أما بعد:
فهذا هو اللقاء الأربعون من اللقاءات الشهرية التي تتم ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذه الليلة ليلة الأحد الحادي والعشرين من شهر رجب عام (1417هـ)، أحمد الله سبحانه وتعالى أن يسر مثل هذه اللقاءات، وأسأله تبارك وتعالى أن يثيبنا جميعاً، وأبشر الإخوة الذين يحضرون إلى هذه اللقاءات أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) وأن مجالس الذكر هي رياض الجنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: حلق الذكر).
إنني أحمد الله سبحانه وتعالى على تيسير مثل هذه اللقاءات، وأسأله تعالى أن يجعلها لقاءات نافعة مباركة.
لدينا اليوم موضوع وهو أننا الآن في شهر رجب، وشهر رجب هو أحد الأشهر الأربعة الحرم، والأشهر الأربعة الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب. كما قال الله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ [التوبة:36] وقد ورد في هذا الشهر صلوات وصيام وأذكار لكنها كلها ضعيفة، لا تثبت بها حجة، ولا تُثبت بها سنة، وإذا ثبت ذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يقول: هذا شهر محرم، سأزيد فيه من صلاتي، أو أزيد فيه من ذكري، أو أزيد فيه من صيامي، أو ما أشبه ذلك، لماذا لا يجوز؟
لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أدرك هذا الشهر، فهل زاد فيه على غيره؟ لا، إذا لم يزد فيه على غيره فليس من حقنا أن نقول: إنه شهر محرم نزيد فيه على غيره؛ لأننا نحن متبعون ولسنا مبتدعين، ولو أن الإنسان فيما يتقرب به إلى الله اتبع ذوقه أو اتبع رأيه لأصبح بلا دين؛ لأنه إنما يتبع هواه، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [القصص:50].
إذاً.. علينا ألا نخص شهر رجب إلا بما خصه الله به ورسوله، أنه شهر محرم يتأكد فيه اجتناب المحرمات، وأنه لا يحل فيه القتال مع الكفار فإنه شهر محرم، والأشهر الحرم لا قتال فيها إلا إذا بدءونا بالقتال أو إذا كان ذلك سلسلةً قتالية امتدت إلى الشهر المحرم.
كذلك أيضاً نحن الآن في النصف الأخير من شهر رجب، مقبلون على شهر شعبان فهل لشهر شعبان مزية على غيره؟ الجواب: نعم، له مزية على غيره في الصيام فقط، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يكثر من صيامه حتى كان يصومه كله إلا قليلاً منه، فإكثار الصيام في شعبان من السنة أما في رجب فلا.
هذه الليلة أي ليلة كانت؟ وفي أي شهر؟
لا يستطيع أحد أن يعينها، ولهذا اختلف المؤرخون فيها على أقوال متعددة، لم يتفقوا على شيء.. لماذا؟
لا لأنه حدث سهل يسير بل هو والله حدث عظيم، لكن تعرفون أن العرب كانوا أميين لا يقرءون ولا يكتبون ولا يؤرخون إلا بسنة الفيل وما أشبه ذلك، فهم لم يحددوا تلك الليلة بليلة معينة، وما اشتهر من أنها ليلة سبع وعشرين من رجب فإنه لا أصل له في التاريخ.
ثم على فرض أنه ثبت أنه أسري به في تلك الليلة -أعني: ليلة سبعٍ وعشرين- هل لنا أن نحدث فيها شيئاً من العبادات والرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدث ذلك، ولا الخلفاء الراشدون، ولا الصحابة، ولا الأئمة؟
هل لنا أن نجعلها عيداً؟
ليس لنا أن نجعلها عيداً نعطل فيها المدارس، نعطل فيها الدوائر، نعتبرها عيداً يتكرر، ليس لنا ذلك، لنا سلف في دين الله.. من هم؟
الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإن فعلوا ذلك فعلى العين والرأس، وإذا لم يفعلوا ذلك فتركه سنة؛ لأنهم تركوه، ولهذا نقول: السنة إما إيجاد وإما ترك، فما وجد سببه في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يفعله كان ذلك دليلاً على أن تركه هو السنة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقم لهذه الليلة صلوات ولا أدعية ولا جعلها عيداً.
وللأسف الشديد أن كثيراً من المسلمين يتمسكون في هذه الأشياء البدعية التي ما أنزل الله بها من سلطان وتجدهم في أمور ثبتت فيها السنة غير نشطاء فيها بل متهاونون بها، بل لو فعلها الإنسان لقالوا: هذا مبتدع، وهذا هو الذي أوجب للمسلمين التأخر والنكوص على الوراء؛ لأنهم ما نظروا إلى أسلافهم نظرةً قاصرة لا تتجاوز القرن الذي هم فيه إلى المدى البعيد إلى زمن السلف الصالح، وهذا والله ضرر عظيم.
إذاً: ما موقفنا من ليلة سبع وعشرين من رجب إذا مرت علينا؟
الجواب: أن تمر كغيرها من الليالي، ويومها كغيره من الأيام، ولا نرفع بها رأسا،ً ولا نرى في عدم إقامة الاحتفالات بها بأساً؛ لأنها ليست بسنة، وخير الهدي هدي محمد صلوات الله وسلامه عليه؛ ولهذا يا إخواني كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرر في كل خطبة يوم الجمعة يقول: (أما بعد.. فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها) لماذا؟ لأنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: (إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً) اختلف الناس وابتدعوا في دين الله ما ليس منه حتى حصل هذا التأخر الذي نشاهده اليوم، نسأل الله أن يعيد للأمة الإسلامية مجدها وعزها.
لو أن الإنسان قال: اللهم ارزقني ذريةً صالحة وبقي لم يتزوج. أيكون مصيباً، أم مخطئاً؟ مخطئاً.
تكون الزوجة قرة عين لزوجها والزوج قرة عين لزوجته إذا قاما بما يجب عليهما في دين الله، قال الله عز وجل: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وقال: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228] لو قام كل زوج بما يجب عليه لزوجته من حقوق، فأنفق الإنفاق الواجب من كسوة وطعام وشراب ومسكن، وقام بما يجب عليه من العشرة بالمعروف من طلاقة الوجه، ومساعدة الزوجة فيما ينبغي مساعدتها فيه، وكذلك هي قامت بما يجب عليها من حقٍ لزوجها لدامت العشرة بينهما، ولسعدا في حياتهما، ولاستقامت الأحوال بينهما، لكن مع الأسف الشديد أن بعض الأزواج -وأعني بهم الرجال- لا يقومون بالواجب عليهم بالنسبة لحق الزوجات، بل كأن الزوجة خادم، ليس له هم إلا أن يقضي وطره منها أو يستخدمها في مصالح البيت، ولا يسفر وجهه أمامها يوماً من الأيام، ولا يتكلم عليها إلا بطرف أنفه، ويحتقرها، ثم مع ذلك يريد أن تقوم بواجب حقه.. فهذا من الظلم (عاشروهن) معاشرة من الجانبين (بالمعروف).
لكن لو أنه بذل الواجب عليه، وصار كما كان عليه نبينا صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله، يحلب الشاة لأهله عليه الصلاة والسلام، ويرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) وهي كذلك أيضاً لو أنها صبرت واحتسبت الأجر، وانتظرت الفرج، وقامت بحق زوجها وإن قصر في حقها كانت العاقبة لها، وهذه قاعدة اعتبرها في كل من بينك وبينه حقوق: إذا قمت أنت بالواجب وقصر هو نصرك الله عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي كان يصل رحمه ويحسن إليهم ويحلم عليهم وهم بالعكس، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملَّ، ولا يزال لك من الله ظهير عليهم) (ظهير) أي: معين عليهم، لأن ظهير بمعنى: معين، كما قال تعالى: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ [التحريم:4].
انظر كيف قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يزال لك من الله ظهير عليهم) كذلك الزوجة إذا قامت بحق زوجها وصبرت على تفريطه وعلى عدم قيامه بالواجب ستكون العاقبة لها، والزوج كذلك، أي: أنه يوجد من الأزواج الذكور والإناث من يُخل بالواجب عليه فعلى كُلٌّ منا أن يصبر.
ولكن أسألكم أيها الرجال: من الذي يخاطب بالصبر والتحمل الذكر أم الأنثى؟
الذكر، والدليل: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة) قال العلماء: أي: لا يكرهها (إن سخط منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) فبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن الرجل يجب أن يكون رجلاً يتحمل أكثر؛ لأنه رجل عاقل يملك نفسه ويعرف المنافع فينظر إلى المستقبل، والمرأة -كما تعلمون- تنظر إلى ما بين قدميها فقط، لا يمتد طرفها إلى بعيد، والنبي صلى الله عليه وسلم قال أيضاً: (إن استمتعت بها استمتعت بها على عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها) وكسرها: طلاقها. لذلك على الأزواج أن يتحملوا ما يجدون من تقصير بالنسبة لزوجاتهم، وأن يلاطفوهن.
ثم اعلم أن المرأة قريبة بعيدة، لو سمعت منك كلمة لينة لزال كل ما في قلبها من الغل؛ لأنها قريبة، ولو سمعت منك كلمةً سهلة وتصورتها صعبة انتفخت وغضبت؛ لأنها قريبة، فيجب على الرجال أن يداروا النساء حتى يتحقق دعاؤهم: رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ [الفرقان:74].
ومن المهم في هذا الباب: أن يكون الإنسان حريصاً على استقامة أهله، يأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويتحدث إليهم في الترغيب والترهيب، ولا يقول: أنا لست بشاق عليهم، أخشى أن يملوا مني.. لا، والله متى فعل الإنسان شيئاً لله أو قال قولاً لله ولو كان يعتقد أن الناس سيستثقلونه فإن العاقبة ستكون له مهما كان.
كذلك أيضاً علمه الصدق، لا تعده موعداً فتخلفه، إذا وعدته موعداً فأخلفته استسهل الكذب، واستسهل إخلاف الوعد، لو قلت: تعال يا ولد، أريد أن أعطيك حلوى، وأدخلت يدك في جيبك على أنك تريد أن تعطيه حلوى، ثم إذا جاء أمسكته إما تريد أن تضربه أو ما تعطيه شيئاً، ماذا يكون رد الفعل في نفسه؟ سيكون شديداً، وسيتعود الكذب، ولذلك يخطئ بعض الناس إذا صاح الصبي قال: اسكت، اسكت، تريد حلوى؟ الصبي يسكت مباشرة؛ لأن الحلوى عنده من أغلى شيء، إذا سكت قال: لا يوجد حلوى وهذه الحلوى عنده.. هل هذا صواب؟ لا، لكن إذا لم يكن معك حلوى تفي بوعدك تقول: اسكت يا ولد، الصياح ليس طيباً، وقل له كلاماً يكون حقاً.
وكذلك أيضاً أمرهم بالصلاة: متى نأمرهم بالصلاة؟ لسبع، قبل السبع لا تأمرهم، إن صلوا فمن أنفسهم فذاك المطلوب، ولا تمنعهم، لكن لا تأمرهم لأنك لست أحكم من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يأمرنا أن نأمرهم إلا لسبع إلى العشر، فإذا أتموا عشراً فحينئذٍ يُضربون لكن ليس ضرباً مبرحاً، وليس كضرب البالغ منهم، بل ضرباً يحسون باهتمامك بالصلاة، ولكل مقام مقال، والصبيان يختلفون، فبعضهم عنده شعور قوي بمجرد ما تنهره أو تأمره يمتثل، وبعضهم عنيد لا يزداد بمثل ذلك إلا نفوراً منك، فلكل مقام مقال.
أولاً: العلم، أن الإنسان يسأل الله أن يكون عالماً.. لماذا؟ يقول: لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً [الفرقان:74] متى يكون إماماً في التقوى؟ إذا كان عالماً بما يتقي.
إذاً .. هذه الجملة تتضمن أنك تسأل الله أن تكون طالب علم؛ لأن من لازم التقوى أن يكون عالماً بما يتقي.
ثانياً: تتضمن أيضاً: أن يكون الإنسان عاملاً بما علم؛ لأن الإنسان لا يكون إماماً إلا إذا كان قدوةً صالحة، ولذلك تجد العلماء يقتدون بأسلافهم .. يقتدون بأئمة المسلمين كالإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وإخوانه من الأئمة؛ لأنهم علموا وعملوا, ولو جاء رجل عالم فصيح بليغ وتكلم ولكن الناس لا يعرفون منه عملاً فإن قبولهم إياه سيكون ضعيفاً..
إذاً: أنت تسأل الله بقولك: وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً [الفرقان:74] أن يرزقك عملاً بما علمت.
ثالثاً: مما يدخل في هذه الجملة: وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً [الفرقان:74] أن تسأل الله أن تكون لك حجة قوية؛ لأن الإنسان إذا لم يكن عنده حجة قوية يمكن يصلح بنفسه لكن لا يستطيع أن يصلح غيره؛ لأن كل إنسان يناظره يمكن أن يغلبه وينهزم أمامه، وحينئذٍ لا يكون إماماً للمتقين، فأنت بهذا تسأل الله أن يجعل لديك بلاغةً وفصاحةً وإقناعاً، والناس يختلفون، كم من إنسان واسع العلم لكنه لا يستطيع أن يقنع، وكم من إنسان أقلَّ ولكنه يستطيع أن يقنع غيره.
رابعاً: ومما تتضمن هذه الجملة: حسن الأخلاق، وما أعظم حسن الأخلاق وما أقله في كثيرٍ من الناس، الإنسان لا يمكن أن يكون محبوباً ولا مقبولاً إلا إذا وفِّق لذلك بكونه محباً لله فيحبه الله عز وجل ويتبع سبيل المؤمنين، ومن أهم شيء في ذلك أن يكون حسن الأخلاق، يتحمل ويصبر على أذى الناس، ويعلم أن الدنيا لم تفرش وروداً له، ويعلم أنه كلما نجح في أمره فإنه سوف يحاول عدوه الذي ليس على منهجه أن يعرقل سعيه، وكلما كثر تأثيره ظهر له أضداد، ولا بد، وإن شئتم فتابعوا سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، هل ظهر له أضداد؟ نعم، ظهر له أضداد وأرادوا أن يقتلوه: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ [الأنفال:30] كم هذه؟ ثلاثة: (ليثبتوك) الحبس، (أو يقتلوك) الإعدام، (أو يخرجوك) الطرد، كل هذا أرادوه ولكنهم َيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30].
إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أوذي وقد كان ساجداً لله تحت بيت الله، آمن ما يكون في أرض الله وتوضع سلى الناقة على ظهره وهو ساجد، وهو صابر محتسب، ذهب إلى أهل الطائف وماذا فعلوا به؟ اصطفوا صفين من سفهائهم وخدمهم وعبيدهم، وكل واحد معه حجر، وجعلوا يرمون النبي صلى الله عليه وسلم حتى أدموا عقِبه، ولم يفق، فرَّ على وجهه، ولم يفق إلا في قرن الثعالب عليه الصلاة والسلام، من يتحمل هذا؟
وأعظم من ذلك أنه جاءه ملك الجبال واستأذنه أن يطبق الأخشبين عليهم ولكن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أستأني بهم -أؤخر عقوبتهم- لعلَّ الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله) انظر إلى بعد النظر! قوم حاربوه، أخرجوه من مكة وطردوه من الطائف، ومع ذلك يقول: (أستأني بهم لعلَّ الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله) كان الأمر متوقعاً، فأخرج الله تعالى من أصلابهم من عبد الله وكان إماماً في دين الله، وكان من الفرسان في دين الله عز وجل، فحسن الخلق يجعل الإنسان إماماً للمتقين.
فعليك يا أخي بحسن الخلق، واصبر واحتسب، واجعل هذه الآية الكريمة أمامك إماماً لك، وهي: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف:199] يا لها من آية، والله لو سرنا عليها لسلمنا من قلق كثير: خُذِ الْعَفْوَ [الأعراف:199] ما معنى العفو؟ ما عفا من أخلاق الناس، وما يعاملك به، واترك ما وراء ذلك، لا تريد من الناس أن يعاملوك بما تريد أبداً إلا إن يشاء الله.
ثانياً: وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ [الأعراف:199] لا تصمت، وإذا أصابك شيء فاصبر واحتسب.
ثالثاً: وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف:199] ستجد جاهلاً يشتمك، يغتابك، ربما يضربك، يقول الله عز وجل: وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف:199] وكن كما قال النبي عليه الصلاة والسلام حين أدميت أصبعه قال: (هل أنت إلا أصبع دميت، وفي سبيل الله ما لقيت).
واعلم يا أخي أن ما أصابك في دين الله فهو رفعة لك وخير وأجر، وتذكر أنه لن ينفعك حينما تكون ممدوداً على نعشك إلا هذا وأمثاله، لن ينفعك حينما تنفرد في قبرك إلا هذا وأمثاله، لن ينفعك حين تقوم لرب العالمين حافياً عارياً أغرل إلا هذا، هذا هو الذي ينفعك حقيقة، وما سوى ذلك من مُتع الدنيا فهو زائل: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا [النازعـات:46] فأنت يا أخي عندما تقوم تصلي تجد عراكاً مع نفسك، مصارعة، نفسك تقول: عجل، عجل، عجل.. لكن لا تطعها، قل: أنا أعلم أني لا أنتفع من دنياي إلا في هذه اللحظة وبهذا العمل، وإذا شعرت هذا الشعور وأنك لن تنتفع من حياتك إلا بهذا وأمثاله هل تفر منه فرارك من الأسد أم تطمئن؟
الجواب: تطمئن، يا أخي فكر في هذا، عندما تقول: الله أكبر. تجد شيئاً في نفسك يقول: يا الله (مشي مشي). قل: يا أخي.. هوناً هوناً هوناً.. ما لي من حياتي إلا هذا، ما ينفعني في قبري ولا عند موتي ولا يوم القيامة إلا هذا، اطمئن يا أخي، ثم اذكر وأنت في صلاتك من تناجي يا أخي؟
تناجي أحب شيء إليك وهو الله عز وجل، ألم تعلم أنك إذا قلت: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] قال الله تعالى من فوق سبع سماوات: حمدني عبدي؟
ألم تعلم أنك إذا قلت: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3] قال الله: أثنى عليَّ عبدي؟
ألم تعلم أنك إذا قلت: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] قال الله: مجدني عبدي.. كل هذا حق.
ألم تعلم أنك إذا قلت: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] قال الله: هذا بيني وبين عبدي نصفين؟
ألم تعلم أنك إذا قلت: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل؟
هل تجد خيراً أكثر من هذا؟!! كيف تفر من أن تقف بين يدي من يناجيك وهو على كل شيء قدير؟!!
يا أخي! اعرف نفسك، ولماذا خلقت، والله لو كنا نشعر هذا الشعور لهانت علينا العبادات، ولرخصت علينا الدنيا كلها:
لو ساوت الدنيا جناح بعوضة لم يسق منها الرب ذا الكفران |
لكنها والله أحقر عنده من ذا الجناح القاصر الطيران |
هكذا يقول ابن القيم رحمه الله وصدق.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من دعاة الخير، وأنصار الحق، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.
وإلى ما تيسر من الأسئلة نجيب عليها، ونسأل الله أن يعصمنا من الزلل، وأن يوفقنا للصواب إنه على كل شيء قدير.
الجواب: أسأل الله سبحانه وتعالى لأخينا السائل أن يشفيه ويعافيه، وأن يرزقه الصبر والاحتساب، وأن يجعل ما أصابه رفعةً في درجاته وتكفيراً لسيئاته.
أما موضوع السؤال فنقول: يطعم عن كل يومٍ مسكيناً، وليس بلازم أن يعطي كل مسكين على حدة، فإذا قدر أن في البيت عشرة مساكين أعطاهم ما يكفي عشرة، لكل واحد كيلو من الرز، ويجعل معه شيئاً من اللحم يكون إداماً له، ثم ينظر إلى بيتٍ آخر فيه عشرة فيعطيهم، ثم إلى بيت ثالث فيه عشرة ويعطيهم، وبذلك تبرأ ذمته، وإذا قدر أنه في قرية صغيرة لا يجد ثلاثين واحداً فلا بأس أن يكررها على الموجودين في أيام متعددة حتى يستكمل ثلاثين.
الجواب: أولاً: أنصح أخي السائل والمستمعين أن مسائل الغيب لا يجوز فيها أن يعارض بعضها ببعض، فيجب أن نقبل أن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى يوم القيامة، ويجب أن نؤمن بأن محمداً رسول الله سمع صريف الأقلام ما دام كل منهما صحيحاً، يجب علينا أن نؤمن ولا نقول: لماذا أو كيف؟ لأن هذه أمور غيبية كما أننا نؤمن بأن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، هل يقول قائل: كيف ينزل وهو فوق كل شيء؟ نقول: لا يجوز هذا، الأمور الغيبية قل: سمعنا وصدقنا ولا تعارضها، أسألكم كلكم الآن: هل يستطيع رجل منكم أن يصف لنا نفسه التي بها حياته؟
الجواب: لا: وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء:85] كيف تحاولون أن تعرفوا صفة الرحمن عز وجل أو تعرفوا أقداره؟ هذا لا يمكن.
نصيحتي لكل شخص أن مثل أمور الغيب يجب أن يؤمن بها ولا يسأل، أشرنا قبل قليل في المعراج أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بالرسل إماماً في بيت المقدس ، وحين صعد إلى السماء وجد فيها من المرسلين من وجد، هل نقول: كيف يكون ذلك؟ أبداً، الأمور إذا صحت في القرآن أو في السنة قل: آمنا بالله ورسله، لا تضرب القرآن بعضه ببعض ولا السنة بعضها ببعض، هذه أمور أكبر من عقولنا.
على أنه لا يستحيل عقلاً أن تكتب الأشياء مرتين، الإنسان مثلاً عنده دفتر يكتب فيه اليوميات ويعيدها أيضاً مرةً ثانية في أوراق أخرى.. هذا ممكن عقلاً؟ على أن الأمور الغيبية لا تحاول أن تقيسها بعقلك؛ لأنها أكبر من عقلك.
فنقول: إن الله تعالى قال: يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرحمن:29] كل يوم هو في شأن عز وجل، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وهذه الأقلام التي سمعها الرسول عليه الصلاة والسلام من الممكن أن تكون أقلاماً تعيد ما كتب في اللوح المحفوظ، والله أعلم، إن كان هذا هو الحق فالحمد لله الذي وفقنا له، وإن كنا أخطأنا فنستغفر الله ونتوب إليه، لكننا نؤمن بما أخبر الله به ورسوله، وإياك -أيها الأخ- أن تعارض القرآن بعضه ببعض أو السنة بعضها ببعض.. هذه أمور غيبية، الأمور الحكمية الفقهية لعقل الإنسان فيها مجال ومدخل، أما الأمور الخبرية المحضة فلا تتعب نفسك.
الجواب: أرى أنه ليس بالمناسب؛ لأن الخطبة في الإسراء والمعراج في هذا الشهر يعني توكيد أن المعراج في هذا الشهر، وهذا غلط، أقرب ما يكون من الأقوال في المعراج: أنه كان في ربيع الأول؛ لأن ربيع الأول هو مبتدأ الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أول ما بدئ بالوحي في ربيع الأول، وصار يرى الرؤيا حتى تأتي مثل فلق الصبح، وفي رمضان نزل عليه القرآن، فأقرب ما يقال مع أنه ليس هناك نص صريح صحيح: أنه في ربيع الأول وليس في رجب، ولذلك لا ينبغي للخطباء أن يقرءوا فصة المعراج في الخطب في هذا الشهر؛ لأن ذلك يعني تثبيته، وإذا ثبت في قلوب العوام صار عقيدة.
الجواب: يقول الله عز وجل: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ [المؤمنون:60] أي: يعطون ما أعطوا (وقلوبهم وجلة) أي: خائفة ألا يقبل منهما، لا استبعاداً لكرم الله عز وجل لكن خوفاً من ذنوبهم، يخشى الإنسان أن يكون ما آتاه من المال لا يقبل؛ إما لإعجابه، وإما لمنه بالصدقة، وإما لكون المال حراماً، أو ما أشبه ذلك، هل كل منا يجزم بأن صدقاته مقبولة؟ لا، كل يخاف.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه) فمراد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك حث الإنسان على العمل الصالح إلى الموت؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يحسن الظن بربه وهو يبارزه بالعصيان، لو أنه أحسن الظن بالله وهو يبارزه بالعصيان لكان مستهتراً، إحسان الظن بالله أن تعمل ما يكون سبباً لما تظنه بالله عز وجل، ولهذا يخطئ بعض الناس أن يكون مهملاً ثم يقول: أحسن الظن بالله.. لا، أحسن الظن بالله بمعنى: صل، وقل: إن الله سيقبل عبادتي، هذا إذا نظرت إلى كرم الله، إذا نظرت إلى نفسك أخشى أن أكون مقصراً، فتكون بين الخوف والرجاء.
الجواب: أما إذا طرأ ما يوجب التغميض فلا بأس، مثل: أن يدخل في الصلاة ثم حصل أمامه صبيان يلعبون، أو لاحظ شيئاً يشغله عن الصلاة، فهنا لا بأس أن يغمض، وإذا أغمض عينيه بدون سبب ورأى من نفسه أنه يخشع فهذا من وحي الشيطان؛ لأن تغميض العين في الصلاة مكروه، فإنه قيل: إنه فعل المجوس عند عبادتهم النيران.
فتغميض العين فيه تفصيل: إذا كان لأمرٍ حدث فتخشى أن تتبعه بصرك فتنشغل عن صلاتك فهنا غمض العينين، وأما أن تغمض عينيك من أجل الخشوع فهذا خطأ.
الجواب: أقول لهذا السائلة ولمن يستمع: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (خير الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر) أنت صحيح شحيح -تريد المال- (تأمل الغنى) (وتخشى الفقر) هذا أفضل الصدقة، سواء كانت صدقةً جارية تبقى لك بعد موتك، أو كانت صدقةً عارضة لفقير اضطر إليها أو ما أشبه ذلك، هذه خير الصدقة.
فنقول لهذه الأخت السائلة: فيما رأينا من الناس الآن وأحوالهم ومحبتهم للدنيا، وشحهم، وقطيعة الرحم، نرى أن الإنسان يجعل من ماله شيئاً للمساجد .. للجمعيات الخيرية كجمعيات تحفيظ القرآن مثلاً وجمعيات البر وما أشبهها.
ثم إذا أراد أن يوصي يوصي لأقاربه الذين لا يرثونه، مثلاً: إنسان له عم وله أبناء عم، له أخ وله أبناء أخ، أخوه يرث وأبناء أخيه لا يرثونه، عمه يرث وأبناء عمه لا يرثونه، يوصي للذين لا يرثونه؛ لأن صلة الرحم أفضل من إعتاق الرقاب، ولهذا لما قالت إحدى أمهات المؤمنين للنبي عليه الصلاة والسلام: إنها أعتقت جارية لها قال: (إنها لو جعلتها في أقاربها كان خيراً لها) أوصي الأقارب الذين لا يرثون، إن شئت قل: الأقرب فالأقرب، وإن شئت فقل: الأحوج فالأحوج، وأما الذين يرثون فلهم ميراثهم.
وأيضاً أقول: أوصي لهم بشيء يكون مقطوعاً، كل يأخذ نصيبه ويذهب، لكن الشيء الثابت وجدنا أن أبناء العم يتحاكمون ويتخاصمون من أجل بيت مشترك بينهم أو أرض مشتركة، ويتقاطعون الأرحام، وحدثني بعض الناس: أن قوماً تنازعوا في بيت وقَّفه جدهم، وهم بنو عم عند القاضي، قبل أن تحدث هذه المحاكم والأمور الرسمية، فجعلوا يختصمون ويتكلمون، حتى إن بعضهم قال: لعن الله جداً جمع بيننا! -أعوذ بالله- وهو جدهم الذي أوقف لهم البيت، لكن النزاع والخصومة -والعياذ بالله- (الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم).
إذاً: لا حاجة لهذا، أتصدق أو أوصي بشيء ينقطع وينتهي، أو بشيء دائم بعيد عن الأقارب كالمساجد والجمعيات وما أشبهها.
الخلاصة:
أقول لهذه المرأة: تختار إحدى العمارات وتجعلها وقفاً على المساجد، أو تباع ويعمر بها مسجد.. هذا أحسن شيء.
أما نص الوصية فلا يحتاج إلى تعب، يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، ويحضر رجلان كاتب وشاهد: حضرت عندنا المرأة الفلانية وأوصت بعمارتها المعروفة في مكان كذا وكذا أن يجعل ريعها للمساجد، أو أن تباع ويعمر بها مسجد، أو ريعها يكون في الجمعيات الخيرية أو في مسابقة تحفيظ القرآن، وما أشبه ذلك.
وتكون الوصية من الثلث فأقل لغير وارث.
الجواب: ينوي الانفراد عنه، وإذا سلم يخبره، أما المأمومون الذين لم يعلموا بذلك فصلاتهم صحيحة، لكن هذا المأموم ينصرف ويتم الصلاة وحده؛ لأنه الآن يصلي خلف إمام في اعتقاده أن صلاته باطلة، لأنه ما توضأ، فينصرف ويسلم وإذا سلم الإمام نبهه، ووجب على الإمام أن يعيد الوضوء والصلاة، وأما المأمومون فلا شيء عليهم.
وهذه قاعدة مفيدة أفيدها الآن، والحمد لله أن السؤال جاء بها: إذا صلى الإمام محدثاً ولم يعلم إلا بعد الصلاة وجب عليه الوضوء وإعادة الصلاة، والمأمومون لا شيء عليهم، علم بذلك في أثناء الصلاة ينصرف ويقول للمأمومين: يا فلان! أتم بهم الصلاة، إذا تبقى ركعة كم يصلون؟ ركعة، أتم بهم الصلاة، فإن لم يقل: أتم بهم الصلاة فليقدموا واحداً منهم، فإن لم يفعلوا فليكمل كل واحد لنفسه.
الجواب: إذا كان هذا الدكان استؤجر لعمل الطعام (السندويتش) أو غيره فالإجارة صحيحة، وإن استؤجر لبيع الدخان فالإجارة باطلة، ولا حق للمستأجر في هذا الدكان؛ لكن الغالب أن المؤجر لا يدري ماذا يفعله المستأجر في دكانه فالإجارة إذاً صحيحة، لكن إذا تمت المدة -أعني: مدة الإجارة- وجب على المؤجر أن يقول للمستأجر: إما أن تمتنع عن بيع الدخان وإلا فاخرج، ولا يجوز أن يعقد له الإجارة بعد ذلك وهو يعلم أنه سيبيع الدخان في هذا الدكان.. لماذا؟ لأن شرب الدخان محرم، والمعين على المحرم آثم مشارك له في الإثم، ودليل ذلك: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله) من آكل الربا؟ المرابي آخذ الربا سواء أكله أو لبسه، وموكله الذي أخذ منه الربا، انظر.. الذي أخذ منه الربا ملعون مع أنه مظلوم، شاهديه: ما عملهم؟ تثبيت العقد، لأنه بالشهادة يثبت، الخامس: كاتبه، أيضاً يثبت الربا، كلهم ملعونون على لسان النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم متعاونون.
فلما كان الدخان حراماً كان بيعه حراماً، وكان تأجير المحلات لبيعه حراماً، والأجرة محرمة، وأقول: إن الدخان حرام بأدلة القرآن والسنة والعقل:
أدلة القرآن: الدليل الأول: قال الله تبارك وتعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً [النساء:5] ما الفائدة من الأموال التي أعطانا الله إياها؟
أن تكون لنا قياماً تقوم بها مصالح ديننا ودنيانا، أي مصلحة في إنفاقها في شرب الدخان؟! لا مصلحة.
الدليل الثاني: قال الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29] وشرب الدخان من أسباب قتل النفس، وانظر إلى الإحصائيات في البلاد التي تعتني بهذه الأمور كم تجد من الذين ماتوا بسبب الدخان.
الدليل الثالث: قال الله تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195] ولا شك أن الذي يشرب الدخان ملقٍ بنفسه إلى التهلكة، وانظر إلى جسمه! انظر إلى نفسه! انظر إلى حاله! ولو أنه سلم من ذلك لوجد نشاطاً وقوة كما علم بذلك من عصمهم الله منه بعد أن كانوا يشربونه.
أما السنة: فاستمع إلى ما ثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام من أنه نهى عن إضاعة المال، واسأل المدخن: هل هو يضيع المال، أم يحفظ المال؟
أقول: إنه يضيعه، حتى إن بعضهم -والعياذ بالله- يشتري الدخان ويدع أهله يتضاغون من الجوع! يقدم شراء الدخان على شراء الضروريات والحاجيات -نسأل الله السلامة- وهذا من إضاعة المال.
أيضاً شارب الدخان إذا لم يتيسر له شربه ماذا تكون نفسه؟
يضيق صدره، وتضيق عليه الدنيا، حتى الصلاة يؤديها وهو ضيق النفس غير مطمئن إليها، وفي الصيام حدِّث ولا حرج: سوف تضيق عليه الدنيا، ويثقل عليه الصيام، وشيء يثقل العبادات على الإنسان لا خير فيه.
أما العقل: فإن كل إنسان عاقل لا يرضى أبداً أن يبذل ماله فيما ليس بفائدة بل فيما فيه مضرة، كل إنسان عاقل لا يرضى أن يكون متلبساً بهذا الدخان ذي الرائحة الكريهة التي يفر منها كل إنسان، حتى إن بعض الناس إذا صف إلى جانبه في الصلاة أحد من شاربي الدخان ربما لا يستطيع أن يصلي، ينصرف إلى جهة أخرى، كل إنسان عاقل لا يمكن أن يفعل شيئاً فيه عليه الضرر.
ولهذا نحن في هذا المكان نوجه نصيحةً إلى الشباب أن يبتعدوا كل البعد عن الذين ابتلوا بشربه، فإنهم إذا شربوه ربما يوسوس لهم الشيطان فيشرب جليسهم، وإذا شرب الشاب وليس عنده فلوس، وسوف يضطر إلى تناوله بأي وسيلة، ألا يمكن أن يكون ذلك سبباً لبيع عرضه؟
بلى يمكن، شاب ليس عنده فلوس وقد اضطر إلى شربه سوف يصل إلى مراده بأي وسيلة، أو ربما يوجب له أن يسرق من مال أبيه أو من مال أمه أو من مال صديقه أو من مال من لا يعرف.. كل هذه آفات لشرب الدخان.
والقضايا والقصص فيما يترتب على شرب الدخان كثيرة جداً لا يليق بنا في هذا المجلس ونحن في بيتٍ من بيوت الله أن نذكرها؛ لأنها وخيمة جداً.
الجواب: أما قوله: لم يجد محرماً إلا زوجته فهذه عبارة غير صحيحة، لماذا؟ الزوجة غير محرم، الزوجة امرأة تحتاج إلى محرم، لكن لو قال: إنه لا ينفرد بواحدة من هؤلاء النساء، بمعنى: أنه يأتي يحملهن جميعاً ويردهن جميعاً ولا ينفرد بواحدة؛ لأن معه زوجته لكان اللفظ صحيحاً.
أنا أرى في هذا: أن السائق ما دام مأموناً في دينه، ولا ينفرد بواحدة من النساء، ويرجع في يومه أنه لا حرج في ذلك؛ لأن هذا لا يعتبر سفراً، كل الناس لا يقولون: إنهن سافرن للتدريس، حتى وإن كان (100كم) أو أكثر، فهذه المسافة لا تعتبر سفراً لأنه سيرجع في يومه قبل أن يتغدى هناك مثلاً، المهم أن هذا ليس بسفر وليس فيه مانع، والخلوة هي الممنوعة، وما دام ليس هناك خلوة فلا بأس، ولكن يجب على أولياء النساء أن يدققوا النظر في السائق، وهل هو ممن يوثق به أم لا.
الجواب: أرى أنه خاسر في الواقع، ومخالف لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها) وأقول: ما دام الله منَّ عليه بحفظ ما تيسر من القرآن فليتابع وليتعاهد القرآن فإن: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).
الجواب: كثرة قراءة القرآن بتأمل وتدبر، والنظر في آيات الله العظيمة كالسماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم، والنظر في آيات الله العظيمة كهطول الأمطار وامتناعها وما أشبه ذلك، والنظر في نعم الله؛ لأن من نظر إلى نعم الله تعالى أحب الله عز وجل، ولهذا جاء في الأثر: (أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم) والإنسان بطبيعته يحب من أحسن إليه، ولا أحد أعظم إحساناً ولا أكثر إحساناً من إحسان الله عز وجل، وليحرص على حضور القلب في الصلاة؛ لأن هذا من أسباب خشوع القلب، وتأمل قول الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2] هذا في أول الآيات، وفي آخر الآيات: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ [المؤمنون:9] تأمل أن الصلاة مكتنفة بالأعمال كلها وصفات الخير كلها، فعليك بالصلاة والخشوع فيها، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45].
الجواب: هذا يرجع إلى رجال الهيئة والحسبة في الإنكار وعدمه، أما من حيث أداء صلاة الجمعة فقد أدوها ولا يطالبون بها، لكن ليس من المستحسن إطلاقاً أن يفتحوا متاجرهم في سوق فيه مسجد يصلون الجمعة؛ لأن هذا فيه شيء من التحدي وعدم المبالاة، وفيه أيضاً إساءة ظن بهم.
فالذي أرى: أن يجتهدوا في الصلاة في الجامع الذي متجرهم فيه أو حوله، حتى إذا خرج الناس قاموا من حين أن يصلوا كما قال تعالى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:10].
أما كونهم يمكنون من فتح الدكاكين مع كون الناس الذين في المسجد الذي بجوارهم يصلون فهذا يرجع إلى الهيئة.
الجواب: والمؤذن أين ذهب؟ حقيقةً أين ذهب المؤذن؟!! صار إمامين في المسجد على كل حال الإقامة موكولة للإمام، والأذان للمؤذن، وليس للمؤذن حق أن يقيم الصلاة حتى يحضر الإمام، فإن فعل فهو آثم، وعلى الجماعة أيضاً إذا رأوا من المؤذن أنه سيقيم الصلاة قبل حضور الإمام أن يمنعوه؛ لأن الحق في الإقامة للإمام، لكن لو تأخر الإمام فإن كان مكانه قريباً فإن العلماء يقولون: يُراجع، كما كان الصحابة رضي الله عنهم إذا تأخر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذهبوا إلى بيته يراجعونه يقولون: الصلاة يا رسول الله. وإن كان بعيداً فهم معذورون إذا تأخر تأخراً لم تجرِ به العادة.
ولكني أقول: ينبغي للإمام إذا كان عنده شغل ولنقل: عنده وظيفة مثلاً ويخشى أن يتأخر في صلاة الظهر أن يقول لهم: إذا تأخرت مقدار عشر دقائق فأقيموا الصلاة، يكون في ذلك راحة له ولهم، وإذا جاء وهم يصلون دخل معهم كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام حين تأخر ذات يوم وقد ذهب ليصلح في بني عوف فجاء ووجد الناس يصلي بهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فدخل معهم في الصلاة، صار مأموماً عليه الصلاة والسلام، ولا حرج، وليس في كون الإمام مأموماً في مثل هذه الحالة أي غضاضة على الإنسان.
الجواب: ذكر النبي عليه الصلاة والسلام ذلك بميزان قسط، فإنه لما قال: (إن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي) هذه السنة، فمن كان يترسم خطا النبي صلى الله عليه وسلم ويأخذ بسنته عقيدةً وقولاً وعملاً فهذا الذي على السنة، ومن خالف فليس على السنة، لكن لا يجوز أن ننفي أنه ليس على السنة نفياً عاماً، بل نقول: هو مخالف للسنة في هذا الشيء المعين؛ لأنه يجب أن نعرف الفرق بين الإطلاق والتقييد، ليس من حقنا إذا رأينا أي صاحب بدعة أن نقول: إن هذا من أهل البدع، بل يجب أن نقيد: إنه من أهل البدع في كذا؛ لأن الإنسان قد يبتدع شيئاً ولكنه ملتزم بالسنة في أشياء كثيرة، هذا لا يصلح أن يطلق عليه أنه مبتدع، بل نقيد، وهذا هو الميزان العدل.
الجواب: لا شك أن المحبة في الله من أفضل الأعمال حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل -وذكر الحديث ومنه-: رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه) وهذه أوثق عرى الإيمان: أن يحب المرء لا يحبه إلا لله. وعلى كل منهما -أي: من المتحابين في الله- أن ينصح أخاه؛ لأن المؤمن مرآة أخيه، ولكن المهم هو أسلوب النصيحة، وكيف ينصح؟
وأما النصيحة فواجبة، ينظر الوقت المناسب والمكان المناسب والكلام المناسب، وكل إنسان على حسب ما يعتقد ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، أما أن يسكت على عيوبه والآخر يسكت على عيوبه لما بينهما من المودة ويخشى أن تنخدش المودة.. فهذا غلط، بل العتاب من أسباب بقاء المودة، كونك تعاتب أخاك سواء فيما يعاملك به أو في غيره خير من كونك تسكت على مضض ثم تتابع الأحداث ثم تحصل الفرقة.
الجواب: لا بأس به، وأي شيء في هذا؟ المرأة منذُ عهدٍ بعيد وهي إذا صلت تضع العباءة على كتفيها، ولا يعد هذا تشبهاً بالرجال؛ لأن هذا هو لباس النساء، التشبه أن يكون في شيء يختص به الثاني ولا يفعله المتشبه، وأما إذا كان شيئاً مشهوراً بين الطرفين فإن هذا ليس بنية التشبه، فلا نرى في هذا بأساً.
ثم إن المرأة أيضاً كيفية خمارها ليس ككيفية غترة الرجل، فهذه اللبسة ليست مشابهةً للبسة المرأة من كل وجه، فلا أرى في ذلك بأساً إن شاء الله.
الجواب: نرى أن اجتماع العائلة على الطعام ليس فيه بأس، ولكن لا يكونوا في سفرة واحدة، بل يكون النساء في جانب والرجال في جانب ولو كان المكان واحداً، أما كونهم يجلسون على سفرة واحدة فلا نرى ذلك إطلاقاً؛ لأنه لا يمكن أن الواحدة تأكل بدون أن تكشف وجهها، وإذا كشفت وجهها عند أخ زوجها أو عند عمه أو ما أشبه ذلك حصلت الفتنة، ولا تحقرن من الشر شيئاً، كم من إنسان يستبعد كل البعد أن تقع فتنة بينه وبين زوجة أخيه ولكن الشيطان قد ينزغ بينهم، انظر إلى كلام أحكم الخلق عليه الصلاة والسلام لما قال: (إياكم والدخول على النساء) وهذه الجملة تحذير: (إياكم والدخول على النساء، قالوا: يا رسول الله! أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) والمعنى: فِرَّ منه كما تفر من الموت، وأما من قال: الحمو الموت أي: لا بد منه، فهذا غلط، كل الناس يعرف أن المقصود من هذه العبارة هو التنفير، وإنما جعله الرسول عليه الصلاة والسلام بمنزلة الموت، وأنه يجب الفرار منه؛ لأن الحمو -وهو قريب الزوج- إذا دخل على بيت قريبه لا يستنكر الناس ذلك منه، وهو أيضاً لا يخجل إذا فتح الباب ودخل، فيجب الحذر من أقارب الزوج، وأن تكون المرأة منهم على حذر، وأن تخشى من نزغات الشيطان.
الجواب: الظاهر أن هذا ينظر: إذا كان مثلاً في أيام الشتاء وأيام البرد والمشقة فلا بأس أن يُترك وإذا قام، يقال له: صل. وأما إذا كان الجو معتدلاً ولا ضرر عليه في الإقامة فأقمه حتى يعتاد ويصلي مع الناس، ويوجد والحمد لله الآن صبيان صغار ما بين السابعة إلى العاشرة نراهم يأتون مع آبائهم في صلاة الفجر، فإذا اعتاد الصبي على ذلك من أول عمره صار في هذا خير كثير، أما مع المشقة فإنه لا يجب عليك أن توقظهم، لكن إذا استيقظوا مرهم بالصلاة.
الجواب: هذا حرام عليهم، لا يجوز للإنسان إذا سمع الأذان الذي يكون عند مجيء الإمام أن يتأخر، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9] فأمر بالسعي إلى ذكر الله، وأمر باجتناب البيع مع أن البيع فيه مصلحة فكيف إذا لم يكن فيه مصلحة؟!!
ثم إن الواجب عليهم إذا سمعوا الخطيب الذي يريدون أن يصلوا معه أن ينصتوا سواء كانوا في المسجد أو خارج المسجد، فإن لم يفعلوا فإنهم يحرمون من أجر الجمعة، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت) وقال: (الذي يتكلم والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفاراً، ومن قال له: أنصت. فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له).
فعلى هؤلاء: إذا حضر الإمام أن يدخلوا المسجد ويصلوا ركعتين، ولو كان المؤذن يؤذن، ثم يجلسوا لينصتوا للخطبة.
الجواب: إذا دخل مع الإمام والإمام يقرأ الفاتحة، فبين الفاتحة وقراءة السورة سكوت في الغالب، نقول: أنصت الآن لقراءة الإمام، وإذا فرغ من قراءة الفاتحة فاستفتح ثم اقرأ الفاتحة ولو كان الإمام يقرأ، لكن إذا خشيت ألا يسكت بين الفاتحة وقراءة السورة أو خشيت أن يقرأ سورةً قصيرة لا تتمكن معها من قراءة الفاتحة فإذا دخلت معه وهو يقرأ فكبر، وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، واقرأ الفاتحة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقرأ المأموم والإمام يقرأ إلا بفاتحة الكتاب.
الجواب: والله أنا أنبه على هذا بأن كل شيء يؤذي المؤمنين فإنه ممنوع؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج على أصحابه ذات يوم وهم يصلون ويجهرون في القراءة، فقال: (لا يؤذين بعضكم بعضاً في القراءة) هذه وهي قراءة القرآن، فكيف بهذا الجرس؟! وقد سمعت -ما أدري هل هو صحيح أم لا- أن هذه النداءات فيها مفتاح تستطيع ألا يسمع له صوت، فإذا حضرت إلى المسجد فأغلقه.
أو كذلك اتركه في البيت وإذا رجعت ستجد الأرقام.
الجواب: على كل حال: لا شك أن الناس يحتاجون في فصل الشتاء ما لا يحتاجونه في غيره من البرد إذ أنه يكون فيه البرد قارساً والجوع في الغالب، فلذلك نحث إخواننا على أن يتفقدوا إخوانهم، وأن يؤتوهم مما آتاهم الله عز وجل بإخلاص ورجاء الإخلاف من الله عز وجل، فإنه يقول: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39].
رزقنا الله وإياكم الإحسان في عبادته، والإحسان إلى عباده إنه جواد كريم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر