المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.
أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقائنا هذا الذي نعرض فيه الأسئلة والاستفسارات فيه على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: نرحب بسماحة الشيخ، ونقول: يا سماحة الشيخ! إننا في لقائنا هذا سنكمل رسالة المستمع من حضرموت الذي سأل أسئلة عديدة ومفيدة في حلقات ماضية، فقد سأل عن الصلاة، وعن تفسير آيات، وعن زيارة القبور، وتعظيم الأولياء، أما في لقائنا هذا فيسأل عما يحل للرجل من امرأته حالة حيضها، يقول المستمع من حضرموت في رسالته هذه: إن رجلاً سأل الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له: (ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال له: شد إزارها، ثم عليك بأعلاها)، نرجو رواية الحديث صحيحاً وتفسير معنى (إزارها)؟
الجواب: هذا الحديث مشهور عن معاذ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأله: (ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض ؟ قال: ما فوق الإزار) يعني: صدرها وبطنها فوق السرة هذا هو الذي يحل له أن يباشر ذلك منها، لكن الحديث ضعيف، والصواب أنه يحل له كل شيء ما عدا الجماع، والحديث هذا ضعيف، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) رواه مسلم ، وكان يأمر عائشة ونساءه أن يأتزرن عندما يريد مباشرتهن، فهذا أفضل مستحب له أن يأمرها بالاتزار إذا أراد المباشرة؛ لأنه أبعد عن الوقوع فيما حرم الله، لكن ليس بواجب، الواجب: تجنب الوطء فإذا تجنب الوطء فلا بأس أن يباشر بدنها ولو مس فخذها أو مس فرجه فخذها لا يضر، الواجب بس الحذر مما حرمه الله من الجماع، وإذا أمرها بالاتزار فهو أفضل حتى يكون أبعد له عن الوقوع في المحرم، ولهذا كان النبي يأمر أزواجه عليه الصلاة والسلام أن يتزرن ويباشرهن عليه الصلاة والسلام كما أخبرت عائشة رضي الله عنها وغيرها.
ولكن المحرم هو الجماع لقوله فيما رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه أن النبي عليه السلام قال: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) يعني: الجماع، كانت اليهود تغلو في هذا إذا حاضت المرأة لم يواكلوها ولم يشاربوها ولم يضاجعوها في الفراش وهذا من غلوهم فأنكر النبي ذلك عليه الصلاة والسلام وقال: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) يعني: إلا الجماع.
السؤال: أيضاً يقول: رجل لا يصلي في المسجد علماً بأنه جار المسجد وهو رجل متدين ويصلي في المنزل مع أولاده، وحجة هذا الرجل أن الناس الذين يصلون في المسجد قلوبهم فيها حسد وبغض أو غيض، فما حكم ذلك وفقكم الله؟
الجواب: هذا الرجل قد أتى منكراً؛ لأن الصلاة في البيت لا تجوز، والواجب على المؤمن أن يصلي مع الناس في المساجد في الجماعة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر) هذا وعيد شديد، وقال عليه الصلاة والسلام لرجل أعمى سأله: (قال: يا رسول الله! هل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب) أخرجه مسلم في الصحيح، فإذا كان أعمى ليس له قائد يلائمه يقال له: (أجب) وينهى عن الصلاة في البيت، فكيف بالصحيح القادر؟! وقد هم صلى الله عليه وسلم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، ويروى عنه عليه السلام أنه قال: (لولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقتها عليهم).
فالخلاصة: أن هذا لا يجوز له أن يصلي في البيت بل عليه أن يصلي مع الجماعة ولو كان في الجماعة من زعم أن فيهم حسداً أو كذا لا يمنع هذا أن يحضر معهم وأن يصلي معهم، وإذا علم إنساناً فيه شر ينصحه ويوجهه إلى الخير، أما أن يتخلف عن الجماعة فهذا لا يجوز، بل الواجب عليه أن يحضر الجماعة، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه في الحديث الصحيح: (لقد رأيتنا وما يتخلف عنها -يعني: الصلاة في الجماعة- إلا منافق معلوم النفاق)، هذا نوع من النفاق، التخلف عن صلاة الجماعة من غير عذر نوع من النفاق كما قال عبد الله بن مسعود، فينبغي أن ينصح هذا ويوجه إلى الخير وأن يحذر من عمله السيئ وتخلفه في البيت عن صلاة الجماعة، والله المستعان.
السؤال: أيضاً يقول: في حضرموت عندنا توجد مساجد للنساء ملاصقة تماماً لمساجد الرجال، حيث تصلي فيها النساء الفرائض -وقد رسم في الورقة جزاه الله خير رسماً يوضح المسجدين- والسؤال هو: هل للنساء مساجد؟
الشيخ: يعني: في مؤخر المسجد؟
المقدم: هو رسمه على يسار المسجد محاذياً للمحراب، أو يقصر عن المحراب شيئاً بسيطاً، ويقول: أيضاً يوجد باب يفصل مسجد النساء عن مسجد الرجال، وحينما تقام الصلاة يفتح الباب الذي بين المسجد وبين مسجد النساء، يفتح الباب وتصلي النساء مع الرجال في مسجدهن، علماً بأنهن لسن خلف الرجال بل موازين تماماً مثل اللون الأحمر في الرسم ووضع لون أحمر داخلاً في المسجد الذي هو مسجد الرجال وخارج مسجد النساء، يعني: موازيات للرجال وخلف الإمام.
الشيخ: صفوف الرجال؟
المقدم: إيه نعم.
الشيخ: موازيات لصفوف الرجال؟
المقدم: نعم ولكنه خلف الإمام.
الجواب: إيه، لا نعلم لهذا أصلاً؛ أنه يوجد لهن مساجد، وإنما المعروف أنهن يصلين خلف الرجال في مؤخر المسجد، هذا هو الأولى أن يكن في مؤخر المسجد خلف الرجال هذه السنة، أن يكن خلف الرجال في مؤخر المسجد، لكن هؤلاء إذا جعلوا عن يمين الرجال أو عن شمال الرجال فلا بأس يصح؛ لأنهم ليسوا مخالطين للرجال فيصح أن يكونوا معهم في هذا، إذا كانت صفوفهن تواري صفوف الرجال من جهة اليمين أو الشمال فإن الصلاة صحيحة حينئذٍ، صلاتهم صحيحة ولا حرج في ذلك.
لكن الأفضل والأولى أن تكون مصلياتهم خلف الرجال في مؤخر المساجد وأن يكون بينهم وبين الرجال شيئاً من الستر أن يكون حسناً حتى يتمكن من الصلاة من غير تعب ولا مشقة، إذا كان بينهن وبين الرجال ستور، لكنه لا يمنع من رؤيتهن المأمومين ولا يمنع من سماع صوت الإمام، هذا هو الأفضل، لكن وجودهن عن يمين الصفوف أو عن شمال الصفوف مثلما ذكر هنا لا حرج فيه إن شاء الله، نعم؛ لأنهن يستفدن من صلاة الإمام ومن الخطبة ومما قد يقع من المواعظ هذا كله لا بأس به، والنبي عليه السلام قال: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) لكن عليهن أن يخرجن في غير تبرج ولا طيب ولا تكشف حتى لا يفتن الرجال.
السؤال: أيضاً هذا سؤال ومهم جداً؛ لأنه يرد لنا كثير من الأسئلة والاستفسارات حتى أنه معي الآن أكثر من (12) رسالة حول التبول بعد الجماع، يقول: هل يجب على الرجل أن يتبول بعد الجماع وقبل الوضوء والغسل مع الدليل وفقكم الله وجزاكم عنا ألف خير؟
الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم أمر الجنب أن يتوضأ قبل النوم إذا فرغ من الجماع في الليل فالسنة له أن يتوضأ قبل أن ينام، ومعلوم أنه في ترتيب وضوئه يستنجي يبول بعد الجماع ويستنجي ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ولا أعلم شيئاً فيه النص على البول وإنما هذا تابع إذا قام، إذا فرغ من جماعه شرع له أن يتوضأ، ومعلوم أن الذي يريد الوضوء لابد أن يغسل فرجه عما أصابه ويحصل البول حين يتبول ويستنجي ثم يتوضأ وضوء الصلاة، أما شيء منصوص عن البول خاصة فلا أعلم له أصلاً ولكن المشروع له أنه يستنجي، يبول بعدما يفرغ من حاجته إذا ذهب للوضوء ويستنجي ويغسل آثار ما أصابه من الأذى ثم يتوضأ وضوء الصلاة كما أخبرت عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ يغسل فرجه ثم يتوضأ وضوء الصلاة ثم ينام) ويغتسل في آخر الليل في الغالب عليه الصلاة والسلام، وربما اغتسل في أول الليل، لكن الغالب أنه يغسل فرجه ويتوضأ وضوء الصلاة ثم ينام، وقد أمر بهذا عليه الصلاة والسلام، سأله عمر (فأمر عليه الصلاة والسلام الجنب أن يتوضأ ثم ينام).
السؤال: هذه -يا سماحة الشيخ- رسالة وردتنا من الطالبة: (
نور الهدى . أ. أ) من السودان، تقول: ما حكم طلاء الأظافر والصلاة فيها؟
الجواب: إن كان طلاؤها بالحناء أو نحوه مما لا يمنع الماء فلا بأس، أما إذا كان طلاؤها بما يمنع الماء وصوله إلى الظفر فإنه يزال وقت الوضوء، يزال الطلاء ويتوضأ أو تغسل من الجنابة، ثم إذا وضعته بعد ذلك ثم أزالته عند الوضوء لا بأس، أما الطلاء الذي لا يمنع مثل الطلاء بالحناء فهذا لا بأس به ولا حرج فيه مطلقاً.
المقدم: لكن بالنسبة للمرأة التي تطلوا أظافرها بشيء يمنع الوضوء لكنها تغسله عند كل وضوء؟
الشيخ: إذا غسلته لا بأس، إذا أزالته وقت الوضوء والغسل من الجنابة لا بأس، وغسل الحيض أيضاً.
السؤال: أيضاً هناك سؤال آخر فيه: ما حكم الصلاة بالأظافر الطويلة؟
الجواب: على كل حال ما ينبغي بقاء الأظافر طويلة، الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بقصها وظاهر الأوامر الوجوب، فالواجب قص الأظافر، قص الشارب، نتف الإبط، حلق العانة، قد ثبت في الحديث الصحيح (أن النبي عليه السلام وقت للناس في قص الأظافر، وفي قص الشارب، وفي نتف الإبط، وحلق العانة ألا يترك أكثر من أربعين ليلة)، فلا ينبغي للمسلم أن يدعها أكثر من أربعين ليلة، بل السنة قص الشارب قبل ذلك، وهكذا قلم الأظفار من الرجل والمرأة، وهكذا نتف الإبط من الرجل والمرأة، وهكذا حلق العانة من الرجل والمرأة، كل هذا ينبغي أن يبادر إليه وأن يعتنى به قبل أربعين ليلة، فالرجل يقص شاربه، ويقلم أظفاره، وينتف إبطه، ويحلق عانته، والمرأة كذلك تقلم أظفارها، وتنتف إبطها، وتحلق عانتها أو تزيل العانة بشيء من الأدوية كالرجل سواء، هذه سنة مؤكدة، وقد يقال بالوجوب؛ لأنه وقت لنا في ذلك ألا ندع هذا أكثر من أربعين ليلة، والرسول صلى الله عليه وسلم جاءت عنه الأوامر بقص الشارب، قلم الظفر، نتف الإبط.
فظاهر هذا الوجوب وأنه لا يجوز أن تترك على وجه يشوه الحال ويعد طويلاً عرفاً؛ لأن هذا خلاف السنة الثابتة عنه عليه الصلاة والسلام، وما يفعله بعض الناس من تطويل الأظافر هذا منكر لا وجه له وتأس ببعض أعداء الله.
المقدم: أثابكم الله، بهذه الإجابة من سماحة الشيخ عبد العزيز نأتي على نهاية لقائنا هذا الذي استعرضنا فيه أسئلة المستمع من حضرموت الذي يسأل عما يحل للرجل من امرأته حالة الحيض.
ولم يبق معنا إلا أن نتوجه بالشكر الجزيل لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، كما نشكركم أيها الإخوة! وإلى أن نلتقي بحضراتكم إن شاء الله تعالى في لقاء قادم نستودعكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..