مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
الشيخ: ما شاء الله.
====السؤال: أولى أسئلة هذه الحلقة بقية أسئلة أحد السادة المستمعين الذين بعثوا إلى هذا البرنامج، هذا المستمع بعث بعشرة أسئلة عرضنا أربعة منها في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة بقي له عدد آخر فيسأل ويقول: لظروف عملي أسافر يوم الجمعة قبل أذان الظهر أو بعد الأذان وأقوم بصلاة الظهر والعصر جمع تقديم وقصر في نفس الوقت هل هذا جائز، وهل يجوز لي التأخير، علماً بأن هذا يحدث في كل شهر مرة؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فإذا كان السفر قبل الأذان -قبل زوال الشمس- فلا حرج إن شاء الله، والأفضل لك عدم السفر حتى تصلي الجمعة هذا هو الأفضل لك، لكن إن سافرت قبل دخول الوقت فلا حرج عليك في ذلك، ولا حرج في الجمع ما دام السفر سفر قصر كالسفر إلى الخرج أو مكة أو الحوطة وغير ذلك المقصود مسافة ثمانين كيلو تقريباً، يعني: يوم وليلة للمطية سابقاً وهي الآن بالكيلو سبعون كيلو ثمانون كيلو ما يقارب هذه المسافة تعد سفراً، لكن ينبغي لك -يا أخي- أن تحرص على حضور الجمعة لما فيها من الخير العظيم والفائدة الكبيرة، ولئلا تتخذ هذا عادة فيقسو القلب ويقل الاعتناء بهذا الأمر، فأنصحك أن تجاهد نفسك حتى تصلي الجمعة ثم تسافر، لكن لا يلزمك ذلك إذا كان السفر قبل وقت الجمعة، قبل الزوال.
المقدم: جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ! يقول: إنه يفعل هذا في كل شهر مرة؟
الشيخ: سواء في الشهر مرة أو في الشهرين الحكم واحد.
الجواب: إذا صليت العشاء مع المغرب جمع تقديم فإنك تصلي سنة المغرب وسنة العشاء بعد ذلك وتصلي الوتر بعد ذلك ولو في وقت المغرب؛ لأن العشاء متى قدمت دخل وقت الوتر وسنة العشاء ولو كانت مجموعة مع المغرب جمع تقديم، وهكذا الظهر والعصر إذا جمعا وأنت مقيم للمطر أو للمرض تصلي سنة الظهر، وليس في هذا قضاء؛ لأن صلاة العصر ليس بعدها صلاة؛ لأنها وقت نهي، إذا جمعت الظهر مع العصر فإنها تسقط حينئذ راتبة الظهر البعدية التي بعدها؛ لأن الأفضل أن تضم إليها العصر قبل أن تصلي الراتبة، فحينئذ تسقط الراتبة البعدية في الظهر عند الجمع في حال المرض والمطر ونحو ذلك وتصلي الراتبة القبلية وهي أربع قبل الظهر وتصلي العصر بعد الظهر متصلة من دون حاجز من دون فصل براتبة الظهر البعدية، أما المغرب والعشاء فإنهما تقعان في غير وقت نهي، فلهذا إذا صليت العشاء تصلي سنة المغرب ركعتين وتصلي بعدها سنة العشاء ركعتين وإذا أردت الوتر أوترت أو أجلت ذلك إلى وسط الليل أو آخر الليل، الأمر في هذا واسع والحمد لله.
الجواب: لا نعلم لهذا أصلاً، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل يقصد المنبر مباشرة، ولا يصلي تحية المسجد.
الجواب: السنة ركعتان تسده وتكفيه عن تحية المسجد وعن الراتبة، بعض الناس يظن أنه يجمع بين الأمرين يصلي تحية المسجد ثم يصلي الراتبة وهذا لا حاجة إليه؛ لأن في الحديث: (لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر) ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد طلوع الفجر إلا ركعتين وهي سنة الفجر.
فالسنة لمن دخل المسجد وهو لم يصل الراتبة فإنه يصلي ركعتين بنية الراتبة وإن نوى مع ذلك سنة التحية كله حسن، تكفيه ركعتان السنة الراتبة وتقوم مقام تحية المسجد، وإذا نواهما جميعاً نوى التحية مع الراتبة فلا حرج في ذلك.
وهل يجوز أن يستعيذ من الشيطان الرجيم أثناء الصلاة؟
وهل يجوز للمصلي أن يقول: سبحانه، أو سبحان الله إذا مر به بعض الآيات وفيها تعظيم لله؟
الجواب: السنة للمؤمن في مثل هذه المسائل أن يفعل ما شرعه الله عز وجل من العناية بخشوع وتدبر لما يقرأ وإذا عرض له عارض في صلاته بأن مر بآية تسبيح أو آية رجاء أو آية خوف فسبح أو سأل فلا بأس، لكن مشروع هذا في صلاة الليل هذا هو المشروع، كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله في صلاة الليل، ولم يحفظ عنه أنه فعله في صلاة الفريضة، ولو فعله الإنسان لا شيء عليه صلاته صحيحة، ولكن الأفضل ترك ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يفعله إلا في تهجده بالليل، كان يستمر في قراءته عليه الصلاة والسلام في الفجر والمغرب والعشاء والناس يسمعونه ما يقف يسبح أو يدعو، لم ينقل هذا فيما نعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا في تهجده بالليل.
فالأفضل في هذا ألا يقف عند آية التسبيح ولا عند آية الوعيد ولا عند آية الوعد بل يستمر في الفريضة، أما في التهجد في الليل أو في النوافل فالأمر واسع الحمد لله.
الجواب: تزوج المرأة بعد خروجها من العدة -عدة وفاة زوجها المتوفى- أمر مطلوب، والذين ينكرون عليها ذلك قد غلطوا غلطاً فاحشاً، وهكذا ذمهم لها أو عيبهم لها أو تنكيتهم في ذلك كل هذا غلط، بل ينبغي تشجيع النساء على الزواج؛ لأن الزواج فيه خير لهن وذلك من أسباب غض البصر وحفظ الفروج، ومن أسباب المزيد من الذرية حتى ولو كانت كبيرة لا تنتج فإن السنة لها الزواج إذا تيسر الزواج لما فيه من الخير والتعاون على الخير وغض البصر وكف السمعة السيئة والتعرض للأخطار، فالذين يلومون المرأة التي تتزوج بعد وفاة زوجها قد غلطوا وأعانوا على الباطل، فلا ينبغي الالتفات إليهم ولا التعريج على قولهم، بل يجب عليهم أن يستغفروا الله وأن يتوبوا مما فعلوا.
الجواب: ليس للأب أن يوزع ماله على أولاده الذكور دون الإناث، أو يفضل الذكور على الإناث من غير التفضيل الشرعي، بل يجب عليه أن يعدل في قسمة ماله كقسمة التركة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)فقد جاءه بشير بن سعد الأنصاري رضي الله عنه وذكر له أنه وهب ابنه النعمان غلاماً فقال: (أكل ولدك أعطيتهم مثل هذا؟ قال: لا. قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، وقال: لا تشهدني على هذا فإني لا أشهد على جور، وقال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: نعم، قال: فلا إذاً) هذا يدل على أنه إذا حاف ولم يعدل جرهم إلى التقاطع كما وقع في هذا السؤال، جرهم إلى التقاطع والتصارم والبغضاء بينهم وهذا لا يجوز.
الواجب على الأب أن يتقي الله وأن يعدل بينهم إذا قسم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11] كقسمة الميراث، هذا هو الأرجح، وقال بعض أهل العلم: إنه يسوي بينهم سواء سواء، الذكر والأنثى سواء ولم يجعله كالميراث، ولكن الصواب أن القسمة الشرعية كالميراث؛ لأن الله جل وعلا قسم بينهم أموال آبائهم إذا ماتوا هكذا: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11].
فإذا قسم الرجل ماله بينهم على قسمة الله للذكر مثل حظ الأنثيين فلا حرج في ذلك، ولكن الأولى ألا يقسم بينهم ويتمتع بماله حتى لا يحتاج إليهم بعد ذلك، يبقي ماله عنده أو على الأقل يبقي شيئاً من ماله ينفعه، يتصدق منه، ينفقه في حاجاته؛ لأنه إذا قسمه بينهم قد يضطر إلى الحاجة إليهم، وقد لا يقوموا بالواجب، وقد ينفقون الأموال ويضيعونها، فنصيحتي لكل إنسان ألا يحرص على قسم أمواله بين أولاده، وألا يعجل، ولو ظن فيهم الخير ولو ظن أنهم سوف يبرونه.
ينبغي له أن يحتاط فلا يعجل، بل يترك ذلك بعد وفاته على قسمة الله فيتصرف في ماله وينفق في وجوه البر ويحسن إلى المسلمين والفقراء والمحاويج حتى لا يضطر إلى رحمتهم والحاجة إليهم، لكن إذا أعطاهم بعض الشيء من ماله شيء لا يضره، أعطاهم بعض المال وعدل بينهم ولو أن البنات متزوجات يعدل بينهم لابد، إذا أعطى الرجل ألفاً يعطي البنت خمسمائة، وإذا عطا الرجل ألفين يعطي البنت ألفاً وهكذا في عطيته يعدل بينهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) هذا هو الواجب.
الجواب: الصلاة في المساجد التي فيها القبور لا تجوز، بل هي باطلة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها قاله في مرض موته عليه الصلاة والسلام، في آخر حياته، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) خرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، فلا يجوز للمسلم أن يقيم مسجداً على قبر أو يدفن في المساجد، أو يصلي في المساجد التي فيها القبور، بل يجب التواصي بترك ذلك والتناصح، ويجب على ولاة الأمور في أي بلد إسلامي يجب على ولاة الأمور أن يمنعوا ذلك فلا يدفن في المساجد أموات ولا تبنى المساجد على القبور لا هذا ولا هذا، يجب أن تكون المقابر على حدة والمساجد على حدة، ولا يقبر فيها لا من يسمى ولي ولا غيره، والولي هو المؤمن، ولي الله هو المؤمن فلا يدفن فيها لا مسلم ولا غيره، بل تكون المساجد خالية من القبور وهذا هو الواجب الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم.
والعلة في ذلك والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم أن وجود القبور في المساجد من وسائل عبادتها من دون الله، إذا بنيت المساجد على القبور كان هذا من وسائل الغلو في الميت، ودعاءه من دون الله، والتبرك بقبره، وطلبه الشفاعة، وطلبه الغوث والمدد، فلهذا حرم الله بناء المساجد على القبور وحرم الله الدفن في المساجد سداً لذريعة الشرك، وحسماً لمادة الشرك.
ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بما يوجد في بعض الأمصار وبعض الدول الإسلامية من وجود القبور في المساجد، لا ينبغي لعاقل أن يغتر بذلك هذا غلط، والغلط لا يقتدى به، والواجب على حكام المسلمين في كل مكان أن يزيلوا هذا الأمر، لا في الشام ولا في مصر ولا في العراق ولا في غيره، الواجب على حكام المسلمين أن ينزهوا المساجد من القبور وأن تكون المساجد خالية من القبور، وإذا كان فيها قبر ينقل إلى المقبرة العامة، وإذا كان المسجد بني عليه والقبر هو السابق يهدم المسجد وتبقى القبور خالية ليس فيها مساجد.
فالحاصل أنه إذا كان القبر هو الأول يهدم المسجد وتبقى الأرض للقبور، وإن كان المسجد هو الأول ودفن فيه ينبش القبر وينقل إلى المقبرة، ولا يصلى في المساجد التي فيها القبور هذا بدعة ولا يجوز والصلاة باطلة، أما إن كانت الصلاة للميت، كأن يصلي للميت ويتقرب إليه بالصلاة أو بالسجود كان شركاً أكبر وكانت المصيبة أعظم، وهكذا لو طلبه المدد كأن يقول: يا سيدي! المدد المدد، أو يا ولي الله! المدد المدد، أو يا سيدي البدوي ! المدد المدد، أو يا حسين ! المدد المدد، أو يا شيخ عبد القادر ! المدد المدد، أو أغثني، أو انصرني، كل هذا من الشرك الأكبر.
قال الله عز وجل: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، قال سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117]، قال عز وجل: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:13-14]، سبحانه وتعالى، فسمى دعاءهم لغير الله شركاً، قال: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ فسمى دعوتهم للأموات واستغاثتهم بالأموات شركاً به سبحانه وتعالى.
وسماهم في الآية الأخرى كفراً، قال: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117]، الآية من سورة المؤمنون، وقال جل وعلا: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، قال سبحانه: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106]، وقال عليه الصلاة والسلام: (الدعاء هو العبادة) وقال لـابن عباس : (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله).
فالواجب على أهل الإسلام الحذر من هذا الشرك والتحذير منه والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، والواجب على العلماء في كل مكان أن يبينوا للناس هذا الأمر وأن يرشدوهم إلى توحيد الله والإخلاص له، وأن يعلموهم أنواع الشرك حتى يحذروها، والواجب على الحكام أن يزيلوا آثار الشرك، وأن يزيلوا القبور من المساجد التي فيها قبور إذا كانت القبور حادثة فإن كانت المساجد بنيت على القبور فالواجب أن تزال المساجد وأن تهدم، وأن تبقى القبور على حالها مقبرة ليس عليها مساجد.
وهنا أمر قد يغتر به بعض الناس وهو: وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه في المسجد النبوي، ويقولون: هذا قبر النبي في المسجد، وهذا غلط؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد، دفن في بيت عائشة ، وهكذا صاحباه أبو بكر وعمر دفنا معه في بيت عائشة ولم يدفنوا في المسجد، ولكن الوليد بن عبد الملك لما وسع المسجد في آخر المائة الأولى أدخل القبر في المسجد من أجل التوسعة وهذا غلط منه، فلا ينبغي أن يغتر بذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم وصاحباه لم يدفنوا في المسجد بل دفنوا في بيت عائشة والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة إلى القبور وقال: (لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها)، ولعن المتخذين المساجد على القبور.
فالمعول على تشريعه وأمره ونهيه عليه الصلاة والسلام، أما عمل الناس إذا غلطوا، إذا غلط الوليد أو غير الوليد فلا يعول عليه، فينبغي التنبه لهذا الأمر، وينبغي لأهل العلم أن ينبهوا من حولهم من الناس على هذا الأمر حتى تعم الفائدة وحتى يتبصر المسلم وحتى يعلم الحقيقة فلا يقع في الشرك وهو لا يشعر، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
الجواب: الصلاة خلف المشرك لا تجوز، ولا يجوز أن يقتدى به؛ لأن من استغاث بغير الله يعتبر مشركاً، فلا يصلى خلفه سواءً استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بـالبدوي أو بـالحسين رضي الله عنه، أو بالشيخ عبد القادر ، أو بغيرهم من الناس، فالذي يستغيث بالأموات ويسألهم الحاجات والمدد يعتبر مشركاً عليه أن يتوب إلى الله وأن يبادر بذلك ومن تاب صادقاً تاب الله عليه لكن لا يتخذ إماماً ولا مؤذناً بل يجب أن يكون المؤذن من أهل التوحيد وهكذا الإمام، وإذا وجد في المسجد إمام مشرك يجب أن يزال، يجب على ولاة الأمور أن يزيلوه وأن يعينوا مكانه عالماً موحداً بعيداً عن الشرك؛ لأن ذلك هو الواجب على أئمة الإسلام وعلى حكام المسلمين ألا يقدموا في المساجد من هو مشرك بالله فإن إمامته باطلة، وهكذا المؤذنون يجب أن يكونوا مسلمين؛ لأنهم يخبروا الناس بالأوقات ويعتمد عليهم، فلابد أن يكون المؤذن أميناً مسلماً موحداً، نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: قراءة القرآن على الموتى ليس لها أصل، بل هي من البدع، هذا هو الصواب، فلا يجوز أن يغتر المسلم بمن أجاز ذلك بغير حجة ولا دليل، فلا يقرأ على الموتى لا في المقابر ولا بعد الموت قبل الدفن ولا يثوب لهم القرآن لعدم الدليل على ذلك، فالقراءة على القبور كالصلاة عند القبور لا تجوز؛ لأنها من وسائل الشرك فلا يصلي عند القبر ولا يقرأ عنده ولا يجلس عنده للدعاء ولكن إذا زار القبور يسلم عليهم ويدعو لهم ثم ينصرف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار! من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين) وكان إذا زار القبور عليه الصلاة والسلام يقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين! وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، غداً مؤجلون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) ومر ذات يوم على قبور لأهل المدينة فقال: (السلام عليكم يا أهل القبور! يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر)، هذه سنته عليه الصلاة والسلام.
أما أن يدعو الميت، أو يستغيث به، أو يطلبه المدد، هذا من الشرك الأكبر لا يجوز، وهكذا كونه يقرأ عند القبر أو يقرأ على الميت في البيت قبل أن ينقل إلى القبر أو يقرأ له القرآن يثوبه لهم -للأموات- هذا ليس عليه دليل ولكن المشروع أن يدعو لهم، يستغفر لهم، يترحم عليهم، يتصدق عنهم، يحج عنهم، يعتمر، يقضي ديونهم، كل هذا مطلوب وينفع الميت، أما كونه يقرأ له أو يصلي له هذا لا دليل عليه، الله المستعان.
الجواب: مثل هذا لا يقرأ عليه، ولا ينقل عنه العلم لشركه، ولا يؤمن أن يشبه على الطلبة فيوافقوه على ما هو عليه من الباطل، بل الواجب أن ينصح ويبين له أغلاطه من أهل العلم حتى ولو من الطلبة بالأسلوب الحسن، بالكلام الطيب، فالمؤمن لا يحقر نفسه عن بيان العلم، كان النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أصحابه فقال: (حدثوني عن شجرة لا يسقط ورقها هي مثل المؤمن، قال
وكان عمر رضي الله عنه يدني ابن عباس مع الكبار في المشورة لما أظهر له من علمه، كان يدنيه معهم ويستشيره معهم لما أعطاه الله من العلم والفقه في الدين.
فالطالب إذا عرف من أستاذه غلطاً فلا مانع بل يجب أن ينبهه بالأسلوب الحسن، بالسؤال: ما حكم كذا؟ ما الدليل على كذا أيها الأستاذ؟ يا أبا فلان، يا شيخنا، يأتي بالعبارات المناسبة أو يطلب من العلماء الآخرين أن يرشدوا هذا العالم لعله يقبل منهم، أو يجتمع هو والطلبة ويكونوا جميعاً ويأتوا الشيخ في بيته ليس عند الناس، فيقولون له: إنا سمعنا كذا، منك كذا وكذا وقد ظهر لنا أن هذا الشيء حكمه كذا وكذا من الدليل الفلاني، فأحببنا أن نبحث معك الموضوع من باب النصيحة ومن باب التعاون على البر والتقوى لعله يقبل منهم ولعله يستفيد ولا يضرهم ذلك لو تكلم عليهم أو احتقرهم أو زعل عليهم لا يضرهم ذلك، هم عليهم أن يحاولوا النصيحة وبذل المستطاع في إرشاده وتنبيهه والله ولي التوفيق سبحانه وتعالى، لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [البقرة:272].
الجواب: الصواب عند المحققين من أهل العلم أن التباس الضاد بالظاء لا يضر في حق القراء لا في الصلاة ولا في غيرها؛ لأن مخرجهما متقارب وليس كل واحد يستطيع التمييز، فالأمر في هذا واسع والحمد لله، فلا ينبغي للقارئ ولا لغير القارئ أن يشدد في ذلك، فالمقرئ وغير المقرئ لا ينبغي له التشديد في ذلك إن تيسر التمييز فلا بأس وإلا فالأمر واسع في ذلك، وممن نبه على هذا الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره سورة الفاتحة في آخرها، وقد بين أن الصحيح أنه يعفى عن ذلك ولا ينبغي فيه التشديد ؛ لأن كثيراً من الناس قد يلتبس عليه الأمر ويصعب عليه التفريق، والله المستعان.
المقدم: الله المستعان، جزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لمتابعتكم وإلى الملتقى.
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر