المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من بغداد، وباعثها أحد المستمعين رمز إلى اسمه بالحروف (م. ض. هـ) يقول في أحد أسئلته: إنني رجل كبير في السن ولدي آلام في فقرات الظهر، وبعض الأحيان أؤدي الصلاة وأنا جالس، أفيدوني عن حكم ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالله سبحانه يقول في كتابه العظيم:
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ
[التغابن:16] فإذا كنت لا تستطيع الصلاة وأنت قائم فلا حرج، بسبب مرض الظهر لا حرج عليك إذا كان فيه مشقة كبيرة صل جالساً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لـعمران بن حصين لما اشتكى قال له صلى الله عليه وسلم: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقياً)، والله سبحانه يقول:
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا
[البقرة:286] والحمد لله.
السؤال: يقول: ألاحظ أن الناس عند أداء الصلاة ينقسمون إلى قسمين فيما يعني وضع اليد على الصدر أو الإسبال، أيهما أصح؟ وأيهما فعل الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام؟
الجواب: السنة القبض، وهذا هو الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو وضع اليمين على الشمال على الصدر، هذا هو السنة، يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى على صدره في الصلاة، أما الإسبال فهو خلاف السنة، نسأل الله الهداية للجميع.
السؤال: من اليمن المستمع
صلاح محسن محمد بعث يسأل ويقول: هل يشرع للمرأة الأذان وهل تشرع لها الإقامة؟ وضحوا لنا ذلك جزاكم الله خيراً؟
الجواب: الأذان والإقامة من خصائص الرجال، أما المرأة فهي تصلي بدون أذان ولا إقامة، ولم يرد في الشرع أنها تؤذن ولا تقيم، وإنما هذا للرجال فقط.
السؤال: يقول: بعض المصلين يتأخر عن تأدية صلاة المغرب إلى حين أعتقد أن الوقت قد خرج، بم تنصحونني وتنصحون المستمعين حيال صلاة المغرب بالذات جزاكم الله خيراً؟
الجواب: صلاة المغرب وقتها معلوم بينه النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما بين غروب الشمس إلى غروب الشفق وهو الحمرة التي في جهة الغرب، هذا وقت المغرب وهو وقت لا بأس به طويل، ما بين غروب الشمس إلى غروب الشفق الأحمر، في جهة الغرب.
والأفضل أن تصلى في أول الوقت، هذا هو الأفضل، كان النبي عليه الصلاة والسلام يصليها في أول الوقت، كان إذا أذن صلى الناس ركعتين ثم أمر بالإقامة عليه الصلاة والسلام، فليس بين الإقامة في المغرب وبين الأذان إلا شيء قليل، وهو ما يفعله المسلمون من صلاة الركعتين.
وفي الحديث الصحيح قال: (صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب -يعني: قبل صلاة الفريضة- ثم قال في الثالثة: لمن شاء) فدل على أنه يصلى بين الأذان والإقامة، ولكن الأفضل عدم التطويل بل يقيم بعد الأذان بمدة يسيرة عشر دقائق ثمان دقائق أو ما يشابه ذلك، ولو أخر نصف ساعة أو أكثر قبل غروب الشفق فلا حرج والصلاة صحيحة، كله وقت، لكن الأفضل الصلاة في المساجد والمسلمون في البيوت المريض والنساء الأفضل كلهم التبكير اقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام.
السؤال: من المستمع
علي عبده عمر من اليمن رسالة وضمنها جمعاً من الأسئلة، في أحدها يقول: هل يجوز للمؤتم أو الإمام أن يرفع يديه بالدعاء بعد كل صلاة أو فريضة؛ لأن كثيراً من الناس لا ينتهون عن ذلك؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب: لا أعلم في هذا ما يدل على شرعية رفع اليدين بعد الفريضة، ولم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك ولا عن الصحابة فيما نعلم، فالسنة عدم الرفع لا بعد الظهر ولا بعد العصر ولا بعد المغرب ولا بعد العشاء ولا بعد الفجر، يذكر الله ويأتي بالأذكار الشرعية ويدعو بما أحب بينه وبين نفسه من دون رفع اليدين، هذا هو السنة، أما بعد النوافل فلا أعلم فيه شيئاً لو رفع بعض الأحيان لا بأس؛ لأن النوافل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعضها في البيت وبعضها في المسجد؛ فالأمر واسع، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم فيما نعلم أنه كان يحافظ على الرفع بعد النوافل، لكن عموم الأحاديث في أن الرفع من أسباب الإجابة يدل على أنه لو رفع في بعض الأحيان لا حرج إن شاء الله.
السؤال: هل دعاء القنوت في صلاة الفجر بدعة أم سنة؟
الجواب: دعاء القنوت في صلاة الفجر ليس بمشروع، إلا إذا كان هناك أسباب، وهي تسمى أسباب النوازل، يعني: إذا كان هناك نازلة بالمسلمين مثل حرب نزلت بالمسلمين عدو هجم عليهم أو على بعض قراهم يدعى عليه، أو عدو قتل منهم بعضهم كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على من قتل القراء، ودعا على أهل مكة لما أمعنوا في الكفر، هذا يقال له: القنوت في النوازل وهو مشروع.
أما القنوت في الفجر دائماً فالصواب: أنه غير مشروع؛ لأن سعد الأشجعي سأل أباه فقال: (يا أبت! صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر و عمر و عثمان و علي أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال أبوه: أي بني محدث) وهو سعد بن طارق الأشجعي رواه الخمسة إلا أبا داود بإسناد جيد.
فهذا يدل على أن القنوت في الفجر غير مشروع، إلا للنوازل خاصة كما تقدم، وأما رواية أنه ما زال يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا، فهذا ليس بصحيح بل هو ضعيف، في بعض الروايات عن أنس أنه كان يقنت حتى فارق الدنيا عليه الصلاة والسلام، ولكنه لو صح لكان واضحاً، لكنه حديث ضعيف الإسناد، وقال بعضهم: لو صح معناه أنه كان يطيل الوقفة بعد الركوع؛ لأن طول القيام يسمى قنوتاً، وليس معناه القنوت المعروف، بل معناه أنه كان يطيل القيام بعد الركوع عليه الصلاة والسلام ويسمى قنوتاً، ولكن الحديث مثلما تقدم، ليس إسناده بصحيح ولا يعتمد عليه.
فالصواب: أنه لا يشرع القنوت في الفجر على صفة دائمة، وإنما يشرع فيها إذا كان هناك نازلة بالمسلمين أو في المغرب أو في العشاء أو في الظهر والعصر إذا كان هناك نازلة قنت فيما شاء من الصلوات الخمس، والأفضل في الفجر والمغرب.
السؤال: سماحة الشيخ! إنني أتوضأ وضوءاً كاملاً قبل أن أغتسل، ثم بعد ذلك أفيض الماء على جسمي جميعاً وأخرج من الحمام وأذهب للصلاة ولا أتوضأ مرة ثانية بعد الغسل، بل أكتفي بالوضوء السابق قبل الغسل، فهل عملي هذا صواب أم خطأ؛ لأنني سمعت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ قبل الغسل ويكتفي بذلك أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
الجواب: الذي فعلت هو السنة وقد وفقت للسنة، هذه هي السنة، الوضوء ثم الغسل، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ ثم يغتسل فأنت بهذا وافقت السنة والحمد لله، إلا إذا حدث منك شيء ينقض الوضوء حال الغسل بأن لمست فرجك أو خرج منك ريح، فهذا يوجب عليك إعادة الوضوء، أما ما دمت لم تمس فرجك ولم يخرج منك شيء ينقض الوضوء فإن عملك طيب وهو الموافق للسنة.
السؤال: يقول: هل يلزم الإنسان أن يستنجي كلما أراد أن يتوضأ؟
الجواب: لا يلزمه ذلك، إنما يتوضأ في الوجه واليدين ومسح الرأس والأذنين وغسل الرجلين، إذا كان لم يخرج منه بول ولا غائط إنما هو الريح مثلاً أو مس الفرج، أو أكل لحم الإبل أو النوم، هذا ما فيه استنجاء إنما يتوضأ، ويسميه بعض الناس التمسح، يعني: يغسل كفيه ثلاث مرات ثم يتمضمض ويستنشق، ثم يغسل وجهه ثلاثاً، ثم يغسل يديه ثلاثاً مع المرفقين، ثم يمسح رأسه مع أذنيه مسحة واحدة، ثم يغسل رجليه مع الكعبين ثلاثاً، هذا يقال له: الوضوء الشرعي، وإن غسل أقل من ذلك، غسل وجهه مرة ويديه مرة أو مرتين وغسل رجليه مرة أو مرتين فلا بأس، لكن السنة ثلاثاً، الأفضل ثلاثاً ثلاثاً.
السؤال: من المستمع
أحمد سالم غالب من عدن رسالة، وضمنها قضية يقول: في مسجدنا جامع كبير إلا أنه مبني على قبر، والناس يصلون في هذا المسجد، وقد أجريت توسعة لهذا المسجد لكن القبر لا زال داخل المسجد، كيف تنصحوننا وتنصحون الناس لدينا، جزاكم الله خيراً؟
الجواب: الواجب أن لا يدفن في المسجد قبور، الواجب أن تكون القبور خارج المساجد في مقابر خاصة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يفعلون في البقيع وغير البقيع، أما الصلاة في المساجد التي فيها القبور فلا تجوز ولا تصح، والنبي عليه السلام يقول: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك).
والرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن تتخذ القبور مساجد، فلا يجوز هذا العمل بل يجب أن ينبش الموتى الذين في المساجد ويدفنون في خارج المساجد في المقابر العامة، إذا كان القبر حدث أخيراً بعد بناء المسجد وجب أن ينبش وينقل الرفاة إلى المقبرة العامة في حفرة مستقلة يواسع ظاهرها كالقبور حتى يسلم المسجد، وحتى يصلى فيه.
ولا يجوز التساهل في هذا الأمر، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك وهو من سنة اليهود والنصارى، فلا يجوز التشبه بهم في هذا الأمر، والصلاة باطلة في المسجد الذي فيه قبور، سواءً كان في عدن أو في غير عدن.
وإذا كان المسجد هو الأخير الذي بني على القبور وجب هدمه، وأن لا يبقى؛ لأنه أسس على الباطل، فالأول منهما يبقى، إن كان الأول القبر يبقى القبر ويهدم المسجد، فإذا كان الأول هو المسجد والقبر هو الحادث ينبش القبر ويزال من المسجد، ولا يجوز للمسلمين أن يصلوا في المساجد التي فيها قبور، والصلاة فيها غير صحيحة؛ لأن الأحاديث الصحيحة جاءت بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولما ذكرت له أم سلمة و أم حبيبة رضي الله عنهما كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، قال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، ثم قال صلى الله عليه وسلم: أولئك شرار الخلق عند الله) سماهم شرار الخلق بسبب عملهم السيئ، وهو البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وتصوير الصور عليها.
فالواجب على المسلمين في أي مكان الحذر من هذا العمل السيئ، يجب على المسئولين في مصر والشام واليمن وغيرها أن يزيلوا القبور من المساجد، وينقلوها للمقابر العامة.