أدلى بأنثى، وإذا اجتمع ابن ابن أخ شقيق وعم شقيق فإنه يقدم ابن ابن الأخ الشقيق، لأنه أسبق في جهة الأخوّة، ولهذا رتبنا الأولياء جهات أربع: أبوّة ثم بنوّة ثم أخوّة ثم عمومة.
الخامس الولاء، أي: لو أن إنساناً أعتق أمة وليس لها ولي، فهو الذي يزوجها، الولاء.
فما هو الدليل على اشتراط الولي في النكاح؟
نقول: الدليل بالقرآن والسنة، قال الله تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ [النور:32] والآية ليست (إنكحوا) (أنكحوا) أي: زوجوا الأيامى، (الأيامى) جمع أيم وهي التي فقدت زوجها، أو التي لا زوج لها مطلقاً، وقال تعالى: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ [البقرة:232] فلولا أن النكاح لا ينعقد إلا بولي لكان عضله وعدمه سواء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي) وقال: (أيما امرأة نكحت بغير ولي فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل).
فإذا قدرنا أن الولي الأقرب غائب غيبة منقطعة، يشق علينا أن نصل إليه، يشق علينا أن نأخذ الموافقة منه بالهاتف أو بالفاكس فمن يزوج؟ الأخ، كامرأة أبوها مثلاً في دولة بعيدة، لا نعلم مكانه، ولو علمنا مكانه لا يمكن أن نتصل به، فيزوجها أخوها الذي عندها، لأنه متى تعذر الولي الأقرب انتقلت الولاية إلى الأبعد، وكذلك إذا امتنع الولي الأقرب من تزويجها بالكفء انتقلت إلى الولي الأبعد.
من شروط النكاح: الخلو من الموانع، هكذا قال بعض العلماء، فلو تزوج إنسان امرأة لا يحل له أن يتزوجها فالنكاح باطل، سواء علم أم لم يعلم، فلو أن رجلاً تزوج امرأة في عدتها، مات عنها زوجها فتزوجها، فهل نكاحها صحيح أم لا؟ لا يصح، والدليل قول الله تبارك وتعالى: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ [البقرة:235].
الصورة الثانية: تزوج رجل امرأة في عدة وفاتها لكنه لم يعلم أن العدة لم تنقضِ، ماذا نقول له: النكاح باطل أو غير باطل؟ باطل، قال: أنا ما علمت؟ نقول: الحمد لله، عندما كنت لم تعلم فليس عليك إثم، لكن النكاح باطل يجب أن يفرق بينه وبين المرأة، ثم إذا انتهت العدة عقدنا له من جديد، لأنه لا بد من الخلو من الموانع.
الصورة الثالثة: رجل تزوج امرأة ودخل بها، وجاءت منه بأولاد، ثم شهدت امرأة ثقة أنها أرضعت الرجل والزوجة، فهل النكاح صحيح؟ لا. لماذا كان باطلاً؟ لأنها أخته من الرضاعة، وقد قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ [النساء:23].. إلى قوله: وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23] إذاً .. ماذا نصنع؟ نفرق بينه وبين زوجته التي ظن أنها حلال له، نفرق بينهما، بالنسبة للأولاد الذين جاءوا قبل أن يعلم، هل هم للأم وحدها أم للأم والأب؟ للأم والأب، أما كونهم من أم فواضح خرجوا من بطنها، وأما كونهم من أب فلأنهم خلقوا من ماء يعتقد صاحبه أنه وطء حلال، يقول: أنا لو علمت ما تزوجتها، فهو يجامعها على أنها زوجه، والوطء حلال، فيكون الأولاد أولاداً له، كما لو كانوا من زوجة نكاحها صحيح، ويعبر العلماء عن هذه المسألة بأن الأولاد يلحقون الواطئ إذا كان وطؤه لشبهة؛ حفاظاً على النسب لئلا تضيع الأنساب، وألا يُعير الأولاد، فيكون الأولاد له.
رجل تزوج امرأة حاضت بعد طلاقها حيضتين، ثم تزوجها، هل يصح النكاح؟
الجواب: لا يصح، لأن العدة لا بد أن تكون ثلاث حيض، لكن يقول هذا الذي تزوجها: أنا تزوجتها بعد تمام ثلاثة أشهر، والحيض في العادة يكون كل شهر، وهي تقول: إنها لم تحض إلا مرتين، فماذا نقول لهذا الرجل؟
نقول: العدة ثلاثة أشهر لمن لم تحض .. للصغيرة أو للمرأة الكبيرة الآيسة من الحيض، وأما التي تحيض فإن الله يقول: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] أي: ثلاث حيض.
الجواب: يجوز، عشرة آلاف ريال ليست هينة.
إنسان رضي أن يزوج ابنته وهي أيضاً رضيت أن يزوجها بعشرة دراهم؟ يجوز، عشرة دراهم! بدرهم واحد؟ يجوز، والدليل: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للرجل: (التمس ولو خاتماً من حديد) لا يساوي درهماً.
فإن قال الرجل للخاطب: أنت رجل صاحب دين وخلق ومال وأنا أريد أن أزوجك ابنتي مجاناً بدون شيء، أنا لا يهمني المال يهمني الرجل، أزوجها لك مجاناً، قال: قبلت، يجوز أم لا؟
يقول أبو البنت: هذه هدية، والبنت موافقة أيضاً، قال: هذه هدية؛ لأن هذا رجل غني وصاحب أخلاق ودين لا يجوز.
إنسان آخر خطب منه رجل فقير ليس عنده مال، لكنه صاحب دين وخلق، فقال: إني أزوجك مجاناً تقرباً إلى الله عز وجل وصدقة لأنك فقير، فقال: جزاك الله خيراً قبلت، هل يصح النكاح؟
لا يصح النكاح، والدليل: قول الله تبارك وتعالى بعد أن ذكر المحرمات: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ [النساء:24] لا بد للإنسان أن يطلب المرأة بالمال، فلا بد من المهر.
ومن السنة: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للرجل: (التمس ولو خاتماً من حديد، قال: لا أجد -لم يقل: إذاً نعطيك إياها- بل قال: هل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم. قال: زوجتكها بما معك من القرآن).
والنكاح بالهبة لا يصح إلا لواحد وهو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [الأحزاب:50].
إذاً: لا يمكن أن يتزوج أحد بالهبة، وإذا قدر أن إنساناً قال: زوجتك مجاناً قال بعض العلماء: إن النكاح غير صحيح، وممن قال بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال بعض أهل العلم: إن النكاح صحيح، ولكن يجب مهر المثل لهذه المرأة، أي: ينظر ما مهر أختها أو أمها أو بنت عمها أو ما أشبه ذلك، وتعطى مثل هذا المهر؛ لأنه لا بد للنكاح من عوض، إنما نحن نقول: العوض لا بد منه، لكن ينبغي أن نقلل الصداق بقدر المستطاع.
لكن مع الأسف أن بعض الأولياء -هداهم الله- جعلوا بناتهم سلعاً في المزايدة، إذا خطب الخاطب قال: ماذا عندك؟ قال: عندي عشرة آلاف، قال: لا فلان أعطاني عشرين ألفاً، وخطب الثالث، وقال: أعطيك ثلاثين ألفاً، قال: ارفع قليلاً، طلب زيادة كأنها سلعة يتزايد فيها الناس، وهذا والله حرام عليهم، حتى إن البنت تقول: أنا أريد هذا الرجل ولو بأقل القليل، يقول الأب: لا.
وشر من ذلك: أن بعض الناس يشترط لنفسه شيئاً من المهر، يقول الأب: أنا أزوجك لكن أريد (وايت) للغنم، (والوايت) برميل كبير يكون على السيارة يُملأ ماءً، وهو يقول: عندي غنم تحتاج إلى ماء، والماء بعيد أضيف إلى المهر (وايت) للماء، وأريد أيضاً حوضاً كبيراً أنقل به الشعير للغنم، والأم تطلب أيضاً شيئاً، والأخ .. وهكذا، حتى إن بعض الأحيان يبلغ المهر أكثر من مائتي ألف نسأل الله العافية، هذا الشاب من أين يحصل هذا المبلغ؟ أو يستدين ثم إذا حل الدين قلب عليه مرة ثانية، هذا منكر.
وأقول لهؤلاء الذين يشترطون لأنفسهم: إنه لا يحل لكم شيء من ذلك، حرام عليكم، فإذا تحذلق الأب وتعنيف وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنت ومالك لأبيك) قلنا له: إلى الآن لم يكن المهر مالاً للزوجة حتى الآن، أنت اشترطت هذا قبل أن تملكه البنت، إذا ملكته البنت فخذ ما شئت إذا لم يضرها أو تحتاج إليه، أما أن تشترط لنفسك وتجعلها كأنها سلعة فهذا حرام، اتل هذه الآية: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً [النساء:4] أي: بعد قبضه فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [النساء:4] فأضاف المهور إلى النساء مما يدل على أن المهر ملك للمرأة.
إذاً: المبحث الثاني من هذا اللقاء المهر، وأنه ينبغي التخفيف والسهولة فيه؛ لأن أعظم النكاح بركة أيسره مئونة.
وبلغني أن بعض المترفين التالفين يأتي بمغنيات من الخارج الليلة بستين ألف ريال، وهذا إسراف، وقد قال الله تعالى: وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام:141] وإنه من الأسف أن تصرف مثل هذه الأموال الطائلة في هذه المناسبات وإخوان لنا في مشارق الأرض ومغاربها يقتلون ويشردون من ديارهم ويموتون جوعاً، وكأن بيننا وبينهم عداوة، لن نشعر بأنهم إخواننا وأن آلامهم آلامنا وآمالهم آمالنا، (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) لو أصاب إصبعك ألم ما نمت في الليل؛ لأن الجسد واحد، وهكذا إخواننا لا ننساهم، لا يكون منا هذا البذخ والسرف والبطر وإخواننا محتاجون إلى الأموال.
وأنا لست أقول: إننا نعطي إخواننا كل أموالنا، هذا زمن قد تولى إلا أن يشاء الله، لكن على الأقل نخفف من النفقات التي لا داعي لها ونرسل ما سننفقه في هذه المناسبات إلى إخواننا المتضررين، والحمد لله الآن هيئات الإغاثة قائمة وميسرة، ليس عليك أكثر من أن ترسل الدراهم إلى هذه الهيئات وتقوم باللازم فيها، لكن نسأل الله العافية الناس إذا ارتكبوا شيئاً غفلوا عن أشياء.
أولاً: الطلاق الأصل فيه الكراهة.
ثانياً: إذا أراد الزوج الطلاق فلا يطلقها وهي حائض، لأن المرأة إذا كانت حائضاً فإن النفس قد تعافها ولا تتعلق بها، ويكون في تلك الحال غير راغب فيها، فمنع من طلاقها حتى تطهر لعله يراجع نفسه.
ثالثاً: لا يطلقها في طهر جامعها فيه، لأنها ربما تكون حملت، فإذا طلقها في طهر جامعها فيه ثم بان حملها ربما تكون هذه الطلقة الأخيرة فيندم، ويفوته الولد، وربما يكون الولد في حضانة بعيدة عنه، فلهذا لا يجوز أن يطلق الإنسان زوجته لطهر جامعها فيه، متى يطلقها إذاً؟
يطلقها في حالتين:
الحالة الأولى: أن يطلقها وهي حامل، فإذا طلق زوجته وهي حامل وقع الطلاق خلافاً لما يظنه بعض العوام: أن الحامل لا طلاق لها، هذا غلط، لأن الله قال في سورة الطلاق: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ [الطلاق:1] إلى أن قال: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] فطلاق الحامل واقع، ربما تكون هذه آخر طلقة لكن لا يهم، لأنه عرف الولد وعرف أنها حامل فله أن يطلقها ولو كان قد جامعها قبل ساعة.
الحالة الثانية التي يباح فيها الطلاق: أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، لكن يُستثنى من ذلك من لم يدخل بها، فله أن يطلقها ولو كانت حائضاً، وليس عليها عدة لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49] ولهذا لو أن الإنسان طلق امرأته التي لم يدخل بها في الساعة الثانية عشرة ظهراً، وخطبها إنسان في الساعة الواحدة وتزوجها، ما حكم النكاح؟ صحيح، لأنه لا عدة لها، والمحرم النكاح في العدة وهذه غير معتدة الآن.
إذاً: فيجوز أن يُعقد عليها ولو بعد خمس دقائق أو أقل من طلاق الأول، لو فرض أن الكاتب يكتب طلاق الأول ثم يعقد للثاني في نفس اللحظة، يجوز أم لا؟ يجوز؛ لأن المرأة إذا طلقت قبل الدخول فإنه ليس عليها عدة وحينئذ تحل للأزواج.
وهذه مسائل يجب للإنسان أن يعتني بها ويعرفها، وألَّا يخرج من النكاح إلا بحسب الحدود الشرعية، لأن الله تعالى لما ذكر الطلاق قال: وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [الطلاق:1].
الجواب: الذي أرى كما قال الأخ أنه بمقابل هذه المحنة العظيمة التي يكاد يذوب القلب منها من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان أن نقتصر على الحاجيات، وأن نجعل ما فضل من هذه الموائد وهذه المهور وغيرها لإخواننا هناك، وإننا إن شاء الله تعالى واثقون من الفرج، ونسأل الله تعالى أن يجعل ما أصاب إخواننا تكفيراً لسيئاتهم ورفعة لدرجاتهم.
وهذا وإن كان والله يهمنا جداً، أيضاً يهمنا أكثر وأكثر أن تكون بلادٌ إسلامية ينادى فيها للأذان ويدرس فيها كلام الرحمن، ينادى فيها بعد ذلك للصلبان والنواقيس وقراءة الكتب المنسوخة المحرفة المبدلة، وإخوانهم من النصارى في الشرق والغرب يطبلون وراء هذا ويفرحون به، ويريدون أن يقضوا على الأمة الإسلامية ولا سيما هناك في عقر دارهم، ولكننا نقول: نسأل الله القوي العزيز أن يبدل قوتهم ضعفاً، وعزتهم ذلاً، وأن يقر أعيننا بخذلانهم وانتصار إخواننا.
الجواب: مما ينبغي العناية به ليلة الدخول على المرأة، أن يدخل الإنسان إليها في حال، خفض الجناح لها وإيناسها؛ لأنها في تلك الساعة سيكون عندها هيبة ورهبة وخوف، ويأخذ بناصيتها ويدعو بالدعاء المعروف: (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه) يقول ذلك جهراً إلا أن يخاف أن تتروع المرأة وأن تقول: ما هذا؟ وهل فيَّ شر، فإذا خاف ذلك يكفي أن يضع يده على ناصيتها ويدعو بهذا الدعاء سراً.
ثانياً: عند إتيان الإنسان أهله يقول ما حث عليه الرسول عليه الصلاة والسلام: (لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً) فهذا من أسباب صلاح الأولاد، وهو سبب بسيط.
كذلك مما ينبغي فهمه ومعرفته: أنه إذا حصل الجماع وإن لم يحصل إنزال وجب الغسل على الطرفين، خلافاً لما يظنه بعض الناس أن الغسل لا يجب إلا بالإنزال، فإن هذا ظن خطأ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينـزل) وعلى هذا فيجب الغسل بأحد أمرين: إما بالإنزال وإما بالجماع، فالإنزال إذا حصل سواء بتقبيل أو ضم أو نظر لشهوة أو محادثة أو بأي سبب وجب فيه الغسل، والجماع إذا حصل وإن لم ينـزل وجب الغسل.
وكم من أناس سألونا قالوا: إنهم كانوا لا يغتسلون إذا جامعوا بدون إنزال، وقد مضى أشهر على ذلك، وسبب ذلك: أن المتزوج لا يسأل ما الذي ينبغي في حال الزواج، ولا ما الذي يجب عليه، وأن كثيراً من الناس أيضاً لا يبثون مثل هذه المعلومات في أوساط الشباب.
كذلك مما يجب التفطن له: أن بعض الأزواج هداهم الله لا يصلون صلاة الفجر، إما ألا يصلوها إلا إذا ارتفعت الشمس وقاموا من النوم، أو يصلونها لكن في آخر الوقت وليس مع الجماعة، وهل هذا من شكر نعمة الله؟
لا، من شكر نعمة الله أن تقوم بطاعته، يقول بعض الناس: أنا إذا خرجت أصلي الفجر مع الجماعة قالوا: الشكوى إلى الله، هذا الرجل ما رغب في زوجته، لو رغب ما صلى الفجر، ما هذه القاعدة! هذه قاعدة فاسدة، بل إذا صلى الفجر هذا دليل على رغبته فيها وأنه شكر نعمة الله عز وجل على ما أعطاه من هذه المرأة الصالحة، فالواجب أن يصلي الزوج صلاة الفجر مع الجماعة، ثم يرجع ويبقى إلى الظهر ليس هناك مانع، أما أن يدع صلاة الجماعة بدون عذر شرعي قال بعض الناس: إن بعض العلماء قال: يعذر بترك الجماعة من ينتظر زف المرأة إليه.
نقول: أولاً: هل أقوال العلماء حجة يحتج بها أو يحتج لها؟ يحتج لها.
ثانياً: الذين قالوا هذا من العلماء إنما يتحدثون عن أمرٍ كانوا عليه، وهو أن الرجل هو الذي يستقبل الزوجة وليست الزوجة هي التي تستقبل الرجل، فيقال للرجل: اجلس مكانك في بيتك ونحن نزف إليك المرأة، يعذر بترك الجماعة، لأنه لو ذهب وصلى الجماعة يكون قلبه ينتظر الزوجة في البيت، فهو معذور، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة بحضرة طعام) وكان ابن عمر يسمع الإمام يقرأ وهو يتعشى، ولا يقوم إلى الصلاة حتى يكمل، إذا كان هذا فالذي ينتظر زف الزوجة إليه أشد شغلاً، والعذر واضح، أما عصرنا الآن، فمن الذي يزف؟ الزوج، هذا عندنا أما في بلاد أخرى فلا ندري، الزوج هو الذي يأتي إلى الزوجة في مكانها، والأمر بيده، فلا يعذر بترك الجماعة.
الجواب: الذين تحلقوا قبل أن يصلوا سنة المغرب غالبهم مسافرون، جاءوا إلى هذه البلدة مدة الإجازة فقط، والمسافر ليس من السنة أن يصلي راتبة المغرب، والذين تقدموا وهم غير مسافرين لعلهم قالوا: إننا إذا قربنا من المعلم أو من الشيخ صار أحضر لقلوبنا، وطلب العلم أفضل من الراتبة، لو تعارض أن يصلي الإنسان الراتبة أو يطلب العلم قلنا: طلب العلم أفضل، لكننا لا نوافقهم على هذا، وإن تعللوا بهذه العلة فهي علة عليلة، فنقول: صلوا الراتبة ونحن الآن في هذا الوقت القريب من المعلم أو الشيخ والبعيد على حد سواء مكبر الصوت موجود، ويمكن أن تسمعه وأنت في أقصى المسجد كما يسمعه من كان عند ركبة المعلم.
ولعل التفريط مني أنا حيث لم أنبه بمكبر الصوت أن اللقاء سيكون بعد سنة المغرب، لأني نبهت على ذلك بقولي بدون واسطة المكبر، ولعل بعض الإخوة لم يسمع.
الجواب: هذه الصلاة فعلها بعض الصحابة رضي الله عنهم حين دخل على أهله أو دخلوا عليه صلى ركعتين، لكنني لا أعلم ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الجواب: أما جبرها على من أراد والدها فإنه لا يجوز حتى وإن كان صالحاً، وأما تزويجها بمن لا يرضى دينه ولا خلقه فلا يجوز أيضاً، ولوليها أن يمنعها، وأن يقول: لا أزوجك من هذا الرجل الذي تريدينه إذا كان غير كفء في دينه ولا خلقه.
فإن قال قائل: لو أصرت البنت على ألا تتزوج إلا هذا الرجل نقول: نتركها، ولا نزوجها، وليس علينا من إثمها شيء، نعم لو أن الإنسان خاف مفسدة وهو أن يحصل بينها وبين هذا الخاطب فتنة تنافي العفة وليس في الرجل شيء يقدح في الدين، غاية ما هنالك مثلاً أن يكون سيئ الخلق وهي تصبر على سوء خلقه، فنقول في هذه الحال: تزوج.
الجواب: أقول: جزاه الله خيراً على هذا السؤال، والرجوع إلى الحق أحق، والتوبة بعد الذنب تجبه ولا تدع له أثراً، وربما كان الإنسان بعد التوبة من الذنب خيراً منه قبل فعل الذنب، فنقول لهذا الأخ: نسأل الله أن يعينك على رد ما كان حراماً عليك، والطريق إلى ذلك سهل، أن يقول لابنته الآن: يا بنية! لك عليَّ ما أخذت من المهر، فهل تسمحين به؟
إن قالت: نعم برئت ذمته، والغالب أنها ستقول: نعم لا سيما إذا كان أبوها فقيراً، وإن قالت: لا، فهو حق، لكننا نشير على البنت أنه إذا حصل مثل هذه الحالة أن تسمح عن أبيها لا سيما إذا كان فقيراً وهي ليست بحاجة إلى ذلك، بل إذا كان فقيراً ولو كانت في حاجة فإنها لا تلزمه بأن يسلم لها المهر وهو لا يستطيع.
كتابة الدعوة على ظهر رسالة علمية فيها بعض المخالفات الشرعية أو الآداب الإسلامية لينشر الله بها الخير.
ثانياً: شريط إسلامي يهدي الله به وينفع يكتب على غلافه تلك الدعوة.
ثالثاً: استعمال أوراق مصورة مكتوبة بالكمبيوتر لا تكلف شيئاً يذكر، فهل من دعوة للحد من هذا الإسراف؟
الجواب: أنا أؤيد الدعوة لترك هذا الإسراف، وأرى أن بذل المال الكثير لمجرد دعوة قد يجيب المدعو وقد لا يجيب، ومالها -كما قال الأخ السائل-: إلى رميها في الأسواق، فأقول: إن هذا من التبذير الواضح الذي نهى الله عنه، فقال: وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ [الإسراء:26-27].
وأما اقتراحه بأن تكون الدعوة في بطاقة وفي ظهرها كلمات مأثورة موجهة نافعة فهذا طيب، وليت هذا يُفعل، لكن تكون أوراقاً عادية.
والاقتراح الثاني أيضاً: أن يكون بصحبة البطاقة أشرطة مفيدة فهذا أيضاً طيب، وقد وقع هذا في العام الماضي وما قبله رأينا كثيراً من الدعوات التي تعطى للناس يكون فيها أشرطة وهذا خير، ونعين عليه أيضاً بقدر ما نستطيع، فلو أن الناس فعلوا ذلك لكانت هذه دعوة إلى الوليمة ودعوة إلى الشريعة، فتجمع بين فصيلين.
أما الثالث: وهو أن تكون أوراقاً مصورة فهذا أيضاً طيب لا يكلف كثيراً وينفع.
الجواب: جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أن (ما كان قبل عقد النكاح فهو للبنت وليس لأحدٍ حق فيه) -لا الأم ولا الأب- وما كان بعد عقد النكاح فإنه لا حرج أن يكرم الرجل على ابنته أو أخته وكذلك المرأة، فيقال: إن أُهدي إليهم بعد عقد النكاح، وأما قبل العقد فيكون للبنت.
الجواب: أما تزويجها كرهاً فهو حرام ولا يصح العقد، لقول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً [النساء:19] وأما إذا كان برضا الطرفين فإنه حسن؛ لأن كون أولاد الرجل تحت رعاية أخيه خير من كونهم تحت رعاية رجل أجنبي.
فهذا هو التفصيل في هذه المسألة: إن أكرهت المرأة فلا، وأما إذا كان بالاختيار والرضا فهذا حسن طيب.
الجواب: هذا يختلف باختلاف العادات؛ لأن الله تعالى قال: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] لكن قول الله تبارك وتعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ [النساء:34] يدل على أن من تمام العشرة أن يكون الرجل مع زوجته في فراش واحد، وهكذا كان هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن لا بأس أحياناً أن ينام في سرير وحده أو في فراش وحده، وإلا فالأصل أن يكون الرجل مع زوجته في فراش واحد.
أولاً: ظهر في اللباس عند النساء لبس المفتوح من الثياب إلى الفخذين بل أحياناً إلى الظهر.
ثانياً: حضور الزواج الذي فيه من يغنين بأغاني المطربين.
ثالثاً: لبس العروسة ليلة الزواج ثوباً بقيمة خمسة آلاف ريال أو أربعة آلاف ريال لا تلبسه في العمر إلا مرة.
الجواب: لبس النساء للباس المفتوح أي: أن المرأة تكون كاسية عارية، والمرأة الكاسية العارية قال النبي صلى الله عليه وسلم محدثاً عنها: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) فهي صفة من صفات نساء أهل النار والعياذ بالله.
والمرأة مأمورة بالحشمة في الثياب، ولهذا نقول: الأفضل أن يكون الثوب الأعلى الذي فوق السراويل قميصاً، لا تنفرد إحدى الرجلين عن الأخرى حتى تبتعد عن كونها كاسية عارية.
الثاني: أما حضور اللاتي يغنين بأغاني المطربين، فهذا غلط، الأغاني المشروعة أو المباحة هي الأغاني التي ليست هابطة، الأغاني المنشطة التي تدل على الفرح والسرور، مثلما جاء في الحديث: (أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم نحييكم) أو كلمات نحوها.
أما الثالث: وهو لبس المرأة المتزوجة ثوباً تقدر قيمته بخمسة آلاف لا تلبسه إلا تلك الليلة، فهذا من الإسراف، وهذا إلى التحريم أقرب منه إلى الإباحة.
فنسأل الله للجميع الهداية والتوفيق لما يحب ويرضى إنه على كل شيء قدير.
الجواب: أقول: إن هؤلاء وأمثالهم يدخلون في قول الله تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [القصص:41] ولا شك أنهم آثمون، وأن ما اكتسبوه من الأموال حرام سحت؛ لأنه مبني على باطل، ولا شك أن كل انحراف خلقي أو فكري أو عقدي أو سلوكي ينتج من هذه الرحلات لا شك أن عليهم نصيباً منه؛ لأنهم دعوا إليه وساعدوا فيه، فيحملون أوزاراً مع أوزارهم.
والواجب علينا ونحن أمة مسلمة والحمد لله، أمة عفيفة، أمة ذات أخلاق .. الواجب علينا أن نحذر من هؤلاء، وإننا لنأسف أن يوجد مثل هذا الإعلان تحت سمع وبصر المسئولين عن الإعلانات التي يجب أن تكبت وألا تعلن، ولكننا نسأل الله تعالى أن يهدي ولاة أمورنا للقضاء على مثل هذه الأمور التي تفسد العقيدة والأخلاق.
ولا شك أن الأمة إذا فقدت عقيدتها وأخلاقها فإن هذا دمارها، وسوف يكون بأسها بينها، لأن من الناس من هو على طول الخط في مفارقة هؤلاء ومنابذتهم، وسوف تتكون الأحزاب في الأمة إذا سُمِحَ لأمثال هؤلاء السفهاء أن يعلنوا مثل هذا الإعلان السيئ الشر، ولعلنا نستعين الله تعالى بإيصال الأمر إلى المسئولين حتى يمنعوا مثل هذا الشر الذي يعتبر أشد فتكاً من السرطان في البدن.
ثم يقول في الإعلان: الطلبة والطالبات، يريد هؤلاء من طالباتنا أن يذهبن إلى أوروبا وغيرها باسم أنهن طالبات، فنسأل الله أن يجازي هؤلاء بعدله، وأن يكبتهم، وأن يرزقهم الخسارة في أموالهم حتى يرجعوا إلى الله عز وجل ويتوبوا إلى الله من هذا الإعلان السيئ، ونسأل الله تعالى أن يسلط عليهم ولاة الأمور بالعدل حتى يصدوهم عن هذه الفتنة التي يريدون أن يفتتن الناس بها.
الجواب: أقول: إن هذا التأمين وأمثاله حرام، ولا يشك إنسان يعرف مصادر الشريعة ومواردها إلا أنه من الميسر الذي قرنه الله تعالى بالخمر والأنصاب والأزلام، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90] ووجه كونه ميسراً: أنك إذا دفعت كل يوم ريالاً كم تدفع في السنة؟ كما قال هو: ثلاثمائة وخمسة وستين ريالاً بناءً على السنة الميلادية، أما السنة القمرية الهلالية فهي أقل من ذلك، ستدفع في السنة ثلاثمائة وخمسين ريالاً، ثم قد يحصل لك حادث يستوعب مائة ألف، فتكون الشركة خاسرة وأنت رابح، وربما يمضي العام لا يحصل عليك حادث فتكون أنت الخاسر.
ولهذا أقول: نسأل الله أن يعافينا من البلاء، كثر الربا في المسلمين، إما صراحة وإما بحيلة، فهل يريد منا هؤلاء أن يكثر فينا الميسر أيضاً والقمار والمغالبات؟!! نسأل الله تعالى أن يكفينا شر أشرارنا.
أقول: إن هذا التأمين وأمثاله حرام، والقاعدة: كل عقد يحتمل الغنم والغرم بين العاقدين فإنه من الميسر. كل عاقد إما غانم وإما غارم بمقتضى العقد لا بمقتضى الأسعار لو اختلفت وإلا من المعلوم إذا اشتريت سلعة بمائة ريال ثم جلبتها في السوق ولم أبعها إلا بثمانين فهذا غرم، لكن ليس بسبب العقد، ولهذا لبس بعض الناس قال: كل شيء معرض للغنم والغرم، فيقال: إن الغنم والغرم في الميسر بمقتضى العقد، أما الغنم والغرم ضمن اقتضاء السوق والأسعار فهذا خارج عن العقد.
الجواب: أما الآية الكريمة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [الأحزاب:49] فهذا يعني الجماع، لكن الصحابة رضي الله عنهم أو أكثرهم قالوا: إن الرجل إذا خلا بالمرأة فإن العدة ثابتة، تثبت العدة؛ لأن خلوه بها يعطيه التمكن من الجماع، وهذا هو المشهور من المذاهب الثلاثة، وإن كان بعض العلماء يقول: إذا لم يكن جماع فإنه لا عدة، لكن الأحوط أن تثبت العدة بالخلوة.
الجواب: لا. إذا طلقها بعد أن خلا بها فلها المهر كاملاً، كما أن عليها العدة.
الجواب: هذا ليس مشروعاً في حد ذاته أن يكون اجتماع الناس للزواج محلاً لتوزيع الأشرطة والكتيبات، لكنه محمود لغيره؛ لأنه ربما لا يحصل اجتماع نساء مثل هذا الاجتماع، فتفريق الأشرطة والكتيبات عليهن هذا حسن ومن وسائل الدعوة إلى الله عز وجل.
وأما المواعظ فأنا لا أحبذها في مثل هذا الحال؛ لأن من الناس من لم يجتمع بإخوانه وأصدقائه إلا في مثل هذه المناسبة، فيحبون أن يتكلموا في شئونهم الخاصة، ولأن هذا اللقاء لقاء فرح وأنس، ولهذا أباح الشارع فيه الغناء والدف، نعم لو طلب من الإنسان وعين وقيل: يا فلان نريد منك موعظة، فهنا نقول: لا تتخلف، عظ الناس ولكن لا تطل عليهم، أو رأى هو نفسه منكراً فإنه يجب عليه أن يقوم ويعظ الناس ويحذرهم من هذا المنكر، أو وجه إليه سؤال عن مسألة من المسائل فتكلم فيها واستطرد، فهذا لا بأس به، لا يعد سنة وإنما حصل لعارض وسببٍ اقتضاه.
الجواب: صوت المرأة المجرد ليس بعورة، لكنك تعرف أنه إذا ارتفعت أصواتهن بهذه المناسبة ولا سيما إن كانت أصواتاً جميلة لذيذة على السمع، والناس في نشوة العرس فإن هذا يخشى فيه من الفتنة العظيمة، فكون الأصوات لا تخرج من بينهن أحسن، أما ما يفعله بعض الناس اليوم يتخذ مكبرات الصوت على شرفات المبنى، فيؤذي الناس بسماع الأصوات ويقلقهم، ولا سيما إذا كان متأخراً فإن أذية المسلمين حرام لا تجوز.
الجواب: الرقص مكروه، وكنت في الأول أتساهل فيه، لكن سئلت عدة أسئلة عن حوادث تقع في حال رقص المرأة فرأيت أن أمنع منه، لأن بعض الفتيات تكون رشيقة وجميلة وخفيفة ورقصها يفتن فتفتتن النساء بذلك، حتى إنه بلغني أن بعض النساء إذا حصل مثل هذا تقوم وتقبل المرأة التي ترقص وربما تضمها إلى صدرها ويحصل بهذا فتنة، ولهذا كنت أخيراً أقول: إنه ممنوع.
والله أعلم، وسبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر