إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (534)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أيها الإخوة الأحباب! أيها الإخوة المستمعون الكرام! هذا لقاء طيب مبارك يجمعنا بسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء.

    مع مطلع هذا اللقاء أرحب بسماحة الشيخ عبد العزيز، فأهلاً ومرحباً سماحة الشيخ.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: السائلة التي رمزت لاسمها بـ (س. ل. ع) جمهورية مصر العربية، تذكر في هذه الرسالة، بأنها فتاة تبلغ من العمر الثالثة والعشرين، وتعمل بالسحر والشعوذة، تقول: منذ صغري، وأريد أن أعرف من فضيلتكم بعض الإجابة عن هذا السؤال وهي، السؤال: هل الأموال حرام، والمأكل، والمشرب، والملبس حرام، مع العلم بأنني أصوم وأصلي، وأساعد أبي في عمله، فأبي يعمل في هذه العملية، وهي السحر، والشعوذة، علماً بأنني عندما أحاول أن أبتعد عنه يغضب مني هو ووالدتي، وجهونا في ضوء سؤالنا؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فلا شك أن تعاطي السحر من المنكرات العظيمة، بل من الشرك، إذا عرف أنه يستخدم الجن ويسألهم ويدعي بذلك علم الغيب، وأنه يكون كذا، ويقع كذا، هذا كله من الشرك الأكبر، قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102] فجعلهم كفاراً بتعليم الناس السحر، ثم قال: وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102] يعني: حتى يقول الملكان: إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102] دل على الكفر، فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ [البقرة:102] يعني: اعتاضه مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:102]يعني: من حظ ولا نصيب وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:102-103] دل على أنه ضد التقوى، وضد الإيمان.

    فالواجب على كل حال: الحذر من هذا الأمر، وإذا كان في بلاد إسلامية تحكم بالشريعة وجب أن يحكم فيه شرع الله بأن يقتل هذا الساحر؛ لأن السحرة يقتلون كما كتب عمر إلى عماله في الشام: أن يقتلوا كل ساحر وساحرة. حكم السحرة القتل لكفرهم؛ لأنهم يعبدون الجن ويستعينون بهم في إيذاء الناس وفي ظلم الناس.

    أما الشعوذة تحتاج لتفصيل، لابد أن يعرف ما هي الشعوذة، فإن كان المشعوذ يدعي علم الغيب، يدعي أنه كاهن، وأنه يسرق السمع، فهذا من جنس الساحر، وحكمه حكم الساحر، من ادعى علم الغيب كفر.

    فأما إن كان شعوذة غير هذا، شعوذة بأن يكذب على الناس، يقول: الشيء الذي تطلبونه في المكان الفلاني، وسيارتكم في المحل الفلاني، بعيركم في المحل الفلاني، يكذب عليهم وإلا ما يدعي علم الغيب، ولكن يكذب.. يقول: إنه بعلامات ثم آثار أو غيرها دلت على ذلك، هذا يسمى مشعوذ ولا يجوز في مثل هذا سؤاله ولا إتيانه إذا عرف منه الشعوذة والكذب، لأنه داخل في العرافين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء؛ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) وفي اللفظ الآخر: (من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) عليه الصلاة والسلام، فهذا العراف الذي يدعي أنه يعرف الأمور، ويدعي علم الغيب، يقول: يصير في يوم كذا كذا، يخسف القمر في يوم كذا وهو ما عنده علم بالحساب، بل بزعمه علم الغيب، أو أنه يموت فلان في يوم كذا، أو يصاب بكذا.

    المقصود: العراف الذي يدعي هذا حكمه حكم السحرة، فهو كافر نسأل الله السلامة، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، والقاعدة: كل من ادعى علم الغيب يكون كافراً؛ لأن الله يقول: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65] ويقول سبحانه: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ [الأنعام:59] فهو جل وعلا الذي يعلم الغيب، فمن ادعى علم الغيب كفر، ومن تعاطى السحر كفر؛ لأنه بتعاطيه السحر يعبد الجن ويستعين بهم في حاجاته من ضرر الناس، أو أخذ أموالهم، أو ما أشبه ذلك مما يفعله بسبب دعواه السحر.

    ومثل هذا التنجيم الذي يعبد النجوم ويستعين بالنجوم، ويرى أنه يعلم الغيب بواسطة النجوم، يستتاب فإن تاب وإلا قتل؛ لأن دعوى علم الغيب كفر، سواء من طريق النجوم، أو من طريق الجن، أو من غير ذلك، أو من أي طريق، نسأل الله العافية.

    المقدم: سماحة الشيخ! هذا الموضوع يحتاج إلى بسط في القول، ولكن هناك تساهل الناس في الذهاب إلى السحرة والمشعوذين، ما توجيهكم لهم يا سماحة الشيخ؟

    الشيخ: مثل ما تقدم، الواجب الحذر، فلا يجوز سؤالهم ولا التوجه لهم، لا السحرة، ولا المنجمين، والعرافين، ولا المشعوذين، يجب الحذر من هؤلاء الذين يدعون علم الغيب، سواء بالسحر، أو بالشعوذة، أو بالكهانة، أو بالتنجيم، أو ما أشبه ذلك، يجب الحذر منهم، وألا يصدقوا، وألا يسألوا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من ذلك، حذر من سؤالهم ومن تصديقهم، فيجب الحذر من ذلك، والذي يدعي علم الغيب يكون كافراً كالساحر سواء.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088526192

    عدد مرات الحفظ

    777135170