أيها الإخوة الأحباب! أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حياكم الله إلى لقاء مبارك يجمعنا بسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.
مع مطلع هذا اللقاء أرحب بسماحة الشيخ أجمل ترحيب، فأهلاً ومرحباً سماحة الشيخ.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
====
السؤال: هذه سائلة للبرنامج أرسلت بمجموعة من الأسئلة، السائلة من الباحة رمزت لاسمها بـ (س. أ. أ) تقول: من الله علينا وأدينا فريضة الحج العام الماضي، ويوم العيد ذهبنا إلى مكة لطواف الإفاضة وقد تأخرنا بها إلى بعد منتصف الليل، حيث أننا فقدنا الوالد لفترة تصل إلى خمس ساعات في الزحام، وعندما وجدناه ركبنا إلى منى لندرك المبيت بمنى، ولكن لشدة الزحام تأخر بنا الباص ودخل حدود منى قبل الفجر بقليل قرب تقريباً ثلث أو ربع ساعة، فهل نكون أدركنا المبيت أم ماذا يجب علينا مأجورين؟
الجواب: نرجو ألا يكون عليكم شيء؛ لأنكم معذورون بالزحام وبفقد الوالد، نرجو ألا حرج عليكم ولا يكون عليكم شيء؛ لأن العذر عذر عظيم، والنبي صلى الله عليه وسلم رخص للسقاة في عدم المبيت ليالي منى، ورخص للرعاة في عدم المبيت للمشقة، فأنتم بهذه الأحداث عليكم مشقة كبيرة أخرتكم عن منى، فأنتم معذورون إن شاء الله.
الجواب: ليس بصحيح، وليس لزمزم سنة، والواجب أن يصلين خلف الرجال في أي مكان من المسجد الحرام، يلتمسن مكاناً خلف الرجال ويصلين فيه ولا يصلين في زمزم، ولا يضايقن الناس، وليس لزمزم صلاة معينة كل هذا باطل لا أصل له.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم وضح الربا وبينه، فإذا بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة أو المطعوم المكيل بالمطعوم المكيل كالرز والحنطة والتمر والملح وأشباه ذلك فلابد من شرطين: التماثل والتقابض وزناً بوزن مثلاً بمثل يداً بيد في الذهب والفضة، وفي التمر والشعير والذرة والحنطة والملح ونحو ذلك لابد كيلاً بكيل مساوي يداً بيد في المجلس قبل التفرق، فإن فعل خلاف ذلك فهو الربا، فإذا باع ذهباً بذهب أرجح منه ربا، أو فضة بفضة أرجح ربا، أو باع صاعاً من التمر بصاع ومد أو صاعين من التمر ربا، أو صاعاً من حنطة بصاعين من الحنطة ربا، أو صاعاً من الشعير بصاعين من الشعير ربا، أو صاعاً من الملح بصاعين من الملح ربا.
لابد من التماثل إذا كان النوع واحداً، صاعاً بصاع، وصاعين بصاعين، إذا كان نوع واحد: تمر تمر، حنطة حنطة، شعير شعير، ملح ملح، ذرة ذرة، أرز، لابد من التماثل والتقابض، صاعاً من الأرز من أي نوع بصاع مثله سواء كيلاً بكيل يداً بيد لا بأس، صاعاً من التمر بصاع من التمر ولو اختلف النوع، صاعاً من التمر بصاع من التمر يداً بيد، يعني: يتقابضا في المجلس لا بأس.
هكذا جنيه بجنيه ذهب ولو اختلفت السكة والعملة إذا كان وزنهما واحداً فلا بأس، إذا كان وزنهما واحداً يداً بيد تقابضا في المجلس فلا بأس.
أو سلعة من الذهب بسلعة من الذهب وزنهما واحد وليس فيهما خلط ذهب محض مع ذهب محض وتقابضا في المجلس فلا بأس، كما بيّن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما إذا اختلف الجنس فلا بأس بالتفاضل، لكن يداً بيد، مثل: جنيه بعشرين درهم.. بأربعمائة درهم.. بمائة درهم يداً بيد لا بأس، وقبض في المجلس، مثل: صاع تمر بصاعين شعير أو صاعين حنطة أو صاعين ملح أو صاعين ذرة يداً بيد لا بأس، ولو كان هذا أكثر من هذا؛ لأن الجنس مختلف، لكن لابد أن يقبض صاع تمر بصاعين من الرز يداً بيد، صاع تمر بصاعين من الذرة يداً بيد، صاع تمر بصاعين من الملح يداً بيد لا بأس.
هكذا العمل الموجودة لما ترك الناس الذهب والفضة وعملوا بالعمل الموجودة الأوراق الموجودة مثل: الذهب والفضة، إذا باع دراهم سعودية بدراهم سعودية مثلاً بمثل يداً بيد، مثل: خمسمائة قطعة واحدة بخمسمائة من ذوات العشرة أو ذوات المائة يداً بيد فلا بأس يداً بيد، قطعة من ذوات المائة الريال السعودي بمائة من ذوات الريال أو من ذوات الخمسة أو من ذوات العشرة يداً بيد فلا بأس؛ لأنها متماثلة ويداً بيد، أو مائة دولار بمائة دولار وإن اختلفت الأحجام مائة دولار بمائة دولار يداً بيد لا بأس.
هكذا مائة دينار أردني بمائة دينار أردني، أو مائة جنيه مصري بمائة جنيه مصري يداً بيد لا بأس.
فإذا اختلفت فلا بأس بالتفاضل، مثل: مائة ريال سعودي بخمسين دولار أمريكي يداً بيد؛ لأنها عملة مختلفة، أو مائة دولار أمريكي بمائتي جنيه مصري يداً بيد لا بأس.
المقصود: إذا اختلفت العملة جاز التفاضل، لكن يداً بيد، أما إن كانت العملة واحدة: ريال سعودي بريال سعودي، فلابد من أمرين: التماثل والتقابض في المجلس.
الجواب: الصواب: لا بأس به، قد صدر قرار من مجلس هيئة كبار العلماء بأنه لا حرج في ذلك، إذا اتفقوا على قرض بينهم كل واحد يأخذ ألفين إذا جاءه الدور أو كل واحد يأخذ ثلاثة أو عشرة لا بأس، سواء الرجال أو النساء؛ لأنه قرض ليس فيه زيادة ولا تفاضل، بل المثل بالمثل.
الجواب: لا حرج في ذلك، أن يذهب معها محرماً لها وهي العاملة وهو لا يعمل كالعكس لو ذهبت معه ويعمل هو وهي ما تعمل، الله أباح العمل للجميع، فإذا تيسر لها عمل كتدريس أو طب وهو لم يتيسر له ذلك فلا بأس أن يسافر معها محرماً لها ومعيناً لها على هذا العمل، والمصلحة لهما جميعاً.
الجواب: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا) وهو حديث صحيح، فالذي ما صام أول الشهر ليس له أن يصوم بعد النصف؛ لهذا الحديث الصحيح، وهكذا لو صام آخر الشهر ليس له ذلك من باب أولى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) الذي له عادة لا بأس، إذا كان عادته يصوم الإثنين والخميس فلا بأس أن يصوم، أو عادته يصوم يوماً ويفطر يوماً لا بأس.
أما أن يبتدئ الصيام بعد النصف من أجل شعبان فهذا لا يجوز، أما لو صام بدءاً من أربعة عشر أو من خمسة عشر أو من ثلاثة عشر فلا بأس، لأنه أكثره؛ لأنه إذا صام كله أو أكثره فلا بأس، أما كونه يفطر النصف الأول ثم يبتدي هذا هو المنهي عنه.
الجواب: على حسب الحاجة إلى ذلك، إذا دعت الحاجة إلى ذلك لمرض بالمرأة أو لأسباب أخرى تبيح لها أخذ موانع الحمل لا بأس، مثل: كونها ترضع وإذا حملت حصل لها ضرر على الرضيع، فالمقصود: أنه إذا كان عذر شرعي إما لكثرة الصبية وتعبها أو لأن الصبي يتضرر بلبنها وهي حامل، أو لمرض بها هي يضرها الحمل بتقرير الأطباء الثقات فلا حرج في ذلك، أما أن تتعاطى موانع الحمل للترفه فلا يجوز، أو لخوف ألا يقوموا بالخدمة أو النفقة هذا سوء ظن لا يصلح.
الجواب: هذا فيه تفصيل: أما كونه يسمع أخبارهم على الإطلاق فلا، يقول الله سبحانه: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى [النمل:80] ، ويقول سبحانه: وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ [فاطر:22] ويقول صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ومن ذلك السماع ينقطع إلا ما جاء به النص، يعني: ما هو مستثنى مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الميت إذا انصرفوا عنه: (إنه ليسمع قرع نعالهم) هذا جاء به النص كونه سمع، وكونه يسمع في قبره الملك إذا سأله: من ربك؟ ما دينك؟ هذا جاء به النص.
أما كونه يسمع أخبارهم في بيوتهم فلا دليل عليه، ولا يسمع ولا يعلم أخبارهم ولا يسمعها.
أما من جاء يسلم عليه هذا فيه خلاف بين أهل العلم وفيه أخبار جاءت فيها ضعف، أنه إذا سلم عليه من يعرفه ردّ الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام، هذا قول له قوة، ومن هذا الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام) هذا قول قوي، إذا سلم عليه من يعرفه في الدنيا كونه ترد عليه روحه حتى يرد السلام قول قوي، ولكن الأحاديث في صحتها نظر؛ إذ فيها ضعف، فيقال: يمكن هذا، الله أعلم، يمكن إن صحت الأخبار؛ لأن الأخبار فيها ضعف.
الجواب: الصواب: أن القراءة لا تصل إلى الأموات، ذكر أبو العباس ابن تيمية شيخ الإسلام رحمه الله أن هذا لا يجوز بلا نزاع، أخذ الأجرة على مجرد القراءة، وأنها لا تصل إلى الموتى؛ لأنه ما قرأ لله إنما قرأ للأجرة، وهكذا لو قرأ بدون أجرة لا تصل لعدم الدليل، فلا يصل إلى الموتى إلا ما جاء به الدليل؛ لأن هذه عبادات توقيفية ليس للرأي فيها مجال، وقد جاءت النصوص دالة على أن الصدقة تنفع الميت، وهكذا الدعاء، هكذا الحج عنه والعمرة، وقضاء دينه، أما كونه يقرأ إنسان له أو يصلي له هذا ما عليه دليل، والأصل: أنه لا يقال بذلك إلا بدليل، وهذا هو الأرجح، أنه لا يشرع لأحد أن يقرأ لأحد من الموتى أو يصلي له أو يصوم له، إلا إذا مات وعليه دين الصوم فإنه ينفع قضاء الدين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) إذا مات وعليه صوم من رمضان ما قضاه أو كفارة وقضاه عنه غيره ينفعه.
أما أن يصلي تطوعاً أو يصوم له تطوعاً أو يقرأ هذا لا دليل عليه، إنما ينتفع الميت بما جاءت به النصوص: بالدعاء، بالصدقة عنه، بالحج عنه، بالعمرة عنه، بقضاء دينه هكذا كله جاءت به السنة، يلحق الميت.
أما إنسان يقرأ له ولده و يثوب له هذا ما عليه دليل، والذي ينبغي تركه.
الجواب: لما جمع الصحابة رضي الله عنهم في عهد عثمان المصحف لم يكتبوا سطر بسم الله بين الأنفال وبين البراءة؛ لأن عثمان وجماعة شكوا هل هي منها أو منفصلة؟ هل الأنفال وبراءة سورة واحدة أو سورتان؛ فلهذا لم يكتبوا سطر بسم الله الرحمن الرحيم بينهما، فإذا بدأ الإنسان التوبة يتعوذ بالله من الشيطان فقط، يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويكفي في أولها قبل أن يقول: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ [التوبة:1] ؛ لقول الله جل وعلا: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل:98].
أما إذا كان متصلاً بأن قرأ الأنفال ثم بدأ ببراءة ما يحتاج أن يتعوذ ولا يقول شيئاً؛ لأنها متصلة القراءة، فرغ من الأنفال ثم شرع في التوبة ليس هناك حاجة إلى بسملة ولا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لأنها لم تشرع فيها التسمية وهو الآن مستمر في القراءة، ليس بمبتدئ، لكن إذا بدأ التلاوة بالتوبة يبدأ بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
الجواب: مكروه، السنة أن يتوضأ، أقل شيء يتوضأ، السنة يتوضأ ثم ينام، (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى أهله يغسل فرجه ويتوضأ ثم ينام)عليه الصلاة والسلام ، وربما اغتسل قبل ذلك، فإذا اغتسل فهو أكمل، وإن نام واغتسل آخر الليل فلا بأس كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أما أن ينام بدون وضوء وبدون غسل هذا مكروه، سأل عمر رضي الله عنه النبي عن ذلك فقال: (توضأ ثم نم) قال: (أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: إذا توضأ فليرقد) وفي لفظ: (توضأ ثم ارقد)
فالمقصود: أنه يشرع للمؤمن إذا فرغ من حاجته أن يتوضأ، يغسل فرجه ويتوضأ وضوء الصلاة ثم ينام، وإذا اغتسل كان ذلك أكمل، والنبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا وهذا، ربما اغتسل قبل أن ينام وربما توضأ ونام ثم اغتسل آخر الليل عليه الصلاة والسلام.
الجواب: كان الإسراء بالجسد والروح جميعاً عليه الصلاة والسلام، أسري بجسده وروحه من مكة إلى الشام ومنها إلى السماء، عرج به إلى السماء حتى جاوز السبع الطباق، حتى جاوز السماء السابعة وانتهى إلى موضع يسمع فيه صريف الأقلام، وكلمه ربه، وفرض عليه الصلوات الخمس سبحانه وتعالى.
فالمقصود أنه أسري بروحه وجسده من مكة إلى الشام ثم عرج به من الشام إلى السماء بروحه وجسده عليه الصلاة والسلام، هذا هو الصواب الذي عليه عامة أهل العلم، والقول بأنه بالروح قول شاذ مخالف للآية الكريمة وللأحاديث الصحيحة.
الجواب: الاحتياط السؤال الكامل عن سيرته وأعماله وجلسائه حتى تكون على بينة، وإلا فالمحافظة على الصلوات علامة خير، لكن قد يكون هناك عنده أشياء أخرى، فإذا سألت عنه سؤالاً تاماً كان ذلك أكمل وأفضل احتياطاً للأمانة التي عندك لهذه البنت أو الأخت أو نحوها؛ لأنها أمانة.
فالواجب عليك أن تحتاط لها، ولا سيما في هذا العصر الذي اختلط فيه الحابل بالنابل، واختلط فيه المسلم بالكفار، والعصاة بالأبرار، فالواجب على الولي أن يحتاط؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) كيف يمكنك أن ترضى دينه وخلقه وأنت ما سألت عنه الأخيار الطيبين؟! مجرد حضوره للصلاة ما يكفي، وإن كان ذلك علامة خير وعلامة هدى ولكن الاحتياط أن تسأل عن سيرته أيضاً.
المقدم: شكر الله لكم -يا سماحة الشيخ- وبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم المسلمين.
أيها الإخوة الأحباب! أجاب عن أسئلتكم سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.
شكر الله لفضيلته على ما بين لنا في هذا اللقاء وشكراً لكم أنتم.
وفي الختام: تقبلوا تحيات الزملاء من الإذاعة الخارجية فهد العثمان ومن هندسة الصوت سعد خميس .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر