أيها المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقاء جديد من لقاءات نور على الدرب.
لقاؤنا لهذه الليلة المباركة يسرنا ويسعدنا أن نستضيف فيه صاحب السماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: وأولى رسائل هذه الحلقة وردتنا من المستمع (ن . م) من العراق محافظة نينوى مدينة الموصل، يقول المستمع (ن. م) في رسالته: هل إراقة المني خارج فرج المرأة بالنسبة للرجل المتزوج حرام، وخاصة في حالة الحيض أو الولادة، أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإراقة المني خارج الفرج إذا كان لمصلحة فلا بأس بذلك، وهذا يسمى العزل، وقد ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم كانوا يعزلون، وقد أقرهم النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا دعت الحاجة إلى العزل بأن يريق منيه خارج الفرج، إما لكونه لا يرغب في الحمل ذلك الوقت، أو لما ذكره السائل من كونه محرم عليه الجماع، فيضع ذكره حول فرجها ويريق المني في الخارج ولا يجامع، فلا بأس بذلك؛ لأن المحرم هو الجماع، قال النبي صلى الله عليه وسلم في حق الحائض: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) يعني: إلا الجماع، فله أن يباشرها بالتقبيل والضم إلى نفسه والاستمتاع بفرجها وبطنها وغير ذلك، لكن الأفضل أن يكون عليها إزار أو سراويل إبعاداً عن الخطر، فإنه متى باشر حول الفرج فقد ينزغ الشيطان ويدعوه إلى الجماع المحرم، فالأفضل هو أنه يباشرها من وراء الإزار أو السراويل أو القميص، قالت عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر إحدانا إذا رغب أن يباشرها وهي حائض يأمرها أن تتزر، فيباشرها وهي حائض) هكذا قالت عائشة رضي الله عنها.
فالمقصود أن السنة في حق الزوج إذا كانت المرأة حائض أو نفساء أن يباشرها من وراء الإزار أو من وراء السراويل ونحو ذلك، لكن لو باشرها من داخل الإزار ومن داخل السراويل فلا حرج في هذا، فقد جاء في السنة ما يدل على ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) لما قيل له: (إن اليهود إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يساكنوها في البيت، قال عليه الصلاة والسلام: اصنعوا كل شيء إلا النكاح) يعني: خالفوا اليهود، معنى (إلا النكاح) يعني: إلا الجماع، فإذا وضع فرجه على فخذها وأمنى خارج الفرج فلا حرج، لكن ليس له أن يجامع بل يحرم عليه الجماع، سواء أنزل أم لم ينزل يجب أن يبتعد عن الجماع، أما كونه يضع ذكره على فخذها أو قرب فرجها ولكن لا يولجه حتى ينزل فلا حرج في ذلك، ولكن الأفضل له والأولى والأحوط أن يبتعد عن هذا؛ لئلا يدفعه الشيطان إلى الجماع المحرم، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء أن يأتزرن عند إرادته المباشرة عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأفضل وهذا هو الأحوط.
الجواب: هذا يسمى عند بعض الناس: العادة السرية، ويسمى: الاستمناء، والذي عليه جمهور أهل العلم تحريمه، وهو الصواب؛ لأن الله جل وعلا قال لما ذكر المؤمنين وصفاتهم، قال: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ [المعارج:29]إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:6-7] والعادي هو الظالم المتعدي لحدود الله، فأخبر سبحانه أن من تجاوز جماع الزوجة وجماع السرية فإنه عادي، ولا شك أن الاستمناء خارج عن ذلك، ولهذا استنبط العلماء من هذه الآية الكريمة تحريم هذه العادة السرية وهي الاستمناء باليد، يعني: إخراج المني بيده عند تحرك الشهوة، فلا يجوز له هذا العمل، وفيه مضار كثيرة قالها الأطباء، وقد ألف بعض أهل العلم في ذلك مؤلفاً جمع فيه مضار هذه العادة السرية، فينبغي لك أيها السائل أن تحذر ذلك وأن تبتعد عن هذه العادة، ففيها من المضار الكثيرة ما لا يحصى، ولأنها عادة تخالف ظاهر كتاب الله العزيز وتخالف ما أباح الله لعباده، فيجب اجتنابها والحذر منها، وينبغي لمن اشتدت به الشهوة وخاف على نفسه أن يبادر بالزواج ويسارع إلى الزواج، فإن لم يتيسر ذلك فليصم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم -ولم يقل: ومن لم يستطع فليخرجها بيده أو فليستمني، بل قال- ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أمرين:
أحدهما: المبادرة بالزواج لمن قدر.
الثاني: الاستعانة بالصوم لمن عجز عن النكاح؛ لأن الصوم يضعف مجاري الشيطان، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، والصائم بسبب تركه الأكل والشرب يضيق على الشيطان مجاريه، فينبغي لك يا عبد الله أن تتأدب بالآداب الشرعية، وأن تجتهد في إحصان نفسك بالزواج الشرعي حتى ولو بالاستدانة والقرض، فإن الله يوفي عنك سبحانه وتعالى، فإن التزوج عمل صالح وصاحبه ممن يعان، والحديث: (ثلاثة حق على الله عونهم -ذكر منهم- المتزوج يريد العفاف) فبادر إلى الزواج ولو بالاستدانة والقرض وليوف الله عنك جل وعلا، فمن أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، واحذر هذه العادة القبيحة، واحذر سائر الفواحش، فإن أعظم من ذلك الزنا، فإنه من الكبائر العظيمة، والذي يتساهل في الزواج قد يفضي به ذلك إلى الزنا أو إلى الاستمناء المحرم، فينبغي لك يا عبد الله أن تحذر أسباب الشر وأن تبتعد عن وسائله، وأن تحرص على المبادرة بالزواج الشرعي إذا استطعت ذلك، وأبشر بالعون من الله والتيسير.
الجواب: اختلف أهل العلم في ذلك، والأرجح أنه إذا اغتسل للجنابة ناوياً الحدثين الحدث الأصغر والأكبر أجزأه ذلك؛ لأن الأصغر يدخل في الأكبر، لكن السنة والأفضل والكمال أن يفعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فيتوضأ أولاً، يستنجي ويغسل ذكره وما حوله، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يفيض الماء على جسده، يفيض الماء على رأسه ثم على شقه الأيمن ثم الأيسر ويكمل بقية الجسد، هذا هو المشروع وهذا هو الكمال، يبدأ صاحب الجنابة بالاستنجاء وغسل مذاكيره وما حولها ثم يتوضأ وضوء الصلاة اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك يفيض الماء على بشره، هذا هو الأفضل وهذا هو الكمال، فإن نواهما جميعاً واغتسل غسلاً كاملاً، ولم يبدأ بالوضوء أجزأه ذلك، ولكن السنة مثلما تقدم؛ أن يبدأ بالاستنجاء ثم الوضوء ثم يكمل الغسل.
المقدم: يعني مدار هذا على النية، إذا نوى كفاه؟
الشيخ: نعم، ولكن السنة أن يبدأ بالوضوء بعد الاستنجاء ثم يكمل كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، نعم، ولا يعيد الوضوء بعد الغسل.
الجواب: المساجد التي فيها قبور لا يصلى فيها، ويجب أن تنبش القبور وتبعد إلى المقابر المعروفة ولا يبقى فيها قبر، لا قبر ولي ولا غيره، لا من يسمى ولياً ولا غيره، بل يجب أن تنبش وتبعد إلى المقابر العامة، ولا يجوز الذبح للقبور ولا تقديم النقود إليها، ولا تقديم النذور، بل هذا من الشرك الأكبر، فالواجب أن تنبش القبور في المساجد وأن ينقل رفاتها إلى المقابر العامة في حفرة خاصة، كل قبر في حفرة خاصة كسائر القبور، أما المساجد فلا يجوز أن يقام فيها قبور؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا وحذر، وذم اليهود والنصارى على عملهم ذلك، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لعن الله اليهود و النصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد قالت
ومعلوم أن من صلى عند قبر فقد اتخذه مسجداً، ومن بنى عليه ليصلى فيه فقد اتخذه مسجداً، فالواجب أن تبعد القبور عن المساجد وأن لا يجعل فيها قبور؛ امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحذراً من اللعنة التي صدرت من ربنا عز وجل لمن بنى على القبور، قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) فعلم بذلك أنه لا يجوز اتخاذها مساجد، بل يجب أن تكون مستقلة والمساجد مستقلة، فالقبور في ناحية على حدة، لا يبنى علها مساجد، والمساجد تكون بعيدة عن القبور ليس فيها قبور، بل تكون سليمة من ذلك، فإذا وجد في المسجد قبر لم يصل فيه حذراً من هذه اللعنة، وحذراً من وسائل الشرك؛ لأنه إذا صلى في المسجد قد يزين له الشيطان دعوة الميت، أو الاستغاثة بالميت أو الصلاة له أو السجود له فيقع الشرك الأكبر.
ولأن هذا من عمل اليهود والنصارى فوجب أن نخالفهم وأن نبتعد عن طريقهم وعن عملهم السيئ.
لكن لو علم أن المسجد بني على القبر وجب هدم المسجد، إذا كانت القبور هي الأصلية ثم بني عليها وجب هدم المسجد؛ لكن إذا كان لا يعلم، فإنها تنبش القبور وتبعد إلى المقابر ويبقى المسجد ويصلى عليه؛ لأن الأصل وجود المساجد قبل القبور.
الجواب: لا ريب أن دفع الرشوة إلى المسئولين من قضاة أو أمراء أو لجان تفصل بين الناس لا شك أنه محرم، وأنه من كبائر الذنوب، والذي قال للسائل هذا الكلام أنه جائز فقد غلط وأخطأ على نفسه.
لا يجوز دفع الرشوة ولا يجوز أخذها من دافعيها، بل يجب على المسئولين أن يتطهروا من ذلك وأن يبتعدوا عن ذلك وأن لا يعودوا أنفسهم هذا المنكر العظيم وهذا الفساد الكبير، ومتى دخلت الرشوة على قوم أفسدتهم وضيعت حقوق الناس، وصار صاحب الرشوة هو الناجح ومن لا يرشي يذهب حقه، هذا من الظلم ومن البلاء العظيم والفساد الكبير، فلا يجوز أن يدفع إلى قاضٍ أو موظف أو أمير أو غير ذلك رشوة حتى يقدمك على غيرك أو حتى يحرم غيرك ويعطيك حقه، أو غير ذلك مما يكون فيه ظلم للناس وتعدي على الناس، أو تقديم بغير حق أو تأخير بغير حق.
فالمقصود أن الرشوة من حيث هي محرمة ومنكرة، وقد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي، فعليك يا عبد الله أن تحذر هذه الأقوال الساقطة، وأن تبتعد عما حرم الله عليك، وأن تطالب بحق إذا أخر حقك، تطالب بإعطائك حقك، أو بإحالة القضية إلى الجهات العليا، كالتمييز إذا رأيت من القاضي أنه حكم بشيء ترى أنك مظلوم فيه وأنه أخطأ، تطلب إحالة القضية إلى التمييز، أما أن تعطي رشوة أو تدفع رشوة لأحد حتى يساعد على الحكم بما يرضيك وبما يناسبك هذا منكر عظيم، لا مع القاضي ولا مع أتباع القاضي من كتبة أو غيرهم، كله منكر.
وهكذا مع لجان الأراضي أو مع غيرهم ممن يفوض في أمر من الأمور الذي بين الناس، لا يجوز أن يعطى رشوة ليقدمك أو ليعطيك حق فلان، أو يزيدك على حقك، أو ما أشبه ذلك، بل يجب أن تخضع للأحكام الشرعية وللواقع الذي يقع، وتسأل من ولاة الأمور أن ينصفوك إذا رأيت أحداً تعدى عليك، تطلب إنصافك وتبين وجه الظلم الذي حصل عليك، وولاة الأمور بحمد الله لن يتركوا حقك بل سوف ينصفونك إن شاء الله، ثم لو قدر أنك لم تنصف فما عند الله خير وأبقى، أما أن تقع في أمر لعن الله صاحبه فهذا خطر عظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الجواب: تقدم في السؤال الأول الذي قبل هذا أن التقرب للأموات بالذبائح أو بالفلوس أو بالنذور أو غير هذا أن هذا من الشرك الأكبر لا يجوز، هذا من العبادات التي لا تكون إلا لله وحده، فالذبح لله وحده، وهكذا النذور، وهكذا الصدقات كلها لله وحده، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي [الأنعام:162] قل يا محمد: إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي [الأنعام:162] يعني: ذبحي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162] لا شَرِيكَ لَهُ [الأنعام:163] وقال سبحانه: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:1-2] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله من ذبح لغير الله) رواه مسلم في صحيحه من حديث علي رضي الله عنه، فالذبح لغير الله من الأولياء أو الكواكب أو الجن شرك بالله عز وجل، وهكذا للأصنام كله شرك بالله عز وجل، أما الذبح لله فهو عبادة، فإذا تقرب إلى الله بالذبائح.. بالضحايا.. بالهدايا.. بالنذور، كلها عبادة لله وحده سبحانه وتعالى، فهذه العبادة لا تصلح لغير الله، لا للأولياء ولا للأنبياء ولا للأصنام ولا للكواكب ولا لغير هذا من المخلوقات.
وكذلك كونه يقدم نقوداً لصاحب القبر فالنقود قربة، مثلما يتقدم إلى الله بالصدقات التي يعطيها الفقراء، فإذا أعطى فقراء نقوداً فهي صدقة يرجى ثوابها من الله عز وجل، فإذا قدمها للميت فقد عبده بهذه الصدقة، عبده بهذه النقود التي يتقرب بها للميت، ويأخذها زيد وعمرو، فهذا منكر عظيم وشرك فظيع لا يجوز أبداً، فيجب على المؤمن أن يحذر هذه الشرور وأن ينبه غيره على ذلك، والله المستعان.
المقدم: أنا فهمت من سؤاله -إذا أذنتم لي- سماحة الشيخ أنه يقول: ما حكم الفاتحة للميت، يعني: لأبيه مثلاً، وذبح المواشي ودفع الفلوس إلى أهل الميت كنوع من المواساة؟
الشيخ: إذا كان أراد هذا فله معنى آخر، أما قراءة الفاتحة فهي بدعة، كونه يقرأ الفاتحة للأموات أو على قبورهم هذا من البدع، لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، فلا يجوز أن يقرأ للموتى الفاتحة ولا غيرها.
أما كونه يعطى أهل الميت صدقة يساعدون فهذا لا بأس به، إذا مات ميتهم يدفع إليهم عشاء أو غداء لا بأس، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لما جاء خبر جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه لما قتل يوم مؤتة في الشام: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أهله أن يصنعوا لأهل جعفر طعاماً، قال: (اصنعوا لأهل
أما الصدقة عليهم إذا كانوا فقراء بنقود أو ذبيحة أو طعام، فلا بأس به لكن بشرط أن لا يكون هذا الشيء لإقامة المأتم في البيت وصنع طعام للناس هذا لا يجوز، سواءً كان من أموالهم أو مما يدفع إليهم من جيرانهم، لا يفعل هذا.
الجواب: من أحسن الكتب في هذا لطالب العلم كتاب بلوغ المرام، كتاب جيد ومفيد ومحرر على أبواب الأحكام، وهو كتاب جيد ومفيد، بلوغ المرام للحافظ ابن حجر، هذا ننصح بحفظه وتدبر ما فيه من الأحاديث الصحيحة، وهناك أحاديث ضعيفة فيه قليلة بين حالها ونبه عليها.
ومن الكتب الجيدة أيضاً والمختصرة عمدة الحديث للشيخ عبد الغني بن علي بن سرور المقدسي رحمه الله، فيها جملة طيبة من الأحاديث، أربعمائة وزيادة قليلة، نافعة مفيدة، ولكن أنفع منها بلوغ المرام؛ لأنه أوفى منها وأكثر.
الجواب: إذا كان الذي يصلي رجل فالواجب أن يستر ما بين السرة والركبة، وأن يكون عليه سراويل ساترة، أو قميص ساتر، وإذا كان ثوبه خفيفاً يبين معه الفخذ -لحمة الفخذ- يعرف سوداء أو حمراء، فهذا اللباس لا يستر ولا يجزي، ولا تصح الصلاة معه، لأنه مكشوف.
أما إذا كان اللباس يستر الفخذين والعورة ولكنه خفيف وهو يستر فلا يضر، أو كان عليه سراويل وافية تستر ما بين السرة والركبة فلا يضر، أو إزار ساتر.
أما المرأة فيجب أن تستر بدنها كله في الصلاة، يجب أن تكون ملابسها ساترة، صفيقة، لا يرى بدنها؛ وإنما تكشف وجهها فقط في الصلاة، وإن كشفت الكفين فلا بأس؛ لكن الأفضل ستر الكفين أيضاً، ولا يجوز لها أن تصلي في أثواب خفيفة يرى منها لحمها ويعرف هل هو أحمر أو أسود، هذا حكمه حكم العارية، ما تصح صلاتها.
الجواب: الدم لا يؤثر، ليس مثل الرضاع، كون المرأة تزود الرجل من دمها أو الرجل يزود المرأة من دمه عند الحاجة إلى ذلك ليس له حكم الرضاع، فلا تحرم عليه ولا يحرم عليها، بما يحصل من الانتفاع بالدم الذي يحتاج إليه المريض، هذا ليس له حكم الرضاع، بل هو أمر خارج عن ذلك، من باب الإحسان ولا يمنع الزواج.
الجواب: لا مانع من متابعة القرآن من إذاعة القرآن، لكن بالإنصات لا بالتلاوة، الله يقول سبحانه: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا [الأعراف:204] فأنت تستمع وتدبر ما يقرأ القاري وتستفيد؛ أما أن تقرأ معه؛ لا، السنة أن تنصت وأن تتدبر ما تسمع حتى تستفيد من كلام ربك عز وجل، ولكن لا تقرأ مع القارئ، أنصت، هذا هو المشروع.
الجواب: التوكل يجمع الأمرين، التوكل يجمع شيئين:
أحدهما: الاعتماد على الله والإيمان بأنه مسبب الأسباب، وأن قدره نافذ، وأنه قدر الأمور وأحصاها وكتبها سبحانه وتعالى.
الشيء الثاني: تعاطي الأسباب، فليس من التوكل تعطيل الأسباب، بل من التوكل الأخذ بالأسباب والعمل بالأسباب، ومن عطلها فقد خالف شرع الله وقدره، الله أمر بالأسباب وحث عليها سبحانه وتعالى، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك، فلا يجوز للمؤمن أن يعطل الأسباب، بل لا يكون متوكلاً على الحقيقة إلا بتعاطي الأسباب، ولهذا شرع النكاح لحصول الولد وأمر بالجماع، فلو قال أحدٌ من الناس: أنا لا أتزوج وأنتظر ولداً من دون زواج لعد من المجانين، ليس هذا من أمر العقلاء، وكذلك لا يجلس في البيت أو في المسجد يتحرى الصدقات ويتحرى الأرزاق تأتيه، بل يجب عليه أن يسعى ويعمل، ويجتهد في طلب الرزق الحلال.
ومريم رحمة الله عليها لم تدع الأسباب، ومن قال ذلك؟ فقد قال الله لها: وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا [مريم:25] فهزت النخلة وتعاطت الأسباب حتى وقع الرطب، فليس من عملها ترك الأسباب، ووجود الرزق عندها وكون الله أكرمها بأن أتاح لها بعض الأرزاق وأكرمها ببعض الأرزاق، لا يدل على أنها معطلة للأسباب، بل هي تتعبد وتأخذ بالأسباب وتعمل بالأسباب، وإذا ساق الله لبعض أوليائه من أهل الإيمان شيئاً من الكرامات فهذا من فضله سبحانه وتعالى، لكن لا يدل على تعطيل الأسباب، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزن)، قال الله سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5].
المقدم: بهذا أيها الإخوة المستمعون الكرام نأتي إلى ختام هذه الحلقة التي أجاب فيها فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على أسئلة الإخوة: نافع أحمد موسى من العراق محافظة نينوى، والأخ السائل أحمد بغدادي مقيم في جدة مصري، والسائل سعيد محمد لافي الغامدي بالجرشي، والسائل محمد صالح سريحان سوداني بالكويت، والسائل عبد الله السياني بالجمهورية العربية اليمنية، ثم رسالة الأخ عباس زوراب علي كركوك، العراق، نشكر لسماحة شيخنا إجاباته، ونشكر لكم حسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر