مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين، فأهلاً وسهلاً.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من الجمهورية العربية السورة السورية، حماة، باعث الرسالة المستمع أنور الحسين أخونا يقول: أرجو أن تتفضلوا بتفسير قول الله تعالى: الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا [الفرقان:59]، جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
هذه الآية من آيات الصفات، فالله جل وعلا بين فيها وفي غيرها أنه خالق السماوات والأرض وما بينهما، فهو الخلاق العليم لكل شيء، لا خالق سواه ولا رب سواه سبحانه وتعالى، قال تعالى: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [الزمر:62]، وقال سبحانه: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا [الفرقان:2]، وقوله: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ [الفرقان:59]، هذا وصف لنفسه بأنه استوى على العرش، وهذا في سبعة مواضع من القرآن، قال جل وعلا في سورة طه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، وفي سورة الأعراف: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف:54].
فهذه الآية العظيمة وما جاء في معناها في المواضع السبعة كلها دالة على إثبات الاستواء، وأن الله جل وعلا استوى على العرش استواءً يليق بجلاله وعظمته لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، بل هو سبحانه له صفات خاصة تليق به على أكمل وجه وخير وجه، كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، قال سبحانه: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، قال عز وجل: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم:65]، قال سبحانه: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:74]، فالاستواء هو العلو والارتفاع، يعني: ارتفع فوق العرش وعلا فوق العرش ارتفاعاً يليق بجلاله لا يشابه خلقه في استوائهم على سطوحهم أو على سفنهم أو على سياراتهم، لا. استواء يليق به، وارتفاع يليق به، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، لكنه العلو، ولهذا يقال: استوى على السفينة، يعني: صار فوقها، استوى على السطح: صار فوقه، استوى على الدابة: صار فوقها، فالاستواء على الشيء العلو فوقه والارتفاع فوقه، لكن استواء الرب يليق به لا يشابه المخلوقات في استوائها.
وهكذا بقية الصفات، الرحمة رحمة تليق بالله، فهو الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3]، رحمته خاصة وعامة تعم المخلوقات كلهم، ورحمته خاصة بالمؤمنين تخصهم، وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا [الأحزاب:43]، إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:117]، فالمقصود: أن الرحمة وصف خاص غير الإرادة، بعض أهل العلم يأول يقول: الرحمن معناه: إرادة الإنعام،والرحمة إرادة الإنعام، هذا غلط، هذا تأويل، والصواب عند أهل السنة أن الرحمة غير الإرادة، الإرادة صفة مستقلة، له سبحانه إرادتان:
- قدرية.
- وشرعية.
فالقدرية مثل قوله جل وعلا: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82]، سبحانه وتعالى، ومثل قوله جل وعلا: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ [الأنعام:125].
وهناك شرعية مثل قوله جل وعلا: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ [النساء:26] إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب:33]، هذه إرادة شرعية، يعني: أراد الله شرعاً أن يطهر أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأراد شرعاً أن يبين للناس أحكام دينهم ويفهمهم إياه، لكن من الناس من يفهم ويتعلم ومن الناس من يعرض، ليس كلهم مهتدين.
أما الإرادة القدرية فهي نافذة لا يمنعها شيء، كما قال عز وجل: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82]، هذه إرادة قدرية نافذة ، وهكذا قوله جل وعلا: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ [الأنعام:125]، هذه إرادة كونية، إذا أراد الله هداية العبد إرادة كونية شرح صدره للإسلام ومن عليه بالقبول حتى يهتدي.
وهكذا الغضب صفة خاصة تليق بالله، بعض العلماء يقول: إرادة الانتقام وهذا غلط، الإرادة غير الانتقام، الإرادة شيء والغضب شيء آخر، والغضب يوصف الله به كما قال جل وعلا: وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ [النساء:93] يعني: قاتل النفس، فالمقصود: أن الغضب وصف لله يغضب على أعدائه، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، من اليهود والنصارى والكفرة مغضوب عليهم، غضب الله وصف يليق بالله لا يشابه الخلق فيه كالرضا وكالرحمة وكإلارادة وغير ذلك صفة مستقلة، فهو رحيم بالمؤمنين، رحيم بالناس، ويغضب على من عصاه وخالف أمره، وغضبه يليق به لا يشابه غضب المخلوقين، كما أن رضاه لا يشابه رضا المخلوقين، وهكذا استواءه وهكذا محبته وهكذا رحمته، كلها صفات حق، لا تشابه صفات المخلوقين عند أهل السنة والجماعة؛ لأن الله سبحانه يقول: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، هو سبحانه الرحمن وهو الرحيم موصوفاً بالرحمة صفة تليق بالله لا يشابه فيها خلقه جل وعلا، يغضب على من عصاه غضباً يليق بالله لا يشابه خلقه في غضبهم، وهكذا إرادته، وهكذا يده وهكذا سمعه وبصره، كلها صفات تليق بالله لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم.
من الأسئلة التي يسألها أخونا حول هذه الآية الكريمة سؤال يقول: هل الأيام المذكورة في هذه الآية الكريمة هي كأيامنا، أم أن اليوم بألف سنة كما في بعض الآيات الكريمة؟
الشيخ: الله أعلم، لكن ظاهر إطلاق الرب جل وعلا أنها كأيامنا، يعني: أطلق بالنسبة للستة الأيام ويحتمل أنها كل يوم بألف كما قال جل وعلا: وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [الحج:47]، لكن إطلاقه الآيات في هذا يدل على أنها كأيامنا، وهو سبحانه قادر أن يخلق كل شيء في لحظة، كن فيكون، لكنه جل وعلا خلقها في أيام ليعلم عباده تنظيم أمورهم وتنظيم أعمالهم حتى لا يعجلوا، فهو سبحانه وتعالى قادر على أن يخلقها في لحظة ومع هذا خلقها في ستة أيام، وهو قادر على أن يخلقها في أقل من ذلك جل وعلا، لتعليم عباده وتوجيههم إلى العناية بالأمور وعدم العجلة في الأمور حتى يوقعوا الأشياء ويوجدوها على الوجه الذي يليق.
الجواب: من مات كافراً لا ينفعه شيء، لا تنفعه صدقاتهم ولا دعاؤهم، إذا مات كافراً فلا يتصدق عنه ولا يدعى له ولا تلحقه تلك الصدقات، ولا تنفعه؛ لأنه مات على كفر يحبط الأعمال ويمنع وصول الخير إليه، وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، وفي الحديث الصحيح: (إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة في الدنيا).
الجواب: هو كافر لا تقبل صلاته، صار كافراً بذلك فصلاته الجمعة وصومه وسائر أعماله كلها باطلة، قال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، وقال سبحانه: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة:5]، فمن كفر كفراً أكبر أو شركاً أكبر حبط عمله - نسأل الله العافية- وترك الصلاة كفر أكبر، نسأل الله العافية.
الجواب: لا يقبل ولا تصح بقية الأعمال؛ لأنه بكفره حبط عمله نسأل الله العافية.
الجواب: هذا عمل الصوفية يدعون أنهم لا يضرون أنفسهم وأن هذا من كراماتهم، وهو باطل إنما هو تلبيس ولا حقيقة لذلك، إنما هو تلبيس وتقليب على العيون كونه ضربه بالسيف أو كسر رأسه أو كسر رجله كله تلبيس، لا حقيقة له وهم بهذا كفار؛ لأنهم يسحرون الناس، كما قال الله عن سحرة فرعون : يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [طه:66]، قال: سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الأعراف:116]، فهؤلاء المقدمون الذين يلبسون على الناس هم كفرة بذلك، سحرة مجرمون.
الجواب: اختلف العلماء في مس المرأة هل ينقض الوضوء؟ على أقوال ثلاثة:
أحدها: أنه ينقض الوضوء مطلقاً، لعموم قوله جل وعلا: أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ [النساء:43]، وحملوا الملامسة على اللمس باليد.
والقول الثاني: أنه ينقض إذا كان معه شهوة تلذذ؛ لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يلمس نساءه ولا يتوضأ، وكان يغمز قدمي
والقول الثالث: أنه لا ينقض مطلقاً، لمس المرأة لا ينقض مطلقاً سواءً بشهوة أو بغير شهوة، وهذا هو الراجح هو الصواب أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء في أرجح أقوال العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم: (كان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ)والتقبيل يكون في الغالب عن تلذذ.
فالحاصل أن الصواب أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء سواءً كان عن تلذذ وشهوة أو عن غير ذلك، إلا إذا خرج منه مذي ينقض الوضوء، يغسل ذكره ويتوضأ، أما إذا مسها بشهوة أو بغير شهوة ولم يخرج شيء فإن وضوءه صحيح ولا ينتقض.
أما قوله تعالى: أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ [النساء:43]، في سورة النساء وفي سورة المائدة فالمراد بذلك الجماع، كناية عن الجماع، ( أو لامستم ) أي: جامعتم، ليس المراد باللمس باليد المراد الجماع، والله يكني عن الجماع بالملامسة وبالمسيس سبحانه وتعالى، هذا هو الصواب.
الجواب: أما بعد الإذن فالأمر واضح والحمد لله، لما أذن لك فالحمد لله تصرفي في الأمور المعقولة من غير إسراف ولا تبذير، هذه أمانة، والواجب عليك أداء الأمانة، وأن يكون التصرف تصرفاً شرعياً معقولاً ليس فيه إسراف ولا تبذير.
أما الأول الذي بغير إذن إذا كان لحاجة البيت، لحاجة الأولاد، لحاجة الضيف فلا بأس، استفتت هند بنت عتبة النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: (يا رسول الله! إن
لكن ليس لها أن تبذر أو تسرف، ولكن تأخذ بالمعقول لحاجة البيت من جيبه من صندوقه بدون علمه لا بأس، لحاجة البيت من دون إسراف ولا تبذير ولو لم يعلم، هذا هو الصواب.
الجواب: لا ينبغي لك أن تأخذي الحبوب إلا بإذنه؛ لأن الحمل مشترك بينكما فليس له أن يمنعك وليس لك أن تأخذي الحبوب بغير إذنه إلا بالتراضي بينكما، ولا ينبغي أخذ الحبوب إلا من حاجة كالمرض ونحوه، أما إذا كان ما له حاجة فلا تأخذي الحبوب حتى ولو بالرضا، الحمل مطلوب وفيه فوائد ومصالح، لكن إذا دعت الحاجة إلى أخذ الحبوب من أجل المرض والمضرة فلا بأس، والواجب الاستئذان والتعاون في هذا الأمر والتشاور هذا هو الواجب.
الجواب: صلاتهم صحيحة؛ لأنهم لم يعلموا فإذا صلى الإنسان ثم تذكر أنه محدث وأتم الصلاة فصلاة المأمومين صحيحة، أما هو فعليه أن يعيد والواجب عليه أن يتقي الله وأن يقطع الصلاة لا يكمل، إذا أحدث أو ذكر أنه محدث يقطع الصلاة ويستخلف، يعني يقول: تقدم يا فلان، يخلي من خلفه واحد منهم يتقدم حتى يكمل بهم، وهذا هو الاستخلاف، يقول: تقدم يا فلان، فإن لم يستخلف قدم واحد صلى بهم، كمل بهم؛ لأن عمر رضي الله عنه لما طعن قدم عبد الرحمن وأتم بالناس الصلاة، فهذا هو الأفضل، وإن تركهم وقدموا إنساناً وصلى بهم فلا بأس، وإن أعادوها من أولها فلا بأس، الأمر واسع والحمد لله.
الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الكذب في أحوال ثلاث:
على العدو في الحرب على وجه ليس فيه غدر، كذب ليس فيه غدر.
الثاني: في الإصلاح بين الناس، يصلح بين قبيلتين أو بين جماعتين فيكذب على هذه وهذه كذباً لا يضر أحداً لمصلحتهم هم، لا يضر أحداً من الناس فلا بأس.
والثالث: في حديث الرجل امرأته والمرأة زوجها، لما ثبت في الصحيح عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيراً وينمي خيراً، قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها)، في هذه الثلاث فقط.
فإذا أراد أن يصلح بين شخصين أو جماعتين أو قبيلتين وكذب قال لهذه: إن القبيلة الثانية تدعو لكم وتثني عليكم وتحب الصلح معكم، ثم أتى الأخرى وقال لها مثل ذلك لقصد الإصلاح فلا بأس؛ لأن هذا لا يضر أحد، ينفعهم ولا يضرهم.
وهكذا في الحرب إذا أراد الغزوة ورى بغيرها، النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الغزوة ورى بغيرها يقول للناس إنه متوجه للجنوب وهو متوجه للشمال، حتى يهجم على العدو على غرة، إذا كان العدو قد بلغ ودعي وأبى وأصر على الكفر فلا بأس أن يخدعه حتى يهجم عليه على غرة، وهكذا لو كان العدو متحصناً لم يخرج يرمي من داخل الحصون فأحب أمير الجيش أن يخرج للعدو حتى يحكم الله بينهم وبينه، فأمر الجيش أن يرتحلوا وأظهر أنهم منصرفون يعني: قافلون لعل العدو يخرج، فقال: نرتحل، نتوجه إلى البلد نرتحل، وهو ما هو بمرتحل لكن يريد أن يسمع العدو بالخبر حتى يخرج، حتى يكر عليه فيقاتله، فإذا قال هذا فهذا الكذب لا بأس به؛ لأنه مصلحة الجهاد وليس فيه غدر بالعدو، العدو يضرب يقاتل ولكن فيه حيلة للمسلمين حتى يهجموا على عدوهم وحتى يأخذوا حقهم منه، قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه أغار على بني المصطلق وهم غارون فقتل مقاتلتهم وسبى ذرياتهم) لأنهم نصحوا دعوا فلم يستجيبوا فهجم عليهم عليه الصلاة والسلام.
وهكذا المرأة مع زوجها والزوج مع امرأته يحتاجوا إلى هذا الشيء، الزوج يحتاج والزوجة تحتاج، فقد يغضب عليها وقد تغضب عليه، فيحتاج إلى الكذب كل واحد منهما، فيقول لها: سوف أشتري لك كذا وكذا، سوف أفعل كذا، سوف ننتقل في بيت جديد، سوف أفعل كذا، أشياء ما تضر أحد بينهما، لمصلحتهما هم، لا بأس، أو تقول له: سمعاً وطاعة أنا ما عاد أعصيك أبداً، وهي تكذب، وأنا سوف أفعل هذا وسوف أصنع الطعام الفلاني وسوف أفعل كذا وكذا شيئاً بينهما لا يضر أحداً من الناس فلا بأس بذلك للصلح وجمع الكلمة وإزالة الشحناء.
الجواب: نعم. لا بأس أن يقرأ وهو على حدث أصغر، أما الجنب فلا يقرأ مطلقاً، لكن إذا كان حدثاً أصغر من بول أو غائط أو ريح فلا بأس أن يقرأ عن ظهر قلب لا من المصحف، أما المصحف فلا يقرأ إلا عن طهارة كاملة من الحدثين جميعاً الأصغر والأكبر، لا يمس المصحف إلا على طهارة، أما عن ظهر قلب فلا بأس أن يقرأ وهو على غير طهارة إلا إذا كان جنباً فالجنب لا يقرأ حتى يغتسل.
واختلف العلماء في الحائض والنفساء، هل تلحقان بالجنب تمنعان أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أنها تلحق بالجنب؛ لأن حدثها أكبر يحتاج إلى غسل.
والثاني: أنها لا تلحق بالجنب؛ لأن الجنب مدته قصيرة يغتسل بسرعة، والحائض والنفساء مدتهما طويلة لا تجانس مدة الجنب، فلا بأس أن تقرأا عن ظهر قلب حتى لا تنسيا وحتى لا تحرما من هذا الخير، وهذا هو الصواب، أنهما لا تشبهان الجنب، الجنب مدته بيده قصيرة، أما الحائض والنفساء فليست مدتهما بأيديهما حتى تطهرا، فلا بأس بأن تقرأا عن ظهر قلب، هذا هو الصواب.
الجواب: عليك أن تصومي ما يغلب على ظنك حتى تكملي، إذا كان يغلب على ظنك أنها خمسة عشر كملي بخمسة أيام وهكذا، تحري بغلبة الظن ويكفي والحمد لله، نعم.
المقدم: بارك الله فيكم، جزاكم الله خيراً.
تقول: أنها صامت الآن عشرة هل تنصحونها بشيء آخر سماحة الشيخ؟
الشيخ: نعم تنظر تتأمل، فإن ذكرت أنها خمسة عشر تكمل ثلاثة عشر تكمل سبعة عشر وهكذا، بغالب الظن.
المقدم: وإن اعتقدت أنها عشرة فقط فتكتفي؟
الشيخ: فقد انتهت والحمد لله.
الجواب: لا بأس، لا أعلم فيه شيئاً، أقول: لا أعلم فيه بأساً، مثلما قال صلى الله عليه وسلم: (إن الذهب والحرير حل لإناث أمتي حرام على ذكورهم)، فما كان من عادة النساء لبسه من الذهب والحرير فلا بأس به، نعم. والحمد لله، هذا هو الأصل حله، سواءً حزام وإلا قلادة وإلا سوار.
سماحة الشيخ في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: اللهم آمين.
مستمعي الكرام كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، شكراً لسماحة الشيخ، وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم ونحن نرحب برسائلكم على عنوان البرنامج - المملكة العربية السعودية- الرياض- الإذاعة- برنامج نور على الدرب.
مرة أخرى شكراً لكم مستمعي الكرام، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر