مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين، رمز إلى اسمه بالحروف (س. ع) أخونا له جمع من الأسئلة في أحدها يقول: هل الاضطباع في الطواف في الحج أو في جميع نوافل العمرة؟ نرجو أن توجهونا جزاكم الله خيراً.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالاضطباع مشروع في الطواف الأول، وهو طواف القدوم في حق الحاج والمعتمر جميعاً، أول طواف يأتي به الحاج أو المعتمر أول ما يقدم يستحب له فيه الاضطباع.
والاضطباع: هو أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر، هذا هو الاضطباع، الرداء يكون وسطه تحت إبطه الأيمن، ويكون طرفاه على عاتقه الأيسر، ويكون عضده مكشوفاً، عضده الأيمن يكون مكشوفاً، هكذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا فرغ من الطواف عدل رداءه، جعله على عاتقيه وجعل طرفيه على صدره قبل أن يصلي ركعتين، حتى يصلي ورداءه قد عدل، يعني: قد جعل على عاتقيه وأسدل على صدره، هذا هو السنة التي فعلها المصطفى عليه الصلاة والسلام. وهكذا في طواف القدوم يستحب له الرمل أيضاً، في طواف القدوم في الحج والعمرة جميعاً، والرمل هو السرعة في الأشواط الثلاثة من طواف القدوم، وأن يهرول في طواف القدوم في الثلاثة الأولى، ويمشي في الأربعة، هذا يقال له: الرمل، فعله النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف الأول، في عمرته وفي حجه عليه الصلاة والسلام.. يهرول في الثلاثة الأول، يعني: يخب فيها خباً، وفي الأربعة الأخيرة يمشي إذا تيسر ذلك، أما إن كان زحمة فلا حرج ويسقط عنه الرمل، لكن إذا كان في سعة فإنه يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى، ويمشي في الأربعة، أما الاضطباع فإنه يكون في جميع الطواف في السبعة كلها، في طواف القدوم خاصة، وهو أنه يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن، ويجعل طرفيه على عاتقه الأيسر في جميع الطواف، فإذا فرغ من الطواف جعل رداءه على عاتقيه، وصلى في ردائه هكذا صلاة الطواف وما بعدها.
الجواب: عليك التوبة إلى الله سبحانه؛ لأن السر أمانة، فالواجب في هذا عليك التوبة إلى الله لأنك خنت السر، خنت الأمانة، فعليك التوبة إلى الله عز وجل، وإن ترتب على هذا الإفشاء ضرر على أخيك الذي ائتمنك، فهذا المرجع فيه إلى المحكمة إن لم تصطلحا.
الجواب: ليس هذا مشروعاً ولا أصل له، ولكن يسمي عند بدء الوضوء يقول: بسم الله عند أول ما يتوضأ، وبعد الفراغ يقول: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)، أما كونه يقولها عند أعضاء الوضوء فهذا ما هو بمشروع، لكن لو قالها من غير قصد أنه مشروع لأنه يحب ذكر الله، ما في بأس، من باب محبة ذكر الله جل وعلا، أما أن يعتقد أنه يشرع أن يقولها عند غسل اليدين، عند غسل الوجه، هذا ليس عليه دليل، بل هذا الاعتقاد بدعة، ولكن يأتي بالشهادتين بعد الفراغ من الوضوء، إذا فرغ يقول: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين)، هذا سنة، وفي الحديث الآخر يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك اللهم وأتوب إليك) بعد الوضوء أيضاً مثل ذكره إذا قام من المجلس، (سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك اللهم وأتوب إليك)، كل هذا مستحب بعد الوضوء، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ الوضوء -أو قال: يسبغ الوضوء- ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء) ، رواه مسلم في صحيحه، زاد الإمام الترمذي رحمه الله في هذا الحديث في آخره: (اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين)، وهذه الزيادة صحيحة.
الجواب: يسجد معه للسهو ثم إذا سلم إمامه يقوم ويقضي ما عليه.
الجواب: الرضعتان لا تحرمان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان) ، لا بد من خمس رضعات، إذا كان الرضاع المضبوط ثنتين أو ثلاث أو أربع هذه لا تحرم، لا بد من خمس رضعات أو أكثر في الحولين مضبوطة معلومة، لكن إذا ترك ذلك من باب ترك المشتبه فلا بأس، لقوله صلى الله عليه وسلم : (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) ، (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) ، لكن لا يحصل التحريم إلا بخمس رضعات أو أكثر.
الجواب: الواجب على الوالد أن يعدل، ولا يجوز أن يخص بعض الأولاد بعطية أو زيادة على بقية الأولاد؛ لأن الرسول عليه السلام قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) ، هذا كلام المصطفى عليه الصلاة والسلام، ولما جاءه بشير بن سعد الأنصاري رضي الله عنه وذكر له أنه أعطى ابنه النعمان غلاماً، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أعطيت ولدك كلهم مثله؟ قال: لا، قال: رده، اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم).
فليس له أن يعطي بعضهم سيارة أو مالاً أو أرضاً ولا يعطي الآخرين، بل إما أن يسوي بينهم في العطاء وإما أن يرجع في عطيته، هذا هو الواجب عليه، وأنت أيها الولد لو توسطت بعض الطيبين من الأقارب أو غيرهم حتى يصلحوا بينك وبين الوالد يكون هذا حسناً إن شاء الله، أحسن من الذهاب إلى المحكمة، إن تيسر من يشير على والدك وينصحه حتى يلتزم بالحق، وحتى يعدل، فهذا حسن، وهذا أولى من المخاصمة، فإن أبى فلك أن تخاصمه إلى المحكمة، لك أن تخاصمه لأجل أنه قد ظلم، ولا بد من تعديل من جار عن الطريق، لا بد أن يعدل ويلزم بالحق من طريق المحكمة، وإن سمحت أنت ولم تخاصمه فأنت مأجور.
الجواب: إذا عرفت أنهم فقراء ومحتاجون وأن الرواتب التي لهم قليلة لا تقوم بحالهم وحال عوائلهم وهم مسلمون لا بأس أن تعطيهم من الزكاة: زكاة المال وزكاة الفطر، أما إن كنت لا تعرف أحوالهم، أو تشك هل رواتبهم تكفيهم أو لا تكفيهم فلا تعطهم، أعط غيرهم ممن تعرف أنهم فقراء ولا تخاطر بزكاتك، أما إذا عرفت أنهم فقراء وأنهم من أهل الصدق، وأنهم محتاجون ورواتبهم لا تكفيهم لكثرة عوائلهم، وظهر له منهم الصدق والاستقامة وصلاح الأحوال فلا بأس إذا اطمأننت إليهم أن تعطيهم.
الجواب: عليكم التوبة والقضاء؛ لأن الأذان يتحرى الوقت؛ والنبي عليه السلام قال: (إن
أما مع الأذان وحين الأذان عند الحاجة فلا بأس، أما بعد الأذان فالواجب القضاء، وعدم التساهل في هذا الأمر، نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: نعم إذا جاءه العطاء قبل العيد يخرج، أما إذا ما جاءه العطاء إلا بعد العيد فلا عليه شيء، إذا كان فقيراً ما عنده شيء ليلة العيد، ما عنده صاع يخرج عن نفسه، ولا أكثر من ذلك عن نفسه وأهل بيته لشدة فقره، ما عنده شيء فليس عليه شيء، لكن إذا كان عنده سعة يستطيع أن يخرج صاعاً عن نفسه، وأصواعاً أخرى عن أهل بيته، بعد قدر حاجته يوم العيد وليلة العيد، هذا يلزمه، يدخر حاجته يوم العيد وليلة العيد ويخرج من الباقي الفطرة عنه وعن أهل بيته، أما إذا كان يستطيع هذا ما عنده شيء، فليس عليه شيء، لكن إذا أعطاه الناس فطرة قبل العيد فإنه يخرج منها زكاته.
الجواب: لا يجوز اتخاذ الجرائد مفارش وسفراً للطعام، ولا ملفات للحاجات، هذا امتهان؛ لأنها لا تخلو من ذكر الله، إما آيات قرآنية، أو أحاديث، أو ذكر الله سبحانه وتعالى، فالواجب أن تصان وتحفظ أو تدفن في محل طيب أو تحرق، أما أن تتخذ سفراً فهذا امتهان لا يجوز، وهكذا اتخاذها ملاف للحاجات، هذا لا يجوز، الواجب صيانتها بحفظها في الدواليب ونحوها، أو دفنها في محل طيب، أو إحراقها حتى لا تمتهن.
وهكذا الأوراق الأخرى التي فيها ذكر الله، أو مصاحف مقطعة، تدفن في أرض طيبة أو تحرق، ولا تستعمل سفراً ولا ملاف بل هذا منكر.
الجواب: نعم، إذا كان وضع القرآن في السيارة حتى يقرأ إذا تيسر له القراءة أو يقرأ من معه من الركاب، فهو مشكور، يعينهم على طاعة الله وعلى قراءة كتاب الله، أما إذا كان عن اعتقاد أن القرآن حرز للسيارة من الانقلاب ومن الصدام فهذا منكر ولا يجوز، ولكن إذا أراد بذلك أن يعين من ركب معه على القراءة، أو هو يقرأ إذا وقف للحاجة فلا بأس.
الجواب: نعم يجوز، لكن له نصف الأجر، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم) ، يعني: إذا صلى من غير عذر، أما إذا تطوع عن عذر أو صلى فريضة عن عذر جالساً؛ لأنه مريض لا يستطيع القيام فهذا معذور وله الأجر كاملاً، وهكذا في التطوع إذا صلى جالساً لا حرج عليه، لكن يكون له النصف إذا كان قادراً يكون له النصف.
الجواب: الترجمة لا ليس لها حكم المصحف، إذا كان القرآن مترجماً إلى اللغة الإنجليزية أو غيرها من اللغات، ما يكون له حكم المصحف، إذا كان ليس موجوداً فيه القرآن بالعربية، لا يكون مصحفاً إلا إذا كان بالعربي، أما إذا كان بالترجمة فلا يكون له حكم المصحف.
الجواب: في الليل لا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (صلاة الليل مثنى مثنى) ، وهذا معناه: الأمر، معناه: صلوا ثنتين ثنتين، أما في النهار فاختلف فيه العلماء، منهم من قال: يجوز، ومنهم من قال: لا يجوز، والأفضل أنه يصلي ثنتين حتى في النهار أيضاً، ثنتين ثنتين، ولو صلى أربعاً صحت إن شاء الله لكن خلاف السنة، السنة أن يصلي ثنتين ثنتين حتى في النهار؛ لأن في رواية أخرى عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى) ، رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح.
فينبغي للمؤمن ألا يصلي إلا ثنتين ثنتين حتى في النهار، لكن لو سرد خمساً يوتر بها فلا حرج، فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أو سرد سبعاً وأوتر بها لا حرج؛ لأن هذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فهو مستثنى من قوله: (صلاة الليل مثنى مثنى)، وكذا يجوز سرد تسع يوتر بها، لكن يجلس في الثامنة للتشهد الأول ثم يقوم ويأتي بالتاسعة، أما أن يصلي أربعاً في الليل أو ستاً في الليل أو ثماناً في الليل فهذا خلاف للسنة ولا يجوز؛ لأنه عليه السلام قال: (صلاة الليل مثنى مثنى) وهو في الصحيحين ثابت وليس فيه نزاع، فلا يجوز له أن يجمع أربعاً بتسليم واحد، أو ثماناً أو ستاً بتسليم واحد، ولكن يصلي ثنتين ثنتين؛ لأنه عليه السلام قال: (صلاة الليل مثنى مثنى)، أما زيادة: (والنهار) فقد اختلف فيها العلماء، منهم من قال: إنها خطأ كـالنسائي وجماعة، والصواب: أنها ليست خطأ بل هي ثابتة، فينبغي له حتى في النهار أن يصلي ثنتين ثنتين.
الجواب: هذا هو الأفضل قطعها، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)، فتقطعها وتشتغل بالتكبير مع الإمام، والدخول في الصلاة، إلا إذا كنت في آخرها، بعد الركوع في الثانية تكملها لأنه ما بقي صلاة، ما بقي إلا قليل، وأقل الصلاة ركعة، فإذا كنت قد صليت الركعتين وركعت في الركوع الثاني ما بقي إلا السجود أو التحيات، فالأظهر والله أعلم أنه لا حرج عليك أن تكملها لأنه ما بقي إلا جزء من الركعة.
الجواب: لا يجوز أخذه من المسجد، بل يترك في المسجد لينتفع به من كان في المسجد من القراء، يطالعون فيه ويستفيدون منه؛ لأن الواضع الذي وضعه في المسجد أو في مكتبة المسجد قصده نفع الناس، فلا تأخذ المصحف الذي في المسجد ولا الكتاب الذي في المسجد، دعه للقراء في المسجد أو في المكتبة التي في المسجد.
الجواب: العطر لا يفطر الصائم إذا تطيب في ثيابه وفي وجهه، لكن البخور ينبغي توقيه ولا يتسعطه؛ لأن بعض أهل العلم رأى أنه يفطر إذا تسعطه، فينبغي له ألا يتسعط البخور؛ لأن له أجزاء تدخل في الدماغ، وتذهب إلى الجوف، فينبغي له ألا يتسعطه، وإن تسعطه ينبغي له القضاء.
أما جنس الطيب العادي.. المائي يجعل في أنفه أو في لحيته أو في غترته ونحو ذلك، فهذا لا بأس به، دهن العودو دهن الورد لا حرج.
الجواب: ليس بصحيح وهذا غلط، وليس هذا من تغيير خلق الله، هذا من جنس الكحل، ومن جنس الحناء لا حرج فيه، إذا تحنت أو تكحلت أو غسلت وجهها بشيء إما بالصابون أو غيره مما ينظف الوجه، فكل هذا لا حرج فيه، وهكذا البودرة وتحمير الشفاه، كل هذا لا حرج فيه إن شاء الله، ليس هذا من جنس تغيير خلق الله، تغيير خلق الله من جنس الوشم، من جنس الوصل، وأما هذا الممنوع من جنس كبة الشعر .. يسمونها الباروكة، هذا هو الذي فيه المنكر.
أما كونها تجعل في شفتيها شيئاً من الحمرة أو من الديرم، أو كحلاً في عينيها أو ما أشبه ذلك مما يغسل به الوجه كل هذا لا حرج فيه.
الجواب: الملابس يختلف فيها الناس وعرفهم، فلكل أحد عرفه في الملابس، والمرأة الواجب عليها ستر العورة باللباس المعتاد في بلادها، تستر عورتها وتستر شعرها عن الأجنبي ووجهها عن الأجنبي بأي طريق، بالجلباب، بغير ذلك، المقصود أنها تستر وجهها بما جرت به العادة في بلادهم، فلا تكلف المرأة المغربية بملابس المرأة المشرقية وهكذا، على كل واحدة أن تلبس ما اعتاده أهل بلادها وتجتهد في ستر عورتها بأي نوع من الملابس، حتى لا يراها الأجنبي، وليس هناك مشاحة في أنواع الملابس؛ لأنها عرفية، لكل قوم عرفهم في الملابس، وإنما تعتني بستر العورة، وإذا كان عندها أجنبي تستر بدنها.. تستر وجهها.. تستر شعرها، بأي نوع من أنواع الملابس.
الجواب: ليست مسألة التقسيط من جنس الربا، بل للناس أن يتبايعوا بالمداينة بما تراضوا عليه، والتقسيط يختلف، قد تكون أقساطاً كثيرة، تحتاج إلى زيادة في الثمن وقد تكون الزيادة قليلة، فليست المداينة من جنس بيع النقد، ولا حرج في ذلك عند جمهور أهل العلم، بل هو كالإجماع، أنه لا حرج في الزيادة من أجل الأجل، وليس هذا من الربا، لعموم قوله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282] ولم يقل: بسعر الوقت ولا بسعر الحاضر.
وقد جرت عادة المسلمين من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا بأن البيع إلى أجل يكون فيه الزيادة، فإذا كانت السلعة تساوي مائة باعها بمائة وعشرين .. بمائة وثلاثين.. مائة وأربعين .. مائة وخمسين، على حسب الآجال، فإذا كان الأجل قريباً صار الربح قليلاً، وإذا كان الأجل طويلاً صار الربح كثيراً والأقساط كثيرة، وقد باع أهل بريرة بريرة بتسع أواق في كل عام أوقية، ولم يسألهم النبي صلى الله عليه وسلم: هل هذا سعرها في الوقت الحاضر أم لا، بل أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على بيعها بالتقسيط، واشترتها عائشة بذلك أيضاً، وأعتقتها ولم يسأل هل بعتموها بسعر الحاضر أم لا، ولم يزل الناس يتبايعون في عهده صلى الله عليه وسلم، ولم يقل لهم: لا تبيعوا إلا بسعر الحاضر، الناس يستدينون والمداينة لا بد يكون فيها زيادة، لولا الزيادة ما باع إلى أجل، كان باع بيعاً معجلاً حتى يأخذ الثمن، لكن من أجل الزيادة أنظره، فالمشتري ينتفع بالسلعة التي اشتراها بثمن مؤجل، والبائع ينتفع بالزيادة التي تحصل له بالمداينة، فلا حرج في ذلك، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، وليس هذا من الربا في شيء.
الجواب: إذا كان ذلك على سبيل السلم، فلا بأس أن يعطيه مائة ريال في عشرين صاع يسلمها له في رمضان.. في شوال، هذا يسمى السلم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال لما قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين قال: (من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم)، فإذا أعطاه مائة ريال في عشرين صاعاً، أو أعطاه ألف ريال في مائة صاع أو أكثر إلى أجل معلوم من الذرة أو من الحنطة أو من الأرز فلا بأس، هذا يسمى السلم ولا يسمى قرضاً، أما إذا أعطاه مائة ريال قرضاً وقال: شرط أنك تعطيني عنها عشرين صاعاً وقت كذا ووقت كذا، فهذا معناه السلم، لكن سوء تعبير، ما هي بقرض.
أما إذا أعطاه قرضاً على أن يعطيه أكثر من مائة في الأجل المعلوم، يعطيه مائة وعشرين ريالاً، مائة وثلاثين ريالاً يزيده هذا ربا ما يصح، لكن بعض الناس قد لا يحسن عبارة السلم، فإذا أعطاه مائة ريال قال: هذه مائة ريال تقضي بها حاجتك الآن، وتعطيني مقابلها في شهر كذا عشرين صاعاً، ثلاثين صاعاً .. من الأرز .. من الحنطة .. من الذرة، هذا يسمى السلم أو تمر كذلك، إذا صار أجلاً معلوماً والمطلوب معلوماً أصواعاً معلومة.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر