إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (144)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    طلب الإذن بطبع فتاوى نور على الدرب

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين؛ سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    في بداية لقائنا نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    ====

    السؤال: حياكم الله، شيخ عبد العزيز ! أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من دولة الكويت الديوان الأميري وباعثها أخونا: فايز موسى أبو شيخة أخونا نص رسالته كما يلي:

    السؤال: فضيلة الشيخ: عبد العزيز بن باز المحترم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    بعد حمد الله الحمد الكثير، والصلاة والسلام على حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أضع بين يديكم ما يلي:

    إنني أستمع إلى برنامجكم نور على الدرب من فترة ليست بالقليلة ثم وجدت نفسي متابعاً له بشكل منتظم، ثم وجدت ما فيه من علم نافع لا حدود له في شتى مجالات العلوم الشرعية التي لا يستغني عنها أحد، واتضح لي أن عدداً قليلاً جداً هو من يتابع هذا البرنامج في الإذاعة أو يجد الحماس للاستماع إلى الأشرطة لأسباب متعددة، بينما يمكنه إذا توفر ذلك في كتاب أن يعود إليه بسهولة وفي أي وقت وعلى أي موضوع.

    وعليه: فقد بادرت بكتابة الفتاوى بعد تسجيلها بدقة وأمانة وتكون لدي الآن مجموعة كبيرة من الفتاوى للعلماء الأفاضل في السعودية، وحرصاً مني على أن لا تبقى هذه الفتاوى على أوراق دفاتري فإني على استعداد لطبعها وتوزيعها بحيث تصل إلى كثيرين وبسعر رمزي، وإنني على ثقة بعون من الله من صحة ما كتبته ودقته؛ لأنها أمانة علمية في النقل وعلى استعداد لعرضه على فضيلتكم الآن وقبل الطبع النهائي، أو عرضها على أحد العلماء الموثوق بهم هنا في الكويت.

    المهم: أن هذه المعلومات القيمة والفتاوى الشرعية التي تحوي الفائدة العظيمة تتوزع إلى مناطق تنتشر فيها البدع والمحدثات البعيدة عن السنة فتعمل بها إلى ما يعيدها للحق إن شاء الله وبعونه.

    إن لنا أملاً كبيراً في الله ثم بكم للموافقة على طبع هذه الفتاوى حتى يعم العلم وتتوسع المعرفة ويكون لكم إن شاء الله ولبقية العلماء الثواب الكبير ولنا ولمن يساهم بالنشر والتوزيع.

    كما أكرر عهدي بأن يكون ما يطبع هو ما قيل على ألسنة فضيلتكم موضوعاً متكاملاً وفتاوى دقيقة، إنني أخشى الله سبحانه وتعالى وأعلم عاقبة الأخطاء في هذا العمل؛ ولذلك سأكون حريصاً على تعدد المراجعة.

    أكرر دعائي لله سبحانه وتعالى كما دعوته من قبل أن يتم هذا العمل وأن يمنحكم الصحة والعافية، ويوفقنا لمتابعة هذه الفتاوى والقدرة على إتمامها حتى نلقى الله تعالى بعلم ينتفع به، والله يجعل فيكم الخير الدائم والبركة. إن أملي بالله ثم بكم أن تتكرموا بالرد كتابة وفي البرنامج حتى يكون عملنا صحيحاً مع العلم بأنني لن أقدم على طباعة شيء إذا رفضتم ذلك ولم توافقوا عليه؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإني أشكر السائل على همته العالية ورغبته في العلم، وأسأل الله لك يا أخي المزيد من كل خير وأن يمنحنا وإياك العلم النافع والعمل الصالح، ثم أخبرك أنه ليس عندي مانع من طبع ما يتعلق بي من الفتاوى التي تنشر من طريق هذا البرنامج؛ لأن في ذلك منفعة إن شاء الله للجميع، ولكني أقول: إنه لابد من إرسالها إلي حتى تراجع حذراً من شيء من الخطأ، فإذا رأيتم إرسالها إلي قبل الطبع فهذا هو الذي أرى وبعد ذلك نعيدها إليكم إن شاء الله في وقت قريب، حتى نطمئن إلى صحة الموجود وعدم الخطأ، مع العلم أيضاً بأني عازم على طبع جميع الفتاوى التي تصدر من طريق هذا البرنامج والفتاوى الأخرى التي قد صدرت وتصدر منا في جهات أخرى ومن طرق أخرى، كالفتاوى التي تصدر منا كتابياً في الصحف وغيرها أو للسائلين من طريق الكتابة، وهكذا ما يصدر منا من المؤلفات الصغيرة التي نكتبها في بعض المواضيع، كل هذا سوف يجمع وسوف ينشر إن شاء الله للمسلمين، والآن نحن ساعون في ذلك والمجلد الأول سوف يصدر قريباً ويوزع إن شاء الله، والمجلد الثاني في الطريق إن شاء الله، وهكذا بقية الفتاوى سوف تصدر إن شاء الله تباعاً مطبوعة توزع على المسلمين من طريق دار الإفتاء ومن طريق البيت جميعاً، ولكن لا مانع عندي من طبع أيضاً ما يصدر من هذا البرنامج بواسطة إخواننا في الله، لكن بعد العناية وبعد إرساله إلي لمراجعته، وفق الله الجميع.

    1.   

    حكم من لم يف بما عاهد الله عليه

    السؤال: الرسالة التالية رسالة بعث بها أخونا: مريا حسين آل حمران القحطاني أخونا ضمن رسالته سبعة أسئلة نختار بعضاً منها:

    سؤال له يقول: أنا قلت ذات مرة: إني أعاهد الله بأن لا آتي العمل الفلاني، ولكني لم أوف بذلك العهد، أرجو أن تنصحونني أنا ومن ماثلني في مثل هذا الأمر؟

    الجواب: هذا فيه تفصيل: إن كانت المعاهدة على أمر حرمه الله عليك وعاهدت الله أن لا تعود إليه وأن لا تقربه فالواجب عليك التوبة إلى الله من رجوعك إليه، ومن تاب تاب الله عليه، والتوبة تشتمل على أمور ثلاث: الندم على الماضي من المعصية والإقلاع منها والعزم الصادق أن لا تعود فيها، فإذا فعل المسلم ذلك تاب الله عليه سبحانه وتعالى، ومن تمام التوبة إتباعها بالعمل الصالح والاستقامة كما قال عز وجل: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82]، قال سبحانه لما ذكر الشرك والقتل والزنا في سورة الفرقان قال: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ [الفرقان:68-70]، فأخبر سبحانه أن من تاب وأتبع توبته بالإيمان الصادق والعمل الصالح فإنه سبحانه يبدل سيئاته حسنات، وهذا علاوة على قبول التوبة قبلها ثم جعل مكان كل سيئة حسنة، هذا من فضله وجوده وكرمه سبحانه وتعالى، وإن كان في المعصية حق للمخلوقين مثل السرقة والعدوان على بعض أموال الناس أو دمائهم أو أعراضهم فلابد من تحلل صاحب الحق، لابد أن يعطى حقه أو يستحل، فإذا أباح وأحل سقط حقه وهكذا في العرض من الغيبة الكلام في عرضه يستحل، فإذا سمح سقط حقه إلا أن يخاف من إخباره مفسدة ولا يرجى من إخباره مصلحة فإنه لا يخبر ولكن يدعى له ويستغفر له، ويذكر في المجالس التي ذكر فيها بالسوء، يذكر بالأشياء الطيبة التي يعلمها من اغتابه حتى يقابل عمله السيئ بعمل صالح، هذا إذا لم يتيسر أن يخبره بما وقع منه من الغيبة وخاف من شر ذلك وعاقبة ذلك فإنه يذكره بالمحاسن والأعمال الطيبة التي يعرفها عنه في المجالس والأماكن التي ذكره فيها بالسوء حتى يكون هذا في مقابل هذا مع الدعاء له والاستغفار له، والحمد لله.

    1.   

    التحذير من ظهور النساء أمام الرجال الأجانب بدعوى عادة الآباء

    السؤال: كثيراً من الرجال في بعض الأسر يسمح لزوجته أو ابنته أو أخته بالظهور أمام الرجال غير المحارم كجماعته وأصدقائه وزملائه والجلوس معهم والتحدث إليهم كما لو كانوا محرماً لها، وإذا نصحناهم قالوا: إن هذه عاداتهم وعادات آبائهم، كما أنهم يزعمون أن قلوبهم نظيفة، ومنهم أيضاً المكابر والمعاند وهو يفهم ذا الحكم، ومنهم من يجهله. أرجو أن تتوجهوا بنصيحة إلى إخواننا حول هذا الموضوع؟

    الجواب: الواجب على كل مسلم أن يعلم أن العادات يجب أن تعرض على الشرع المطهر، وأنها يكون فيها الخير الطيب ويكون فيها الشيء الرديء، وليس اعتياد الناس للشيء يدل على حله، وليس اعتيادهم له يحله أيضاً، كثير من العادات التي يعتادها الناس في بلادهم أو في قبائلهم يجب عرضها على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فما أباحها الله ورسوله فلا بأس فهو مباح والحمد لله، وما نهى الله ورسوله عليه الصلاة والسلام وجب تركه وإن كان عادة للناس، فإذا اعتاد الناس التساهل بالخلوة بالأجنبية أو اعتاد الناس أنها تكشف وجهها لغير محارمها هذه عادة باطلة يجب أن تزال، كما لو اعتاد الناس الزنا واللواط وشرب المسكر وجب عليهم تركه، وليس للعادة حجة لهم في ذلك بل الشرع فوق الجميع.

    فعلى من هداه الله للإسلام أن يبتعد عما حرم الله عليه من الخمر.. الزنا.. السرقة.. العقوق.. القطيعة، وسائر ما حرم الله عز وجل.

    وهكذا يجب على الأسرة أن تحترم أمر الله ورسوله، وأن تبتعد عما حرم الله ورسوله، فإذا كان من عادتهم كشف نسائهم لهم هذه عادة سيئة يجب أن تزول، فليس للمرأة أن تكشف لابن عمها ولا لزوج أختها ولا لإخوان زوجها ولا لأعمامه ولا لأخواله بل يجب عليها الاحتجاب وأن لا يرى منها شيئاً، فتستر بدنها.. تستر وجهها.. تستر رأسها، تستر جميع بدنها حتى لا يبقى منها شيء مكشوف.

    أما الكلام فلا بأس أن تكلمه في الحاجات: ترد عليه السلام، تبدأه بالسلام لا بأس، لكن مع الصيانة ومع الحجاب ومع البعد عن الخلوة، قال الله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53].

    وكذلك لابد من كلام عادي كلام متوسط ليس فيه تغنج ولا تكسر ولا خضوع بل يكون كلامها كلاماً عادياً، لقول الله سبحانه: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32]، فنهى سبحانه وتعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يخضعن بالقول؛ وهو تليينه وتكسيره حتى يطمع فيها من في قلبه مرض الشهوة، ويظن أنها مواتية وأنه لا مانع عندها، فالواجب أن يكون قولها قولاً وسطاً لا منكر وعنف ولا خضوع وتكسر وتغنج ولكن بين ذلك قول عادي في سلامها وكلامها ونحو ذلك ليس فيه شيء من التكسر والخضوع.

    وليس لها الخلوة بأخي زوجها أو عمه، وليس لها أن تكشف له وجهها ولا يديها ولا قدميها ولا رأسها بل تستر بدنها، لعموم قوله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، فأخبر سبحانه أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الأحزاب:59].

    والجلباب: ثوب يطرح على الرأس والبدن، تطرحه المرأة على رأسها تغطي به وجهها وبدنها فوق ثيابها، وقال سبحانه في سورة النور: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ .. [النور:31] الآية، هؤلاء هم المحارم الذين يباح إبداء الزينة لهم كالوجه والكفين والقدمين والرأس ونحو ذلك.

    أما أخو الزوج وزوج الأخت وزوج العمة وزوج الخالة وعم الزوج وخاله فكل هؤلاء أجانب لا تبدى لهم الزينة، لا يجوز إبداء الزينة لهم، بل تكلمهم عند الحاجة من وراء حجاب.. تسلم عليهم من وراء حجاب، ترد عليهم السلام، تسألهم عن الحاجة التي تريد لكن مع الحجاب ومع التستر ومع الحشمة.

    وهكذا يجب الحذر من التبرج وهو إظهار المحاسن والمفاتن، لقوله جل وعلا: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأحزاب:33].

    فالواجب على النساء تقوى الله سبحانه وتعالى والحذر مما حرم الله من إبداء الزينة لغير المحارم والتبرج الذي حرمه الله، يجب الحذر من ذلك؛ لأن هذا أطهر للقلوب وأسلم للمجتمع من الفتن وأبعد عن وقوع الفواحش وعن التهم إلا العجوز التي لا تشتهي النكاح ولا يطمع فيها ولا تتزين فلها أن تكشف وجهها لقوله سبحانه وتعالى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60] فالقواعد: هن العجائز، اللاتي لا يرجون نكاحاً، يعني: ما عندهن رغبة في النكاح لكبر سنهن وتقدم سنهن ومع ذلك غير متبرجات بزينة، أما إن كن متبرجات فلا، ليس لهن الكشف، أما إذا كن عجائز لا يرجين النكاح ومع ذلك غير متبرجات بزينة فلا حرج من وضع الحجاب عن وجهها ويديها؛ لأنه لا مطمع للناس فيها.

    ولكن استعفافها أولى حتى ولو كانت عجوزاً، استعفافها وتسترها أولى وأفضل، ولهذا قال سبحانه: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60]؛ لأن كل ساقط له لاقط، قد يطمع فيها من هو من جنسها من الكبار، قد يقع شيء من الفتنة، فإذا استعفت واحتجبت كان أفضل وأصلح، فإذا كان هذا في العجائز غير المتبرجات يكون الحجاب لهن أفضل فكيف بحال الشباب من الفتيات؟! الأمر فيهن أشد وأعظم؛ ولهذا وجب عليهن الحجاب والبعد عما حرم الله عز وجل من وسائل الشر، والحرص على أن تكون بعيدة عن كل فتنة وعن سبب كل فتنة، تكون كاملة الستر، كاملة الحجاب، لا تخلو بالرجل ولو كان أخا زوجها ولو كان عم زوجها.

    ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على النساء، إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: أرأيت الحمو؟ قال صلى الله عليه وسلم: الحمو الموت)، يعني: يخشى منه أكثر؛ لأن المرأة قد تتساهل عنده وقد يدخل عليها ولا يستنكر؛ لأنها زوجة أخيه أو زوجة عمه، فربما أبدت له شيئاً من محاسنها وتساهلت فيقع الشر، فلهذا قال صلى الله عليه وسلم لما سألوه عن الحمو؟ قال: (الحمو الموت)، فيجب الحذر من الخلوة به أو إبداء الزينة له؛ لأن الخطر منه أكثر.

    أما أبو زوجها فهو محرم لها؛ أبوه وجده، وابنه، وأولاد ابنه كلهم محارم، فأبو الزوج وجد الزوج كلهم محارم، أما زوج أمه فليس محرماً وإنما أبوه أبو الزوج وجد الزوج وابن الزوج وابن بنته وابن ابنه كلهم محارم ولكن بعض المحارم قد يخشى شره.

    فينبغي للمرأة أن تحذر أيضاً ولاسيما في عصرنا هذا، بعض المحارم قد لا يكون عنده من التقوى والعفة ما يصونه، فينبغي للمرأة أن تكون حذرة وأن تكون فطنة وأن تحذر أسباب الشر، فإذا كان المحرم كابن الزوج أو أبي الزوج، أو ابن ابن الزوج يخشى منه شر فلتكن على حذر فلا تخلو به، ولا تبدي له محاسنها بل يكفي وجهها ونحوه من دون توسع في ذلك ومن دون خلوة إذا خافت من شره، فإن بعض المحارم يخشى شره، فينبغي لها أن تكون حذرة وأن تكون بعيدة عن أسباب الشر، نسأل الله للجميع العافية.

    1.   

    كيفية زكاة المال المساهم به والمشكوك في أرباحه وعودته

    السؤال: أخونا عبد العزيز السديس يقول: ساهمت بمبلغ في مساهمة عقارية ربحت في بداية الأمر فتركت المبلغ وتركت ربحه لعله يكسب مرة أخرى، لكن خسرت المساهمة الثانية، والمبلغ الآن مشكوك في سلامته وفي عودته، فهل عليه زكاة وعلى ربحه أم كيف أتصرف؟

    الجواب: ما دامت المساهمة للتجارة والفائدة والربح فإن على المساهم الزكاة كل سنة بحسابها، عليه أن يزكي السنة التي فيها الربح حسب قيمة العقار، والسنة التي خسرت وضعف فيها الربح لها زكاتها أيضاً، فإذا كانت في السنة الأولى تساوي الأرض مائة ألف عليه زكاة مائة ألف؛ ألفين ونص، ربع العشر، فإذا كانت في السنة الثانية نزلت صار ما تساوي إلا خمسين عليه زكاة الخمسين، والمعلوم أن عشرها خمسة آلاف، ربع العشر ألف ومائتان وخمسون، وهكذا.. لو كانت في السنة الثانية أربعين ألف زكى أربعين فيها ألف واحد.

    فالمقصود أن الزكاة تدور مع القيمة، فإذا غلت القيمة ارتفعت الزكاة وإذا نزلت القيمة نزلت الزكاة على حسبها ربع العشر، وهذا في العقار وغير العقار مما يعد للتجارة، قد يشتري سيارات للتجارة مثلاً تبقى عنده سنة وهي للتجارة قيمتها مثلاً مائة ألف أو أكثر ثم تنزل قيمتها لوجود موديل جديد فتنزل قيمتها فيزكيها في السنة الثانية على حسب قيمتها الجديدة الأخيرة التي نزلت وهكذا غيرها، فالأرض والسيارة وسائر السلع دربها واحد، تدور الزكاة مع القيمة، إن ارتفعت ارتفعت الزكاة، وإن نزلت نزلت الزكاة.

    المقدم: أخونا يقول: إن رأس المال والربح مشكوك في عودته؟

    الشيخ: هذا يختلف، إن كانت مبيعاته صارت عند إنسان مماطل ما يدري أن يعطيه أو ما يعطيه لا ما عليه زكاة حتى يسلم له المال، أو عند إنسان فقير معسر ما عليه زكاة على الصحيح حتى يستلف المال ويستقبل به حولاً من المعسر أو المماطل، فإذا قبضه يستقبل به حولاً مستقبلاً يعني حولاً جديداً. قال بعض أهل العلم: إنه يؤدي عن زكاة سنة واحدة، إن أدى عن سنة واحدة فهذا حسن، إذا زكى عن سنة واحدة من السنوات الماضية التي بقي له المال عند هذا المماطل أو عند المعسر، إذا زكى عن عام واحد هذا حسن، قاله جماعة من أهل العلم، وإلا فالصواب أنه لا يلزمه شيء، يستقبل حولاً جديداً، إذا يسر الله له المال من هذا المعسر أو من هذا المماطل فإنه يزكيه من جديد إذا حال عليه الحول.

    أما إن كانت الأرض موجودة ولكن رخص سعرها، وهو يشك في حصول رأس المال يزكي الموجود، اشتراها بمائة ألف ولكن ما تساوي الآن إلا خمسين ألف، كسدت الأراضي يزكي الخمسين التي تساوي في الأرض، حتى ولو ما تساوي إلا عشرة وهي بمائة ألف، يزكي العشرة التي حال عليها الحول وهي بهذه القيمة.نعم.

    المقدم: بارك الله فيكم. سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد الله سبحانه وتعالى، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم والمستمعون على خير.

    الشيخ: نرجو ذلك.

    المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    من الإذاعة الخارجية سجلها لكم زميلنا: مطر محمد الغامدي . شكراً لكم جميعاً وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767946763