مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: نعود مع مطلع هذه الحلقة إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من مكة المكرمة بتوقيع إحدى أخواتنا من هناك تقول: أم عبد الله من مكة، أم عبد الله عرضنا سؤالاً لها في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة تسأل وتقول: أنا معلمة للصف الأول الابتدائي وأدرس التلميذات مادة القرآن الكريم من كتاب خاص جمع فيه منهج التوحيد والفقه مع السور المقررة للحفظ، فهل يجوز للطالبات مس السور المكتوبة في ذلك الكتاب قبل تطهرهن؟ وهل يجب علي أن أخرجهن للوضوء كل حصة قبل مس ذلك الكتاب امتثالاً لقوله تعالى: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79]، وجهوني جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الكتاب الذي فيه مقرر التوحيد والفقه وبعض السور التي تقرؤها الطالبات ليس له حكم المصحف ولا حرج في مس الطالبات لهذا الكتاب، لأن الآية في المصحف أما هذا ليس بمصحف وهكذا كتب التفسير لا بأس أن يمسها المحدث، وهكذا كتب الترجمة تراجم معاني القرآن لأنها ليست مصاحف، وإن المصحف ما يكون فيه القرآن خاصة هذا المصحف أما إذا كان القرآن مجموعاً مع آيات مجموعة أو سوراً مجموعة مع غيرها أو القرآن مع التفسير هذا ليس بمصحف، فلا حرج في أن يمسه غير المتطهر.
الجواب: نعم ليس هذا مسجداً هذا مصلى وليس بمسجد فلا مانع من أن يدخل في هذا المحل الحائض والنفساء لا حرج في ذلك؛ لأن المصلى لا يسمى مسجداً؛ لأن المصلى محل عبادة مؤقت، والمساجد هي التي تبنى للعبادة وتوقف للعبادة للصلوات الخمس، وهذه التي لا تجلس فيها الحائض والنفساء ولا الجنب، أما المصليات التي في الدوائر فليس لها حكم المساجد وهكذا المصلى الذي في المدرسة وليس بمسجد كغرفة أو غيرها يصلون فيه ليس له حكم المسجد.
الجواب: أما الإقسام بآيات الله فهذا لا حرج فيه إذا كان المقسم يقصد بالقرآن، حين قال: أقسم بآيات الله قصده القرآن فلا حرج لأن القرآن كلام الله، كما لو قال: أقسم بعلم الله.. بعزة الله لا حرج في ذلك، أما إذا كان يقصد الآيات المخلوقة كالليل والنهار والسماء والأرض هذا لا يجوز، وأما رحمة والديك فهذا مجمل، لا يصلح أن تقسم برحمة والديك أو بالأمانة أو برأس فلان أو شرف فلان، كل هذا لا يجوز ورحمة والديك من يقصد بها رحمتك أنت لوالديك وإلا رحمته هو وإلا رحمة الله؟ إذا كان المقصود رحمة الله أن الله يرحم والديك فهذا له حكم الصفات إذا قصد رحمة الله لوالديه هذه صفة من صفات الله، أما إذا قصد رحمته إنك ترحم والديك وتعطيني كذا وكذا، ترحمه أنت فرحمة المخلوق لوالديه رحمة مخلوقة لا يقسم بها والحاصل أن القسم يكون بالله أو بصفة من صفاته لا بصفات المخلوقين ولا بحياتهم ولا برأس فلان ولا شرف فلان إلى غير ذلك هذا لا يجوز، إنما القسم يكون بالله وحده أو بصفة من صفاته سبحانه وتعالى.
الجواب: نعم، عليك أن تحتجبي من ابن عمك وابن خالك ولو كنت عشت معهما طويلاً؛ لأنهما ليسا محرمين، كذلك ابن عم أبيها وابن عم أمها ليسا محرمين، أما ابن خالتك التي رضعت من أمه خمسة أشهر فهذا محرم، هذا أخ لك لأنك رضعت من أمه فهو أخوك وليس عليك حجاب عنه بل هو أخوك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)، والمقصود أن ابن الخالة أو غير ابن الخالة متى رضع من أمك أو رضعت من أمه رضاعاً تاماً خمس رضعات أو أكثر فإنه يكون أخاً لك من الرضاعة، سواء كان رضع من أمك أو أنت رضعت من أمه أو من أخته فإنه يكون محرماً لكِ إن كان من أمه فهو أخوك وإن كنت رضعت من أخته فأنت خالته، إن كنت رضعت من أخته فهو خالك لأنك رضعت من أخته فيكون خالاً لك والحاصل أن الرضاع كالنسب سواء سواء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)، فليس عليك عنه حجاب، وأما ابن عم أبيك وابن خال أبيك وابن خالك وابن عمك كل هؤلاء إذا كان ما بينك وبينهم رضاع كلهم أجانب فعليك التحجب عنهم.
الجواب: التوبة كافية بارك الله فيك، التوبة بحمد الله كافية، يقول الله جل وعلا: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (والتوبة تهدم ما كان قبلها)، يعني تزيل ما كان قبلها، هذا إن كنت قد بلغت الحلم بالحيض أو بالإنزال بالاحتلام، أما إذا كنت ما بلغت الحلم فإن فريضة الصلاة ليست واجبة عليك وإنما تؤمرين بها لتعتاديها وتستقيمي عليها بعد البلوغ وإذا كنت قد بلغت فالتوبة تكفي والحمد لله.
الجواب: إذا كان المال الذي عندكم بقدر الحاجة ولا يبقى ما يحول عليه الحول وهو نصاب ما في زكاة، لابد أن يكون الحول على نصاب فإذا بقي عندكم ما يساوي أحد عشر جنيه سعودي ونصف ما يساوي اثنين وتسعين غرام وحال عليها الحول يزكى من هذه النقود وأما إذا كان الباقي قليل لا يبلغ هذا المقدار فليس فيه زكاة وهكذا الحلي التي على المرأة إذا كان دون النصاب دون اثنين وتسعين غرام فليس فيها زكاة إنما الزكاة فيما بلغ النصاب وحال عليه الحول.
الجواب: دعاء المعراج هذا لا أصل لهذا الكلام دعاء المعراج ليس هناك دعاء يقرأ ويحفظ فيه هذا الأجر كل هذا باطل ولا أساس له، وأما التسبيح فالله جل وعلا شرع لنا الذكر والتسبيح والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بذلك يقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:41-42]، ويقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [المنافقون:9]، ويقول سبحانه: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ [الأحزاب:35]، إلى أن قال سبحانه: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)، ويقول أيضاً عليه الصلاة والسلام: (الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله)، ويقول أيضاً عليه الصلاة والسلام: (لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ أحب إلي مما طلعت عليه الشمس)، وهذا يدل على فضل عظيم، ويقول أيضاً عليه الصلاة والسلام: (سبق المفردون، قيل: يا رسول الله! ما المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات)، فأوصي كل مسلم وكل مسلمة بالإكثار من ذكر الله وأوصي إخواني المسلمين جميعاً من الذكور والإناث بالإكثار من ذكر الله من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، وقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، هذه الكلمة أعظم الذكر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون شعبة)، أو قال: (بضع وستون شعبة فأفضلها قول: لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير عشر مرات؛ كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل) متفق على صحته، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير مائة مرة في يوم كانت له عدل عشر رقاب -يعني: يعتقها- وكتب الله له مائة حسنة ومحا عنه مائة سيئة وكان في حرز من الشيطان في يومه ذاك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر من عمله)، وهذا فضل عظيم فينبغي الإكثار من ذكر الله ومن التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار، وفق الله الجميع.
الجواب: هذا فيه تفصيل إن كان الزوج لا يرضى فلا حق لها في ذلك وحق الزوج في هذا مقدم، وليس لهن أن يعصين الزوج ويأتين إلى أمهن لهذا العمل، أما إن كن قد سمح لهن الزوج بذلك، وهي محتاجة إلى إصلاح شئون بيتها فينبغي لهن أن يجبن إليها، وكل واحدة تقوم بقسط من ذلك، هذا اليوم على فلانة، وهذا اليوم على فلانة؛ من باب التعاون مع والدتهن، ومن باب جبر الخاطر، ومن باب البر والإحسان وعدم القطيعة والعقوق؛ فالوالدة لها حق عظيم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله السائل: (من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أباك ثم الأقرب فالأقرب)، وفي اللفظ الآخر قال: (يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك)، فالمشروع لهن أن يجتهدن في إرضائها وقضاء حاجتها إذا سمح الزوج ويجعلن ذلك نوباً كل واحدة تقوم بقسط، يقتسمن الزمان كل واحدة يكون لها يوم أو يكون لها ليلة في حاجات والدتهن ولهن في هذا أجر عظيم وخير كثير مع إرضاء والدتهن وسماح خاطرها ورضاها عليهن وعدم سبها بها لهن، نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: نعم لا حرج في ذلك لا بأس أن يصلي وهو مكشوف الرأس لأن الحديث إنما جاء في الرداء يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصلي أحدكم في ثوب واحد ليس على عتقه من شيء)، فالمقصود ستر العاتقين أما الرأس فلا يجب ستره ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه -وفي اللفظ الآخر- عاتقيه منه شيء)، والعاتق الكتف، ولم يقل على رأسه وكان صلى الله عليه وسلم في إحرامه يصلي بالناس في الرداء والإزار وهكذا الصحابة يصلون في الرداء والأزر وكانت عادة العرب يلبسون الأزر والأردية، والرأس قد توضع عليه العمامة وقد لا توضع عليه العمامة، فإن وضع العمامة عليه كان أحسن لأنها من الزينة وإن لم يضعها فلا حرج في ذلك والحمد لله.
الجواب: قد أحسنت، هذا هو الصواب، ليس لها أن تذبح عند قبر الولي لا عن نذر ولا عن غير نذر إذا كان الذبح للولي كان شركاً أكبر إذا كان القصد التقرب للولي لفلان أو فلان عند قبر البدوي أو فلان أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو ابن عربي أو فلان أو فلان، كل هؤلاء لا يجوز التقرب إليهم بالذبائح ولا يدعى أحد من دون الله ولا يستغاث به ولا ينذر له، كل ذلك من الشرك الأكبر وهكذا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يجوز للمسلم أن يذبح للنبي يتقرب إليه أو يسأله أن يغيثه أو ينصره أو يشفي مريضه لا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا غيره هذا حق الله سبحانه وتعالى، الله يقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21]، ويقول جل وعلا: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23]، ويقول سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة:5]، ويقول عز وجل: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، والنبي عليه السلام يقول: (الدعاء هو العبادة)، فلا يدعى أحد مع الله لا نبي ولا ملك ولا جن ولا إنس ولا ولي ولا غير ذلك، وهكذا الذبح لا يذبح للأنبياء ولا للملائكة ولا للأولياء ولا يتقرب إليهم بالنذور ولا غير هذا من العبادات، يقول الله سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي [الأنعام:162] يعني: قل: يا محمد! للناس إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي [الأنعام:162]يعني: ذبحي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]، ويقول سبحانه: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:1-2]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله من ذبح لغير الله)، فالتقرب للأولياء بالذبيحة من الشرك الأكبر كونه يذبح عند قبره أو في غير قبره حتى ولو كان في مكان بعيد ولو في بيت الإنسان كونه يذبح ينوي للولي فلان أو فلان هذا شرك أكبر، مثل لو صلى له، لو صلى له وسجد له فهو شرك فهكذا إذا ذبح له أو دعاه أو استغاث به أو نذر له أو قال: يا سيدي! اشفي مريضي أو انصرني أو دلني على كذا أو ما أشبه ذلك سواء عند قبره وإلا بعيد عن قبره، هذا كله لا يجوز هذا حق الله هو الذي يدعى سبحانه وتعالى هو الذي يسأل أما الحي الحاضر كونه يذبح له ذبيحة كرامة له لأنه ضيف جاي من سفر أو لأنه قريب له زاره وذبح له من أجل كرامة ضيف هذا لا بأس به، وهكذا لو قال لأخيه الذي عنده: ساعدني على كذا الحي الحاضر، ساعدني على إصلاح سيارتي على إصلاح مزرعتي يتعاون هو وإياه في المزرعة لا بأس، أما الأموات أو الغائبون أو الملائكة أو الأنبياء أو الجن يدعوهم مع الله أو يستغيث بهم أو ينذر لهم هذا لا يجوز، هذا من الشرك الأكبر، لا يدعى الغياب ولا الموتى ولا الجمادات كالأشجار والأحجار والأصنام ولا الملائكة كلهم لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم، بل هذا من الشرك الأكبر نعوذ بالله من ذلك، أما إذا كان بالطرق الحسية مع الأحياء مثل برقية يكتب برقية يقول: أقرضني كذا أو يكلمه بالهاتف أقرضني كذا أو ساعدني على كذا، مع إنسان حي يكلمه أو يكتب له رسالة هذا مثل الحي الحاضر مثل المشاهد لا حرج في ذلك، كما قال الله عز وجل في قصة موسى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15]، فالناس يتعاونون والأحياء يتعاونون لا حرج في ذلك لكن دعاء الميت أو الغائب لأنه يعتقد إنه فيه سر إنه يسمع ولو بعد أو دعاء الجمادات كالأصنام والكواكب هذا كله شرك أكبر أو دعاء الملائكة أو الجن؛ هذا شرك أكبر لأنهم غائبون عنك مشغولون بشئونهم ليس من جنس الحاضر بين يديك الذي تخاطبه وتسأله أن يعينك على كذا أو كذا وبهذا ينبغي للمؤمن أن يحتاط ويبتعد عن أسباب الشرك وعن ذرائعه وعن أعماله. وقد أحسنت أيها السائل في إخبار أمك وإيضاح الحق لها بارك الله فيك.
الجواب: إذا كان السائل بذلك لا حق له في هذا الشيء فلا حرج في ذلك إن شاء الله، فإن كان يقول: أسألك بالله أن تعطيني دارك أو تعطيني سيارك أو تعطيني كذا وكذا من المال حتى هذا لا حق له أما إذا كان يسأل حقاً له أسألك بالله أن توفني ديني أسألك بالله أن تعطيني من الزكاة وهو من أهلها تعطيه ما تيسر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من سأل بالله فأعطوه)، فإذا كان له حق كالفقير يسأل من الزكاة أو حقاً عليك له دين يقول: أسألك بالله أن توفيني ديني.. أسألك بالله أن تنصرني على هذا الظالم وأنت تستطيع أن تنصره على الظالم، أسألك بالله أن تعينني على كذا وكذا من إزالة منكر فلا بأس بهذا، هذا أمر مطلوب وعليك أن تعينه وأن تستجيب له لأنه سأل حقاً والرسول عليه السلام قال: (من سأل بالله فأعطوه)، أما أن يسأل شيئاً لا حق له فيه أو يسأل معصية فهذا لا حق له في ذلك، وليس عليه حرج إذا رفض طلبهم، لأنه طلب ما ليس له.
الجواب: إذا كان على طريقة المخرفين والدجالين والكهانة ونحو هذا فلا يجوز، أما إذا أراد التقرب إلى الله إن شفاه الله أن يذبح دجاج أو ناقة أو شاة للفقراء والمحاويج فهذا قربة إلى الله، ولكن النذر مكروه وما ينبغي، لكن لو نذر عليه أن يوفي بنذره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه)، ولقول الله سبحانه: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ [الإنسان:7]، لكن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر قال: (إنه لا يأت بخير)، فينبغي له ألا ينذر، لكن إذا نذر طاعة لله كصلاة وصوم وصدقة يوفي بنذره إذا حصل الشرط أما أن ينذر دجاجة على رأي المخرفين الذين قد يجرونه إلى الشرك ويقول له: إن نذرت دجاجة صفتها كذا أو دجاج صفته كذا أو كذا يشفى مرضك هذا كله باطل لا أصل له، وهذا منكر لا يطيعهم فيه، وإنما الذبح صدقة إذا نذر على أنه صدقة لله لعل الله ينفعه بهذه الصدقة لا بأس، أما على اعتقاد أن هذا الشيء يحصل به الشفاء بأسباب قول المخرفين فهذا لا يجوز.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: اللهم آمين، مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد شكراً لمتابعتكم وإلى الملتقى وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر