إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (475)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم تصدق المرأة من مال زوجها بغير إذنه

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال:مع مطلع هذه الحلقة نعود إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من الضفة الغربية قضاء الخليل، وباعثتها إحدى الأخوات من هناك لقبت نفسها بالصابرة صبر أيوب، أختنا الصابرة عرضنا سؤالاً لها في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة تقول في أحد أسئلتها: سبع سنوات لم أصم للمرض الذي ذكرته لكم في السؤال السابق، وذلكم بسبب المرض الذي ذكرت، وكنت أخرج الكفارة مثل الأرز والحنطة، لكني أخرجها دون علم زوجي لأنه لا يرضى بذلك، ما الحكم فيما فعلت جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فأسأل الله جل وعلا لك الشفاء والعافية من كل سوء، وأن يمن عليك بالصحة والاستقامة على دينه، وعلى جميع المسلمين.

    هذا الأمر الذي فعلت عليك أن تراجعي الزوج، فإن سمح فالحمد لله، وإلا فعليك أن تخرجي من مالك إن كان عندك مال عما مضى من السنوات، إذا كنت في مرض لا يرجى برؤه حسب تقرير الأطباء، أما إذا كان المرض يرجى برؤه فليس عليك إطعام، عليك القضاء فقط إذا شفاك الله، أما إذا كان المرض الذي معك قد قرر الأطباء يعني: الطبيب المختص أنه لا يرجى برؤه فإنك تطعمين عن كل يوم مسكيناً، نصف صاع من قوت البلد من أرز أو بر أو تمر أو زبيب أو غير هذا من قوت البلد، وإذا كان الذي أخرجتيه من الطعام من مال زوجك ولم يرض فإنه لا يجزئ، وعليك أن تخرجي بدلاً منه إن استطعت، فإن لم تستطيعي فلا شيء عليك، هذا إذا كان المرض لا يرجى برؤه، أما إن كان يرجى برؤه فلا حاجة إلى الطعام وليس عليك إطعام، وعليك القضاء إذا عافاك الله وشفاك، عليك أن تقضي ما مضى والحمد لله، وإن سمح زوجك عن الطعام فليس عليك شيء، أما إذا لم يسمح فعليك أن تغرمي له إذا استطعت مثل طعامه، أو تستسمحيه لعله يسمح.

    1.   

    بيان وقت صلاة الفجر

    السؤال: من جمهورية مصر العربية جامعة القاهرة، رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع نسيم الظواهري ، يقول في أحد أسئلته: كيف نحدد وقت الفجر؟ وكم بين الفجر والشروق حيث عندنا في مصر الوقت بين الفجر والشروق ما يقرب من ساعة ونصف، وقد قرأت في كتب الصحيح والتفسير: أن الفجر هو بياض النهار وانتشار النور في الطرقات؟ أرجو أن تفيدوني حول هذه القضية جزاكم الله خيراً.

    الجواب: الفجر مثل ما أشرتم إليه هو: انشقاق الصبح، والنبي صلى الله عليه وسلم بين الفجر وأنه حين ينشق الفجر ويعترض في الجو الشرقي، هذا هو الفجر الصادق. وهناك فجر كاذب كالعمود ثم يزول ويأتي بعده الظلمة، هذا لا عبرة به، أما الفجر الصادق فهو الذي ينفسح جنوباً وشمالاً في جهة الشرق، ويزداد نوره، هذا هو الصبح، متى طلع هذا الفجر فهذا هو الذي يفصل بين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، هذا هو الخيط الأبيض الصبح.

    وهو ينتشر ويتسع ويزداد نوره حتى يتم ضوءه وتزول آثار الليل ويستمر إلى طلوع الشمس، والغالب مثلما ذكرتم أن ما بينهما ساعة ونصف تقريباً حسب ما ذكر أهل الخبرة، وقد تنقص عن النصف قليلاً حسب ما ذكر بعض أهل الخبرة، فالأمر في هذا لا يتعلق به، يتعلق بطلوع الشمس، متى طلعت الشمس وارتفعت أبيحت الصلاة، وما دامت الشمس لم تطلع هو وقت الفجر، فلو صلاها قبل طلوع الشمس فهو في وقتها، لكن ليس له التأخير حتى يخاطر بها ولكن يبادر بها ويصليها بغلس، وإذا كان قادراً صلاها مع المسلمين في المساجد، والمرأة تصليها في البيت في أول الوقت، هذا هو الأفضل، فلو أخرها حتى اتضح النهار وزالت الظلمة فلا حرج، لكن ليس له أن يؤخر إلى طلوع الشمس، إنما يؤخر إلى الإسفار كثيراً لا حرج، ولكن الأفضل أن يصليها بغلس من بعد اتضاح الفجر وانتشاره وبيانه وعدم الشبهة.

    1.   

    حكم الفطر للمسافر في نهار رمضان

    السؤال: المستمع (ع. ع. أ) سوداني مقيم في الجبيل، بعث برسالة وفيها سؤال طويل لخصته في العبارات التالية، يقول: إنني مسافر في نهار رمضان بالجمال، والمسافة تستغرق خمسة وعشرين يوماً، وعند بداية سفري أفطرت، وبعد نصف المسافة مات جملي، ولم أجد شيئاً أواصل به باقي المسافة، فانتظرت في طريق القوافل مدة أسبوع مفطراً ما حكم ما فعلت جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: لا حرج عليك، أنت مسافر من حين خرجت من بلدك وفارقت البلد، ولا تفطر في البلد لكن الإفطار يكون بعد الخروج من البلد، بعد مغادرة الأبنية وأنت في سفر تقصر وتفطر، وهكذا لما مات جملك فأنت تنتظر، ليس لك إقامة معلومة، أنت منتظر فلا حرج عليك في القصر والفطر، لأنك في حكم السفر وليس عندك علم متى تسافر من هذه البقعة التي مات فيها الجمل؛ لأنك تنتظر من يمر عليك من المسلمين، فلا حرج عليك والحمد لله.

    1.   

    معنى الربا

    السؤال: من الصومال مقديشو الأخت هناء صالح بعثت برسالة ضمنتها بعض الأسئلة، في أحد أسئلتها تقول: أرجو تعريفي ما معنى الربا؟

    الجواب: الربا في اللغة: الزيادة، ويقال: ربا المال: زاد، وربا الشجر: نما وزاد.

    وفي الشرع: هو الزيادة في أحد النوعين من المال على النوع الآخر، هذا إذا كانا من جنس واحد كالذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير ونحو ذلك، إذا زاد أحدهما على الآخر هذا يقال له: ربا وهو ممنوع شرعاً، فليس للمسلم أن يبيع درهماً بدرهمين، ولا ديناراً بدينارين، إذا كانت زنة الدينار واحدة، فإن هذا ذهب بذهب أزيد، وفضة بفضة أزيد، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (الذهب بالذهب مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، والفضة بالفضة مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، والبر بالبر والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى).

    ويكون الربا أيضاً بغير زيادة، لكن بالتفرق قبل القبض أو بالتأجيل، يسمى ربا أيضاً شرعاً، إذا باع جنساً من المال بجنسه ولم يتقابضا أو بجنس لا يباع به نسيئة ولم يتقابضا سمي ربا، وإن لم يكن فيه زيادة، فلو باع درهماً بدرهم نسيئة أو تفرقا قبل القبض يسمى رباً شرعاً ولو ما فيه زيادة، أو باع ديناراً بدينار لكن لم يتقابضا أو قال: إلى أجل سمي ربا أيضاً ولو لم يكن فيه زيادة، وهكذا لو باع فضة بذهب، أو ذهب بفضة، مؤجلاً أو حالاً لكن لم يتقابضا يسمى ربا أيضاً، وهكذا لو باع براً بشعير أو تمراً بشعير، أو تمراً ببر ولم يتقابضا يسمى ربا. أو إلى أجل يسمى ربا، وبهذا يتضح للسائل معنى الربا في الشرع.

    ربا الفضل وربا النسيئة لأنه نوعان عند أهل العلم:

    أحدهما: يسمى ربا الفضل، مثل درهم بدرهمين، ودينار بدينارين وصاع من البر بصاع ونصف من البر، هذا يسمى ربا الفضل.

    والنوع الثاني: ربا النسيئة، درهم بدرهم إلى أجل هذا نسيئة، صاع بر ببر بصاع بر آخر لكن نسيئة، هذا ربا نسيئة، أو فضة بذهب من دون قبض يسمى ربا نسيئة، أو بر بشعير بغير قبض يسمى ربا نسيئة وهكذا.

    1.   

    حكم صيام ثلاثة أيام من بداية ووسط وآخر كل شهر

    السؤال: تقول: يوجد عندنا من يصوم عشرة أيام من الشهر، مثلاً: يصومون ثلاثة أيام في بداية الشهر، وثلاثة أيام في نصف الشهر، وثلاثة أيام في آخر الشهر، ويقولون: إنه مستحب صيام هذه الأيام ولي جدة تحافظ على هذا العمل ما رأيكم جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: ما نعلم لهذا أصلاً، لكن الصيام مشروع، وأما كونه يحافظ على ثلاث ثم ثلاث ثم ثلاث ما نعرف له أصلاً، والنبي صلى الله عليه وسلم قال لـعبد الله بن عمرو وغيره: (صم من الشهر ثلاثة أيام) تكفي، وأوصى أبا هريرة وأبا الدرداء بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، فالأفضل الاكتفاء بثلاثة أيام، فإن شاء نشط وصام أكثر فلا بأس، أو صام الإثنين والخميس، أو صام خمسة أيام من كل شهر أو نحو ذلك لا بأس، لكن الأفضل أن يصوم الإثنين والخميس أو ثلاثة أيام من كل شهر، أما استمراره على ثلاثة ثم ثلاثة ثم ثلاثة يعتقد أنها سنة فلا أعلم لهذا أصلاً، لكن لو صام خمسة عشر وأفطر خمسة عشر، يعني: النصف فلا بأس، فإن أفضل الصيام أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، فإذا صام نصف الشهر وأفطر نصفه، أو صام يوماً وأفطر يوماً، أو صام يوماً وأفطر يومين، فكل هذا لا بأس به أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام.

    1.   

    حكم المرأة إذا كان زوجها لا يصلي

    السؤال: إحدى الأخوات المستمعات سمت نفسها حليمة تقول: إنني أم لعدد كبير من الأبناء، وأنا والحمد لله على قدر لا بأس به من الإيمان، ولكن زوجي لا يعرف أي شيء عن ذلك، فهو منذ زواجنا منذ خمسة وعشرين عاماً وهو تارك للصلاة، وتصفه بأوصاف أخرى يترفع البرنامج عن ذكرها وترجو توجيهكم سماحة الشيخ؟

    الجواب: هذا زوج لا خير فيه، ولا يجوز البقاء معه، بل يجب أن تعتزليه وأن تمتنعي منه وأن لا يقربك لا بجماع ولا غيره، وهذا العمل الذي فعلتيه معه منكر، صبرت معه خمسة وعشرين سنة وهو لا يصلي هذا منكر والعياذ بالله، عليك التوبة إلى الله من ذلك، والندم من هذا العمل السييء، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء، لقوله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) رواه مسلم في صحيحه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وإذا كانت عنده سيئات أخرى ومعاصٍ أخرى صار شراً إلى شر نسأل الله العافية، فالواجب عليك البعد منه وتركه وعدم تمكينه من نفسك والامتناع منه، فإن طلقك وأعطاك وثيقة بذلك فالحمد لله، وإلا فارفعي الأمر إلى الحاكم الشرعي إذا كنت في بلاد إسلامية.

    المقدم: جزاكم الله خيراً. ألاحظ سماحة الشيخ في نهاية رسالتها أنها تتعلل بالأولاد وتخشى أن يضيعوا ولا سيما وأنهن من البنات؟

    الشيخ: ليس هذا بعذر، أولادك لك، وأنت أحق بأولادك من هذا الكافر، والله يرزقك وإياهم سبحانه والرزق عليه جل وعلا، وعلى الحاكم الشرعي أن يلزمه بما يلزم من جهة النفقة، هذا إلى الحاكم الشرعي، وأنت أولى بأولادك.

    فالحاصل: أن هذا لا يمنع من البعد منه والحذر منه وعدم تمكينه من نفسك، والأولاد رزقهم على الله، والحاكم الشرعي ينظر في الأمر.

    1.   

    حكم من دخل المسجد والإمام قد شرع في الصلاة

    السؤال: رسالة من أحد الإخوة المستمعين يقول: أخوكم في الله (ت. ع. ع. ض)، أخونا يسأل: هل يجوز أن يصلي المسلم نافلة العصر أو الصبح إذا جاء المسجد والإمام قد دخل في الصلاة ولم يدرك النافلة قبل الصلاة؟

    الجواب: إذا جاء المسجد والإمام في الصلاة يدخل مع الإمام، وليس لأحد أن يصلي والإمام يصلي، بل متى جاء وجب عليه الدخول مع الإمام وسقطت النافلة، سواء راتبة كالظهر أو غير راتبة كالعصر، متى جاء المأموم والإمام قد شرع في الصلاة وقد أقيمت فإنه يدخل معه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) فالواجب على المؤمن متى وصل إلى المسجد أن يصلي مع الإمام، متى وجده في الصلاة أو قد أقيمت الصلاة.

    1.   

    حكم الصلاة خلف من وقع في بعض الشركيات

    السؤال: من المملكة الأردنية الهاشمية رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع (م. أ. م) يقول: هل تجوز الصلاة خلف إمام واقع في بعض الشركيات وإن كان جاهلاً بحكم ما وقع فيه؟

    الجواب: لا تجوز الصلاة خلف من يتعاطى بعض الشركيات بعد التأكد من ذلك، لأن بعض الناس قد يظن أن هذا الشيء شرك وليس بشرك، فإذا علم أن هذا الإمام يتعاطى بعض الأعمال الشركية لم تجز الصلاة خلفه، فإذا علم أنه يدعو غير الله كـالبدوي أو الحسين أو الحسن ابني علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أو الشيخ عبد القادر أو غير ذلك من الناس، أو يدعو الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء، فهذا كافر لا يصلى خلفه.

    أما إذا كان حلف بغير الله فهذا ليس بشرك أكبر بل هو شرك أصغر، كالذي يقول: بالكعبة أو بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بالأمانة، هذا الصلاة خلفه صحيحة؛ لأن هذا شرك أصغر لا يخرجه من الإسلام، ولا ينبغي أن يبقى إماماً، هذا ينبغي أن يزال من الإمامة، إلا أن يتوب ويعرف الحكم الشرعي، فإذا تاب تاب الله عليه، لكن ما دام مصراً على الحلف بغير الله، أو على المعاصي الظاهرة فإنه لا ينبغي أن يبقى إماماً وهو يتعاطى بعض المعاصي الظاهرة، أو بعض الشركيات من الشرك الأصغر، ينبغي أن يزال ويستبدل بمن هو أصلح منه.

    أما إذا تعاطى ما هو شرك أكبر كدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أو بالأصنام أو بالأنبياء أو بالجن أو بالملائكة هذا شرك أكبر؛ لأن الله سبحانه يقول: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106] يعني: المشركين، والظلم إذا أطلق فهو الشرك، كما قال تعالى: وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:254].

    وقال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13] وقال سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] فسماهم كفرة بدعائهم غير الله جل وعلا، بدعاء الأموات من صالح أو نبي أو غيره، أو دعاء الملائكة ولو أنهم أحياء مشغولون بشأنهم لا يستطيعون أن يجيبوك، أو الجن كذلك، قال الله تعالى: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ [فاطر:13] القطمير: اللفافة التي على نواة التمر وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ [فاطر:13] إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:14] سبحانه وتعالى، فسمى دعاءهم شركاً، فعلم بذلك أن دعاء الأموات أو الملائكة أو الجن كله شرك أكبر يجب الحذر منه.

    وقال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] (أحداً) هذا عام، يعم الأنبياء والملائكة والجن والصالحين وغيرهم، نكرة في سياق النهي تعم كل أحد، والله سبحانه يقول: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88] ويقول عز وجل: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65]. فالشرك الذي عليه كفار قريش هو هذا، كانوا يعبدون الأصنام ويدعون هبل واللات والعزى وغيرها من الأصنام والأموات، يستغيثون بهم وينذرون لهم، فبعث الله النبي محمداً صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى توحيد الله، ويحذرهم من هذا الشرك، فلما أصروا واستكبروا هاجر من بينهم إلى المدينة المنورة، وأقام الله به دينه هناك، وصارت العاصمة الإسلامية هناك، ثم جرى بينه وبينهم من الحروب ما هو معروف، من حرب بدر وأحد والخندق، ونصره الله عليهم في بدر والخندق، وابتلي المسلمون في أحد بما يجعله الله طهوراً لهم، ثم فتح الله عليه مكة ودخل الناس في دين الله أفواجاً.

    فالحاصل: أن هذا الشرك الذي يفعله الناس اليوم عند البدوي أو عند الشيخ عبد القادر الجيلاني أو عند غيرهم، كل ذلك هو الشرك الذي فعلته الجاهلية، كله شرك قريش وأشباههم من دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والطواف بالقبور، وغير هذا من أنواع الشرك نسأل الله السلامة والعافية.

    والواجب على العلماء أن ينصحوا الناس، على العلماء في كل بلد أن يتقوا الله وأن يعلنوا النصيحة بالكتابة وبالخطب في الجمع، وزيارة المقابر حتى يدعوا من كان حول المقابر يعلموهم ويرشدوهم إلى الزيارة الشرعية، الزيارة الشرعية أن تزور القبور للدعاء لهم والترحم عليهم، هذه الزيارة الشرعية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة) وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين) وكان إذا زار البقيع عليه الصلاة والسلام يقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، غداً مؤجلون أتاكم ما توعدون، ثم يقول: اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) ما كان يدعوهم ولا يستغيث بهم، ولا الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ولا أهل العلم والإيمان.

    لا يجوز لأحد أن يطمئن إلى رأيه وإلى هواه بل يسأل ويتفقه في الدين، ويقرأ القرآن ويقرأ السنة، وينظر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، ينظر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة، لما كان في مكة حين دعاهم إلى التوحيد، وينظر سيرته مع أهل المدينة، وينظر سيرة الصحابة وما كانوا عليه، حتى يكون على بصيرة، هذا هو الدين، الدين ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أما ما أحدثه الناس بعد ذلك مما يخالفه فليس هو الدين، نسأل الله للجميع الهداية والبصيرة والفقه في الدين ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، وتقبل الله منكم. سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على خالص نصحكم وعلى تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767945671