السؤال: هذه رسالة وردتنا من الرياض من المستمع (ن. ن. ش) يقول في رسالته: هل يجوز إعطاء وكالة من شخص لآخر؛ ليدير أعماله في فترة غيابه، والذي عرفنا أنه لا يجوز التوكل إلا على الله وحده؟
الجواب: الوكالة غير التوكل أيها السائل. الوكالة كونه يستنيب إنساناً يقوم مقامه في إدارة عمله، في بناء بيته، في إصلاح سيارته، في غير ذلك، هذا لا بأس به، وكالة تفويض منه إذن له، يأذن له يفعل كذا وكذا، أما التوكل فهو الاعتماد على الغير بأن يتصرف في الأمور بقدرته، فالله هو الذي يعتمد عليه ويتوكل عليه سبحانه وتعالى، فالتوكل يكون على الله، وأعظم التوكل أن يعتمد عليه بأنه قادر على كل شيء. لأنه مسبب الأسباب، فالاعتماد على الله والتوكل عليه سبحانه وتعالى، ثم الإنسان مع ذلك يفعل الأسباب، يعتمد على الله، يعلم أنه مصرف الأمور، ومسبب الأسباب، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا يعتمد على المخلوق ولا على نفسه، بل يعتمد على الله وحده، ويتوكل عليه، ومع هذا يأخذ بالأسباب، ويتعاطى الأسباب، فيزرع الأرض، يغرس الغرس، يبني ما يحتاج إليه، يوكل من يحتاج إليه حتى ينوب عنه في الغراس، في الزراعة، في البناء، ليس في هذا بأس، فالوكالة شيء، والتوكل شيئاً آخر، أما كونه يتوكل على إنسان، يعني: يعتقد فيه أنه يتصرف في الكون، وأنه يدبر الأمور، وأن له القدرة على التصرفات بدون مشيئة الله أو ما أشبه ذلك، هذا لا يجوز مع المخلوق أبداً، التوكل على الله وحده سبحانه وتعالى.
السؤال: سؤاله الثاني يقول: التقويم السنوي الذي يكتب فيه التاريخ، ومواعيد الصلاة مقدماً، هل من يكتبه يعلم بالمواعيد مقدماً، ولا يعلم الغيب إلا الله؟ وهل استعمال التقويم حرام؟ وما حكم من يعمل التقويم؟
الجواب: التقاويم لها طرق معروفة، وحساب معروف، ما هو من علم الغيب، ولها حساب معروف في ضبط مدار دخول الشهر، وخروج الشهر، وضبط الأيام والليالي بالدقائق والساعات، كل هذا شيء معروف، له طرق حسابية معروفة ليس من علم الغيب، فلا ينبغي أن تظن أنه من علم الغيب أيها السائل، بل هذه أمور معروفة لها طرق، ولها حسابات معروفة، يسير عليها الحاسبون، ويدركون معناها، فليس فيها من علم الغيب شيء.
السؤال: يقول: ما حكم بيع السيارات الفخمة الغالية الثمن والأثاث الغالي الثمن أيضاً؟
الجواب: هذا أمره واسع، إذا كان المشتري قادراً، وليس قصده الإسراف ولا المفاخرة، إنما يريد الطيب الذي من باب الجمال أو من باب الزينة وهو أهل لذلك؛ لأن عنده المال وعنده القدرة، فلا نعلم فيه شيئاً، إذا اشترى سيارة فخمة أو فراشاً طيباً ما نعلم فيه شيئاً، لكن التواضع طيب، إذا تواضع لله واستعمل الشيء الوسط، يكون أفضل وأقصد، حتى يتمكن من صرف الزيادات في الصدقة، والمساعدة للفقراء، والمساهمة في المشاريع الخيرية، فالحاصل أن الاقتصاد والتوسط في الأمور أفضل، ولو اشترى شيئاً جميلاً نفيساً من السيارات أو من الفرش؛ لأنه قادر ويريد بذلك الجمال لا المفاخرة ولا المباهاة، فلا حرج في ذلك إن شاء الله.
السؤال: يقول أيضاً: ما حكم وضع الحيوانات في حديقة الحيوانات، وحبسها لمشاهدتها؟
الجواب: ما نعلم في هذا شيئاً، لا حرج في ذلك؛ لأن فيه فوائد، يعرف الناس هذه الحيوانات ويقفون عليها، لا بأس بذلك، يعرفونها ويتفرجون عليها، إذا كان الحابس لها يقوم بحاجتها، يعطيها حاجاتها من الطعام والشراب، إذا حبسها وأعطاها حاجاتها فلا حرج إن شاء الله.
السؤال: أيضاً من الرياض وردتنا رسالة من
راشد مرشد أحمد ، يقول فيها: صلينا مع إمام في أحد الأيام، فنسي الإمام وقرأ الفاتحة في الركعة الثالثة، وهي يسر فيها كما تعلمون، وسبح المأمون لكن الإمام لم يسجد للسهو، ما حكم التسبيح؟ وما حكم عدم سجود الإمام؟
الجواب: السنة السر في الثالثة والرابعة، في العشاء، والثالثة المغرب، سنة، كونه يسر في الثالثة في المغرب والثالثة والرابعة في العشاء، هذا سنة، فلو جهر لا يضر؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يسمعهم الآية أحياناً في السرية، فالأفضل للإمام أنه لا يجهر، بل يسر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فلو جهر ونبهه المأموم فلا بأس، إذا نبهه المأموم حتى يأخذ بالسنة وينتبه للسنة فهذا لا بأس، ولا يلزمه السجود؛ لأن الجهر والإخفات سنتان، والسجود إنما يلزم فيما إذا فعل ما يبطل عمده الصلاة، فإذا كان عمده يبطل الصلاة وجب فيه سجود السهو، كما لو زاد سجدة، أو زاد ركوعاً، أو زاد قياماً، هذا ينبه، وإذا تعمد يبطل الصلاة، وإذا كان ما تعمد يسجد السهو، أما الجهر في الثالثة في المغرب والثالثة والرابعة في العشاء فهذا لا يوجب سجود السهو، ولكن تنبيهه حسن، كون المأموم ينبهه حتى ينتبه لهذه السنة. فهذا مشروع، وإن سجد للسهو فهذا حسن، ولكن لا يلزمه؛ لأن الجهر ليس بمحرم.
المقدم: وفي هذه الحالة يقولون مثلاً: سبحان الله.
الشيخ: سبحان الله نعم حتى ينتبه للسنة.
السؤال: هذه الرسالة وردتنا من اليمن الجنوبية، من المستمعة الحائرة (ع. س. ن) تقول: إني طالبة ثاني ثانوي ومؤمنة بالله ورسوله واليوم الآخر، وأصلي وأصوم والحمد لله، وأسألكم هذا السؤال الذي يحيرني كثيراً: هو أني أدرس مع طلبة، وكذلك يدرسني مدرسون، وممنوع على الطالبات وضع المناديل على رءوسهن، مما يجعلني أفكر في ترك المدرسة، وأنا لي الرغبة في تكميل التعليم، وخاصة وأني في نهاية التعليم، أفيدوني أفادكم الله. ووفقكم لما يحبه ويرضاه؟
الجواب: معلوم أن الحجاب أمر لازم، والكشف للرأس والوجه ونحو ذلك أمر ممنوع، والرأس أشد، فيا أيها الطالبة الواجب عليك ستر الرأس وستر الوجه وأن يكون لك من الستر ما يعينك على القراءة، ولا تبالي بهم ولو استهزءوا ولو سخروا لا تبالي، حتى تكملي دراستك، تكونين متحجبة مستترة بما شرع الله حتى تكملي الدراسة، فإن لم تستطيعي فانفصلي والتمسي دراسة ليس فيها اختلاط، في أي مكان، فإن الاختلاط فيه خطر، وإذا كان مع التكشف صار خطره أكبر، فإذا تيسر لك التستر وتكميل الدراسة من غير ملاصقة للأولاد، بل في جانب غير ملاصق للشباب، فإن هذا لا حرج فيه، للتكميل مع الحجاب، مع حجاب الوجه وحجاب الرأس، وأن يكون لك عين واحدة من خلال البرقع أو شبهه، مما تنظري بعين واحدة حتى تكملي الدراسة، أو العينين يكون لها فتحتان حتى تكملي الدراسة، ثم تنتهي من هذه الدراسة، فإن لم يتيسر هذا فانفصلي، والتمسي مكاناً آخر تكملي فيه الدراسة، وأما البقاء على هذه الحالة فلا يجوز، تبقي مكشوفة الرأس مكشوفة الوجه، هذا فيه فتنة كبيرة وخطر عظيم.
السؤال: سؤالها الثاني تقول: ما تفسير هذا الحديث: (
كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفس فتعذبه في جهنم)، ما تفسيره وفقكم الله؟
الجواب: هذا على ظاهره، يدل على تحريم التصوير وأنه لا يجوز، وأن المصور يعذب بالصور التي صورها في جهنم، وهذه الصور التي فعلها عذاباً عليه يوم القيامة، وفي الحديث الآخر: (أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون)، وفي الحديث الثاني: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم)، هذا نوع من التعذيب بها، والتصوير للحيوانات التي ذات الأرواح كالإبل والغنم البقر وبني آدم والطيور، أما تصوير ما لا روح له كالجبل والسيارة والشجرة، فلا حرج في ذلك، واختلف علماء العصر في التصوير الشمسي هذا المعروف الموجود بالكاميرة، فبعضهم قال: إنه ليس بتصوير وإنما هو إمساك الظل وتسامح في ذلك، والمعروف عند أهل العلم والبصيرة التحقيق أنه تصوير وأنه لا يجوز، وأن حكمه حكم التصوير باليد الفني المعروف، هذا التصوير لا يجوز لذوات الأرواح، إلا من حاجة ومن ضرورة كالتابعية، أو تصوير الجناة الذين يخاف شرهم، أو قيادة السيارة للحاجة، فهذا إذا دعت الحاجة إليه، ولم يتيسر له أخذ تابعية أو رخصة إلا بالصورة، فنرجو أن لا حرج عليه للضرورة.
المقدم: شكراً لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .
أيها السادة! إلى هنا نأتي إلى نهاية لقائنا هذا، الذي عرضنا فيه رسائل السادة حبان حسان عبده الغني من الرياض من المنطقة الصناعية، والمستمع (ن. ن. ش) من الرياض، يسأل عن حكم الوكالة، والمستمع راشد مرشد أحمد الذي يسأل عن التسبيح لجهر الإمام في الصلاة السرية، والحائرة (ع. س. ن) من اليمن الجنوبية.
عرضنا ما وردنا في رسائلهم هذه من أسئلة واستفسارات، على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لفضيلة الشيخ عبد العزيز، وشكراً لكم أيها الإخوة! وإلى أن نلتقي بحضراتكم نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.