إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (247)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم الجماعة إذا دخلوا المسجد وأرادوا أداء الصلاة جماعة وفي المسجد رجل يصلي منفرداً

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أيها المستمعون الكرام! أرحب بكم في حلقة جديدة من حلقات نور على الدرب، نعرض ما وردنا فيها من رسائل على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة وردت من السائل عبد الله بن ناصر بن سيف من الدلم يقول فيها: إذا دخل المسجد عدة أشخاص ووجدوا شخصاً يصلي منفرداً ومضى بعض صلاته، هل يقتدون به إماماً لهم، أو يتقدم بهم واحد منهم؟ أفيدونا أفادكم الله.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإن المشروع لهؤلاء الداخلين أن يصلوا جماعة، بل هذا هو الواجب عليهم، فإن رأوا من سبقهم أهلاً للإمامة وقدموه وصلوا خلفه فهو أفضل حتى يكون الجمع أكثر، وإن رأوه ليس بأهل لذلك فصلوا وحدهم واتخذوا إماماً منهم أصلح للإمامة من ذاك الأول الذي سبقهم فذلك أفضل وأولى.

    1.   

    بيان القول في صلاة المؤتمين إن نسي إمامهم أنه صلى بهم بغير وضوء

    السؤال: يسأل أيضاً ويقول: إذا تقدم الإمام وهو بدون وضوء فصلى بعض الصلاة ثم ذكر أنه لم يتوضأ وانصرف، هل يبني المأمومون على ما مضى، أو يستأنفون الصلاة؟

    الجواب: الصواب في هذا أنه يستخلف بهم من يصلي بهم، وإن لم يستخلف واستخلفوا من أكمل بهم صحت، هذا هو الأرجح من أقوال أهل العلم، وإن كان دخلها على غير وضوء لكنه لو أكمل بهم ثم تذكر بعد ذلك صحت صلاتهم، فهكذا إذا ذكر في أثنائها في أصح القولين، فإن قدم من يكمل بهم فالحمد لله، وإن لم يقدم فلهم أن يقدموا من يكمل بهم، وإن أتم كل واحد لنفسه أجزأه ذلك في أصح القولين لأهل العلم. والله ولي التوفيق.

    1.   

    حكم صلاة الرجل منفرداً خلف الصف

    السؤال: يقول: إذا دخل المسجد شخص والصف كامل خلف الإمام ولم يتأخر معه أحد من الصف، هل يصلي منفرداً؟

    الجواب: عليه أن يعتني بالمقام، فإن كثيراً من الناس إذا دخلوا والناس يصلون لا يعتني بالمقام، فلو اجتهد فهو في الغالب يجد فرجة يصلي فيها، فإن لم يجد صلى مع الإمام إن أمكن عن يمين الإمام ولا يصلي وحده خلف الصف ولا يجذب أحداً؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف)، ولم يرد في حديث صحيح ما يدل على شرعية الجذب، ولأن الجذب يفتح فرجة في الصف، والواجب سد الخلل وعدم إيجاد فرجة في الصف، فعلى الداخل أن ينتظر إن لم يجد فرجة، فإن وجد أحد يصلي معه فالحمد لله وإلا صلى وحده بعد سلام الإمام.

    والغالب أنه متى اجتهد في مراصة الصف وتتبع خلل الصف فإنه في الغالب يجد فرجة ولو في نهاية الصف حتى يصلي في الصف، لكن لو فرضنا أنه لم يجد شيئاً ولم يتمكن من الإمام أن يصلي عن يمينه فإنه يبقى ينتظر حتى يصلي وحده بعد الإمام أو يأتي إنسان فيصلي معه في صف مستقل.

    والحجة كما تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف)، وثبت عنه عليه السلام: (أنه رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة) فدل ذلك على أن الواحد لا يقف خلف الصف ولا خلف الإمام، بل إن كان الإمام ليس معه أحد وقف عن يمينه، وإن كان معه صفوف التمس فرجة في الصف، فإن وجد فالحمد لله، وإلا انتظر حتى يجد أو تقدم فصف عن يمين الإمام إذا أمكنه ذلك.

    1.   

    حكم هبة الرجل ابنته لآخر وزواجها بابنه

    السؤال: يسأل الأخ أيضاً عبد الله بن ناصر بن سيف من الدلم ويقول: شخص وهب بنته لشخص آخر، وكانا يتحدثان في مجلس بدون عقد رسمي، وعمر البنت آنذاك عشر سنوات، وبعد مضي سنتين تغير اتجاه الجميع، وتزوج البنت ابن الشخص الذي وهبت له، فما الحكم في هذه الحالة؟

    الجواب: أولاً: ينظر في الهبة إن كانت عن رضا من البنت وعن حضور شاهدين تم الزواج، فإن كانت البنت لم ترض أو لم يحصل شاهدان فإن الزواج لا يصح؛ لأن الواجب استشارة البنت إذا كانت بلغت تسعاً لا يجوز تزويجها إلا بإذنها وإذنها سكوتها، فإذا كان والدها حين وهب لم يستأذنها أو استأذنها لكن لم يحضر شاهدان فالهبة والزواج غير صحيح، أما إن كان قد استأذنها ورضيت بالسكوت أو بالكلام وحضر شاهدان فالصواب: أنه يصح النكاح، وليس من شرطه أن يقول: زوجت أو أنكحت، بل إذا قال: وهبتك أو أعطيتك أو ملكتك صح إذا تمت الشروط الأخرى وانتفت الموانع. والله ولي التوفيق.

    المقدم: لكن في هذه الحالة بعد سنتين تزوجها ابن الموهوبة له!

    الشيخ: إن كان الزواج الأول صح فالزواج الثاني باطل، فإن كان الزواج الأول ما صح صح الزواج الثاني.

    1.   

    حكم اشتراط عدم الزواج بأخرى في عقد الزواج

    السؤال: يقول أيضاً: إذا اشترط ولي المرأة على الزوج ألا يتزوج معها ثانية ورضي الزوج بذلك عند العقد، فهل يصح هذا الشرط؟ وهل إذا تزوج عليها يحق لها الفسخ؟

    الجواب: نعم؛ الصواب أنه يصح الشرط في أصح قولي العلماء، إذا شرط عليه ألا يتزوج عليها أخرى صح الشرط؛ لأن فيه مصلحة من دون مضرة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج)، وقال: (المسلمون على شروطهم)، فإذا التزم الزوج بأنه لا يتزوج عليها لزم الشرط، فإن أحب الزواج عليها فلا بأس عليه، لكن لها خيار الفسخ إلا أن تسمح فإذا سمحت بالزواج عليها فلا بأس.

    1.   

    حكم قضاء الدين عن الميت من الزكاة

    السؤال: يسأل أخيراً ويقول: شخص مات وفي ذمته دين ولا يوجد له تركة لقضاء دينه، هل يقضى دينه من الزكاة؟

    الجواب: في هذا خلاف بين العلماء، والصواب: أنه لا حرج أن يقضى من الزكاة؛ لأنه من الغارمين، والغارمون: صنف من أصناف الزكاة بنص الآية الكريمة إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ [التوبة:60] الآية، فإذا صرفت الزكاة في قضاء دينه فلا حرج إن شاء الله في أصح قولي العلماء.

    1.   

    حكم بيع الذهب القديم بالجديد متفاضلاً

    السؤال: وهذه رسالة وردت إلى البرنامج من محمد عبد الكريم الباني من الرياض يقول في رسالته: ما حكم شراء الذهب بالذهب وزناً بوزن سواءً أحدهما جديد والآخر قديم، علماً بأن الذهب القديم ينظف من الفصوص والصبغة والقماش ويدفع أجرة الصياغة للذهب الجديد؟

    الجواب: لا يجوز بيع الذهب القديم بالجديد مع زيادة بقدر الصياغة، بل الواجب أن يباع هذا بهذا وزناً بوزن، مثلاً بمثل، سواءً بسواء، فإن لم يرض صاحب الجديد بذلك فليشتره بثمن مستقل.. يشتري القديم بثمن مستقل يسلمه لصاحبه، ثم صاحبه يشتري الجديد بثمن مستقل، أما أن يباع هذا بهذا مع زيادة فلا يجوز، ولو أنها بقدر الصياغة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب مثلاً بمثل سواءً بسواء يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فهو ربا)، وهذا الذي يفعله بعض الناس غلط لا يجوز، كونه يبيع الذهب بالذهب مع زيادة بقدر الصياغة أو بأي شيء لا يجوز هذا، ولو كان هذا رديئاً وهذا طيب، وهذا قديم وهذا جديد، الرسول لم يفرق بينهما عليه الصلاة والسلام، ولكن الطريق إلى المباح يبيع الذهب القديم بثمن مستقل على من شاء، فإذا قبض الثمن اشترى به ذهباً جديداً وزاده من عنده ما أراد في شراء الذهب الجديد، وبهذا يسلم الجميع من الربا.

    المقدم: والحقيقة يحصل الآن أنه يذكر له صاحب الدكان قيمة ذهبه القديم، ثم يقول: اخصمها من قيمة الذهب الجديد وأدفع لك الزيادة.

    الجواب: ما يجوز هذا، لا .. ما يصلح هذا، لا بد أن يكون البيع مستقلاً، ذهب بذهب مطلقاً سواءً بسواء ولو كان أحدهما أرفع من الآخر لجدته أو طيب ذهبه أو نحو ذلك، لا بد يكون في الوزن، وإلا فليبع هذا وحده، وهذا وحده.

    ثم أيضاً شرط آخر: لا يجوز أن يبيع عليه الذهب القديم بثمن مستقل بشرط أنه يشتري منه الذهب الجديد، ما هو بشرط، يبيع عليه ولو ما اشترى منه، يبيع عليه الذهب القديم بثمن مستقل يقبضه منه سواءً اشترى منه الذهب الجديد أو لم يشتر، ثم هو بعد هذا حر إن شاء اشترى من هذا وإن شاء اشترى من غيره.

    المقدم: أحسنتم، بارك الله فيكم.

    1.   

    حكم بيع الذهب بالعملة الورقية

    السؤال: يسأل أيضاً ويقول: ما حكم بيع كمية من الذهب لشخص تعرفه، ثم يدفع لك بعض القيمة ويعتذر بأن بقيتها ليست معه وسيسددها بعد أيام؟

    الجواب: لا يجوز بيع الذهب بنقود أخرى سواءً كانت فضة أو العملة الورقية إلا يداً بيد؛ لأن العملة الورقية قامت مقام النقود، فإذا باع عليه ذهباً أو فضة بأي عملة دولار أو جنيه استرليني أو دينار أردني أو عراقي أو سعودي أو غير ذلك، لا بد من التقابض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب رباً إلا هاء وهاء)، واللفظ الآخر: (الذهب بالفضة رباً إلا هاء وهاء).

    فلا بد من التقابض وإلا وقع في ربا النسيئة، فإذا كانا من جنس واحد كالذهب بالذهب والفضة بالفضة والدولار بالدولار فلا بد أن يكونا متساويين ديناران بديناران عشرة بعشرة يداً بيد، لا بد من القبض، فإن كانت عملتان مختلفتان فإن الواجب التقابض فقط، فإذا باع عشرة دولارات مثلاً بعشرين ريالاً سعودياً أو بدينار عراقي أو أردني فلا بأس لكن يداً بيد، لا يتفرقا إلا وقد تقابضا.

    المقدم: بارك الله فيكم، أيضاً ولو لم يحدد السعر، يعني: اشترى كمية من الذهب إلى أن يدفع ثمنها غداً و..

    الشيخ: ولو كان الكمية قطعة من الذهب.

    المقدم: ولم يحدد سعرها؟

    الشيخ: ولم توزن ولم تعرف زنتها لا بد أن يقبض ثمنها في الحال إذا كان من العملة، أما لو اشترى الذهب بأرز بحنطة بقهوة بهيل إلى أجل معلوم لا بأس لأنه ليس بعملة، فلو قال: هذا الذهب المعروف الذي عندهم يعرفونه قطعة معروضة يعرفونها أو قد وزنوها قال: هي عليك بمائة صاع أو بمائة كيلو هيل، بمائة كيلو حنطة، بمائة كيلو رز إلى أجل معلوم لا بأس؛ لأن الجنس مختلف، فليس من الربا.

    1.   

    حكم إنظار المدين عند حلول الأجل مع الزيادة في الدين

    السؤال: أخيراً يقول: ما الحكم إذا استدان شخص مالاً لمدة سنة أو سنتين ثم حل الدفع ولم يستطع، فقال لصاحب المال: قيدها علي بنفس الاتفاق السابق لمدة سنة أو سنتين قادمتين؟

    الجواب: إذا كان أراد بهذا يعني بزيادة فلا يجوز؛ لأن الواجب إنظاره، فإذا كان مثل: حل عليه عشرة آلاف ريال، ولكن لم يستطع الدفع فقال: قيدها علي إلى سنتين أو أكثر بإحدى عشر ألف زيادة ألف أو ألفين، هذا ربا ما يجوز.

    المقدم: يقول: بنفس المربح السابق، يعني بمربح آخر مثل المربح السابق.

    الشيخ: ما يجوز هذا أما إذا كان معنى قيدها علي: أمهلني، فلا بأس بهذا سواءً أمهله سنة أو أكثر أو أقل، هذا واجب لقول الله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280]، أما قيدها علي يعني: بزيادة بربح هذا ربا الجاهلية فلا يجوز.

    1.   

    حكم زكاة الأرض المعدة للسكن أو للإيجار

    السؤال: الرسالة الثالثة في هذه الحلقة وردت من سنوسي حمدان مصري مقيم في الدوادمي في المملكة، يقول في رسالته: عندي في بلدي مائة متر أرض مباني ولم أبنها إلى الآن، مع العلم أن سعر المتر يساوي تسعين جنيهاً، فهل عليها زكاة مع العلم أنني أريد أن أقيم عليها بناءً لي وجعله للإيجار؟

    الجواب: إذا كانت الأرض للسكن أو للإيجار ما فيها زكاة، إنما تكون فيها الزكاة إذا كانت للبيع للتجارة، أما إذا كان أراد أن يبني فيها بيتاً للسكن أو للتأجير أو يتخذها مزرعة فلا زكاة فيها، ولكن إذا كان للتأجير ثم أجر زكى الإيجار فقط، يزكي الأجرة إذا حال عليها الحول وبلغت النصاب، أما كون الأرض تزكى لا تزكى الأرض؛ لأنها ليست للتجارة إنما هي للسكن أو ليقيم عليها عمارة للإيجار فلا زكاة فيها، وإنما الزكاة في الإيجار إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول.

    1.   

    حكم الشك في الحدث أثناء الصلاة

    السؤال: يسأل أيضاً ويقول: عند دخولي في الصلاة يتهيأ لي أنه يخرج مني ريح ولا أشعر بشيء لا بصوت ولا رائحة، ولكن عندما أحس بهذا فإنني أتحكم في نفسي وأضغط على نفسي إلى أن تنتهي الصلاة، فما الحكم في صلاتي؟

    الجواب: (سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يخيل إليه في الصلاة أنه يخرج منه شيء، فقال عليه الصلاة والسلام: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) هكذا قال عليه الصلاة والسلام، وفي اللفظ الآخر: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه: أخرج منه شيء أم لا، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)، فالذي يخيل إليه أنه خرج منه شيء لا يبطل وضوءه ولا صلاته بل هو على حاله، صلاته صحيحة ووضوءه صحيح حتى يعلم يقيناً أنه خرج منه شيء، ولو بغير الصوت والريح، إذا علم يقيناً أنه خرج منه ريح أو خرج منه بول بطلت الطهارة وبطلت الصلاة، أما ما دام هناك شك ولو واحد في المائة فصلاته صحيحة وطهوره صحيح ولا ينفتل من صلاته؛ لأن هذا من وساوس الشيطان ومن أعماله الخبيثة، يخيل للإنسان أنه خرج منه شيء، ينفخ في مقعدته حتى يخيل له أنه خرج منه شيء، يحرك أشياء حول مقعده، فالمقصود أن الشيطان حريص على إبطال طهارة المؤمن وإبطال صلاته، فلا ينبغي للمؤمن أن يحقق أمل الشيطان ومكيدته بالانفتال من الصلاة بغير أمر مقطوع به، فإذا جزم يقيناً أنه خرج منه شيء وإلا فهو في صلاة يتمها.

    1.   

    نصيحة وتوجيه للمبتلى بداء الحسد

    السؤال: هذه رسالة من المرسلة (م. ج. م) من مكة المكرمة تقول في رسالتها: أريد أن أتوب إلى الله من صفة الحسد هذه الصفة الذميمة وأحاول التخلص منها قدر الاستطاعة، لكن الشيطان يزين لي ذلك في كثير من الأحيان عن طريق الغيرة، فأغار من زميلاتي أو من بقية النساء ثم أحسد، وسمعت من صديقة لي أنها تقول: اكظمي غيرتك وحسدك في قلبك ولا تتلفظي به على لسانك حتى لا يؤاخذك الله عليه. أفيدوني ماذا أفعل؟ بارك الله فيكم.

    الجواب: نعم، إذا أحسست بشيء فجاهدي نفسك واكظمي ما عندك ولا تعملي شيئاً يخالف الشرع، لا تؤذي المحسودة ولا تؤذي المحسود لا بقول ولا بفعل، واسألي الله أن يزيله من قلبك ولا يضرك، الإنسان إذا حسد ولم يحقق شيئاً لم يضره ذلك، إذا كان لم يفعل لا آذى المحسود ولا أزال نعمته ولا تكلم في عرضه وإنما شيء في نفسه كظمه فإنه لا يضره، ولكن عليه بالحذر حتى لا يقول شيئاً يضر أو حتى لا يفعل شيئاً، بل جاء في الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب) فالحسد خبيث، ولكنه يبدأ بصاحبه يؤذي صاحبه قبل غيره.

    فينبغي للمؤمن والمؤمنة أن يحذرا ذلك بسؤال الله العافية، المؤمن يضرع إلى الله، وهكذا المؤمنة تضرع إلى الله أن يزيل ذلك من قلبها حتى لا يبقى في قلبها شيء، ومتى أحست بشيء فلتجاهد في كظمه وإبقائه في القلب من دون أذىً للمحسود لا أذى فعلي ولا أذى قولي. والله المستعان.

    1.   

    حكم من شربت خلاً فسقط جنينها

    السؤال: هذه رسالة من السائل محمد هاشم سعيد مصري الجنسية يعمل بالجمهورية العربية اليمنية، الأخ محمد هاشم يقول في رسالته: لقد كانت زوجتي حاملاً في شهرها الخامس، وحدث لها ألم بالظهر ووصفت لها إحدى أقاربها أن تشرب الخل ليزيل الألم وبعد شراب الخل نزل الجنين في الحال، فهل على زوجتي إثم؟ وإذا كان عليها إثم فما الكفارة؟ أم أن الإثم والكفارة على من وصفت لها هذه الوصفة؟

    الجواب: يسأل الأطباء المختصون عن هذا الشيء، فإذا كانوا يرون أن شرب الخل يسقط الجنين فهذا عليها به الدية والكفارة؛ لأنها هي المباشرة وهي المخطئة حين أخذت الوصف من غير طبيب، وأما إن كان لا يضر الجنين في المعروف عند الأطباء فهذا أمر من الله وقدر من الله لا يضرها وليس عليها شيء، فقد يكون السبب شيئاً آخر غير الخل.

    1.   

    كيفية تقدم الإمام أو المأمومين في الصلاة إذا دخل ثالث

    السؤال: يقول: يوجد اثنان في صلاة العصر يصليان جماعة، فجاءهم فرد ثالث بعد دخولهما في الصلاة فتقدم الإمام لأنه لا يوجد مكان بالخلف حتى يرجع أحد المأمومين أو أحد الرجلين، فهل يجوز للإمام أن يتقدم خاصة أننا نعلم من الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه بأن يتأخر واحد من الشخصين ولا يتقدم الإمام؟

    الجواب: إن كان الإمام في محل يمكنه أن يصلي فيه ويتأخران تأخرا، وإذا كان الإمام في محل لا يمكنهما التأخر فيه تقدم هو ولا حرج فلا بأس، المهم وجود السعة في المكان، فإن كانت السعة خلفه تأخر الذي معه مع الآخر وصليا خلفه، مثلما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يصلي فجاء جابر وجبار فصفا عن يمنيه وشماله فأخرهما وجعلهما خلفه، وهكذا قصته مع أنس واليتيم جعلهما خلفه، أما إذا كان قد صف على الجدار .. كلهم على الجدار الذي خلفهم والسعة أمامهم فإنه يتقدم الإمام فيصلي بهم، هذا هو المشروع.

    1.   

    حكم من حلف بالطلاق على فعل مضى وحكم السهر

    السؤال: الرسالة السادسة في هذه الحلقة وردت من سائل ذكر اسمه فيصل فقط ولم يذكر عنواناً، يقول فيصل في رسالته: أنا أعرف أناساً يحبون السهر إلى وقت متأخر في الليل، فنمت عندهم مرة ولم أتحمل ضجتهم، فقمت من النوم غاضباً وأقسمت بالطلاق أنني لو كنت أدري أن هذه حالتهم ما دخلت البيت، وفي المرة الثانية كان لي عندهم أغراض وحاجات فاضطررت إلى أن أدخل البيت لآخذ هذه الأشياء من عندهم، فما الحكم في مثل هذه الحال؟

    الجواب: ما دمت أقسمت أنك لو عرفت حالهم لم تدخل عليهم أقسمت بالطلاق وأنت على قصدك صحيح ليس كاذباً فليس عليك شيء، أما دخولك الأخير فليس له تعلق بهذا؛ لأنك أقسمت على الشيء الماضي أنك لو علمت لم تدخل عليهم، أما دخولك الأخير فلا تعلق له بهذا الطلاق؛ لأنك لم تقل: علي الطلاق لا أدخل عليهم، وإنما قلت: علي الطلاق لو علمت حالهم ما جلست عندهم أو ما نمت عندهم فليس عليك شيء.

    وبهذه المناسبة ينبغي لأهل الإسلام أن يدعوا هذا السهر وأن يحذروا السهر، فإن السهر مضرته عظيمة، وقد زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن السمر بالليل وكره النوم قبلها والحديث بعدها، فينبغي للمؤمن ألا يسهر إلا من حاجة كسهر في طلب العلم لا يضره أو مع الضيف سهراً لا يضر، أما السهر الذي لسماع التلفاز أو مشاهدة التلفاز أو قيل وقال أو أشياء لا ضرورة إليها فينبغي له ألا يسهر، بل ينبغي له أن يجاهد نفسه حتى يتقدم بالنوم فينشط في قيامه آخر الليل وفي قيامه لصلاة الفجر، وإذا كان السهر يجره إلى ترك صلاة الفجر مع الجماعة حرم ذلك، ولو كان في قراءة القرآن ولو كان في طلب العلم، إذا كان السهر يضره ضرراً يوقعه في ترك صلاة الفجر مع الجماعة، أو ترك صلاتها في وقتها حتى لا يصلي إلا بعد طلوع الشمس هذا محرم.

    المقدم: بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً، بهذا أيها المستمعون الكرام نأتي إلى ختام هذه الحلقة، التي أجاب فيها سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد على رسائل: عبد الله بن ناصر بن سيف من الدلم، ومحمد عبد الكريم الباني من الرياض، وسنوسي حمدان مصري مقيم في الدوادمي، ورسالة السائلة (م. ج. م) من مكة المكرمة، ومحمد هاشم سعيد مصري يعمل بالجمهورية العربية اليمنية، وأخيراً رسالة السائل فيصل.

    نشكر سماحته على إجاباته، وننبه حول طلب أحد الإخوة السائلين وهو محمد هاشم سعيد يسأل عن إعادة البرنامج فننبهه إلى أن هذا البرنامج من فضل الله وتوفيقه يذاع مرتين في اليوم؛ المرة الأولى من إذاعة نداء الإسلام في مكة المكرمة، والمرة الثانية من إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية في الساعة التاسعة والنصف مساء كل ليلة، وهذا ثابت لا يتغير، فننبه إلى هذا لأنه يسأل هل البرنامج يعاد أم لا؟

    أخيراً نستودعكم الله على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة إن شاء الله، فإلى ذلك الحين لكم منا تحية ولكم تحية من الزميل خالد منور خميس ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768255005