مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين فأهلاً وسهلاً.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المملكة الأردنية الهاشمية الكرك، باعثة الرسالة إحدى الأخوات تقول: أختكم في الله أمل أختنا لها جمع من الأسئلة في أحدها تقول: هل يجوز تأخير الصلاة عند الشعور بالتعب الشديد حتى أرتاح لأتمكن من إتقان الصلاة، وهل يجوز إعادة الصلاة عند السرحان الكثير فيها وعدم التركيز، جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالمشروع للمؤمن أن يأتي الصلاة بقلب حاضر خاشع، وأن يقبل عليها حتى يؤديها في غاية العناية، والإقبال عليها والإخلاص لله، والخشوع فيها، كما قال الله سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2]، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته، قيل: يا رسول الله! كيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها).
فالواجب على المؤمن والمؤمنة العناية بالصلاة، وأن يكملها ويتم ركوعها وسجودها.
لكن إذا كان في أول الوقت عنده تعب فإنه لا بأس أن يستريح، بل الأفضل له أن يستريح، ولو صلاها في أثناء الوقت، لأنه إذا صلاها في أثناء الوقت ولو في آخره مع الراحة والطمأنينة والخشوع كان أفضل من صلاتها في غير خشوع ولا طمأنينة، لكن لا يؤجلها إلى خروج الوقت، لابد أن تفعل في الوقت، فالتأخير إلى نصف الوقت أو آخر الوقت للحاجة الشرعية من التعب أو شدة المرض أو نحو ذلك لا بأس بذلك والحمد لله.
لكن يعتني بإكمالها وإتمامها والطمأنينة فيها في أي وقت فعلها لا بد من الطمأنينة، الطمأنينة ركن فيها لا بد.
أما كمال الخشوع كمال العناية هذا أفضل، ولكن الطمأنينة حيث يركع مطمئن يسجد مطمئن، يجلس بين السجدتين مطمئناً، يعتدل بعد الركوع مطمئناً هذا لا بد منه، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته أن يعيد لما أخل بهذه الطمأنينة.
وسمى النبي صلى الله عليه وسلم من أخل بهذا سارقاً، قال: (أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته، قيل: يا رسول الله! كيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها) .
الجواب: إذا مات المنذور له بطل النذر ولم يكن على الناذر شيء، لأن المقصود هو إعطاؤه والميت لا يعطى زال حكم تملكه للعطية، فبطل النذر حينئذٍ وليس على الناذر شيء.
الجواب: لا حرج في ذلك، إذا توضأ الإنسان للضحى مثلاً صلاة الضحى، وجاء الظهر وهو على طهارة يصلي الظهر والحمد لله، المقصود أن يصلي بالطهارة، سواء كانت الطهارة لنافلة، أو للقراءة في المصحف أو لغير ذلك، يصلي بها الصلوات الفريضة والنوافل الأخرى، ولو ما نواها؛ لأن الطهارة حاصلة والحمد لله.
الجواب: إذا دعت الحاجة يلمس من دون حائل، يرفعه الإنسان من وراء حائل، يجعل في يده منديلاً أو فوطة أو نحو ذلك ويرفعه، إذا كان ليس فيه غلاف، أما إذا كان فيه غلاف يرفع بغلافه، لكن إذا كان ليس له غلاف فالرجل أو المرأة يرفع المصحف من مكان إلى مكان من وراء حائل.
الجواب: يذبحه لما نذره، في الوقت الذي نذر، فإن نذر إذا أعطاه الله ولداً أن يذبح شاة أو نذر إذا تملك داراً للسكن أن يذبح شاةً أو نذر إذا بلغه عن فلان ما يسره أن يذبح شاةً، أو نذر إذا نجح في الاختبار أن يذبح شاةً فيذبحها في وقتها ولا يؤجلها إلى العيد، يذبحها في وقتها ويتصدق بها على الفقراء والمحاويج، إلا أن تكون له نية نوى أنه يذبحها لأقاربه وجيرانه ويأكل معهم فهو على نيته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)، فهو يذبحها على ما نوى والحمد لله، قربة لله عز وجل يرجو بها فضله سبحانه والأجر عنده.
لكن ينبغي أن يعلم أن النذر غير مشروع، فلا ينبغي له أنه ينذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل)، لكن إذا نذر طاعة لزمه الوفاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)، فإذا نذر طاعة وجب عليه الوفاء، مثلما تقدم: لله عليه أن يصلي ركعتين يوم كذا، يوم الخميس، لله عليه أن يوتر بإحدى عشرة ليلة كذا عليه أن يوفي به، لله عليه أن يذبح شاة إذا رزقه الله مولوداً، أو رزقه الله سكناً، أو بلغه سلامة فلان من المرض، يوفي بنذره.
الجواب: الواجب على كل مسلم من الرجال أن يحذر الخيلاء والإسبال، وأن يكون ثوبه إلى الكعب لا ينزل عن الكعب، وليس في هذا خجل، بل هذا هو السنة هذا المشروع، ولكن الشياطين تزين للناس الباطل، ونواب الشياطين كذلك، وإلا فالمشروع أن تكون ثيابه إلى الكعب، وهذا هو المشروع، وهذا هو لبس الرجال، أما الإسبال فهو محرم، ومن التشبه بالنساء أيضاً، المرأة تسبل ثيابها لأنها عورة وقدمها عورة، فلا يليق بالرجل أن يتشبه بالمرأة، والنبي عليه السلام يقول: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)، خرجه مسلم في صحيحه.
فلا يجوز للمسلم أن يرخي ثيابه تحت الكعبين، بل يجب أن يكون الحد الكعب، وإذا رفعه إلى نصف الساق كان أفضل.
أما النساء فالواجب عليهن الإسبال يعني: تغطية الأقدام، سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال: (ترخي شبراً، فقال له بعض النساء: إذاً تبدو أقدامهن، قال: يرخين ذراعاً ولا يزدن على ذلك)، فالمرأة عورة ترخي ملابسها، ذراعاً أو أقل، وأما الرجل لا ليس له أن يرخي تحت الكعب بل الحد الكعب، وأما الرأس فأمره واسع، ليس بعورة الرأس بالنسبة للرجل، إن جعل عليه عمامة أو طاقية الذي يسمونها طاقية، أو الغترة المعروفة الأمر واسع، أو جعله مكشوفاً فلا بأس الأمر واسع، مثل ما شرع الله في الإحرام للرجل، يلبس الرداء والإزار، دون شيء على رأسه، وإذا جعل على رأسه ما جرت به العادة من عمامة أو كوفية أو غترة أو غير ذلك مما جرت به العادة لا بأس، يلبس المعتاد بين قومه لا يشذ عن قومه، يلبس الرجل المعتاد على رأسه، فإذا كان عادة قومه الغترة غترة، وإذا كانت عادتهم العمامة المكورة على الرأس عمامة، وإذا كانت عادتهم شيئاً آخر ليس فيه محذور شرعاً لا بأس، حتى لا يشذ عنهم، ولا يلبس شهرة عنهم.
الجواب: السنة للمرأة كشف الوجه في الصلاة، إذا لم يكن عندها أجنبي غير محرم، هذا هو السنة تكشف وجهها، تسجد مكشوفة الوجه وهكذا في حال القيام، وأما القدمان وسائر البدن فيكون مستور، الواجب عليها ستر جميع البدن ما عدا الوجه والكفين، أما الوجه فكشفه سنة، إلا إذا كان عندها غير محرم، أما الكفان فإن سترتهما فهو أفضل، وإن كشفتهما فلا حرج على الصحيح، وبعض أهل العلم يرى وجوب ستر الكفين، فإن سترتهما فهو أفضل خروجاً من الخلاف، وإن كشفت الكفين في الصلاة فالصواب أنها صحيحة الصلاة، لكن سترهما أفضل خروجاً من الخلاف.
الجواب: لا أعلم لها أصلاً، فإن كانت من عمل الكفار فالذي ينبغي تركها، وإن كانت ليست عملاً للكفار، بل اعتادها الناس فالأمر فيها واسع سهل، لكن تركها أفضل بكل حال.
الجواب: الخوف من المؤذيات لا بأس به، الخوف من المؤذيات طبعاً لا بأس به هذا من طبيعة البشر، لكن لا يكون خوفاً شديداً يخرج عن العادة، يكون خوفاً يحمل على توقيها، على قتلها إذا وجدت، مثل العقرب ومثل الحية مثل البعوض، يتقيه بلحاف، أو بشيء من المبيدات التي تبيده غير الإحراق، يرى الحية قتلها، رأى العقرب قتلها، النبي عليه السلام قال: (اقتلوا الحية والعقرب) في الصلاة حتى في الصلاة، فإذا خاف خوفاً خفيفاً يعينه على الحذر منها وعلى قتلها، أما الخوف الشديد هذا من عمل الجبناء.. لكن خوفاً خفيف يحمله على الراحة منها بقتلها والبعد عن أذاها، حية أو عقرب أو زنبور أو بعوض أو ما أشبه ذلك.
والحية إذا كانت في البيت تؤذن ثلاث مرات، تحذر ثلاث مرات فإن خرجت وإلا تقتل في البيت خاصة، أما في الطرقات أو في البرية فلا حاجة إلى إذن تقتل، قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اقتلوا الحية والعقرب في الصلاة)، المراد -والله أعلم- إذا كانت في غير البيت، أو بعد الإذن فيما يتعلق بالحية جمعاً بين النصوص.
المقدم: جزاكم الله خيراً، والإذن ثلاث مرات يكون ثلاثة أيام أو ثلاث مرات في يوم؟
الشيخ: ولو في ثلاثة أيام أو في أكثر.
المقدم: أو في أكثر؟ وإذا كانت في يوم واحد؟
الشيخ: كفت.
الجواب: يقول الله سبحانه: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:225]، هذا في سورة البقرة، ويقول في سورة المائدة : لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ [المائدة:89]، فاللغو: هي اليمين التي لا تقصد، تجري على اللسان من غير قصد، والله لا أفعل كذا، والله ما فعلت كذا، ما قصدها، .. تجري على لسانه عادةً هذه ليس فيها شيء.
أما المقصودة التي يقولها قاصداً متعمداً لها مريداً معناها: والله ما أكلم فلان قاصداً له، والله ما فعلت كذا قاصداً لذلك، هذه الأيمان المعقودة المعقدة، التي يكسبها القلب، يقولها اللسان والقلب كاسب لها، مريد لها عامد لها: والله ما أكلم فلاناً، والله ما أزور فلاناً، والله ما فعلت كذا قاصداً لذلك هذه الأيمان المعقدة، إن كانت كذباً فهي اليمين الغموس وليس فيها كفارة فيها التوبة، وإن كانت على فعل لأمر مستقبل: والله ما أكلم فلاناً، والله ما أزوره، فإذا أخل بيمينه فعليه كفارة.
الجواب: الأفضل التتابع وإن لم يتتابع أجزأ؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يشترط التتابع، قال: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ [المائدة:89] ولم يقل: (متتابعة)، لكن بعض السلف كـابن مسعود رضي الله عنه كان يقرأ (متتابعة)، ويرى التتابع، فالأفضل التتابع، ولكن لو صامها غير متتابعة أجزأت والحمد لله على الراجح.
الجواب: الكفارة لها نيتها والتطوع له نيته، فالواجب أن يصوم الكفارة بنيتها، وإذا صادف أن صامها في يوم الإثنين أو الخميس الذي كان يصومه ناوياً بذلك الكفارة أجزأته، بنية الكفارة، ولو صادف يوم الإثنين أو الخميس الذي كان يصومه، قال: بودي أن أجعلها في أيام صيامي، أو أيام البيض وهو ناوي الكفارة أجزأته نرجو له الأجرين نرجو له الأجرين.
الجواب: السنة للقادر النزول على الركبتين، كما في حديث وائل وغيره، وهو المراد في حديث أبي هريرة : (لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير)، هذا الصواب؛ لأن بروك البعير يبرك على يديه، ونحن منهيون أن نبرك على أيدينا، نبرك على ركبنا التي في الرجلين، هذا هو السنة، وهذا هو الصحيح، وهو قول الجمهور من أهل العلم، أن السنة البروك على ركبتيه لا على يديه خلافاً للبعير، هذا إذا كان قادراً، أما إذا كان عاجزاً لكبر السن، أو لمرض فإنه يبرك على يديه لا بأس لأجل العجز.
الجواب: لا حرج في ذلك، يقول الله سبحانه: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198] يعني: الحجاج، لا حرج عليه يبيع ويشتري لا بأس الحمد لله.
المقدم: جزاكم الله خيراً يذكر يقول: إنه يحلق رءوس الناس عندما يطلبون منه ذلك؟
الشيخ: لا حرج جزاه الله خير إذا كان فعله تطوعاً فهو مأجور.
المقدم: يبدو أنه بأجر؟
الشيخ: وإذا فعله بالأجر المعتاد لا بأس لا يزيد على الناس بالأجر المعتاد.
الجواب: إذا كان الأقارب عندهم منكرات ظاهرة يستحقون عليها الهجر فلا تذهب إليهم، لكن لو ذهبت إليهم للنصيحة والتوجيه إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهذا طيب، لعلهم يهتدون ولو ما أعلمت والديك، فإذا لم تجد النصيحة ولم ينفع فيهم التوجيه فحينئذٍ يشرع هجرهم لإصرارهم على المعصية، ومع ذلك ترضي والديك بهذا الأمر.
أما إذا رجوت أن الله ينفعهم بنصيحتك وتوجيهك فاذهب إليهم وانصحهم وأمرهم بالمعروف وانههم عن المنكر لعل الله يهديهم بذلك، ولو لم يرض والداك لكن إذا تيسر إخفاء ذلك عن والديك تجمع بين المصلحتين فحسن، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما الطاعة في المعروف)، فإذا ذهبت إلى أقاربك للنصح والتوجيه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا عمل طيب ومشروع ولو لم يرض والداك، لكن إذا تيسر أن تخفي ذلك عنهما، فتجمع بين المصلحتين بين إرضاء والديك، وبين القيام بما شرع الله لك من النصيحة والتوجيه، فهذا كله حسن.
الجواب: صلاة الليل سنة مؤكدة، ومن فعل النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله جل وعلا: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء:79]، وقال في وصف الصالحين من عباد الله: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17-18] وقال في صفة عباد الرحمن سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64]، فالتهجد بالليل سنة وقربة عظيمة. لكن حسب الطاقة يفعلها الإنسان، سواء في أول الليل.. في أثناء الليل.. في آخر الليل حسب التيسير، وأقلها واحدة ركعة واحدة يوتر بها، ويستحب له الزيادة يصلي ثلاث خمساً سبعاً تسعاً حسب التيسير، وإذا كان يشق عليه قيام الليل في آخر الليل صلاها قبل أن ينام، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء أن يوترا قبل النوم، وإذا تيسر له أن يقوم من آخر الليل فهو أفضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل)، والسنة ثنتين ثنتين، ثم يوتر بواحدة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى وإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)، نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً لا يأثم من ترك صلاة الليل؟
الشيخ: لا، لا يأثم سنة.
المقدم: سنة. الحمد لله.
الشيخ: لو تركها لا شيء عليه، لكن السنة المحافظة عليها، الله لم يوجب علينا إلا الصلوات الخمس، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر والجمعة هذه الفريضة، وما زاد عليها صلاة الضحى التهجد بالليل الرواتب الوتر كلها نافلة.
لكنه ينبغي للمؤمن ويشرع له أن يحافظ على الرواتب، والفضائل وأن يسارع إلى كل خير، ولا سيما التهجد بالليل والوتر، صلاة متأكدة، وهكذا الرواتب سنة الظهر قبلها أربع بعدها ثنتين، وإن صلى بعدها أربعاً كان أفضل أيضاً، قبل العصر يستحب له أن يصلي أربع يسلم من كل ثنتين، كذلك بعد المغرب ثنتين، بعد العشاء ثنتين، قبل صلاة الفجر ثنتين كل هذه رواتب، وإذا صلى قبل العشاء ركعتين، قبل المغرب ركعتين كان أفضل أيضاً، بين الأذانين، كل هذه النوافل مستحبة، ينبغي للمؤمن أن يحافظ عليها وأن يكون حريصاً عليها، يرجو ثواب الله وفضله سبحانه وتعالى.
الجواب: الواجب عليك الطمأنينة، لا بد من الطمأنينة في الصلاة، أن تركعي مطمئنة، ترفعي تعتدلي مطمئنة، تسجدي مطمئنة حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، تجلسين بين السجدتين مطمئنة، وإذا تيسر الزيادة من الخشوع والطمأنينة وإحضار القلب والإكثار من التسبيح في السجود والركوع والدعاء في السجود كان هذا أكمل، مع الحذر من الوساوس إذا أحسست بشيء تعوذي بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2]، لا بد من الجهاد، والله سبحانه يقول: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69]، فعلى الرجل والمرأة العناية بالصلاة، والحرص على الخشوع فيها والطمأنينة، وأداء المشروعات من الأذكار والدعاء، في الركوع يقول: (سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم)، ثلاثاً أو أكثر والواجب مرة، ويقول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)، كل هذا مشروع وفي السجود كذلك (سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى) ثلاث مرات أو أكثر والواجب مرة، ويكثر من الدعاء في السجود، ويقول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) في السجود كالركوع، ويقول: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) في السجود، كما يقول في الركوع.
فالمقصود أن السنة للمؤمن أن يجتهد في أداء المشروعات مع وجوب الطمأنينة، الطمأنينة لا بد منها بين الركوع والسجود وبين السجدتين وبعد الركوع حين يعتدل، لا بد من الطمأنينة ومع هذا زيادة الخشوع، وزيادة التسبيح في الركوع والسجود، ويكتفى بالدعاء في السجود كل هذا مشروع.
الجواب: إذا استطعت أن تحضر فعليك أن تحضر، إذا كنت تسمع النداء عند هدوء الأصوات فعليك أن تحضر، أو كنت في طرف البلد عليك أن تحضر مطلقاً ولو بعدت، عليك أن تحضر الجمعة، أما إذا كنت بعيد خارج البلد لا تسمع النداء، ويشق عليك الحضور فلا حرج عليك، تصلي ظهراً لا تصلي جمعة، عليك أن تصلي ظهراً أربع ركعات؛ لأن الجمعة إنما تصلى في الجماعة، أما الإنسان في بيته يصلي ظهراً، لمرضه أو بعده، وهكذا النساء يصلين ظهراً أربع ركعات لا يصلين جمعة، المرأة تصلي في بيتها ظهراً أربع ركعات في كل مكان، وهكذا الرجل المريض الذي ما يحضر الجمعة يصلي ظهراً أربع ركعات، وهكذا البعيد عن المساجد الذي لا يستطيع الحضور لبعده عن المساجد، ولا يسمع صوت المؤذن فهذا يصلي ظهراً أربع ركعات، لكن إذا تيسر لك ولو بالسيارة تحضر الخير تشهد الجمعة فهذا خير عظيم، أما إذا بعدت ولو بالسيارة لا يلزمك إذا كنت بعيداً لا تسمع النداء عند هدوء الأصوات، أما سماعه بالمكبر فلا يوجب الحضور إذا كنت بعيداً، لكن إذا تجشمت المشقة وصبرت وجئت فهذا خير لك عظيم، سواء جئت على رجليك أو في السيارة أو في الدراجة، أنت على خير عظيم.
لكن لا يلزمك إذا كنت بعيداً إنما يلزمك إذا كنت قريباً، تسمع صوت النداء عند هدوء الأصوات، تسمعه لو كانت الصلاة هادئة تسمعه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر، قيل لـ
المقدم: جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: اللهم آمين.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.
شكراً لسماحة الشيخ، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، ونحن نرحب برسائلكم على عنوان البرنامج، المملكة العربية السعودية -الرياض- الإذاعة برنامج نور على الدرب.
مرة أخرى: شكراً لكم مستمعي الكرام! وإلى الملتقى وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر