مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج (نور على الدرب).
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: بارك الله فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: نعود في بداية هذه الحلقة إلى رسالة المستمع رياض قدري من جدة، أخونا عرضنا جزءاً من أسئلته في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة يسأل ويقول: هل تجوز الكفارة عن حلف اليمين بالله بدفع مبلغ من المال لشخص أو أكثر من فقراء المسلمين، بدلاً من إطعام عشرة مساكين، وما قيمة هذا المبلغ؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فكفارة اليمين قد نص الله عليها في كتابه الكريم، فليس لأحد أن يخالف نص كتاب الله عز وجل، يقول الله سبحانه: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89].. الآية، فالله عز وجل أوضح الكفارة، وبينها ونوعها؛ فليس لأحد أن يخالف ذلك، فلا يجزي أن تقدم لمسكين طعاماً أو نقوداً أو غير ذلك، بل لا بد من عشرة، كما نص الله على ذلك، عشرة فقراء يعطون طعاماً قدره نصف صاع لكل واحد، كيلو ونصف تقريباً، من قوت البلد، من تمر أو رز أو حنطة أو غير ذلك من قوت البلد، أو يدعون لطعام الغداء أو العشاء مجتمعين أو متفرقين حتى تكمل العشرة، أو تكسوهم كسوة لكل واحد ما يكفيه في الصلاة، كإزار ورداء أو قميص، أو تعتق رقبة مؤمنة، فإن لم تستطع هذه كلها؛ فعليك أن تصوم ثلاثة أيام.
هذه هي الكفارة التي نص الله عليها جل وعلا، وليس لأحد أن يخالف ذلك، ولو أطعمهم مفرقين على خمسة اليوم وخمسة غداً، أربعة اليوم وستة غداً، ثلاثة اليوم وثلاثة غداً وثلاثة بعد غد، أو أربعة، كل هذا لا بأس به، ليس من شرط هذا أن يجتمعوا، ولو فرق ذلك بين بيتين أو ثلاثة، بيت فيه أربعة، وبيت فيه أربعة، وبيت فيه اثنان لا بأس، الحاصل أنه لابد من عشرة في الطعام والكسوة.
الجواب: هذه مسألة اختلف فيها العلماء رحمة الله عليهم، منهم من أوجب فيها الزكاة؛ لعموم الأدلة، ولأدلة خاصة، ومنهم من قال: إنها لا تجب؛ لأنها مستعملة.
والصواب أنها تجب الزكاة في الحلي إذا بلغ النصاب ولو أنه مستعمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار؛ فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره).. الحديث.
ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه جاءته امرأة وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب -يعني: سوارين من ذهب- فقال: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا. قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار، فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله).
فالمقصود أن الحلي داخلة في عموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة، ومن هذا ما في حديث أم سلمة أنها قالت: (يا رسول الله! -كانت تلبس أوضاحاً من ذهب، فقالت: يا رسول الله! أكنز هذا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز)، ولم يقل لها: ليس في الحلي زكاة.
أما حديث: (ليس في الحلي زكاة)، فهو حديث لا يصح عن النبي عليه الصلاة والسلام.
والخلاصة: أن الصحيح من قولي العلماء أن في الحلي -الذهب والفضة- زكاة إذا بلغت النصاب، والنصاب عشرون مثقالاً، ومقدار ذلك بالجنيه السعودي: أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع جنيهاً، يعني: أحد عشر جنيهاً ونصف؛ لأن الفرق يسير، ومن الفضة: مائة وأربعون مثقالاً، ومقدار ذلك بالفضة بالريال السعودي: ستة وخمسون ريالاً من الفضة، وما يعادلها من العمل، فإذا بلغت الحلي هذا المقدار؛ وجب على صاحبتها الزكاة إذا حال عليها الحول، والواجب ربع العشر، فإذا كانت الحلي تبلغ عشرة آلاف؛ ففيها مائتان وخمسون ربع العشر، وإذا كانت تبلغ عشرين ألفاً؛ ففيها خمسمائة ربع العشر، وهكذا، وذلك يزيدها خيراً ويبرئ ذمتها.
الجواب: إذا كنت حين أحرمت من الميقات لبيت بالعمرة والحج جميعاً، أو بالعمرة ثم لبيت بالحج بعدها؛ فعليك أن تصوم هذه الأيام، إلا إذا استطعت الهدي شاة، يعني: وهو شاة من الغنم: جذع ضأن أو ثني من المعز، توكل من يذبحه في مكة في الحرم الشريف للفقراء؛ فإن ذلك هو الواجب عليك الهدي، فإذا كنت عاجزاً ما تستطيع رأساً من الغنم يذبح في مكة، ولا سبع بدنة، ولا سبع بقرة يذبح في مكة؛ فإنك تصوم عشرة أيام في بلدك، ويكفيك ذلك.
أما إن كنت إنما لبيت بالحج، أحرمت بالحج فقط مفرداً؛ فليس عليك لا صيام ولا هدي؛ لأن الهدي إنما يجب على من تمتع بالعمرة إلى الحج، فأما المفرد الذي لم يحرم إلا بالحج فقط، فإنه لا شيء عليه عند جميع أهل العلم.
المقدم: جزاكم الله خيرا، إذاً الصيام ليس على كل حاج والحالة هذه.
الشيخ: على من أحرم بالعمرة والحج جميعاً، أو بالعمرة ثم أدخل عليها الحج، أو بالعمرة وحل منها ثم أحرم بالحج، يعني: المتمتع والقارن.
الذي أحرم بالعمرة من الميقات ثم حل منها وأحرم بالحج في عامه في أشهر الحج، أو أحرم بهما جميعاً، أو أحرم بعمرة وحدها ثم في أثناء الطريق لبى بالحج معها، هذا يسمى قارناً، والذي حل منها وتمتع بها، ثم أحرم بالحج في وقته في اليوم الثامن مثلاً؛ هذا يسميه العلماء متمتعاً، هؤلاء هم الذين عليهم الهدي، الذي أحرم بالعمرة مع الحج جميعاً، أو بالعمرة ثم أدخل عليها الحج، أو بالعمرة طاف وسعى وقصر بعد رمضان وحل منها، ثم أحرم بالحج في سنته، هذا هو الذي يسمى متمتعاً حتى القارن يسمى متمتعاً، هذا هو الذي عليه الهدي، وهو رأس من الغنم: إما جذع الضأن، أو ثني من المعز، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة يذبح في مكة في الحرم الشريف، ويوزع على فقراء الحرم.
إذاً الصيام ليس في كل حال من الأحوال، الصيام على المتمتع والقارن إذا عجزا عن الهدي.
الجواب: لا نعلم بأساً في ذلك، إذا اغتسل من الجنابة أو يوم الجمعة، لا نعلم.. لكن السنة والأفضل أن يبتدي بالوضوء في غسل الجنابة، يتوضأ، ثم يغتسل للجنابة ويكفيه الوضوء الأول، كان النبي يتوضأ أولاً عليه الصلاة والسلام، يعني: يستنجي ويغسل ما أصاب فرجه وما حوله، ثم يتوضأ وضوء الصلاة ثم يغتسل، حتى إذا انتهى من الغسل انتهى من كل شيء، ليس عليه وضوء بعد ذلك، إلا إن أحدث بأن مس فرجه، أو خرج منه ريح؛ فإنه يعيد الوضوء، أما إذا كان اغتسل ولم يمس فرجه ولم يحدث؛ فإن وضوءه الأول كافي.
أما غسل الجمعة، فإنه إن شاء توضأ قبله وإن شاء توضأ بعده، لا يكفي الغسل وحده، بل لا بد من وضوء إما قبله وإما بعده، وإذا توضأ قبله وبعده وهو عريان فلا حرج في ذلك؛ لأنه تجرد ليغتسل، فإذا توضأ قبل الغسل أو بعد الغسل وهو لم يلبس الثياب في غسل الجنابة أو في غسل الجمعة أو نحوه فلا بأس إن شاء الله ولا حرج.
في سؤاله الأول يقول: الرسول صلى الله عليه وسلم حرم علينا لبس الثوب الطويل، وأن يكون فوق الكعبين، هل لبس البنطلون ينطبق عليه الحكم، وهل هناك حديث يفيد بتقصير الثوب حتى نصف الساق؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب: نعم، صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أزرة المؤمن إلى نصف ساقه، ولا حرج عليه أن ينزل إلى الكعب، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار)، وهذا يعم جميع الملابس، يعم البنطلون ويعم الإزار ويعم السراويل ويعم القميص ويعم البشت، ويعم غير ذلك من الملابس، الواجب على المؤمن الرجل أن تكون ملابسه إلى حد الكعب، لا تنزل عن الكعب، أما المرأة فالسنة لها أن ترخي ثيابها حتى تستر قدميها، إلا أن يكون عليها جوربان في رجليها فلا بأس، لا بأس أن تظهر الرجل إذا كان عليها الجوارب.
المقصود أن الرجل ليس له أن يرخي تحت الكعب، الحد الكعب، من أي ملبس كان: إزاراً أو قميصاً أو سراويل أو بشتاً أو غير ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الإسبال، وشدد فيه عليه الصلاة والسلام، وإذا كان عن تكبر؛ صار الإثم أعظم، إذا كان الإرخاء للتكبر والتعاظم والخيلاء؛ صار الذنب أعظم، كما قال عليه الصلاة والسلام: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة).
فالواجب على المؤمن أن يتحرى السنة في ذلك، وأن يحذر ملابس المتكبرين، وأن يبتعد عن أن يظن به هذا الشر، فيرفع ثيابه إلى نصف الساق فأقل، النصف فأقل إلى الكعب، هذا هو المشروع، وإذا كان في بيئة تعيبه بذلك، ويتأذى بذلك فلا حاجة إلى أن يرفع إلى نصف الساق، الحمد لله عنده رخصة، يرخي إلى الكعب والحمد لله، ويستريح من الأذى ولا بأس؛ لأنها سنة مستحبة، المحرم أن ينزل عن الكعب، هذا هو المحرم، أما من الكعب إلى النصف، هذا كله موسع فيه والحمد لله.
الجواب: ليس للمؤمن أن يتشبه بالنساء لا في الحناء ولا في غيرها، ولو كان عادة، ليس له أن يفعل ما يكون فيه متشبهاً بالنساء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم (لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال)، أما الكحل فلا بأس، مشروع للجميع، للرجال والنساء، كونه يكحل عينيه لا بأس، الكحل طيب ونافع، وقد كان النبي يكتحل عليه الصلاة والسلام فلا بأس بذلك.
الجواب: لا حرج عليك في ذلك أن تودع أموالك في البنوك خوفاً عليها، وهذه مسألة ضرورة، فإذا احتجت إلى ذلك فلا حرج بدون فائدة، أما إذا تيسر إيداعها في بنوك إسلامية تشجع البنوك الإسلامية، وتعينها على مهمتها؛ فإن ذلك أولى وأحق، فالبنوك الإسلامية يجب أن تشجع ويجب أن تعان، وإذا وقع منها زلة أو خطأ تنبه على خطئها وتصلح أخطاؤها؛ حتى تكون منافسة للبنوك الربوية، وحتى يعتاض المسلمون بها عن البنوك الربوية، ففي إمكانك أن تودعها في البنوك الإسلامية وتأخذ فائدة شرعية في المعاملة في المضاربة، أما الفائدة المعينة كعشرة في المائة أو خمسة في المائة فهذه لا تجوز، لا في البنوك الإسلامية ولا في البنوك الربوية، ممنوعة في جميع الأحوال، فليس لأحد أن يأخذ فائدة معينة، لا في البنك الإسلامي، ولا من التاجر المعين، ولا في بنك ربوي، ولا في غير ذلك.
الفوائد المعينة: كأن تدفع إلى البنك الإسلامي، أو البنك الربوي، أو إلى التاجر المعين مائة ألف على أن يعطيك كل شهر أو كل سنة فائدة معينة، عشرة في المائة، خمسة في المائة؛ هذا لا يجوز، هذا من الربا.
لكن البنوك الإسلامية تستطيع أن تتصرف في المال بالطرق الإسلامية، المضاربة، وشراء حاجات تبيعها بفائدة، وتجمع الأرباح، وتعطي صاحب المال نصيبه من الربح الذي اتفقا عليه، وهو مثلاً نصف الربح.. ثلث الربح.. خمس الربح، على ما اتفقت عليه البنوك الإسلامية مع صاحب المال.
فالحاصل: أنه لا حرج في إيداع المال في البنوك الربوية بدون فائدة للضرورة والخوف عليه، لكن إذا وجدت مندوحة عن ذلك بأن تودع مالك عند تاجر لا خطر عنده، أو عند بنوك إسلامية بدون فائدة، أو على أن تعمل فيها البنوك الإسلامية بالعمل الشرعي والمرابحة الشرعية فهذا كله هو الواجب عليك؛ لئلا تشجع الربا وأهل الربا.
في سؤالها الأول تقول: هل تغطية الرأس واليدين والقدمين واجبة عند سجود التلاوة؟
الجواب: ليست واجبة؛ لأن سجود التلاوة ليست صلاة، بل هي خضوع لله وذل بين يديه، كالقراءة والذكر ونحو ذلك، هذا هو الصواب، وقال بعض أهل العلم: إنها كالصلاة، لا بد من طهارة ولا بد من ستر عورة، فإذا سجدت المرأة بتستر كان هذا أفضل وأولى خروجاً من خلاف العلماء، وهكذا إذا كانت على طهارة، كالرجل سواء، ولكن لا يجب هذا، لو سجدت ورأسها مكشوف، أو وهي على غير وضوء؛ فالسجود صحيح على الصحيح، ولا حرج في ذلك، كالرجل، فإن سجود التلاوة يمر على الإنسان وهو يقرأ القرآن عن ظهر قلب وهو على غير طهارة.
ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بذلك، وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه ما يدل على أنه ليس بشرط، وأنه لا مانع من السجود على غير طهارة.
فالحاصل: أن سجود التلاوة وسجود الشكر لا يشترط لهما الطهارة، فلو بشر بولد له أو بفتح إسلامي، أو بأمر يسر ينفع المسلمين؛ فسجد شكراً لله، فلا بأس ولو كان على غير طهارة، ولما بلغ الصديق رضي الله عنه مقتل مسيلمة الكذاب سجد لله شكراً.
فالحاصل: أن سجود التلاوة وسجود الشكر لا يشترط لهما الطهارة، ولا السترة التي تشترط في الصلاة، بل الأمر فيهما أوسع والحمد لله، هذا هو الصواب.
الجواب: لا بأس ولا حرج في ذلك، فمن لبس الخفين أو الجوربين إن شاء أبقاهما يوماً وليلة وهو مقيم غير مسافر، وإن شاء خلعهما متى شاء، ولو لم يصل فيهما إلا مرة واحدة، لكن له رخصة أن تبقى عليه أربعة وعشرين ساعة بعد المسح، بعد الحدث والمسح أربعة وعشرين ساعة يوم وليلة، والمسافر له ثلاثة أيام، يعني: اثنتين وسبعين ساعة ثلاثة أيام بلياليها، بعد الحدث والمسح، فالحاصل أنه لا بأس أن يمسح عليها وقتاً أو وقتين ثم يخلع، لا حرج في ذلك.
الجواب: نعم، أولاً: لا بد من طهارة، أن يلبسهما على طهارة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد المغيرة أن ينزع خفيه قال: (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)، فإذا أراد أن يمسح، فليلبسهما على طهارة، رجلاً كان أو امرأة، مسافراً أو مقيماً.
ثانياً: لا بد من أن يكونا ساترين، الخفين أو الجوربين لا بد أن يكونا ساترين صفيقين، ويسمح بالخروق اليسيرة على الصحيح، إذا كانت خروق يسيرة عرفاً يعفى عنها على الصحيح.
والثالث: أن يكون المسح في المدة المعينة، يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، لا يمسح في أكثر من ذلك.
فإذا توافرت هذه الشروط؛ فالمؤمن يمسح على الخفين والجوربين، والمرأة كذلك.
الجواب: هذا لا يصح، لابد يكون المسح على الجورب، فإذا مسح على النعل مع الجورب، وخلع النعل؛ يخلع الجورب، انتهى الوضوء.. بطل الوضوء، فإذا مسح عليهما جميعاً يبطل الوضوء بخلع أحدهما، أما إذا خص المسح بالجورب، ثم لبس الكندرة أو النعل؛ فلا يضر ذلك إذا خلعها لا بأس، يكون الحكم للجورب، وإذا خلع النعل أو الكندرة التي على الجورب؛ لا يضر، أما إذا مسح عليهما جميعاً، فالحكم يتعلق بهما جميعاً، إذا خلع واحداً خلع الآخر وبطل الوضوء.
ومما ينبغي التنبه له: أن المسح على ظاهر القدم فقط، ظاهر القدم لا يحتاج إلى العقب، ولا أسفل الخف، متى مسح على ظاهر قدميه كفى، كان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر الخفين فقط، على ظاهر القدم، فلا يجب مسح العقب ولا مسح الأسفل، إنما السنة مسح الظاهر فقط، مثلما قال علي رضي الله عنه: لو كان الدين بالرأي؛ لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت النبي يمسح على ظاهر خفيه، عليه الصلاة والسلام، فالحاصل: أن هذا هو محل المسح، ظاهر الخف وظاهر الجورب.
وهنا مسألة أيضاً قد تخفى وهي مسألة الجبيرة، إذا كان الإنسان عليه جبيرة في قدمه أو في ذراعه أو في وجهه لجرح؛ فإنه يمسح عليها، وليس لها وقت معين، ما دامت موجودة يمسح، ولو طالت المدة حتى يشفى مما تحتها ويزيلها، وليس لهذا حد محدود إلا العافية، ويمسح عليها كلها على الجبيرة كلها، ولو كانت وضعت على غير طهارة، لو جرح مثلاً في يده أو في رجله وهو على غير وضوء، ثم وضع الجبيرة عليه، أو وضع الطبيب عليه الجبيرة؛ فإنه يمسح مطلقاً على الراجح، ولو كان وضعها حين وضعها على غير وضوء.
وهكذا في غسل الجنابة، إذا كان في ظهره لزقة أو في جنبه أو جبيرة فإنه يمر عليها الماء ويكفي عند الغسل، ولا حاجة إلى أن يزيلها، بل متى مرر عليها الماء كفى، حتى يعافيه الله،
فهو يمسح عليها في الوضوء، ويمر عليها الماء في الغسل.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: اللهم آمين.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر