إسلام ويب

اللقاء الشهري [34]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ما حكم الأضحية؟ ما هي شروطها؟ ومتى وقتها الذي لا تجزئ إلا فيه؟ وما هي الأمور المستحبة لمن نوى أن يضحي؟ الجزء الأول من هذه المادة أجاب بالتفصيل عن هذه التساؤلات، واشتمل الجزء الثاني منها على كثير من الفتاوى والنصائح المتعلقة بشئون الحياة المختلفة.

    1.   

    مشروعية الأضحية وشروطها

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا اللقاء يعتبر جزءاً من لقاء لأنه متممٌ للقاء السابق وهو الرابع والثلاثون من اللقاءات الشهرية التي تتم كل شهر في هذا المسجد الجامع الكبير في عنيزة، أسأل الله تعالى أن يجعل هذه اللقاءات وغيرها من لقاءات إخواننا العلماء في كل البلاد لقاءات نافعة ينفع الله بها عباده؛ لأنه لا شك أن العلماء هم الهداة الذين يهدون بأمر الله عز وجل إذا وفقهم الله تعالى للأخذ بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

    تكلمنا في أول هذا اللقاء عن الحج .. شروطه وصفته وبعض أحكامه، وأما الليلة فإننا سنجعلها كلاماً عن الأضحية على وجه يسير ثم نجيب عن الأسئلة.

    دليل مشروعية الأضحية من الكتاب والسنة

    الأضحية مشروعة في القرآن والسنة وإجماع المسلمين، يقول الله عز وجل مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خطابٌ له وللأمة، والحكم الموجه للرسول عليه الصلاة والسلام موجهٌ له وللأمة؛ لقوله تعالى: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً [الأحزاب:37] فقال الله: زوجناكها، وهذا خطاب للرسول عليه الصلاة والسلام، ثم قال: لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ [الأحزاب:37] فدل ذلك على أن الحكم الثابت للرسول صلى الله عليه وسلم ثابتٌ له وللأمة، ولهذا لما أراد الله تعالى أن يبين أن هذا الحكم خاصٌ بالرسول قال: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً [الأحزاب:50] أي: وأحللنا لك امرأة مؤمنة وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [الأحزاب:50].

    فقوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:1-2] يشمل الأمة.

    وقال الله عز وجل: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ [الحج:36-37].

    وأما السنة فقد ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله حتى إنه كان صلى الله عليه وسلم يذبح ضحاياه في مصلى العيد إظهاراً لهذه الشعيرة، وكان الناس يفعلون هذا، لكن لما طال الزمن وتغيرت الأحوال صار الناس يذبحون ضحاياهم في بيوتهم.

    الشروط المتعلقة بالأضحية

    الأضحية في الأصل عن الرجل وأهل بيته سواءٌ صغاراً كانوا أم كباراً ذكوراً كانوا أم إناثاً، فينبغي لقيم البيت أن يضحي عنه وعن أهل بيته، ولكن لا تقبل الأضحية ولا تكون أضحية شرعية إلا بشروطٍ ثلاثة:

    الشرط الأول: أن تكون من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل والبقر والغنم، فلو ضحى بغيرها ولو كان أغلى منها فإنها لا تكون أضحية، لو ضحى الإنسان بفرس لم تقبل منه على أنها أضحية، لأنها ليست من بهيمة الأنعام، ولو ضحى بنعامة لم تقبل منه على أنها أضحية؛ لأن الأضحية لا بد أن تكون من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل والبقر والغنم.

    الشرط الثاني: أن تكون بالغةً للسن المحدد شرعاً وهي في الإبل: خمس سنوات، وفي البقر: سنتان، وفي الماعز: سنة، وفي الضأن: نصف سنة، ودليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة -أي: ثنية- إلا إن تعسَّر عليكم فتذبحوا جذعةً من الضأن).

    الشرط الثالث: أن تكون سليمةً من العيوب المانعة من الإجزاء، لأن هناك عيوباً تمنع من إجزاء البهيمة ولو كانت من بهيمة الأنعام، وقد بينها النبي عليه الصلاة والسلام حيث قيل له: (يا رسول الله! ماذا يتقى من الضحايا؟ قال: أربعٌ لا تجوز في الضحايا: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء -أي: الهزيلة- التي لا تنقي) أي: التي لا مخ فيها هذه أربع لا تجزئ في الأضاحي.

    قوله: المريضة: ليست كل مريضة لا تجزئ لا بد أن يكون مرضها بيناً، كأن يظهر عليها أعراض المرض من الحمى وعدم الأكل وما أشبه ذلك، ومن المرض: الجرب، فالجرباء لا تجزئ؛ لأن الجرب مفسدٌ للحم، فإذا كان في البهيمة مرض لكنه ليس ببين ولنفرض أنه بعد أن ذبحناها وجدنا فيها "طالوعاً" "والطالوع" عبارة عن غدة فاسدة تكون في داخل اللحم وقد تكون خارج اللحم، فالتي داخل اللحم لا يعلم عنها، فإذا ذبحها الإنسان على أنها أضحية فإنها تجزئ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المريضة البين مرضها).

    العرجاء لا بد أن يكون ضلعها بيناً، فأما إذا كانت تهمز همزاً يسيراً ولكنها تمشي مع البهائم فإنها تجزئ.

    والثالثة: العوراء البين عورها، والعوراء إذا لم يكن عورها بيناً فهي مجزئة كما لو كانت لا تبصر بعينها ولكن من رآها يظن أنها تبصر فهذه تجزئ، لكن إذا كان عورها بيناً بأن تكون عينها انخسفت أو نتأت وبرزت فإنها لا تجزئ.

    والرابعة: الهزيلة التي ليس فيها مخ لا تجزئ، طيب إذا كانت أذنها مقطوعة وليس فيها مرض فهل تجزئ؟

    نعم تجزئ، لأنها لا تدخل في الأربع.

    إذا كان قرنها مكسوراً ولكن ليس فيها مرض فإنها تجزئ.

    إذا كان ذيلها مقطوعاً ولكن ليس فيها مرض تجزئ إلا في الضأن فإن العلماء قالوا: إن الضأن التي قطعت إليتها لا تجزئ لأن الإلية كبيرة مقصودة بخلاف ذيل البقرة وذيل البعير وذيل المعز فإن ذلك لا يضر، لكن اعلموا أنه كلما كانت الأضحية أكمل فهي أفضل بلا شك، قال الله تعالى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92].

    أيضاً شرط رابع لا يتعلق بالأضحية نفسها: وهو أن تكون في الوقت المحدد شرعاً.

    الشروط التي سبقت ثلاثة:

    أن تكون من بهيمة الأنعام.

    الثاني: أن تبلغ السن المعتبر شرعاً.

    الثالث: أن تكون سليمةً من العيوب المانعة من الإجزاء.

    الرابع: أن تكون في الوقت، أي: في وقت الأضحية، فمن ذبح قبل وقت الأضحية فلا أضحية له، ومن ذبح بعد انتهاء المدة فلا أضحية له، وما هي المدة؟

    المدة: من صلاة العيد إلى غروب شمس يوم الثالث عشر، أي: أربعة أيام، من ذبح قبل الصلاة فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (شاته شاة لحم) ومن ذبح بعد غروب شمس يوم الثالث عشر فشاته شاة لحم، إلا أن تهرب الأضحية وتضيع ثم يجدها بعد أن يفوت الوقت فهنا يذبحها قضاءً، إذا كان عينها قال: هذه الأضحية ثم هربت وضاعت، فبحث عنها ولم يجدها إلا في اليوم الرابع عشر نقول: اذبحها، لأن تأخيره هنا بعذر كما لو أخر الصلاة عن وقتها لعذر فإنه يقضيها، هذا الكلام على الأضحية.

    فإن قال قائل: إذا كان الإنسان ليس عنده مال هل يسن أن يستقرض ليضحي؟ أو يشتري شاة بدين ليضحي؟

    نقول: إذا كان واثقاً من نفسه أنه سوف يوفي بحيث يكون موظفاً وجاء وقت الأضحية وليس عنده مال، لكنه يعرف أنه في آخر الشهر سيستلم الراتب فهنا لا بأس أن يستقرض أو يشتري شاة بثمن مؤجل ويضحي، وأما إذا كان ليس كذلك فلا يستدين؛ لأنه إذا استدان شغل ذمته بما لم يكلفه الله به.

    ما يجزئ من الأضحية وما يسن للمضحي

    اعلم أن الشاة تجزئ عن الرجل وأهل بيته، لا حاجة إلى أن كل واحد يضحي، بل الرجل يضحي عنه وعن أهل بيته، وأن البعير والبقرة تجزئ عن سبع شياه، فلو اشترك سبعة بيوت في ناقة وذبحوها على أنها أضحية وكل واحدٍ منهم يضحي عنه وعن أهل بيته بالسبع فهذا جائز؛ لأن السبع عن شاة، وكذلك لو كانت بقرة فإنها تجزئ عن سبعة يضحي لو اجتمع سبعة بيوت واشتروا بقرة وذبحوها على أنها أضحية كل واحد يضحي عنه وعن أهل بيته كفى ذلك.

    وليعلم أن من أراد أن يضحي فدخل عشر ذي الحجة فإنه لا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته شيئا، البشرة هي الجلد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، إلى أن يضحي، فإذا كان لا يحصل له أن يضحي إلا في اليوم الثاني من أيام العيد، قلنا: انتظر حتى تضحي، لم يحصل له أن يضحي إلا في اليوم الثالث، قلنا: انتظر حتى تضحي، وهذا في حق من يضحي، أما من يضحى عنه فليس ممنوعاً من ذلك، وعلى هذا فالرجل الذي يضحي عنه وعن أهل بيته يكون حكم المنع من أخذ الشعر والظفر والبشرة خاصاً بالرجل وحده أما أهل بيته فلا حرج عليهم، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي) ولم يقل: أن يضحى عنه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي عنه وعن أهل بيته ولم يمنع أهل بيته من الأخذ من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم، وأما قول بعض الفقهاء يرحمهم الله: يحرم على من يضحي أو يضحى عنه فهو قول ضعيف، والصواب: أنه خاص بمن يضحي فقط.

    والله الموفق.

    1.   

    الأسئلة

    حكم إرسال المغترب ثمن الأضحية إلى أهله

    السؤال: فضيلة الشيخ! نحن لسنا من أهل هذه البلاد المعطاءة أسأل الله أن يديم عليها الخير، وأن يحفظ علماءها وولاة أمورها، السؤال هو: يا فضيلة الشيخ لا يخفى عليكم أن أهلنا في أشد الحاجة للأضاحي والاستفادة من لحومها وجلودها، والغالب عليهم هو الفقر فهل لنا أن نرسل ثمن الأضاحي إليهم ونوكل من ينوب عنا، مع العلم أن المقصود منها إظهار هذه الشعيرة، فهل يجوز لنا فعل ذلك؟

    الجواب: إذا كان الإنسان في بلد وأهله في بلد آخر فلا حرج عليه أن يوكل من يضحي عنه عند أهله حتى يسر أهله بالأضحية ويتمتعوا بها؛ لأنه لو ضحى في بلد الغربة فمن الذي يأكل الأضحية؟ وربما لا يجد أحداً يتصدق عليه، فلذلك نرى أن من له أهل فليبعث بقيمة الأضحية إلى أهله ويضحوا هناك.

    إجزاء الأضحية المصابة بمرض غير خطير

    السؤال: إذا كان "الطالوع" ظاهراً لكنه صغير فهل يجزئ؟ كذلك إذا كان الكبش قد انكسر طرف قرنه ولم يظهر هذا الكسر حيث أنه في الضأن لا يظهر لصغرها فهل يجزئ؟

    الجواب: "الطالوع" إذا كان ظاهراً فإنه يُسأل أهل الخبرة: هل هذا من الأمراض الخطيرة؟ إن قالوا: نعم فهو مرض ظاهر لا يضحى بالشاة التي طلع فيها، وإن قالوا: ليس خطيراً، والشاة ليس فيها خلاف من جهة الصحة والنشاط والأكل فإنه يضحى بها، إلا إذا قرر البياطرة أن أكل لحمها ضرر فهنا لا يضحى بها.

    حكم التمتع في الحج لأهل مكة

    السؤال: ذكرت يا فضيلة الشيخ: أن أفضل الأنساك التمتع، وقلت: إن أهل مكة لا تشرع لهم العمرة فكيف يكون التمتع والعمرة لا تشرع لهم؟

    الجواب: ذهب أكثر أهل العلم إلى أن أهل مكة لا متعة لهم، وإنما المتعة للقادم إلى مكة حتى لو كان من أهل مكة ، وعلى هذا فإذا كان الرجل من أهل مكة وهو يعمل في الرياض وقدم من الرياض إلى مكة فله أن يأخذ عمرة من الميقات ويكون متمتعاً لكنه لا هدي عليه؛ لقوله تعالى: ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:196] إلا إذا انتقل من مكة إلى البلد الآخر واستوطنه فإنه إذا رجع منه بالعمرة يجب عليه هدي التمتع، لكن أهل مكة يمكن أن يقرنوا بين الحج والعمرة، بمعنى: أن الإنسان يحرم من مكانه من بيته بالحج والعمرة جميعاً ويكون قارناً والقارن عليه هدي التمتع.

    مشروعية صيام عشر ذي الحجة

    السؤال: امرأة كبيرة في السن كان من عادتها أن تصوم عشر ذي الحجة، لكنها في هذا العام أتاها من قال لها: لا يشرع لك صيام العشر؛ لأنه ليس من السنة صيام العشر كلها وإنما صومي كالأشهر الأخرى فقط أيام البيض ويوم عرفة، وهي الآن تسأل عن ذلك تريد منك يا فضيلة الشيخ بيان أمرها بالتفصيل؟

    الجواب: بيان أمرها بالتفصيل: أن تصوم العشر، ما دامت قادرة ولا يشق عليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء).

    ولنسأل: هل الصيام من الأعمال الصالحة؟

    الجواب: نعم بلا شك، ولهذا جعله الله من أركان الإسلام، فالصيام بلا شك من الأعمال الصالحة حتى قال الله تعالى في الحديث القدسي: (الصوم لي وأنا أجزي ب) وإذا كان كذلك فإن الصوم مشروع، ومن زعم أن العشر لا تصام فليأت بدليل على إخراج الصوم من هذا العموم: (ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) وإذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصمها فهذه قضية عين، ربما كان لا يصوم؛ لأنه يشتغل بما هو أنفع وأهم، لكن عندنا لفظ الرسول عليه الصلاة والسلام: (ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) على أنه قد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يدع صيامها، وقدَّم الإمام أحمد هذا -أعني: أنه لا يدع صيامها- على رواية النفي، وقال: إن المثبت مقدم على النافي، لكن على فرض أنه ليس هناك ما يدل على أنه يصوم فإنه داخلٌ في عموم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر).

    أما صيام البيض فإنه لا يمكن صومها في شهر ذي الحجة في اليوم الثالث عشر؛ لأن يوم الثالث عشر من أيام التشريق التي يحرم صومها.

    حكم ارتداء ملابس الإحرام قبل ركوب الطائرة

    السؤال: فضيلة الشيخ! ذكرت في اللقاء السابق: أن الذي يريد الحج أو العمرة عن طريق الجو تكون ملابس إحرامه في العفش بأنه يجعل ثوبه إزاراً ويلتف به، يقول: يا فضيلة الشيخ! لو أنه لبس ملابس الإحرام من منزله وحينما يحاذي الميقات يلبي بالحج أو العمرة هل هناك حرج، وهل هذا هو الأفضل؟

    الجواب: ليس هناك حرج أن يلبس الإنسان ثياب الإحرام من بيته إذا كان ينوي السفر في الطائرة، ثم إذا قارب الميقات أحرم وليس في ذلك بأس.

    لا يقال: إن هذا الرجل أحرم قبل الميقات؛ لأنه لم يحرم، فليس الإحرام لبس الرداء والإزار، الإحرام هو عقد النية وهذا لم يعقد نيته، لكن بعض الناس لا يحب أن يكون لابساً لثياب الإحرام في المطار وأمام الناس، ويلبس ذلك في داخل الطائرة.

    حكم زيارة المرأة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم

    يقول: هل المرأة إذا قدمت المدينة حاجة أو معتمرة لها أن تزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟

    الجواب: لا تزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن زيارتها لقبر النبي صلى الله عليه وسلم ليس ضرورة، إذ أن الإنسان إذا سلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان في أقصى المشرق أو المغرب فإن سلامه يبلغه، فليس هناك ضرورة إلى أن تقف على قبره وتسلم عليه، ثم إن كثيراً من العلماء يقول: إنها إذا زارت قبر الرسول عليه الصلاة والسلام دخلت في اللعنة حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن زائرات القبور) فلا تزور قبر الرسول عليه الصلاة والسلام ويكفي أن تسلم عليه وهي في نفس المسجد النبوي أو في بيتها أو في أي مكان.

    اختيار الأضحية بين الأكثر لحماً والأكثر ثمناً

    يقول: فضيلة الشيخ! ورد في كلامك وفقك الله في فضل الأضحية: أنها كلما كانت أكمل كلما كانت أفضل، مع أن الثنية من الضأن أفضل لحماً وأقل ثمناً عند الناس من التي أكبر منها فأيهما أفضل؟

    الجواب: الأفضل ما كانت أكثر لحماً وأنفع للفقراء، وإن كان بعض العلماء يقول: ما كان أكثر ثمناً، فالمسألة فيها خلاف بين العلماء، إذا دار الأمر بين أن تكون أكثر ثمناً أو أكثر لحماً وأنفع فمن العلماء من يرجح ما كانت أكثر ثمناً؛ لأن كون الإنسان يبذل المال الأكثر في مرضاة الله هذه درجة عالية، ومنهم من يقول: ما دام القصد نفع الفقراء ونفع الأهل والأكل فإن الأفضل ما كان أكثر لحماً، فكل من العلماء نظر إلى ناحية.

    ولكن الذي يظهر: أن الأفضل ما كان أنفع للفقراء وأكثر للحم لتكثر الهدية والصدقة والأكل، اللهم إلا أن يمتاز الأقل بفضلٍ آخر أو بميزةٍ أخرى مثل أن يكون أطيب لحماً وأشهى للناس، ويكون الناس مثلاً في زمن رفاهية لا يأكلون من اللحوم إلا ما كان غضاً طرياً فهنا يرجح.

    حكم الأضحية بأكثر من شاة

    السؤال: هل يجوز للمقتدر أن يذبح أكثر من أضحية له حيث ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين؟ وهل يمكن أن يشترك الرجل وزوجه في أضحية واحدة من هذا نصف ومن هذا نصف وعلى أيهما يكون الإمساك؟

    الجواب: الأفضل ألَّا يزيد الإنسان على شاة واحدة عنه وعن أهل بيته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، ومعلوم أنه أكرم الخلق عليه الصلاة والسلام، وأنه صلى الله عليه وسلم أشد الناس حباً لعبادة الله وتعظيمه، أما كونه ضحى بكبشين فالثاني ليس عن نفسه وأهل بيته ولكنه عن أمته، وعلى هذا فالأفضل الاقتصار على شاة واحدة للرجل وأهل بيته، ومن كان عنده فضل مال فليبذله دراهم أو أطعمة أو ما أشبه ذلك للبلاد الأخرى المحتاجة أو للمحتاجين في بلده؛ لأن البلاد لا تخلوا من أناس محتاجين.

    وأما إذا اشترك الإنسان وزوجته في شاة فإن هذا لا يصح؛ لأنه لا يشترك اثنان اشتراكاً في القيمة في شاة واحدة، إنما الاشتراك المتعدد في الإبل والبقر تكون البعير عن سبعة والبقرة عن سبعة، وأما الغنم فلا يمكن أن يشترك اثنان على الشيوع أبداً، الثواب ليس له حصر، لا بأس أن يقول: اللهم إن هذا عني وعن زوجي، عني وعن أهلي، وأما أن كل واحد منهم يبذل نصف القيمة ويشتري أضحية واحدة من الغنم، فهذا لا يصح.

    حكم حج من لا يصلي الفجر

    السؤال: عندي عمال يريدون فريضة الحج هل أسمح لهم، وهل هم في ذمتي، مع العلم أنهم لا يشهدون صلاة الفجر؟

    الجواب: أقول: إذا أذنت لهم في الحج فجزاك الله خيراً، وأبشر بالخلف العاجل أن ما تفقده من الأعمال في زمن حجهم سيعوضك الله إن شاء الله تعالى خيراً منه، وأما كونهم لا يصلون صلاة الفجر فانصحهم وهددهم بأنهم إذا لم يحافظوا على الصلوات أنك سوف ترجعهم إلى بلادهم، وهو حق أن ترجع من لا يقيم الصلاة إلى بلده؛ لأنه لا خير فيه، لا خير في إنسان لا يصلي، وأما الإذن لهم بالحج فهذا يعتبر معروفاً منك ونرجو الله لك الإثابة.

    حكم الأضحية عن الحاج

    السؤال: فضيلة الشيخ! كيف يجمع الإنسان بين الأضحية والحج، وهل هذا مشروع؟

    الجواب: الحاج لا يضحي وإنما يهدي هدياً، ولهذا لم يضحِ النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وإنما أهدى، ولكن لو فرض أن الحاج حج وحده وأهله في بلده فهنا يدع لأهله من الدراهم ما يشترون به أضحية ويضحون بها، ويكون هو يهدي وهم يضحون، لأن الأضاحي إنما تشرع في الأمصار، أما في مكة فهو الهدي.

    المكان الذي يحرم منه الحاج

    السؤال: فضيلة الشيخ! كيف تكون صفة الإحرام بالحج أو العمرة: هل يحرم الإنسان وهو في المسجد أم وهو على السيارة؟ وما حكم رفع اليدين واستقبال القبلة عند قولك: لبيك اللهم حجاً؟

    الجواب: اختلف العلماء رحمهم الله من أين يبتدئ الإحرام:

    - فقال بعضهم: من حين يصلي في المسجد يعقد النية.

    - وقال بعضهم: إذا ركب السيارة.

    - وقال بعضهم: إذا كان محرماً من ذي الحليفة إذا علا البيداء.

    والأقرب: أنه يلبي إذا ركب السيارة، ولا يشرع له عند التلبية أن يتوجه إلى القبلة ويرفع يديه؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    حكم تصدق الحاج من هدي غيره دون هديه

    السؤال: ثلاثة رجال كل واحد اشترى له هدياً فقالوا: شاة نهديها وشاة نتصدق بها وشاة نأكلها، فبهذا نكون قد أكلنا الثلث وتصدقنا بالثلث وأهدينا الثلث فما رأيك في هذا؟

    الجواب: هذا غلط، لأن الثلث لا بد أن يكون مشاعاً، ولا بد أن يتصدق الإنسان بشيء مما أهداه، وفي هذا المثال الذي ذكره السائل الشاة الثالثة ما أهدي منها بشيء ولا تصدق منها بشيء أكلت كلها، والطريق السليم: أن تأخذ من هذه الشاة قليلاً، ومن هذه الشاة قليلاً، ومن هذه قليلاً ثم تأكل.

    حكم الأضحية عن أهل البيت وإن كانوا أكثر من أسرة

    السؤال: ثلاثة إخوة في بيت لهم رواتب وكلهم متزوج فهل تجزئهم أضحية واحدة، أم لكل واحد أضحية؟

    الجواب: إذا كان طعامهم واحداً وأكلهم واحداً فإن الواحدة تكفيهم يضحي الأكبر عنه وعمن في البيت، وأما إذا كان كل واحد له طعام خاص، أي: مطبخ خاص به، فهنا كل واحد منهم يضحي؛ لأنه لم يشارك الآخر في مأكله ومشربه.

    حكم تأخير الإحرام إلى مكة

    السؤال: أريد الذهاب إلى مكة في أول يومٍ من أيام الحج بدون أن أحرم، فإذا جاء اليوم الثامن أحرمت مفرداً فهل يصح فعلي هذا بالإحرام مفرداً؟ ومن أين أحرم؟

    الجواب: الواجب على من أراد الحج أو العمرة إذا مر بالميقات أن يحرم منه، ولا يحل له أن يؤخر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، وأهل الشام من الجحفة ، وأهل اليمن من يلملم، وأهل نجد من قرن) وفي لفظ: (أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ..) إلى آخره، فلا يحل للإنسان إذا مر بالميقات وهو يريد الحج أو العمرة أن يتجاوز الميقات بلا إحرام، فإن فعل قلنا له: ارجع وأحرم من الميقات، فإن أحرم من غير الميقات لزمه عند العلماء دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء.

    حكم الاشتراك في العقيقة

    السؤال: هل يجوز أن يشترك سبعة من الرجال في جمل ولكن ليس في أضحية إنما في عقيقة قياساً على الأضحية؟

    الجواب: لا يصح الاشتراك في البقر أو الإبل في العقيقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في العقائق أنها عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، فلا بد من نفسٍ كاملة، ولو اشترك جماعة في بعير لم يكن كل واحد منهم أتى بنفسٍ كاملة إنما أتى ببعض نفس، ولهذا قال العلماء: إنه لا يجزئ في العقيقة اشتراك في بعير أو بقرة، بل قالوا: إن الشاة في باب العقيقة أفضل من البعير، فلو جاءنا إنسان وقال: أنا أحب أن أعق عن ولدي ببكرة صغيرة هل هذا أفضل أو أعق بشاة؟

    قلنا: بالشاة أفضل؛ لأن هذا هو الذي وردت به السنة، ودع البكرة الصغيرة لك للأكل، أما العقيقة فاذبحها من الغنم كما جاء في الحديث.

    حكم تأخير طواف الإفاضة إلى آخر ذي الحجة

    السؤال: ذكرت يا فضيلة الشيخ في اللقاء السابق: أنه يجوز تأجيل طواف الإفاضة إلى ما قبل سفر الحج حتى لو كان سيسافر في نهاية ذي الحجة، السؤال: لو أجل الحاج طواف الإفاضة إلى يوم سفره إلى بلاده فهل يغني هذا الطواف عن طواف الوداع؟ وهل يجوز للحاج أن يطوف طواف الإفاضة والوداع في نفس اليوم؟

    الجواب: ذكرنا هذا فيما سبق على وجه التفصيل وقلنا: يجوز للإنسان أن يؤخر طواف الإفاضة إلى سفره، فإذا طاف عند سفره كفاه عن طواف الوداع إلا إذا تأخر سفره إلى ما بعد شهر ذي الحجة فهنا يجب عليه أن يطوف طواف الإفاضة في شهر ذي الحجة، وذكرنا أيضاً: أنه إذا أخر طواف الإفاضة إلى سفره فطافه بنية الإفاضة فقط أجزأه عن طواف الوداع، وإن طافه بنية الوداع فقط لم يجزئه عن طواف الإفاضة، وإن طاف عنهما جميعاً أجزأه عنهما جميعاً، ولهذا يجب أن ننتبه إذا أخرنا طواف الإفاضة إلى السفر ألا ننسى طواف الإفاضة؛ لأن كثيراً من الناس ربما إذا أخره إلى السفر وطاف عند السفر لا ينوي إلا طواف الوداع، وهذا على خطر، لهذا يجب أن تنتبه لهذه المسألة.

    حكم إعطاء الهدي للشركات لتوزيعه

    السؤال: سمعنا عنكم يا فضيلة الشيخ أنكم قد حذرتم من إعطاء هذه الشركات، ولكن ما الحل فيما مضى فإنا قد حججنا أكثر من مرة ونعطيها هذه الشركات ولا يأخذون أسماءنا، فما الحكم فيما مضى هل يجزئ؟ فإن كان لا يجزئ فماذا يلزمنا؟

    الجواب: إننا لم نحذر من إعطاء الهدي؛ لأن الهدي في الحقيقة ضرورة، لأن الإنسان بين أمرين: إما أن يعطيها لهذه الشركات، وإما أن يذبحها ويدعها في الأرض لا ينتفع بها لا هو ولا غيره، أما إذا حصل أن الإنسان يذبح هديه ويأكل منه ويهدي ويتصدق فهذا لا شك أنه أفضل بكثير، وهذا يمكن لبعض الناس الذين لهم معارف في مكة يمكن أن يوكلوه ويقولوا: اذبحوا لنا الهدي، وحينئذٍ ينتفع به، أو هو ينزل إلى مكة ويذهب إلى المسلخ ويشتري ويذبح هناك فسيجد من يتزاحمون عنده ليأخذوا منه، لكن الذي أرى أن من الخطأ العظيم أن يرسل بقيمة الأضاحي إلى بلاد أخرى ليضحى بها هناك، هذا هو الذي ليس له أصل، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يبعث بالهدي إلى مكة ليذبح في مكة ولم ينقل عنه لا في حديث صحيح ولا ضعيف أنه أرسل أضحيته لأي مكان، بل كان يذبحها في بيته ويأكلون ويهدون ويتصدقون.

    أضحية من حلق لحيته في عشر ذي الحجة

    السؤال: فضيلة الشيخ! رجل أراد أن يضحي، ومن المعلوم أنها في الأيام العشر وقد أخذ من شعر لحيته وهو من الحالقين للّحى وهو عالمٌ بعدم جوازه فما حكم ذلك؟ هل أضحيته صحيحة؟ وهل من نصيحةٍ لإخواننا الذين يرتكبون هذه المعصية؟

    الجواب: نصيحتي لهؤلاء: أن يتقوا الله عز وجل سواءٌ أرادوا الأضحية أو لا، وأن يمتثلوا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (خالفوا المجوس) .. (خالفوا المشركين) .. (وفروا اللحى وحفوا الشوارب) وليعلموا أن هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وحلقها من هدي المشركين، ولو سألنا أي مؤمن بالله ورسوله: أتقدم هدي المشركين على هدي سيد المرسلين؟ لقال: لا، إذا كان يقول: لا، فلماذا لا يكون عنده عزيمة ويتقي الله؟

    ولهذا كان من المؤسف جداً أنك ترى بعض الناس حريصاً على صلاة الجماعة، يصوم إما أيام البيض أو يوماً بعد يوم، ويتصدق، وهو صاحب خير وخلق حسن، ومع ذلك ابتلي بحلق اللحية، فصار حلق لحيته قذىً في أخلاقه وفي دينه أيضاً، فالواجب تقوى الله عز وجل، ولعلَّ امتناعه من حلق لحيته في العشر الأولى من الأضحية يكون سبباً في امتناعه من ذلك دائم الدهر؛ لأنه يعينه، إذ أن بقاء اللحية عشرة أيام لا تحلق سوف يكون لها أثر وتبين وتظهر، وحينئذٍ يسهل عليه أن يعفيها وألا يحلقها، لكن أقبح من ذلك: أن بعض الناس يقول: لا أضحي لأني لو نويت الأضحية امتنعت من حلق اللحية -أعوذ بالله- يترك الخير من أجل فعل الشر، وهذا غلط عظيم، نحن نقول: ضح ولو عصيت الله بحلق اللحية، الأضحية شيء وحلق اللحية شيء آخر، وكذلك ما تظنه بعض النساء أن المرأة إذا كدت رأسها في أيام العشر فلا أضحية لها، هذا أيضاً غلط ليس بصحيح، المرأة إذا كانت تريد أن تضحي فلها أن تكد شعرها لكن برفق، وإذا سقط منه شيء بغير اختيارها فلا شيء عليها، وإن كانت تخشى أنه لا يمكن كده إلا بسقوط شعر فلا تكده ولكن تغسله بالماء وتعصره وتنظفه.

    فضل كون الحج في يوم الجمعة

    السؤال: هل ورد شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل كون الحج حج الجمعة؟

    الجواب: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الجمعة إذا صادف يوم عرفة، لكن العلماء يقولون: إن مصادفته ليوم الجمعة فيه خير.

    أولاً: لتكون الحجة كحجة النبي صلى الله عليه وأله وسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صادف وقوفه بـعرفة يوم الجمعة.

    ثانياً: أن في يوم الجمعة ساعةً لا يوافقها عبدٌ مسلم وهو قائمٌ يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياها، فيكون ذلك أقرب للإجابة.

    ثالثاً: أن يوم عرفة عيد ويوم الجمعة عيد، فإذا اتفق العيدان كان في ذلك خير، وأما ما اشتهر من أن حجة الجمعة تعادل سبعين حجة فهذا غير صحيح.

    حكم قيام الزوج بالحج عن زوجته المتوفاة

    السؤال: رجل توفيت زوجته ولم تحج مع أن زوجها الآن قادر على الحج ويريد دفع قيمة الحج لمن يقوم بأداء الحج عنها فهل يؤجر على ذلك؟ وهل الأفضل أن يقوم بالحج هو بنفسه عنها أم يوكل؟

    الجواب: الأفضل أن يقوم هو بالحج عنها من أجل أن يأتي بالنسك على وجهه الأكمل الذي يحبه، ولكن إذا كان لا يرغب بذلك ووكل من يحج عنها فهو على خير فقد أحسن إليها، وليس بغريب أن يحسن الإنسان إلى زوجته التي كانت قرينته في الحياة وشريكته في الأولاد، أما الوجوب فلا يجب عليه.

    توبة تارك الصلاة

    السؤال: أمي كانت لا تصلي لمدة أربعين سنة، والآن تريد أن تصلي وتحج فهل يشترط عليها أن تشهد الشهادتين؛ لأن تارك الصلاة قد كفر؟

    الجواب: صلاتها توبة، هي إذا صلت فقد تابت وصارت مسلمة، فنسأل الله تعالى أن يثبتها على ما تريد وأن يعينها على ذلك، وهي إذا تابت إلى الله وأنابت إليه وقامت بالصلاة والزكاة والصيام والحج كفَّر الله عنها؛ لقول الله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70] وقال جل وعلا: قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] وأبشرها إذا صدقت في توبتها مع الله أنها على خير، فقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام: (أن الرجل يعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها).

    وقت التكبير المقيد

    السؤال: أشكل علينا يا فضيلة الشيخ وقت التكبير المقيد متى يبدأ، فنرجو من فضيلتكم التنبيه على السنة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير، وهل هو للمقيم والحاج سواء؟

    الجواب: من المعلوم أن الله عز وجل أمر بذكره في كل وقت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً [الأحزاب:41-42] لكن عشر ذي الحجة اختصت بمزيد، فيشرع للناس الذكور والإناث من دخول شهر ذي الحجة إلى آخر يومٍ من أيام التشريق أن يكبروا ويهللوا ويحمدوا، يقولون: الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله، والله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد، في كل وقت، لكن العلماء رحمهم الله يقولون: من طلوع فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق يسن أن يكبر فيها تكبيراً مقيداً في أدبار الصلوات، أي: بعد أن تستغفر الله وتقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تكبر من طلوع فجر يوم عرفة إلى آخر يومٍ من أيام التشريق وذلك في صلاة العصر يوم التشريق آخر أيام التشريق، ولك أيضاً أن تكبر في جميع الوقت فيجتمع من يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق تكبير مطلق وتكبير مقيد.

    النطق بالنية في الحج والأضحية

    السؤال: يشكل علي يا فضيلة الشيخ النطق بالنية إذا قال الحاج: لبيك عمرةً مثلا، أو قول المضحي: هذه عن فلان أي: تسمية صاحب الأضحية عند الذبح، فأرجو رفع الإشكال؟

    الجواب: لا إشكال في ذلك؛ لأن قول المضحي: هذه عني وعن أهل بيتي إخبار عما في قلبه، فهو لم يقل: اللهم إني أريد أن أضحي كما يقوله من ينطق بالنية، بل أظهر ما في قلبه فقط وإلا فإن النية سابقة من حين أن أتى بالأضحية وأضجعها وذبحها فقد نوى، وكذلك يقال في النسك: لبيك حجاً .. لبيك عمرة، ليس هذا من باب ابتداء النية؛ لأن الناس قد نووا من قبل، ولهذا لا يشرع أن تقول: اللهم إني أريد العمرة .. اللهم إني أريد الحج، لا، انو بقلبك ولبِّ بلسانك، وأما التكلم بالنية في غير الحج والعمرة والأضحية فهذا أمر من المعلوم أنه ليس بالمشروع، فلا يسن للإنسان إذا أراد أن يتوضأ أن يقول: اللهم إني أريد أن أتوضأ، أو اللهم إني نويت أن أتوضأ، أو بالصلاة اللهم إني أريد أن أصلي، اللهم إني نويت أن أصلي، كل هذا غير مشروع، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

    كيفية أخذ المرأة من شعرها القصير

    السؤال: إذا كانت المرأة قصيرة الشعر بحيث أن شعرها كشعر الرجل لا يمكنها أن تظفره ظفائر فماذا عليها؟

    الجواب: هذه المرأة إذا لم يكن لها ظفائر فإنها تأخذ من أطراف الشعر بقدر أنملة والأنملة: هي فصطت الإصبع.

    جواز الحلق في الحج قبل النحر أو بعده

    السؤال: ما معنى قول الله تعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] أليس هذا هو صريح في أن النحر يكون قبل الحلق وإلا فما معنى الآية؟

    الجواب: قوله تعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] أي: لا تحلق الرأس إلا إذا ذبحتم، هذا معنى الآية، لكن جاءت السنة أنه لا حرج أن يحلق قبل النحر، وما دامت السنة جاءت بذلك فيكون هذا تخفيف من الله عز وجل، أو يقال: (حتى يبلغ الهدي محله) أي: وقت حلوله، لا أن المراد أن يذبحه فعلاً، وحينئذٍ لا منافاة بين الحديث وبين الآية، فلها في ذلك توجيهان:

    التوجيه الأول: أن يقول: إن معنى قوله: حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] ليس هو أن يذبح الهدي بل أن يأتي وقت الذبح.

    والثاني أن يقال: إنه حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] أي: حتى يذبح، لكن السنة جاءت بجواز تقديم الحلق على النحر.

    حكم أضحية الحاج

    يقول: كيف يجمع الإنسان بين الحج والأضحية؟ وماذا يصنع بالنسبة للأخذ من شعره وأظفاره؟

    الجواب: ذكرنا أن الحاج لا يضحي، لكن من له أهل فإنه يجعل عندهم القيمة يضحون عنه، وأما هو فله الهدي، وإذا قدر أن يقول لأهله: ضحوا عني وعنكم والفلوس منه هو فهو المضحي حقيقة، ولكن لا حرج أن يأخذ من شعره إذا تحلل من العمرة، لأن الإنسان المتمتع إذا قدم مكة وطاف وسعى فإنه يقصر وهذا التقصير لا يضر لأنه نسك، والذي ورد به النهي إنما هو الأخذ بغير النسك.

    حيض المرأة أثناء الطواف

    السؤال: حاضت المرأة في أثناء الطواف فماذا تفعل؟

    الجواب: إذا حاضت في أثناء الطواف؛ إذا كان الطواف طواف الوداع خرجت ولا شيء عليها، وإن كان طواف الإفاضة خرجت ثم أعادت الطواف إذا طهرت.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767985531