إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (195)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم صيام المسيحي إذا لم يسلم

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

    أيها الإخوة في الله! السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، نحييكم بتحية الإسلام الخالدة التي نستهل بها لقاءنا المتجدد مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والذي يسعدنا أن نلتقي به وأن يكون ضيف لقائنا في هذه الحلقة من برنامج نور على الدرب، ليتولى سماحته الإجابة على رسائلكم التي تحمل أسئلتكم واستفساراتكم.

    ====

    السؤال: هذه أول رسالة في البرنامج وردت من المستمع شحاتة عبد الفضيل مصري الجنسية ومقيم بمدينة الرياض، ويقول فيها: يوجد في القرية عندنا رجل مسيحي وهو يصوم شهر رمضان ولا يصلي، هل صيامه هذا صحيح، أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا النصراني الذي يصوم ولا يصلي ينظر في أمره ويدعى إلى الإسلام، فإن الصيام من دون الدخول في الإسلام لا ينفعه، فالكفر مبطل الأعمال، كما قال عز وجل: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة:5]، ويقول سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، فلابد أولاً من تصديقه للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ودخوله في الإسلام، فإذا صدق محمداً صلى الله عليه وسلم ودخل في الإسلام فحينئذ يطالب بالصلاة والصوم والزكاة والحج وغير ذلك، أما كونه يصوم أو يصلي وهو على نصرانيته هذا لا يصح منه، صلاته باطلة وصومه باطل ولا ينفعه ذلك؛ لأن شرط هذه العبادات الإسلام، فإذا صلى وهو غير مسلم أو صام وهو غير مسلم فعباداته باطلة.

    فعليكم أيها الإخوة الذين بقربه أن تنصحوه وتوجهوه إلى الإسلام وتعلموه أنه لابد من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه، وأنه رسول الله حقاً إلى الناس عامة الجن والإنس، وأن عليه أن يلتزم بالإسلام بإخلاص العبادة لله وحده وترك ما عليه النصارى من القول بأن المسيح ابن الله أو بالأقانيم الثلاثة، ليترك هذا كله ويؤمن بأن الله إله واحد ليس له شريك، وأن المسيح بن مريم عبد الله ورسوله وليس هو ابن الله، تعالى الله علواً كبيراً، فإن الله سبحانه ليس له صاحبة ولا ولد، قال عز وجل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4]، فإذا ترك ما عليه النصارى من هذا القول الشنيع وإذا آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وصدق ما جاء به والتزم بالإسلام، فهذا حينئذ يكون مسلماً له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين، وعليه أن يصلي وعليه أن يصوم وعليه أن يزكي إذا كان عنده مال وعليه أن يحج مع الاستطاعة، هكذا كسائر المسلمين.

    1.   

    بداية آية الكرسي ونهايتها

    السؤال: هذه رسالة من المستمع سعود مشعل عبد الهادي العتيـبي بالمحاني عن طريق الطائف، بعث بهذه الرسالة يقول فيها: أرجو من سماحتكم توضيح آية الكرسي حيث أن بعض الناس يقول: إنها تنتهي من: وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255] صدق الله العظيم، وفيه من يقول عليها زيادة: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة:256] إلى آخره، أفيدونا أفادكم الله بالوجه الصحيح؟

    الجواب: آية الكرسي تنتهي بقوله جل وعلا: وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255]، هذه آية الكرسي: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255]، هذه آية الكرسي، أما: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة:256] فهي آية أخرى، وهذه الآية العظيمة هي أفضل آية وأعظم آية في كتاب الله سبحانه وتعالى، وهي مشروعة للمؤمن والمؤمنة بعد كل صلاة يقرؤها بعد الذكر، هذه الآية العظيمة مشروعة إذا أوى إلى فراشه عند النوم يقولها، فهي آية عظيمة وهي أفضل آية في كتاب الله، وهي تنتهي بقوله سبحانه: وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255]، هذا آخرها عند أهل العلم.

    1.   

    وجوب عمل الوكيل بأمر الموكل في صرف الزكاة

    السؤال: الرسالة التالية وصلت إلى البرنامج من المستمع عبد المحسن أحمد من مدينة جدة، يقول الأخ عبد المحسن في رسالته: أنا مدير محلات تجارية وصاحب هذه المحلات يطرح الزكاة عندي سنوياً وله ناس مخصصين يأتونه في كل سنة يعطيهم الزكاة وأسماؤهم مسجلة عندي في كشف وصاحب المحلات يسافر في شهر رمضان إلى الخارج، ويقول: لا تعطي الزكاة إلا من كان اسمه مسجل في الكشف، وفي هذه السنة لم يأت البعض لأخذ الزكاة والزكاة عندي موجودة أفيدوني أفادكم الله؟

    الجواب: عليك أن تعتمد ما قال لك صاحب الزكاة، فتعطيها الأشخاص الذين سماهم وسجلهم لديك ولا تعط غيرهم؛ لأنك وكيل، والوكيل يلتزم بما قاله الموكل، لكن إذا علمت أن بعضهم غني وأنه لا يصلح للزكاة تنصحه وتقول له: فلان لا يصلح، فلانة لا تصلح، وإذا تأخر بعضهم تخبره، إذا تأخر بعضهم فماذا أفعل؟ هل أعطيها من أرى أنه فقير؟ أو يسمي لك أشخاصاً آخرين فتعطيهم، أما أنت لا تتصرف بدون إذنه، لابد من إذنه في ذلك لأنك وكيل والوكيل لابد أن يلتزم بأمر الموكل، ولكن عليك النصيحة إذا علمت أن بعض الأشخاص المسميين عندك لا يصلحون لغناهم أو كفرهم أو أشياء أخرى تمنعهم من الزكاة بينها للشخص صاحب التجارة حتى تتفق معه على الأشخاص الذين ينبغي أن تدفع لهم الزكاة، ومن تأخر منهم تحفظ حصته وتبقى عندك حتى تستشير صاحب الزكاة في ذلك فيعمدك بما يرى في هذا الأمر.

    1.   

    الواجب تجاه من يتهاون بالصلاة ويختلي بالأجنبية

    السؤال: هذه رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع عبد السلام عبد الله محمد من الجمهورية العربية اليمنية من لواء تعز، الرسالة تحمل سؤالين: يقول الأخ عبد السلام في سؤاله الأول: لي عم أخ لأبي منفرد عن الأسرة وله متجر بجانب متجره والجامع قريب منا ونسمع الأذان معاً في كل وقت، ولكنه لا يذهب إلى الصلاة ولا يصل الرحم، وفوق هذا فهو يختلي بامرأة أجنبية غريبة عنه وفي منزل آخر غير منزله، والإسلام يدعو للنصيحة؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما الدين النصيحة)، فأنا أكره أعماله هذه وأكره أن أتكلم معه ولا أرد عليه السلام، علماً بأنه جاري في الدكان كما ذكرت، فهل علي أثم بهذا أفتونا مأجورين، وجزاكم الله خير الجزاء؟

    الجواب: الواجب عليك النصيحة مثل ما فعلت، تنصح له وترشده إلى الخير وتخوفه من الله عز وجل، وتقول له: يا فلان! اتق الله، عليك أن تؤدي الصلاة في الجماعة أنت تسمع النداء، والرسول عليه السلام يقول: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر)، وقد جاءه رجل أعمى فقال: (يا رسول الله! ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب)، فلم يرخص له في ترك الجماعة وهو كفيف ليس له قائد يلائمه، فكيف بحال البصير المعافى؟ تنصح له وتبين له ما جاءت به السنة، وكذلك قطيعته للرحم تنصح له فيها، وهكذا خلوته بالأجنبية تنصحه وتنكر عليه، فإذا أصر على المخالفة والعناد فهجره حق وأنت مصيب في هجره؛ لأنه قد تظاهر بالمعصية ومن تظاهر بها ولم يقبل النصيحة استحق أن يهجر.

    1.   

    حكم الحج عن الغير قبل الحج عن النفس

    السؤال: السؤال الثاني في رسالة الأخ عبد السلام يقول فيه: هل يصح للإنسان الذي لم يحج عن نفسه أن يحج عن إنسان آخر له دين عليه علماً بأن هذا الذي سوف يقوم بالحج عن صاحب الدين قد عمل له سنداً بالدين الذي عليه، فهل يصح هذا أفتونا مأجورين، وجزاكم الله عنا خير الجزاء؟

    الجواب: ليس للإنسان أن يحج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه، هذا هو الصواب من قول أهل العلم، ولكن يبدأ بنفسه فيحج عنها ثم بعد ذلك لا حرج أن يحج عن غيره إذا قصد بذلك خيراً وأراد أن يشارك في الحج والمشاعر العظيمة ويشارك المسلمين في الخير وأخذ ما يستعين به من المال حتى يحج عن غيره لا بأس، لكن لابد أن يبدأ بنفسه، لابد أن يحج أولاً فإذا حج أولاً فلا بأس أن يحج عن غيره، وإذا حج عن نفسه كان أولى وأفضل إلا إذا أخذ المال ليحج عن غيره بقصد صالح، بقصد أداء الحق الذي في ذمة أخيه من الحج، أو لقصد المشاركة في الخير والحرص على الوصول إلى المشاعر وهو لا يستطيع ذلك، فيستعين بأخذ المال ليحج عن غيره حتى يشاركه في الخير فهذا عمل صالح.

    1.   

    الفروق بين الواجب والفرض في الحج

    السؤال: الرسالة التالية وصلت من الأخ المستمع محمد زهير الرفاعي من المدينة المنورة يقول في رسالته: ما الفرق بين الفرض والواجب في الحج؟ وهل يستويان في الابتداء أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: الفرض والواجب الفرق بينهما أمر اصطلاحي: فالجمهور يرون أن الفرض والواجب شيء واحد، وأن الفرض هو ما لزم العبد شرعاً والواجب كذلك، وقال آخرون من أهل العلم: الفرض ما تأكد دليله وقويت حجته صارت فرضيته أشد وأقوى، والواجب ما كان دون ذلك في الأدلة، فالوقوف بعرفة مثلاً فرض؛ لأن أدلته عظيمة وهو الحج، رمي الجمار أسهل من ذلك وإن كان واجباً، فيطلق على مثل رمي الجمار ومثل المبيت بمزدلفة واجب، ويطلق على الوقوف بعرفة مثلاً والطواف أنه فرض لعظم أدلتهما وشدة وجوبهما، والقول الآخر للجمهور يسمى الجميع فرضاً ويسمى الجميع واجباً، والأمر في هذا لا مشاحة فيه، لكن لاشك أن الواجبات تختلف، بعضها أوجب من بعض وأشد فرضية من بعض، فالوقوف بعرفة وطواف الإفاضة لهما شأن، وهكذا الإحرام له شأن بخلاف رمي الجمار بخلاف طواف الوداع فإنهما أسهل من ذلك وإن كان الكل واجباً.

    1.   

    نوع نسك حجة النبي عليه الصلاة والسلام

    السؤال: ويضيف الأخ محمد زهير الرفاعي ويسأل السؤال التالي: كيف كانت حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هل تمتع أو قرن أو أفرد، أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم حج قارناً، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم، وقد تواترت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لبى بالحج والعمرة جميعاً، وقال: (لولا أن معي الهدي لأحللت معكم).

    فالمقصود أنه حج قارناً لبى بهما جميعاً -للعمرة والحج جميعاً- وبقي على إحرامه؛ لأنه كان ساق الهدي عليه الصلاة والسلام، وأما الصحابة الذين لم يسوقوا الهدي فإنه أمرهم بالإحلال، فحلوا فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا وأحرموا بالحج يوم التروية عند توجههم إلى منى، وأما هو صلى الله عليه وسلم فكان قارناً، هذا هو الصواب، لبى بالحج والعمرة جميعاً، هذا هو المحفوظ من فعله عليه الصلاة والسلام، ولكونه ساق الهدي لم يتحلل مع الناس وقد بقي على إحرامه حتى حل منهما جميعاً يوم النحر، فرمى يوم العيد ثم نحر ثم حلق رأسه ثم تحلل وتطيب ثم ركب إلى البيت فطاف به طواف الإفاضة عليه الصلاة والسلام، هذا هو الحق.

    1.   

    حكم المداومة على قراءة سور معينة في صلاة الضحى

    السؤال: وهذه رسالة وصلت إلى البرنامج من الأخ محمد بكري تحمل العديد من الأسئلة، يقول في سؤاله الأول: إنني أصلي صلاة الضحى -والحمد لله- باستمرار، وقد تعمدت أن أقرأ في الركعتين الأوليتين سورة: هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ [الإنسان:1]؛ وذلك لأن فيها صفات أهل الجنة -وآمل من الله أن يجعلني منهم- وفي الركعة الثالثة أقرأ سورة الضحى؛ لأن الصلاة هي صلاة الضحى، وفي الركعة الرابعة أقرأ سورة الإخلاص؛ لأن فيها ذكر صفات الله العظيمة التي لا يشاركه فيها أحد، فهل يجوز الاستمرار على ذلك أم أنه يعتبر بدعة يجب أن أتركها أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: الأفضل أن لا تستمر في ذلك؛ لأن هذا شيء لا أصل له ولا دليل عليه وربما باعتياده تعتقد أنه كالشيء الواجب، فينبغي أن تفعل هذا تارة وهذا تارة، ولا تستمر على قراءة هذه السور فقط، وصلاة الضحى ليس لها ما يبرر أن تقرأ في صلاة الضحى، فإن قسم الله بالضحى شيء آخر غير ما يتعلق بصلاة الضحى، إنما الله يقسم من خلقه بما يشاء سبحانه وتعالى، لكن يجوز للمؤمن أن يختار بعض السور وبعض الآيات يقرأ بها لكن مع اعتقاد ومع اعتقاده وإيمانه بأن هذا شيء ليس بلازم، وأنه لا بأس أن يقرأ غيرها من الآيات والسور، فمع هذا الاعتقاد لا حرج لكن الأولى والأفضل أن لا تستمر على هذا الشيء، بل تقرأ تارة كذا وتارة كذا حتى لا تعتاد هذا الشيء فتظن أنه لازم، والنفوس إذا اعتادت شيئاً يشق عليها فراقه و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، بالأخص لها شأن عظيم، فإذا قرأها الإنسان محبة لها ولما فيها من صفات الله فهذا يرجى له الخير العظيم، وقد ثبت أن بعض الصحابة كانوا يقرءون بها في صلاتهم بالناس، فقال له بعض الصحابة: لماذا تلزمها ولا تكتفي بها؟ فقال: إنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأها، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: (أخبروه أن الله يحبه)، وفي لفظ: (حبك إياها أدخلك الجنة)، فإذا قرأ الإنسان سورة الإخلاص لهذا المعنى أو آيات الجنة للشوق إلى الجنة أو آيات النار للحذر، فهذا له خير عظيم، لكن لا يلزم ذلك بل تارة وتارة حتى لا يعتاد الشيء الذي ليس بلازم، ثم أيضاً قبل أن ننتقل: السنة في الضحى ركعتان، هذا أقل شيء، فإذا أراد أن يزيد فيصلي ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين لا يجمع أربعاً، الأفضل أن يصلي ركعتين بتسليم ثم ركعتين بتسليم، لأن الرسول عليه السلام قال: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)، وكانت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يسلم من كل اثنتين في الليل والنهار، فالأفضل أن تسلم من كل ثنتين تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)، وهذه الزيادة: (والنهار) جيدة ولا بأس بها عند كثير من أهل العلم فسندها جيد.

    1.   

    استئناف التعوذ والبسملة عند قطع قراءة القرآن للدعاء

    السؤال: السؤال الثاني في رسالة الأخ محمد بكري يقول فيه: إنني أقرأ القرآن والحمد لله، وعندما أصل إلى صفات المؤمنين أدعو الله أن يجعلني منهم، وعندما أصل إلى صفات الكفار والمنافقين ومصيرهم أستعيذ بالله أن لا يجعلني منهم، فهل بعد الدعاء تلزمني البسملة من جديد أم أتابع القراءة دون ذلك، وهل قطع القراءة للدعاء جائز أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: هذا الفعل فعله النبي صلى الله عليه وسلم قيل في تهجده بالليل عليه الصلاة والسلام (إذا مر بآيات الوعيد تعوذ، وإذا مر بآيات الرحمة سأل ربه الرحمة) فلا بأس، بهذا بل هذا مستحب في التهجد بالليل وصلاة النهار في القراءة خارج الصلاة، كل هذا مستحب وليس عليك أن تعيد البسملة ولا التعوذ بل تأتي بهذا الدعاء ثم تشرع بالقراءة من دون حاجة إلى إعادة التعوذ ولا إعادة البسملة، وهذا كله إذا كنت تصلي وحدك في النافلة، أما إذا كنت في الفريضة فلم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل هذا في الفريضة، وهكذا إذا كنت مع الإمام تنصت لإمامك ولا تأتي بهذه الأدعية والإمام يقرأ بل تنصت وتستمع في الجهرية، أما في السرية فتقرأ الفاتحة وما تيسر معها من دون هذه الأدعية التي يدعى بها في النافلة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعل هذا في الفريضة، ولعل السر في ذلك -والله أعلم- التخفيف على الناس وعدم التطويل عليهم؛ لأنه لو دعا عند كل آية فيها رحمة، وتعوذ عند كل آية فيها وعيد، ربما طالت الصلاة بل ربما شق على الناس، فكان من رحمة الله ومن الإحسان إلى عباده ومن لطفه بهم أن شرع عدم ذلك في الفريضة حتى تكون القراءة متوالية، وحتى لا تطول القراءة على الناس، أما في النافلة، في التهجد بالليل، صلاة الضحى، في غيرها من النوافل، فلا بأس الأمر فيها واسع.

    1.   

    حكم بول الصبي

    السؤال: السؤال الثالث في رسالة الأخ محمد بكري يقول فيه: أحياناً تكون ثياب ابني الصغير مبللة بالنجاسة، فيلمس بثيابه تلك دون شعور ثياب أخيه الكبير أو ثيابي، ولكن آثار البلل لا تظهر على ثياب الكبير نتيجة الملامسة، فهل يلزم الكبير غسيل ثيابه لتطهيرها أم أنها لا تعتبر نجاسة لأنها لم تظهر عليه آثار البلل؟ وهل هناك طريقة للتطهير من النجاسة غير الغسيل كالتعريض للشمس مثلاً؟ وهل هناك سن يكون فيها بول الولد غير نجس أم أنه نجس منذ الولادة، أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: بول الطفل نجس مطلقاً من حين الولادة إلى آخر حياته، لكنه في حالة الطفولة وعدم أكل الطعام تكون نجاسته مخففة، يكفي فيها الرش والنضح حتى يأكل الطعام ويتغذى بالطعام، فإذا تغذى بالطعام صار يغسل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بول الغلام ينضح وبول الجارية يغسل).

    فالمقصود أنه مادام لا يتغذى بالطعام فإن بوله يكون نجاسة خفيفة يجب فيها الرش والنضح، وإذا كان ثوب الصبي مبللاً بالنجاسة ثم باشر ثوباً آخر طاهر، فإن هذا البلل ينجس الثوب الذي يلامسه؛ إذا كان رطباً، أما إذا كانت رطوبته خفيفة ما يؤثر في الثوب الذي يلامسه فلا يتنجس، لكن إذا كانت رطوبته واضحة وبينة فإنه لابد تؤثر في الثوب الذي تلامسه ولو ما بان ذلك بينونة ظاهرة، فينبغي غسل ما أصاب الثوب الجديد الطاهر من هذا البلل يتحراه ويغسله بالماء، وليس هناك طريق غير الماء، الشمس ما تكفي، لابد من غسله بالماء، ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا أصابه بول الصبي صب عليه الماء، وإذا كان صغيراً أتبعه بالماء ولم يعصره ولم يغسله بل يكفي رشه بالماء كما تقدم.

    1.   

    حكم إرضاع ابن الخالة من زوجة جده لأمه

    السؤال: الرسالة التالية وصلت إلى البرنامج من المستمع (أحمد . م. ع) من مكة المكرمة، يقول في رسالته: لي ابن خالة قد رضع مع خالي وخالي ليس بشقيق لوالدتي بل أخيها من أبيها، فهل يصبح خالاً لي هو وإخوانه أيضاً، ولي ابنة خالة قد رضعت مع أم خالي ولكن لم ترضع معه بل مع أخته وأخيه من أمه وأباً آخر، فهل تجوز لي أن أتزوجها، أفيدوني أفادكم الله؟

    الجواب: إذا كان ابن خالتك قد رضع من زوجة جدك ولو كانت من غير جدتك من زوجة أخرى فإنه يكون خالاً لك وأخاً لأمك ولو كان من أبيها، متى رضع من زوجة جدك سواء كان جدة لك أو ليست جدة لك فإن هذا الرضيع إذا رضع خمس مرات أو أكثر حال كونه طفلاً في الحولين فإنه يكون خالاً لك؛ لأنه صار أخاً لأمك من أبيها، وإن كان من أمها صار أخاً لها من أبيها وأمها فيكون خالاً لك بكل حال.

    وإذا كانت رضعت من زوجة الجد الذي هو أبو الخال وأبو الأم رضاعاً تاماً خمس مرات فأكثر بنت خاله هذه فإنها تكون أيضاً خالة، تصير أختاً للأم مثل ما سبق، ولو كانت راضعة من شخص قبل خاله أو بعد خاله ما هو بلزوم مع خاله، متى رضعت من زوجها التي هي أم خاله وأم أمه أو من زوجة أخرى ليست أمهما بل زوجة لأبيهما أخرى وسواء كانت معهما أو مع أولاد قبلهما أو أولاد بعدهما فإنها تكون خالة إذا كان الرضاع خمس مرات أو أكثر في الحولين.

    1.   

    الأذكار المشروعة بعد صلاة الصبح

    السؤال: هذه رسالة وصلت من الأخ الذي رمز إلى اسمه (م. ن. ت) مصري الجنسية ويعمل بالمملكة وتحمل رسالة الأخ (م. ن. ت) عدة أسئلة: يقول في سؤاله الأول: إنني رأيت بعض الذين أعتقد أنهم صالحون يذكرون بعض الذكر بعد صلاة الصبح فاتخذته وهو (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير) عشر مرات، (اللهم أجرنا من النار)سبع مرات، (اللهم إنا نسألك رضاك والجنة)سبع مرات، (نعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات، (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع البصير) ثلاث مرات، (رضينا بالله تعالى رباً، وبالإسلام ديناً، وبالقرآن كتاباً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً) ثلاث مرات، (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) مرة، (اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا راد لما قضيت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) مرة واحدة، (اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) ثلاث مرات، سورة : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] إلى الآخر ثلاث مرات، سورة الفلق مرة، سورة الناس مرة، سبحان الله ثلاثاً وثلاثين مرة، الحمد لله ثلاثاً وثلاثين مرة، الله أكبر أربعاً وثلاثين مرة، لا إله إلا الله ثلاثاً وثلاثين مرة، هل في هذا الدعاء نص صريح يجب على الإنسان أن يتبعه أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: هذا الذكر أكثره وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير)، وفي بعضها زيادة: (بيده الخير)، عشر مرات هذا سنة جاءت به عدة أحاديث، (اللهم أجرني من النار) سبع مرات كذلك جاء في حديث وإن كان في سنده بعض الضعف اليسير وهو من أحاديث الترغيب والترهيب، وكذلك: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)، ثلاث مرات، سنة، (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) أيضاً سنة ومشروع ثلاث مرات، وهو من أسباب الوقاية من كل شر كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، وكذلك: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك) إلى آخره، سنة، وكان إذا دعا دعا ثلاث مرات عليه الصلاة والسلام (رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً)، هذا حق وسنة لكن ما فيه تكرار ثلاث مرات، يدعو به كثيراً يقوله كثيراً وليس فيه زيادة (وبالقرآن إماماً) إنما (رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً)، أو (بمحمد نبياً)، كله جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وكله من أفضل الذكر، ولا يتقيد بثلاث بل يأتي بما تيسر من ذلك، كذلك سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين مرة سنة بعد كل صلاة، وإن كبر أربعاً وثلاثين كذلك تصير مائة، سبحان الله ثلاثاً وثلاثين والحمد لله ثلاثاً وثلاثين والله أكبر أربعاً وثلاثين هذا وجه من أوجه الذكر الشرعي، وإن سبح ثلاثاً وثلاثين وحمد ثلاثاً وثلاثين وكبر ثلاثاً وثلاثين، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، فهذا كله سنة، جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا قراءة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] بعد الصبح وبعد المغرب ثلاث مرات، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] ثلاث مرات ما هو بمرة قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] وهكذا: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] ثلاث مرات مثل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] هذا هو السنة.

    أما ما سوى هذا فلابد من دليل عليه، بقول: اللهم إني أسألك رضاك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار، هذا ما أعرف أنه ورد لا ثلاثاً ولا أكثر .. بعد الصلوات.

    وقد ورد أيضاً بعد الصلوات زيادة على هذا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمسة وعشرين مرة، جاء هذا وهذا، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمسة وعشرين مرة، وجاء بدلاً منها سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثة وثلاثين مرة، وتمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، أو التكبير أربعة وثلاثين كما تقدم.

    المقدم: أيها الإخوة في الله! باسمكم جميعاً نشكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد على هذا اللقاء في برنامج نور على الدرب الذي أجاب فيه سماحته مشكوراً على أسئلة الإخوة المستمعين: المستمع شحاتة عبد الفضيل مصري الجنسية ومقيم بمدينة الرياض، المستمع سعود مشعل العتيـبي بالمحاني الطائف، المستمع عبد المحسن أحمد من مدينة جدة، المستمع عبد السلام عبد الله محمد من الجمهورية العربية اليمنية من لواء تعز، المستمع محمد زهير الرفاعي من المدينة المنورة، المستمع محمد بكري من الطائف، المستمع (أحمد . م. ع) من مكة، وأخيراً رسالة المستمع (م. ن. ت) مصري الجنسية ومقيم بالمملكة.

    أيها الإخوة الأكارم! شكراً لكم على متابعتكم وإنصاتكم للبرنامج، وتحية إلى لقاء آخر من لقاءات الخير والبركة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767947987