مستمعي الكرام! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وحياكم الله في لقاء جديد من لقاءات نور على الدرب، نعرض ما وردنا في هذا اللقاء من رسائل على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: وأولى رسائل هذه الحلقة وردت من عبد السميع حسان عبد السميع الشوبكي من مصر محافظة الشرقية، والأخ عبد السميع يطلب أن نبعث له الجواب خطياً وهذا ما لا يمكننا في هذا البرنامج، وننبهه هو وغيره من الإخوة الذين يرغبون في ذلك بأن عليهم أن يكتبوا عناوينهم واضحة في رسائلهم، وأن يوجهوا الرسائل إلى الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، فهي الجهة التي تقوم -بإذن الله- بإرسال الأجوبة إليهم خطياً، أما ما يصل إلى الإذاعة فإننا نحاول عرضه ما أمكن عبر الأثير وهذا قدر استطاعتنا نسأل الله للجميع التوفيق.
رسالة الأخ عبد السميع حسان يقول فيها: ما حكم استعمال حبوب منع الحمل، وما حكم -أيضاً- منع الحمل بطريقٍ آخر غير الحبوب كاللوالب وغيرها، أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فإن الله سبحانه شرع لعباده النكاح لما فيه من الفائدة العظيمة، لغض البصر وحفظ الفرج، ولما فيه من تكثير الأمة، وإيجاد النسل، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)، فالسنة للمؤمن أن يبادر بالزواج، وهكذا المؤمنة وأن يجتهدا في الإنجاب وأسباب الإنجاب لتكثير الأمة ولوجود أولاد يرجى فيهم الخير من الذكور والإناث، وعليهما أن يجتهدا في أسباب صلاح الأولاد، وقيامهم بما يجب عليهم لله سبحانه ولعباده ولوالديهم، لكن إذا دعت الحاجة لمنع الحمل فلا بأس، كأن تكون المرأة مريضة يشق عليها الحمل لمرض في رحمها أو مرض قرر الأطباء أنه يضره الحمل، فتأخذ الحبوب أو الإبر لمنع الحمل، كذلك إذا كانت المرأة لديها أولاد كثيرون تلد هذا مع هذا، وهذا على هذا، ويشق عليها التربية إلا بين وقت وآخر، فلا مانع أن تأخذ الحبوب لمنع الحمل أو عملاً آخر لمنع الحمل في مدة الرضاع سنة سنتين حتى تستطيع أن تقوم بالتربية، وتقوى على مئونة التربية، أما منع الحمل من غير علة فظاهر الأدلة الشرعية أنه لا يجوز، وإنما يجوز عند الحاجة كالعزل، يعزل الرجل عن امرأته للحاجة، والله ولي التوفيق.
الجواب: إذا كان هذا المقام يتبرك به الجهال، أو يعتقدون فيه أنه يشفي مرضاهم إذا تمسحوا به أو أخذوا من ترابه أو ما أشبه ذلك، فهذا يهدم؛ لأنه من قواعد الشرك ومن أساسات الشرك فيهدم، أما إذا كان هذا المقام لتدريس القرآن وتعليم العلم، يعني: حجرة أو غرفة أو محل يعني لتدريس القرآن، لتعليم العلم فلا بأس بهذا، إذا كان ليس فيه ما يسبب الشرك لا تمسح ولا أخذ شيء من ترابه، ولا غلو في الشيخ ودعائه من دون الله، وإنما هو مقام بناه ليعلم فيه العلم أو ليقرئ فيه القرآن وليس فيه ما يسبب الشرك، وليس فيه ما يدعو إلى الغلو في الشيخ فلا حرج فيه، وهذه المقامات في الغالب الذي فيما بلغنا عنها أنها لا تخلو من الغلو، وأن الجهلة يقصدونها للتبرك بها والتمسح بها أو دعاء الشيخ فيها أو ما أشبه هذا منكر لا يجوز، ومتى كان المقام يفعل به ذلك وجب أن يزال، كما أزال النبي صلى الله عليه وسلم العزى ومناة واللات وأشباهها من مقامات المشركين وأوثانهم سداً لباب الشرك، وقضاءً على أسباب الفتن.
المقدم: بارك الله فيكم، غالباً ما يكون في هذه المقامات قبور، يعني يكون الشيخ مدفوناً في المقام؟
الشيخ: إذا كان فيها قبر هذا أشد وأشد، إذا كان فيه قبر يجب أن يزال، يجب أن يرفع من المسجد، يجب أن ينبش وينقل إلى مقابر المسلمين، ويسوى محله بالمسجد حتى يكون مصلى للمسلمين، والقبر ينبش ويزال إذا كان موضوعاً في المسجد، أما إذا كان المسجد بني عليه من أجله فالمسجد يهدم ويزال، وتبقى البقعة مدفناً للناس يدفن فيها، والمسجد يزال ويبنى مسجد آخر لأهل الحارة في غير القبور، في محل غير محل القبر حتى لا تقع الفتنة.
الجواب: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حد للناس الكعب، فالسنة ألا يزيد على الكعب، من نصف الساق إلى الكعب، لا يرتفع عن نصف الساق ولا ينزل عن الكعب هذا هو السنة، وقال عليه الصلاة والسلام: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار)، فلا يجوز له أن يجر إزاره، أو سراويله أو بشته أو قميصه تحت الكعب بل يجب منع ذلك والقضاء عليه، هذا هو الواجب على كل رجل، والإسبال من المنكرات العظيمة، فيجب الحذر منه، وهو في الغالب يقع عن الكبر والخيلاء والتعاظم، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (إياك والإسبال فإنه من المخيلة)، يعني: من الخيلاء.. من الكبر، وقال عليه الصلاة والسلام: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)، خرجه مسلم في صحيحه.
فجعل منهم المسبل، فهذا يدل على عظم التحريم وأنه من الكبائر، وهكذا من ينفق سلعته بالحلف الكاذب، أيضاً قد أتى كبيرة عظيمة، أو يمن في العطية، يعطيه ويمن، والله يقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى [البقرة:264].
فالإسبال من الكبائر، فيجب الحذر من ذلك، والبعد عنه وهذا في حق الرجال، أما المرأة فلها أن ترخي ثيابها حتى تستر أقدامها.
الجواب: لا أعلم في هذا شيئاً إلا أن جمعاً من أهل العلم نصوا على أن السنة أن يكون إلى الرسغ لا يزيد، من طرف الكم إلى الرسغ وهو مفصل الكف من الذراع، وكان هذا هو المعروف في قمص النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ، هذا هو الأفضل والأولى، فلو زاد شيئاً على ذلك لا أعلم ما يحرمه، لكن المؤمن يتحرى هذا الشيء؛ لأنه لا حاجة في الزيادة، الزيادة هذه قد تؤذيه عند الأكل وغيره.
الجواب: ينبغي إذا أصاب الفراش نجاسة أن يغسل، وهكذا الرداء يغسل، وكذا الوسائد، لأن الإنسان قد يأتي إليها وعليه ملابس رطبة أو جسمه رطب فيتنجس بها، فالواجب أن تغسل وتطهر حتى إذا وطء عليها وأزيلت الرطبة أو جلس عليها بثوب رطب يسلم من شرها، أما إذا بقيت بالنجاسة ثم جلس عليها وهو رطب تنجس، فلا ينبغي هذا بل يجب على المؤمن أن يحذر ذلك، وأن يغسل ما يحتاج إليه من وطاء أو غطاء أو غير ذلك مما ينتفع به، فإذا كان قد اخلولق ولا حاجة إليه يلقى مع القمامة، أما يستعمله وهو نجس لا، يطهره أولاً ثم يستعمله.
الجواب: القنوت نوعان: نوع يسمى القنوت في النوازل، وهذا مشروع ومندوب وفعله النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه قنت على رعل وذكوان لما قتلوا القراء، وكذلك قنت على أهل مكة ولعن الحارث بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وصفوان بن أمية ، فأنزل الله: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ [آل عمران:128].
فهو يقنت في النوازل عليه الصلاة والسلام يدعو على المشركين الذين قاتلوه، أو قتلوا بعض أصحابه، أو آذوا المسلمين، فالقنوت في النوازل مشروع لإظهار غضب المسلمين على أعدائهم، ولسؤال الله عز وجل الانتقام منهم، مما فعلوا بالمسلمين، هذا هو القنوت في النوازل، وهذا مؤقت، يقنت النبي صلى الله عليه وسلم شهراً، أو أقل أو أكثر ثم يترك فهو قنوت مؤقت لأسباب حادثة، هذا مشروع إلى اليوم ولا حرج فيه، كأن يقنت اليوم في الدعاء على السوفيت؛ لأنهم ظلموا الأفغانيين، وتعدوا عليهم فيقنت للدعاء عليهم، وفي الدعاء للمجاهدين الأفغان بالنصر؛ لأنهم مجاهدون في سبيل الله عزو جل فيدعى لهم بالنصر ولعدوهم بالخذلان والقضاء عليه، وكأن يدعى على اليهود لتعديهم وظلمهم لأهل فلسطين، يدعى عليهم بأن الله يخذلهم، ويسلط عليهم ويبطل كيدهم، وينصر المسلمين عليهم، هذا يسمى القنوت في النوازل، وهذا لا يدوم، تارة وتارة، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وفعله الصحابة.
أما النوع الثاني: فهو قنوت في الصبح خاصة، هذا اختاره بعض أهل العلم، وقالوا: يقنت في الصبح دائماً، بالدعاء للمسلمين، والدعاء على الكافرين، سواء قرأ فيه: اللهم اهدنا فيمن هديت، أو دعا بدعوات أخرى، واحتجوا على هذا بحديث جاء عن أنس رضي الله عنه: على النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه كان يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا) يعني: ما زال يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا، واحتج بهذا جماعة من أهل العلم كالشافعية وجماعة على شرعية القنوت في الصبح دائماً.
وقال آخرون من أهل العلم: لا يشرع دائماً، إنما هذا في النوازل، وأما حديث أنس فهو ضعيف، ولو صح فالمراد به: إنه ما زال يطول في الفجر حتى فارق الدنيا، كان يطيل صلاة الفجر، وإطالة القيام والقراءة يسمى قنوتاً، وقد استدلوا على النهي عن القنوت في الصبح دائماً بما رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد جيد عن سعد بن طارق الأشجعي قال: (قلت لأبي: يا أبتِ! إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف
فـطارق من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبر ابنه سعداً أن القنوت في الفجر ليس من عمل النبي صلى الله عليه وسلم ولا من عمل الخلفاء الراشدين الأربعة بل هو محدث، فهذه حجة من قال: إنه لا يقنت في الصبح بصفة دائمة، ولكن يقنت في الصبح أو في المغرب أو في العشاء أو في غيرهما بصفة غير دائمة عند الحاجة إلى ذلك، للدعاء على الكفرة، والدعاء للمسلمين، عند وجود العدوان من الكفرة، وعند قيام الحرب ونحو ذلك، هذا هو الأرجح وهذا هو الصواب، أن القنوت يكون في النوازل خاصة، وأما القنوت الدائم في الصبح، فالصحيح: أن الأولى تركه، وأن الذي ينبغي تركه، وأنه محدث وليس من السنن، بل هو من البدع المحدثة، كما قال طارق بن أشيم الأشجعي لابنه سعد قال: أي بني! محدث.
هذا هو الأرجح من قولي العلماء في هذه المسألة وسبب الخلاف عرفت أيها السائل! أن أسباب الخلاف حديث أنس حيث قال فيه: (فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا)، وهو حديث رواه أحمد وابن حبان وجماعة لكنه ضعيف الإسناد، وحمله بعض أهل العلم على أنه لو صح لكان المراد به طول القيام؛ لأن طول القيام يسمى قنوتاً، والنبي كان يطيل في الفجر عليه الصلاة والسلام، وأما حديث سعد فهو حديث صريح واضح في روايته عن أبيه عن نفس القضية، فقال طارق : أي بني محدث، يعني: ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا خلفاؤه الراشدون الأربعة، فدل ذلك على أنه محدث وليس من المشروع، والله ولي التوفيق.
الجواب: هذه المجلة وأشباهها ينبغي أن تمنع، وينبغي أن يقضى عليها؛ لأن هؤلاء المتكلمين فيها بهذا الكلام ليس عندهم علم ولا بصيرة ولا أدب شرعي، حتى الأدب الشرعي ليس عندهم أدب شرعي، هذه المسائل بينها أهل العلم وأقاموا عليها الدليل، فلا وجه للاعتراض من جاهل مركب لا درى ولا درى أنه ما درى، هذا جهل مركب أو متعمد للباطل والفسق، فالموسيقى والأغاني أمرهما معلوم، فالموسيقى من آلات الملاهي كالعود والطنبور والغناء من أخبث الملاهي فكلاهما محرم، والشعر العربي لا يدخل في ذلك، الأشعار العربية بلحون العرب فيما أباح الله، كشعر حسان وكعب بن مالك وغيرهما ممن بعدهم من الشعراء، على الطريقة العربية فيما أحل الله لا بأس به، أما الأغاني من النساء أو من أشباه النساء بالألحان والتطريب، وذكر حالات النساء من جمال وحب وغرام، هذا محرم عند أهل العلم، بل حكاه بعضهم إجماعاً، ولم يخالف فيه إلا من لا يعتد بخلافه، فالموسيقى وآلات الملاهي من العود والطنبور والرباب كلها محرمة وكلها شر، وهكذا الأغاني من النساء وغير النساء فيما يتعلق بالحب والغرام وذكر صفات النساء وما يتعلق بهذه الأمور، أو مدح الخمر أو مدح ما حرم الله كله محرم.
وهكذا مسألة السفور منكر وقد دلت الأدلة على منعه، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53].
فربنا عز وجل يأمر بالحجاب ويخبرنا أنه أطهر لقلوب الجميع، ويقول سبحانه في كتابه العظيم: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ [النور:31] إلى آخر الآية، فكيف يقال في هذا: أنه متزمت، وإنما هذا كلام إنسان لا يعقل، أو لا يستحي.
فالحاصل: أن السفور منكر، لو قال: إن هناك بعض الأدلة تدل على إباحة السفور وترك القول بالتزمت لكان هذا من طريق أهل العلم، هناك من يقول بالسفور إذا كان لا يضر، أما سفور فيه الزينة والجمال وفيه وضع الأصباغ على الوجه ونحو ذلك فلا يبيحه أحد، بل هو منكر عند أهل العلم، وإنما أباح بعض الناس السفور الذي ليس معه زينة في الوجه لا كحل ولا أشياء من الزينة في الوجه، وهو قول ضعيف أيضاً ومرجوح، والصواب: أنه محرم، وأن الواجب الحجاب مطلقاً، ولو كانت لم تفعل شيئاً في الوجه من أنواع الزينة من أصباغ وكحل ونحو ذلك، فإن الوجه هو زينة المرأة وهو عنوانها، وقد كن يكشفن الوجه قبل الحجاب، فلما نزل الحجاب أمر الله النساء بالحجاب، وأمرهن النبي صلى الله عليه وسلم بالحجاب، وثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما سمعت صوت صفوان -حين وجدها ليس عندها أحد- يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون، قالت: فخمرت وجهي، وكان قد رآني قبل الحجاب فعرفني لما رآني، فلما سمعت صوته خمرت وجهي، فدل ذلك على أنهن قبل الحجاب يكشفن الوجه، وبعد الحجاب أمرن بستر الوجه مع عموم الآية التي تلونا سابقاً وهي قوله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53]، ولم يقل: إلا الوجه، ثم قال: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] ، وقال: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [النور:31]، ولم يقل: إلا الوجه فلا بأس بإبدائه مطلقاً.
فهذا الكلام الذي قاله صاحب المجلة كلام سقيم، كلام رديء لا ينبغي لعاقل أن يقوله.
وأما التصوير فقد جاء فيه عدة أحاديث، ليست عند البخاري وحده، بل عند البخاري وعند مسلم وعند أهل السنن الأربعة، وعند الإمام أحمد في مسنده وعند مالك في موطئه، وعند الدارمي في سننه، رواها الأئمة بأسانيد صحيحة عن أبي هريرة وعن ابن عباس وعن عائشة وعن علي بن أبي طالب وعن جماعة آخرين، وعن أبي جحيفة كلها تدل على تحريم التصوير لذوات الأرواح، في الصحيحين من حديث عائشة ومن حديث ابن عباس : (أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون)، وفي حديث عائشة أيضاً: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم: أحييوا ما خلقتم)، وفي حديث أبي جحيفة يقول رضي الله عنه: (إن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله ولعن المصور)، ويقول في حديث علي : (لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته)، ويقول في حديث ابن عباس : (من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ)، ويقول في حديث ابن عباس أيضاً عند الصحيحين عند البخاري ومسلم : (كل مصور في النار ، يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم).
والعلة في هذا والحكمة في ذلك معلومة، فإن الصور من وسائل الشرك، من وسائل عبادة غير الله، وكان النصارى إذا مات فيهم الميت الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه صورته كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانوا يصورون عظماءهم وينصبونها في الطرقات وفي كنائسهم وفي بيعهم، فهذا من وسائل العبادة لغير الله سبحانه وتعالى، ثم إذا كان المصور امرأة أو أمرد كان أيضاً من وسائل الفاحشة، من وسائل الفتنة، فالتصوير فيه فتنة وفيه شر عظيم، فلهذا حرمه الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز لعاقل أو لمسلم أن يقول: لماذا أو لماذا أو يعترض على شرع الله سبحانه وتعالى، بل يجب التسليم والانقياد لشرع الله، والطاعة لأمر الله ورسوله.
هذا هو الواجب على كل مسلم، لكن ذكر بعض العلماء أنه يجوز التصوير عند الضرورة التي تدعو لهذا، مثل ما قد يضطر الإنسان إلى أخذ الحفيظة -حفيظة النفوس- التي تسمى التابعية إذا كانت الدولة لا تسمح بإعطائه إياها إلا بصورة فيكون مضطراً في هذه الحالة، وقد قال الله سبحانه: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119] أو إعطاء رخصة القيادة للسيارات إذا لم يعط رخصة إلا بصورة في دولته فهو مضطر إلى هذا الشيء، الله يعلم من قلبه أنه يكره الصور، فإذا أخذ ذلك مع كراهته لذلك إنما هو لأجل الإكراه والضرورة فلا حرج عليه في ذلك.
المقصود أن الاعتراض على شرع الله أمر لا يجوز وأمر منكر، بل يجب التسليم لشرع الله والبحث عما أشكل على الإنسان، إذا أشكل عليه أن يبحث، يسأل أهل العلم: ما حكمة كذا.. ما دليل كذا، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الجواب: المعنى أنه ينبغي للمؤمن أن يبادر بالصدقات قبل أن يأتي عليه زمان لا تقبل فيه الصدقة من أجل كثرة المال، وظهوره بين الناس، وفيضانه بين الناس، فإنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (يأتي في آخر الزمان زمان يفيض فيه المال حتى لا يقبله أحد، حتى إن الرجل ليذهب بصدقته من الذهب أو الفضة لا يجد من يقبلها).
فالمقصود من هذا التحريض على البدار في الصدقات ما دام يوجد فقراء، ما دام هناك فقراء يقبلونها، قبل أن يأتي عليك زمان لا تجد فقيراً يقبلها، فينبغي للمؤمن أن يبادر بالصدقات إذا أوسع الله عليه ما دام الفقراء موجودين .
الجواب: هذا لا أصل له، بل هو موضوع مكذوب، هذا ليس له أصل، بل هو من الكذب والباطل، وإذا فات الإنسان صلاة ولم يذكرها يتحرى، يتحراها ظهراً أو عصراً أو عشاءً أو مغرباً أو فجراً، يتحراها ويعمل بظنه ويصلي ما غلب على ظنه والحمد لله في أي وقت.
الجواب: إذا كان قصدك من ذلك منعه من الزواج وليس قصدك إيقاع الطلاق إن تزوج فعليك كفارة يمين، وليس على زوجتك طلاق، إذا كان هذا قصدك ونيتك أنك قلت هذا حتى يمتنع أخوك، فإن هذا يكون له حكم اليمين وعليك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن لم تستطع هذا كله فعليك أن تصوم ثلاثة أيام.
المقدم: بارك الله فيكم، الأخ السائل له بقية أسئلة نعد بعرضها إن شاء الله في حلقة قادمة.
بهذا أيها الإخوة المستمعون! نأتي إلى ختام هذه الحلقة والتي عرضنا فيها رسائل: عبد السميع حسان من مصر و(ص. ع. أ) من السعودية، و(ن. ع) من حمص من سورية، ورسالة أحمد عبد الله السيد بدون عنوان وأخيراً رسالة محمد هاشم سعيد .
شكر الله لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز إجاباته، وشكراً لكم على حسن متابعتكم وإلى الملتقى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر