أما بعد:
فإن كل تاجر ينظر في سجلات تجارته عند انتهاء السنة المالية لينظر ماذا ربح، ماذا خسر، ماذا فاته من الربح، هل يمكن تعويضه أم لا؟
وإننا في آخر هذا العام (عام 1417هـ) نسأل الله تعالى أن يختمه لنا بخير، وأن يعفو عنا ما قصرناه في واجب، ويغفر لنا ما انتهكناه من محرم.
أيها الإخوة! إن الواجب أن ينظر الإنسان في عامه الماضي ماذا صنع، هل أدى الواجب كما ينبغي أم قصر فيه؟ هل اجتنب المحرم وابتعد عنه أم وقع فيه؟
فإن كان مفرطاً في الواجب فإن عليه أن يتداركه ما دام في زمن الإمهال، ليفكر هل كان قد أتم طهارته .. قد أتم صلاته .. قد أتم صيامه .. قد أتم زكاته .. قد أتم حجه، لينظر في ذلك، ربما يكون على الإنسان شيء من صيام رمضان فيقول: الأمد أمامي، ولي أن أؤخره إلى أن يبقى من شهر شعبان مقدار ما علي من الأيام، وهذا لا بأس به ولكن الحزم كل الحزم أن يبادر بقضاء الصيام الذي عليه لأنه لا يدري ماذا يعرض له، فربما يصاب بمرض لا يستطيع معه أن يصوم، وربما يموت فلا يقضى عنه، فلينظر.
فكر يا أخي في معاملتك أهلك: هل أنت قمت بواجب الزوجة؟ هل أنت عاشرتها بالمعروف أم جعلتها كأمة مستامة لا تبالي بها ولا يهمك القيام بحقها بل ضيعتها وأضعتها؟
فكر في أولادك: هل قمت بحقهم في وجوب الرعاية .. في منعهم عن المحرمات .. في حملهم على الواجبات؟ كل هذا يجب أن نحاسب أنفسنا عليه.
فكر: هل قمت بحق إخوانك المسلمين؟ هل تفشي السلام أو تهجر؟
فكر في نفسك: هل كذبت يوماً من الدهر في عامنا الماضي؟ هل نصحت في المعاملة؟ أشياء وأشياء كثيرة نفرط فيها ونهمل ولا نحاسب أنفسنا عليها، مع أن التجار وهم أصحاب الأموال الفانية تجدهم يدققون جداً في نهاية العام.
إذاً علينا أن نعد أنفسنا للمستقبل بعزيمة صادقة، ورغبة في الخير كاملة حتى نتلقى ونستقبل عامنا الجديد بجد وإخلاص وطاعة لله عز وجل.
وليعلم -أيها الإخوة- أن هذه الدنيا ليست دار مقام حتى يحرص الإنسان على إكمال ترفه فيها، إنها دار ممر، إنها دار عمل صالح، لكنها والله أطيب دار لمن عمل صالحاً، أطيب دار بالنسبة للآخرين وإلا فالآخرة خير وأبقى لا شك، لكن لو سألنا سائل: من أطيب الناس عيشاً في هذه الدنيا؟ لقلنا: هو الذي آمن وعمل صالحاً، كما قال ربنا عز وجل: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97].
استقبل هذا العام الجديد بالنشاط في العمل الصالح، بالنشاط في الأخلاق الفاضلة، بالنشاط في تربية الأولاد، بالنشاط في تربية الأهل، بالنشاط في الإحسان إلى الخلق، بالنشاط في جميع أعمالك، لا تتهاون، من تعود على التهاون صار التهاون خلقاً له وبقي هكذا دائماً، ومن عود نفسه على الجد والحزم ومحاسبتها فإنه ينجح بإذن الله عز وجل.
أمامنا مستقبل، أمامنا أيام هي مراحل للعمل الصالح، كل يوم تطلع فيه الشمس فإن على كل مفصل منك صدقة، هكذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يصبح على كل سلامى من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس) والإنسان فيه ثلاثمائة وستون مفصلاً فلا بد أن تتصدق ثلاثمائة وستين صدقةً كل يوم، لكن ليست صدقة المال فحسب بل هي صدقات متنوعة: كل تكبيرة صدقة، كل تهليلة صدقة، أمر بالمعروف صدقة، تكبيرة صدقة، نهي عن منكر صدقة، كل شيء يتقرب به الإنسان إلى الله فهو صدقة تجزي عن مفصل من المفاصل، بل قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يجزئ من ذلك -أي: يجزئ بدل ذلك- ركعتان يركعهما من الضحى).
النوافل التابعة للمكتوبات هي: ركعتان قبل الفجر، وأربع ركعات قبل الظهر بسلامين، وركعتان بعد صلاة الظهر، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وأما العصر فليس لها سنة راتبة؛ لكن جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً).
هناك نوافل غير تابعة للمفروضات كالوتر، الوتر نافلة مستقلة تختم به صلاة الليل لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)، فمن كان يقوم الليل فليؤخر الوتر إلى آخر الليل، ومن كان لا يقوم فليوتر أول الليل، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم من آخره فليوتر آخره فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل).
والوتر أقله ركعة، يعني لو أن الإنسان صلى راتبة العشاء ركعتين ثم أوتر بركعة كفى لأنه جعل آخر صلاته بالليل وتراً، وإن أوتر بثلاث فهو أفضل، وبخمس فهو أفضل، وبسبع فهو أفضل، وبتسع فهو أفضل، وبإحدى عشرة ركعة هو أفضل، فإذا نام الإنسان عن وتره فإنه يصليه من النهار ولكنه يجعله شفعاً -يعني: لا وتراً- لأن الليل انتهى، ولكنه يجعله شفعاً حتى يكون قد قضى ورده، ولكن بدون وتر.
هناك -أيضاً- صلوات أخرى لأمور عارضة؛ كالصلاة لدخول المسجد فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين).
سنة الوضوء: إذا توضأ الإنسان فإنه ينبغي له أن يصلي ركعتين، وليحرص على ألا يحدث بهما نفسه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم توضأ وقال: (من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيها نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه).
هناك صلاة الضحى، التهجد في الليل، النفل مطلقاً في كل وقت شئت إلا أوقات النهي وهي: من صلاة الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح، وعند الزوال حتى تزول -يعني: إذا قامت الشمس حتى تزول- ومن صلاة العصر إلى الغروب، هذه الأوقات الثلاثة لا يصلى فيها النفل المطلق، ولكن يصلى فيها النفل ذو السبب، فإذا كان النفل له سبب فصل ولو في أوقات النهي.
هناك زكاة مال واجبة وهناك واجبات أخرى في المال غير زكاة المال منها: واجبات الإنفاق على الأهل والأولاد والأقارب الفقراء الذين يرثهم المنفق، ومنها حق الضيافة: إذا نزل بك إنسان ضيفاً وجب عليك أن تكرمه بالضيافة، ومنها معونة المضطر، وإغاثة الملهوف.
ومنها الصدقات المستحبة، أخرج من مالك ما يجب وما لا يجب فإن مالك الذي أخرجته لله، لا يبقى لك من مالك إلا ما أخرجته لله، أما ما بقي فإما أن تأكله وتلقيه فيما بعد في المرحاض، وإما أن تخلفه بعدك فيكون ثمرته لورثتك ليس لك منه شيء، فما قدمته لله من مالك فهذا هو مالك الحقيقي وليس مالك الذي تخزنه.
ومن أكبر ما ينبغي أن نتعظ فيه ألا نتخذ الحج نزهة لا نريد منه إلا أن نطرب أنفسنا ويجلس بعضنا إلى بعض للمرح والضحك وإضاعة الوقت؛ لأن الحج عبادة حتى أن الله تعالى سماه نذراً وسماه فرضاً فقال تبارك تعالى: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ [البقرة:197] وقال: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29] فهو عبادة جليلة، ليس طرفة ولا نزهة، فمن الناس من يتخذه نزهة ومن الناس من يتخذه موسماً للتسول، ومن الناس من يتخذه موسماً للسرقة والعدوان والعياذ بالله، فالناس يختلفون، فهذه المصائب لا شك أنها بذنوبنا، ولا شك -أيضاً- أنها قد كتبت علينا قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة؛ ولهذا يجب علينا أن نتخذ من هذه المصيبة موعظةً تتعظ بها القلوب، وأن نتخذ منها رضاً بقضاء الله وقدره، وأن نقول: الحمد لله على كل حال.
والذين أصيبوا بها وماتوا إن كانوا محرمين فإنه يرجى أن يكونوا شهداء ويخرجون من قبورهم يقولون: لبيك اللهم لبيك؛ فيجتمع لهم الشهادة، والموت على الإحرام، والخروج من القبور يلبون، ومن لم يكن أحرم فإننا نرجو أن يكون من الشهداء -أيضاً- لأن الحريق شهيد كما جاء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولقد كان في هذه الحادثة عجائب منها: الريح الشديدة التي كانت تنقل اللهب من مكان إلى مكان فتنقل قطع الخيام من جهة إلى جهة، ثم إذا وقعت في جهة احترقت الجهة التي انتقلت إليها هذه القطعة، وأخبرني شخص أثق به عن إنسان شاهد بعينه أن حمامة مرت فأصابها اللهب، ففرت من اللهب وذيلها يلتهب فسقطت ميتة، أدركها الاحتراق فسقطت على خيمة فاشتعلت الخيمة.. سبحان الله! هذا مما يدل على أن الله عز وجل ابتلى العباد بهذا الحريق.
ثم الرياح الشديدة العاصفة في ذلك اليوم التي نراها تسوق النيران سوقاً حثيثاً مما يدل على أن الله تعالى أراد من عباده -وله حكمة- أن يتعظوا بمثل هذه الأمور، وحصل فيها من الحريق ما حصل، وحصل فيها أن من الناس من فقد أمه ومن فقد زوجته ومن فقد أبناءه، ومنهم من رئي محترقاً وهو ساجد -سبحان الله- ساجد لله عز وجل فإما أن يقوم يصلي الظهر أو العصر، وإما أن يكون لما أحس بأن النار أدركته قام يصلي وأحب أن يموت على صلاته.
فعلى كل حال نسأل الله تعالى لإخواننا الذين ماتوا أن يغفر لهم ويكتبهم من الشهداء، وأن يشفي إخواننا الذين ما زالوا على قيد الحياة، ويجعل ما أصابهم في تكفير سيئاتهم ورفع درجاتهم، ونسأل الله تعالى أن يأجر كل من أصيب بهذه المصيبة لأن كل مؤمن مصاب بلا شك بهذه المصيبة، فنسأل الله تعالى أن يجبر كسر الجميع، وأن يعفو عنا ويغفر لنا إنه على كل شيء قدير.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، كونها لم تبت في منى ليلة التاسع ولم تُقِم فيها يوم الثامن لا حرج عليها في ذلك؛ لأن البقاء في منى آخر اليوم الثامن وليلة التاسع سنة وليس بواجب، فمن أتى به فعلى خير ومن لم يفعله فإنه لا لوم عليه ولا إثم عليه.
وأما كونهم لم ينزلوا في مزدلفة إلا قليلاً للصلاة ولقط الجمرات، ثم ركبوا السيارة وبقوا عليها إلى الساعة الثانية فهذا -أيضاً- لا بأس به لأن المهم أن يبقى الإنسان في مزدلفة سواء على السيارة أو على الأرض.
وقد أشارت إلى لقط الجمرات، وقد اشتهر عند كثير من العوام أنه يجب أن تلقط الحصى من مزدلفة، وهذا خطأ، الحصى تلقط من منى لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم التقطها من منى حين وقف على جمرة العقبة وأمر ابن عباس أن يلقط له الحصى فلقطها من منى، وجعل يقول: (بأمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو في الدين).
لكن استحب كثير من السلف أن تلقط الحصى من مزدلفة من أجل أن يبادر برمي جمرة العقبة حتى لا ينزل من بعيره فيلقط الحصى من منى، قالوا: يأخذها قبل أن يرتحل لتكون جاهزة لأن الأفضل أن يرمي الإنسان جمرة العقبة يوم العيد وهو على بعيره قبل أن يحط رحله، لكن هذا أمر في الوقت الحاضر لا يوجد، بل مستحيل، لو قلنا للناس: اركبوا سياراتكم وقفوا عند الجمرة فلا يمكن، لذلك نقول: إن لقط الجمرات من منى أقرب إلى السنة من لقطها من مزدلفة.
الجواب: لم يفتها إلا ليلة واحدة من ليالي منى ، وهذه ليس فيها دم، الليلة الواحدة من ليالي منى ليس فيها دم، لكن قال الإمام أحمد رحمه الله: يتصدق بشيء. يعني: يتصدق بخمسة دراهم، عشرة ريالات وما أشبه ذلك وكفى، لكن المشكل أنها وكلت من يرمي عنها يوم إحدى عشر، مع أن الظاهر أنها قادرة على الرمي بنفسها، فإذا كان كذلك -أي: أنها قادرة على الرمي بنفسها ووكلت من يرمي عنها- فقد أخطأت ووجب عليها عند العلماء فدية تذبح في مكة عن تركها الواجب في الرمي، وتوزع على الفقراء في مكة سواء ذهبت هي بنفسها أو وكلت من يقوم بها في مكة ، فإن كانت عاجزة لا تقدر، فليس عليها شيء.
أما بالنسبة ليوم اثنى عشر فالتوكيل فيه قد يكون ضرورة لأن المتعجلين يوم اثنى عشر سيجدون مشقة عظيمة وزحاماً شديداً؛ فلا يمكن للمرأة أن ترمي في يوم اثني عشر، فإذا وكلت فلا بأس.
الجواب: من مات في الحريق بعد إحرامه فإنه لا يحج عنه× لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في الرجل الذي مات يوم عرفة قال: (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) وقال الله تعالى: وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّه [النساء:100] وعلى هذا فإذا كان قد أحرم فلا يحج عنه وتكون ذمته قد برئت، ولا ينبغي أن يكمل عنه النسك؛ أولاً: لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يأمر أن يكمل عن الرجل الذي مات في عرفة نسكه، فما قال: أتموا النسك عنه. ولأنه إذا أتمه فمقتضى هذا الإتمام أن يتحلل الميت من النسك، وحينئذ يحرم من أن يبعث يوم القيامة ملبياً، وهذا جناية عليه، ولو قيل بأن إتمام النسك عن الميت لو قيل بذلك لكان قولاً متوجهاً لأن ذلك جناية على الميت في الواقع.
أما إذا احترق قبل أن يحرم، فينظر: فإذا كان فيما مضى من السنوات قادراً على الحج ولكنه أخره إلى هذا العام فإنه يقضى عنه من تركته، وأما إذا كان لم يقدر على الحج إلا سنته هذه فإنه لا يقضى عنه لأنه لم يتمكن منه.
الجواب: أما أكثر العلماء فيرى أنه لا عذر له وأنهم يبقون على إحرامهم ولا يتحللون منه، فلا يحل لهم جميع محظورات الإحرام، ثم إن تمكنوا من الرجوع قبل فوات الوقوف بـعرفة وجب عليهم الحضور، وإن لم يتمكنوا وفاتهم الوقوف وجب عليهم أن يحجوا إلى مكة ويحلوا من إحرامهم بعمرة، أي: يأتون إلى مكة ويطوفون ويسعون ويقصرون ثم يحلون، وعليهم الهدي من العام القادم لأنهم فرطوا، هذا الذي عليه أكثر أهل العلم.
ومن العلماء من قال: يجوز التحلل بالإحصار: لخوف أو مرض أو كسر أو عرج أو ما أشبه ذلك، وبناءً على هذا القول نقول: إن هؤلاء إذا اضطروا إلى التحلل من أجل الذعر والخوف فليذبحوا هدياً في مكة ويتحللوا من الإحرام نهائياً، ولا يلزمهم القضاء في المستقبل إلا أن تكون هذه الحجة هي حجة الإسلام.
الجواب: أسأل: إذا احترقت الخيمة فهل ذلك حابس يمنع من إتمام النسك؟
الجواب: لا يمنع، إذا احترقت الخيمة فتبدل بخيمة، أو إذا لم أتمكن من البقاء في هذا المكان فأنتقل مكان آخر، فهذا لا يعتبر من الإحصار، نعم لو هو أصيب وعجز أن يكمل فهو محصر، فالذين احترقت خيامهم ولم يمنعهم من إتمام النسك إلا الاحتراق ليس لهم عذر في الواقع، فهم كالذين تكلمنا عنهم قبل قليل.
الجواب: لا حرج على الإنسان إذا نوى العمرة أو الحج أن يفسخ النية ما دام لم يتلبس بالإحرام؛ حتى لو عزم وسافر فإنه لا شيء عليه، لأن العمل لا يلزم إلا بالشروع فيه لقوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] والإتمام إنما يؤمر به من تلبس بالشيء فيؤمر بإتمامه، وأما قبل ذلك فلا يؤمر به، لكن إذا كان الحج فريضة فكان الواجب عليهم أن يكملوها لأن الفريضة فرض على الإنسان قبل أن يوجبها على نفسه بالسعي فيها.
الجواب: هذا لا شيء عليه، فتقديم سعي الحج على طواف الإفاضة لا بأس به بشرط: أن يكون السعي بعد الوقوف بـعرفة ومزدلفة، وإنما ذكرنا هذا الشرط لأن بعض الناس يتوهم أنه يجوز للإنسان أن يحرم بالحج في مكة ثم يسعى للحج ويخرج، وإذا رجع بعد الوقوف طاف، هذا غلط؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل عن تقديم السعي على الطواف بعد الوقوف بـعرفة وبعد الوقوف بـمزدلفة ، وعلى هذا نقول: إذا كان فعله للسعي بعد أن وقف بـعرفة وبات بـمزدلفة فلا بأس أن يقدم السعي على الطواف ويؤخر الطواف إلى السفر، وهذا في الحج.
أما في العمرة فلا يجوز تقديم سعيها على طوافها؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جواز ذلك، والأصل وجوب الترتيب؛ ولهذا لم يرخص النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـعائشة حين حاضت أن تقدم السعي على الطواف؛ لأنه لا بد أن يكون الطواف في العمرة قبل السعي، ومن قاسها على الحج فقد قاس مع الفارق، والقياس مع الفارق لا يصح.
الجواب: إن هنأك أحد فرد عليه، ولا تبتدئ أحداً بذلك، هذا هو الصواب في هذه المسألة، لو قال لك إنسان مثلاً: نهنئك بهذا العام الجديد قال: هنأك الله بخير وجعله عام خير وبركة. لكن لا تبتدئ الناس أنت؛ لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد، بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
الجواب: حجهم صحيح إن شاء الله ولا شيء عليهم؛ لأن هؤلاء تعجلوا وخرجوا، والأفضل لو أنهم ما خرجوا من منى حتى رموا، وهم إذا رموا ولو بعد الغروب -ما داموا قد جهزوا أنفسهم وسافروا وعزموا على التعجل- فلا شيء عليهم ولو رموا بعد الغروب.
الجواب: عند الفقهاء -رحمهم الله- يحل التحلل الأول إذا رمى وطاف؛ لأنهم يقولون: التحلل الأول يكون بفعل اثنين من ثلاثة وهما: الرمي والحلق والطواف.
لكن السنة تدل على أنه لا حل إلا بالرمي والحلق، وعلى هذا فنقول: التحلل الأول يكون بالرمي والحلق فقط، وأنه لو رمى وطاف لم يحل التحلل الأول إلا على رأي من يرى أن الرمي وحده يحصل به التحلل الأول.
الجواب: أنا أظن أن مزدلفة هي التي فيها السفلتة الكثيرة، أما منى فليس فيها سفلتة كثيرة، ثم عند الجمرات تحت الجسر هناك حصى كثيرة، فيمكن أن تلقط سبع حصيات قبل أن تصل إلى العقبة في اليوم الأول، وتلقط قبل أن تصل للجمرة الأولى في اليوم الثاني سبعاً حصيات، ثم إذا تعديتها لقطت سبع للجمرة الوسطى، ثم إذا تعديتها لقطت سبعاً للجمرة الأخيرة، فالتقاط الحصى سهل جداً.
الجواب: نعم، إن شاء الله أن له مثل أجره، يعني: أجر حج فريضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من جهز غازياً فقد غزا) والحج نوع من الجهاد، وإعطاء هذا الفقير ليحج حج الفريضة أفضل من كونه يعطي هذه الدراهم لشخص يحج عنه حج نافلة، لأنه سيأتيه أجر فريضة، ويحسن -أيضاً- إلى أخيه أداء ركن من أركان الإسلام عنه.
الجواب: إذا أخر الإنسان طواف الإفاضة إلى السفر وطافه عند الخروج أجزأه عن طواف الوداع كما تجزئ الفريضة عن تحية المسجد، فلو دخلت المسجد والناس يصلون صلاة الفجر أجزأك ذلك عن تحية المسجد، كذلك طواف الإفاضة يجزئك عن طواف الوداع، ولو نويتهما جميعاً حصلا لك لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) لكن الحذر من أن تنوي بهذا الطواف طواف الوداع دون طواف الإفاضة؛ لأن بعض الناس يقع في هذا نساناً، تجده أخر طواف الإفاضة إلى السفر لكن عند السفر ما نوى إلا طواف الوداع، وهذا خطأ؛ لأنه إذا لم ينو إلا طواف الوداع ما بقي عليه؟ بقي طواف الإفاضة، فلابد من أن يرجع ليطوف طواف الإفاضة، فلينتبه الإنسان لهذا.
الجواب: إذا كان الماء لم يتغير لا طعمه ولا ريحه ولا لونه بموت الوزغ فيه فهو طهور، وأما إذا كان قد تغير فهو نجس، وعلى هذا الذي توضأ منه أن يعيد صلاته، وأن يطهر ثيابه، وأن يطهر بدنه من هذا الماء النجس، يعيد صلاته بوضوء صحيح، لكن إذا لم يتغير فلا شيء عليه.
الجواب: نعم، إذا تلف المكيف أو الثلاجة أو نقصت منفعته جاز بيعه ليشترى ما هو خير منه، أما أن يباع ولا يؤتى ببدله فهذا لا يجوز ما دام يمكن الانتفاع به، ولكن إذا غير إلى جديد مع أن الأول صالح للاستعمال لكنه استعمال ناقص فهل يكون للأول أجر من هذا الجديد أم لا؟ الجواب: نعم. له أجر، له أجر من هذا الجديد بمقدار ما يمكن الانتفاع به من الأول، يعني: فإذا قدرنا أن هذه الثلاجة -يعني: برادة- سوف تبقى لمدة سنتين، لكن الانتفاع بها قليل وأتينا ببرادة جديدة أحسن منها فإن هذه المدة -السنتين- التي يمكن الانتفاع بها يكون أجرها للأول، والثاني له أجر بلا شك.
الجواب: وماذا صنع الأخ: هل صام؟ لأن الحريق وقع في اليوم الثامن، ومعناه: أنه إذا جاء يوم النحر فليس معه شيء فيصوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، وإذا رجع إلى أهله صام السبع الباقية لقول الله تبارك وتعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة:196]وإذا لم يفعل هذا فعليه الآن أن يتوب إلى الله، وأن يصوم عشرة أيام: ثلاثة قضاءً، وسبعة أداءً.
ولا يمكن أن يحول الإنسان تمتعه إلى إفراد أبداً، ولا يمكن -أيضاً- أن يحول قرانه إلى إفراد، لكن لو أحرم بعمرة ثم أدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها جاز ذلك وصار قارناً.
الجواب: الأحسن أن تجعل للاستخارة صلاةً مستقلة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بها فقال: (إذا همَّ بأحدكم أمر -يعني: وتردد فيه- فليصل ركعتين) فجعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاة الاستخارة صلاةً مستقلة.
الجواب: إذا كان هذا الأب الذي لم يعق عن جميع أولاده فقيراً، فلا شيء عليه؛ لأن العقيقة مثل الزكاة، فكما أن الفقير لا زكاة عليه فالفقير لا عقيقة عليه، وأما إذا كان غنياً لكنه يقول: اليوم .. غداً .. بعد غد، فهنا نقول: عق عن أولادك الذين لم تعق عنهم، وإذا أراد أحد أن يعق عن نفسه فليستأذن من أبيه ويقل: إني أريد أن أعق عن نفسي؛ لأن المخاطب بالعقيقة هو الأب.
الجواب: إذا لم يكن عليك ضرر في إجابة طلبها فأجبها، وإن كان عليك ضرر أو تفويت مصلحة فلا تجبها إلا للضرورة، والرحلات وزيارة الأقارب والأصحاب ليست ضرورة، لكن المدار هو هكذا: إذا كان إجابة طلبها يفوت عليك مصالح أو يوقعك في ضرر لم يجب عليك إجابتها، لكن عليك أن تداريها وتقنعها وتأخذ بخاطرها، وأما إذا لم يكن عليك ضرر أو كان هي عليها ضرر أكثر من ضررك لو أجبت فأجبها، وهذا يستنثى منه ما لو صدتك إجابتك إياها عن واجب فإنه لا يجوز؛ كما لو كانت إجابتك إياها تشغلك عن إقامة الجماعة -يعني: إقامة الصلاة في جماعة- فهنا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
الجواب: قال أهل العلم: لا يضر أن يشتري الإنسان بعد طواف الوداع حاجة في طريقه إما من أغراض السفر، أو هدية إلى أهله، أو كتاباً يحتاجه، وأما إذا اشتغل بتجارة فإنه لا بد أن يعيد الطواف.
وكذلك لا حرج عليه إذا كان قد دخل وقت الصلاة كما لو انتهى من الطواف مع الأذان وبقي حتى صلى فإن ذلك لا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم طاف للوداع وصلى بعد ذلك صلاة الفجر.
وكذلك لو طاف للوداع ثم أتى إلى الحافلة ووجد الرفقة لم يجتمعوا بعد، وبقي ينتظرهم ولو ساعة أو ساعتين أو أكثر فلا بأس في ذلك.
الجواب: عليها الآن أن تعيد الصلاة من جديد؛ لأنها لم تدرك الركوع، ومن فاته الركوع فاتته الركعة، وهذه المرأة حسب سؤالها لم تصل الصلاة كاملة لأن الركعة التي لم تدرك ركوعها لم تدركها، وعليها الآن أن تعيد صلاتها.
الجواب: يعني يقول: بعض الناس من أصحاب المحطات ينزل السعر من أجل أن يجتمع الناس إليه، هذا في الأصل لا بأس به، لكن الإمام مالكاً رحمه الله قال: إذا كان هذا يضر بأهل السوق فإنه يجب على ولي الأمر والمحتسب أن يمنعه وأن يقول: بع كما يبيع الناس. فإذا قال: أنا رخصت للمستهلكين. قلنا: نعم، ولكنك أضررت بالآخرين، إلا إذا كان الآخرون قد رفعوا السعر وهو يقتنع بالربح القليل فله ذلك ولا حرج عليه فيه، ويقال للآخرين: نزلوا السعر.
الجواب: إذا كان في هذا مصلحة فلا بأس أن تلتقط هذه الصورة بالكاميرا حتى تبقى ينتفع بها الناس فيما بعد، وأما إذا كان ليس فيها مصلحة فهي إضاعة مال وإضاعة وقت، وإذا كان فيها مصلحة لكن مفسدتها تربو على مصلحتها، كما لو صور فيها أحداثاً تحصل في النظر إليهم فتنة، فهنا يجب أن تمنع، والحاصل أنه إذا كان مصلحة فلا بأس وإن لم يكن مصلحة فإنها إضاعة مال وإضاعة وقت.
الجواب: إذا خرج من مكة يريد جدة ووصل إلى جدة فإنه لو أتى به لا ينفعه؛ لأنه خرج وودع فكيف ينفعه بعد أن ودع وذهب؟ ولهذا نقول: من كان من أهل جدة فإنه يجب عليه ألا يخرج من مكة حتى يودع إلا امرأة يأتيها الحيض أو النفاس ولا يتسنى لها أن تبقى في مكة حتى تطوف للإفاضة فلا بأس أن تخرج إلى منزلها في جدة ، فإذا طهرت عادت وطافت طواف الإفاضة، وإنما استثنينا هذه المسألة لأن الحائض والنفساء ليس عليهما وداع ليس عليهما إلا طواف إفاضة، وطواف الإفاضة الآن متعذر لوجود حيض أو نفاس، فتذهب إلى جدة وإذا طهرت عادت وطافت طواف الإفاضة، لكنها في هذا الحال يحرم عليها إن كانت متزوجة أن يقربها زوجها لأنها لم تحل التحلل الثاني.
الجواب: أولاً نسأل: ما أصل الملح؟ ماء أم نبات ينبت في شجر ويشتريه الناس كما يشترون تمر النخل؟
الجواب: أصل الملح ماء، وعلى هذا فإذا جعل في البلاعات من أجل أن يفتح الأرض فلا بأس به.
الجواب: هذا جزاؤها، البعوضة وإن لم تقرص الإنسان يستحب له أن يقتلها سواء كان محرماً أو محلاً؛ لأنها من الحشرات المؤذية، وقد قال العلماء: يُسن قتل كل مؤذ للمحرم وغير المحرم، ولمن كان في مكة ولمن كان خارج مكة . فنقول: أعظم الله أجر هذه السائلة حيث تركتها حتى آلمتها بالقرص، ولو أنها قتلتها من أول ما رأتها لكان في ذلك كف لأذاها.
الآن عليها شيء أو ما عليها شيء؟ ما عليها شيء الحمد لله.
الجواب: نعم، التوبة تكفي بشرط أن تقضي الأيام التي عليها، فإذا صامت الأيام التي عليها كفى وليس عليها إطعام على القول الراجح من أقوال العلماء، وإن كان بعض العلماء يقول: إذا أخر الإنسان قضاء رمضان إلى رمضان الثاني بدون عذر فعليه صيام وإطعام، لكن الصحيح أنه لا إطعام وأن الصيام يكفي.
الجواب: أما إذا كانت الغرفة مقفلة بمعنى: أن الضيف لما خرج من الحجرة أقفلها فإنه لا يجوز لصاحب البيت أن يفتحها وينظر ما فيها؛ لأن قفله إياها يعني عدم الإذن بالدخول، وإما إذا بقيت مفتوحة فلا شك أن الأولى والأجدر بالإنسان وبمروءته ألا يدخل هذه الحجرة، لأنه قد يكون فيها أشياء لا يحب الضيف أن يطلع عليها أحد؛ إما ثياب وإما متاع وإما غير ذلك، فكون الإنسان يتركها لله لأنه أنزل فيها الضيف ولا يقربها فهذا هو الأولى بلا شك، فصار الحاصل في الجواب: إن كان الضيف إذا خرج أغلقها فإنه لا يجوز لصاحب البيت أن يفتحها ويدخلها، وإما إذا تركها مفتوحة فإن تركه إياها مفتوحة يدل على أنه لا يهمه أن يدخلها أحد أو لا يدخل، لكن المروءة تقتضي ألا تدخلها.
الجواب: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سئل: (من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك) فلا حرج أن يفضل الأم بحسن الصحبة على الأب، لكن إذا علم أن الأب إذا رآه مفضَّلاً لأمه عليه حصل في نفسه شيء فهنا ينبغي ألا يظهر لأبيه أنه آثر أمه بشيء درءً للمفسدة، لأن بعض الآباء لا يتحمل أن يقدم الولد أمه عليه، ويرى أن ذلك عقوق، فإذا كان ذلك فادرأ الأمر ولا تخبره بأنك آثرت أمك عليه بشيء، ويزول المحذور بإذن الله.
الجواب: إذا كان هذا الأخ الفقير لا يكفي راتبه لمئونة أهله فلا بأس أن تدفع إليه زكاتك، بل إن دفع الزكاة إلى الأقارب المستحقين الذين لا يجب على المزكي نفقتهم أفضل من دفعها إلى الأباعد، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (صدقتك على القريب صدقة وصلة).
الجواب: يرى بعض العلماء أن السفر حده المسافة، فمتى كانت (83كم) فهو سفر وإن رجع الإنسان في ساعته، ويرى آخرون أن السفر ما سماه الناس سفراً، ومثل هذا الذي يدرس ويرجع في يومه لا يسمى عند الناس مسافراً، فالاحتياط لهذا السائل: ألا يجمع ولا يقصر، وذلك أبرأ للذمة وأدفع للشبهة.
الجواب: هذا حديث صحيح، اليد العليا: هي المعطية، والسفلى: هي الآخذة، يعني: أن المعطي أعلى من الآخذ؛ لأن الآخذ يرى نفسه دون المعطي، والمعطي يرى نفسه فوق الآخذ، ولهذا تجد الآخذ يخضع للمعطي أكثر من خضوع المعطي للآخذ، فاليد العليا هي المعطية، واليد السفلى هي الآخذة، وهذا حث من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على أن يكون الإنسان زاهداً فيما عند الناس، ولا يتطلع إليه ولا ينظر إليه، ومتى ما كان مستغنياً عنه فلا يأخذه.
لكن إذا كان هدية فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها، بل لما أعطى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عوضاً عن العمالة -أي: عن جلب الزكاة وأخذها من أهلها- وقال: يا رسول الله! تصدق بها على أحوج مني؟ قال: (ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه ومالها فلا تتبعه نفسك).
الجواب: أسأل الله أن يتوب علينا جميعاً، ونهنئ أخانا بالتوبة، ونسأله تعالى أن يثبت عليها.
عليه أن يحمي نفسه من هذه المعصية بقدر المستطاع، لكن إذا غلبته نفسه ثم ندم وتاب توبة نصوحاً عازماً على ألا يفعل في المستقبل فإن الله يتوب عليه؛ لأن هذا مسرف على نفسه بلا شك في إصراره على هذه المعصية، وقد قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] فنحن نهنئ أخانا بما منَّ الله عليه من التوبة، ونوصيه بأن يصمد أمام نزعات الشيطان وهوى النفس، وأن يتصبر، وهو إذا عسف نفسه وتصبر هان عليه ترك المعصية التي كان يألفها من قبل.
الجواب: نعم يكفن، فإن كان إحرامه باقياً كفن في إحرامه، وإن كان تالفاً كفن في أي ثوب آخر؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (كفنوه في ثوبيه) قاله في المحرم الذي مات في عرفة ، وَقَصَتْهُ ناقته، فدل هذا على أن الأفضل فيمن مات محرماً ألا يؤتى له بكفن جديد، بل يكفن في إزاره وردائه.
الجواب: أرى ألا يشترط الإنسان عند الإحرام؛ لأن هذه الحوادث -والحمد لله- قليلة بالنسبة للحجاج، وقليلة بالنسبة للسنوات -أيضاً- متى تحدث وفي أي سنة؟ وكذلك -أيضاً- بالنسبة للحجاج، عدد الحجاج حوالي مليونان: ما أصيب منهم ولا مائة ألف، هذه المصائب قليلة -والحمد لله- وكون الإنسان لا يشترط اتباعاً للسنة، وتوكلاً على الله عز وجل، واحتساباً للأجر فيما لو حدث حادث أفضل من كونه يشترط، لكننا لا نمنعه من الاشتراط بل نقول: الأفضل ألا تشترط وإن اشترطت فلا بأس.
الجواب: نعم هذا صحيح، لكن الأفضل للرجال القادرين أن يتأخروا حتى يصلوا الفجر ويقفوا قليلاً حتى يسفروا جداً، ثم يدفعوا إلى منى ، هذا هو الأفضل، لكن لو دفع الإنسان في آخر الليل وطاف وسعى قبل الفجر فلا بأس، أو دفع في آخر الليل ورمى وحلق ثم نزل وطاف وسعى قبل الفجر فلا بأس، وإذا كان معه امرأة كان أشد عذراً مما لو كان وحده.
الجواب: هذا جائز بلا شك؛ لأنه لم يفوت المبيت في منى ، لكن الأفضل أن يبقى الإنسان في منى ليلاً ونهاراً كما بقي محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: (خذوا عني مناسككم).
وأما الأضحية فيمكن أن يوكل أحداً ليذبحها ويعطيها أهله، وإذا كان في أهله من يجيد الذبح وكلَّه في ذلك.
الجواب: عليه أن يحمد الله عز وجل على التوبة، وتوبته صحيحة، أما إذا استهزأ بشيء من الدين ساخطاً وقال: أنا ما أردت العيب والقذف ولكني أضحك، أو أقول هزلاً؛ فهذا كافر مرتد والعياذ بالله، إذا تاب فعليه أن يعتبر نفسه قد جدد إسلامه، وعليه عند أكثر العلماء أن يغتسل غسل الكافر إذا أسلم، لأن الاستهزاء بالدين، أو الاستهزاء بالله، أو بالقرآن، أو بالرسول كفر مخرج عن الملة سواء قاله الإنسان جاداً أم مازحاً، فالأمر خطير، ولما كان قوم من المنافقين في سفر وكانوا يتحدثون فيقولون: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء -يعنون الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه- أرغب بطوناً -أي: أكثر أكلاً- ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء من محمد وقرائه. أنزل الله تعالى في سورة التوبة وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65-66].
الجواب: أما إذا كانت أعمال أهل الخير التي تكرهها من الطاعات فهذا غلط منك، غلط أن الإنسان يكره من أعمال أهل الخير طاعة الله عز وجل، وربما يكون ذلك خطيراً جداً لأن الله تعالى يقول: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد:9] وأما إذا كان يكره من أعمال الخير ما يفعله بعض أهل الخير من الغيبة والكذب والسخرية فهذا خير، كونه يكره هذا الشر خير، وجزاه الله خيراً، لكن عليه أن ينصحهم ويخوفهم بالله عز وجل، فإن استقاموا فله ولهم، وإن لم يستقيموا وبقوا على ما هم عليه قام وتركهم.
الجواب: الطقوس معناها: الأعمال المجردة عن المعاني، فإذا كان الإنسان يتخذ عبادة وكأنها عادة، أو كأنه آلة حركية فهذا من الطقوس، وليس معنى ذلك أنه ابتدع في الدين، لا، هم لم يبتدعوا، أتوا بالحج على ما هو عليه؛ لكنهم صاروا كأنهم في نزهة من الضحك والهزل وعدم الجدية في الأمر، فصارت كأنها طقوس، يعني: أعمال تفعل أو تقال بلا معنى وبلا روح.
الجواب: الإيتار بواحدة واضح.
بثلاث لك فيه صفتان: إما أن تسلم من ركعتين وتأتي بالثالثة، وإما أن تقرن الثلاث جميعاً بتشهد واحد، ولا تجعلها كالمغرب.
بالخمس: تسردها ولا تجلس إلا في آخرها.
بالسبع: تسردها ولا تجلس إلا في آخرها.
بالتسع: تجلس بعد الثامنة وتقرأ التشهد ولا تسلم، ثم تأتي بالتاسعة وتسلم.
بالإحدى عشرة: تأتي بها مثنى مثنى وتوتر بواحدة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر