إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (568)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    فضل الذكر والاستغفار

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أيها الإخوة والأخوات! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله إلى لقاء جديد من برنامج نور على الدرب، ضيف اللقاء هو سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.

    مع مطلع هذا اللقاء نرحب بسماحة الشيخ، فأهلا ومرحبا سماحة الشيخ.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ==== السؤال: سماحة الشيخ! هذا سائل إبراهيم أبو حامد يقول: حدثونا - فضيلة الشيخ- عن فضل الذكر وعن فضل الاستغفار جزاكم الله خيرا؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإن الله جل وعلا شرع لعباده الذكر والاستغفار، وأمرهم بالإكثار من ذكر الله، قال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [الأحزاب:41]، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:42] قال تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [البقرة:152]، وقال جل وعلا: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ [هود:3]، قال: وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:199]، فالمؤمن مأمور بالإكثار من الذكر، والإكثار من الاستغفار لعل الله جل وعلا يضاعف له المثوبة ويغفر له السيئات.

    ويشرع الإكثار من ذلك في أوائل الليل وأوائل النهار، يكثر من ذكر الله في أول النهار وأول الليل، في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قال: سبحان الله وبحمده حين يصبح وحين يمسي مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)، قال عليه الصلاة والسلام لـجويرية لما رآها في مصلاها صباحاً وعاد إليها ضحى قال: (ما زلت بمصلاك؟ قالت: نعم قال: لقد قلت بعدك كلمات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن ثلاث مرات: سبحان الله العظيم وبحمده عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته)، وقال صلى الله عليه وسلم: (أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)، وقال عليه الصلاة والسلام: (الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله)، وقال رجل: (أنا أعرابي يا رسول الله، علمني شيئاً أذكر ربي به، قال: قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم، قال: يا رسول الله! هذا لربي، فما لي؟ قال: قل: اللهم اغفر لي وارزقني وعافني واهدني)، فالمؤمن يدعو ربه، ويستغفر ربه، يكثر من ذكره جل وعلا في الصباح والمساء، يرجو ثوابه ويخشى عقابه سبحانه وتعالى كما قال تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا [طه:130]، وقال سبحانه: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ [الروم:17]، وهكذا في بقية الوقت يكثر من ذكر الله في الليل والنهار ولا يسأم؛ لأن الله يحب أن يذكر سبحانه وتعالى، وقال في الحديث الصحيح عليه الصلاة والسلام: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل)، هذه الكلمات العظيمة من قال عشر مرات: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من قال في يومه مائة مرة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كانت له عدل عشر رقاب -يعني: يعتقها- وكتب الله له مائة حسنة، ومحا عنه مائة سيئة، وكان في حرز من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر من عمله)، وهذا فضل عظيم!.

    وشرع للناس أن يقولوا بعد كل صلاة: (سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ثلاثاً وثلاثين مرة، وتمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، وذكر (أن العبد إذا قال ذلك غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) وهذا فضل عظيم بعد كل صلاة الفريضة، إذا سلم يقول: (أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، مرة أو ثلاث مرات، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ثم يسبح ثلاثة وثلاثين مرة، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ثلاثة وثلاثين مرة)، يقول صلى الله عليه وسلم: (من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين وحمد الله ثلاثاً وثلاثين وكبر الله ثلاثاً وثلاثين، وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)، وهذا فضل عظيم! كونه يسبح ويحمد ويكبر ثلاثاً وثلاثين، هذه تسعة وتسعين ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، مرة واحدة كمال للمائة، هذا فيه فضل عظيم من أسباب المغفرة.

    وإن قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمساً وعشرين مرة صارت مائة، هذا نوع آخر أيضاً، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، بعد كل صلاة مائة مرة، خمسة وعشرين يكون الجميع مائة مرة إذا قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمسة وعشرين مرة كان جميعها مائة مرة، يقول: سبحان الله خمساً وعشرين، والحمد لله خمساً وعشرين، ولا إله إلا الله خمساً وعشرين، والله أكبر خمساً وعشرين، الجميع مائة مرة ولكن أحاديث: (من سبح الله ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)، هذا أصح وأثبت من ذاك الأول.

    فينبغي للمؤمن أن يكثر من هذه الأذكار العظيمة ويقول بعد هذا يقرأ آية الكرسي أيضاً: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255]، بعد كل صلاة .. بعد هذا الذكر ويقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين بعد كل صلاة، وإذا كررها ثلاثاً بعد الفجر في الصباح والمساء كان أفضل ثلاث مرات، بعد المغرب والفجر.

    وبكل حال فالمشروع لكل مؤمن ومؤمنة الإكثار من ذكر الله في جميع الليل والنهار، الإكثار من ذكر الله وتسبيحه وتحميده وتكبيره، والإكثار من الاستغفار، نعم لحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب).

    المقدم: أحسن الله إليك، الله المستعان! جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ.

    1.   

    اللازم على من أخذ مالاً حراماً من أناس ثم تاب وقد ماتوا

    السؤال: هذا سائل من جمهورية مصر العربية يقول: أنا شخص تبت إلى الله توبة نصوحاً، وقد اكتسبت جمعاً من المال من طريق غير شرعي، ويستحيل علي أن أرد هذا المال لأهله؛ لأنهم قد ماتوا، وإذا تصدقت به فما هو موقف المتصدق عليه إذا كان يعلم بأن هذا المال حرام، وهل أخبره بذلك؟ وهل يجوز أن أتصدق بهذا المال على أهلي؟

    الجواب: الواجب عليك أن ترده للورثة، إذا كان له ورثة تعطيهم إياه، أما إذا كان ما له ورثة أو لا تعرفهم ولا تعرف عنوانهم تتصدق به على الفقراء ولا تخبرهم أنه كذا ولا كذا وتبرأ الذمة مع التوبة والحمد لله.

    1.   

    حكم مجالسة الأقارب إذا كانوا يعتقدون أن الأولياء ينفعون ويضرون

    السؤال: هذا السائل (خ. ف. م. ع) يقول: لي سؤال في العقيدة، هناك أشخاص -يا سماحة الشيخ- يعتقدون في الأولياء والصالحين بأنهم ينفعون ويضرون حيث يتبرك بهم البعض من الناس ويذهبون إليهم لقضاء الحاجات، ما حكم مجالسة مثل هؤلاء إذا كانوا أقرباء لي؟ وجهوني في ضوء سؤالي.

    الجواب: من يعتقد في الأولياء أنهم ينفعون أو يضرون فهذا شرك أكبر، وهكذا إذا دعاهم واستغاث بهم؛ ذهب إلى قبورهم واستغاث بهم ونذر لهم، أو ذبح لهم، أو استعان بهم، أو قال: أنا في حسبكم .. أنا في جواركم، كل هذا شرك أكبر؛ لأن الميت قد انقطع عمله، لا ينفع ولا يضر أحدا، والنافع الضار هو الله وحده، وهكذا الحي لا ينفع ولا يضر إلا بإذن الله، فمن اعتقد أن أحد يضر وينفع ولو حياً دون الله صار كفراً أكبر، أما كونه يضر وينفع في الدنيا هذا نعم، قد يضر وينفع لكن بإذن الله وقدره سبحانه وتعالى، أما الميت فلا يضر ولا ينفع قد انقطع عمله، فمن اعتقد أنه يضر وينفع، أو دعاه من دون الله، أو استغاث به، أو نذر له، أو ذبح له، فهذا هو الشرك الأكبر، هذا شرك المشركين .. هذا دين المشركين نعوذ بالله، فـالواجب الحذر من ذلك وتنبيه من يفعل هذا وبيان أن هذا شرك أكبر، وأن هذا من أعظم المنكرات، الشرك هو أعظم الذنوب.

    ولا ينبغي لك أن تجالس هؤلاء إلا على سبيل النصيحة، تمر عليهم تنصحهم تذكرهم .. تعلمهم، هذا واجب، أما اتخاذهم أصحاباً أو تجلس معهم ولا تبين لا، بل يجب البيان والإنكار والتحذير، ولا تتخذهم أصحاباً ولا جلساء إذا أصروا على هذا العمل الخبيث، نسأل الله العافية.

    المقدم: سماحة الشيخ حفظكم الله! كثر في زماننا هذا الشركيات والبدع، ما واجب العلماء والدعاة والمصلحين في بيان العقيدة السليمة؟

    الشيخ: أسباب ذلك اختلاط الناس؛ ولأن الناس اختلطوا بالأسفار إلى الخارج، وقدوم الكفرة من الخارج؛ فاختلاط الناس سبب مشاكل كثيرة والتباس الأمور، فالواجب الحذر والواجب على المؤمن أن يتفقه في الدين ويتبصر حتى يعرف دينه، وحتى لا يغتر بالناس، وحتى لا يقلد من هو على الكفر والضلالة، فيتفقه ويتعلم ويتبصر حتى يدع ما حرم الله عليه، ويؤدي ما أوجب الله عليه، ولا يجوز له مجالسة من أظهر الكفر والضلال أو المعاصي إلا على سبيل الإنكار والتعليم والإرشاد فقط، نسأل الله العافية.

    1.   

    كتب إرشادية تنفع المسلم وتجعله على عقيدة سليمة

    السؤال: سماحة الشيخ حفظكم الله! ما هي الكتب التي ترشدون المسلمين في قراءتها الكتب والوسائل التي تجعل المسلم على عقيدة سليمة وصحيحة؟

    الجواب: أعظمها القرآن العظيم، يتدبر القرآن ففيه الهدى والنور، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، فالواجب على طالب العلم وعلى حامل القرآن أن يتدبره ويتعقله، وإذا كان لا يقرأ يستمع يستفيد من القاري، ومن إذاعة القرآن الكريم؛ حتى يستفيد من كلام الله، فيه الهدى والدعوة إلى مكارم الأخلاق .. إلى توحيد الله والإخلاص له .. إلى المحافظة على الصلاة .. إلى الصدقة .. إلى الإكثار من الذكر -ذكر الله- الإكثار من الاستغفار .. التحذير من المعاصي، القرآن فيه الهدى والنور.

    وهكذا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم يعتني بها .. يحفظ ما تيسر منها .. يسمعها، مثل: رياض الصالحين، الترغيب والترهيب، غيرها من كتب الحديث التي في أيدي المسلمين حتى يستفيد منها، وهكذا يسأل أهل العلم عما أشكل عليه، لا يسكت يسأل أهل العلم، الله يقول: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43]، يسأل العلماء عما أشكل عليه، ثم يعمل بما أوجب الله وينتهي عما حرم الله.

    1.   

    الفرق بين القرض والدين

    السؤال: هل هناك فرق بين الدين والقرض يا سماحة الشيخ؟

    الجواب: القرض من الدين، الدين يعم، ثمن المبيع إذا كان مؤجل دين، والقرض دين، قيمة المتلفات إذا كان في الذمة دين، والأجرة إذا كان في الذمة دين، وهكذا فالقرض من الدين.

    1.   

    رفع القرآن من علامات الساعة الكبرى

    السؤال: هذا سائل أبو عبد الله يقول: يا سماحة الشيخ! هل رفع القرآن من الصدور من علامات الساعة الكبرى؟

    الجواب: نعم، في آخر الزمان بعد طلوع الشمس من مغربها، حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل يرفع القرآن من الصدور ومن الصحف، نسأل الله العافية والسلامة، ولا حول ولا قوة إلا بالله! من آيات الساعة ومن أشراطها القريبة، عند تعطل العمل به، وعند إعراض الناس عنه ولا حول ولا قوة إلا بالله!

    1.   

    معنى حديث: (الاستئذان ثلاث فإن أذن لك وإلا فارجع)

    السؤال: هذا محمد عبد الله من القصيم يقول: لي مجموعة من الأسئلة عن الاستئذان يقول في سؤاله الأول: سماحة الشيخ! قال صلى الله عليه وسلم: (الاستئذان ثلاث فإن أذن لك وإلا فارجع)، هل من وقفة مع هذا الحديث الشريف؟

    الجواب: نعم، لأن المستأذن عليهم قد يكونون مشغولين، فإذا استأذنت ثلاثاً ولم يرد عليك فانصرف حتى لا تعطل نفسك ولا تؤذي أهل البيت، تقول: السلام عليكم. ثم يعيدها مرة ثانية ثم ثالثة فإن لم يرد عليها ترك؛ لئلا يكلفهم أو يؤذيهم، قد يكونون مشغولين، والحديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك خير للمسلمين ومنفعة كبيرة؛ لأن الإلحاح قد يضر أهل البيت.

    1.   

    نصيحة لمن يغضب عند عدم الإذن له بالدخول

    السؤال: سماحة الشيخ! يقول السائل محمد عبد الله : البعض من الناس يغضب ويزعل إذا قلت له: ارجع. مع أن الله تعالى يقول: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ [النور:28]؟

    الجواب: ينبغي له أن لا يغضب؛ لأن أهل البيت قد يكونون مشغولين، فإذا لم يأذنوا أو قالوا: ارجع في وقت آخر. فلا يغضب، هم أعلم بأنفسهم، وإذا سكتوا ولم يجيبوا بعد الاستئذان ثلاثاً يرجع أيضاً؛ لأنهم قد يكونون مشغولين وهو لا يعرف حالهم، فينبغي له أن يحسن الظن بإخوانه ولا يكلفهم وإن صرحوا قالوا: ارجع في وقت آخر فلا بأس.

    1.   

    وقت استئذان الأطفال

    السؤال: في آخر أسئلته يقول يا سماحة الشيخ: سؤالي أيضاً عن الاستئذان: متى يبدأ الأطفال بالاستئذان على والديهم؟

    الجواب: هذا بينه الله في سورة النور في قوله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النور:58]، ثم قال بعده: وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا [النور:59]، فهم في قبل بلوغ الحلم يستأذنون في الأوقات الثلاثة، أما بعد بلوغ الحلم يستأذنون كلما أرادوا الدخول، إذا بلغ الحلم بخمس عشرة سنة أو أنبت الشعر الخشن حول فرجه، أو أمنى خرج منه المني مع الشهوة قد بلغ الحلم حينئذ يستأذن كلما أراد الدخول؛ لأنه قد تكون أمه على غير حالة حسنة، قد تكون زوجته .. قد تكون أختك، المقصود يستأذن عليهم حتى لا يفاجئهم على حالة لا يرضونها، أما إذا كان دون ذلك يستأذن في العورات الثلاث.

    1.   

    الدعاء المستحب عند زيارة المريض

    السؤال: يقول السائل (أحمد . أ. أ) إذا زرت أخاً لي في الله مريض ما هو الدعاء الذي أقوله؟

    الجواب: تدعو له بالشفاء والعافية، تقول: اللهم اشفه .. اللهم عافه .. اللهم اكشف ضره، وجاء في بعض الأحاديث: (أن الرجل إذا زار أخاه فقال: أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات شفاه الله إذا كان لم يحضر أجله)، في سنده بعض المقال لكن إذا دعا بهذا الدعاء طيب، إذا قال سبع مرات: (أسأل الله العظيم رب العرش الكريم -لفلان يسميه الذي يخاطبه- أن يشفيك سبع مرات)، هذا يرجى فيه الخير وأن الله يشفيه إذا كان لم يحضر أجله، وإن كان في سنده مقال، لكن دعاء طيب.

    1.   

    فضل إنظار المعسرين والتجاوز عنهم

    السؤال: هذه السائلة ( مريم . أ. أ) من المدينة النبوية تقول: سماحة الشيخ! هل لكم وقفة عند قصة الرجل الذي كان يتجاوز عن المؤسرين وينظرهم؟

    الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا أحق بذلك منه) سئل يوم القيامة: (هل لك عمل؟ قال: نعم، كنت أنظر المعسرين، وأعفو عنهم، وييسر عن المعسرين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله جل وعلا: أنا أولى بذلك منه، تجاوزوا عن عبدي)، فالذي يتجاوز عن المعسرين، ويحسن إليهم، ويحسن حتى على المؤسرين؛ لأن المؤسر قد تعرض له حاجة، يحتاج إلى إمهال وإلى إنظار، فالذي يتحرى التيسير على المعسرين، ومساعدة المعسرين، والصدقة عليهم وإنظارهم، له أجر عظيم وفضل كبير؛ قد وعده الله بأن يتجاوز عنه، الجزاء من جنس العمل، من أحسن أحسن إليه، ومن تجاوز تجاوز الله عنه، فهو على خير عظيم يرجى له الفضل الكبير.

    1.   

    حكم الدعاء في خطبة الجمعة دعاء طويلاً

    السؤال: الدعاء في الخطبة يوم الجمعة الدعاء الطويل، هل هو وارد -يا فضيلة الشيخ- في خطبة الجمعة؟

    الجواب: ما أذكر شيئاً طويلاً، لكن يدعو بما تيسر، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ سورة ق في الجمعة، فإذا قرأها أو قرأ ما تيسر منها، أو قسمها في الخطبتين، كله حسن إن شاء الله؛ لأن فيها عظة عظيمة سورة ق، وإذا دعا بدعوات مما يسر الله له، المهم أنه يأتي بما شرع الله في الخطبة من الحمد لله، والثناء عليه، والصلاة على رسوله، والشهادتين والوعظ بما يسر الله، يحمد الله، ويثني عليه، ويصلي على نبيه، ويأتي بالشهادتين، ويقرأ ما تيسر من القرآن، ويعظ بكلمات واعظة من آيات أو أحاديث، أو كلمات مناسبة؛ لأن المقصود من الخطبة تذكير الناس ووعظهم وتوجيههم إلى الخير وتحذيرهم من الشر، فيقرأ من الآيات والأحاديث ما يحصل به المطلوب من الوعظ والتذكير ولا يطيل إطالة تشق على الناس، تكون الخطبة وسط ليس فيها إطالة إلا عند الحاجة، إذا كانت هناك حاجة للإطالة في بعض الأحيان فلا بأس عند الحاجة، كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يطول يقول صلى الله عليه وسلم: (إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة، وكان صلى الله عليه وسلم خطبته قصاراً) هذا الغالب عليه قصر، ليس فيها طول ممل، وليس فيها اقتصار مخل، بل وسط، يتحرى فيها ما ينفع الناس عليه الصلاة والسلام، فالخطيب كذلك يتحرى ما ينفع الناس، وإيضاح ما قد يشكل عليهم، وإذا كان هناك بدع ظاهرة أو معاصي ظاهرة نبه عليها وحذر منها.

    1.   

    أمور يجب أن تشمل عليها خطبة الجمعة

    السؤال: ما الأمور -يا سماحة الشيخ حفظكم الله- التي يجب أن تشتمل عليها خطبة الجمعة؟

    الجواب: مثلما تقدم أولاً: حمد الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويأتي بالشهادتين، ثم الموعظة تذكير الناس وعظهم بما يسر الله من الآيات والأحاديث والكلام الطيب، ويقرأ بعض الآيات.

    المقدم: قراءة سَبِّحِ [الأعلى:1] والغاشية -يا شيخ- واردة؟

    الشيخ: سنة مؤكدة، صلاة الجمعة سَبِّحِ [الأعلى:1] والغاشية، أو الجمعة والمنافقين، سورة الجمعة وسورة المنافقين، أو سورة الجمعة مع هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية:1] كلها واردة.

    1.   

    صفة الحج المبرور

    السؤال: هذا سائل من سوريا أبو مراد يقول: كيف يكون الحج المبرور يا سماحة الشيخ؟

    الجواب: مثلما في الحديث، يقول صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)، هذا الحج المبرور، الذي معه التوبة الصادقة ليس معه فسق ولا رفث، هذا الحج المبرور، الذي قد سلم من الإصرار على المعاصي ولم يأت الرفث -وهو الجماع- لم يفسد حجه بالجماع وهو الرفث.

    المقصود: أن الحج المبرور هو الذي يحج وهو غير مصر على السيئات، قد تاب إلى الله منها.

    1.   

    تأثير الرضاع على الصوم في القضاء

    السؤال: هذه سائلة للبرنامج تقول: بأنه في رمضان في عام مضى كانت ترضع طفلها في حالة الصيام هل عليها القضاء؟

    الجواب: إذا كانت أفطرت نعم عليها القضاء، أما إن كانت ما أفطرت كونها ترضع ما يضر إذا كانت صائمة، أما إذا أفطرت من أجل الرضاع عليها القضاء، وإذا تأخر عن رمضان الثاني تقضي مع إطعام مسكين عن كل يوم، أما إذا قضت قبل رمضان فليس لها إلا القضاء وليس عليها إطعام، تقضي الأيام التي عليها والحمد لله، أما إن تأخرت في القضاء من دون عذر حتى جاء رمضان آخر عليها مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع عن كل يوم مع القضاء.

    1.   

    حكم من استتم قائماً ناسياً التشهد الأوسط

    السؤال: هذا السائل من عمان الأردن يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ! ما حكم الصلاة في حالة نسيان الإمام الجلوس للتشهد الأول في الصلاة الرباعية بعد أن اعتدل قائماً للركعة الثالثة، ففتح المصلون على الإمام فنزل إلى التشهد بعد الاعتدال؟

    الجواب: المشروع له بعد الاعتدال أن يمضي وأن يتابعوه ويسجد للسهو، ولكن لو رجع لا يضره إن شاء الله، لو رجع جلسوا معه ويسجدوا للسهو أيضاً، لكن الأفضل إذا استتم قائماً يمضي ويسجد للسهو بعد ذلك سجدتين قبل أن يسلم وهم يتابعونه، لكن لو تذكر بعدما قام ورجع فإنهم يجلسون معه وعليه سجود للسهو، أما لو تذكر عند القيام حال النهوض يلزمه الجلوس حتى يأتي بالتشهد الأول وهم معه كذلك، لكن لو استتم قائماً فهذا هو محل الكراهة عند بعض أهل العلم، وجاء في حديث المغيرة في هذا المعنى ما يدل على أنه إذا استتم قائماً لا يرجع، أما إن شرع في القراءة فليس له الرجوع بل يستمر وعليه السجود للسهو فقط والحمد لله.

    1.   

    حكم جمع الصلوات جمع تقديم في المطر

    السؤال: هذا السائل يقول: سؤالي عن حكم جمع الصلوات جمع تقديم في المطر، وما الضابط في ذلك مأجورين؟

    الجواب: إذا كان المطر يشق على الناس أو الطرق فيها زلق وطين دحض فإنه يجمع جمع تقديم في المغرب والعشاء، وهكذا الظهر والعصر على الصحيح لو كانت الطرقات فيها مضرة على المصلين من شدة المطر فإنه يجمع أيضاً على الصحيح جمع تقديم؛ لأن الله جل وعلا قال: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78]، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم (أنه كان يجمع في الحضر من غير خوف ولا مطر ولا سفر)، ثم ترك ذلك عليه الصلاة والسلام؛ فصار الجمع إنما هو للعذر، وجمع الصحابة للعذر رضي الله عنهم وأرضاهم للمطر والدحض يعني: الزلق.

    1.   

    دعوى أن كل ما جاء في السنة النبوية فهو سنة وليس بواجب

    السؤال: السائل (ن. س. القحطاني ) يقول في سؤاله: يقول البعض من الناس بأن الواجب موجود فقط في القرآن، وأن ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم سنة فقط ليست إلزامية، ماذا نرد عليهم يا سماحة الشيخ؟

    الجواب: الوجوب والسنة تؤخذ من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ومن كلام الله جل وعلا؛ لأن الله يقول: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، ويقول جل وعلا: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80]، ويقول: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [المائدة:92]، فما أوجبه الرسول صلى الله عليه وسلم وإن لم يأت في القرآن وجب الأخذ به، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يجمع بين المرأة وعمتها)، هذا ما هو في القرآن (لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها)، قد أجمع المسلمون على هذا، الذي في القرآن: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ [النساء:23]، فجاءت السنة بالنهي عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، وأجمع المسلمون على ذلك، وهكذا كل ما جاء في السنة الصحيحة وجب الأخذ به وإن لم يذكر في القرآن الكريم.

    هكذا تحريم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، هذا لم يأت في القرآن جاءت به السنة، تحريم السباع كالأسد والنمر والكلب ونحو ذلك، وتحريم كل ذي مخلب من الطير كالعقاب والباز والصقر، هذه جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    المقدم: شكر الله لكم يا سماحة الشيخ، وبارك الله فيكم وفي علمكم، ونفع بكم المسلمين.

    أيها الإخوة المستمعون الكرام! أجاب عن أسئلتكم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.

    في ختام هذا اللقاء نشكر سماحة الشيخ على تفضله بإجابة السادة المستمعين، وفي الختام تقبلوا تحيات الزملاء من الإذاعة الخارجية فهد العثمان ومن هندسة الصوت سعد عبد العزيز خميس، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767952731